recent
آخر المقالات

كتاب المناسك

 

١ - باب فرض الحج
١٧٢١ - حدَّثنا زهيرُ بنُ حرب وعثمانُ بنُ أبي شيبةَ - المعنى - قالا: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، عن سفيانَ بن حُسين، عن الزهري، عن أبي سِنان
عن ابن عباس، أن الأقرعَ بنَ حابسٍ سأل النبيَّ ﷺ، فقال: يارسول الله، الحجُّ في كُل سنةٍ أو مرة واحدة؟ قال: «بَلْ مرةٌ واحدةٌ، فمن زاد فهو تطوُّع» (١).
قال أبو داود: هو أبو سنان الدُؤلي، كذا قال عبدُ الجليل بن حميد، وسليمان بن كثير جميعًا عن الزهري، وقال عُقَيل: سنان.
١٧٢٢ - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ محمد، عن زيد بن أسلم، عن ابنٍ لأبي واقد الليثي



(١) حديث صحيح، سفيان بن حسين - وإن كان في روايته عن الزهري شيء - قد توبع. الزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وأبو سنان: هو يزيد بن أمية الدؤلي.
وأخرجه ابن ماجه (٢٨٨٦) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٥٨٦) من طريق عبد الجليل بن حميد، عن ابن شهاب الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٣٠٣).
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (١٣٣٧) ولفظه: خطبنا رسولُ الله ﷺ، فقال: «أيها الناسُ قد فرض الله عليكم الحجَ فحجوا»، فقال رجل: أكل عام يارسولَ الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثًا، فقال رسولُ الله ﷺ: «لو قلتُ: نعم لوجبت ولما استطعتم».

عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول لأزواجه في حَجَّة الوداع: «هذه ثُمَّ ظُهُورَ الحُصُر» (١).


(١) إسناده حسن في المتابعات والشواهد، وابن أبي واقد الليثي - واسمُه واقد - مختلف في صحبته، وقد تفرد بالرواية عنه زيد بن أسلم العَدَوي. النُّفيليُّ: هو عبد الله ابن محمد، وعبد العزيز بن محمد: هو ابن عُبيد الدَّراوَردي.
وأخرجه أحمد في«مسنده» (٢١٩٠٥) و(٢١٩١٠)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٩٠٣)، وأبو يعلى (١٤٤٤)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٥٦٠٤)، وابن قانع في «معجم الصحابة» ١/ ١٧٣، والطبراني في «المعجم الكبير» (٣٣١٨)، والبيهقي في «سننه» ٤/ ٣٢٧ و٥/ ٢٢٨، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» ٣/ ٣٢٦ و٧/ ١١٠، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٥٦/ ١٣٥، والمزي في ترجمة واقد بن أبي واقد الليثي من «تهذيبه» ٤١٥/ ٣ من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدَراوَردي، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٨٨١٢) عن معمر، عن زيد بن أسلم. مرسلًا.
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد في«مسنده» (٩٧٦٥).
وآخر من حديث عبد الله بن عمر عند ابن حبان في«صحيحه» (٣٧٠٦).
وثالث من حديث أم سلمة عند أبي يعلى في«مسنده» (٦٨٨٥)، والطبراني في «المعجم الكبير» ٢٣/ (٧٠٦).
وقوله: ثم ظهور الحصر، قال السندي: قوله: هذه، أي: حجتكن هذه، ثم ظهور الحصر بضمتين وتسكين الصاد تخفيفًا جمع حصير يبسط في البيوت، أي: ثم لزوم البيت، ولعل المراد به تطييب أنفسهن بترك الحج بعد وإن لم يتيسر، أو جواز الترك لهن، لا النهي عن الحج، فقد ثبت حجهن بعده ﷺ، وأذن لهن في الحج عمر ابن الخطاب في آخر حجة حجها كما في«صحيح البخاري» (١٨٦٠).
وقال البيهقي ٤/ ٣٢٧: في حج عائشة رضي الله عنها وغيرها من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بعد رسول الله ﷺ دلالة على أن المراد من هذا الخبر وجوب الحج عليهن مرة واحدة، كما بين وجوبه على الرجال مرة لا المنع من الزيادة. وانظر لزامًا «شرح مشكل الآثار» ١٤/ ٢٥٦ - ٢٦٤.

٢ - باب في المرأة تحج بغير مَحرم
١٧٢٣ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد الثقفي، حدَّثنا اللَيثُ بنُ سعد، عن سعيدِ بن أبي سعيد، عن أبيه
أن أبا هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا يحِلُّ لامْرَأةٍ مُسلِمةٍ تُسافِرُ مسيرةَ ليلةٍ إلا ومعها رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ منها» (١).


(١) إسناده صحيح. أبو سعيد: هو كيسان المقبري.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٨٤٨٩) و(١٠٤٠١)، ومسلم (١٣٣٩)، وابن حبان (٢٧٢٨) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٠٨٨) عن آدم بن أبي إياس، وأحمد في«مسنده» (٧٤١٤)، ومسلم (١٣٣٩) من طريق يحيي بن سعيد القطان، وأحمد (٩٧٤١) عن وكيع بن الجراح، وابن حبان (٢٧٢٦) من طريق عثمان بن عمر العبدي، أربعتهم عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، به. لكن قال آدم في روايته: «مسيرة يومِ وليلةٍ» كلفظ مالك الآتي عند المصنف بعده. وقال يحيي بن سعيد: «مسيرة يومٍ»، وقال وكيع: «مسيرة يومٍ تامٍ»، وقال عثمان بن عمر: «يومًا واحدًا».
وأخرجه ابن ماجه (٢٨٩٩) من طريق شَبَابة بن سوَّار، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. دون ذكر أبي سعيد المقبري ولفظه: «مسيرة يومٍ واحدٍ»، وسيأتي كلام ابن عبد البر في الحديث الآتي بعده في شأن ذكر أبي سعيد المقبري في هذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٩٤٤٨) من طريق يحيي بن أبي كثير، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، وقال فيه: «يومًا فما فوقه».
وأخرجه مسلم (١٣٣٩) (٤٢٢)، وابن حبان في «صحيحه» (٢٧٢١) من طريق بشر بن مفضل، وأحمد في «مسنده» (٨٥٦٤) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، وقال فيه: «مسيرة ثلاثة أيام».
وقوله: «مسيرة ليلةِ» قال ابن عبد البر في «التمهيد»٢١/ ٥٥: قد اضطربت الآثار المرفوعة في هذا الباب - كما ترى - في ألفاظها، ومحملها عندي - والله أعلم - أنها =

١٧٢٤ - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمةَ والنُّفيليُّ، عن مالكٍ (ح)
وحدثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا بِشرُ بنُ عمر، حدثني مالكٌ، عن سعيد ابن أبي سعيد - قال الحسن في حديثه: عن أبيه، ثم اتَّفقوا -:
عن أبي هريرة، عن النبيِّ ﷺ قال: «لا يَحِل لامرأةٍ تُؤمنُ بالله واليومِ الآخِرِ أن تُسافِرَ يَوْمًا وليلةً» فذكر معناه (١).


= خرجت على أجوبة السائلين، فحدّث كل واحد بمعنى ما سمع، كأنه قيل له ﷺ في وقت ما: هل تسافر المرأة مسيرة يوم بلا محرم؟ فقال: لا، وقيل له في وقت آخر: هل تسافر المرأة مسيرة يومين بلا محرم؟ فقال: لا، وقال له آخر: هل تسافر المرأة مسيرة ثلاثة أيام بغير محرم؟ فقال: لا، وكذلك معنى الليلة، والبريد، ونحو ذلك، فأدَّى كل واحد ما سمع على المعنى، والله أعلم. ويجمع معاني الآثار في هذا الباب - وإن اختلف ظواهرها - الحظر على المرأة أن تسافر سفرًا يخاف عليها الفتنة بغير محرم، قصيرًا كان أو طويلًا، والله أعلم.
وانظر تالييه.
(١) إسناده صحيح. وهذا الاختلاف فيه عن مالك لا يضر بصحة الحديث. قال ابن عبد البر في «التمهيد» ٢١/ ٥٠: رواه جماعة الرواة للموطأ عن مالك، عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري، عن أي هريرة، ورواه بشر بن عمر عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، وكان سعيد بن أبي سعيد - فيما يقولون - قد سمع من أبي هريرة، وسمع من أبيه عن أبي هريرة، كذا قال ابن معين وغيره، فجعلها كلها أحيانا عن أبي هريرة. قلنا: وذكر الدارقطني في «العلل» ٣/ ورقة ١٨٤ أن اثنين آخرين غير بشر بن عمر روياه عن مالك، فقالا فيه: «عن أبيه»، وهما عبد الله بن نافع الصائغ، وإسحاق الفَرويُّ.
وقال ابن حبان في«صحيحه» ٤٣٨/ ٦: سمع هذا الخبرَ سعيد المقبري عن أبي هريرة، وسمعه من أبيه عن أبي هريرة، فالطريقان جميعًا محفوظان.
النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد النُّفيليُّ القضاعي. =

قال النفيليُّ: حدَّثنا مالك.
قال أبو داود: ولم يَذكر النُّفيلي والقعنبي: عن أبيه.
قال أبو داود: رواه ابن وهب وعثمان بن عمر، عن مالك كما قال القعنبيُّ (١).


= وهو في «موطأ مالك» برواية يحيى الليثي ٢/ ٩٧٩، وبرواية أبي مصعب الزهري (٢٠٦١) عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة. كرواية عبد الله بن مسلمة والنفيلي.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٧٢٢٢) عن عبد الرحمن بن مهدي، وابن حبان في «صحيحه» (٢٧٢٥) من طريق أحمد بن أبي بكر، كلاهما عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (١٣٣٩) (٤٢١) من طريق يحيى بن يحيى، والترمذي (١٢٠٤) من طريق بشر بن عمر، كلاهما عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وانظر ما قبله.
قال النووي: وأجمعت الأمة على أن المرأة يلزمها حجة الإسلام إذا استطاعت لعموم قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ [آل عمران: ٩٧]، وقوله ﷺ «بني الإسلام على خمس ...» واستطاعتها كاستطاعة الرجل، لكن اختلفوا في اشتراط المحرم، فأبو حنيفة يشترطه لوجوب الحج عليها إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاثة مراحل، ووافقه جماعة من أصحاب الحديث وأصحاب الرأي، وحكي ذلك عن الحسن البصري والنخعي.
وقال عطاء وسعيد بن جبير ومالك والأوزاعي والشافعي في المشهور عنه: لا يشترط المَحرَمُ، بل يشترط الأمن على نفسها، قال أصحابنا: يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات، ولا يلزمها الحج عندنا إلا بأحد هذه الأشياء، فلو وجدت امرأة واحدة ثقة لم يلزمها، لكن يجوز الحج معها، هذا هو الصحيح.
وقال بعض أصحابنا: يلزمها بوجود نسوة أو امرأة واحدة، وقد يكثر الأمن ولا تحتاج إلى أحد، بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة.
(١) قوله: قال النُّفيليُّ ... إلى قوله: كما قال القعنبي، زيادة من رواية ابن داسه =

١٧٢٥ - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، عن جرير، عن سُهيلِ، عن سعيدِ بن أبي سعيد عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ، فذكر نحوه، إلا أنه قال: «بَريدًا» (١).
١٧٢٦ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شَيبةَ وهناد، أن أبا معاوية ووكيعًا حدَّثاهم، عن الأعمش، عن أبي صالح


= وابن الأعرابي كما أشار اليه الحافظ في هامش نسخته التي رمزنا لها بـ (أ). وهي عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه.
(١) رجاله ثقات، لكلن لفظ «البريد» شاذ في هذه الرواية فقد رواه مسلم في «صحيحه» (١٣٣٩) من طريق بشر بن المفَضل، حدَّثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، رفعه: «لا تحل لامرأة أن تسافر ثلاثًا إلا ومعها ذو محرم منها». وأشار الحافظ في «الفتح» ٢/ ٥٦٩ الى أن هذه الرواية هي المحفوظة.
قلت: وقد فاتنا أن ننبه على شذوذ لفظة «البريد» في صحيح ابن حبان (١٧٢٧) فليستدرك من هنا.
وقد رواه سهيل - وهو ابن أبي صالح السمان - عن أبيه، عن أبي هريرة. كما سلف تخريجه عند الحديث (١٧٢٣)، لكنه قال في روايته تلك: «ثلاثة أيام».
وقد رواه سهيل - وهو ابن أبي صالح السمان - عن أبيه، عن أبي هريرة. كما سلف تخريجه عند الحديث (١٧٢٣)، لكنه قال في روايته تلك: «ثلاثة أيام».
وأخرجه ابن خزيمة (٢٥٢٦)، والحاكم في«المستدرك» ١/ ٤٤٢ من طريق جرير، بهذا الإسناد.
واخرجه ابن خزيمة (٢٥٢٦) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٢/ ١١٢ من طريق عبد العزيز بن المختار، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٢/ ١١٢، وابن حبان (٢٧٢٧)، والبيهقي في «سننه» ٣/ ١٣٩ من طريق حماد بن سلمة، ثلاثتهم عن سهيل بن أبي صالح، به.
قال ابن خزيمة: البريد اثنا عشر ميلًا بالهاشمي.

عن أبي سعيد، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا يَحِلُّ لامرأةِ تُؤْمِنُ بالته واليوم الآخِرِ، أن تُسافِرَ سَفرًا فَوقَ ثلاثةِ أيّامِ فصَاعِدًا إلا ومَعَها اْبوها، أو أخوها، أو زوجُها، أو ابنها، أو ذو مَحرمٍ منها» (١).
١٧٢٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى بنُ سعيد، عن عُبيد الله، حدثني نافع
عن ابن عمر، عن النبيَّ ﷺ قال: «لا تُسافِرُ المرأةُ ثلاثًا إلا ومَعَها ذُو مَحْرَمٍ» (٢).


(١) إسناده صحيح. هنّاد: هو ابن السري، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم، ووكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان الزيات.
وأخرجه مسلم (١٣٤٠)، والتر مذي (١٢٠٣) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٣٤٠)، وابن ماجه (٢٨٩٨) من طريق وكيع، به.
وأخرجه البخاري (١١٩٧) و(١٨٦٤) و(١٩٩٦)، ومسلم بإثر الحديث (١٣٣٨) من طريق قَزَعَة بن يحيي، عن أبي سعيد بلفظ: «لا تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم». وبعض روايات مسلم كرواية المصنف.
وهو في «مسند أحمد» (١١٥١٥)، و«صحيح ابن حبان» (٢٧١٩).
(٢) إسناده صحيح. يحيي بن سعيد: هو القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر بن حفص العدوي، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وأخرجه البخاري (١٠٨٧)، ومسلم (١٣٣٨) (٤١٣) من طرق عن يحيى بن
سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٠٨٦)، ومسلم (١٣٣٨) (٤١٣) من طريقين عن عبيد الله، به.
وأخرجه مسلم (١٣٣٨) (٤١٤) من طريق الضحاك بن عثمان، عن نافع، به.
وقال في روايته: «مسيرة ثلاث ليالٍ».
وهو في «مسند أحمد» (٤٦١٥)، و«صحيح ابن حبان» (٢٧٢٩).

١٧٢٨ - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، حدَّثنا أبو أحمد، حدَّثنا سفيانُ، عن عُبيد الله، عن نافع
أن ابن عمر كان يُردِفُ مولاةً له، يقال لها: صفيةٌ، تُسافِرُ مَعَه إلى مكةَ (١).

٣ - باب لا صرورة في الإسلام
١٧٢٩ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو خالد - يعني سليمانَ بن حيَّان الأحمر - عن ابن جُريج، عن عُمَر بن عطاءٍ، عن عِكرمة
عن ابن عباسِ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا صَرُورَةَ في الإسلام» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو أحمد: هو محمد بن عبد الله الزبيري، وسفيان: هو
الثوري، وعبيد الله: هو ابن عمر بن حفص العدوي، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وأخرجه البيهقي ٥/ ٢٢٦ من طريق سفيان الثوري، و٥/ ٢٢٦ من طريق عقبة بن خالد، كلاهما عن عبيد الله، بهذا الإسناد.
وقوله: يُردف، أي: يركبها خلفه على راحلته والمولاة: الأمة المملوكة.
(٢) إسناده ضعيف، عمر بن عطاء: هو ابن وَرَّاز، ويقال: ورازة، قال أبو طالب عن أحمد: كل شئ روى ابنُ جريج عن عمر بن عطاء عن عكرمة، فهو ابن وراز، وكل شئ روى ابن جريج عن عمر بن عطاء، عن ابن عباس، فهو ابن أبي الخُوار كان كبيرًا، قيل له: أيروي ابن أبي الخوار عن عكرمة؟ قال: لا. وكذا جاء نحو هذا عن يحيى بن معين، قال عمر بن عطاء الذي يروي عنه ابن جريج يحدث عن عكرمة ليس هو بشيء، وهو ابن وَرَّاز، وهم يضعفونه، كل شيء عن عكرمة، فهو ابن ورَّاز.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٥/ ١٦٨٢، والحاكم في«المستدرك» ١/ ٤٤٨ من طريق أبي خالد الأحمر، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٢٨٢)، والطبراني في «المعجم الكبير» (١١٥٩٥)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٨٤٢) من طريق عيسى بن يونس، والحاكم ١٥٩/ ٢ - ١٦٠، والبيهقي في «سننه» ٥/ ١٦٤ من طريق محمد بن بكر البرساني، ثلاثتهم عن ابن جريج، بهذا الإسناد. =

٤ - باب التزوُّد والتجارة في الحج
١٧٣٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ الفرات - يعني أبا مسعودٍ الرازي ومحمدُ بنُ عبد الله المُخرِّميُّ - وهذا لفظُه - قالا: حدَّثنا شَبابةُ، عن ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة
عن ابن عباس قال: كانوا يحُجُّون ولا يَتَزَودونَ - قال ابو مسعود: كان أهلُ اليَمن، أو ناس مِنْ أهلِ اليمن يَحُجُّونَ ولا يَتَزوَّدونَ -


= وأخرجه الدارقطني (٢٧٥٨)، والبيهقي ٥/ ١٦٤ - ١٦٥ من طريق عمر بن قيس المكي، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس. وعمر بن قيس المكي متروك الحديث.
وخالفه سفيان بن عيينة الثقة عند الطحاوي (١٢٨٣) و(١٢٨٤)، والقضاعي (٨٤٣)، والبيهقي ٥/ ١٦٥، فرواه عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن النبي ﷺ مرسلًا.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (١٢٩٧)، والدارقطني (٢٧٥٧)، والبيهقي ٥/ ١٦٥ من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس. وشك في رفعه فقال: أُراه رفعه. قال الطبراني: لم يرفعه عن سفيان إلا معاوية. وقال ابن عدي في ترجمة معاوية بن هشام من «الكامل» ٦/ ٢٤٠٣: قد أغرب عن الثوري بأشياء.
وفي الباب عن عبد الله بن مسعود موقوفًا عند الطبراني في «الكبير» (٨٩٣٢)، والبيهقي ٥/ ١٦٥ من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن جده. ولم يسمع منه.
قال الخطابي: الصرورة تفسر تفسيرين، أحدهما: أن الصرورة هو الرجل الذي انقطع عن النكاح وتبتل.
والوجه الآخر: أن الصرورة: هو الرجل الذي لم يحج، فمعناه على هذا أن سنة الدين أن لا يبقى أحد من الناس يستطيع الحج فلا يحج حتى لا يكون صرورة في الإسلام.
وقد يستدل به من يزعم أن الصرورة لا يجوز له إن يحج عن غيره، وتقدير الكلام عنده أن الصرورة إذا شرع في الحج عن غيره صار الحج عنه، وانقلب عن فرضه ليحصل معنى النفي، فلا يكون صرورة، وهذا مذهب الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق.

ويقولون: نَحنُ المُتوكلُون، فأنزَلَ الله سُبحانه: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: ١٩٧] (١).
١٧٣١ - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، حدَّثنا جرير، عن يزيدَ بن أبي زيادٍ، عن مجاهدٍ عن عبد الله بن عباس، قال: قرأ هذه الآية: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨]، قال: كانوا لا يتَجِرُون بمنًى فأمروا بالتجارَةِ إذا أفاضُوا مِنْ عَرَفات (٢).


(١) إسناده صحيح. شبابة: هو ابن سوار الفزاري، ووَرقَاء: هو ابن عمر اليشكري، وعكرمة: هو مولى ابن عباس.
وأخرجه البخاري (١٥٢٣) من طريق يحيى بن بشر، عن شبابة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٧٣٩) و(١٠٩٦٦) من طريق سفيان عن عمرو ابن دينار، به.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٢٦٩١).
وعلقه البخاري بإثر الرواية السالفة عن ابن عيينة عن عمرو، عن عكرمة مرسلًا لم يذكر فيه ابن عباس.
قال الحافظ: وهكذا أخرجه سعيد بن منصور عن ابن عيينة مرسلًا.
تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في هامش (أ) ما نصه: قال ابن الأعرابي: حدثني الدقيقي، حدَّثنا يزيد بن هارون، حدَّثنا ورقاء، به.
قال الحافظ: قال المهلب: في هذا الحديث من الفقه أن ترك السؤال من التقوى،
ويؤيده أن الله مدح من لم يسأل الناس إلحافًا، فإن قوله: ﴿فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: ١٩٧] أي: تزودوا واتقوا أذى الناس بسؤالكم إياهم والإثم في ذلك.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي
مولاهم الكوفي -. وقد خالفه من هو أوثق منه في هذا الإسناد، فلم يجاوزوا فيه مجاهدًا. وقد روي الحديث من وجه آخر صحيح كما سيأتي عند المصنف برقم (١٧٣٤). =

٥ - باب
١٧٣٢ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو معاويةَ محمدُ بنُ خازم، عن الأعمش، عن الحسن بن عمرو، عن مِهران أبي صفوان
عن ابن عباسِ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ أرادَ الحَجَّ فلْيَتَعجَّلْ» (١).

٦ - باب الكَريّ (٢)
١٧٣٣ - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا عبدُ الواحد بنُ زياد، حدَّثنا العلاءُ بن المسيِّب


= وأخرجه سعيد بن منصور في قسم التفسير من «سننه» (٣٥١) من طريق خالد بن عبد الله، والطبري في «تفسيره» ٢٨٣/ ٢ من طريق هُشيم بن بشير،؛ و٢/ ٢٨٤ من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري ٢/ ٢٨٤ من طريق عطية بن سعد العوفي، عن ابن عباس، به.
وإسناده ضعيف.
وأخرجه الطبري ٢/ ٢٨٢ و٢٨٤ من طريق عمر بن ذرٍّ، و٢/ ٢٨٣ من طريق الليث ابن أبي سليم، و٢/ ٢٨٣ من طريق ابن أبي نجيح، ثلاثتهم عن مجاهد، مرسلًا.
وانظر ما سيأتي برقم (١٧٣٤) و(١٧٣٥).
(١) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، مِهران أبو صفوان لم يرو عنه غير الحسن بن عمرو الفقيمي، وذكره ابن حبان، في «الثقات»، وقال أبو زرعة: لا أعرفه إلا في هذا الحديث، وقال في «التقريب»: مجهول، وقد تابعه سعيد بن جبير عند ابن ماجه كما سيأتي.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٧٣).
وأخرجه ابن ماجه (٢٨٨٣) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن الفضل أو أحدهما عن الآخر. وزاد: «فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة».
وفي إسناده إسماعيل بن خليفة أبو إسرائيل، وحديثه يقبل في المتابعات والشواهد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٣٣) و(١٩٧٣) و(١٩٧٤).
(٢) قال في «النهاية»: الكري بوزن الصبي: الذي يكري دابته، فعيل بمعنى مُفعِل، يقال: أَكرى دابته، فهو مُكرٍ وكَرِيٌّ.

حدَّثنا أبو أمامة التَّيميُّ، قال: كُنتُ رجلًا أُكْرِي في هذا الوَجْه، وكان ناس يقولون: إنَه لَيسَ لك حجٌّ، فلقيتُ ابنَ عمر، فقلت: يا أبا عبد الرحمن إنِّي رَجُلٌ أُكرِي في هذا الوجه، وإن ناسًا يقولون: إنه لَيسَ لك حَجٌّ، فقال ابنُ عُمَرَ: أليس تُحرِمُ وتُلبي، وتَطُوفُ بالبَيتِ، وتُفِيضُ مِنْ عَرَفاتِ، وتَرْمي الجِمار؟ قال: قلت: بلى، قال: فإنَّ لك حجًّا، جاء رَجُل إلى النبيَّ ﷺ، فسأله عَنْ مِثْلِ ما سألتني عنه، فسَكَت عنه رسولُ الله ﷺ، فلم يُجبْهُ، حتى نزلتْ هذه الآية: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] فأرسَلَ إليه رسولُ الله ﷺ، وقرأ عليه هذه الآية، وقال: «لَكَ حَجٌّ» (١).
١٧٣٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا حمّاد بنُ مَسعدةَ، حدَثنا ابن أبي ذِئب، عن عطاء بن أبي رباح، عن عُبيد بنِ عُمير


(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو أمامة التيمي: وقيل: أبو أميمة. وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: لا بأس به.
وأخرجه الدارقطني في «سننه» (٢٧٥١)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٤٤٩،
والبيهقي ٤/ ٣٣٣ و٦/ ١٢١ من طريق عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد في«مسنده» (٦٤٣٥)، والطبري في «تفسيره» ٢/ ٢٨٥، والدارقطني في «سننه» (٢٧٥٣) و(٢٧٥٥) من طريق سفيان الثوري، والدارقطني (٢٧٥٢) من طريق مروان بن معاوية، كلاهما عن العلاء بن المسيب، به.
وأخرجه بنحوه أيضًا أحمد في «مسنده» (٦٤٣٤)، والطبري في «تفسيره» ٢/ ٢٨٢، والدارقطني في «سننه» (٢٧٥٦) من طريق الحسن بن عمرو الفقيمي، والطبري في «تفسيره» ٢/ ٢٨٣ من طريق شعبة، كلاهما عن أبي أمامة، به.
وقوله: أُكرِي: مِن أَكرَى يكرِي إِكراء، بمعنى: آجرته فاستأجر، وهو مؤاجرة الإبل ونحوها للحج.

عن ابن عباس: أن الناسَ في أوَّل الحج كانوا يتبايعونَ بمنًى وعَرَفَة، وسوق ذي المجاز ومواسمِ الحجِّ، فخافوا البيع وهم حُرُمٌ، فأنزل الله سبحانه: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] «في مواسم الحج». قال: فحدَّثني عُبيد بن عُمَيرٍ أنه كان يقرؤها في المصحف (١).
١٧٣٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ أبي فُديك، أخبرني ابنُ أبي ذئبٍ، عن عُبَيدِ بنِ عُمير - قال أحمدُ بنُ صالحِ كلامًا معناه: أنه مولى ابنِ عباس - عن عبد الله بن عباس: أن الناسَ في أوَّل ما كانَ الحَجُّ كانوا يبيعونَ، فذَكَرَ معناه، إلى قوله: «مواسم الحجِّ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف. عبيد بن عمير: هو مولى ابن عباس فيما قاله أحمد بن صالح المصري الحافظ، وأيده المزي في ترجمة عبيد بن عمير مولى ابن عباس من «تهذيب الكمال» ١٩/ ٢٢٦ - ٢٢٧، لأن ابن أبي ذئب - وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة العامري - يقول في آخر الحديث: «فحدثني عبيد بن عمير»، ولم يدرك ابن أبي ذئب عبيدَ بن عمير الليثي الثقة. وعبيد بن عمير مولى ابن عباس مجهول، لكن روي الحديث من وجه آخر صحيح كما سيأتي.
فقد أخرجه البخاري (١٧٧٠) و(٢٠٥٠) و(٢٠٩٨) و(٤٥١٩) من طريق عمرو ابن دينار، عن ابن عباس. بلفظ: «كان ذو المَجَازِ وعُكاظ متجر الناس في الجاهليه فلما جاء الإسلامُ كأنهم كرِهُوا ذلك حتى نزلت: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾»في مواسم الحج«.
وهو في»صحيح ابن حبان«(٣٨٩٤).
والذي كان يقرؤه عُبيد بن عُمير هو قوله:»في مواسم الحج" بزيادتها في الآية.
والظاهر أنها قراءة ابن عباس، كما تشير إليها رواية البخاري.
وانظر ما سلف برقم (١٧٣١)، وما سيأتي بعده.
(٢) حديث صحيح كسابقه. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم الدِّيلِي مولاهم.
وانظر ما قبه.

٧ - باب في الصبي يحج
١٧٣٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا سفيانُ بنُ عيينة، عن إبراهيمَ بن عُقبة، عن كُريبٍ
عن ابن عباس، قال: كان رسولُ الله ﷺ بالرَّوْحاء فلَقِيَ رَكبًا، فسلَّم عليهم، فقال: «مَن القوم؟» فقالوا: المسلمون، فقالوا: فَمَنْ أنتم؟ قالوا: رسولُ الله ﷺ، ففَزِعَتِ امرأةٌ، فأخَذَتْ بعَضُدِ صَبِيٍّ فأخْرَجَتْهُ مِن مِحفَّتها، قالت: يا رسولَ الله، هل لهذا حَجٌّ؟ قال: «نَعَمْ، ولَكَ أجْرٌ» (١).

٨ - باب في المواقيت
١٧٣٧ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك (ح)
وحدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا مالكٌ، عن نافعِ


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٣٣٦)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦١٤) من طرق عن سفيان ابن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٣٣٦)، والنسائي (٣٦١٣) من طريق سفيان الثوري، والنسائي (٢٦٤٩) من طريق مالك بن أنس، كلاهما عن إبراهيم بن عقبة، به.
وأخرجه مسلم (١٣٣٦)، والنسائي (٣٦١١) و(٣٦١٢) من طريق سفيان الثوري، عن محمد بن عقبة، عن كريب، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٤٤).
قوله: من مِحفَّتها، قال في «القاموس»: بالكسر، مركب للنساء كالهودج الا أنها لا تُقبَّب.

عن ابن عمر، قال: وقَّتَ رسولُ الله ﷺ لأهْلِ المَدينةِ ذا الحُليْفَة، ولأهل الشَّام الجُحفَةَ، ولأهْلِ نَجْدٍ قَرْن، وبلغني أنه وقَّت لأهل اليمن يَلَمْلَم (١).
١٧٣٨ - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، حدَّثنا حمادٌ، عن عمرو بن دينار، عن طاووس
عن ابن عباس، وعن ابن طاووس عن أبيه، قالا: وقَّتَ رسولُ ﷺ، بمعناه، قال أحدهما: ولأهْلِ اليَمَنِ يَلَملم، وقال أحدهما: ألَمْلَم، قال: «فهُنَّ لَهُمْ ولِمَنْ أتى عليهِنَّ مِن غيرِ أهلِهِن ممن كان


(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربُوعي.
وهو عند مالك في»الموطأ«١/ ٣٣٠، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٥٢٥)، ومسلم (١١٨٢)، وابن ماجه (٢٩١٤)، والنسائى في»الكبرى«(٣٦١٧).
وأخرجه البخاري (١٣٣)، والنسائي (٣٦١٨) من طريق الليث بن سعد، والترمذي (٨٤٦) من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن نافع مولى ابن عمر، به.
وأخرجه البخاري (١٥٢٢) من طريق زيد بن جبير، و(٧٣٤٤)، ومسلم (١١٨٢) من طريق عبد الله بن دينار، والبخاري (١٥٢٧) و(١٥٢٨)، ومسلم (١١٨٢)، والنسائي (٣٦٢١) من طريق سالم بن عبد الله، ثلاثتهم عن عبد الله بن عمر، به.
وهو في»مسند أحمد«(٤٤٥٥) و(٥٠٨٧)، و»صحيح ابن حبان" (٣٧٦١).
وانظر ما بعده.
الحليفة: قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة، والجحفة: كانت قرية كبيرة على طريق المدينة من مكة واسمها مهيعة، وإنما سميت الجحفة، لأن السيل اجتحفها، وحمل أهلها في بعض الأعوام، وقرنٌ قال القاضي عياض: ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة، وقال الأصمعي: جبل مطل بعرفات، ويلملم: موضع على ليلتين من مكة.

يريدُ الحجَّ والعُمرة، ومن كان دونَ ذلك» قال ابنُ طاووس: مِن حَيثُ أنشأ، قال: وكذلك حتى أهلُ مَكَّةَ يُهِلُّون منها (١).


(١) إسناده صحيح من جهة عمرو بن دينار، مرسل من جهة ابن طاووس - واسمه عبد الله -. حماد: هو ابن زيد الأزدي، وطاووس: هو ابن كيسان اليماني الجندي. ومُحصَّل
الإسنادين أن لحماد بن زيد فيه شيخين، وهما عمرو بن دينار وعبد الله بن طاووس. إلا أن عَمرًا وصله، وأرسله ابن طاووس، لكن قال الحافظ المزي في «التحفة» (٥٧٣٨): رواه غير واحد عن ابن طاووس عن أبيه، عن ابن عباس. قلنا: يعني أنه صح وصله من جهة عبد الله بن طاووس أيضًا، لكن من غير طريق سليمان بن حرب.
وأخرجه البخاري (١٥٢٦) و(١٥٢٩)، ومسلم (١١٨١)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٢٤) من طريق حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار وحده، به.
وأخرجه البخاري (١٥٢٤) و(١٥٣٠) و(١٨٤٥)، ومسلم (١١٨١)، والنسائي (٣٦٢٠) من طريق وهيب بن خالد، والنسائي (٣٦٢٣) من طريق معمر بن راشد، كلاهما عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس.
وأخرجه النسائي (٣٦٢٠) من طريق يحيي بن حسان، عن حماد بن زيد، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٢٨).
وانظر ما قبله.
قال الخطابي: معنى التحديد في هذه المواقيت: أن لا تتعدى ولا تتجاوز إلا باستصحاب الإحرام، وقد أجمعوا أنه لو أحرم دونها حتى يوافي الميقات محرمًا أجزأه، وليس هذا كتحديد مواقيت الصلاة، فإنها إنما ضربت حدًا لئلا تقدم الصلاة عليها.
وفي الحديث بيان أن المدني إذا جاء من الشام على طريق الجحفة، فإنه يحرم من الجحفة ويصير كأنه شامي، وإذا أتى اليماني على ذي الحليفة أحرم منه، وصار كأنه إنما جاء من المدينة. وفيه أن من كان منزله وراء هذه المواقيت مما يلي مكة، فإنه يحرم من منزله الذي هو وطنه، وفيه أن ميقات أهل مكة في الحج خاصة مكة، أما إذا أراد العمرة، فإنه يخرج إلى أدنى الحل، فيحرم منه ألا ترى أن النبي ﷺ أمر عبد الرحمن ابن أبي بكر أن يخرج بعائشة فيعمرها من التنعيم.

١٧٣٩ - حدَّثنا هشامُ بنُ بَهرام المدائنيُّ، حدَّثنا المُعافى بنُ عِمران، عن أفلح - يعني ابنَ حُميد - عن القاسم بنِ محمد
عن عائشة: أن رسولَ الله ﷺ وقتَ لأهلِ العِراقِ ذاتَ عِرْقٍ (١).
١٧٤٠ - حدَّثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن يزيدَ بن أبي زياد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس
عن ابن عباسٍ، قال: وقَّتَ رسولُ الله ﷺ لأهلِ المَشْرِقِ العَقِيقَ (٢).


= وفي قوله: «ممن كان يرد الحج والعُمرة» بيان أن الإحرام من هذه المواقيت إنما يجب على من كان عند مروره بها قاصدًا حجًا أو عمرة دون من لم يرد شيئًا منهما، فلو أن مدنيًا مر بذي الحليفة وهو لا يريد حجًا ولا عمرة، فسار حتى قرب من الحرم، فأراد الحج أو العمرة، فإنه يُحرم من حيث حضرته النية، ولا يجب عليه دم كما يجب على من خرج من بيته يريد الحج والعمرة، فطوى الميقات، وأحرم بعدما جاوزه وذهب الأوزاعي وأحمد وإسحاق إلى أن عليه دمًا إن لم يرجع إلى الميقات، ودلالة الحديث توجب أن لا دم عليه.
(١) رجاله ثقات. لكن الإمام أحمد كما في «الكامل» لابن عدي كان ينكر على أفلح بن حميد هذا الحديث.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٦١٩) عن هشام بن بَهْرَام، بهذا الإسناد.
وقد أخرج البخاري في صحيحه (١٥٣١) من حديث ابن عمر أن الذي حَدَد ذات عِرق إنما هو أمير المؤمنين عمر.
قال الحافظ في «الفتح» ٣/ ٣٨٩: وظاهره أن عمر حدَّ لهم ذات عرق باجتهاد منه، وانظر تمام كلامه فيه.
وانظر أيضًا تعليقنا على الحديث (٥٤٩٢) في «مسند أحمد».
(٢) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد الهاشمي، وذكر البيهقي في «معرفة
السنن والآثار» ٣/ ٥٣٣ أنه تفرد به، وقال ابن القطان فيما نقله عنه الزيلعي في "نصب =

١٧٤١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيك، عن عبد الله بن عبدِ الرحمن بن يُحنَّس، عن يحيي بن أبي سفيان الأخنسي، عن جدته حُكيمة
عن أمِّ سلمةَ زوجِ النبيَّ ﷺ أنها سَمِعَتْ رسولَ الله ﷺ يقول: «مَنْ أَهَل بحَجَّةٍ أو عُمرَةٍ مِنَ المَسجدِ الأقصى إلى المسجدِ الحَرام، غُفِرَ له ما تقدَمَ مِنْ ذَنْبِه وما تأخَّرَ - أَو وجَبَتْ لهُ الجَنة -» شكَّ عبدُ الله أيَّتَهما قال (١).


= الراية«٣/ ١٤: هذا حديث أخاف أن يكون منقطعًا، فإن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس إنما عُهِدَ أن يروي عن أبيه، عن جده ابن عباس، كما جاء ذلك في»صحيح مسلم«في صلاته عليه السلام من الليل، وقال مسلم في كتاب»التمييز«: لا نعلم له سماعًا من جده، ولا أنه لقيه، ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم أنه يروي عن جده، وذكر أنه يروي عن أبيه.
وأخرجه الترمذي (٨٤٧) من طريق وكيع، به. وقال: حديث حسن!
وهو في»مسند أحمد«(٣٢٠٥).
والعقيق: قال في»النهاية«: هو موضع قريب من ذات عرق، قبلها بمرحلة أو مرحلتين قال: وهو وادٍ من أودية المدينة، مَسيل للماء.
(١) إسناده ضعيف لجهالة حال حُكيمة - وتكنى أم حَكيم، وهي بنت أمية بن الأخنس -، ثم إنه قد اضُطرب في إسناده ومتنه اضطرابًا شديدًا، كما فصلناه في»مسند أحمد«عند الحديث (٢٦٥٥٨).
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٠٢) من طريق محمد بن إسحاق، عن يحيى بن أبي سفيان الأخنسيّ، به. ولفظه:»من أهل بعمرة من بيت المقدس كانت له كفارة لما قبلها من الذنوب«.
وأخرجه ابن ماجه أيضًا (٣٠٠١) من طريق سليمان بن سُحَيم، عن أم حكيم، به. بلفظ:»من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له«.
وهو في»مسند أحمد«(٢٦٥٥٨)، و»صحيح ابن حبان" (٣٧٠١).

قال أبو داود: يرحمُ الله وكيعًا! أحرم مِنْ بَيْتِ المقدس، يعني إلى مكة (١).
١٧٤٢ - حدَّثنا أبو مَعمرٍ عبدُ الله بنُ عمرو بن أبي الحَجاج، حدَّثنا عبدُ الوارث، حدَّثنا عتبةُ بن عبد الملك السهمي، حدثني زُرارةُ بن كَريمٍ (٢)
أن الحارثَ بنَ عمرو السَّهْميَّ حَدَّثه قال: أتيتُ رسولَ الله ﷺ وهو بمنى أو بعَرَفاتٍ، وقد أطافَ به الناسُ، قال: فتَجيءُ الأعراب فإذا رأَوا وَجْهَهُ قالوا: هذا وَجْهٌ مُبارَكٌ، قال: ووَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ لأهْلِ العِرَاقِ (٣).


(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها في روايتي ابن الأعرابي وابن داسه.
(٢) ضُبط في «الكاشف» و«تقريب التهذيب» بضم الكاف، والصواب بفتحها، كما جزم به ابن ماكولا ٧/ ١٦٦ وابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» ٧/ ٣٢٧، وابن حجر في «تبصير المنتبه» ٣/ ١١٩٤، وغيرهم.
(٣) إسناده ضعيف. قال البيهقي: وفي إسناده من هو غير معروف، قلنا: يعني عتبة بن عبد الملك السهمي وزرارة بن كَرِيم، ذكرهما ابن حبان في «الثقات» ولا يؤثر توثيقهما عن أحد.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١١٤٨)، وفي «التاريخ الكبير» ٣/ ٤٣٨، والطبراني في «المعجم الكبير» (٣٣٥١)، والدارقطني في «سننه» (٢٥٠٢)، والبيهقي ٥/ ٢٨ من طريق أبي معمر عبد الله بن عمرو، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٢٥٧) من طريق عبد الصمد بن
عبد الوارث، عن عتبة بن عبد الملك، به.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٠٦٥) من طريق أبي معمر عبد الله ابن عمرو، به. واقتصر على قوله: «أتيت رسول الله ﷺ وهو بمنى وعرفات وقد أطاف به الناس».

٩ - باب الحائض تهلُّ بالحجِّ
١٧٤٣ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا عَبدة، عن عُبيد الله، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه
عن عائشة قالت: نُفِسَت أسماءُ بنت عُمَيْسٍ بمحمَّد بن أبي بكرٍ بالشَّجَرَةِ، فأمَرَ رسولُ الله ﷺ أبا بكرٍ أن تَغْتَسِلَ وتُهِلَّ (١).
١٧٤٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى وإسماعيلُ بن إبراهيم أبو معمر، قالا: حدَّثنا مروانُ بنُ شجاع، عن خُصَيفٍ، عن عِكْرمة ومجاهد وعطاء
عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال: «الحائِضُ والنُّفَساءُ إذا أتتا على الوقتِ تغتسِلانِ وتُحرِمَانِ وتَقْضِيانِ المَنَاسِكَ كُلَّها غَيرَ الطَوافِ بالبَيْتِ» (٢).


(١) إسناده صحيح. عبيد الله: هو ابن عمر العدوي، والقاسم: هو ابن محمد التيمي.
وأخرجه مسلم (١٢٠٩)، وابن ماجه (٢٩١١) من طريق عبدة بن سليمان، بهذا الإسناد.
قال الخطابي: فيه من العلم استحباب التشبه من أهل التقصير بأهل الفضل والكمال، والاقتداء بأفعالهم طمعًا في درك مراتبهم، ورجاء لمشاركتهم في نيل المثوبة، ومعلوم أن اغتسال الحاثض والنفساء قبل أوان الطهر لا يطهرهما ولا يخرجهما عن حكم الحدث، وإنما هو لفضيلة المكان والوقت.
وقوله: بالشجرة، وفي رواية مسلم: بذي الحليفة، وفي رواية: بالبيداء، هذه المواضع الثلاثة متقاربة، فالشجرة بذي الحليفة، وأما البيداء، فهي في طرف ذي الحليفة.
(٢) صحيح لغيره، وهذا سند فيه ضعف، خصيف - وهو ابن عبد الرحمن الجزري - فيه ضعف من جهة حفظه. =

قال أبو معمر في حديثه: «حتى تَطْهُرَ»، ولم يذكر ابنُ عيسى: عكرمةَ ومجاهدًا، قال: عن عطاء عن ابن عباس، ولم يقل ابن عيسى: «كلها»، قال: «المناسك إلا الطوافَ بالبيت».

١٠ - باب الطيب عند الإحرام
١٧٤٥ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، (ح)
وحذَثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا مالكٌ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه
عن عائشة قالت: كنتُ أُطيبُ رسولَ الله ﷺ لإحرامِه قبل أن يُحْرِمَ، ولإحْلالِه قَبْلَ أن يَطُوفَ بالبيت (١).


= وأخرجه الترمذي (٩٦٦) من طريق زياد بن أيوب، عن مروان بن شجاع، بهذا
الإسناد. وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وهو في «مسند أحمد» (٣٤٣٥).
وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله سيأتي برقم (١٩٠٥).
وآخر من حديث عائشة سيأتي برقم (١٧٨٢).
(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي، والقاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر التيمي.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٢٨، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٥٣٩)، ومسلم (١١٨٩)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٥١).
وأخرجه البخاري (١٧٥٤) و(٥٩٢٢)، ومسلم (١١٩١)، وابن ماجه (٢٩٢٦)، والترمذي (٩٣٤)، والنسائى (٣٦٥٢) من طرق عن عبد الرحمن بن القاسم، به.
وأخرجه البخاري (٥٩٣٠)، ومسلم (١١٨٩)، وابن ماجه (٣٠٤٢) من طرق عن القاسم بن محمد، به.
وأخرجه البخاري (٥٩٢٨) و(٥٩٣٠)، ومسلم (١١٨٩)، والنسائي (٣٦٥٣) و(٣٦٥٤) و(٣٦٥٥) من طريق عروة بن الزبير، ومسلم (١١٨٩) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، والنسائي (٢٦٨٤) من طريق سالم بن عبد الله، ثلاثتهم عن عائشة، به. =

١٧٤٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزاز، حدَّثنا إسماعيل بن زكريا، عن الحسن بن عُبيد الله، عن إبراهيمَ، عن الأسود
عن عائشة، قالت: كأني أنظُرُ إلى وَبِيصِ الطيب (١) في مَفْرق رسولِ الله ﷺ وهو مُحرم (٢).


= وأخرجه البخاري (٢٦٧) و(٢٧٠)، ومسلم (١١٩٢)، والنسائي (٣٦٧٠) و(٣٦٧١) من طريق محمد بن المنتشر، عن عائشة، به. بلفظ: «كنت أطيب رسول الله ﷺ فيطوف على نسائه ثم يصبح محرمًا ينضح طيبًا».
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٥٢٥)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٦٦).
وانظر ما بعده.
(١) أشار الحافظ في هامش نسخته التي رمزنا لها بـ (أ) إلى أن رواية ابن داسه وابن الأعرابي: المسك، بدل: الطيب، مع أن الذي في (هـ) عندنا - وهي برواية ابن داسه -: الطيب! وفي (ج) وهي برواية اللؤلؤي: المسك!
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. إسماعيل بن زكريا الخلقاني صدوق لا بأس به، وقد توبع. إبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس النخعي، والأسود: هو ابن يزيد ابن قيس النخعي خال إبراهيم.
وأخرجه مسلم (١١٩٠)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٥٩) من طريقين عن الحسن بن عبيد الله، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٧١) و(١٥٣٨) و(٥٩١٨)، ومسلم (١١٩٠)، والنسائي (٣٦٦٠ - ٣٦٦٥) و(٣٦٦٨) من طرق عن إبراهيم، به. ورواية مسلم (١١٩٠)، والنسائي (٣٦٦٥) بلفظ: «وهو يُهل»، ومسلم (١١٩٠) بلفظ: «وهو يلبي» بدلًا من: «وهو محرم»، ورواية النسائي (٣٦٦٨) دون ذكر الإحرام.
وأخرجه البخاري (٥٩٢٣)، ومسلم (١١٩٠)، وابن ماجه (٢٩٢٨)، والنسائي (٣٦٦٦) و(٣٦٦٧) و(٣٦٦٩) من طريقين عن الأسود، به. ورواية البخاري (٣٦٦٩)
دون ذكر الإحرام.
وأخرجه مسلم (١١٩٠)، وابن ماجه (٢٩٢٧) من طريق مسروق بن الأجدع،
عن عائشة، به. بلفظ: «وهو يلبي».
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٠٧)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٧٦). =

١١ - باب التَّلبيد
١٧٤٧ - حدَّثنا سليمانُ بن داود المَهريُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونس، عن ابنِ شهاب، عن سالم - يعني ابن عبد الله -
عن أبيه، قال: سمعتُ النبي ﷺ يُهِلُّ مُلبِّدًا (١).


= وانظر ما قبله.
قال الخطابي: وبيص المسك: بريقه، يقال: وَبَصَ الشيءُ وبَصَّ أيضًا بصيصًا: إذا برق. وقال الحافظ في «الفتح» ٣/ ٣٩٨: واستدل به على استحباب التطيب عند الإحرام وأنه لا يضر بقاء لونه ورائحته، وإنما يحرم ابتداؤه في الإحرام وهو قول الجمهور، وعن مالك: يحرم، ولكن لا فدية، وفي رواية عنه: تجب، وقال محمد ابن الحسن: يكره أن يتطيب قبل الإحرام بما يبقى عينة بعده.
وسيأتي عند المصنف (١٨٣٠) عن عائشة قالت: كنا نخرج مع النبيَّ ﷺ إلى مكة فنضمدُ جباهنا بالسُّكِّ المُطَيَّب عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي ﷺ، فلا ينهانا.
(١) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري.
وأخرجه البخاري (٥٤٠)، ومسلم (١١٨٤)، وابن ماجه (٣٠٤٧)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٤٩) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٥٩١٥) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس، به.
وأخرجه البخاري (٥٩١٤) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٠٢١).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: تلبيد الشعر قد يكون بالصمغ وقد يكون بالعسل، وإنما يفعل ذلك بالشعر ليجتمع ويتلبد، فلا يتخلله الغبار، ولا يصيبه الشَّعَثُ، ولا يقع فيه الدبيب.
وقال الحافظ في «الفتح» ٣/ ٤٠٠: أي: أحرم وقد لبد شعر رأسه، أي: جعل فيه شيئًا نحو الصمغ ليجتمع شعره لئلا يتشعث في الإحرام، أو يقع فيه القمل.

١٧٤٨ - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عمر، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا محمد بنُ إسحاق، عن نافعٍ
عن ابن عُمَرَ، أنَ النبيَّ ﷺ لَبّدَ رأسَه بالعَسَل١).

١٢ - باب في الهدي
١٧٤٩ - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سلمةَ، حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاق (ح)
وحدَّثنا محمدُ بنُ منهالٍ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، عن ابن إسحاقَ - المعنى - قال: قال عبد الله - يعني ابن أبي نَجيح - حدثني مجاهد
عن ابن عباس، أن رسولَ الله ﷺ أهدى عامَ الحُديبيةِ في هَدَايا رسولِ الله ﷺ جملًا كان لأبي جَهْلٍ في رأسه بُرَةُ فضَّةٍ - قال ابنُ منهالٍ: بُرةٌ مِن ذهب - زاد النُّفيليُّ: يَغِيظُ بذلك المشركين (٢).


(١) إسناده ضعيف. محمد بن إسحاق لم يصرح بالسماع. ومع ذلك فقد جوّد إسناده الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية»! عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى القرشي، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وأخرجه الحاكم ١/ ٤٥٠، والبيهقي ٥/ ٣٦ من طريق عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد ولم يذكر الحاكم العسل.
(٢) حسن، وتصريح ابن إسحاق في رواية الإمام أحمد (٢٣٦٢) وغيره فيه وقفة كما بيناه في تعليقنا على «المسند»، لكن ابن إسحاق لم ينفرد به، بل توبع عليه، فالحديث حسن إن شاء الله. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد النُّفيليُّ القضاعي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٠٠) من طريق مِقسَم مولى ابن عباس، عن ابن عباس، وفي الإسناد إليه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، يصلح حديثه للاعتبار.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٧٩) و(٢٣٦٢). =

١٣ - باب في هدي البقر
١٧٥٠ - حدَّثنا ابن السَّرْح، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونُس، عن ابنِ شهابٍ، عن عَمرة بنت عبد الرحمن
عن عائشةَ زوجِ النبيَّ ﷺ: أن رسولَ الله ﷺ نحَرَ عن آلِ محمد في حَجَّةِ الوَدَاع بقرةً واحدةً (١).


= قال الخطابي: فيه من الفقه أن الذكران في الهدي جائزة، وقد روي عن ابن عمر أنه كان يكره ذلك في الإبل ويرى أن يُهدى الإناث منها.
وفيه دليل على جواز استعمال اليسير من الفضة في لجم الراكب من الخيل وغيرها، والبرة: حلقة تجعل في أنف البعير، وتجمع على برين.
وقوله: يغيظ بذلك المشركين: معناه أن هذا الجمل كان معروفًا بأبي جهل، فحازه النبي ﷺ في سلبه، فكان يغيظهم أن يروه في يده، وصاحبه قتيل سليب.
(١) إسناده صحيح، وقد أُعِلَّ بالانقطاع، وليس بشئ فقد انتهينا إلى تصحيحه في «المسند»، و«سنن ابن ماجه».
ابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله الأموي، وابن وهب: هو عبد الله القرشي، ويونس: هو اين يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٣٥) من طريق أحمد بن عمرو بن السرح، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤١١٢) و(٤١١٦) من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وأخرجه البخاري (٢٩٤) و(٥٤٤٨) و(٥٥٥٩)، ومسلم (١٢١١)، وابن ماجه (٢٩٦٣)، والنسائي في «المجتبى» (٢٩٠) من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة، به.
بلفظ: «ضحى رسول الله ﷺ عن أزواجه بالبقر». ولم يذكروا التقييد ببقرة واحدة.
وأخرجه البخاري (١٧٠٩) و(١٧٢٠) و(٢٩٥٢)، ومسلم (١٢١١)، وابن ماجه (٢٩٨١) من طريق عمرة بن عبد الرحمن، عن عائشة، بلفظ: دُخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قال: نحر رسول الله ﷺ عن أزواجه. ولم يذكروا فيه التقييد ببقرة واحدة. =

١٧٥١ - حدَّثنا عمرو بنُ عثمان ومحمد بنُ مِهران الرازيُ، قالا: حدَّثنا الوليدُ، عن الأوزاعيِّ، عن يحيي، عن أبي سَلَمَة
عن أبي هُريرة: أنَّ رسولَ الله ﷺ ذَبَحَ عمن اعْتَمَرَ مِن نِسائه بقرةً بَينَهُنَّ١).

١٤ - باب في الإشعار
١٧٥٢ - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، وحفصُ بنُ عُمَرَ، المعنى، قالا: حدَّثنا شُعبهَ، عن قَتادةَ - قال أبو الوليد: قال: سمعتُ أبا حسان


= وهو في «مسند أحمد» (٢٦١٠٩).
وله شاهد من حديث أبي هريرة سيأتى بعده.
وآخر من حديث جابر عند مسلم (١٣١٩) ولفظه: «نحر النبي ﷺ عن عائشة بقرة في حجته».
قال الخطابي: البقرة تجزئ عن سبعة كالبدنة من الإبل، وفيه بيان جواز شركة الجماعة في الذبيحة الواحدة. وممن أجاز ذلك عطاء وطاووس وسفيان الثوري والشافعي، وقال مالك بن أنس: لا يشتركون في شيءٍ من الهدي والبدن والنسك.
وعن أبي حنيفة أنه قال: إن كانوا كلهم يريدون النسك فجائز، وإن كان بعضهم يريد النسك وبعضهم اللحم لم يجز، وعند الشافعي يجوز على الوجهين معًا.
(١) إسناده صحيح وقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث من الأوزاعي عند ابن ماجه (٣١٣٣)، وصرح بسماع الأوزاعي من يحيى عند الحاكم ١/ ٤٦٧، والبيهقي ٤/ ٢٥٤ فانتهت شبهة تدليسه. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، ويحيى: هو ابن أبي كثير، وأبو سلمة هو عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٣٣) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤٠٠٨).
وفي الباب عن عائشة سلف قبله.

عن ابن عباس: أنَّ رسولَ الله ﷺ صَلّى الظهر بذي الحُلَيفَة، ثم دعا بِبَدنةٍ فأشعَرَها مِن صَفحَةِ سَنَامِها الأيمن، ثم سَلَت الدمَ عنها، وقلَّدها بنَعْلَيْن، ثم أُتي براحِلَته، فلمَّا قَعَد عليها، واسْتَوَت به على البيداء أهلَّ بالحَجّ (١).
١٧٥٣ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن شعبة، بهذا الحديث بمعنى أبي الوليد، قال: ثم سلت الدمَ بيده (٢).


(١) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو حسان: هو مسلم بن عبد الله البصري.
وأخرجه مسلم (١٢٤٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٣٩) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٢٤٣)، وابن ماجه (٣٠٩٧)، والترمذي (٩٢٢)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٤٨) و(٣٧٥٨) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به.
وأخرجه بنحوه البخاري (١٥٤٥) من طريق كريب، عن ابن عباس، به. لكنه ليس فيه ذكر الإشعار وإنما اقتصر على التقليد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٩٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٠٢).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: الإشعار: أن يطعن في سنامها بمبضعٍ أو نحو ذلك حتى يسيل دمها، فيكون ذلك على أنها بدنة، ومنه الشعار في الحروب وهو العلامة التي يعرف بها الرجلُ صاحبَه، ويميز بذلك بينه وبين عدوه.
وقوله: استوت على البيداء، أى: - علت فوق البيداء، وقال الخليل: أتينا أبا ربيعة الأعرابي وهو فوق سطح، فلما رآنا، قال: استووا، يريد: اصعدوا.
(٢) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٧٤٠) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وقال: «ثم سَلَتَ عنها» بدلًا من: «ثم سلت الدم بيده».
وهو في «مسند أحمد» (٣٢٤٤).
وانظر ما قبله.

قال أبو داود: رواه همَّام. قال: سَلَتَ الدّمَ عنها بإصبعِه.
قال أبو داود: هذا من سُنن أهل البصرة الذي تفردوا به (١).
١٧٥٤ - حدَّثنا عبدُ الأعلى بنُ حماد، حدَّثنا سفيانُ بنُ عيينة، عن الزهري، عن عُروة
عن المسوَر بن مَخْرَمَة ومروان بن الحكم، أنهما قالا: خرج رسولُ الله ﷺ عامَ الحُديبية، فلما كان بذي الحليفة قلَّد الهديَ وأشْعَرَ وأحْرَمَ (٢).


(١) جاء في هامش (أ) و(هـ) ما نصه: هذا مما تفرد به أهل البصرة من السنن، لا يشركهم فيه أحد أن رسول الله ﷺ أشعر من الجانب الأيمن. وأشارا إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. قلنا: في هذه الرواية بيان أن ما تفرد به أهل البصرة إشعار الجانب الأيمن لا مطلق الاشعار.
(٢) إسناده صحيح. وهذه الرواية من طريق مروان مرسلة، لأنه لم يصح له سماع من النبي ﷺ ولا صحبة، ومن طريق المسور بن مخرمة مرسل صحابي، لأنه قدم صغيرًا على النبيَّ ﷺ مع أبيه بعد الفتح، ولم يشهد القصة، وقد صرح المسور ومروان أنهما سمعاها من أصحاب النبي ﷺ، في رواية البخاري (٢٧١١) و(٢٧١٢).
الزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعروة: هو ابن الزبير.
وأخرجه البخاري (٤١٥٧) و(٤١٥٨) و(٤١٧٨) و(٤١٧٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٥٢٨) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٤١٧٨) و(٤١٧٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٥٢٨) من طريق سفيان بن عيينة، قال: سمعت الزهري حين حدث هذا الحديث، حفظت بعضه وثبتني معمر عن عروة بن الزبير، به.
وأخرجه البخاري (١٦٩٤) و(١٦٩٥)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٣٧) و(٨٧٨٩) من طريق معمر، عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٠٩).
وسيأتي مطولًا برقم (٢٧٦٥).

١٧٥٥ - حدَّثنا هنّادٌ، حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن منصورٍ والأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود
عن عائشة رضي الله عنها: أن رسولَ الله ﷺ أهْدَى غنمًا مُقَلَّدَةَ١).

١٥ - باب تبديل الهدي
١٧٥٦ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سلمة، عن أبي عبد الرحيم - قال أبو داود: أبو عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، خال ابنِ سلمة، روى عنه حَجاجُ بنُ محمد - عن جَهمِ بن الجارود، عن سالم بن عبد الله
عَنْ أبيهِ، قال: أهدى عمَرُ بنُ الخطاب بُختيًّا (٢) فأعطيَ بها ثلاثَ


(١) إسناده صحيح. هنّاد: هو ابن السري التميمي، ووكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر السلمي، والأعمش: هو سليمان بن مهران الأسدي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي.
وأخرجه البخاري (١٧٠٣)، ومسلم (١٣٢١)، والترمذي (٩٢٥)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٤٥) و(٣٥٧١) و(٣٧٥٥) و(٣٧٦٥) من طرق عن منصور، عن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه البخاري (١٧٠١) و(١٧٠٢)، ومسلم (١٣٢١)، وابن ماجه (٣٠٩٥) و(٣٠٩٦)، والنسائي (٣٧٤٤) و(٣٧٥٣) و(٣٧٥٥) من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم، به.
وأخرجه بنحوه كذلك مسلم (١٣٢١)، والنسائي في «المجتبى» (٢٧٩٠) من طريق الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم، به.
وأخرجه النسائي (٣٧٦٤) من طريق أبي إسحاق، عن الأسود، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٥٨١) و(٢٥٥٦٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠١١).
وانظر ما سيأتي برقم (١٧٥٧) و(١٧٥٨) و(١٧٥٩).
(٢) المثبت من (أ) و(هـ)، وجاء في (ج) في الموضعين: نجيبة. وكلاهما من أوصاف الأبل.

مئة دينار، فأتى النبيَّ ﷺ فقال: يا رسول الله، إني أهْدَيْتُ بُختيًا، فأُعطيتُ بها ثلاثَ مئة دينار، أفأبِيعُها وأشْتَرِي بثَمنِها بُدْنًا؟ قال: «لا، انْحَرْها إيّاها» (١).
قال أبو داود: هذا لأنه كان أشعَرَها.

١٦ - باب مَن بَعَثَ بهديه وأقام
١٧٥٧ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ القَعنَبي، حدَّثنا أفلحُ بنُ حميد، عن القاسم عن عائشة قالت: فتَلتُ قلائِدَ بُدْن رسولِ الله ﷺ بيدي، ثم أشْعَرها وقلَّدها، ثم بَعَثَ بها إلى البيتِ، وأقامَ بالمدينةِ، فما حَرُمَ عليه شَيءٌ كانَ له حِلاًّ (٢).


(١) إسناده ضعيف. جهم بن الجارود - وقيل: شهم بن الجارود - لم يذكروا في الرواة عنه غير أبي عبد الرحيم، وهو خالد بن يزيد الحراني، وقال البخاري في «التاريخ الكبير» ٢/ ٢٣٠: لا يعرف لجهم سماع من سالم، وقال الذهبي في «الميزان»: فيه جهالة. محمد بن سلمة: هو عبد الله الباهلي الحراني.
وأخرجه أحمد (٦٣٢٥)، والبخاري في «التاريخ الكبير» ٢/ ٢٣٠، وابن خزيمة (٢٩١١)، والبيهقي في «السنن» ٥/ ٢٤١ - ٢٤٢، و٩/ ٢٨٨ من طريق محمد بن سلمة، بهذا الإسناد.
النجيب: قال في «النهاية»: النجيب: الفاضل من كل حيوان ... وقد تكرر في الحديث ذكر الجيب من الإبل مفردًا ومجموعًا. وهو القوي منها، الخفيف السريع. وقال في «النهاية» أيضًا: البُختية: الأنثى من الجمال البخت، والذكر بختي وهي جمال طوال الأعناق.
(٢) إسناده صحيح. القاسم: هو ابن محمد التيمي.
وأخرجه بتمامه ومختصرًا البخاري (١٦٩٦) و(١٦٩٩)، ومسلم (١٣٢١)، وابن ماجه (٣٠٩٨)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٣٨) و(٣٧٤٩) من طريق أفلح بن حميد، بهذا الإسناد. =

١٧٥٨ - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد الرَملي الهَمْدانيُّ وقتيبةُ بن سعيد، أن الليثَ ابن سعدٍ حدَّثهم، عن ابنِ شهابٍ، عن عُروة وعَمرة بنت عبد الرحمن
أن عائشة قالت: كان رسولُ الله ﷺ يُهْدِي مِنَ المدينة، فأفتِل قلائدَ هديِه، ثم لا يجتنب شيئًا مما يجتَنِبُ المُحرِمُ (١).
١٧٥٩ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بشرُ بنُ المُفَضَّل، حدَّثنا ابنُ عون، عن القاسم بن محمد وعن إبراهيم - زعَم أنه سَمِعَه منهما جميعًا، ولم يحفظ حديثَ هذا من حديثِ هذا، ولا حديثَ هذا مِن حديثِ هذا - قالا:


= وأخرجه مسلم (١٣٢١)، والترمذي (٩٢٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٤٢) و(٣٧٥٠) و(٣٧٦٣) من طريقين عن القاسم، به.
وأخرجه البخاري (١٧٠٤) و(٥٥٦٦)، ومسلم (١٣٢١)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٤٣) من طريق مسرُوق، ومسلم (١٣٢١) من طريق أبي قلابة، كلاهما عن عائشة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٤٩٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٠٣).
وانظر ما سلف برقم (١٧٥٥). وانظر ما بعده.
(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه البخاري (١٦٩٨)، ومسلم (١٣٢١)، وابن ماجه (٣٠٩٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٤١) و(٣٧٦١) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٣٢١)، والنسائى في «الكبرى» (٣٧٦٢) من طريقين عن ابن شهاب، ومسلم (١٣٢١) من طريق هشام بن عروة، كلاهما عن عروة، به. وقرن مسلم في الرواية الأولى مع عروة عمرة بنت عبد الرحمن.
وأخرجه بنحوه البخاري (١٧٠٠) و(٢٣١٧)، ومسلم (١٣٢١)، والنسائي (٣٧٦٠) من طريق عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عمرة بنت عبدالرحمن، عن عائشة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٥٢٤)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٠٩) و(٤٠١٣).
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (١٧٥٥).

قالت أمُّ المؤمنينَ: بَعَثَ رسولُ الله ﷺ بالهَدْي، فأنا فتلتُ قلائِدها بِيَدي مِن عِهنٍ كانَ عندنا، ثم أصبَحَ فينا حلالًا يأتي ما يأتي الرَجُلُ مِن أهلِه١).

١٧ - باب في ركوب البُدْن
١٧٦٠ - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن أبي الزناد، عن الأعرجِ
عن أبي هريرة: أن رسولَ الله ﷺ رأى رجلًا يسوق بَدَنةَ، فقال:
«ارْكَنها» قال: إنها بَدَنة، قال: «اركَبها ويلَك» في الثانية، أو الثالثة (٢).
١٧٦١ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيي بنُ سعيدٍ، عن ابن جُريج، أخبرنى أبو الزبير قال:


(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وابن عون: هو عبد الله بن عون المزني، وإبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس النخعي.
وأخرجه البخاري (١٧٠٥)، ومسلم (١٣٢١)، والنسائى في «الكبرى» (٣٧٤٦) من طريقين عن ابن عون، بهذا الإسناد.
وانظر ما سلف برقم (١٧٥٥).
(٢) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان القرشي، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز المدنى.
وهو عند مالك في «الموطأ»، ١/ ٣٧٧، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٦٨٩) و(٢٧٥٥) و(٦١٦٠)، ومسلم (١٣٢٢)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٦٧).
وأخرجه مسلم (١٣٢٢)، وابن ماجه (٣١٠٣) من طريقين عن أبي الزناد، به.
وأخرجه البخاري (١٧٠٦) من طريق عكرمة، ومسلم (١٣٢٢) من طريق همّام ابن منبه، كلاهما عن أبي هريرة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٥٠) و(٧٤٥٤) و(١٠٣١٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠١٤).

سألتُ جابرَ بنَ عبد الله، عن رُكوب الهَدي، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «اركبها بالمَعرُوفِ إذا أُلجئْتَ إليها، حتى تَجِدَ ظهرًا» (¬١).

١٨ - باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ
١٧٦٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن هشامٍ، عن أبيه
عن ناجية الأسلميِّ: أن رسولَ الله ﷺ بعَثَ معه بهديٍ، فقال: «إن عَطِبَ منها شيءٌ فانحَرهُ، ثم اصْبُغ نعلَه في دمه، ثم خلِّ بينه وبين الناس» (٢).
١٧٦٣ - حدَّثنا سليمان بنُ حرب ومُسددٌ قالا: حدَّثنا حمادٌ (ح)
وحدثنا مُسدَّدٌ حدَّثنا عبد الوارث - وهذا حديثُ مُسددِ - عن أبي التَّيِّاح، عن موسى بن سلمة
عن ابن عباس، قال: بَعَثَ رسولُ الله ﷺ فلانًا الأسلميَّ، وبَعَثَ
معه بثمانِ عشرةَ بَدَنةً، فقال: أرأيتَ إن أُزحِفَ عليَّ منها شيءٌ؟ قال:


(١) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز الأموي، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي.
وأخرجه مسلم (١٣٢٤)، والنسائى في «الكبرى» (٣٧٧٠) من طريقين عن يحيي ابن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٣٢٤) من طريق معقل بن عُبيد الله، عن أبي الزبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤١٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠١٥) و(٤٠١٧).
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وهشام: هو ابن عروة بن الزبير الأسدي.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٠٦)، والترمذي (٩٢٦)، والنسافى في «الكبرى» (٤١٢٣) و(٦٦٠٥) من طريقين عن هشام، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٤٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٢٣).

«تَنْحَرُهَا ثم تَصْبغُ نَعْلَها في دَمِهَا، ثم اضْرِبْها على صَفْحَتِها، ولا تأكُلْ منها أنتَ ولا أحدٌ مِنْ أصْحَابِكَ - أو قال: مِنْ أهْلِ رُفقَتِكَ -» (١).
وقال في حديث عبد الوارث: «ثم اجعله على صَفْحَتِها» مكان «اضْرِبها».
قال أبو داود: سمعتُ أبا سلمة، يقول: إذا أقمتَ الإسنادَ والمعنى، كفاك، فهذه توسعةٌ في نقل الحديث على المعنى.


(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وحماد: هو ابن زيد الأزدي، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري، وأبو التياح: هو يزيد بن حميد الضُبَعي، وموسى ابن سلمة: هو ابن المُحَبِّق الهُذَلي.
وأخرجه مسلم (١٣٢٥) من طريق عبد الوارث، بهذا الإسناد. ولفظه: بعث رسول الله ﷺ بست عشرة بدنة.
وأخرجه مسلم (١٣٢٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٢٢) من طريق إسماعيل ابن عُلَيّة، عن أبي التياح، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٦٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٢٤) و(٤٠٢٥).
وأخرجه مسلم (١٣٢٦)، وابن ماجه (٣١٠٥) من طريق قتادة، عن سنان بن سلمة، عن ابن عباس، عن ذؤيب الخُزاعى، به. دون تحديد عدد البدن.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٧٤).
قوله: أزحف. قال الخطابي: معناه: أعيا وكل، يقال: زحف البعير: إذا جرَّ فرسنه على الأرض من الأعياء، وأزحفه السير إذا جهده فبلغ هذه الحال.
وقوله: ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أصحابك، يشبه أن يكون معناه: حرم ذلك عليه وعلى أصحابه ليحسم عنهم باب التهمة فلا يعتلوا بأن بعضها قد زحف فينحروه إذا قرموا إلى اللحم فيأكلوه.
وقال الطيبي رحمه الله: سواء كان فقيرًا أو غنيًا، وإنما منعوا ذلك قطعًا لأطماعهم لثلا ينحرها أحد، ويتعلل بالعطب، هذا إذا أوجبه على نفسه، وأما إذا كان متطوعًا، فله أن ينحر ويأكل منه، فإن مجرد التقليد لا يخرجه عن ملكه.

قال أبو داود: الذي تفرَّد به من هذا الحديث قولُه: «ولا تأكل منها أنتَ ولا أحدٌ مِنْ رفقتك» (١).
١٧٦٤ - حدَّثنا هارونُ بنُ عبد الله، حدَّثنا محمدٌ ويعلى ابنا عُبيدٍ، قالا:
حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاق، عن ابن أبا نَجيح، عن مجاهدٍ، عن عبدِ الرحمن بن أبي ليلى
عن علي قال: لما نَحَرَ رسولُ الله ﷺ بُدْنه، فنَحَرَ ثلاثينَ بيدِه، وأمَرَني فنَحَرْتُ سائِرَها (٢).
١٧٦٥ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازي، أخبرنا (ح)
وحدَثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى - وهذا لفظُ إبراهيمَ - عن ثورٍ، عن راشد بن سعد، عن عبد الله بن عامر بن لُحَيٍّ


(١) قوله: قال أبو داود: سمعت أبا سلمة ... إلى هنا، أثبتناه من (أ) و(هـ)، وهو في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي.
(٢) إسناده ضعيف لانقطاعه، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه، بينه وبين ابن أبي نجيح فيه رجل مبهم، فقد رواه أحمد في مسند ابن عباس برقم (٢٣٥٩) عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن إسحاق، قال: حدثني رجل، عن عبد الله بن أبي نحيح، عن مجاهد بن جبر، عن ابن عباس ... فذكر الحديث بعينه. ثم هو مخالف لما في «صحيح مسلم» (١٢١٨) (١٤٧) وغيره من حديث جابر: أن النبي ﷺ نحر من هديه ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليا فَنَحر ما غبر، وهي سبع وثلاثون بدنه تكملة المئة.
محمد: هو ابن عبيد الطنافسي، وابن أبي نجيح: هو عبد الله الثقفي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٣٧٤)، والبيهقي ٥/ ٢٣٨ من طريق محمد بن عبيد، بهذا الإسناد.
وانظر ما سيأتي برقم (١٧٦٩).

عن عبد الله بن قُرطٍ، عن النبيِّ ﷺ قال: «إنَّ أعظم الأيامِ عندَ الله
يومُ النحرِ، ثم يومُ القَرِّ» - قال عيسى: قال ثور: وهو اليومُ الثاني
- قال: وقُرِّبَ لرسول الله ﷺ بَدَناتٌ خَمْسٌ - أوسِتٌّ - فطفِقْنَ يزدلِفْنَ إليه بأيتهن يبدأ، فلما وَجَبَتْ جنوبُها، قال: فتكلَّم بكلمةِ خفيَّة لم أفهمها، فقلت: ما قال؟ قال: «مَن شاءَ اقْتَطَعَ» (١).
١٧٦٦ - حدَّثنا محمد بنُ حاتم، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ مهدي، حدَّثنا عبدُ الله ابن المبارك، عن حَرمَلَة بن عِمران، عن عبدِ الله بنِ الحارث الأزديِّ
سمعتُ غَرَفَة بنَ الحارِثِ الكنديَّ قال: شَهِدْتُ رسولَ الله ﷺ في حَجَّةِ الوَداع وأُتِيَ بالبُدنِ، فقال: «اُدْعُو لي أبا حسن»، فدُعي له علي، فقال له «خُذْ بِأسفَلِ الحربةِ» وأخذَ رسولُ الله ﷺ بأعلاها، ثم طعنا بِها في البُدنِ، فلما فَرَغَ رَكبَ بغلَته، وأردف عليًا رضي الله عنه (٢).


(١) إسناده صحيح. عيسى: هو ابن يونس السبيعي، ومسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، وثور: هو ابن يزيد الرَّحَبي، وراشد بن سعد: هو المَقْرائي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٠٨٣) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ثور، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٠٧٥)، و«صحيح ابن حبان» (٢٨١١).
يوم القر: هو اليوم الذي يلي يوم النحر، وإنما سمي يوم القر، لأن الناس يقرون فيه بمنى، وذلك لأنهم فرغوا من طواف الإفاضة والنحر، واستراحوا وقروا.
وقوله: يزدلفن معناه: يقتربن من قولك: زلف الشئ: إذا قرب. وقوله: وجت جنوبها معناه: زهقت أنفسها، فسقطت على جنوبها، وأصل الوجوب: السقوط، وفي قوله: من شاء اقتطع دليل على جواز هبة المشاع.
(٢) إسناده ضعيف، لجهالة عبد الله بن الحارث الأزدي. ومع ذلك فقد حسنه الحافظ ابن حجر في «الأربعين المتباينة السماع» الحديث الثلاثون! =

١٩ - باب كيف تُنحَرُ البُدن
١٧٦٧ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو خالد الأحمرُ، عن ابنِ جُريج، عن أبي الزُّبير
عن جابر. وأخبرني عبد الرحمن بن سابِط: أن النبي ﷺ وأصحابَه كانوا يَنحَرُونَ البَدَنَة معقولَة اليُسْرَى، قائمةً على ما بقي مِنْ قوائِمها (١).
١٧٦٨ - حَدَّثَنَا أحمدُ بن حنبل حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنِى زِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ:
كنتُ مع ابنِ عمر بمنى، فمرّ بِرَجُلِ وهو يَنْحَرُ بدنتهُ وهي بارِكة،
فقال: ابعثْها قيامًا مُقَيَّدةَ، سنةُ محمدٍ ﷺ (٢).


= وأخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» ٧/ ٤٣١، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٣١٧، والطبراني في «المعجم الكبير» ١٨/ (٦٥٥)، وفي«الأوسط» (٢٨٥٨)، والبيهقي في «سننه الكبرى» ٢٣٨/ ٥، والمِزي في ترجمة غَرَفَة بن الحارث الكندي من «تهذيب الكمال» ٢٣/ ٩٦ - ٩٧ من طريق عبد الرحمن بن مهدلى، بهذا الإسناد.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد يرويه ابنُ جريج، عن أبي الزبير، عن جابر موصولًا، إلا أن ابن جريج وأبا الزبير موصوفان بالتدليس وقد عنعنا. ورواية ابن جريج عن عبد الرحمن بن سابط مرسلة.
وأخرجه البيهقي في «سننه» ٥/ ٢٣٧ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديث ابن عمر الآتي بعده.
(٢) إسناده صحيح. هشيم: هو ابن بشير السلمي، ويونس: هو ابن عبيد بن دينار العبدي، وزياد بن جبير: هو ابن حَيَّة الثقفى.
وأخرجه البخاري (١٧١٣)، ومسلم (١٣٢٠)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٢٠) من طرق عن يونس، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٤٥٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٠٣).

١٧٦٩ - حدَّثنا عمرو بنُ عَون، أخبرنا سفيانُ - يعني ابن عُيينةَ - عن عبدِ الكَرِيمِ الجَزَريِّ، عن مجاهدٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى
عن علي، قال: أمرني رسولُ الله ﷺ أن أقُومَ على بُدْنهِ وأقْسِمَ جُلُودَها وجِلالها، وأمرني اْن لا أُعْطِيَ الجزَّارَ منها شيئًا، وقال: «نحْنُ نُعطيه مِن عندنا» (١).


(١) إسناده صحيح. عبد الكريم الجزري: هو ابن مالك، ومجاهد: هو ابن جبر المكي.
وأخرجه مسلم (١٣١٧)، وابن ماجه (٣٠٩٩)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٣٢) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخارىِ (١٧١٦ م) و(١٧١٧)، ومسلم (١٣١٧)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٣٠) و(٤١٣١) و(٤١٣٥) و(٤١٣٧) و(٤١٣٨) و(٤١٣٩) من طرق عن عبد الكريم، به.
وأخرجه البخاري (١٧٠٧) و(١٧١٦) و(١٧١٧) و(١٧١٨) و(٢٢٩٩)، ومسلم (١٣١٧) (٣٤٩)، وابن ماجه (٣١٥٧)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٢٨) و(٤١٢٩) و(٤١٣١) و(٤١٣٣ - ٤١٣٦) من طرق عن مجاهد، به.
ولم يذكر أحد منهم إلا مسلم في إحدى رواياته، والنسائي في «الكبرى» (٤١٣٩): قوله: «نحن نعطيه من عندنا».
وهو في «مسند أحمد» (٥٩٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٢١) و(٤٠٢٢).
وانظر ما سلف برقم (١٧٦٤).
وقوله: أمرني أن لا أعطي الجزار منها شيئًا. قال الخطابي: أي: لا يُعطى على معنى الأجرة شيئًا منها، فأما أن يتصدق به عليه فلا بأس به، والدليل على هذا قوله:
ونعطيه من عندنا، أي: أجرة عمله، وبهذا قال أكثر أهل العلم، وروي عن الحسن البصري أنه قال: لا بأس أن يعطي الجازر الجلد.
وأما الأكل من لحوم الهدي، فما كان منها واجبًا لم يحل أكل شيء منه، وهو مثل الدم الذي يجب في جزاء الصيد وإفساد الحج ودم المتعة والقِران، وكذلك ما كان =

٢٠ - باب في وقت الإحرام
١٧٧٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ منصورِ، حدَّثنا يعقوبُ - يعني ابنَ إبراهيم - حدَّثنا أبي، عن ابنِ إسحاق، حدثني خُصيفُ بنُ عبدِ الرحمن الجزريُّ، عن سعيد بنِ جُبَيرٍ، قال:
قلتُ: لِعبدِ الله بنِ عباس: يا أبا العباسِ، عَجِبْتُ لاختلافِ أصحابِ رسولِ الله ﷺ في إهلالِ رسولِ الله ﷺ حينَ أوجَبَ، فقال: إني لأعلمُ الناسِ بذلك، إنها إنما كانت مِن رسول الله ﷺ حَجَّة واحِدة، فَمِنْ هناك اختلفوا، خرج رسولُ الله ﷺ حاجًّا، فلما صَلَّى في مسجدِه بذي الحليفة رَكْعَتْيه أوجبَ في مجلسه، فأهلَّ بالحجِّ حين فرغَ مِن ركعتَيه، فَسَمعَ ذلك منه أقوام فحفظتْه عنه، ثم رَكِبَ فلما استقلَّت به ناقته أهلَّ، وأدرك ذلك مِنْه أقوامٌ، وذلك أن الناسَ إنما كانوا يأتون أرسالًا، فسمعوه حين استقلَّت به ناقته يُهِلُّ، فقالوا: إنما أهلَّ رسول الله ﷺ حين استقلت به ناقته، ثم مضى رسولُ الله ﷺ فلما علا على شَرَفِ البيْدِاء أهل، وأدركَ ذلك منه أقوام، فقالوا: انما أهل حينَ


= نذرًا أوجبه المرء على نفسه، وما كان تطوعًا كالضحايا والهدايا، فله أن يأكل منه ويهدي ويتصدق، وهذا كله على مذهب الشافعي.
وقال مالك: يؤكل من الهدي الذي ساقه لفساد حجه، ولفوات الحج ومن هدي التمتع ومن الهدي كله إلا فدية الأذى وجزاء الصيد وما نذره للمساكين.
وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: لا يؤكل من النذر ولا من جزاء الصيد ويؤكل ما سوى ذلك، وروي ذلك عن ابن عمر.
وعند أصحاب الرأي: يؤكل من هدي المتعة، وهدي القِران وهدي التطوع ولا يؤكل مما سواها.

علا على شَرَف البيداش، وايمُ الله لقد أوجَب في مُصلاه، وأهلَّ حين استقلتْ به ناقتُه، وأهلَّ حين علا على شرف البيداء، قال سعيد:
فمن أحد بقولِ ابنِ عبَّاس أهل في مُصلَّاه إذا فَرَغَ من ركعتَيه (١).
١٧٧١ - حدَّثنا «القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن موسى بنِ عُقبة، عن سالم بنِ عبدِ الله عن أبيه، أنه قال: بيْدَاؤُكُم هذه التي تكذبون على رسولِ الله ﷺ فيها، ما أهلَّ رسولُ الله ﷺ إلا مِنْ عندِ المسجد، يعني مسجدَ ذي الحُليفةِ (٢).


(١) حسن لغيره، وهذا سند محتمل للتحسين، ابن إسحاق صرح بالتحديث، وخصيف بن عبد الرحمن - دان كان في حفظه شيء - حديثه يعتبر به في المتابعات والشواهد. إبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم الزهري.
وأخرجه أحمد في»مسندما (٢٣٥٨)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٤٥١، والبيهقي في «سننه» ٥/ ٣٧ من طريق يعقبرب، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه مختصرًا أبو يعلى (٢٥١٣) من طريق أبي خالد، عن ابن إسحاق، به.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الأثار» ٢/ ١٢٣ من طريق عبد السلام بن حرب، كا خصيف، به.
وانظر شواهده في «مسند أحمد» (٢٣٥٨).
(٢) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٣٢، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٥٤١)، ومسلم (١١٨٦)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٢٣).
وأخرجه البخاري (١٥٤١) من طريق سفيان بن عيينة، ومسلم (١١٨٤) و(١١٨٦)، والترمذي (٨٣١) من طريق حاتم بن إصماعيل، كلاهما عن موسى بن عقبة، به. وأخرجه بنحوه البخارى (١٥١٤)، ؤمسلم (١١٨٤) و(١١٨٧)، والنسائي (٣٧٢٤) من طريق ابن شهاب الزهري سالم بن عبد الله، به. =

١٧٧٢ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن سعيدِ بنِ أبي سعيد المَقبُرِيِّ، عن عُبيد بنِ جُريج
أنه قال لعبدِ الله بنِ عمر: يا أبا عبدِ الرحمن، رأيتُك تَضنَعُ أربعًا لم أر أحدًا مِن أصحابك يَصْنَعُها، قال: ما هُن يا ابنَ جُرَيجٍ؟ قال: رأيتُك لا تَمَسُّ مِن الأركانِ إلا اليمانيَّينِ، ورأيتُك تلبس النعال السبْتِتَّة، ورأيتك تَصْبغُ بالصُّفرَةِ، ورأيتُك إذا كنت بمكة أهلَّ الناسُ إذا رأوا الهلالَ ولم تُهلَّ أنتَ حتى كان يَوْمُ الترويةِ، فقال عبد الله بن عمر: أما الأركانُ فإني لم أرَ رسول الله ﷺ يَمَسُّ إلا اليمانيين، وأما النعال السِّبتيَّة فإني رأيتُ رسولَ الله ﷺ يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضَّأ فيها، فأنا أُحِبُّ أن ألبسها، وأمَّا الصُفرة فإني رأيتُ رسولَ الله ﷺ يَصبغُ بها فأنا أُحِبَّ أن أصْبغَ بها، وأما الإهلالُ فإني لم أر رسولَ الله ﷺ يُهلُّ حتى تنْبعِثَ به راحلتُه (١).


= وأخرجه البخاري (١٥٥٣) و(٢٨٦٥)، ومسلم (١١٨٤)، وابن ماجه (٢٩١٦) من طريق نافع، ومسلم (١١٨٤) من طريق حمزة بن عبد الله بن عمر، كلاهما عن عبد الله ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٧٠)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٦٢).
وانظر ما بعده.
(١) إسناده صحيح.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٣٣، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٦٦)
و(٥٨٥١)، ومسلم (١١٨٧)، والنسائي في «الكبرى» (١١٧) و(٣٧٢٦) و(٣٩١٧).
ورواية بعضهم مختصرة.
وأخرجه مقطعًا ابن ماجه (٣٦٢٦)، والنسائي في «الكبرى» (١١٧) و(٣٧٢٦) و(٣٩١٧) من طرق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، به.

١٧٧٣ - حدَّثنا أحمد بنُ حنبل، حدَّثنا محمدُ بنُ بكير، حدَّثنا ابنُ جُريجٍ، عن محمد بنِ المنكدر
عن أنسٍ، قال: صلَّى رسولُ الله ﷺ الظهرَ بالمدينةِ أربعًا، وصَلَّى العصرَ بذي الحُليفة ركعتَيْنِ، ثم باتَ بذي الحُليفة حتى أصبح، فلما ركب راحِلَتَه واسْتَوَت بِهِ أهَلَّ (١).
١٧٧٤ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا رَوحٌ، حدَّثنا أشعثُ، عن الحسنِ


= وأخرجه مسلم (١١٨٧)، والنسائي في «الكبرى» (٩٣٠٦) من طريقين عن عُبيد ابن جريج، به.
وأخرجه البخاري (١٦٠٦) من طريق نافع، عن ابن عمر. مختصرًا بذكر الركنين اليمانيين.
وأخرجه النسائي (٣٧٢٥) من طريق نافع، عن ابن عمر. مختصرًا بذكر الإهلال عند الاستواء على الراحلة.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٧٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٦٣).
وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (٤٢١٠).
والنعال السبتية: هي المتخذة من جلد مدبوغ لا شعر فيه، وهي نعال أهل النعمة والسَّعةِ.
(١) إسناده صحيح. محمد بن بكر: هو البرساني، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز الأموي.
وأخرجه البخاري (١٥٤٦) من طريق هشام بن يوسف، عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٥٥١) من طريق أبي قلابة، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٠٤٠).
وقد سلفت قطعة الصلاة برقم (١٢٠٢)، وانظر ما بعده.

عن أنس بنِ مالك: أن النبيَّ ﷺ صلَّى الظهرَ، ثم رَكِبَ راحِلَته، فلما علا على جَبَلِ (١) البَيدَاء أَهَلَّ (٢).
١٧٧٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارِ، حدَّثنا وَهب - يعني ابنَ جرير - حدَّثنا أبي، سمعتُ محمد بنَ إسحاق يُحدث، عن أبي الزناد، عن عائشةَ بنتِ سعدِ بنِ أبي وقاصٍ، قالت:
قال سعدُ بن أبي وقَّاص: كان نبيُّ الله ﷺ إذا أخَذَ طَرِيقَ الفُرْعِ أهل إذا استقلَّتْ به راحِلَتُه، فإذا أخذ طَرِيقَ أُحد أهلَّ إذا أشْرَفَ على جَبَلِ البَيْدَاء (٣).


(١) في (أ) و(ب): حَبْل، بالحاء المهملة، والمثبت من (ج)، موافقًا لروايتي ابن داسه وابن الأعرابي فيما أشار إليه في (أ)، وهو كذلك في «مختصر المنذري»، وهو الموافق لما في «مسند أحمد» (١٣١٥٣)، فقد أخرج أبو داود هذا الحديث عنه كما ترى.
(٢) إسناده صحيح. رَوح: هو ابن عبادة بن العلاء القيسي، وأشعث: هو ابن عبد الملك الحُمراني، والحسن: هو البصري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٦٢٨) و(٣٧٢١) من طريق النضر بن شميل، عن أشعث، بهذا الإسناد. ولفظه: «أهل بالحج والعمرة».
وهو في: «مسند أحمد» (١٣١٥٣)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٣١).
وانظر ما قبله.
(٣) إسناده ضعيف. ابن إسحاق لم يصرّح بسماعه من أبي الزناد - وهو عبد الله ابن ذكوان. وقال الدارقطني فيما نقله عنه ابن طاهر في «أطراف الغرائب»١/ ٣٤١: تفرد به محمد بن إسحاق عن أبي الزناد. وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» ٥/ ١٠٩: فيه غرابة ونكارة.
وأخرجه البزار في «مسنده» (١١٩٨)، وأبو يعلى في «مسنده» (٨١٨)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٤٥٢، والبيهقي في«سننه» ٥/ ٣٨ - ٣٩، وابن عبد البر في «التمهيد» ٢٢/ ٢٨٨، والضياء في «المختارة» (١٠١٢) من طرق عن وهب بن جرير، بهذا =

٢١ - باب الاشتراط في الحج
١٧٧٦ - حدَّثنا أحمد بنُ حنبل، حدَّثنا عبادُ بن العوام، عن هلالِ بنِ خبّاب،
عن عِكرمة
عن ابن عباس: أن ضُباعَة بنتَ الزبيرِ بن عبدِ المطلب أتَتْ رسولَ الله ﷺ فقالت: يا رسول الله، إني أُرِيدُ الحج أأشترِطُ؟ قال «نَعَمْ» قالت: فكيف أقولُ؟ قال: «قُولي: لبيك اللهم لبيْكَ، ومحلِّي من الأرْضِ حَيْثُ حَبَسْتَني (١).

٢٢ - باب في إفراد الحج
١٧٧٧ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمة القعنبي، حدَّثنا مالك، عن عبد الرحمن ابنِ قاسم، عن أبيه


= الإسناد. ولفظ البزار:»وإذا أحد طريقًا آخر أهل«، وأبو يعلى والبيهقي والضياء بلفظ:»وإذا أخذ الطريق الأخرى أهل«، أما الحاكم فلم يذكر هذه القطعة.
الفرع، بضم الفاء وسكون الراء ويقال بضمها: موضع بأعالي المدينة واسع فيه مساجد لنبي ﷺ ومنابر وقرى كثيرة.
وانظر الكلام على اختلاف الأصول الخطية في ضبط كلمة»جبل البيداء«عند
الحديث السابق.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٢٠٨)، وابن ماجه (٢٩٣٨)، والتر مذي (٩٦١)، والنسائي في»الكبرى«(٣٧٣١) و(٣٧٣٢) و(٣٧٣٤) من طرق عن عكرمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٢٠٨)، وابن ماجه (٢٩٣٨)، والنسائى (٣٧٣٢) من طريق طاووس بن كيسان، ومسلم (١٢٠٨) والنسائي (٣٧٣١) من طريق سعيد بن جبير، ومسلم (١٢٠٨) (١٠٨) من طريق عطاء بن أبي رباح، ثلاثتهم عن ابن عباس.
وهو في»مسند أحمد«(٣٠٥٣) و(٣١١٧)، و»صحيح ابن حبان«(٣٧٧٥).
وانظر أقاويل أهل العلم في الاشتراط في» شرح السنة" ٧/ ٢٨٩.

عن عائشة: أنَ رسولَ اللهِ ﷺ أفْرَدَ الحجَّ (١).
١٧٧٨ - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ حدَّثنا حمادُ بنُ زيد (ح)
وحدَثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمّاد - يعني ابنَ سلمَة - (ح)
وحدَثنا موسى، حدَّثنا وُهَيب، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه
عن عائشة أنها قالتْ: خرجنا مع رسُولِ الله ﷺ مُوافِينَ هِلالَ ذي الحِجَّة، فلما كان بذي الحُلَيْفَةِ قال: «من شاء أن يُهِلَّ بحج فَلْيُهلَّ، ومَنْ شاء أن يُهِل بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ بعُمرة». قال موسى: في حديث وهيب: «فإني لولا أني أهْدَيْتُ لأهللتُ بعمرة» وقال في حديث حمَّاد بنِ سلمة: «وأما أنا فأُهِل بالحجِّ، فإن مَعِيَ الهَدْيَ» ثم اتفقوا: فكنتُ فيمن أهلَّ بُعْمرةٍ، فلما كان في بعض الطريق حِضْتُ، فدخل عليَّ رسول الله ﷺ وأنا أبكي،
فقال«ما يُبْكِيكِ؟» قلت: وَددتُ أني لم أكُنْ خرجتُ العامَ، قال: «ارفُضِي عُمَرَتَكِ، وانقُضي رأسك، وامتشِطِي» قال موسى: «وأهلِّي


(١) إسناده صحيح. القاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق.
وهو عند مالك في»الموطأ«١/ ٣٣٥، ومن طريقه أخرجه مسلم (١٢١١)، وابن ماجه (٢٩٦٤)، والترمذي (٨٣٣)، والنسائي في»الكبرى«(٣٦٨١).
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٦٥) والنسائي (٣٦٨٢) من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة.
وهو في»مسند أحمد«(٢٤٠٧٧)، و»صحيح ابن حبان«(٣٩٣٤).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (١٧٧٨ - ١٧٨٠).
قال الإمام الخطابي: لم تختلف الأمة في أن الإفراد والقِران والتمتع بالعمرة إلى الحج كلها جائزة، غير أن طوائف العلماء اختلفوا في الأفضل منها، فقال مالك والشافعي:
الإفراد أفضل، وقال أصحاب الرأي والثوري: القِرانُ أفضل، وقال أحمد بن حنبل: التمتع بالعُمرة إلى الحج هو الأفضل. وانظر لزامًا»زاد المعاد" ٢/ ١٧٧ - ١٨٧.

بالحجِّ» وقال سليمان: «واصنعي ما يصنعُ المسلمون في حَجهِمْ» فلما كان ليلةُ الصدَرِ أمَر - يعني - رسولُ الله ﷺ عبد الرحمن، فذهب بها إلى التنعيم. زاد موسى: فأهلَّت بعمرة مكانَ عُمرتها، وطافَتْ بالبيتِ، فقضى الله عمرتَها وحَجَّهَا (١).
قال هشام: ولم يَكُنْ في شيءِ مِنْ ذلك هَدْيٌ.
زادَ موسى في حديثِ حمَّاد بنِ سلمة: فلما كانت ليلةُ البطْحاء طَهُرَتْ عائِشَةُ.


(١) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد الباهلي، وعروة: هو ابن الزبير.
وأخرجه البخاري (٣١٧)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٨٣) مختصرًا من طريقين، عن حمّاد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٧٨٣) و(١٧٨٦)، ومسلم (١٢١١)، وابن ماجه (٣٠٠٠) من طرق عن هشام بن عروة، به. وبعضهم يختصره.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٥٨٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٩٢) و(٣٩٤٢).
وانظر ما سيأتى برقم (١٧٧٩ - ١٧٨٤).
ليلة الصدر وليلة البطحاء وليلة الحصبة، كل ذلك واحد وهي ليلة نزوله ﷺ بالمحصب ليلة النفر الآخر، وتلك ليلة الرابع عشر من ذي الحِجة والمحصب والأبطح والمُعرَّس وخيف بني كنانة واحد، وهو بطحاء مكة فيما بين مكة ومنى وهو إلى منى أقرب. وقوله: «ارفضي عمرتك»: اختلف الناس في معناه فقال بعضهم: اتركيها وأخريها على القضاء.
وقال الشافعي: إنما أمرها أن تترك العمل للعمرة من الطواف والسعي لا أنها تترك
العمرة أصلًا، وإنما أمرها أن تدخل الحج على العمرة، فتكون قارنة. «معالم السنن».
والتنعيم من الحل بين مكة وسرف، وسميت بذلك، لأن على يمينه جبل يقال له: نعيم وآخر يقال له: ناعم، والوادي: نعمان وهي على فرسخين من مكة، وقيل: على أربعة أميال.

١٧٧٩ - حدَّثنا القعنبيُّ عبدُ الله بن مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن أبي الأسود محمدِ بنِ عبد الرحمن بنِ نَوفَلِ، عن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ
عن عائشةَ زوجِ النبيِّ ﷺ، قالت: خرجنا مَعَ رسولِ الله ﷺ عامَ حجةِ الوَدَاع، فَمِنا مَنْ أهَلَّ بعُمرةٍ، ومِنا مَنْ أهلّ بحجِّ وعُمرةٍ، ومِنَّا من أهلَّ بالحجِّ، وأهلَّ رسولُ الله ﷺ بالحَج، فأمَّا مَن أهلَّ بالحج، أو جَمَعَ الحجَّ والعُمرةَ، فلم يحلُّوا حتى كان يَوم النحرِ (١).
١٧٨٠ - حدَّثنا ابن السَّرح، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني مالك
عن أبي الأسود، بإسنادِه مثلَه، زاد: فأما مَنْ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ فأحَل (٢).
١٧٨١ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن ابنِ شهاب، عن عُروةُ بن الزبير
عن عائشةَ زوجِ النبيِّ ﷺ أنها قالت: خرجنا مع رسولِ الله ﷺ في حجَّةِ الوداع فأهللنا بعُمرة، ثم قال رسولُ الله ﷺ: «من كان معه هَدْيٌ، فليُهِلَّ بالحج مع العمرةِ: ثم لا يحِلُّ حتى يحِل منهما جميعًا» فَقَدِمتُ مكةَ وأنا حائض، ولم أطُف بالبيتِ، ولا بين الصفا والمروةِ،


(١) إسناده صحيح.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٣٥، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٥٦٢) و(٤٤٠٨)، ومسلم (١٢١١)، والنسائي (٣٦٨٢). ورواية النسائي مختصرة.
وأخرجه مسلم (١٢١١) من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: منّا من أهلّ بالحج مفردًا، ومنّا من قرن، ومنّا من تمتع.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٧٦).
وانظر ما سلف برقم (١٧٧٧).
(٢) إسناده صحيح. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو الأموي، وابن وهب: هو عبدالله.
وانظر ما قبله.

فشكوتُ ذلك إلى رَسُولِ الله ﷺ فقال: «انقُضِي رأسَكِ، وامتشطِي وأهِلّي بالحجِّ، ودَعي العُمرَةَ» قالت: ففعلتُ، فلما قضينا الحجَّ أرسلني رسولُ الله ﷺ مع عبدِ الرحمن بنِ أبي بكر إلى التنعيمِ، فاعتمرتُ، فقال: «هذه مكانَ عمرتك» قالت: فطاف الذين أهلُّوا بالعُمرة بالبيتِ، وبين الصَّفَا والمروةِ، ثم حلُّوا ثم طافُوا طوافًا آخر بَعْدَ أن رجعوا مِن منى لِحَجِّهم، وأما الذين كانوا جمعوا الحجَ والعُمْرَة. فإنما طافُوا طَوافًا واحِدًا (١).


(١) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري،
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٤١٠ - ٤١١، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٥٥٦) و(١٦٣٨) و(٤٣٩٥)، ومسلم (١٢١١)، والنسائى في «الكبرى» (٣٧٣٠) و(٣٨٩٥).
وأخرج بنحوه البخاري (٣١٦) و(٣١٩)، ومسلم (١٢١١)، والنسائي في «المجتبى» (٢٩٩١) من طرق عن ابن شهاب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٤٤١)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩١٢) و(٣٩١٧).
وانظر ما سلف برقم (١٧٧٨).
قال الخطابي تعليقًا على قولها: وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا: هذا يؤكد معنى ما قلناه من إجزاء الطواف الواحد للقارن، وهو مذهب عطاء ومجاهد والحسن وطاووس، وبه قال مالك والشافعي وأحمد ابن حنبل وإسحاق بن راهويه. وعن الشعبي: أن القارن يطوف طوافين وهو قول أصحاب الرأي، وكذلك قال سفيان الثوري.
وقال ابن القيم في «تهذيب السنن» ٢/ ٣٨٢ - ٣٨٣: اختلف العلماء في طواف
القارن والمتمتع على ثلاثة مذاهب:
أحدها: أن على كل منهما طوافين وسعيين، روي ذلك عن على وابن مسعود، وهو قول سفيان الثوري وأبي حنيفة وأهل الكوفة والأوزاعي، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد. =

قال أبو داود: رواه إبراهيمُ بنُ سعْد ومعمر عن ابنِ شهاب، نحوَه لم يذكروا طوافَ الذين أهلُّوا بعُمرةٍ وطواف الذين جمعوا الحجَّ والعمرة (١).
١٧٨٢ - حدَّثنا أبو سلمة موسى بنُ اسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن عبدِ الرحمن ابنِ القاسِم، عن أبيه
عن عائشةَ أنها قالت: لبينا بالحج، حتى إذا كنا بِسَرِفَ حِضْتُ، فدخل عليَّ رسول الله ﷺ وأنا أبكي، فقال: «ما يُبكيكِ يا عائشة؟» فقلت: حِضتُ، ليتَني لم أكن حججتُ، فقال: «سبحان الله! إنما ذلك شيءٌ كتبه اللهُ على بناتِ آدم» فقال: «انسكي المناسك كُلَّها غير أن لا تطوفي بالبيتِ» فلما دخلنا مكة قال رسولُ الله ﷺ: «من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عُمرة، إلا مَن كان معه الهدي» قالت: وذبحَ رسولُ الله ﷺ عن نسائه البقَر يومَ النحرِ، فلما كانت ليلةُ البطحاء وطهُرَت عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسولَ الله، أترجِع صَواحِبي بحَجٍّ وعُمرة وأرجع أنا بالحجٍّ؟ فأمرَ رسولُ الله ﷺ عبدَ الرحمن بنَ أَبي بكر، فذهب بها إلى التنعيمِ، فلبَّتْ بالعُمرة (٢).


= الثاني: أن عليهما كليهما طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا، نص عليه الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله، وهو ظاهر حديث جابر.
الثالث: أن على المتمتع طوافين وسعيين، وعلى القارن سعي واحد، وهذا هو المعروف عن عطاء وطاووس والحسن، وهو مذهب مالك والشافعي وظاهر مذهب أحمد.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من روايتي ابن داسه وابن الأعرابي، وقد أشار إليها الحافظ في هامش نسخته التي رمزنا لها بالرمز (أ)، وصحح عليها.
(٢) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، والقاسم: هو ابن محمد التيمي. =

١٧٨٣ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جرير، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن الأسودِ
عن عائشة قالت: خرجنا مع رسولِ الله ﷺ ولا نرى إلا أنه الحجُّ، فلما قدمنا تطوَّفنا بالبيتِ، فأمر رسولُ الله ﷺ من لم يكُنْ ساقَ الهدي أن يحِلَّ، فأحلَّ من لم يكُنْ ساقَ الهديَ (١).
١٧٨٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس، حدَّثنا عثمان بن عمر، أخبرنا يونس، عن الزهريِّ، عن عُروةُ


= وأخرجه مسلم (١٢١١) من طريق بَهز بن أسد، عن حمّاد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٩٤) و(٣٠٥) و(١٦٥٠) و(٥٥٤٨) و(٥٥٥٩)، ومسلم (١٢١١) وابن ماجه (٢٩٦٣)، والنسائي في «الكبرى» (٢٧٩) و(٣٧٠٧) و(٣٨٩٣) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، به.
وأخرجه البخاري (١٥١٨) و(١٥٦٠) و(١٧٨٨)، ومسلم (١٢١١) من طرق عن القاسم، به.
وأخرجه البخاري (٢٩٨٤) من طريق ابن أبي مليكة، والترمذي (٩٦٥) من طريق الأسود بن يزيد، كلاهما عن عائشة. مختصرًا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٨٣٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٩٥) و(٤٠٠٥).
وانظر ما سلف برقم (١٧٧٨).
(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر السلمي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي.
وأخرجه البخاري (١٥٦١) و(١٧٦٢)، ومسلم (١٢١١) وبإثر (١٣٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٧١) و(٣٦٨٤) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٢١١) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، به ولم يسُق لفظه.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٩٠٦).
وانظر ما سلف برفم (١٧٧٨).

عن عائشة، أن رسولَ الله ﷺ قال: «لو استقبلتُ من أمري ما استدبَرتُ لما سُقْتُ الهديَ - قال محمد: أحسبه قال: - ولَحَلَلْتُ مع الذينَ أحلُوا مِن العُمرة» قال: أرادَ أن يكونَ أمرُ الناس واحدًا (١).
١٧٨٥ - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا الليث، عن أبي الزُّبير
عن جابر، قال: أقبلنا مُهلّين مع رسول الله ﷺ بالحجِّ مُفرِدًا، وأقبلت عائشة مُهلَّةً بعُمرة، حتى إذا كانت بسَرِفَ عَرَكَت، حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة، وبالصفا والمروة، فأمرنا رسولُ الله ﷺ أن يحِلَّ منا من لم يكن معه هديٌ، قال: فقلنا: حِلُّ ماذا؟ فقال: «الحِلُّ كُلُه» فواقعنا النساء، وتطيبنا بالطيب، ولبسنا ثيابنا، وليس بيننا وبين عرفة إلا أربعُ ليال، ثم أهللنا يومَ التروية، ثم دخلَ رسولُ الله ﷺ على عائشة فوجدها تَبكي، فقال: «ما شانُك؟» قالت: شأني أني قد حِضْتُ، وقد حَلَّ الناسُ ولم أحللْ، ولم أطُف بالبيت، والناسُ يذهبون إلى الحجِّ الآن، قال: «إن هذا أمرٌ كتبه اللهُ على بناتِ آدم، فاغتسلي، ثم أهلِّي بالحج»، ففعلَتْ ووقَفَت المواقف، حتى إذا طَهُرَتْ طافَتْ بالبيت وبالصَّفا والمروةِ، ثم قال: «قد حللت مِن حَجِّكِ وعُمْرتك


(١) إسناده صحيح. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب القرشي، وعروة: هو ابن الزبير.
وأخرجه البخاري (٧٢٢٩) من طريق عقيل بن خالد، عن الزهري، به.
وأخرجه مسلم (١٢١١) من طريق ذكوان مولى عائشة، عن عائشة، به.
وهو في»مسند أحمد" (٢٦٠٩٤).
وانظر ما سلف برقم (١٧٧٨).

جميعًا» قالت: يا رسول الله، إني أجِدُ في نفسي أني لم أَطُفْ بالبيتِ حين حججتُ، قال: «فاذهبْ بها يا عبد الرحمن، فأعْمِرْها مِن التنعيم» وذلك ليلةَ الحصْبة (١).
١٧٨٦ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل ومُسدَد قال: حدَّثنا يحيي بنُ سعيدٍ، عن ابنِ جريج، أخبرني أبو الزبير
أنه سمع جابرًا قال: دخل النبي ﷺ على عائشة، ببعضِ هذه القِصَّةِ، قال عندَ قوله: «وأهلّي بالحج»: «ثم حُجِّي واصْنَعِي ما يصنعُ الحاجُّ غير أن لا تطُوفي بالبَيتِ ولا تُصَلِّي» (٢).


(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي. وقد رواه عن أبي الزبير هنا الليث وهو لم يرو عنه إلا ما ثبت سماعه له من جابر.
وأخرجه مسلم (١٢١٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٢٩) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٢١٣) من طرق عن أبي الزبير، به. وزاد في بعض طرقه:
أمرنا رسول الله ﷺ أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٣٢٢) و(١٥٢٤٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٢٤).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (١٧٨٦ - ١٧٨٩)، و(١٩٠٥) مطولًا.
وقوله: عركت: معناه: حاضت، يقال: عركت المرأة تَعرُكُ: إذا حاضت، وامرأة عارك، ونساء عوارك.
وقولها: ليلة الحصبة، أي: ليلة قيام رسول الله ﷺ في المحصَّب، وتلك ليلة الرابع عشر من ذي الحجة. والمشهور في الحصبة بسكون الصاد وجاء فتحها وكسرها وهي أرض ذات حصى.
(٢) إسناده صحيح. ابن جريج وأبو الزبير صرحا بالسماع. يحيي بن سعيد: هو القطان. =

١٧٨٧ - حدَّثنا العباسُ بنُ الوليد بنِ مَزيَدٍ، أخبرني أبي، حدثني الأوزاعيُّ، حَدَثني مَن سَمعَ عَطَاءَ بنَ أبي ربَاحٍ
حدثني جَابِرُ بنُ عبد الله قال: أهللنا مَعَ رسول الله ﷺ بالحجِّ خالصًا لا يُخالطه شيءٌ، فَقَدِمْنَا مكةَ لأربع ليالٍ خَلَوْن مِن ذي الحِجَّة، فطُفنا وسعينا ثم أمَرَنَا رسولُ اللهِ ﷺ أن نحِلَّ، وقال: «لولا هَدْيي لَحَلَلْتُ» (١)، ثم قام سُراقةُ بنُ مالك فقال: يا رسولَ اللهِ، أرأَيتَ مُتْعتنا هذه ألعَامِنَا هذا أم لِلأبدِ؟ فقال رسولُ الله ﷺ: «بَل هِيَ للأبدِ» قال الأوزاعيُّ: سمعتُ عطاءَ بنَ أبي رباح يُحدث بهذا، فلم أحفظه، حتى لقيتُ ابن جريج فَأثْبَتَهُ لِي (٢).


= وأخرجه مسلم (١٢١٣) من طريق محمد بن بكر، والنسائى في «الكبرى» (٤٢١٧) من طريق ابن أبى زائدة، كلاهما عن ابن جريج، به. ورواية النسائي مختصرة بقصة إرسالها إلى التنعيم مع أخيها، ولم يسق مسلم لفظه.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٣٢٢).
وانظر ما قبله.
(١) في (أ): لأحللتُ.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف فيه راو لم يُسم. الوليد: هو ابن مَزيَد العُذْري، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٨٠) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله.
وأخرجه البخاري (١٥٥٧) و(١٥٦٨) و(٢٥٠٥) و(٢٥٠٦)، ومسلم (١٢١٦)،
والنسائي في «الكبرى» (٣٧٧٣) و(٣٩٧١) من طريق عطاء بن أبي رباح، به. ولفظه عند البخاري في الموضع الأول: أمر النبي ﷺ عليًا أن يقيم على إحرامه، وذكر قول سراقة.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٠٩)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٩١) و(٣٩٢١).
وانظر ما سلف برقم (١٧٨٥).

١٧٨٨ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادُ، عن قيسِ بنِ سعدٍ، عن عطاء بنِ أبي رباحٍ
عن جابر قال: قَدِمَ رسولُ الله ﷺ وأصحابُه لأربَعٍ خَلَوْنَ مِن ذِي الحِجَّة، فلما طافُوا بالبيتِ وبالصَّفا والمروةِ، قال رسولُ الله ﷺ: «اجعلُوها عُمرةَ إلا مَنْ كان معه الهَديُ» فلمَّا كان يَومُ الترويةِ، أهلُّوا بالحَجَّ، فلمَّا كان يومُ النحر قَدِمُوا فطافُوا بالبيتِ، ولم يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفا والمروة (١).
١٧٨٩ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عَبْدُ الوهاب الثقفيُّ، حدَّثنا حبيب - يعني المُعَلِّمَ - عن عطاء
حدَّثني جابر بن عبد الله: أن رسولَ الله ﷺ أهل هو وأصحابُه بالحجِّ، ولَيْسَ مع أحدٍ منهم يومئذٍ هَديٌ، إلا النبي ﷺ وطلحةَ، وكان عليٌ رضي الله عنه قَدِمَ مِن اليمن ومعه الهدْيُ، فقال: أهللتُ بما أهلَّ به رسولُ الله ﷺ، وإنَّ النبي ﷺ أمر أصحابه أن يجعلوها عمرةَ: يطوفوا، ثم يقصَّروا ويحِلُّوا، إلا من كان مَعَهُ الهَدْيُ فقالوا: أننطلِق إلى منًى وذكورُنا تَقْطُرُ؟! فبلغ ذلك رسولَ الله ﷺ، فقال: «لو


(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة البصري، وقيس بن سعد: هو الحبشي.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٤١٥٧) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٥٦٨)، ومسلم (١٢١٦)، والنسائي (٣٩٧١) من طرق عن عطاء بن أبي رباح، به.
وهو في»مسند أحمد«(١٤٩٠٥)، و»صحيح ابن حبان" (٣٧٩١).
وانظر ما سلف برقم (١٧٨٥) و(١٧٨٧).

أنَّي استقبلْتُ من أمرِي ما استدبرتُ ما أهدَيْتُ، ولولا أن مَعِيَ الهَدْيَ لأحللتُ» (١).
١٧٩٠ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، أن محمدَ بنَ جعفر حدَّثهم، عن شُعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ
عن ابن عباس، عن النبيِّ ﷺ أنه قال: «هذه عُمَرَةٌ استمتَعْنَا بها، فمن لم يكن عنده هدْيٌ فليحِلَّ الحِلَّ كُلَّه، وقَد دَخَلَتِ العُمْرَةُ في الحجِّ إلى يَوْمِ القِيامَه» (٢).


(١) إسناده صحيح. حبيب المعلّم: هو ابن أبي قريبة زائدة - ويقال: زيد - مولى معقل بن يسار.
وأخرجه البخاري (١٦٥١) و(١٧٨٥) و(٧٢٣٠) من طريق حبيب المعلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٥٠٥) و(٢٥٠٦) و(٧٣٦٧) من طريق عطاء بن أبي رباح،
بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٤٣٥٢)، والنسائى في «الكبرى» (٣٧١٠) من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن جابر مختصرًا بذكر قدوم علي وإهلاله بمثل ما أهل به رسول الله ﷺ.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٢٧٩).
وانظر ما سلف برقم (١٧٨٥) و(١٧٨٧).
قال أبو داود في رواية أبي عيسى الرملي عنه: يعني بذكورنا تقطُر: قرب العهد بالنساء.
(٢) إسناده صحيح. الحكم: هو ابن عتيبة الكندي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي.
وأخرجه مسلم (١٢٤١)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٨١) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد ورواية النسائي دون قوله: «إلى يوم القيامة».
وأخرجه الترمذي (٩٥٠) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، به. مختصرًا بقوله: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة»، وقال: حديث حسن. =

قال أبو داود: هذا منكر (١)، إنما هو قولُ ابن عباس.
١٧٩١ - حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بنُ معاذ، حدثني أبي، حدَّثنا النهاسُ، عن عطاء
عن ابنِ عباس، عن النبي ﷺ قال: «إذا أهَلَّ الرجلُ بالحجِّ، ثم قَدِمَ مكة فطاف بالبيتِ وبالصَّفا والمروةِ فقد حَلَّ، وهي عُمْرَةٌ» (٢).


= وأخرجه بنحوه بذكر أمره ﷺ بالإحلال لمن ليس معه هدي: البخاري (١٠٨٥) و(١٥٤٥) و(١٥٧٢)، ومسلم (١٢٣٩) و(١٢٤٠)، والنسائي في«الكبرى» (٣٧٨٢) من طرق عن ابن عباس ولم يذكروا قوله: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة».
وهو في «مسند أحمد» (٢١١٥).
وانظر تالِييه.
(١) قال المنذري في «مختصر السنن»: وفيما قاله أبو داود نظر، وذلك أنه قد رواه أحمد بن حنبل، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وعثمان بن أبي شيبة، عن محمد بن جعفر عن شعبة مرفوعًا، ورواه يزيد بن هارون ومعاذ العنبري وأبو داود الطيالسي، وعمرو بن مرزوق عن شعبة مرفوعًا، وتقصير من يقصر فيه من الرواة لا يؤثر فيما أثبته الحفاظ.
وقال ابن القيم: والتعليل الذي تقدم لأبي داود في قوله: هذا حديث منكر، إنما هو لحديث عطاء هذا، عن ابن عباس يرفعه: «إذا أهل الرجل بالحج» فإن هذا قولُ ابن عباس الثابت عنه بلا ريب، رواه عنه أبو الشعثاء وعطاه وأنس بن سليم وغيرهم من كلامه، فانقلب على الناسخ، فنقله إلى حديث مجاهد عن ابن عباس، وهو إلى جانبه، وهو حديث صحيح، لا مطعن فيه ولا علة، ولا يعلِّل أبو داود مثلَه، ولا من هو دونَ أبي داود، وقد اتفق الأئمة الأثبات على رفعه، والمنذري رحمه الله رأى ذلك في«السنن»، فنقله كما وجده، والأمر كما ذكرناه، والله أعلم.
(٢) إسناده ضعيف، لضعف النهاس - وهو ابن قَهْم -. معاذ: هو ابن معاذ العنبري التميمي، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وانظر ما قبله.
وأخرجه أحمد (٢٢٢٣) ومن طريقه الطبراني في«الكبير» (١١٤٨٣) من طريق حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء، عن ابن عباس قال: من قدم حاجًا، وطاف بالبيت =

قال أبو داود: رواه ابنُ جريج [عن رجل] عن عطاءٍ: دخل
أصحابُ النبي ﷺ مُهلِّيِن بالحج خالصًا، فجعلها النبي ﷺ عُمرةً.
١٧٩٢ - حدَّثنا الحسنُ بنُ شَوكَر وأحمد بن منيع، قالا: حدَّثنا هُشيمٌ، عن يزيدَ بن أبي زياد - قال ابن منيع: أخبرنا يزيدُ بن أبي زياد، المعنى - عن مجاهد
عن ابنِ عباس، قال: أهلَّ النبي ﷺ بالحجِّ، فلما قدم طاف بالبيت وبين الصفا والمروة - وقال ابن شَوْكر: ولم يقصِّرْ، ثم اتفقا - ولم يحِلّ مِن أجل الهدي، وأَمَرَ مَنْ لم يكُنْ ساقَ الهديَ أن يطوفَ، وأن يسعى ويُقصّر ثم يحِلَّ - زاد ابنُ منيعٍ في حديثه: أو يحلق ثم يُحِل - (١).
١٧٩٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهب، أخبرنى حَيوةُ،
أخبرنى أبو عيسى الخراسانيُّ، عن عبد الله بنِ القاسم، عن أبيه (٢)، عن سعيدِ
ابنِ المسيب:


= وبين الصفا والمروة، فقد انقضت حجته، وصارت عمرة، كذلك سنة الله عز وجل وسنة رسوله ﷺ. وفي إسناده عبد الله بن ميمون الرقي شيخ أحمد لم يُذكر بجرح ولا تعديل.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد القرشي الهاشمي، وله طرق يتقوى بها، انظرها في «المسند» (٢٢٤١) و(٢٢٧٤) و(٢٣٦٠) و(٢٦٤١). هشيم: هو ابن بشير السلمي، وابن منيع: هو أحمد البغوي.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٥٢).
وانظر ما سلف برقم (١٧٩٠).
قال السندي: وحاصل الحديث أنه أمر من لم يُسقِ الهدى بالفسخ، وبقي هو محرمًا لأجل الهدى.
(٢) قوله: عن أبيه، أثبتناه من نسخة (هـ) وهي برواية ابن داسه، وقد أخرجه ابن حزم في «حجة الوداع» برقم (٥٥١) من طريق ابن داسه كذلك، فذكر القاسم أبا عبد الله. =

أن رجلًا مِن أصحابِ النبيَّ ﷺ أتى عُمَرَ بنَ الخَطَابِ رضي الله عنه، فَشَهِدَ عندَه. أنه سَمعَ رسولَ الله ﷺ في مرضه الذي قُبِضَ فيه ينهى عن العُمرةِ قبلَ الحجِّ (١).
١٧٩٤ - حدَّثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمةَ، حدَّثنا حمادٌ، عن قتادةَ، عن أبي شيخ الهُنائي - حيوان بن خَلْدةِ (٢) ممَن قرأ على أبي موسى الأشعري من أهلِ البصرةِ -


= ولم يرد ذكره عندنا في (أ) و(ج) وهما برواية أبي علي اللؤلؤي، ولهذا لم يذكره المزي في «تحفة الأشراف» ١١/ ١٥٦، واستغربه الحافظ في «النكت الظراف» بعد أن نقل عن ابن القطان إثباته في إسناد أبي داود. ولا غرابة فيه، لأنه ثابت في رواية ابن داسه. والله أعلم.
(١) ضعيف، وقال ابن القطان في «الوهم والإيهام» ٣/ ٤٥١: أبو عيسى الخراساني مجهول، وعبد الله بن القاسم وأبوه أيضًا لا تعرف أحوالهما، وأعله المنذري بالانقطاع، فقال: سعيد بن المسيب لم يصح سماعه من عمر بن الخطاب، وقال الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال، وقد اعتمر رسول الله ﷺ عمرتين قبل حجه، والأمر الثابت المعلوم لا يترك بالأمر المظنون، وجواز ذلك إجماع من أهل العلم لم يذكر فيه خلاف.
وقال ابن القيم: وهذا الحديث باطل ولا يحتاج تعليله إلى عدم سماع ابن المسيب عن عمر، فإن ابن المسيب إذا قال: قال رسول الله، فهو حجة، قال الإمام أحمد: إذا لم يُقبل سعيد بن المسيب عن عمر فمن يقبل.
وقال أبو محمد بن حزم: هذا حديث في غاية الوهي والسقوط، لأنه مرسل عمن لم يسم، وفيه ثلاثة مجهولون: أبو عيسى الخراساني، وعبد الله بن القاسم، وأبوه.
وأخرجه البيهقي في «سننه» ٥/ ١٩ من طريق أبى داود، بهذا الإسناد.
(٢) كذا جاء اسمه في (أ): حيوان بن خَلدة، وإنما هو ابن خالد، كما جاء في مصادر ترجمته، وكذا سمَّى أباه خالدًا أصحاب كتب المشتبه، كالدارقطي وابن ماكولا والذهبي وابن ناصر وابن حجر! وكلهم سموه: حيوان، بالحاء المهملة، وكذلك سماه البخاري في «تاريخه الكبير».

أن معاويةَ بن أبي سُفيان قال لأصحابِ النبيِّ ﷺ: هل تعلمون أن رسولَ الله ﷺ نهى عن كذا وكذا، وعن ركوبِ جلودِ النُّمور؟ قالوا: نَعَم، قال: فتعلمون أنه نهى أن يكرن بينَ الحجِّ والعُمرة؟ فقالوا: أما هذا فلا، فقال: أما إنها مَعَهُنَّ، ولكنَكُم نَسِيتُمْ (١).

٢٣ - باب في الإقران
١٧٩٥ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا هُشيم، أخبرنا يحيى بن أبي إسحاقَ وعبدُ العزيز بنُ صُهيب وحُميدٌ الطويلُ


(١) إسناده حسن من أجل أبي شيخ الهنائي حيوان بن خلدة فإنه حسن الحديث.
حماد: هو ابن سلمة البصري، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٢١٧) و(١٩٩٢٧)، وأحمد في «مسنده» (١٦٨٣٣) و(١٦٨٦٤) و(١٦٩٠٩)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (٤١٩)، والطحاوي في«شرح مشكل الآثار» (٣٢٥٠)، والطبرانى في«المعجم الكبير» ١٩/ ٨٢٤ و٨٢٧ و٨٢٨ من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد. وبعضهم يختصره. ورواية عبد الرزاق الثانية، وأحمد (١٦٨٦٤)، والطبراني ١٩/ ٨٢٤ بلفظ: «نهى عن متعة الحج».
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» ١٩/ ٨٢٩ من طريق بيهس بن فهدان، عن أبي شيخ، به. مختصرًا.
وانظر ما سيأتي برقم (٤١٢٩) و(٤١٣١).
وقوله: «أما إنهن معهن» قال السندي: أى: هذه الخصلة وهي الجمع، أو إن المتعة لمعهن، أى: مع الخصال المنهي عنها، ولا يخفى أن يبعد كونها معهن، وقد جاء بها الكتاب والسنة، وقد فعل هو ﷺ، وفعل الصحابة معه في حجة الوداع، ولا يمكن حمل الحديث على أنه كذب في ذلك، فالوجه أن يقال: لعله اشتبه عليه بأن سمع النهي عن المتعة، فزعم أن المراد متعة الحج فكان المراد متعة النساء، وذلك لأن النهي كان في مكة، فزعم أن المناسب بها ذكر المناسك، ويحتمل أنه رأى أن نهي عمر وعثمان عنه لا يمكن بلا ثبوت نهي من النبي ﷺ عنه عندهما، وقد ثبت عنده النهي منهما. فبنى على ذلك ثبوت النهي من النبي ﷺ، والله تعالى أعلم.

عن أنس بنِ مالك، أنهم سَمِعُوه يقولُ: سمعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُلبِّي بالحجِّ والعُمرَةِ جميعًا يقولُ: «لبَّيك عُمرةً وحَجًّا، لبَّيك عُمرةً وحجًّا» (١).
١٧٦٩ - حدَّثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، حدَّثنا وُهَيب، حدَّثنا أيوبُ، عن أبي قِلابة
عن أنس: أن النبي ﷺ باتَ بها - يعني بذي الحليفة - حتَى أصبَحَ،
ثم رَكِبَ، حتى إذا استَوَتْ بهِ على البيداء حَمِدَ الله وسبَّحَ وكبَّر، ثم أهل بِحَجَّ وعُمرةٍ، وأهل الناسُ بهما، فلما قَدِمنَا أمر الناسَ فَحَلُّوا،


(١) إسناده صحيح، وقد صرح حميد الطويل بسماعه من أنس عند مسلم وغيره،
وكذلك قد رواه عن بكر بن عبد الله عن أنس كما سيأتي، فيكون هذا من المزيد في
متصل الأسانيد. هشيم: هو ابن بشير السلمي.
وأخرجه مسلم (١٢٥١)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٩٥) من طرق عن هشيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٢٥١) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن يحيي بن أبي إسحاق وحميده عن أنس.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٦٨) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن يحيي بن
أبي إسحاق، عن أنس.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٦٩)، والترمذي (٨٣٥) من طريقين عن حميد، عن أنس.
وأخرجه مسلم (١٢٣٢) (١٨٥)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٩٧) من طريق حميد الطويل، ومسلم (١٢٣٢) (١٨٦) من طريق حبيب بن الشهيد، كلاهما، عن بكر بن عبد الله المزنى، عن أنس.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٦٩٦) من طريق أبي أسماء، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٥٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٣٠) و(٣٩٣٢). وانظر ما بعده.

حتَى اذا كان يومُ التروية أهلُّوا (١) بالحج، ونحر رسول الله ﷺ سبع بدَنات بيده قيامًا (٢).
قال أبو داود: الذي تَفَرَّدَ به - يعني أنسًا - من هذا الحديثِ أنه بدأ بالحمدِ والتسبيحِ والتكبيرِ ثم أهلَّ بالحجِّ (٣).


(١) في (أ) و(ج): أهلَّ بالحج، على صيغة الإفراد، والمثبت من (هـ) وهي برواية أبي بكر ابن داسه، وقد أشار الحافظ إلى أنها كذلك في رواية ابن الأعرابي، وقد أخرج البخاري الحديث (١٥٥١) عن موسى بن إسماعيل، كما رواه ابن داسه وابن الأعرابي.
(٢) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد الباهلي، وأيوب: هو السختياني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي.
وأخرجه البخاري (١٥٥١) و(١٧١٢) و(١٧١٤) من طريقين عن وهيب، بهذا الإسناد. وروايته الثانية مختصرة. بذكر نحره ﷺ سبع بدن قيامًا، وزاد فيه: وضحى بالمدينة كبشين أملحين أقرنين.
وأخرجه مختصرًا بذكر المبيت بذي الحليفة: البخاري (١٥٤٧) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن أيوب، به.
وأخرجه مختصرًا أيضًا البخاري (٢٩٨٦) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: كنت رديف أبي طلحة، وإنهم ليصرخون بهما جميعًا: الحج والعمرة.
وأخرج مختصرًا بذكر المبيت بذي الحليفة البخاري (١٥٤٦) من طريق محمد بن المنكدر، وبذكر إهلاله ﷺ بالحج والعمرة (٤٣٥٣) و(٤٣٥٤) من طريق بكر بن عبد الله، كلاهما عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٨٣١)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠١٩).
وستأتي قصة النحر والأضجة برقم (٢٧٩٣).
وانظر ما قبله.
(٣) قول أبي داود هذا أثبتناه من نسخة على هامش (أ)، وهي في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي.

١٧٩٧ - حدَّثنا يحيى بنُ معينٍ، حدَّثنا حجاجٌ، حدَّثنا يونس، عن أبي إسحاقَ عن البراء بن عازِبٍ، قال: كنتُ مع علي رضي الله عنه حينَ أمَّره رسول الله ﷺ على اليَمَنِ، قال: فأصبتُ معه أواقي (١)، قال: فلما قَدِمَ عليٌّ من اليمن على رسولِ الله ﷺ وَجَدَ فاطمة رضي الله عنها قد لبست ثيابًا صَبيغًا، وقد نضَحَتِ البيتَ بِنَضُوحٍ، فقالت: ما لك؟ فإن رسول الله ﷺ قد أمر أصحابه فأحلُّوا؟ قال: قلت لها: إني أهللتُ بإهلالِ النبيِّ ﷺ، قال: فأتيتُ النبيَّ ﷺ قال لي رسول الله: «كيف صنعتَ؟» قال: قلتُ: أهللتُ بإهلالِ النبي ﷺ، قال: «فإني قد سُقْتُ الهديَ وقَرَنْتُ» قال: فقال لي: «انْحَرْ مِن البُدْنِ سبعًا وستينَ، أو ستًا وستينَ، وأمسِك لِنفسك ثلاثًا وثلاثين، أو أربعًا وثلاثين، وأمسِكْ لي مِن كلِّ بَدَنَةٍ منها بَضْعةً» (٢).


(١) في (أ) و(ج): أواقًا، والمثبت من (هـ) وهو الجادة.
(٢) إسناده حسن. يونُس - وهو ابن أبي إسحاق السبيعي - صدوق حسن الحديث. حجاج: هو ابن محمد المِصِّيصي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٦٩١) و(٣٧١١) من طريق يحيي بن معين، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٤٣٤٩) من طريق يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي، عن أبيه، به. بلفظ: بعثنا رسول الله ﷺ مع خالد بن الوليد إلى اليمن، قال: ثم بعث عليًا بعد ذلك مكانه فقال: «مُرْ أصحاب خالد من شاء منهم أن يُعَقِّب معك فليُعَقِّب، ومن شاء فليقبل فكنت فيمن عقب معه» قال: فغنمتُ أواقيَ ذوات عددٍ.
وقوله: انحر من البدن سبعًا وستين أو ستًا وستين ... قال صاحب «بذل المجهود»:
يخالفه ما في «صحيح مسلم» (١٢١٨): فنحر ثلاثًا وستين (أي: بيده) وأعطى عليًا فنحر ما غَبر، قال النووي والقرطبى ونقله القاضي عن جميع الرواة أن هذا هو الصواب لا ما وقع في رواية أبي داود.

١٧٩٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جريرُ بنُ عبدِالحميد، عن منصور، عن أبي وائل، قال:
قال الصُّبَيُّ بن معبد: أهللتُ بهما معًا، فقال عمر: هُدِيتَ لِسُنَّة نبيكَ ﷺ (١).
١٧٩٩ - حدَّثنا محمد بن قدامة بن أعين وعثمان بن أبي شيبةَ [المعنى] قالا: حدَّثنا جرير بن عبدِ الحميد، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، قال:
قال الصُّبَيُّ بنُ معبدٍ: كنت رجلًا أعرابيًا نصرانيًا، فأسلمتُ، فأتيتُ رجلًا مِن عشيرتي يقال له: هُدَيم بن ثُرْمُلة (٢)، فقلتُ: يا هنَاه،


(١) إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر السُّلَمي، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي.
وهو في «مسند أحمد» و«صحيح ابن حبان» (٣٩١٠).
وانظر ما بعده.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) وحدها وهي برواية ابن داسه، وقد أشار المزي في «تحفة الأشراف» ٨/ ٢٩ - ٣٠، وكذا الحافظ في «النكت الظراف» إلى هذه الرواية المختصرة عند أبي داود، وهي مختصرة من الحديث التالي الذي رواه المصنف عن عثمان ابن أبي شيبة ومحمد بن قدامة بن أعين مطولًا، واقتصر في (أ) و(ج) على الرواية المطولة.
(٢) هذا الرجل اختلف في اسمه، فقد جاء في (أ) و(ب): هريم، بالراء المهملة، وجاء في (ج) و(هـ): هُدَيم، بالدال المهملة، وهو الصواب كما جاء في مصادر ترجمته وكتب المشتبه، وكما جاء في مصادر تخريج الحديث إلا في «المجتبى» للنسائي، فقد تحرف فيها إلى: هريم، بالراء المهملة، وصوبناه من «الكبرى». واختلف في اسم أبيه أيضًا، فالذي جاء في أصولنا الخطية: ابن ثُرمُلة، وجاء في نسخة على هامش (ب): ابن عبد الله، وبهذا سماه البخاري في «تاريخه» ٨/ ٢٥٠، وكذلك جاء اسمه عند النسائي في «الكبرى»، وابن خزيمة. قال العظيم آبادي: ابن ثرملة، بالثاء المثلثة ثم الراء المهملة ثم الميم، هكذا في بعض النسخ، وهو غلط، فإنه هُدَيم بن عبد الله كما في رواية النسائي ...

إني حريصٌ على الجهاد وإني وجدت الحجَّ والعمرة مكتوبينِ عليَّ، فكيف لي بأن أجمعهما؟ قال: اجمعهما واذبح ما استيسر من الهدي، فأهللتُ بهما معًا، فلمّا أتيت العُذيبَ لقيني سلمانُ بنُ ربيعة وزيدُ بنُ صُوْحانَ وأنا أهِلُّ بهما جميعًا فقال أحدهما للآخر: ما هذا بأفقه مِن بعيره، قال: فكأنما أُلقِيَ عليَّ جَبَلٌ حتى أتيتُ عمرَ بنَ الخطاب رضي الله عنه، فقلت له: يا أميرَ المؤمنين إني كنتُ رجلًا أعرابيًا نصرانيًا، وإني أسلمتُ، وأنا حريص على الجهاد، وإني وجدتُ الحجَّ والعُمرةَ مكتوبين عليَّ، فأتيتُ رجلًا من قومي فقال لي: اجمعهما واذبحْ ما استيسرَ من الهدي، وإني أهللتُ بهما معًا، فقال عُمَرُ رضي الله عنه هديت لِسُنَّة نبيكَ ﷺ (١).
١٨٠٠ - حدَّثنا النفيليُّ، حدَّثنا مِسكينٌ، عن الأوزاعيِّ، عن يحيي بن أبي كثير، عن عِكرمة، قال: سمعتُ ابنَ عباس يقول:
حدَّثني عُمَرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه أنه سَمعَ رسولَ الله ﷺ يقول: «أتاني الليلةَ آتٍ مِن عند ربِّي عز وجل» قال: وهو بالعقيق


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٦٨٥) و(٣٦٨٦) من طريق منصور بن المعتمر، به.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٧٠) و(٢٩٧٠/ م)، والنسائي (٣٦٨٧) من طرق عن شقيق أبي وائل، به.
وهو في «مسند أحمد» (٨٣) و(٢٥٦)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩١٠).
وانظر ما قبله.
قوله: يا هناه، بسكون الهاء، ولك ضمها، والمعنى: يا هذا.

وقال: «صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقال: عمرةٌ في حجةٍ» (١).
قال أبو داود: رواه الوليد بن مسلم وعمر بن عبد الواحد في هذا الحديث عن الأوزاعي: «وقُلْ: عمرةٌ في حجة».
قال أبو داود: وكذا رواه علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، في هذا الحديثِ، قال: «وقل: عمرةٌ في حجّة».
١٨٠١ - حدَّثنا هَنّادُ بنُ السَّرِيِّ، حدَّثنا ابنُ أبي زائدة، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ عمر بنِ عبد العزيز، حدثني الربيعُ بنُ سَبْرةَ
عن أبيه، قال: خرجنَا مع رسولِ الله ﷺ، حتى إذا كان بعُسفان قال له سُراقَةُ بنُ مالك المدْلجِيُّ: يا رسولَ الله، اقْضِ لنا قضاءَ قومٍ كأنما وُلِدُوا اليومَ، فقال: «إن الله عز وجل قد أدخل عليكم في حَجِّكم هذا عمرةً، فإذا قَدِمْتُم فمن تَطَوَّف بالبيتِ وبين الصفا والمروةِ فقد حلَّ، إلا مَن كان معه هَدْيٌ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. مسكين - وهو ابن بكير الحرّاني -
صدوق حسن الحديث. ولكنه قد توبع. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد بن علي بن
نفيل، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.
وأخرجه البخاري (١٥٣٤) و(٢٣٣٧)، وابن ماجه (٢٩٧٦) من طرق عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٧٣٤٣) من طريق علي بن المبارك، عن يحيي بن أبي كثير، به. وكلهم قال في روايته: «وقل: عمرة في حجة».
وهو في «مسند أحمد» (١٦١)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٩٠).
(٢) إسناده صحيح. ابن أبي زائدة: هو يحيي بن زكريا الوادعي، والربيع: هو ابن سبْرة بن معبد الجهني. =

١٨٠٢ - حدَّثنا عبدُ الوهاب بنُ نجدةَ، حدَّثنا شعيبُ بن إسحاقَ، عن ابن جريج. وحدثنا أبو بكر بن خلاد، حدَّثنا يحيى - المعنى - عن ابن جريج، أخبرني الحسن بن مُسلمٍ، عن طاووس، عن ابن عباس
أن معاويةَ بنَ أبي سفيان أخبره قال: قصَّرتُ عن النبي ﷺ بِمِشْقَصٍ على المروةِ، أو رأيتهُ يقصَّر عنه على المروة بِمشقصٍ (١).


= وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفمه» (١٤٠٤١)، وأحمد في «مسنده» (١٥٣٤٥)، والدارمي في «سننه» (١٨٥٧)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٦٥١٣) و(٦٥١٤) و(٦٥١٥) و(٦٥١٧) و(٦٥٢٠)، والبيهقي ٢٠٣/ ٧ - ٢٠٤ من طرق عن عبد العزيز بن عمر، بهذا الإسناد.
(١) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز الأموي، وأبو بكر ابن خلاد: هو محمد الباهلي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وطاووس: هو ابن كيسان اليماني.
وأخرجه البخاري (١٧٣٠)، ومسلم (١٢٤٦)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٦٧) من طريقين عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٢٤٦)، والنسائى في «الكبرى» (٣٧٠٣) من طريق هشام بن حجير، عن طاووس، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٦٤) و(١٦٨٧٠).
وانظر ما بعده.
والمشقص بوزن منبر: سهم فيه نصل عريض يرمى به الوحش، وقيل: المراد به: المقص، وهو الأشبه في هذا المحل.
قال الخطابي: هذا صنيع من كان متمتعًا، وذلك أن المفرد والقارن لا يحلق رأسه ولا يقصر شعره إلا يوم النحر، والمعتمر يقصره عند الفراغ من السعي، وفي الروايات الصحيحة: أنه لم يحلق ولم يقصر إلا يوم النحر بعد رمي الجمار، وهي أولى، ويشبه أن يكون ما حكاه معاوية إنما هو في عمرة اعتمرها رسول الله ﷺ دون الحجة المشهورة له. وانظر «فتح الباري» ٣/ ٥٦٥ - ٥٦٦.

قال ابنُ خلاد: إن معاوية لم يذكر أخبره.
١٨٠٣ - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي ومخلد بنُ خالد ومحمدُ بن يحيى - المعنى - قالوا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ
أن معاوية قال له: أما علمت أني قصَّرت عن رسولِ الله ﷺ بِمشْقَصِ أعرابيٍّ، على المروةِ، زاد الحسنُ في حديثه: لحجته (١).
١٨٠٤ - حدَّثنا عُبيد الله بن معاذٍ، أخبرنا أبي، حدَّثنا شعبةُ، عن مسلم القُرِّيِّ سمع ابن عبَّاس يقول: أهلَّ النبي ﷺ بعمرة وأهلَّ أصحابه بحجٍّ (٢).


(١) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعانى، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، وابن طاووس: هو عبد الله بن طاووس بن كيسان الهمداني.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٩٦٨) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وانظر «مسند أحمد» (١٦٨٨٤).
وانظر ما قبله.
قال صاحب «بذل المجهود» ٩/ ١٣: قوله: لحجته. الظاهر المراد بالحج العمرة،
وإلا لا يصح هذا القول، فإن رسول الله ﷺ لم يحل في حجته بعد العمرة، بل حل بعد الحج يوم النحر.
(٢) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العنبري، ومسلم القُرِّي: هو مسلم بن مِخْراق العبدي.
وأخرجه مسلم (١٢٣٩)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٨٢) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٤١).
وقوله: أهل بعمرة. قد ثبت أن رسول الله ﷺ أهل لعمرة وحج، فذكر أحدهما لا ينفي الآخر، وقد ثبت أنه ﷺ حج فصار قارنًا، وأما أصحابه فبعضهم أحرم بعمرة، وبعضهم أحرم بحجٍّ فقط، وبعضهم أحرم بحجة وعمرة، فذكر في الحديث ما فعله بعضهم «بذل المجهود».

١٨٠٥ - حدَّثنا عبدُ الملك بنُ شعيب بنِ الليث، حدثني أبي، حدثني أبي، عن عُقيل، عن ابنِ شهابٍ، عن سالم بنِ عبدِ الله
أن عبد الله بن عمر قال: تمتَعَ رسول الله ﷺ في حجةِ الوداع بالعمرة إلى الحج، فأهدى وساقَ معه الهديَ من ذي الحليفةِ، وبدأَ رسولُ الله ﷺ فأهلَّ بالعمرةِ، ثم أهل بالحج، وتمتع الناسُ مع رسولِ الله ﷺ بالعُمرة إلى الحجِّ، فكان مِن الناسِ من أهدى وساق الهديَ، ومنهم من لم يُهدِ، فلما قَدِمَ رسولُ الله ﷺ مكة قال للناس: «من كان منكم أهدى، فإنه لا يحل مِن شيءِ حَرُمَ منه حتى يقضي حجهُ، ومن لم يكن مِنكم أهدى، فليَطُف بالبيتِ وبالصفا والمروةِ، وليُقصِّرْ وليَحلِل ثم ليُهل بالحج وليُهد، فمن لم يجد هَدياَ فليصُم ثلاثة أيامٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رجع إلى أهله» وطافَ رسولُ الله ﷺ حين قَدِمٍ مكة: فاستلم الركن أوَّل شيءٍ، ثم خَبَّ ثلاثةَ أطوافٍ من السبعِ ومشى أربعة أطوافٍ، ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلَّم، فانصرف فأتى الصَّفا، فطاف بالصَّفا والمروةِ سبعة أطواف، ثم لم يحلل مِن شيءٍ حَرُمَ منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النَّحر، وأفاضَ فطافَ بالبيت، ثم حلَّ من كل شيءٍ حرم منه، وفَعَل مثلَ ما فَعَل رسولُ الله ﷺ مَن أهدَى وساق الهديَ مِن الناس (١).


(١) إسناده صحيح. شعيب بن اليث: هو ابن سعد بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم، وعُقيل: هو ابن خالد الأموي مولاهم الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه البخاري (١٦٩١)، ومسلم (١٢٢٧) و(١٢٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٩٨) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. =

١٨٠٦ - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن نافع، عن عبدِ الله بن عمر
عن حفصةَ زوج النبي ﷺ أنها قالت: يا رسولَ اللهِ، ما شأنُ الناسِ قد حَلُّوا ولم تحلِل أنتَ مِن عُمرتك؟ فقال: «إني لبَّدْتُ رأسي، وقلّدتُ هديي، فلا أحِلُّ حتى أنحرَ الهدي» (١).


= وأخرج بنحوه البخاري (١٦٠٣)، ومسلم (١٢٦١) وابن ماجه (٢٩٤٦)، والترمذي (٨٣٧)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٢٤) و(٣٩٢٥) من طريقين عن ابن شهاب، به. مختصرًا.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٧٢٣) من طريق موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، به. مختصرًا.
وأخرج بنحوه البخاري (٣٩٦) و(١٦٢٤) و(١٦٢٧) و(١٦٤٦) و(١٦٤٧) و(١٧٩٤)، ومسلم (١٢٣٤)، وابن ماجه (٢٩٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٩٧) و(٣٩٤٤) من طريق عمرو بن دينار، والبخاري (١٦٠٤) و(١٦١٧) و(١٦٤٤) ومسلم (١٢٦١)، وابن ماجه (٢٩٥٠) و(٢٩٧٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٢١) و(٣٩٢٣) و(٣٩٢٤) من طريق نافع، كلاهما عن ابن عمر، به. مختصرًا بقصة طوافه ﷺ.
وهو في «مسند أحمد» (٦٢٤٧).
وله شاهد من حديث عائشة عند البخاري (١٦٩٢).
وقوله: تمتع رسول الله ﷺ، قال القاضي: هو محمول على التمتع اللغوي وهو
القِرَانُ آخرًا، ومعناه أنه ﷺ أحرم أولًا بالحج مفردًا، ثم أحرم بالعمرة فصار قارنًا في آخر أمره، والقارن: هو متمتع من حيث اللغة ومن حيث المعنى، لأنه ترفه باتحاد الميقات والإحرام والفعل، ويتعين هذا التأويل هنا للجمع بين الأحاديث في ذلك.
(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٩٤، ومن طريقه أخرجه البخارى (١٥٦٦) و(١٧٢٥) و(٥٩١٦)، ومسلم (١٢٢٩)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٤٧).
وأخرجه البخاري (١٦٩٧) و(٤٣٩٨)، ومسلم (١٢٢٩)، وابن ماجه (٣٠٤٦)،
والنسائي في «الكبرى» (٣٦٤٨) من طرق عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٠٦٨) و(٢٦٤٢٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٢٥).

٢٤ - باب الرجل يُهل بالحجِّ ثم يجعلها عُمَرةً (١)
١٨٠٧ - حدَّثنا هنَّاد - يعني ابنَ السَّري - عن ابنِ أبي زائدة، أخبرنا محمدُ ابنُ إسحاقَ، عن عبدِ الرحمن بنِ الأسود، عن سُليم بن الأسود
أن أبا ذرّ كان يقولُ فيمن حج، ثم فسخها بعمرة: لم يكن ذلك إلا للرَّكبِ الذين كانُوا مع رسولِ الله ﷺ (٢).
١٨٠٨ - حدَّثنا النُّفَيليُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز - يعني ابنَ محمد - أخبرنا ربيعةُ ابن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بنِ بلال بن الحارث
عن أبيه، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فسْخُ الحج لنا خاصَّة أو لِمَنْ بَعدَنا؟ قال: «بل لكم خاصة» (٣).


(١) هذا التبويب أثبتناه من هامشي (ج) و(هـ).
(٢) صحيح موقوفًا، وهذا إسناد ضعيف. محمد بن إسحاق لم يصرح بالسماع. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا الهمداني الوادعي.
وأخرجه مسلم (١٢٢٤)، وابن ماجه (٢٩٨٥)، والنسائي (٣٧٧٧ - ٣٧٨٠) من طريق يزيد بن شريك التيمي، عن أبي ذر، قال: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد ﷺ.
قال صاحب «المغني» ٥/ ٢٥٢: قد صح عن رسول الله ﷺ أنه أمر أصحابه في حجة الوداع الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلُّوا كلهم، ويجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي، وثبت ذلك في أحاديث كثيرة متفق عليهن بحيث يقرب من التواتر والقطع، ولم يختلف في صحة ذلك وثبوته عن النبي ﷺ أحد من أهل العلم علمناه ... وقول أبي ذر من رأيه، وقد خالفه من هو أعلم منه، وقد شذ به عن الصحابة رضي الله عنهم، فلا يلتفت إلى هذا.
(٣) إسناده ضعيف لجهالة حال الحارث بن بلال، فقد انفرد ربيعة بن أبي عبد الرحمن - وهو المعروف بربيعة الرأي - في رواية هذا الحديث عنه فيما ذكر الذهبي في «الميزان»، وقال أحمد: ليس إسناده بالمعروف، وقال أبو داود في «المسائل» =

٢٥ - باب الرجل يحج عن غيره
١٨٠٩ - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب؛ عن سُليمان بن يسار
عن عبدِ الله بن عباس، قال: كان الفضلُ بنُ عباس رَديفَ رسولِ الله ﷺ، فجاءته امرأةٌ مِن خَثْعَم تستفتيه، فجعل الفَضلُ ينظر إليها وتنظر إليه، فجعلَ رسولُ الله ﷺ يصرفُ وجه الفضلِ إلى الشق الآخرِ، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله عز وجل على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيعُ أن يَثبُتَ على الراحلةِ، أفأحُجُّ عنه؟ قال «نَعَمْ» وذلك في حجَّة الوَدَاع (١).


= ص ٣٠٢: قلت لأحمد حديث بلال بن الحارث في فسخ الحج، قال: ومن بلال بن الحارث أو الحارث بن بلال ومن روى عنه؟ ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة، وهذا أبو موسى يفتي به في خلافة أبي بكر، وصدر من خلافة عمر.
وانظر «زاد المعاد» ٢/ ١٩١ - ١٩٣ بتحقيقنا مع صاحبنا العلامة الشيخ عبد القادر الأرنؤوط رحمه الله.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٨٤)، والنسائى في «الكبرى» (٣٧٧٦) من طريقين عن عبد العزيز الدراوردي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٨٥٣).
(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو محمد ابن مسلم الزهري.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٥٩، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٥١٣) و(١٨٥٥)، ومسلم (١٣٣٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٠٧).
وأخرجه البخاري (١٨٥٤) و(٤٣٩٩) و(٦٢٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٠٠) و(٣٦٠١) و(٣٦٠٨) وفي «المجتبى» (٥٣٩٠) و(٥٣٩٢) من طرق عن ابن شهاب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٣٧٥)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٨٩) و(٣٩٩٦). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرجه البخاري (١٨٥٣)، ومسلم (١٣٣٥)، والترمذي (٩٤٦) من طريق ابن جريج، وابن ماجه (٢٩٠٩)، والنسائي في «الكبرى» (٥٩١٥) من طريق الأوزاعي، كلاهما عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عباس، عن الفضل بن عباس. فجعل الحديث من مسند الفضل ين عباس صاحب القصة.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٨).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٦٠٦) و(٥٩١٢) من طريق يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عباس. إلا أنه جعل السائل رجلًا بدل المرأة الخثعمية.
وأخرجه النسائى في «الكبرى» (٣٦٠٩) و(٥٩١٤) من طريق يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن الفضل بن العباس، به. وجعل السؤال أيضًا لرجل وليس للمرأة الخثعمية.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٢) وروايته على الشك بين عبد الله بن عباس أو الفضل بن العباس.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٠٧) من طريق نافع بن جبير، والنسائى في «الكبرى» (٣٦٠٥) من طريق عكرمة، وفي «المجتبى» (٥٣٩٦) من طريق جابر بن زيد، ثلاثتهم عن ابن عباس، به. لكن وقع عند النسائى السؤال لرجل وليس للخثعمية.
قال الخطابي: في هذا الحديث بيان جواز حج الإنسان عن غيره حيًا وميتًا، وأنه ليس كالصلاة والصيام وسائر الأعمال البدنية التي لا تجري فيها النيابة، وإلى هذا ذهب الشافعي. وكان مالك لا يرى ذلك، وقال: لا يُجزئه إن فعل، وهو الذي روى حديث ابن عباس، وكان يقول في الحج عن الميت: إن لم يُوصِ به الميت إن تصدق عنه وأعتق أحب إلي من أن يحج عنه، وكان إبراهيم النخعي وابن أبي ذئب يقولان: لا يحج أحد عن أحد، والحديث حجة على جماعتهم.
وفيه دليل على أن فرض الحج يلزم من استفاد مالًا في حال كبره وزمانته إذ كان قادرًا به على أن يأمر غيره فيحج عنه، كما لو قدر على ذلك بنفسه.
ويه دليل على أن حج المرأة عن الرجل جائز. =

١٨١٠ - حدَّثنا حَفْصُ بنُ عمر ومسلمُ بنُ إبراهيم - بمعناه - قالا: حدَّثنا شعبةُ، عن النُّعمان بنِ سالم، عن عمرو بنِ أوسٍ
عن أبي رَزينٍ - قال حفص في حديثه: رجلٍ من بني عامرٍ - أنه قال: يا رسولَ اللهِ، إن أبي شيخٌ كَبِيرٌ لا يستطِيعُ الحجَّ والعُمرةَ ولا الظَّعنَ، قال «احجُج، عن أبيك واعتمِر» (١).


= وفيه دليل على أن وجه المرأة ليس بعورة، قال ابن حزم: لأنه لو كان الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها على كشفه بحضرة الناس، ولأمرها أن تسبل عليه من فوق، ولو كان وجهها مغطى ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء.
وقال ابن بطال في «شرح البخاري»: في الحديث الأمر بغض البصر خشية الفتنة، ومقتضاه أنه إذا أمنت الفتنة لم يمتنع، ويؤيده أنه ﷺ لم يحول وجه الفضل حتى أدمن النظر لإعجابه بها، فخشي الفتنة عليه، وفيه مغالبة طباع البشر لابن آدم وضعفه عما ركب فيه من الميل الى النساء والإعجاب بهن.
وفيه دليل على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضًا، لإجماعهم على أن للمرأة أن تبدي وجهها في الصلاة ولو رآه الغرباء.
(١) إسناده صحيح. أبو رَزين: هو لَقِيطُ بن صَبِرة، ويقال: لقيط بن عامر.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٠٦)، والترمذي (٩٤٧)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٠٣) من طريق وكيع بن الجراح، والنسائي (٣٥٨٧) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن شبة، بهذا الإسناد. وقال الترمدي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٦١٨٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٩١).
وقد استُدل بهذا الحديث على وجوب الحج والعمرة، وقد جزم بوجوب العمرة جماعة من أهل الحديث وهو المشهور عن الشافعي وأحمد، وبه قال إسحاق والثوري والمزني، والمشهور عن المالكية أن العمرة ليست بواجبة وهو قول الحنفية، ولا خلاف في المشروعية.
قلنا: قال في «الدر المختار»: والعرة في العمر مرَّة سنة مؤكدةٌ، وصحح في «الجوهرة» وجوبها، قال ابن عابدين في «حاشيته» ٣/ ٤٧٦: قال في «البحر»: واختاره في «البدائع»، وقال: إنه مذهب أصحابنا، ومنهم من أطلق اسم السنة، وهذا لا ينافي الوجوب. =

١٨١١ - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيلَ الطالقانيُّ وحدثنا هنادُ بنُ السَّرِي - المعنى واحد - قال إسحاقُ: حدَّثنا عبدةُ بنُ سليمان، عن ابنِ أبي عَروبة، عن قتادة، عن عَزْرَةَ، عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس: أن النبي ﷺ سَمعَ رجلًا يقولُ: لبيك عن شُبْرُمَةَ، قال: «من شُبْرُمَة؟» قال: أخٌ لي، أو قريبٌ لي، قال: «حججتَ عن نفسِك؟» قال: لا، قال: «حج عَنْ نفسِكَ ثم حُجَّ عن شُبْرَمَة» (١).


= وقال أبو عمر في «التمهيد»٢٠/ ١٤: وأما اختلاف الفقهاء ني وجوب العمرة، فذهب مالك إلى أن العمرة سنة مؤكدة، وقال في «موطئه»: ولا أعلم أحدًا من المسلمين أرخص في تركها، وهذا اللفظ يوجبها إلا أن أصحابه وتحصيل مذهبه على ما ذكرت لك. وانظر «المغني» ٥/ ١٣.
(١) إسناده صحيح، وقد اختلف في رفعه ووقفه، وصحح المرفوع ابن حبان والبيهقي، وقال البيهقي: وليس في هذا الباب أصح منه وقد روي موقوفًا والرفع زيادة يتعين قبولها إذا جاءت من طريق ثقة، وهي هاهنا كذلك، لأن الذي رفعه عبدة بن سليمان، قال الحافظ: وهو ثقة محتج به في «الصحيحين» وتابعه على رفعه محمد بن بشر، ومحمد بن عبد الله الأنصاري وكذا رجح عبد الحق وابن القطان رفعه.
وقد رجح الطحاوي وقفه، وقال أحمد: رفعه خطأ، وقال ابن المنذر: لا يثبت رفعه. ابن أبي عروبة: هو سعيد اليشكري العدوي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وعزرة: هو ابن عبد الرحمن الخزاعي.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٠٣) من طريق عبدة بن سليمان، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٩٨٨).
واختلف أهل العلم في أن من لم يحج عن نفسه هل يجوز أن يحج عن غيره، وقال الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: لا يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه، وهو قول الأوزاعي.
وقال أصحاب الرأي: له أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه، وقال الثوري نحوًا من ذلك، وهو قول مالك بن أنس. «معالم السنن».

٢٦ - باب كيف التلبية؟
٨١٢ ا - حدَّثنا القعنبيُّ، عن ماللث، عن نافع
عن عبدِ الله بن عمر، أن تلبية رسولِ الله ﷺ «لبيكَ اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمدَ والنِّعمةَ لك والمُلك لا شَرِيكَ لك»
قال: وكانَ عبدُ الله بنُ عمر يزيد في تلبيته: لبيك لبيك، لبيك وسعديك، والخيرُ بيديك، والرَّغباءُ إليك والعمل (١).


(١) إسناده صحيح. القعنبلى: هو عبد الله بن مسلمة.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٣١، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٥٤٩)، ومسلم (١١٨٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧١٥). ولم يذكر البخاري والنسائي تلبية ابن عمر.
وأخرجه مسلم (١١٨٤)، وابن ماجه (٢٩١٨)، والترمذي (٨٣٩) و(٨٤٠)،
والنسائي في «الكبرى» (٣٧١٤) من طرق عن نافع، به. ورواية الترمذي في الموضع
الأول والنسائي دون ذكر تلبية ابن عمر.
وأخرجه البخاري (٥٩١٥)، ومسلم (١١٨٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧١٣) من طريق سالم بن عبد الله، ومسلم (١١٨٤) من طريق حمزة بن عبد الله، والنسائي (٣٧١٦) من طريق عبيد الله بن عبد الله، ثلاثتهم عن عبد الله بن عمر، به. ولم يذكلر البخاري والنساثي في الطريق الأول تلبية ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٤٨٩٦)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٩٩).
قال في «الفتح» ٣/ ٤١١: وفي التلبية أربعة مذاهب:
الأول: أنها سنة من السنن لا يجب بتركها شيء، وهو قول الشافعي وأحمد.
ثانيها: واجبة ويجب بتركلها دم، حكاه الماوردي عن ابن أبي هريرة من الشافعية،
وقال: إنه وجد للشافعي نصًا يدلُّ عليه، وحكاه ابنُ قُدامة عن بعض المالكية والخطابي عن مالك وأبي حنيفة، وأكرب النووي، فحكى عن مالك أنها سنة ويجب بتركلها دم، ولا يعرف ذلك عندهم إلا أن ابن الجلاب قال: التلبية في الحج مسنونة غير مفروضة، وقال ابن التين: يريد أنها ليست من أركان الحج دالا فهي واجبة، ولذلك يجب =

١٨١٣ - حدَّثنا أحمد بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى بن سعيد، حدَّثنا جعفر، حدَّثنا أبي
عن جابر بن عبد الله، قال: أهل رسولُ الله ﷺ، فذكر التلبية مثلَ
حديثِ ابنِ عمر عن النبي ﷺ، قال: والناسُ يزيدونَ: «ذا المعارج»
ونحوه مِن الكلام، والنبي ﷺ يَسْمَعُ، فلا يقولُ لهم شيئًا (١).


= بتركها الدم ولو لم تكن واجبة لم يجب، وحكى ابن العربي أنه يجب عندهم بترك تكرارها دم وهذا قدر زائد على أصل الوجوب.
ثالثها: واجبة لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه على الطريق وبهذا صدر ابن شاس من المالكية كلامه في «الجواهر» له، وحكى صاحب «الهداية» من الحنفية مثله لكن زاد القول الذي يقوم مقام التلبية من الذكر كما في مذهبهم من أنه لا يجب لفظ معين، وقال ابن المنذر: قال أصحاب الرأي: إن كبر أو هلل أو سبح ينوي بذلك الإحرام فهو محرم.
رابعها: أنها ركن في الإحرام لا ينعقد بدونها، حكاه ابن عبد البر عن الثوري وأبي حنيفة وابن حبيب من المالكية والزبيري من الشافعية، وأهل الظاهر قالوا: هي نظير تكبيرة الإحرام للصلاة، ويقويه ما تقدم من بحث ابن عبد السلام عن حقيقة الإحرام وهو قول عطاء، أخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه قال: التلبية فرض الحج، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وطاووس وعكرمة.
وقال في «بذل المجهود» ٩/ ٣١: ومذهب الحنفية في ذلك ما قاله القاري في «شرح لباب المناسك»: والتلبية مرة فرض، وهو عند الشروع لا غيرها، وتكرارها سنة ... وكل ذِكر يقصد به تعظيم الله سبحانه ولو مشوبًا بالدعاء على الصحيح يقوم مقام التلبية كالتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير وغير ذلك من أنواع الثناء والتمجيد.
(١) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وجعفر: هو ابن محمد بن علي الهاشمي.
وأخرجه البيهقي في «سننه» ٥/ ٤٥ من طريق يحيي بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩١٩) من طريق سفيان الثوري، عن جعفر، به.
وأخرجه البيهقي ٥/ ٤٥ من طريق قتيبة بن سعيد، عن محمد بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن جابر به. وسيأتي مطولًا برقم (١٩٠٥).

١٨١٤ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزمٍ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن خلاد بنِ السائبِ الأنصاري
عن أبيه، أن رسولَ الله ﷺ قال: «أتاني جِبريلُ عليه السلام فأمرني أن آمر أصحابي ومَن معي أن يرفعَوا أصواتَهُم بالإهلالِ» أو قال «بالتلبيةِ» يُريدُ أحدهما (١).

٢٧ - باب، متى يقطعُ التلبية؟
١٨١٥ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا ابنُ جريج، عن عطاء، عن ابن عباس
عن الفضل بنِ عباس: أن رسولَ الله ﷺ لبَّى حتى رمى جَمْرَةَ العَقَبَةِ (٢).


(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٣٤.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٢٢)، والترمذي (٨٤٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧١٩) من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن أبي بكر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٥٥٧) و(١٦٥٦٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٠٢).
قال الخطابي: يحتج بهذا الحديث من يرى التلبية واجبة (أي: التلفظ بالتلبية مع النية)، وهو قول أبي حنيفة، وقال: من لم يلبِّ لزمه دم، ولا شيء عند الشافعي على من لم يلب.
(٢) إسناده صحيح. ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - صرح بالتحديث عند مسلم وغيره. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وعطاء: هو ابن أبي رباح. =

١٨١٦ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الله بنُ نُمير، حدَّثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر
عن أبيه، قال: غَدَونا مع رسول الله ﷺ من منى إلى عرفات مِنَّا المُلبّي ومنا المُكبِّرُ (١).

٢٨ - باب، متى يقطعُ المعتمر التلبية؟
١٨١٧ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا هُشيم، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء


= وأخرجه البخاري (١٦٨٥)، ومسلم (١٢٨١)، والترمذي (٩٣٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٤٧) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٤٠٤٧) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، به.
وأخرجه البخاري (١٥٤٣) و(١٥٤٤) و(١٦٨٦) و(١٦٨٧) من طريق عبيد الله ابن عبد الله، والبخاري (١٦٧٠)، ومسلم (١٢٨١) من طريق كريب، ومسلم (١٢٨٢)،
والنسائي في «الكبرى» (٤٠٤٢) و(٤٠٥٠) من طريق أبي معبد مولى ابن عباس، وابن ماجه (٣٠٤٠)، والنسائي (٤٠٧٢) من طريق مجاهد بن جبر، والنسائي (٤٠٧٣) و(٤٠٧٤) من طريق سعيد بن جبير، و(٤٠٧١) من طريق علي بن الحسين، ستتهم عن عبد الله بن عباس، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٩١) و(١٨٢٥)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٠٤).
(١) إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.
وأخرجه مسلم (١٢٨٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٧٥) و(٣٩٧٦) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٢٨٤) من طريق عُمر بن حسين الجمحي، عن عبد الله بن أبي سلمة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٣٣).
تنبيه: جاء بعد هذا الحديث على هامش (أ) ما نصه: قال ابن الأعرابي: حدَّثنا الدقيقي، حدَّثنا يزيد، حدَّثنا يحيى بن سعيد، بإسناده.

عن ابنِ عباس، عن النبي ﷺ قال: «يُلبي المعتَمِرُ حتى يستلمَ الحَجَر» (١).
قال أبو داود: رواه عبدُ الملك بنُ أبي سليمان وهمام، عن عطاء، عن ابن عباسِ موقوفًا.

٢٩ - باب المحرم يؤدِّب
١٨١٨ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، قال: حدَّثنا. وحدثنا محمدُ بن عبد العزيز ابنِ أبي رزمَة، أخبرنا عبد الله بن إدريس، أخبرنا ابن إسحاق، عن يحيى بنِ عباد بنِ عبد الله بنِ الزبير، عن أبيه
عن أسماء بنتِ أبي بكرِ، قالت: خرجنا مع رسولِ الله ﷺ حُجَّاجًا،
حتى إذا كنا بالعَرج نزلَ رسولُ الله ﷺ ونزلنا، فَجَلَسَتْ عائشةُ إلى جنبِ رسولِ الله ﷺ وجلستُ إلى جنبِ أبي، وكانت زمالةُ أبي بكرٍ وزِمالةُ رسولِ الله ﷺ واحدةً مع غلامٍ لأبي بكر، فجلس إبو بكر ينتظِرُ أن يطلُع عليه، فطلع وليس معه بعيرُه، قال: أين بعيرك؟ قال: أضللتُه


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. ابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن - ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وهشيم: هو ابن بشير السلمي، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه الترمذي (٩٣٦) من طريق هشيم، بهذا الإسناد. إلا أنه جعله من فعل النبي ﷺ وقال: حديث صحيح. وله شاهد ضعيف عند أحمد في «مسنده» برقم (٦٦٨٥) من حديث عبد الله بن عمرو.
وأخرج الموقوف ابن أبي شيبة في «مصنفه» في القسم الأول من الجزء الرابع ص ٢٧١، والبيهقي ٥/ ١٠٤ من طريق عبد الملك بن أبي سليمان ومن طريق ابن أبي نجيح، كلاهما عن عطاء، وابن أبي شيبة من طريق سعيد بن جبير، كلاهما (عطاء وسعيد بن جبير) عن ابن عباس.

البارحةَ، قال: فقال أبو بكر: بعيرٌ واحد تُضِله؟ قال فَطَفِقَ أبو بكر يضربه ورسولُ الله ﷺ يتبسَّمُ، ويقولُ: «انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع» قال ابن أبي رزمة: فما يزيدُ رسول الله ﷺ على أن يقول: «انظروا الى هذا المحرم ما يصنعُ» ويتبسَّم (١).

٣٠ - باب الرجلُ يحرم في ثيابه
١٨١٩ - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا همام، سمعت عطاءً، أخبرنا صفوان بن يعلى بن أُمية
عن أبيه: أن رجلًا أتى النبيَّ ﷺ وهو بالجِعرَانة وعليه أثرُ خَلُوقٍ، أو قال: صُفرةٍ، وعليه جُبةٌ، فقال: يا رسول الله، كيف تأمرني أن أصنع في عُمرتي؟ فأنزل اللهُ تبارك وتعالى على النبي ﷺ الوحي، فلما سُرِّيَ عنه قال: «أين السائلُ عن العُمرة؟» قال: «اغسِل عَنْك أثرَ الخَلوق - أو قال: أثر الصُّفرة - واخلعِ الجُبَّة عنك، واصنَع في عُمرتك ماصنعت في حجتِك» (٢).


(١) إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٣٣) من طريق عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٩١٦).
(٢) إسناده صحيح. همّام: هو ابن يحيي بن دينار الأزدي العوذي، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه البخاري (١٧٨٩) و(١٨٤٧) و(٤٩٨٥)، ومسلم (١١٨٠) من طرق عن همّام، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٥٣٦) تعليقًا، و(٤٣٢٩) و(٤٩٨٥)، ومسلم (١١٨٠)، والترمذي (٨٥١) و(٨٥٢)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٣٤) و(٣٦٧٥) و(٧٩٢٧) من طرق عن عطاء، به.

١٨٢٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن عطاء، عن يعلى بنِ أُمية. وهُشيمُ، عن الحجاجِ، عن عطاءٍ، عن صفوانَ بنِ يعلى


= وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٤٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٧٩).
وانظر ما سيأتى بالأرقام (١٨٢٠) و(١٨٢١) و(١٨٢٢).
والجِعرَانة: موضع بين مكة والطائف، وهي على سبعة أميال من مكة. قال في «المصباح المنير»، وهي بالتخفيف، واقتصر عليه في«البارع» ونقله جماعة عن الأصمعي، وهو مضبوط كذلك في «المحكم»، وعن ابن المدني: العراقيون يثقلون الجعرَّانة والحديبيَّه، والحجازيون يخففونهما، فأخذ به المحدثون، .. وفي «العُباب»: الجعْرَانة بسكون العين، وقال الشافعي: المحدثون يخطؤون في تشديدها، وكذلك قال الخطابي.
والخلوق: نوع من الطيب مركب، فيه زعفران.
وقد أورد البخاري الحديث برقم (١٨٤٧) تحت باب: إذا أحرم جاهلًا وعليه قميص، ونقل عن عطاء قوله: إذا تطيب أو لبس جاهلًا أو ناسيًا، فلا كفارة عليه.
قال الحافظ تعليقًا على قوله: باب إذا أحرم جاهلًا وعليه قميص: أي: هل يلزمه فدية أو لا، وإنما لم يجزم (يعني البخاري) بالحكم، لأن حديث الباب لا تصريح فيه بإسقاط القضاء، ومن ثم استظهر المصنف للراجح بقول عطاء راوي الحديث، كأنه يشير إلى أنه لو كانت الفدية واجبة لما خفيت على عطاء وهو راوي الحديث.
قال ابن بطال وغيره: وجه الدلالة منه أنه لو لزمته الفدية لبينها ﷺ، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وفرق مالك - فيمن تطيب أو لبس ناسيًا -، بين من بادر، فنزع وغسل وبين من تمادى، فتلزمه فدية إذا طال ذلك عليه، وعن أبي حنيفة وأحمد في رواية تجب مطلقًا.
وقال ابن العربي: كأنهم كانوا في الجاهية يخلعون الثياب ويجتنبون الطيب في الإحرام إذا حجوا، وكانوا يتساهلون في ذلك في العمرة، فأخبره النبي ﷺ أن مجراهما واحد. واستدل بحديث الباب على منع استدامة الطيب بعد الإحرام للأمر بغسل أثره من الثوب والبدن، وهو قول مالك ومحمد بن الحسن، وأجاب الجمهور بأن قصة يعلى بالجعرانة ثبت في هذا الحديث وهي في سنة ثمان بلا خلاف، وقد ثبت عن عائشة: أنها طيبت رسول الله ﷺ بيديها عند إحرامه، وكان ذلك في حجة الوداع سنة عشر بلا خلاف، وإنما يؤخذ من الآخر فالآخر من الأمر.

عن أبيه، بهذه القصة، قال: فقال له النبي ﷺ: «اخلع جُبتكَ» فخلعها مِن رأسه، وساقَ الحديث (١).
١٨٢١ - حدَّثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن مَوهَب الهمدانيُّ الرمليُّ، حدَّثنا الليثُ، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن يعلى ابن منية (٢)
عن أبيه بهذا الخبرِ، قال فيه: فأمره رسولُ الله ﷺ أن ينزعها نزعًا، ويْغتَسِلَ مرَّتين أو ثلاثًا، وساقَ الحديثَ (٣).
١٨٢٢ - حدَّثنا عُقبةُ بنُ مُكرَمٍ، حدَّثنا وهبُ بن جرير، حدَّثنا أبي، قال: سمعتُ قيسَ بنَ سعد يُحدث، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أُمية، - أحسبه -
عن أبيه: أن رجلًا أتى النبيَّ ﷺ بالجِعْرَانة وقد أحرم بعُمرة وعليه جُبةٌ، وهو مُصفِّر لحيَته ورأسه، وساق هذا الحديثَ (٤).


(١) إسناده صحيح. أبو عوانه: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس اليشكري البصري، وهشيم: هو ابن بشير السُّلمي، والحجاج: هو ابن أرطاة النخعي.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٦٤).
وانظر ما قبله.
(٢) المثبت من (هـ) وهي برواية ابن داسه، وجاء في (أ) و(ب) و(ج): عن يعلى بن مُنية، عن أبيه، وقد أشار الحافظ في «النكت الظراف» ٩/ ١١٢ إلى أن هذه رواية اللؤلؤي، وأنها خطأ، وأن الصواب ما جاء في رواية ابن داسه، لأن ابن حبان رواه (٣٧٧٨) من طريق يزيد ابن مَوهَب، على الصواب، فقال: عن صفوان بن يعلى، عن أبيه.
(٣) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٧٧٨).
وانظر ما سلف برقم (١٨١٩).
(٤) إسناده صحيح. جرير: هو ابن حازم الأزدي العتكي، وقيس بن سعد: هو الحبشي. =

٣١ - باب ما يَلبَسُ المحرِم
١٨٣٣ - حدَّثنا مُسدَّدٌ وأحمدُ بن حنبل، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن سالم
عن أبيه، قال: سأل رجلٌ رسولَ الله ﷺ: ما يترك المُحْرِمُ مِن الثيابِ؟ فقال: «لا يلبسُ القميصَ، ولا البُرْنُسَ، ولا السَّرَاويلَ، ولا العِمَامَة، ولا ثوبًا مسَّهُ ورْسٌ ولا زعفران، ولا الخُفيَّنِ، إلا لِمَنْ لا يجِدُ النعلَينِ، فمن لم يجد النَعلَينِ فليلبَسِ الخُفَّين وليقطَعْهُما حتى يكونا أسفلَ مِن الكَعْبَين» (١).


= وأخرجه مسلم (١١٨٠)، والنسائي (٣٦٧٦) من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد.
وانظر ما سلف برقم (١٨١٩).
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم.
وأخرجه البخاري (٥٨٠٦)، ومسلم (١١٧٧)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٣٣) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٣٤) و(٣٦٦) و(١٨٤٢) من طريقين عن الزهري، به.
وأخرجه مختصرًا وتامًا البخاري (٥٨٤٧) و(٥٨٥٢)، ومسلم (١١٧٧)، وابن ماجه (٢٩٣٠) و(٢٩٣٢)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٣٢) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به. وهو في «مسند أحمد» (٤٥٣٨).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (١٨٢٤) و(١٨٢٥) و(١٨٢٦) و(١٨٢٧) و(١٨٢٨).
البرنس: هو الثوب الذي رأسه منه.
قال القاضي عياض: أجمع المسلمون على أن ما ذكر في هذا الحديث لا يلبسه المحرم، وأنه نبه بالقميص والسراويل على كل مخيط، وبالعمائم والبرانس على كل ما يُغطى الرأس به مخيطًا أو غيره، وبالخفاف كل ما يستر الرّجلَ. =

١٨٢٤ - حدَّثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن النبيِّ ﷺ، بمعناه (١).
١٨٢٥ - حدَّثنا قُتيبة بن سعيدِ، حدَّثنا الليثُ، عن نافع
عن ابن عمر، عن النبيَّ ﷺ، بمعناه، زاد «ولا تنتقِبُ المرأةُ الحرَامُ، ولا تلبَسُ القُفَّازَينِ» (٢).


= وقال الخطابي: ذكر العمامة والبرنس معًا يدل على أنه لا يجوز تغطية الرأس لا بالمعتاد ولا بالنادر، ومن النادر المكتل يحمله على رأسه. قال الحافظ: إن أراد أنه يجعله على رأسه كلابس القبع، صح ما قال، وإلا فمجرد وضعه على رأسه على هيئة الحامل لحاجته لا يضر على مذهبه، ومما لا يضر أيضًا الانغماس في الماء، فإنه لا يسمى لابسًا.
(١) إسناده صحيح.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٢٤، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٥٤٢) و(٥٨٠٣)، ومسلم (١١٧٧)، وابن ماجه (٢٩٢٩) و(٢٩٣٢)، والنسائي في «الكبرى» و(٣٦٤٠). ورواية ابن ماجه في الموضع الثاني مختصرة.
وأخرجه مختصرًا وتامًا البخاري (١٣٤) و(٣٦٦) و(٥٧٩٤) و(٥٨٠٥)، والنسائي (٣٦٣٦) و(٣٦٤١) و(٣٦٤٢) و(٣٦٤٣) و(٣٦٤٤) و(٣٦٤٦) من طرق عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥٣٠٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٨٤).
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد.
وأخرجه البخاري (١٨٣٨)، والترمذي (٨٤٨)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٣٩) و(٥٨٤٧) من طريق الليث، به.
وأخرجه النسائي (٣٦٤٧) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٠٠٣).
وانظر ما سلف بوقم (١٨٢٣).
والقفاز بزنة رُمَّان: ما يُلبس في اليدين.

قال أبو داود: وقد روى هذا الحديث حاتِمُ بن إسماعيل ويحيى ابن أيوب، عن موسى بن عُقبة، عن نافع، على ما قال الليث ورواه موسى بن طارقٍ، عن موسى بن عقبة، موقوفًا على ابن عمر، وكذلك رواه عبيدُ الله بن عمر ومالكٌ وأيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفًا.
وإبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر عن النبيَّ ﷺ: «المُحرِمَةُ لا تنتقِبُ ولا تلبَسُ القُفّازَين».
قال أبو داود: إبراهيمُ بن سعيد المديني شيخٌ مِن أهلِ المدينة ليس له كبيرُ حديث.
١٨٢٦ - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا إبراهيم بن سعيد المدينيُّ، عن نافع عن ابن عمر، عن النبي ﷺ قال: «المُحْرِمَة لا تنتَقِبُ ولا تَلْبَسُ القفازَيْن» (١).
١٨٢٧ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا يعقوب، حدَّثنا أبي، عن ابن إسحاقَ، قال: فإن نافعًا مولى عبد الله بن عمر حدَّثني
عن عبد الله بن عمر، أنه سَمِعَ رسولَ الله ﷺ نهى النِّساء في إحرامهن عن القُفَّازَيْن والنِّقاب، وما مَسَّ الوَرْسُ والزعفرانُ مِن الثياب، ولتلبَسْ بعدَ ذلك ما أحبَّت مِن ألوانِ الثيابِ من مُعَصْفَرٍ أو خَزَّ أو حليٍّ أو سراويلَ أو قميصٍ أو خُفٍّ (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف. إبراهيم بن سعيد المدني مجهول. لكن روي الحديث من طرق أخرى عن نافع كما سلف عند المصنف قبله وكما سيأتي بعده.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، فقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث هنا عند المصنف. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري. =

قال أبو داود: روى هذا الحديثَ عن ابن إسحاق عن نافعِ عبدةُ ابن سليمان ومحمدُ بن سلمة عن محمد بن إسحاق إلى قوله: «وما مس الورسُ والزعفرانُ مِن الثياب» ولم يذكرا ما بعده.
١٨٢٨ - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن أيوب، عن نافعٍ
عن ابن عمر: اْنه وجَدَ القُرَّ فقال: ألْقِ عليَّ ثوبًا يا نافع، فألقيتُ عليه بُرنُسًا، فقال: تُلقي عليَّ هذا وقد نهى رسولُ الله ﷺ أن يلبسه المُحْرِمُ؟! (١).
١٨٢٩ - حدَّثنا سليمانُ بن حرب، حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابرِ بن زيدٍ
عن ابن عباس، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «السراويلُ لِمَنْ لا يَجِدُ الإزار، والخُفُّ لمن لا يجدُ النعلينِ» (٢).


= وأخرجه الحاكم ١/ ٤٨٦ من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٤٠).
وانظر ما سلف برقم (١٨٢٣).
(١) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة، وأيوب: هو السختياني.
وهو في «مسند أحمد» (٤٨٥٦).
وانظر ما سلف برقم (١٨٢٣).
قوله: القُرّ، معناه: البَرد.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١١٧٨)، والترمذي (٨٥٠)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٣٧) من طرق عن حمّاد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٨٤١) و(١٨٤٣) و(٥٨٠٤) و(٥٨٥٣)، ومسلم (١١٧٨)، وابن ماجه (٢٩٣١)، والترمذي (٨٤٩)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٣٨) و(٩٥٩٦) من طرق، عن عمرو بن دينار، به. =

قال أبو داود: هذا حديث أهلِ مكة، ومرْجِعُه إلى البصرة إلى جابر بن زيد، والذي تفرّد به منه ذكرُ السراويل، ولم يذكرِ القطْعَ في الخُفِّ (١).
١٨٣٠ - حدَّثنا الحسينُ بن الجنيدِ الدامَغَانيُّ، حدَّثنا أبو أُسامةَ، أخبرني عُمَرُ بن سويدٍ الثقفي، حدثتني عائشةُ بنتُ طلحة


= وهو في «مسند أحمد» (١٨٤٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٨١).
قال الخطابي: وفيه دليل على أنه اذا لم يجد الإزار فلبس السراويل لم يكن عليه شئٌ، وإلى هذا ذهب عطاء والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق، وحكي ذلك عن الثوري.
وقال مالك: ليس أن يلبس السراويل، وكذلك قال أبو حنيفة، ويحكى عنه أنه قال: يفتق السراويل ويتزر به، وقالوا هذا كما جاء في الخف أنه يُقطع.
قال القرطبي في «المفهم» ونقله عنه الحافظ في «الفتح»: أخذ بظاهر هذا الحديث أحمد فأجاز لبس الخف والسراويل للمحرم الذي لا يجد النعلين والإزار على حالهما، واشترط الجهمور قطع الخف وفتق السراويل، فلو لبس شيئًا منهما على حاله لزمته الفديه، والدليل لهم قوله في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين، فيحمل المطلق على المقيد، ويلحق النظير بالنظير لاستوائهما في الحكم.
ونقل ابن القيم في»تهذيب السنن«وجوب قطع الخف عن الشافعي وأبي حنيفة ومالك والثوري وإسحاق وابن المنذر وإحدى الروايتين عن أحمد، وأصح الروايتين عن أحمد: أن القطع ليس بواجب ويروى عن علي بن أبي طالب، وهو قول أصحاب ابن عباس وعطاء وعكرمة، قال ابن القيم: وهذه الرواية ... وانظر تمام كلامه فيه.
(١) قول أبي داود هذا أثبتناه من هامش (هـ)، وكتب فوقه: صح لمحمد ابن داسه. ومع هذا فلم ينفرد جابر بن زيد بهذا، بل جاء عن ابن عباس بإسناد صحيح عند ابن أبي شيبة ٤/ ١٠١ من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إذا لم يجد المحرم إزارًا فليلبس سراويل، وإذا لم يجد نعلين فليلبس خفين.
وانظر لزامًا كلام صاحب»بذل المجهود" ٩/ ٥٧.

أن عائشة أُمِّ المؤمنين حدَّثتها قالت: كنا نَخْرُجُ مع النبيَّ ﷺ إلى مكة فنُضمِّدُ جباهنَا بالسُّك المُطَيَّبِ عندَ الإحرام، فإذا عَرِقَت إحدانا سالَ على وجهها فيراه النبي ﷺ فلا ينهاها (١).
١٨٣١ - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا ابن أبي عديّ، عن محمد بن إسحاق، قال: ذكرتُ لابن شهابٍ، فقال: حدثني سالم بن عبد الله
أن عبد الله - يعني ابن عمر - كان يَصنَعُ ذلك - يعني يَقْطَعُ الخفينِ للمرأة المُحرمة - ثم حدثته صفيةُ بنتُ أبي عُبيدٍ أن عائشةَ حدَّثتها: أن رسولَ الله ﷺ قد كان رخَّص للنساءِ في الخُفين، فترك ذلك (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. الحُسين بن الجُنيد الدامغاني لا بأس به.
لكنه قد توبع أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه إسحاق بن راهريه في «مسنده» (١٧٧٢) و(١٧٩٧)، والبيهقي ٥/ ٤٨ من طريق أبي أسامة، بهذا الإسناد.
وأخرجه اسحاق (١٠٢١) و(١٠٢٢)، وأحمد في «مسنده» (٢٤٥٠٢) و(٢٥٠٦٢)، وإبو يعلى (٤٨٨٦) من طرق عن عمر بن سويد الثقفي، به. وزاد إسحاق في الموضع الأول فقال: والضّماد: هو السُّك.
وأخرجه بنحوه الطبراني في «الأوسط» (١٤٣٣) من طريق محمد بن سُوقة، عن عائشة بنت طلحة، به.
وانظر ما سلف برقم (٢٥٤).
(٢) إسناده حسن، محمد بن إسحاق قد ذكر هنا سماعه من الزهري، فانتفت شبهةُ تدليسه. ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم السلمي مولاهم، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه البيهقي في «سننه» ٥/ ٥٢ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. =

٣٢ - بابُ المحرم يحمل السلاح
١٨٣٢ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا محمدُ بن جعفر، حدَّثنا شعبةُ، عن أبي إسحاق، قال:
سمعتُ البراء يقول: لما صَالَحَ رسولُ الله أهل الحُديبيةِ صالحهم على أن لا يدخُلوهَا إلا بِجُلْبان السلاح، فسألته: ما جُلْبانُ السِّلاح؟ قال: القِرابُ بما فيه (١).


= وأخرجه أحمد في «مسنده» (٤٨٣٦) و(٢٤٠٦٧) عن ابن أبي عدي، به،زاد أحمد في الرواية الثانية اول الحديث: عن محمد بن إسحاق، حدثني نافع وكانت امرأته أم ولد لعبد الله بن عمر حدثته: أن عبد الله بن عمر ابتاع جارية بطريق مكة فأعتقها، وأمرها أن تحج معه، فابتغى لها نعلين، فلم يجدهما، فقطع لها خفين أسفل من الكعبين، قال ابن إسحاق، فذكرت لابن شهاب فقال: حدثني سالم.
وأخرجه ابن خزيمة (٢٦٨٦) من طريق عبد الأعلى، عن ابن إسحاق، به.
وأخرجه البيهقي ٥/ ٥٢ من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٤٠٦٧) من طريق ابن أبي عدي، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن امرأته، عن عبد الله بن عمر، عن صفية، عن عائشة، به.
(١) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.
وأخرجه البخاري (٢٦٩٨) ومسلم (١٧٨٣)، والنسائي في «الكبرى» (٨٥٢٤) من طريقين عن محمد بن جعفر، ومسلم (١٧٨٣) من طريق معاذ بن معاذ العنبري، كلاهما عن شعبة، به.
وأخرجه البخاري (٣١٨٤) و(٤٢٥١)، ومسلم (١٧٨٣) من طرق عن أبي إسحاق، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٥٤٥) و(١٨٥٦٧)، و«صحيح ابن حبان» (٤٨٦٩).
قال الإمام البغوي في «شرح السنة» ١١/ ١٦٠: قد جاء في تفسير الجلبان (بضم الجيم وسكون اللام) في الحديث قال: فسألته ما جلبان السلاح؟ قال: القِراب بما فيها. =

٣٣ - باب في المُحرِمةِ تُغطِّي وجهها
١٨٣٣ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا هُشيم، أخبرنا يزيدُ بن أبي زياد، عن مجاهد
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الرُّكبان يمرُّون بنا ونحن مع رسول الله ﷺ مُحرِماتٌ، فإذا حاذَوْا بنا سَدَلتْ إحدانا جلبابها مِن رأسِها على وجهها فإذا جاوزُونا كشفناه (١).

٣٤ - باب في المحرم يُظلَّل
١٨٣٤ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبدِ الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يحيي بن حصين


= وإنما شرط هذا ليكون أمارة للسلم، فلا يظن أنهم يدخلونها قهرًا، قال الأزهري: القراب: غِمد السيف، والجلبان شبه الجراب من الأدم يرضع فيه السيف مغمودًا، ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته، ويعلقه من آخرة الرحل أو في واسطته، قال شِمر: كأن اشتقاقه من الجُلبة: وهي الجلدة التي تجعل على القَتَب، والجلدة التي تَغشِّي التميمة، لأنها كالغشاء للقراب.
قلنا: ورواه ابن قتيبة بضم الجيم واللام وتشديد الباء، وقال: هو أوعية السلاح بما فيها، ولا أراه إلا سمي به لجفائه، ولذلك قيل للمرأة الغليظة الخَلقِ الجافية: جُلُبَّانة.
(١) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي القرشي -. هشيم:
هو ابن بشير السلمي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي مولاهم.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٣٥) و(٢٩٣٥ م) من طريقين عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٢١).

عن أمُّ الحصين حدَّثته قالت: حججنا مع النبيَّ ﷺ حجَّة الوداع، فرأيتُ أُسامةَ وبلالًا، وأحدُهما آخِذٌ بِخِطَامِ ناقةِ النبيَّ ﷺ، والآخر رَافعٌ ثوبه يستُرُه مِن الحَرِّ حتى رمى جَمرَةَ العقبة (١).

٣٥ - باب المحرم يحتجم
١٨٣٥ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء وطاووس
عن ابن عباس: أن النبي ﷺ احتجم وهو مُحرِم (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الأموي.
وأخرجه مسلم (١٢٩٨)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٥٢) من طريق محمد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٢٩٨) من طريق معقل بن عبيد الله، عن زيد بن أبي أنيسة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٢٥٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٦٤).
وقال النووي: فيه جوازُ تظليل المحرم على رأسه بثوب وغيره وهو مذهبنا ومذهب جماهير العلماء سواء كان راكبًا أو نازلًا، وقال مالك وأحمد: لا يجوز، وإن فعل لزمته الفدية، وعن أحمد رواية أنه لا فدية، وأجمعوا على أنه لو قعد تحت خيمة أو سقف جاز، ووافقونا على أنه إذا كان الزمن يسيرًا في المحمل لا فدية وكذا لو استظل بيده.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار، وعطاء: هو ابن أبي رباح، وطاووس: هو ابن كيسان.
وأخرجه البخارى (١٨٣٥) و(٥٦٩٥)، ومسلم (١٢٠٢)، والترمذي (٨٥٥)، والنسائى في «الكبرى» (٣٨١٥) و(٣٨١٦) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائى (٣٢٢٣) و(٣٨١٤) من طريق أبي الزبير، عن عطاء، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٢٣)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٥١).
وانظر ما سيأتى بالأرقام (١٨٣٦) و(٢٣٧٢) و(٢٣٧٣) و(٣٤٢٣). =

١٨٣٦ - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا هِشام، عن عِكرِمَة
عن ابن عباس: أن رسولَ الله ﷺ احتجم - وهو محرم - في رأسِه مِنْ داءٍ كان بهِ (١).
١٨٣٧ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة عن أنسِ: أنَّ رسولَ الله ﷺ احتجَم وهو محرمٌ على ظهرِ القَدَمِ من وجَعٍ كانَ به (٢).


= قال الخطابي: لم يكره أكثر من كره من الفقهاء الحجامة للمحرم إلا من أجل قطع الشعر، فإن احتجم في موضع لا شعر فيه، فلا بأس به، وإن قطع شعرًا افتدى.
وممن رخص في الحجامة للمحرم سفيان الثوري وأصحاب الرأي، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقال مالك: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة لا بد منها، وكان الحسن البصري: يرى في الحجامة دمًا يهريقه.
(١) إسناده صحيح. هشام: هو ابن حسان الأزدي.
وأخرجه البخاري (٥٧٠٠)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥٥٥) من طريقين عن هشام، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٠٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٥٠).
وانظر ما قبله.
(٢) رجاله ثقات. لكن خالف معمرًا في وصله سعيد بن أبي عَروبة كما قال
المصنف، فأرسله عن قتادة. وابن أبي عروبة ثبتٌ في قتادة، وأما معمر فنقل ابنُ معين
عنه أنه قال: جلست إلى قتادة وأنا صغير، فلم أحفظ عنه الأسانيد، ذكره ابن رجب في «شرح العلل» ٢/ ٥٠٩، وقال الدارقطني فيما نقله عنه ابن رجب أيضًا: معمر سيئ الحفظ لحديث قتادة. وقد شذ بقوله: على ظهر القدم، فقد روى ابن عباس عند البخاري (٥٧٠٠) وغيره: أن رسول الله ﷺ احتجم وهو محرم في رأسه. وروى ابن بحينة عن البخاري (١٨٣٦)، ومسلم (١٢٠٣): أن النبي ﷺ احتجم وهو محرم في وسط رأسه. =

قال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: ابن أبي عَرُوبة، أرسله، يعني عن قتادَة (١).

٣٦ - باب يكتحلُ المحرم
١٨٣٨ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا سفيانُ، عن أيوب بن موسى
عن نبيه بنِ وهْبٍ، قال: اشتكى عُمَرُ بن عُبيدِ الله بن معمر عينيه، فأرسل إلى أبانَ بن عثمان - قال سفيان: وهو أميرُ الموسم - ما يصنعُ بهما؟ قال: أضمِدهما بالصَّبِرِ، فإني سمعتُ عثمانَ يُحدِّث ذلك عن رسولِ الله ﷺ (٢).


= وقد ثبت عن أنس بن مالك من طريق حميد، عنه. لكن بذكر الحجامة فقط دون بيان موضعها عند أحمد (١٣٨١٦)، وابن خزيمة (٢٦٥٨).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٨١٨) و(٧٥٥٤) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٦٨٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٥٢).
وكنا قد صححنا الحديث فيهما فيُستدرك من هنا.
(١) قول أبى داود هذا أثبتناه من (ج) و(هـ)، وهو في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه مسلم (١٢٠٤)، والترمذي (٩٧٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٧٧) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٢٠٤) من طريق عبد الوارث، عن أيوب بن موسى، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٩٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٥٤).
وانظر ما بعده.
قال النووي: اتفق العلماء على جواز تضميد العين وغيرها بالصبر ونحوه مما ليس بطيب ولا فدية في ذلك، فإن احتاج إلى ما فيه طيب فعله وعليه الفدية، واتفق =

١٨٣٩ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، عن أيوبَ، عن نافعٍ، عن نُبيه بن وهب، بهذا الحديث (١).

٣٧ - باب المحرم يغتسل
١٨٤٠ - حدَّثنا عبدُ الله بن مسلمة، عن مالكٍ، عن زيدِ بن أسلم، عن إبراهيمَ بنِ عبدِ الله بن حُنين، عن أبيه
أن عبد الله بن عباس والمسور بن مَخْرمَة اختلفا بالأبْواء: فقال
ابن عباس: يغِسلُ المحرمُ رأسَه، وقال المِسورُ: لا يغسل المحرمُ
رأسه، فأرسله عبدُ الله بن عباس إلى أبي أيوبَ الأنصاريِّ، فوجده
يغتسِلُ بين القَرْنين وهو يُسْتَرُ بثوبٍ، قال: فسلَّمت عليه، فقال: مَن
هذا؟ قلتُ: أنا عبدُ الله بن حُنينٍ، أرسلني إليكَ عبدُ الله بن عباس
أسألُك: كيف كان رسولُ الله ﷺ يَغْسِلُ رأسَهُ وهو مُحرم؟ قال: فوضع
أبو أيوب يدَه على الثوبِ فَطَأْطَأه حتى بدا لي رأسُه، ثم قال لإنسان يصُبُّ عليه: اصبُب، قال: فصبَّ على رأسِه، ثم حَرَّك أبو أيوب رأسَه بيديه فأَقْبَلَ بهما وأَدبَرَ، ثم قال: هكذا رأيتُه يَفعَلُ ﷺ (٢).


= العلماء على أن للمحرم أن يكتحل بكحل لا طيب فيه إذا احتاج إليه ولا فدية عليه، وأما الاكتحال للزينة فمكروه عند الشافعي وآخرين، ومنعه جماعة، منهم أحمد وإسحاق وفي مذهب مالك قولان كالمذهبين وفي إيجاب الفدية عندهم بذلك خلاف، والله أعلم.
(١) إسناده صحيح. أيوب: هو السختياني.
وهو في «مسند أحمد» (٤٢٢).
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٢٣، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٨٤٠)، ومسلم (١٢٠٥)، وابن ماجه (٢٩٣٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٣١). =

٣٨ - باب في المحرم يتزوَّج
١٨٤١ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن نبيه بن وهب - أخي بني عبد الدَّار -
أن عُمَرَ بن عُبيَدِ الله أرسل إلى أبان بن عثمان بن عفَّان يسأله، وأبانُ يومئذ أمير الحاجِّ، وهما محرمانِ: إني أردتُ أن أُنكِحَ طلحةَ ابن عمر ابنةَ شيبةَ بن جُبير، فأردتُ أن تَحضُرَ ذلك، فأنكر ذلك عليه أبان، وقال: إني سَمِعتُ أبي عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله ﷺ: «لا يَنكِحُ المُحرِم ولا يُنْكِحُ» (١).


= وأخرجه مسلم (١٢٠٥) من طريقين عن زيد بن أسلم، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٥٤٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٤٨).
قال النووي: في هذا الحديث فوائد، منها جواز اغتسال المحرم وغسل رأسه وإمرار اليد على شعره بحيث لا ينتف شعرًا، ومنه قبول خبر الواحد، وأن قوله كان مشهورًا عند الصحابة رضي الله عنهم، ومنها الرجوع إلى النص عند الاختلاف وترك الاجتهاد والقياس عند وجود النص، ومنها السلام على المتطهر في وضوء وغسل بخلاف الجالس على الحدث، ومنها جهاز الاستعانة في الطهارة، ولكن الأولى تركها إلا لحاجة، واتفق العلماء على جواز غسل المحرم رأسه وجسده من الجنابة بل هو واجب عليه، وأما غسله تبردًا فمذهبنا ومذهب الجمهور جوازه بلا كراهة ويجوز عندنا غسل رأسه بالسدر والخطمي بحيث لا ينتف شعرًا فلا فدية عليه، وقال أبو حنيفة ومالك: هو حرام موجب للفدية.
(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٤٨ - ٣٤٩، ومن طريقه أخرجه مسلم (١٤٠٩)، وابن ماجه (١٩٦٦)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨١١) و(٣٨١٢) و(٥٣٩٠). وزادوا: «ولا يخطب» وستأتي هذه الزيادة بعده. =

١٨٤٢ - حدَّثنا قُتيبةُ بن سعيدٍ، أن محمدَ بن جعفر حدَّثهم، حدَّثنا سعيدٌ، عن مطر ويعلى بن حكيم، عن نافع، عن نبيه بن وهب، عن أبان بن عثمان
عن عثمان: أن رسولَ الله ﷺ، ذكر مثلَه، زاد: «ولا يَخْطُبُ» (١).
١٨٤٣ - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن حبيب بن شهيدٍ، عن ميمون بن مهران، عن يزيدَ بن الأصم بن أخي ميمونةَ
عن ميمونة، قالت: تزوجني رسول الله ﷺ ونَحْنُ حَلَالَانِ بَسرِفَ (٢).


= وأخرجه مسلم (١٤٠٩)، والترمذي (٨٥٦) من طريق أيوب السختياني، عن نافع، به.
وأخرجه مسلم (١٤٠٩) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن نبيه بن وهب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٠١)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٢٣).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: ذهب الى ظاهر هذا الحديث مالك والشافعي ورأيا النكاح إذا عقد في الإحرام مفسوخًا سواء عقده المرء لنفسه، أو كان وليًا وعقده لغيره.
وقال أصحاب الرأي: نكاح المرء لنفسه وإنكاحه لغيره جائز، واحتجوا بخبر ابن عباس الآتي برقم (١٨٤٤) أن رسول الله ﷺ تَزوَّج ميمونة وهو محرم.
(١) إسناده صحيح. مطر - هو ابن طهمان الوراق - وإن كان فيه كلام فقد توبع.
سعيد: هو ابن أبي عروبة اليشكري العدوي.
وأخرجه مسلم (١٤٠٩)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٩١) من طرق عن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٤٠٩) من طريق مالك عن نافع، ومسلم (١٤٠٩)، والنسائي (٣٨١٣) من طريق أيوب بن موسي، كلاهما عن نبيه بن وهب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٠١) و(٤٦٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٢٤).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، وقد اختلف في وصله وإرساله، ورجح البخاري - كما في «علل الترمذي الكبير» ١/ ٣٧٩ - ٣٨٠ - =

١٨٤٤ - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة
عن ابن عباس: أن النبي ﷺ تزوَجَ ميمونة وهو مُحْرِمٌ (١).


= إرساله، وكذا الدارقطني في «العلل» ٥/ ورقة ١٨٢ فقال: المرسل أشبه. حماد: هو ابن سلمة البصري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٣٨٣) من طريق الوليد بن زَوران، عن ميمون ابن مهران، بهذا الإسناد. موصولًا.
وأخرجه مسلم (١٤١١)، وابن ماجه (١٩٦٥)، والترمذي (٨٦١) من طريق أبو فزَارة راشد بن كيسان، عن يزيد بن الأصم، به. موصولًا.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٢١٩) من طريق سفيان بن حبيب، عن حبيب ابن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، به. مرسلًا.
وأخرجه مسلم بإثر الحديث (١٤١٠) من طريق ابن نمير، عن الزهري، عن يزيد ابن الأصم، به. مرسلًا.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٣٨٢) من طريق جعفر بن بُرقان، عن ميمون ابن مهران، عن صفية، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨١٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٣٤) و(٤١٣٦).
(١) إسناده صحيع. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأزدي، وأيوب: هو السختياني.
وأخرجه البخاري (٤٢٥٨)، والترمذي (٨٥٩) من طريق أيوب السختياني، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٨٥٨)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٠٩) و(٥٣٨٩) من طرق عن عكرمة، به.
وأخرجه البخاري (٥١١٤)، ومسلم (١٤١٠)، وابن ماجه (١٩٦٤)، والترمذي (٨٦٠)، والنسائي (٥٣٨٦) من طريق أبي الشعثاء جابر بن زيد، والبخاري (١٨٣٧)، والنسائي (٣١٨٩) و(٣٨١٠) و(٥٣٨٥) و(٥٣٨٦) من طريق عطاء بن أبي رباح، والنسائي (٣٨٠٦) من طريق أبي الشعثاء. سُليم بن أسود، و(٣٨٠٨) من طريق مجاهد ابن جبر، أربعتهم عن عبد الله بن عباس، به. =

١٨٤٥ - حدَّثنا ابن بشارٍ، حدَّثنا عَبدُ الرحمن بن مهدي، حدَّثنا سفيانُ، عن إسماعيلَ بن أُميةَ، عن رجُلٍ
عن سعيد بن المسيب، قال: وهِمَ ابن عباس في تزويج ميمونة وهو مُحرِمٌ (١).

٣٩ - باب ما يقتل المحرم من الدواب
١٨٤٦ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا سفيانُ بن عيينة، عن الزُّهريَّ، عن سالم عن أبيه، سُئل النبيُّ ﷺ عما يقتل المحرمُ مِن الدواب، فقال: «خَمْسٌ لا جُنَاحَ في قتْلِهِنَّ على مَنْ قتَلَهُن في الحِل والحَرمِ: العقربُ، والفأرةُ، والغُرابُ، والحِدَأةُ، والكلبُ العَقُورُ» (٢).


= وهو في «مسند أحمد» (٢٥٦٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٢٩).
قال الحافظ في «الفتح» ٩/ ١٦٥: وتد عارض حديث ابن عباس حديثُ عثمان السالف برقم (١٨٤١) «لا يَنكِح المحرم ولا يُنكح» ويجمع بينه وبين حديث ابن عباس بحمل حديث ابن عباس على أنه من خصائص النبي ﷺ، وقال ابن عبد البر:
اختلفت الآثار في هذا الحكم، لكن الرواية أنه تزوجها وهو حلال جاءت من طرق شتى، وحديث ابن عباس صحيح الإسناد لكن الوهم إلى الواحد أقرب إلى الوهم من الجماعة، فأقل أحوال الخبرين أن يتعارضا، فتطلب الحجة من غيرهما وحديث عثمان صحيح في نكاح المحرم فهو المعتمد.
(١) أثر ضعيف، لإبهام الراوي عن سعيد بن المسيب. ابن بشار: هو محمد العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه البيهقي في «سننه» ٧/ ٢١٢ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح. الزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب القرشي. =

١٨٤٧ - حدَّثنا عليُّ بن بحْر، حدَّثنا حَاتِمُ بن إسماعيلَ، حدثني محمدُ بن عجلانَ، عن القَعقاع بن حكيم، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ قال: «خَمْسٌ قتْلهُن حلالٌ في الحَرَمِ: الحيَّةُ، والعَقْرَبُ، والحِدأةُ، والفارَةُ، والكَلْبُ العَقُورُ» (١).


= وأخرجه مسلم (١١٩٩)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٠٤) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٨٢٦)، ومسلم (١١٩٩)، وابن ماجه (٣٠٨٨)، والنسائي (٣٧٩٧) و(٣٧٩٩) و(٣٨٠١ - ٣٨٠٣) من طريق نافع مولى ابن عمر، والبخاري (١٨٢٦) و(٣٣١٥)، ومسلم (١١٩٩) من طريق عبد الله بن دينار، ومسلم (١١٩٩) من طريق عبيد الله بن عبد الله، ثلاثتهم عن عبد الله بن عمر.
وأخرجه البخاري (١٨٢٨)، ومسلم (١٢٠٠) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عمر، عن حفصة.
وأخرجه البخاري (١٨٢٧) من طريق زيد بن جبير، عن ابن عمر، عن إحدى نسوة النبي ﷺ، به.
وأخرجه مسلم (١٢٠٠) من طريق زيد بن جبير، عن رجل، عن إحدى نسوة رسول الله ﷺ، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٤٣)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٦٢).
والحِدأة بكسر الحاء المهملة وفتح الدال بعدها همزة: أخسُّ الطيور، تخطف أطعمةَ الناسِ من أيديهم.
قال الدميري في «حياة الحيوان» ٣٢٧/ ١ بعد أن أورد الحديث من جهة «الصحيحين» من حديث ابن عمر وعائشة وحفصة: نبه بذكر هذه الخمسة على جواز قتل كل مضرٍّ، فيجوز له أن يقتل الفهد والنمر والذئب والصفر والشاهين والباشق والزنبور والبرغوث والبق والبعوض والوزغ والذباب والنمل إذا آذاه، فهذه الأنواع يستحب قتلها للمحرم وغيره.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. محمد بن عجلان صدوق لا بأس به. أبو صالح: هو ذكوان السمان. =

١٨٤٨ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا هُشيمٌ، أخبرنا يزيدُ بن أبي زياد، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن أبي نُعم البَجَليُّ
عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ أن النبيَّ: ﷺ سُئِلَ عما يَقْتُلُ المحرِمُ؟ قال: «الحيةُ، والعقربُ، والفُوَيسِقَةُ، ويرمي الغُرابَ ولا يَقْتُلُه، والكلبُ العَقُورُ، والحِدَأةُ، والسَبع العَادي» (١).


= وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (٢٦٦٧)، والبيهقي في «سننه» ٥/ ٢١٠، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٥/ ١٧٠ من طريق علي بن بحر، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن خزيمة (٢٦٦٦)، والبيهقي ٥/ ٢١٠ من طريق يحيي بن أيوب، عن محمد بن عجلان، به. إلا أن أبا هريرة في رواية ابن خزيمة قال: «الحية والذئب والكلب العقور».
وله شاهد صحيح من حديث عبد الله بن عمر سلف قبله.
(١) إسناده ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو القرش الهاشمي مولاهم الكوفي - وفيه لفظة منكرة وهي قوله: «ويرمي الغراب ولا يقتله» ولهذا قال الذهبي في «السير» ٦/ ١٣١: هذا خبر منكر. قلنا: وقد سلف حديث ابن عمر برقم (١٨٤٦) بإسناد صحيح. وفيه: أن المحرم يقتل الغراب.
وأخرجه الترمذي (٨٥٤) من طريق أحمد بن منيع، عن هشيم بن بشير، بهذا الإسناد. وشمل الغرابَ فيما يقتله المحرم أيضًا.
وقال: هذا حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم، قالوا: المحرم يقتل السبع العادي والكلب (العقور)، وهو قول سفيان الثوري والشافعي، قال الشافعي: كل سبع عدا على الناس أو على دوابهم، فللمحرم قتله.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٨٩) من طريق محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، به. دون ذكر الغراب والحدأة.
وهو في «مسند أحمد» (١٠٩٩٠) عن هشيم، كلفظ المصنف.
ولقتل الحية شاهد من حديث ابن عمر عند مسلم (١٢٠٠) (٧٥) وآخر من حديث: ابن مسعود عند أحمد (٣٥٨٦). =

٤٠ - باب لحم الصيد للمحرم
١٨٤٩ - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سليمانُ بن كثير، عن حُمَيدٍ الطويلِ، عن إسحاقَ بن عبد الله بن الحارث
عن أبيه، وكان الحارثُ خليفةَ عثمانَ على الطائفِ، فَصَنَعَ لعثمان طعامًا فيه من الحَجَلِ واليَعاقِيبِ ولَحْمِ الوحْشِ، قال: فبعث إلى عليّ بن أبي طالب، فجاءه الرسولُ وهو يَخبِطُ لأباعِرَ له، فجاء وهو يَنْفُضُ الخَبَطَ عن يدهِ، فقالوا له: كُل، فقال: أطعموه قومًا حلالًا، فإنا حُرُمٌ، فقال علي رضي الله عنه: أنشُدُ اللهَ مَن كان ها هُنا مِن أشجعَ، أتعلمونَ أن رسولَ الله ﷺ أهدى إليه رجُلٌ حمارَ وحشٍ وهو مُحرمٌ، فأبى أن يأكُلَه؟ قالوا: نعم (١).
١٨٥٠ - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن قيس، عن عطاء


= والفويسقة: هي الفأرة، قال الخطابي: وقيل: سميت فويسقة لخروجها من جحرها على الناس واغتيالها إياهم في أموالهم بالفساد، وأصل الفسق: الخروج، ومن هذا سمي الخارج عن الطاعة فاسقًا، ويقال: فسقت الرطبة عن قشرها إذا خرجت عنه.
(١) إسناده حسن. سليمان بن كثير - وهو العبدي - صدوق حسن الحديث.
حميد الطويل: هو حميد بن أبي حميد.
وأخرجه مختصرًا ابن ماجه (١٣٠٩١) من طريق عبد الكريم، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، عن على بن أبي طالب، قال: أُتِيَ النبيُّ ﷺ بلحم صيدٍ وهو مُحرِم، فلم يأكله.
وهو في «مسند أحمد» (٧٨٣).
وقوله: وهو يخبط لأباعر له. الخبط: ضرب الشجرة بالعصا ليتناثر ورقها لعلف الإبل، والخبط بفتحتين: الورق الساقط بمعنى المخبوط.

عن ابن عباس، أنه قال: يا زَيدُ بن أرقم، هل علمتَ أن رسولَ اللهِ ﷺ أهُدِي إليهِ عُضوُ (١) صَيدٍ فلم يَقبَلهُ، وقال: «إنا حُرُمٌ»؟ قال: نعم (٢).
١٨٥١ - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا يعقوبُ - يعني الإسكندراني القاريّ - عن عمرٍو، عن المطّلب
عن جابر بن عبد الله قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «صيْدُ البر لكم حلالٌ، ما لم تَصِيدوه أو يُصَدْ لكم» (٣).


(١) في (ج) و(هـ): عَضُد.
(٢) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وقيس: هو ابن سعد الحبشي، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٧٨٩) من طريق عفان بن مسلم، عن حمّاد، بهذا الإسناد.
وأخرج بنحوه مسلم (١١٩٥) والنسائي في «الكبرى» (٣٧٩٠) من طريق طاووس، عن ابن عباس، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٢٩٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٦٨).
(٣) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن إن صح سماع المطلب - وهو ابن عبد الله ابن حنطب المخزومي - من جابر بن عبد الله، وقد اختلف فيه على عمرو - وهو ابن أبي عمرو المدني - كما بيناه في «المسند». وعمرو بن أبي عمرو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه الترمذي (٨٦٢)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٩٦) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٨٩٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٧١).
وفي الباب عن أبي قتادة عند أحمدْ (٢٢٥٢٦) وإسناده صحيح.
وآخر من حديث رجل من بهز عند أحمد (١٥٧٤٤). =

قال أبو داود: إذا تنازع الخبرانِ عن النبيِّ ﷺ ينظر بما أخذ به أصحابُه.
١٨٥٢ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بن مسلمة، عن مالكٍ، عن أبي النضر مولى عمر ابنِ عُبيد الله التيميِّ، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري
عن أبي قتادة أنه كان مع رسولِ الله ﷺ حتى إذا كان ببعضِ طريقِ مكةَ تخلَّفَ مع أصحابٍ له مُحرمين، وهو غيرُ محرمٍ، فرأى حمارًا وحشيًا، فاستوى على فرسه، قال فسأل أصحابه أن يُناولوه سَوْطَه، فأبوا، فسألهم رُمحَه، فأبوا، فأخذه، ثم شَدَّ على الحمارِ فقتله، فأكلَ منه بعضُ أصحابِ رسولِ الله ﷺ، وأبى بعضُهم، فلما


= وعن طلحة بن عببد الله عنده أيضًا (١٣٨٣) وقد وقع خطأ في حديث «المسند» (١٤٨٩٤) في ذكر الشواهد فيستدرك من هنا.
وإلى هذا الحديث ذهب طائفة من أهل العلم، فأجازوا للمحرم أكل ما صاده الحلال من الصيد مما يحل للحلال أكله منهم عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وهو قول عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وأبي هريرة، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
وقالت طائفة أخرى: إن لحم الصيد محرم على المحرمين على كل حال ولا يجوز لمحرم كل صيد البتة منهم ابن عباس وعلي بن أبي طالب وابن عمر، وكره ذلك طاووس وجابر بن زيد، وروي عن الثوري والليث وإسحاق مثل ذلك.
وقالت طائفة ثالثة: ما صاده الحلال للمحرم أو من أجله أو بأمره وإشارته فلا يجوز له أكله، وما لم يصد له ولا من أجله أو بأمره وإشارته، فلا بأس للمحرم بأكله وهو الصحيح عن عثمان، وبه قال مالك والشافعي وأصحابهما وأحمد وإسحاق وأبو ثور وروي عن عطاء، وحجتهم أن عليه تصح الأحاديث في هذا الباب، وأنها إذا حملت على ذلك لم تتضاد ولم تتدافع، وعلى هذا يجب أن تحمل السنن ولا يعارض بعضها ببعض ما وجد إلى استعمالها سبيل. انظر «التمهيد» ٢١/ ١٥٠ - ١٥٦ و«شرح معاني الآثار»٢/ ١٦٨ - ١٧٦، و«فتح الباري» ٤/ ٣٣ - ٣٤.

أدركوا رسولَ الله ﷺ سألوه، عن ذلك، فقال: «إنما هي طُعمَةٌ أطعَمَكُمُوهَا اللهُ تعالى» (١).

٤١ - باب في الجراد للمحرم
١٨٥٣ - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا حماد، عن ميمونِ بن جابان، عن أبي رافع
عن أبي هُريرة، عن النبيِّ ﷺ، قال: «الجرادُ مِن صَيدِ البَحرِ» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية المدني، ونافع مولى أبي قتادة: هو نافع بن عباس.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٥٠، ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٩١٤) و(٥٤٩٠)، ومسلم (١١٩٦)، والترمذي (٨٦٣)، والنسائي في«الكبرى» (٣٧٨٤).
وأخرج بنحوه البخاري (٥٤٩٢) من طريق عمرو بن الحارث، عن أبي النضر، به. وزاد فيها: أن رسول الله ﷺ قال: «أبقي معكم شيء منه؟» قلت: نعم.
وأخرج بنحوه أيضًا البخاري (١٨٢٣)، ومسلم (١١٩٦) من طريق صالح بن كيسان، عن نافع، به.
وأخرج بنحوه البخارى (١٨٢١) و(١٨٢٢) و(١٨٢٤) و(٢٥٧٠) و(٢٨٥٤) و(٥٤٠٧)، ومسلم (١١٩٦)، وابن ماجه (٣٠٩٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٩٣) و(٣٧٩٤) و(٣٧٩٥) من طريق عبد الله بن أبي قتادة، والبخاري (٢٥٧٠) و(٢٩١٤)
و(٥٤٠٧) و(٥٤٩١)، ومسلم (١١٩٦) (٥٨)، والترمذي (٨٦٤) من طريق عطاء بن يسار، والبخاري (٥٤٩٢) من طريق أبي صالح نبهان الجمحي، ثلاثتهم عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٥٦٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٧٥).
(٢) إسناده ضعيف، ميمون بن جابان جهله ابن حزم، وقال البيهقي: غير معروف، وقال الأزدى: لا يحتج بحديثه، وذكره العجلي وابن حبان في «الثقات»: حمّاد: هو ابن زيد الأزدي، وأبو رافع: هو نفيع بن رافع الصائغ.
ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في «سننه» ٥/ ٢٠٧.
وانظر تالييه.

١٨٥٤ - حدَّثنا مُسَدَد، حدَّثنا عبدُ الوارِث، عن حبيبٍ المُعلّمِ، عن أبي المهزِّمِ
عن أبي هريرة قال: أصبنا صِرمًا مِن جَراد، فكان رجل منا يَضْرِبُ بسوطه وهو محرم، فقيل له: إن هذا لا يصلح، فذكر ذلك للنبي ﷺ فقال: «إنما هو مِن صَيدِ البَحرِ» (١).
سمعت أبا داود يقول: أبو المُهزمِ ضعيفٌ، والحديثانِ جميعًا وهم.
١٨٥٥ - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن ميمونِ بنِ جابان، عن أبي رافعٍ
عن كعب، قال: الجرادُ مِن صيدِ البحر (٢).

٤٢ - باب في الفِدية
١٨٥٦ - حدَّثنا وهبُ بن بقيةَ، عن خالد بن عبد الله الطحان، عن خالدٍ الحذاء، عن أبي قلابِة، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى


(١) إسناده ضعيف جدًا، أبو المُهَزِّم - وهو يزيد بن سفيان التميمي - متروك الحديث. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري.
وأخرجه ابن ماجه (٣٢٢٢)، والترمذي (٨٦٦) من طريق حمّاد بن سلمة، عن أبي المهزم، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٨٠٦٠).
وانظر ما قبله.
قوله: صِرْمًا، بكسر الصاد وسكون الراء: قطعة من الجماعة الكبيرة.
(٢) إسناده ضعيف كما سبق برقم (١٨٥٣). حماد: هو ابن سلمة البصري، وأبو رافع: هو نفيع بن رافع الصائغ، وكعب: هو ابن مَاتِع الحِمْيَري.
وانظر سابقيه.
تنبيه: هذا الحديث من روايتي ابن الأعرابي وابن داسه كما أشار إليه الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ). وهو عندنا في (هـ)، وهي برواية ابن داسه.

عن كعب بن عجرة: أن رسولَ الله ﷺ مرَّ به زَمَنَ الحُديبية، فقال: «قد آذاك هَوَامُّ رأسِكَ؟» قال: نعم، فقال النبيُّ ﷺ: «احلِقْ ثم اذبَحْ شاةً نُسكًا، أو صُم ثلاثة أيامٍ، أو أطعم ثلاثةَ آصُعِ مِنْ تَمْرٍ على سِتَّةِ مساكِينَ» (١).
١٨٥٧ - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن داود، عن الشعبيِّ، عن عبدِ الرحمن بن أبي ليلى
عن كعب بن عُجرة أن رسولَ الله ﷺ قال له: «إن شئَت فانسُك نسيكةً، وإن شئتَ فَصُم ثلاثةَ أيامٍ، وإن شئتَ فَأطعِمْ ثلاثة آصُع مِنْ تمرٍ لِستةِ مساكِينَ» (٢).


(١) إسناده صحيح. خالد الحذاء: هو ابن مهران البصري، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي.
وأخرجه مسلم (١٢٠١) من طريق خالد الطحَّان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٨١٤) و(٤١٩٠) و(٥٦٦٥) و(٥٧٠٣)، ومسلم (١٢٠١)، والترمذي (٩٧٤) و(٣٢١٥) من طريق مجاهد بن جبر، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به.
وأخرجه البخاري (١٨١٦) و(٤٥١٧) من طريق عبد الله بن معقل، وابن ماجه (٣٠٨٠) من طريق محمد بن كعب، والنسائي في «الكبرى» (٨٣٢١) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، ثلاثتهم عن كعب، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١١٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٨٤) و(٣٩٨٦).
وانظر ما سيأتي برقم (١٨٥٧ - ١٨٦١).
قال الخطابي: هذا إنما هو حكم من حلق رأسه لعذر من أذى يكون به، وهو رخصة له، فإذا فعل ذلك كان مخيرًا بين الدم والصدقة والصيام، فأما من حلق رأسه عامدًا لغير عذر، فإن عليه دمًا، وهو قول الشافعي وإليه ذهب أبو حنيفة، وقال مالك: هو مخير إذا حلق لغير علة كهو إذا حلق لعذر.
(٢) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وداود: هو ابن أبي هند القشيري مولاهم، والشعبي: هو عامر بن شراحيل. =

١٨٥٨ - حدَّثنا ابن المثنى، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب. وحدَّثنا نصرُ بن علي، حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيعٍ - وهذا لفظُ ابن المثنى - عن داود، عن عامر
عن كعبِ بنِ عُجْرةَ: أن رسولَ الله ﷺ مَرَّ بهِ زَمَنَ الحُديبية، فذكر القِصَّة، قال: «أمعك دَمٌ؟» قال: لا، قال: «فصُم ثلاثةَ أيامِ، أو تَصَدَّق بثلاثةِ آصُعِ مِن تمرٍ على ستَّة مساكينَ بينَ كُلِّ مسكينين صَاعٌ» (١).
١٨٥٩ - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن نافع، أن رجلًا من الأنصارِ أخبره
عن كعبِ بن عجْرةَ - وكان قد أصابَه في رأسه أذىً فحلق - فأمره النبيُّ ﷺ أن يُهديَ هَدْيًا بقرةً (٢).
١٨٦٠ - حدَّثنا محمدُ بن منصورٍ، حدَّثنا يعقوبُ، حدثني أبي، عن ابنِ إسحاق، حدَّثني أبانُ - يعني ابن صالح - عن الحَكَمِ بنِ عُتيبةَ، عن عبدِ الرحمن بن أبي ليلى


= وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٥/ ١٨٥ من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٢٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٨٣).
وانظر ما قبله.
(١) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمد العنزي، وعبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي.
وأخرجه الدارقطني في «سننه» (٢٧٨٤) من طريق داود بن أبي هند، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٢٤).
وانظر سابقيه.
(٢) الرجل من الأنصار هو عبد الرحمن بن أبي ليلى الثقة ذكر ذلك الحافظ في «التقريب»، وباقي رجاله ثقات لكن لفظ البقرة منكر شاذ نقله العيني في «عمدته» ١٠/ ١٥٦
عن شيخه زين الدين العراقي، فإن من ذكر النسك في هذا الحديث مفسرًا إنما ذكره شاة.
وانظر ما سلف برقم (١٨٥٦).

عن كعبِ بنِ عُجرةَ قال: أصابني هوَامُّ في رأسي، وأنا مع رسولِ الله ﷺ عام الحديبية، حتى تخوّفُت على بصري، فأنزل الله سبحانه وتعالى فيَّ ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ الآية [البقرة: ١٩٦] فدعاني رسولُ الله ﷺ، فقال لي:»احْلِق رأسَك وصُمْ ثلاثةَ أيَّام، أو أطْعِم ستةَ مساكينَ فَرقًا مِن زبيبٍ، أو انْسُك شاةً «فحلقتُ رأسي، ثم نَسَكْتُ (١).
١٨٦١ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بن مسلمة القعنبي، عن مالكٍ، عن عبدِ الكريمِ بنِ مالكٍ الجزريِّ، عن عبدِ الرحمن بن أبي ليلى
عن كعبِ بنِ عُجرة في هذه القصة، زاد: أيّ ذلك فعلتَ، أجزأ عنك» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطلبي مولاهم - وقد صرح بسماعه فانتفت شبهة تدليسه. لكن ذكر الزبيب فيه وهم، والمحفوظ فيه ذكر التمر، كما في الروايات السالفة.
وأخرجه البخاري (١٨١٥) و(١٨١٧) و(١٨١٨) و(٤١٥٩) و(٤١٩١) و(٦٧٠٨)،
ومسلم (١٢٠١)، والترمذي (٢٩٧٣) و(٣٢١٣) من طرق عن مجاهد بن جبر، ومسلم (١٢٠١)، والترمذي (٣٢١٤) من طريق عبد الله بن معقل، كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به.
وأخرجه الترمذي (٣٢١٢) من طريق مغيرة، عن مجاهد، عن كعب بن عجرة، به. فلم يذكر في إسناده عبد الرحمن بن أبي ليلى، والصواب ذكره كما في رواية الباقين.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٠٨) و(١٨١٢١).
وانظر ما سلف برقم (١٨٥٦).
(٢) إسناده صحيح. =

٤٣ - بابُ الإحصار
١٨٦٢ - حدَّثنا مُسَددٌ، حدَّثنا يحيى، عن حجاج الصَّوافِ، حدثني يحيى ابن أبي كثير، عن عِكرمة، قال:


= وهو في «الموطأ» ١/ ٤١٧ من طريق يحيى بن يحيى الليثي، عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عن ابن أبي ليلى، به. قال ابن عبد البر في «التمهيد» ٢٠/ ٦٢ - ٦٣: وتابعه أبو المصعب، وابنُ بكير، والقعنبي، ومُطرّف، والشافعي، ومعن بن عيسى، وسعيد بن عُفير، وعبد الله بنُ يوسف التنيسي، ومصعب الزبيري، ومحمد بن المبارك الصُّوري، كل هؤلاء رووه عن مالك كما رواه يحيى، لم يذكروا مجاهدًا في إسناد هذا الحديث. ورواه ابنُ وهب، وابن القاسم، ومكي بن إبراهيم، عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة. وذكر الطحاوي أن القعنبي رواه هكذا كما رواه ابنُ وهب، وابن القاسم فذكر فيه مجاهدًا.
وقال: إن الصواب في إسناد هذا الحديث قول من جعل فيه مجاهدًا بين عبد الكريم وبين ابن أبي ليلى، ومن أسقطه، فقد أخطأ فيه - والله أعلم. وزعم الشافعيُّ أن مالكًا هو الذي وهِمَ فيه، فرواه عن عبد الكريم، عن ابن أبي ليلى، وأسقط من إسناده مجاهدًا.
وقال: إن عبد الكريم لم يلقَ ابن أبي ليلى ولا رآه، والحديث محفوطٌ لمجاهد عن ابن أبي ليلى من طرق شتى صحاح كلها، وهذا عند أهل الحديث أبينُ من أن يحتاج فيه إلى استشهاد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٨٢٠) من طريق ابن القاسم، عن مالك، عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب ابن عجرة، به.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٧٩) من طريق عبد الله بن معقل، عن كعب، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٠٦)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٨٣).
وانظر ما سلف برقم (١٨٥٦).
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) وهي برواية ابن داسه.

سمعتُ الحجَّاجَ بن عمرو الأنصاريَّ قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«من كُسِر أو عَرَجَ، فقد حَلَّ، وعليه الحجُّ مِن قابل» قال عكرمة: فسألتُ ابن عباسِ وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صَدَقَ (١).


(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، وحجّاج الصَّوَّاف: هو ابن أبي عثمان.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٧٧)، والترمذي (٩٥٨) و(٩٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٢٩) و(٣٨٣٠) من طرق عن حجاج الصوّاف، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٧٣١).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: في هذا الحديث حجة لمن رأى الإحصار بالمرض والعذر يعرض للمحرم من غير حبس العدو وهو مذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي، وقد روي ذلك عن عطاء وعروة والنخعي.
وقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق: لا حصر إلا حصر العدو، وقد روي ذلك عن ابن عباس وروي معناه أيضًا عن ابن عمر.
وأما قوله: «وعليه الحجُّ من قابل» فإنما هذا فيمن كان حجه عن فرض، فأما المتطوع بالحج إذا أحصر فلا شيء عليه غير هدي الإحصار، وهذا على مذهب مالك والشافعي، وقال أصحاب الرأي: عليه حج وعمرة، وهو قول النخعي، وعن مجاهد والشعبي وعكرمة: عليه حج من قابل.
وقال العيني في «عمدته» ١٠/ ١٤٠ اختلف العلماء في الحصر بأي شيء يكون، وبأي معنى يكون، فقال قوم وهم عطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري: يكون الحصر بكل حابس من مرض أو غيره من عدو وكسر وذهاب نفقة ونحوها مما يمنعه من المضي إلى البيت، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر وروي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت.
وقال آخرون وهم الليث بن سعد ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق: لا يكون الإحصار إلا بالعدو فقط ولا يكون بالمرض، وهو قول عبد الله بن عمر.

١٨٦٣ - حدَّثنا محمدُ بن المتوكِّلِ العسقلاني وسلمةُ (١)، قالا: حدَّثنا
عبدُ الرزاق، عن معمرٍ، عن يحيي بن أبي كثيرٍ، عن عِكْرِمَةَ، عن عبد الله بن رافع
عن الحجَّاجِ بنِ عمرو، عن النبي ﷺ قال: «مَنْ عَرَجَ أو كُسِرَ أو مَرِضَ» فذكر معناه قال سلمةُ: قال: أخبرنا معمر (٢).
١٨٦٤ - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا محمد بن سلمةَ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن عمرو بنِ ميمون
سمعتُ أبا حاضر الحِميريَّ يُحدث أبي ميمون بنَ مهران قال: خرجتُ مُعتمرًا عام حَاصَرَ أهلُ الشامِ ابنَ الزبير بمكةَ، وبعث معي رجالٌ مِنْ قومي بِهَدْيِ، فلما انتهينَا إلى أهلَ الشام مَنعونا أن ندخُلَ الحرم، فنحرتُ الهدي مكاني، ثم أحللتُ، ثم رجَعتُ، فلما كان مِن العام المُقبِل، خرجتُ لأقضيَ عُمرتي، فأتيتُ ابنَ عبّاس فسألتُه، فقال: أبدِلِ الهَدْيَ؛ فإن رسول الله ﷺ أمرَ أصحابه أن يُبدلوا الهديَ الذي نحروا عامَ الحُديبية في عُمرة القضاء (٣).


(١) «سلمة» أثبتناه من (هـ)، وهي برواية ابن داسه.
(٢) إسناده صحيح. سلمة: هو ابن شبيب المسمعي، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي مولاهم.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٧٨)، والترمذي (٩٦٠) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٣) إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - موصوف بالتدليس ولم يصرح بالسماع. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد القضاعي، ومحمد بن سلمة: هو الباهلي.
وأخرجه الحاكم ١/ ٤٨٥ - ٤٨٦، وابن عبد البر ١٥/ ٢٠٧ من طريق النُّفيليُّ، بهذا الإسناد.

٤٤ - باب دخول مكة
١٨٦٥ - حدَّثنا محمدُ بن عُبيدٍ، حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن أيوبَ، عن نافعٍ
أن ابنَ عمر كان إذا قَدِمَ مكةَ باتَ بذي طُوى حتى يُصْبِحَ ويغتسِلَ، ثم يدخلَ مكةَ نهارًا، ويذكر عن النبيَّ ﷺ أنه فَعَلَه (١).
١٨٦٦ - حدَّثنا عبدُ الله بن جعفرٍ البَرمَكيُّ، حدَّثنا مَعنٌ، عن مالك (ح)
وحدَثنا مُسَدَّد وابن حنبل، عن يحيى (٢) (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو أُسامة - جميعًا - عن عُبيد الله، عن نافع
عن ابنِ عمر: أن النبيَّ ﷺ كان يَدخُلُ مكة من الثنيَّة العُليا - قالا عن يحيى: إن النبيَّ ﷺ كان يدخل مكة من كَدَاء مِن ثنية البطحاء -،


(١) إسناده صحيح. أيوب: هو السختيانى، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وأخرجه البخاري (١٥٧٤) و(١٧٦٩)، ومسلم (١٢٥٩) من طريق أيوب، بهذا
الإسناد.
وأخرجه البخاري (٤٩١)، ومسلم (١٢٥٩)، والنسائى في «الكبرى» (٣٨٣١) من طريق موسي بن عقبة، والبخاري (١٥٧٤)، ومسلم (١٢٥٩) من طريق عبيد الله ابن نافع، وابن ماجه (٢٩٤١)، والترمذي (٨٧٠) من طريق عبد الله بن عمر العمري، ثلاثتهم عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٢٨).
وانظر ما سيأتى بالأرقام (١٨٦٦ - ١٨٦٩).
قال الخطابي: دخول مكة ليلًا جائز، ودخولها نهارًا أفضل استنانًا بفعل رسول الله ﷺ، وقد روي عن النبي ﷺ أنه دخلها ليلًا عام اعتمر من الجعرانة، فدل ذلك على جوازه.
(٢) طريق مسدَّدٌ وابن حنبل أثبتاه من (هـ)، وهي برواية ابن داسه.

ويخرجُ من الثنيَّة السُّفلَى، زاد البرمكي: يعني ثنيتي مكة. وحديث مسددٍ أتمُّ (١).
١٨٦٧ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن عُبيد الله، عن نافع
عن ابن عمر: أن النبي ﷺ كان يَخْرُجُ مِن طريق الشجرةِ، ويَدْخُلُ مِن طريق المُعرَّسِ (٢).


(١) إسناده صحيح. معن: هو ابن عيسى القزاز، ومسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، وأبو أسامة: هو حمّاد بن أسامة القرشي.
وأخرجه البخاري (١٥٧٥) من طريق معن بن عيسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٥٧٦)، ومسلم (١٢٥٧)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٣٤)
من طريق يحيي بن سعيد القطان، وابن ماجه (٢٩٤٠) من طريق أبي معاوية الضرير، كلاهما عن عبيد الله، به.
وأخرجه البخاري (١٧٦٧) من طريق موسي بن عقبة، عن نافع، به. مطولًا.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٢٥) و(٤٧٢٥)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٠٨).
وانظر ما قبله وما بعده.
وكداء بفتح الكاف والمد، قال أبو عُبيد: لا يُصرف، قال الحافظ في «الفتح» ٣/ ٤٣٧: وهذه الثنية هي التي ينزل منها إلى المعلى مقبرة أهل مكة، وهي التي يقال لها: الحَجون، وكانت صعبة المرتقى فسهّلها معاوية ثم عبد الملك، ثم المهدي على ما ذكره الأزرقي، ثم سهل في عصرنا هذا منها سنة إحدى عشرة وثمان مئة موضع، ثم سهلت كلها في زمن سلطان مصر الملك المؤيد في حدود العشرين وثمان مئة، وكل عقبة في جبل أو طريق عالٍ فيه تسمى ثنية. والثنية السفلى: هي التي أسفل مكة، يقال لها: كُدى بضم الكاف مقصور، وهي عند باب شُبيكة من ناحية قُعَيقِعان.
(٢) إسناده صحيح. عبيد الله: هو ابن عمر بن حفص العمري.
وأخرجه البخاري (١٥٣٣)، ومسلم (١٢٥٧) من طريقين عن عبيد الله، بهذا الإسناد. =

١٨٦٨ - حدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله، حدَّثنا أبو أُسامَةَ، حدَّثنا هشامُ بن عُروة، عن أبيه
عن عائشة قالت: دخلَ رسولُ الله ﷺ عامَ الفتح مِنْ كَدَاء مِن أعلى مكةَ، ودخل في العُمرة مِن كُدَى، وكان عروةُ يدخلُ منهما جميعًا، وأكثَرُ ما كان يدخل مِن كُدَى، وكان أقربهما إلى منزله (١).


= وهو في «مسند أحمد» (٦٢٨٤).
وانظر سابقيه.
وقوله: من طريق الشجرة: هي شجرة كانت بذي الحليفة قاله السندي، وقال المنذري: هي على ستة أميال من المدينة، وقال عياض: هو موضع معروف على طريق من أراد الذهاب إلى مكة من المدينة، كان ﷺ يخرج منها إلى ذي الحليفة، فيبيت بها، وإذا رجع بات بها أيضًا.
والمعرَّس: مكان معروف على ستة أميال من المدينة.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (١٥٧٨)، ومسلم (١٢٥٨) من طريقين عن أبي أسامة، بهذا
الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٥٧٩) و(٤٢٩٠) من طريقين عن هشام بن عروة، به.
وأخرجه البخاري (١٥٨٠) من طريق حاتم بن إسماعيل الحارثي، و(١٥٨١) من طربق وهيب بن خالد الباهلي، و(٤٢٩١) من طريق عببدة بن إسماعيل، عن أبي أسامة، ثلاثتهم عن هشام، عن أبيه، مرسلًا. ولم يذكروا في إسناده عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣١١)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٠٧).
وانظر ما سلف برقم (١٨٦٥).
قال في«اللسان»: وكداء، بالفتح والمد: الثنية العليا بمكة مما يلي المقابر، وهو المعلى، وكُدى، بالضم والقصر: الثنية السفلى مما يلي باب العمرة، وأما كُدَيّ، بالضم وتشديد الياء، فهو موضع بأسفل مكة شرفها الله تعالى. وانظر التعليق على الحديث (١٨٦٦).

١٨٦٩ - حدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا سفيانُ بن عيينةَ، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه
عن عائشة: أن النبي ﷺ كان اذا دَخَلَ مكة، دَخَلَ مِن أعلاها وخَرَجَ مِن أسفلِها (١).

٤٥ - باب في رفعِ اليدِ إذا رأى البيتَ
١٨٧٠ - حدَّثنا يحيى بن معينٍ، أن محمدَ بنَ جعفر حدَّثهم، حدَّثنا شُعبة، سمعت أبا قزَعَةَ يُحدث، عن المهاجرِ المكي، قال:
سئل جابر بن عبدِ الله عن الرجلِ يرى البيتَ يرفعُ يديه؟ فقال: ما كنتُ أرى أحدًا يفعلُ هذا إلا اليهود، قد حججنا مَعَ رسولِ الله ﷺ فلم نكُنْ نَفْعلُه (٢).


(١) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمد العنزي.
وأخرجه البخاري (١٥٧٧)، ومسلم (١٢٥٨)، والترمذي (٨٦٩)، والنسائي في «الكبرى» (٤٢٢٧) من طريق محمد بن المثنى، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٢١).
وانظر ما سلف برقم (١٨٦٥).
(٢) إسناده ضعيف. المهاجر - وهو ابن عكرمة بن عبد الرحمن المخزومي، وإن روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان في الثقات - ضعف حديثه هذا الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق؛ لأن مهاجرًا عندهم مجهول.
وأخرجه النسائى في «الكبرى» (٣٨٦٤) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرج بنحوه الترمذي (٨٧١) من طريق وكيع بن الجراح، عن شعبة، به.
قال الخطابي: اختلف الناس في هذا: فكان ممن يرفع يديه إذا رأى البيت سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، فضعف هؤلاء حديث جابر، لأن المهاجر راويه عندهم مجهول، وذهبوا إلى حديث ابن عباس عن النبي ﷺ =

١٨٧١ - حدَّثنا مسلم بن إبراهيمَ، حدَّثنا سلَّامُ بن مسكين، حدَّثنا ثابت البُنانيُّ، عن عبدِ الله بنِ رباح الأنصاري
عن أبي هريرة: أن النبي ﷺ لما دَخَلَ مكةَ طافَ بالبيتِ وصَلَّى ركعتَيْنِ خلفَ المقامِ، يعني يَوْمَ الفتحِ (١).
١٨٧٢ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا بَهْزُ بن أسدٍ وهاشم - يعني ابنَ القاسم - قالا: حدَّثنا سليمانُ بن المغيرة، عن ثابتٍ، عن عبدِ الله بنِ رباح
عن أبي هريرة قال: أقبلَ رسولُ الله ﷺ فَدَخَلَ مكة، وأقبلَ رسولُ الله ﷺ إلى الحجَرِ فاستلمه، ثم طافَ بالبيتِ، ثم أتى الصَّفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه، فَجَعَلَ يَذُكُر الله عز وجل ما


= قال: «ترفع الأيدي في سبعة مواطن: افتتاح الصلاة، واستقبال البيت، وعلى الصفا والمروة، والموقفين، والجمرتين» وروي عن ابن عمر أنه كان يرفع اليدين عند رؤية البيت، وعن ابن عباس مثل ذلك.
قلنا: وحديث ابن عباس هو عند ابن خزيمة (٢٧٠٣) والطبراني (١٢٠٧٢) والبيهقي ٥/ ٧٢ - ٧٣ وفي سنده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف.
ورواه ابن أبى شيبة في «المصنف» ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧ و٤/ ٩٦. عن محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله. ومحمد بن فضيل سمع من عطاء بن السائب بعد اختلاطه.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١١٢٣٤) من طريق سلام بن مسكين، بهذا الإسناد مطولًا.
وأخرجه مسلم (١٧٨٠) من طريق حمّاد بن سلمة، عن ثابت، به. مطولًا دون ذكر الصلاة.
وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (٣٠٢٤).

شاء أن يذكره ويدعوه، قال: والأنصارُ تحته (١)، قال هاشِمٌ: فدعا وحَمِدَ الله ودَعَا بما شاءَ أن يَدْعو (٢).

٤٦ - باب في تقبيل الحجر
١٨٧٣ - حدَّثنا محمد بن كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بنِ ربيعة
عن عُمَرَ: أنه جاءَ إلى الحَجَرِ فقبَّله فقال: إني أعلمُ أنَّكَ حجرٌ لا تنفعُ ولا تضرُّ، ولولا أنِّي رأيتُ رسولَ الله ﷺ يقبِّلكَ ما قبلتُك (٣).


(١) في (أ) و(ج): والأنصابُ تحته، والمثبت من «مختصر المنذري»، ومن نسخة صحيحة أشار إليها العظيم آبادي وهو الصواب الموافق لما في «مسند أحمد» (١٠٩٤٨)
و«سنن النسائي الكبرى» (١١٢٣٤) وغيرهما. وفي روايتي ابن داسه وابن الأعرابي: والأنصار بجنبه، كما في هامشي (أ) و(هـ).
ورواية أبي داود هذه مختصرة، يُفسِّرها رواية أحمد وابن حبان: يقول بعضهم لبعض: أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته. ورواية النسائي: فقالت الأنصار وهم أسفل منه ...
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٧٨٠) من طريق شيبان بن فروخ، و(١٧٨٠) من طريق عبد الله ابن هاشم، عن بهز بن أسد، كلاهما عن سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد، مطولًا. وهو في «مسند أحمد» (١٠٩٤٨).
وانظر ما قبله.
(٣) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي.
وأخرجه البخاري (١٥٩٧) من طريق محمد بن كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٢٧٠)، والترمذي (٨٧٦)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٠٦) من طرق عن الأعمش، به.

٤٧ - باب استلام الأركان
١٨٧٤ - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا ليثٌ، عن ابن شهابٍ، عن سالم عن ابنِ عمر، قال: لم أرَ رسولَ الله ﷺ يمسَحُ مِن البيتِ إلا الرُّكنَين اليمانيَّين (١).


= وأخرجه البخاري (١٦٠٥) و(١٦١٠) من طريق أسلم مولى عمر، ومسلم (١٢٧٠) من طريق عبد الله بن عمر، والنسائي (٣٩٠٧) من طريق سويد بن غفلة، و(٣٩٠٨) من طريق عبد الله بن عباس، ومسلم (١٢٧٠)، وابن ماجه (٢٩٤٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٠٤) من طريق عبد الله بن سرجس، خمستهم عن عمر بن الخطاب، به. ورواية البخاري في الموضع الأول دون ذكر تقبيل الحجر، ورواية النسائى (٣٩٠٧) مقتصرة بذكر: «أن عمر قبَّل الحجر».
وهو في «مسند أحمد» (٩٩)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٢٢).
وأخرج أحمد (٢٣٩٨) وصححه ابن خزيمة (٢٧٣٦) وابن حبان (٣٧١١) والحاكم ١/ ٤٥٧ من حديث ابن عباس رفعه«إن لهذا الحجر لسانًا وشفتين يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحق».
(١) إسناده صحيح. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، والليث: هو ابن سعد، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر.
وأخرجه البخاري (١٦٠٩)، ومسلم (١٢٦٧)، والنسائى في «الكبرى» (٣٩١٥) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٤٦)، والنسائي (٣٩١٩) من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٠١٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٢٧).
وقد سلف مطولًا برقم (١٧٧٢).
الركن: هو الجانب، والبيت له أربعة أركان: الركن الأسود والركن اليماني، ويقال لهما اليمانيان تغليبًا، والركن الشامي والركن العراقي، ويقال لهما: الشاميان، فأما الركن الأسود فيقبل ويستلم، والركن اليماني لا يقبل بل يمس فقط، وأما الركنان الباقيان، فلا يقبلان ولا يمسان، لأنهما ليسا على قواعد البيت كما سيأتي بيانه في الحديث الآتي.

١٨٧٥ - حدَّثنا مخلدُ بن خالد، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريّ، عن سالمٍ
عن ابنِ عمر أنه أُخبِرَ بقولِ عائشةَ: إن الحِجرَ بعضُه من البيت،
فقال ابن عمر: والله - إني لأظن عائشة إن كانت سَمِعَت هذا من
رسول الله ﷺ إني لأظن رسولَ الله ﷺ لم يترك استلامهما إلا أنهما ليسا على قواعِدِ البيت، ولا طافَ الناسُ وراءَ الحِجْرِ إلا لذلك (١).
١٨٧٦ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن عبدِ العزيز بن أبي رَوّاد، عن نافع
عن ابنِ عمر، قال: كان رسولُ الله ﷺ لا يَدَعُ أن يستلم الرُّكْنَ اليمانيَّ والحَجَرَ في كُلّ طوفه، قال: وكان عبدُ الله بن عمر يفعلُه (٢).


(١) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، معمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه» (٨٩٤١).
وأخرجه البخاري (١٥٨٣) و(٣٣٦٨) و(٤٤٨٤)، ومسلم (١٣٣٣)، والنسائى في «الكبرى» (٣٨٦٩) من طريق مالك بن أنس، عن الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٤٤٠)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨١٥).
وانظر ما سيأتي برقم (٢٠٢٨).
(٢) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن أبي روّاد: هو عبد العزيز المكي، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وأخرجه النسائى في «الكبرى» (٣٩١٤) من طريق محمد بن المثنى، عن يحيى، بهذا الإسناد.
وأخرج بنحوه النسائي (٣٩١٩) من طريق عبيد الله، و(٣٩١٧) من طريق أيوب، كلاهما عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٨٦) و(٥٩٦٥).
وانظر ما سلف برقم (١٧٧٢).

٤٨ - باب الطوات الواجب
١٨٧٧ - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا ابن وهب، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، عن عُبيد الله - يعني ابن عبد الله بن عتبةَ -
عن ابنِ عباس: أن رسولَ الله ﷺ طاف في حَجَّة الوَدَاع على بعيرٍ بَستلِمُ الركنَ بِمِحجَنٍ (١).


(١) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله القرشي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلى، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه البخاري (١٦٠٧)، ومسلم (١٢٧٢)، وابن ماجه (٢٩٤٨)، والنسائي في «الكبرى» (٧٩٤) و(٣٩١٠) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٨٢٩).
وقد روى عكرمة هذا الحديث عن ابن عباس عند البخاري (١٦١٢) وغيره، غير أنه قال فيه: «طاف النبي ﷺ بالبيت على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه». فذكر الإشارة بدل الاستلام، قال الحافظ في «الفتح»٣/ ٤٧٦: قال ابن التين: تقدم أنه كان يستلمه بالمحجن، فيدل على قربه من البيت، لكن من طاف راكبًا يستحب له أن يبعد إن خاف أن يؤذي أحدًا، فيحمل فعله ﷺ على الأمن من ذلك. انتهى. قال الحافظ: ويحتمل أن يكون في حال استلامه قريبًا حيث أمن ذلك، وأن يكون في حال إشارته بعيدًا حيث خاف ذلك.
وسيأتي من طريق عكرمة، عن ابن عباس بلفظ الاستلام برقم (١٨٨١) وانظر الكلام عليه وتخريجه هناك.
قال الخطابي: معنى طوافه على البعير: أن يكون بحيث يراه الناس، وأن يشاهدوه، فيسألوه عن أمر دينهم، ويأخذوا عنه مناسكهم، فاحتاج إلى أن يشرف عليهم، وقد روي في هذا المعنى عن جابر بن عبد الله.
والمحجنُ: عود معقوف الرأس يكون مع الراكب يحرك به راحلته.
وفي «المغني» ٥/ ٢٤٩ - ٢٥٠: لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في صحة طواف الراكب إذا كان له عذر ... والمحمول كالراكب فيما ذكرناه، وأما الطواف راكبًا أو محمولًا لغير عذر فمفهوم كلام الخرقي أنه لا يجزئ وهو إحدى الروايات عن أحمد ... والثانية: يجزئه ويجبره بدم وهو قول مالك وبه قال أبو حنيفة، والثالثة يجزئه ولا شيء عليه اختارها أبو بكر وهي مذهب الشافعي.

١٨٧٨ - حدَّثنا مُصرِّفُ بن عمرو الياميُّ، حدَّثنا يونسُ - يعني ابنَ بُكير - حدَّثنا ابن إسحاق، حدَّثني محمدُ بن جعفر بنِ الزبير، عن عُبيد الله بن عبد الله ابن أبي ثور
عن صفيةَ بنتِ شيبة، قالت: لما اطمأنَّ رسولُ الله ﷺ بمكة عام الفتحِ طَافَ على بعيرٍ يستلِمُ الرُّكْنَ بمِحْجَنٍ في يده، قالت: وأنا أنظُرُ إليه (١).
١٨٧٩ - حدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله ومحمد بن رافعٍ - المعنى - قالا: حدَّثنا أبو عاصمٍ، عن معروف - يعني ابنَ خَرَّبُوذَ المكي -
حدَّثنا أبو الطفَيْلِ، قال: رأيتُ النبي ﷺ يطوفُ بالبيتِ على راحلتِه يستلِمُ الركنَ بِمحجَنه، ثم يُقبِّلُه، زادَ محمد بن رافع: ثم خَرَجَ إلى الصَّفا والمروة فطاف سبعًا على راحِلته (٢).
١٨٨٠ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيي، عن ابنِ جُريج، أخبرني أبو الزبير


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. يونس بن بكير وابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار - صدوقان، وقد صرح ابن إسحاق في هذه الرواية بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٤٧) من طريق يونس بن بكير، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث ابن عباس سلف قبله.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل معروف بن خرَّبوذ. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد الشيباني.
وأخرجه مسلم (١٢٧٥)، وابن ماجه (٢٩٤٩) من طرق عن معروف بن خربوذ، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٣٧٩٨).
ويشهد له حديث ابن عباس السالف برقم (١٨٧٧).

أنه سَمعَ جابرَ بنَ عبدِ الله يقولُ: طافَ النبيُّ ﷺ في حَجَّة الوداع على راحلته بالبيتِ وبالصَّفا والمروة لِيراه الناسُ، وليُشرفَ، ولِيسألوه فإن الناسَ غَشُوه (١).
١٨٨١ - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا خالدُ بن عبد الله، حدَّثنا يزيدُ بن أبي زيادٍ، عن عكرمة
عن ابنِ عباس: أن رسولَ الله ﷺ قَدِمَ مكة وهو يشتكي، فطافَ على راحلته، كلما أتى على الرُّكنِ استلم الركنَ بمِحجَن، فلما فَرَغَ مِن طوافه أناخ، فصلَّى ركعتينِ (٢).


(١) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز الأموي، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم.
وأخرجه مسلم (١٢٧٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٥٥) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤١٥).
وسيأتي مطولًا برقم (١٩٠٥).
(٢) صحيح بشواهده، يزيد بن أبي زياد - وإن كان ضعيفًا - قد تابعه على ذكر استلام الركن عُبيدُ الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس كما سيأتي، وتابعه على قوله: وهو يشتكي، سعيد بن جبير وطاووس مرسلًا كما سيأتي. ولقوله: «فصلى ركعتين» شاهد من حديث جابر الطويل في حجة الوداع.
وأخرجه البخاري (١٦١٢) و(١٦١٣) و(١٦٣٢) و(٥٢٩٣)، والترمذي (٨٨١)، من طريق عكرمة، عن ابن عباس، ولفظه: «طاف النبي ﷺ بالبيت على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه وهو في»مسند أحمد" (٢٧٧٢).
وقد سلف من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبه، عن ابن عباس برقم (١٨٧٧) بلفظ: أن رسول الله ﷺ طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن، وهو عند البخاري (١٦٠٧). =

١٨٨٢ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن محمد بنِ عبدِ الرحمن بن نَوفَلٍ،
عن عُروةَ بن الزبير، عن زينبَ بنتِ أبي سلمة
عن أُمِّ سلمة زوجِ النبي ﷺ أنها قالت: شكوتُ إلى رسولِ الله ﷺ أشتكي، فقال: «طُوفي مِن وراء الناس وأنتِ راكِبَةٌ» قالت: فطفتُ ورسولُ الله ﷺ حينئذٍ يُصلي إلى جنبِ البيتِ، وهو يقرأ بالطُّور وكتابٍ مسطورٍ (١).

٤٩ - باب الاضطباع في الطواف
١٨٨٣ - حدَّثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن ابنِ جُريج، عن ابنِ يعلى


= وأخرج عبد الرزاق (٨٩٢٧)، ومن طريق الطبري في «تهذيب الآثار» في مسند ابن عباس (٨١) عن سفيان الثوري (وسقط من مطبوع عبد الرزاق اسمُه) عن حماد بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، قال: قدم رسول الله ﷺ وهو مريض، فطاف بالبيت على راحته، يستلم الركن، بمحجنه، ثم يقبل طرف المحجن. وهو مرسل رجاله ثقات.
وأخرج الطبري (٨٠) عن الحسن بن يحيي، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه: أن النبيَّ ﷺ طاف على راحلة، وهو شاكٍ، يستلم الركن بمحجنه، ثم يقبّل طرف المحجن. وهذا مرسل رجاله ثقات أيضًا. ولصلاة الركعتين بعد الطواف انظر حديث جابر بن عبد الله الطويل الآتي عند المصنف برقم (١٩٠٥) وهو في «صحيح مسلم» (١٢١٨).
(١) إسناده صحيح. القعبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٧٠ - ٣٧١، ومن طريقه أخرجه البخاري (٤٦٤) و(١٦١٩) و(١٦٢٦) و(١٦٣٣) و(٤٨٥٣)، ومسلم (١٢٧٦)، وابن ماجه (٢٩٦١)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٨٩) و(٣٩٢٩).
وأخرجه البخاري (١٦٢٦)، والنسائي (٣٨٩٠) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن أم سلمة، دون ذكر زينب بنت أم سلمة، وسماع عروة من أم سلمة ممكن فإنه أدرك من حياتها نيفًا وثلاثين سنة، وهو معها في بلدٍ واحد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٤٨٥)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٣٠) و(٣٨٣٣).

عن يعلى، قال: طافَ النبِيُّ ﷺ مُضْطَبِعًا بِبُرْدٍ أخضر (١).
١٨٨٤ - حدَّثنا أبو سَلَمةَ موسى، حدَّثنا حمادٌ، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن جُبير
عن ابنِ عباس: أن رسولَ الله ﷺ وأصحابَه اعتمروا مِن الجِعْرَانة، فرمَلوا بالبيتِ، وجعلُوا أرديتَهم تحتَ آباطِهِم ثم قَذَفُوها على عواتقِهم اليُسرى (٢).

٥٠ - باب في الرَّملَ
١٨٨٥ - حدَّثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا أبو عاصمٍ الغَنَوي، عن أبي الطُّفيلِ، قال:


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أنه منقطع، ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - لم يسمعه من ابن يعلى، وقد دلَّسَه عنه، والواسطة بينهما عبد الحميد بن جبير وهو ثقة من رجال الشيخين، سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وابن يعلى: هو صفوان بن يعلى التميمي، ذكره الحافظ المزي في «التهذيب» ٣٤/ ٤٨٤ فيمن اشتهر بالنسبة إلى أبيه وقال: إن لم يكن صفوان بن يعلى فلا أدري من هو. قلنا: وصفوان ثقة من رجال الشيخين.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٥٤)، والترمذي (٨٧٥) من طريقين عن سفيان، عن ابن جريج، عن عبد الحميد، عن ابن يعلى، عن أبيه، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٥٦).
(٢) إسناده قوي. عبد الله بن عثمان بن خثيم صدوق لا بأس به. حمّاد: هو ابن سلمة بن دينار البصري.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٧٩٢) و(٣٥١٢)، والطبراني في «المعجم الكبير» (١٢٤٧٨)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٥/ ٧٩ من طرق عن حمّاد، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده.

قلتُ لابنِ عباس: يزعمُ قومُك أن رسولَ الله ﷺ قد رَمَلَ بالبيتِ، وأن ذلك سنَّةٌ، قال: صَدَقُوا وكَذبُوا، قلت: وما صَدقوا، وما كذبوا؟ قال: صَدَقُوا: قد رمَلَ رسولُ الله ﷺ، وكَذَبُوا: ليس بسنَّة، إن قريشًا قالت زَمَنَ الحُديبية: دعوا محمدًا وأصحابَه حتى يموتوا موتَ النَّغَفِ، فلما صالحُوه على أن يجيئوا مِن العامِ المقبل، فيُقِيمُوا بمكةَ ثلاثةَ أيامٍ، فَقَدِمَ رسولُ الله ﷺ والمشركون مِن قِبَل قُعَيْقِعَان، فقال رسولُ الله ﷺ لأصحابه: «ارمُلُوا بالبيتِ ثلاثًا» وليس بسنةٍ، قلتُ: يزعمُ قومُك أن رسولَ الله ﷺ طافَ بين الصفا والمروةِ على بعيرٍ وأن ذلك سنةٌ، قال:
صدقوا وكذبوا، قلت: ما صدقوا وما كذبوا؟ قال: صدقوا: قد طافَ رسولُ الله ﷺ بين الصفا والمروةِ على بعير، وكذبوا: ليست بسنة، كان الناسُ لا يُدْفعون عن رسولِ الله ﷺ، ولا يُصرفون عنه، فطاف على بعيرٍ، ليسمعوا كلامه، وليروا مكانه، ولا تنالُه أيديهم (١).


(١) إسناده صحيح. أبو عاصم الغَنَوي وثقه ابن معين في رواية إسحاق بن منصور، وقول الحافظ في «التقريب»: مقبول، غير مقبول، وباقي رجاله ثقات. وانظر تمام كلامنا عليه في «مسند أحمد» (٢٧٠٧). حمّاد: هو ابن سلمة البصري.
وأخرجه بطوله الطيالسي (٢٦٩٧)، والطبراني (١٠٦٢٨)، والبيهقي في «الشعب» (٤٠٧٧) من طريق حمّاد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٢٦٤) من طريقين عن أبي الطُّفيل، به.
وأخرجه مختصرًا البخاري (١٦٤٩) و(٤٢٥٧)، ومسلم (١٢٦٦)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٥٩) من طريق عطاه بن أبي رباح، والترمذي (٨٧٩) من طريق طاووس ابن كيسان، كلاهما عن ابن عباس، قال: «إنما سعى رسول الله ﷺ بالبيت وبين الصفا والمروة ليُريَ المشركين قُوَّته».
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨١١).
وانظر ما سيأتي برقم (١٨٨٦) و(١٨٨٩) و(١٨٩٠). =

١٨٨٦ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بنِ جُبير أنه حدَّث
عن ابن عبَّاس، قال: قَدِمَ رسولُ الله ﷺ مكة وقد وهنتْهم حُمَّى
يَثْرِبَ، فقال المشركونَ: إنه يقدمُ. عليكم قومٌ قد وهَنَتْهُمُ الحُمّى، ولقُوا
منها شرًا، فأطلعَ اللهُ تعالى سبحانه نبيَّه ﷺ على ما قالوه، فأمرهم أن يَرمُلوا الأشواطَ الثلاثةَ، وأن يمشوا بَينَ الرُّكنينِ، فلما رأوهُم رمَلُوا قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحُمَّى قد وهنتَهُم، هؤلاء أجْلُد منا، قال ابنُ عباس: ولم يأمرهم أن يرملوا الأشواط كُلَّها إلا إبقاء عليهم (١).


= النغف: قال الخطابي: دود يسقط من أنوف الدواب، واحدتها: نغفة، يقال للرجل
إذا استُحقِر واستضعِفَ، ما هو إلا نَغَفَة.
وقعيقعان بضم القاف وفتح العين: جبل مشهور بمكة، سمي بذلك، لأن جُرهُمًا لما تحاربوا، كثرت القعقعة بالسلاح هناك.
وقوله: ليس بسنة. معناه أنه أمر لم يُسن فعله لكافة الأمة على معنى القربة كالسنن التي هي عبادات، ولكنه شيء فعله رسول الله ﷺ لسبب خاص وهو أنه أراد أن يُري الكفار قوة أصحابه، وكانوا يزعمون أن أصحاب محمد قد أوهنتهم حُمى يثرب ووقذتهم، فلم يبق فيهم طِرق.
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه البخاري (١٦٠٢) و(٤٢٥٦)، ومسلم (١٢٦٦)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٢٨) من طرق عن حمّاد بن زيد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٣٩).
وانظر ما قبله.
وهنتهم: أضعفتهم، ويثرب اسم المدينة في الجاهلية، وسميت في الإسلام المدينة وطيبة وطابة.=

١٨٨٧ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الملك بن عمرو، حدَّثنا هشامُ ابن سعد، عن زيدِ بن أسلم، عن أبيه، قال:
سمعتُ عمر بن الخطاب يقول: فيم الرَّمَلان اليوم، والكشفُ
عن المناكب؟ وقد أطَّأ الله الإسلامَ، ونفى الكفرَ وأهلَه، مع ذلك لا
نَدَعُ شيئًا كنا نفعلُه على عهدِ رسولِ الله ﷺ (١).
١٨٨٨ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بن يونس، حدَّثنا عُبيد الله بن أبي زياد، عن القاسم
عن عائشةَ، قالت: قال رسولُ الله ﷺ: «إنما جُعِلَ الطوافُ بالبيتِ وبين الصَّفا والمروةِ ورمْيُ الجِمار لإقامةِ ذكرِ الله» (٢).


= أجلد: أشد جلدة وقوة، والإبقاء عليهم علة لعدم أمرهم بالرمل في الأشواط كلها لانهم كانوا على الحقيقة ضعافًا مهازيل.
(١) صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات. هشام بن سعد: ضعيف يعتبر به، وقد توبع.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٥٢) من طريق جعفر بن عون، عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرج بنحوه البخاري (١٦٠٥) من طريق محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن زيد ابن أسلم، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣١٧).
وقوله: وقد أطأ الله الإسلام: إنما هو: وطأ الله الإسلام، أي: ثبته وأرساه والواو قد تبدل همزة.
قال الخطابي: وفيه دليل على أن النبي ﷺ قد يسن الشيء لمعنى، فيزول ذلك المعنى، وتبقى السنة على حالها، وممن كان يرى الرمل سنة مؤكدة، ويرى على من تركه دمًا سفيان الثوري، وقال عامة أهل العلم: ليس على تاركه شيء.
(٢) إسناده ضعيف. عُبيد الله بن أبي زياد - وهو القدّاح - مختلفٌ فيه، وهو إلى الضعف أقربُ، وقد انفرد برفعه عن القاسم، ووقفه غيرُه كما بيناه في «مسند أحمد» (٢٤٣٥١). =

١٨٨٩ - حدّثنا محمدُ بن سليمان الأنباريُّ، حدَّثنا يحيي بن سُليم، عن ابن خُثَيم، عن أبي الطُّفيل
عن ابنِ عباس: أن النبيَّ ﷺ اضطبعَ فاستلَم وكبَّرَ، ثم رَمَلَ ثلاثةَ أطوافٍ، وكانوا إذا بلغوا الرُّكنَ اليماني وتغيَّبوا مِن قُريش، مَشَوْا، ثم يطلُعُون عليهم يَرْمُلُونَ، تقول قريش: كأنهم الغِزلانُ. قال ابن عباس: فكانت سنةً (١).
١٨٩٠ - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا عبدُ الله بن عثمان بن خُثَيم، عن أبي الطُّفيل
عن ابنِ عباس: أن رسولَ الله ﷺ وأصحابه اعتمرُوا من الجِعْرَانة،
فرمَلُوا بالبيتِ ثلاثًا، ومَشَوْا أربعًا (٢).


= وأخرجه الترمذي (٩١٨) من طريقين عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد، وقال:
هذا حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣٥١).
(١) حديثٌ صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن سُليم - وهو الطائفي القرشي -، لكنه متابع. ابن خثيم: هو عبد الله بن عثمان القارئ.
وأخرجه بنحوه ابن ماجه (٢٩٥٣) من طريق معمر، عن ابن خثيم، بهذا الإسناد.
دون ذكر الاضطباع فيه. وهو في «مسند أحمد» (٢٢٢٠)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨١٢).
وانظر ما سلف برقم (١٨٨٥)، وما سيأتي بعده.
(٢) إسناده قوي. عبد الله بن عثمان بن خثيم صدوق لا بأس به. حمّاد: هو ابن سلمة البصري.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨١٤).
وانظر ما سلف برقم (١٨٨٥)، وما قبله. =

١٨٩١ - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا سُليمُ بن أخْضَر، حدَّثنا عُبيد اللهِ، عن نافع أن ابنَ عمر رَمَلَ مِن الحَجَر إلى الحَجَر، وذكر أن رسولَ الله ﷺ فَعَلَ ذلك (١).

٥١ - باب الدعاء في الطواف
١٨٩٢ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بن يونس، حدَّثنا ابن جُريجٍ، عن يحيي بن عُبيد، عن أبيه
عن عبد الله بن السائب، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول ما بين الرُّكْنينِ: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: ٢٠١] (٢).


= والجعرانة: قال في «النهاية»: موضع قريب من مكة (بينها وبين الطائف) وهي في الحِلِّ، وميقات للإحرام، وهي بتسكين العين والتخفيف، وقد تكسر العين وتشدد الراء. قال علي ابن المديني: أهل المدينة يخففونها وأهل العراق يشددونها، وخطَّأ الخطابي التخفيف.
وقد نزلها النبي ﷺ لما قسم غنائم هوازن مرجعه من غزاة حنين وأحرم منها.
(١) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري.
وأخرجه مسلم (١٢٦٢) من طريق أبي كامل، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه مسلم (١٢٦٢)، وابن ماجه (٢٩٥٠)، والنسائى في «الكبرى» (٣٩٢٤) من طرق عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٥٧٦٠).
وانظر ما سيأتي برقم (١٨٩٣).
(٢) إسناده محتمل للتحسين، عببد والد يحيي: هو مولى السائب بن أبي السائب
المخزومي، انفرد بالرواية عنه ولده يحيي، وهو ثقة، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقد عده بعضهم صحابيًا فوهم، قال الحافظ في «الإصابة» في ترجمته: عبيد تابعي، ما روى عنه إلا ابنه يحيي، والله أعلم، وابن جريج: وهو عبد الملك بن عبد العزيز قد =

١٨٩٣ - حدَّثنا قُتيبة بن سعيد، حدَّثنا يعقوبُ، عن موسى بن عقبة، عن نافعٍ
عن ابنِ عمر: أن رسولَ الله ﷺ كان إذا طافَ في الحجِّ والعمرةِ أوَّلَ ما يَقْدَمُ، فإنَّه يسعى ثلاثةَ أطوافٍ، ويمشي أربعًا، ثم يُصلِّي سجدتين (١).

٥٢ - باب الطواف بعد العصر
١٨٩٤ - حدَّثنا ابن السَّرحِ والفضلُ بن يعقوبَ - وهذا لفظه - قالا (٢): حدَّثنا
سفيان، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن بَابَاه


= صرح بالتحديث عند أحمد في «مسنده» (١٥٣٩٨). مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي،
وعيسى بن يونس: هو السبيعي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٩٢٠) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٣٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٢٦).
(١) إسناده صحيح. يعقوب: هو ابن عبد الرحمن القاريّ.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٩٢١) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٦١٦)، ومسلم (١٢٦١) من طريقين عن موسى بن عقبة، به.
وأخرجه البخاري (١٦٠٤) و(١٦١٧)، ومسلم (١٢٦١)، والنسائي (٣٩٢٣)
من طرق عن نافع، به. ورواية البخاري في الموضع الثاني، ومسلم، والنسائي، بلفظ: «خبَّ» بدل: «سعى».
وأخرجه البخاري (١٦٠٣)، ومسلم (١٢٦١)، والنسائى (٣٩٢٥) من طريق
الزهري، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله ﷺ حين يقدَمُ مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يَخُبُّ ثلاثة أطواف من السَّبع.
وانظر ما سلف برقم (١٨٩١).
(٢) طريق الفضل بن يعقوب أثبتناه من (هـ).

عن جُبير بن مُطعِم، يَبلُغُ به النبيَّ ﷺ، قال: «لا تمنعُوا أحدًا
يطوفُ بهذا البيتِ ويُصلي أيَّ ساعةٍ شاءَ مِن ليلٍ أو نهارٍ». قال الفضلُ:
إنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «يا بني عبدِ منافٍ، لا تمنعوا أحدًا» (١).

٥٣ - باب طواف القارِنِ
١٨٩٥ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيي، عن ابنِ جُريج، قال: أخبرنى أبو الزبير، قال:
سمعتُ جابر بن عبد الله يقولُ: لم يَطُفِ النبي ﷺ ولا أصحابُه بين الصفا والمروةِ إلا طوافًا واحدًا، طوافَه الأوّلَ (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس - صرح بالتحديث عند أحمد في «مسنده» (١٦٧٧٤)، فانتفت شبهة تدليسه. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو، وسفيان: هو ابن عيينة، وعبد الله بن باباه: هو المكي، ويقال في اسم أبيه: بابيه، ويقال: بابي.
وأخرجه ابن ماجه (١٢٥٤)، والترمذي (٨٨٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٣٢) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث جبير بن مطعم حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٧٣٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٥٥٢).
(٢) إسناده صحيح. ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز -، وأبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس - قد صرحا بالتحديث في هذه الرواية، فانتفت شبهة تدليسهما. يحيي: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه مسلم (١٢١٥) و(١٢٧٩)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٦٦) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٧٣)، والترمذي (٩٦٨) من طريقين عن ابن الزبير، به.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٧٢) من طريق ليث بن أبي سليم، عن عطاء وطاووس ومجاهد، عن جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس. =

١٨٩٦ - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا مالكُ بن أنسٍ، عن ابنِ شهاب، عن عُروة
عن عائشة: أن أصحابَ رسولِ الله ﷺ الذين كانوا معه لم يطوفوا حتى رموا الجمرة (١).
١٨٩٧ - حدَّثنا الربيعُ بن سليمانَ المؤذِّن، أخبرني الشافعيُّ، عن ابن عُيَينة، عن ابنِ أبي نَجيح، عن عطاء
عن عائشة أن النبيَّ ﷺ قال لها: «طوافُكِ بالبيتِ وبين الصفا والمروةِ يكفيكِ لِحَجتكِ وعُمرتكِ» (٢).


= وهو في «مسند أحمد» (١٤٤١٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨١٩).
قال ابن القيم في «تهذيب السنن» ٢/ ٣٨٢ - ٣٨٣: اختلف العلماء في طواف
القارن والمتمتع على ثلاثة مذاهب:
أحدها: أن على كل منهما طوافين وسعيين، روي ذلك عن علي وابن مسعود، وهو قول سفيان الثوري وأبي حنيفة وأهل الكوفة والأوزاعي وإحدى الروايتين عن أحمد.
الثاني: أن عليهما كليهما طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا نص عليه أحمد في رواية ابنه عبد الله، وهو ظاهر حديث جابر.
الثالث: أن على المتمتع طوافين وسعيين وعلى القارن سعي واحد، وهذا هو المعروف عن عطاء وطاووس والحسن وهو مذهب مالك والشافعي وظاهر مذهب أحمد. وانظر حديث ابن عباس عند البخاري (١٥٧٢).
(١) إسناده صحيح. قتيبة: هو ابن سعيد، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وعروة: هو ابن الزبير الأسدي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤١٥٨) من طريق مالك، بهذا الإسناد.
وانظر حديث عائشة مطولًا في «الموطأ» ١/ ٤١٠ - ٤١١، والبخاري (١٥٥٦) ومسلم (١٢١١).
(٢) إسناده صحيح. ابن عيينة: هو سفيان، وابن أبي نجيح: هو عبد الله الثقفي مولاهم، وعطاء: هو ابن أبى رباح. =

قال الشافعيُّ: كان سفيانُ ربما قال: عن عطاء، عن عائشةَ،
وربما قال: عن عطاء، أن النبيَّ ﷺ قال لِعائِشة رضي الله عنها.

٥٤ - باب المُلْتَزَم
١٨٩٨ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرُ بن عبدِالحميد، عن يزيد ابن أبي زياد، عن مجاهدٍ
عن عبدِ الرحمن بنِ صفوانَ، قال: لما فَتَحَ رسولُ الله ﷺ مكةَ،
قلتُ: لألبَسنَّ ثيابي، وكانت داري على الطريقِ، فلأنظُرنَّ كيفَ يصنعُ
رسولُ الله ﷺ، فانطلقتُ، فرأيتُ النبيَّ ﷺ قد خرج مِن الكعبةِ هو وأصحابه [و]، قد استلموا البيتَ من البابِ إلى الحَطِيمِ، وقد وضعُوا
خدودَهم على البيتِ ورسولُ الله ﷺ وسَطُهم (١).


= وأخرجه مسلم (١٢١١) من طريق طاووس بن كيسان، و(١٢١١) من طريق
مجاهد، كلاهما عن عائشة. ولفظه في الرواية الأولى: «يَسعُكِ طَوافُكِ لحَجِّكِ
وعُمرَتك»، وفي الثانية: «يُجْزئُ عنكِ طوافُكِ بالصَّفَا والمروة، عن حَجِّكِ وعُمرَتكِ».
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٩٣٢).
(١) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو القرشي الهاشمي مولاهم، وقال البخاري في «تاريخ الكبير» ٣/ ٢٤٧: عبد الرحمن بن صفوان، أو صفوان بن عبد الرحمن، عن النبي ﷺ، قاله يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، ولا يصح. وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٥٥٥٠) مختصرًا، و(١٥٥٥٢) و(١٥٥٥٣)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٧٨١)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٣٠١٧)، والطحاوي في«شرح معاني الآثار» ١/ ٣٩١، والبيهقي في «الكبرى» ٥/ ٩٢ من طرق عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد. وزاد ابن أبي عاصم وابن خزيمة قوله: «دخل رسول الله ﷺ البيت، فلما خرج سألت من كان معه، فقالوا: صلَّى ركعتين عند السارية الوسطى عن يمينها»، وقد سمي ابنُ خزيمة الصحابيَّ في روايته: صفوان بن عبد الرحمن =

١٨٩٩ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بن يونس، حدَّثنا المثنى بن الصبَّاح، عن عمرو بنِ شعيبٍ، عن أبيه قال:
طفت مع عبد الله، فلما جئنا دُبُرَ الكعبةِ قلتُ: ألا تتعوَّذ، قال: نعوذُ بالله من النار، ثم مضى حتى استلَم الحجر، وأقامَ بين الركنِ والبابِ، فوضع صدرَه، ووجهه، وذِراعيهِ، وكفيه هكذا، وبسَطهما بسطًا، ثم قال: هكذا رأيتُ رسولَ الله ﷺ يفعله (١).
١٩٠٠ - حدَّثنا عُبيد اللهِ بن عمر بنِ ميسرةَ، حدَّثنا يحيي بن سعيد، حدَّثنا السائب بن عمرو المخزومي، حدثني محمدُ بن عبدِ الله بنِ السائبِ
عن أبيه: أنه كان يقودُ ابنَ عباس، فيُقيمه عند الشُّقَّة الثالثة مما يلي الركنَ الذي يلي الحجرَ مما يلي البابَ، فيقول له ابن عباس: أُنبئتَ أن رسولَ الله عيه كان يُصلي ها هنا؟ فيقول: نعم فيقومُ فيصلِّي (٢).


= أو عبد الرحمن بن صفوان، على الشك، وسماه الطحاوي أبا صفوان أو عبد الله بن صفوان، ورواية الطحاوي مختصرة بقوله: «سمعت رسول الله ﷺ يوم الفتح قد قدم، فجمعت عليَّ ثيابي، فوجدته قد خرج من البيت».
والملتزم: ما بين الركن والباب، والحطيم: هو الحِجر، لأن البيتَ رُفع وتُرِكَ هو محطومًا، وهو الذي ذكره البخاري في «صحيحه» واحتج عليه بحديث الإسراء (٣٨٨٧) «قال: بينما أنا نائم في الحطيم وربما قال: في الحجر» وهو حطيم بمعنى محطوم كقتيل بمعنى مقتول.
(١) إسناده ضعيف، لضعف المثنى بن الصبَّاح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدى، وعيسى بن يونس: هو السبيعي.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٦٢) من طريق عبد الرزاق، عن المثنى بن الصبَّاح، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة محمد بن عبد الله بن السائب، وقد اختلف في إسناد هذا الحديث كما بينه أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في «الجرح والتعديل» ٧/ ٢٩٩. =

٥٥ - باب أمر الصفا والمروة
١٩٠١ - حدَّثنا القعنبي، عن مالك، عن هشام بنِ عُروة (ح)
وحدَّثنا ابن السَّرْحِ، حدَّثنا ابن وهب، عن مالكٍ، عن هشامِ بن عُروة، عن أبيه، أنه قال:
قلتُ: لعائشةَ زوجِ النبيَّ ﷺ وأنا يومئذ حديثُ السنِّ: أرأيتِ
قولَ الله عز وجل: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨] فما أرى على أحدٍ شيئًا أن لا يطَّوَّفَ بهما، قالت عائشة: كلا، لو كان كما تقولُ كانت (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) إنما أُنزِلت هذه الآيةُ في الأنصارِ، كانوا يُهِلُّونَ لمناةَ، وكانت مَناةُ حَذْوَ قُدَيدٍ، وكانوا يتحَرَّجُون أن يَطوَّفُوا بين - الصفا والمروةِ، فلمَّا جاء الإسلامُ سألوا رسولَ الله ﷺ عن ذلك، فأنزلَ الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ (١).


= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٨٨٧) عن عمرو بن علي الفلَّاس، عن يحيي ابن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٣٩١).
(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن السَّرح: هو أحمد بن عمرو الأموي، وابن وهب: هو عبد الله القرشي.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٧٣، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٧٩٠) و(٤٤٩٥).
وأخرجه مسلم (١٢٧٧)، وابن ماجه (٢٩٨٦) من طريقين عن هشام بن عروة، به.
وأخرجه البخاري (١٦٤٣) مطولًا، و(٤٨٦١)، ومسلم (١٢٧٧)، والترمذي (٣٢٠٣)، والنسائى في «الكبرى» (٣٩٤٦) و(٣٩٤٧) من طريق ابن شهاب الزهري، عن عروة، به. =

١٩٠٢ - حدَّثنا مُسددٌ، حدَّثنا خالدُ بن عبد الله، حدَّثنا إسماعيلُ بن أبي خالد
عن عبدِ الله بن أبي أوفى: أن رسولَ الله ﷺ اعتمر فطافَ بالبيتِ وصلَّى خلفَ المقامِ ركعتينِ ومعه من يستُرُهُ مِنَ الناسِ، فقيل لِعبدِ الله: أَدَخَلَ رسولُ الله ﷺ الكعبةَ؟ قال: لا (١).


= وهو في «مسند أحمد» (٢٥١١٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٣٩) و(٣٨٤٠). قال النووي في «شرح مسلم» ٩/ ١٩: قال العلماء: هذا من دقيق علمها، وفهمها الثاقب، وكبير معرفتها بدقائق الألفاظ، لأن الآية الكريمة إنما دلَّ لفظها على رفع الجناح عمن يطوف بهما، وليس دلالة على عدم وجوب السعي ولا على وجوبه، فأخبرته عائشة رضي الله عنها أن الآية ليست فيها دلالة للوجوب ولا لعدمه، وبينت السبب في نزولها والحكمة في نظمها، وأنها في الأنصار حين تحرجوا من السعي بين الصفا والمروة في الإسلام، وأنها لو كانت كما يقول عروة لكانت: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما. وقد يكون الفعل واجبًا، ويعتقد إنسان أنه يمنع إيقاعه على صفة مخصوصة، وذلك كمن عليه صلاة الظهر، وظن أنه لا يجوز فعلها عند غروب الشمس، فسأل عن ذلك، فيقال في جوابه: لا جناح عليك إن صليتها في هذا الوقت، فيكون جوابه صحيحًا ولا يقتضي نفي وجوب صلاة الظهر.
وقال ابن قدامة في «المغني» ٥/ ٢٣٨: واختلفت الرواية في السعي، فروي عن أحمد: أنه ركن لا يتم الحج إلا به، وهو قول عائشة وعروة ومالك والشافعي ... وروي عن أحمد: أنه سنة لا يجب - بتركه دم رُوي ذلك عن ابن عباس وأنس وابن الزبير. وابن سيرين. وقال القاضي: هو واجب وليس بركن إذا تركه وجب عليه دم وهو مذهب الحسن وأبي حنيفة والثوري، وهو أولى.
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي.
وأخرجه البخاري (١٦٠٠) من طريق مسدَّدٌ، بهذا الإسناد في الحج: باب من لم يدخل مكة. وكان ابن عمر يحج كثيرًا ولا يدخل. قال الحافظ: كأنه أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من زعم أن دخولها من مناسك الحج، واقتصر المصنف على الاحتجاج بفعل ابن عمر، لأنه أشهر من روى عن النبيَّ ﷺ دخول الكعبة، فلو كان دخولها عنده من المناسك لما أخل به مع كثرة اتباعه. وانظر حديث ابن عمر عند البخاري (١٥٩٩). =

١٩٠٣ - حدَّثنا تميمُ بن المنتصِرِ، أخبرنا إسحاقُ بن يوسف، أخبرنا شريكٌ، عن إسماعيلَ بنِ أبي خالد، قال:
سمعتُ عبدَ الله بنَ أبي أوفى، بهذا الحديثِ، زاد: ثم أتى الصَّفا والمروةَ، فسعى بينهما سبعًا، ثم حَلَقَ رأسَه (١).
١٩٠٤ - حدَّثنا النفيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عطاء بن السائب، عن كثيرِ ابنِ جُمهان
أن رجلًا قال لِعبد الله بن عمر بين الصَّفا والمروةِ: يا أبا عبدِ الرحمن إني أراك تمشِي والناسُ يسعَون، قال: إن أمْشِ فقد رأيتُ رسولَ الله ﷺ يمشي، وإن أسعَ فقد رأيتُ رسولَ الله ﷺ يسعى، وأنا شيخٌ كبيرٌ (٢).


= وأخرجه البخاري (١٧٩٢) و(٤١٨٨) و(٤٢٥٥)، ومسلم (١٣٣٢)، وابن ماجه (٢٩٩٠)، والنسائي في «الكبرى» (٤٢٠٦) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.
ورواية البخاري في الموضع الثاني، وابن ماجه، والنسائي دون ذكر قصة دخول الكعبة، ورواية البخاري في الموضع الثالث مختصرة بذكر ستر النبي ﷺ، ورواية مسلم مختصرة بقصة نفي دخول الكعبة.
وهو في «مسند أحمد» (١٩١٠٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٤٣).
وانظر ما بعده.
(١) شريك - وهو ابن عبد الله - في حفظه شيء، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٥/ ١٠٢ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات. كثير بن جُمهان مقبول وقد توبع.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٨٨) من طريق الجراح بن مليح، والترمذي (٨٨٠) من طريق محمد بن فضيل، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٥٧) من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم، عن عطاء بن السائب، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. =

٥٦ - بابُ صفة حَجَّة النبي ﷺ -
١٩٠٥ - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ وعثمانُ بن أبي شيبة وهشامُ بن عمار وسليمانُ بن عبدِ الرحمن الدمشقيان - وربما زاد بعضُهم على بعض الكلمةَ والشيء - قالوا: حدَّثنا حاتِمُ بن إسماعيل، حدَّثنا جعفرُ بن محمدٍ، عن أبيه، قال: دخلنا على جابرِ بنِ عبد الله، فلما انتهينا إليه سأل عن القومِ، حتى انتهى إليَّ، فقلت: أنا محمدُ بن علي بن حسين، فأهوى بيدِه إلى رأسي فَنزعَ زرِّيَ الأعلى، ثم نزعَ زرِّي الأسفل، ثم وضع كفَّه بين ثدييَّ وأنا يومئذٍ غلامٌ شابٌ فقال: مرحبًا بكَ وأهلًا يا ابنَ أخي. سَلْ عَمَّ شئت، فسألتُه وهو أعمى، وجاء وقتُ الصلاة فقام في نِسَاجَةٍ ملتحفًا بها، يعني ثوبًا مُلفَّقًا، كلما وضعها على منكبه رَجَعَ طرفاها إليه من صغرها، فَصَلَّى بنا ورداؤُه إلى جنبه على المِشْجَب، فقلتُ: أخبرني عن حَجَّةِ رسولِ الله ﷺ، فقال بيده، فعقد تسعًا، ثم قال: إن رسولَ الله ﷺ مكث تسعَ سنين لم يحج ثم أذَّن في الناسِ في العاشرة أن رسولَ الله ﷺ حاجٌّ، فَقَدِمَ المدينةَ بَشَرٌ كثير كلُّهم يلتمِسُ أن يأتمَّ برسولِ الله ﷺ ويَعمَلَ بمثلِ عَمَلِهِ، فخرجَ رسولُ الله ﷺ، وخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحُليفة، فولدت أسماء بنت عُميْس محمدَ بنَ أبي بكر، فأرسلتْ إلى رسولِ الله ﷺ: كيف أصنعُ؟ فقال: «اغتسلي واستَذْفِري بثوبٍ وأحرمي» فصلَّى رسولُ الله ﷺ في المسجد، ثم


= وأخرجه النسائي (٣٩٥٦) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عمر. وسنده صحيح. وهو في «مسند أحمد» (٥١٤٣) و(٦٠١٣).
وزهير وسفيان الثوري ممن سمع من عطاء بن السائب قبل اختلاطه.

ركب القَصواءَ، حتى إذا استَوَتْ به ناقتُه على البيداءِ، قال جابرٌ:
نظرت إلى مَدِّ بصري مِنْ بين يديه من راكبٍ وماشٍ وعن يمينه مثلَ ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثلَ ذلك، ورسولُ الله ﷺ بين أظهرنا، وعليه يَنزِلُ القُرآنُ، وهو يعلمُ تأويلَه، فما عَمِلَ بهِ من شيءٍ عَمِلنا به.
فأهلَّ رسول الله ﷺ بالتوحيدِ «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شَرِيكَ لك، لَبيْكَ إن الحمدَ والنعمة لك، والملكَ، لا شريكَ لَكَ» وأهَلَّ الناسُ بهذا الذي يُهِلُّون به، فلم يَرُدَّ عليهم رسول الله ﷺ شيئًا منه، ولزِمَ رسولُ الله ﷺ تلبيتَه.
قال جابر: لسنا نَنوي إلا الحجَّ، لسنا نعرف العُمْرةَ، حتى إذا أتينا البيتَ معه، استلم الركن فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم تقدَّمَ إلى مقامِ إبراهيمَ فقرأ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥] فجعل المقامَ بينه وبينَ البيتِ، قال: فكان أبي يقولُ: - قال ابن نُفَيل وعثمان: ولا أعلمه ذكره إلا عن النبيِّ ﷺ، قال سليمانُ: ولا أعلمه إلا قال: قال رسولُ الله ﷺ يقرأُ في الركعتين بـ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ وبـ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ ثم رجع إلى البيتِ فاستلم الركنَ.
ثم خرجَ من الباب إلى الصفا، فلما دنا مِن الصَّفا قرأ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨] «نبدأ بما بدأ الله به» فبدأ بالصفا فرقِيَ عليه حتى رأى البيت فكبَّر الله ووحَّده وقال: "لا إله إلا الله وحدَه، لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، يُحيي ويُميت،

وهو على كلِّ شيءٍ قدير، لا إله إلا الله وحدَه، أنجزَ وعدَه، ونصرَ عبدَه، وهَزَمَ الأحزابَ وحده» ثم دعا بين ذلك، وقال مثلَ هذا ثلاثَ مرات، ثم نزل إلى المروةِ حتى إذا انصبَّت قدماه رَمَلَ في بطنِ الوادِي، حتى إذا صَعِدَ مشى، حتى أتى المروةَ فصنعَ على المروة مثلَ ما صنع على الصفا.
حتى إذا كان آخر الطوافِ على المروةِ قال: «إني لو استقبلتُ مِن أمرِي ما استدبرتُ لم أسُقِ الهَدْيَ، ولجعلتُها عُمْرَةً، فمن كان منكم ليس معه هديٌ، فليحلِلْ، وليجعلها عمرةً» فحل الناسُ كلُّهم وقصَّروا، إلا النبيَّ ﷺ ومن كان معه هَدْيٌ، فقامَ سُراقَةُ بن جُعْشُم فقالَ: يا رسولَ الله، ألعامِنَا هذا أمْ للأبدِ؟ فشبّك رسول الله ﷺ أصابعه في الأخرى ثم قال: «دخلتِ العمرةُ في الحج» هكذا مرتين: «لا بل لأبدِ أبدٍ، لا بل لأبدِ أبدٍ».
قال: وقدم عليٌّ رضي الله عنه مِنَ اليمنِ ببُدْنِ النبيِّ ﷺ، فَوَجَدَ فاطمةَ رضي الله عنها ممن حَلَّ ولبسَتْ ثيابًا صَبيغًا واكتحلتْ، فأنكر عليٌّ ذلك عليها، وقال: مَنْ أمرك بهذا؟ فقالت: أبي، فكان عليٌّ يقولُ بالعراقِ: ذهبتُ إلى رسولِ الله ﷺ محرِّشًا على فاطمة في الأمرِ الذي صَنَعَتْهُ مستفتيًا لِرسول الله ﷺ في الذي ذَكَرَتْ عنه، فأخبرتُه أني أنكرتُ ذلك عليها، فقالت: أبي أمرني بهذا، فقال: «صَدَقتْ صَدَقَتْ! ماذا قلتَ حينَ فَرَضْتَ الحجَّ؟» قال: قلتُ: اللهم إني أُهِلُّ بما أهَلَّ بهِ رسولُ الله ﷺ، قال: «فإن معي الهدي، فلا تحْلِل» قال: فكان جماعةُ الهدي الذي قدم به عليٌّ من اليمن والذي أتى به النبيُّ

ﷺ من المدينة مئةً، فحلَّ الناسُ كُلُّهم وقصَّروا، إلا النبيَّ ﷺ ومن كانَ معه هَدْيٌ.
قال: فلما كانَ يومُ الترويةِ ووجَّهوا إلى مِنى، أهلُّوا بالحجِّ، فَرَكبَ رسولُ الله ﷺ فصلَّى بمنى الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاء والصبحَ، ثم مكثَ قليلًا حتى طلعتِ الشمسُ، وأمر بقيَّه له مِن شعرٍ، فضُرِبَتْ بنَمِرَة فسارَ رسولُ الله ﷺ، ولا تشُكُّ قريشٌ أن رسولَ الله ﷺ واقفٌ عندَ المشعرِ الحرامِ بالمُزدَلِفَةِ كما كانت قريشٌ تصنعُ في الجاهلية، فأجاز رسولُ الله ﷺ حتى أتى عرفةَ، فوجد القُبُّه قد ضُرِبَت له بنَمِرة، فنزلَ بها حتى إذا زاغتِ الشمسُ أمَرَ بالقصواء فرُحِلَت له، فَرَكِبَ حتى أتى بَطْنَ الوادِي، فخطب الناسَ فقال:»إن دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ كحُرمةِ يومكم هذا في شهرِكُم هذا في بلدِكم هذا، ألا إن كُلَّ شيءٍ مِن أمرِ الجاهليةِ تحت قَدَميَّ موضوعٌ، ودماءُ الجاهِلية موضوعةٌ، وأول دم أضعُه دماؤنا: - قال عثمان: «دمُ ابنِ ربيعة» وقال سليمان: «دمُ ربيعةَ بن الحارث ابن عبد المطلب» وقال بعضُ هؤلاء: كان مُسترضَعًا في بني سعدٍ، فقتلته هُذَيلٌ - "وَرِبا الجاهِلِيَّة موضوعٌ، وأوَّل ربًا أضعُ ربانا: ربا عباسِ بنِ عبد المطلب، فإنه موضوعٌ كُلُّه، اتقوا اللهَ في النَّساء، فإنكَم أخذتموهُنَّ بأمانةِ الله، واستحللتُم فُروجَهُنَّ بكلمةِ الله، وإنَّ لكم عليهن أن لا يُوطِئنَ فُرُشَكُم أحدًا تكرهونَه، فإن فَعَلْنَ فاضربُوهُن ضربًا غيرَ مُبرِّح، ولَهُنَّ عليكُم رِزقُهن وكِسوتُهن بالمعروفِ، وإني قد تركتُ فيكم ما لن تَضِلُوا بعدَه إن اعتصمتُم به: كتابَ الله، وأنتم

مسؤولون عني، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهَدُ أنَّك قد بلَّغت وأدَّيت ونصحتَ، ثم قال بإصبعه السَّبابَة يرفعُها إلى السماء، وينكُبُهَا (١) إلى الناسِ«اللهم اشهَد، اللهم اشهَد، اللهم اشهد».
ثم أذَّن بلالٌ، ثم أقامَ فصلَّى الظهرَ، ثم أقامَ فصلَّى العصرَ لم يُصَلِّ بينَهما شيئًا، ثم رَكِبَ القَصْواءَ حتى أتى الموقفَ فجعل بطنَ ناقته القَصْوَاء إلى الصخرات، وجَعَل حَبلَ المُشاةِ بين يديه، فاستقبلَ القِبلة، فلم يزل واقفًا حتى غرَبَت الشمسُ، وذهبت الصُّفرة قليلًا حين غاب القرصُ، وأردفَ أُسامةَ خلفَه، فدفع رسولُ الله ﷺ وقد شَنَقَ لِلقصواء الزِّمامَ حتى إن رأسَها ليُصِيْبُ مَورِكَ رحلِه، وهو يقولُ بيده اليُمنى: «السَّكينةَ أيها الناسُ، السكينةَ أيُّها الناسُ» كلما أتى حبلًا مِن الحبال أرخى لها قليلًا حتى تَصْعدَ، حتى أتى المزدلِفَةَ فجمع بين المغربِ والعِشاء بأذانٍ واحدٍ وإقامَتَيْنِ - قال عثمان: ولم يُسبِّح بينهما شيئًا، ثم اتفقوا: - ثم اضطجع رسولُ الله ﷺ حتى طلعَ الفجرُ، فصلَّى الفجرَ حين تبيَّن له الصبحُ - قال سليمان: بنداءٍ وإقامة، ثم اتفقوا: - ثم رَكِبَ القصواء حتى أتى المَشْعَرَ الحرامَ فَرَقِيَ عليه، قال عثمانُ


(١) في (أ) و(ب): ينكتها، والمثبت من (ج) ومن رواية أبي بكر ابن داسه التمار، قال القاضي عياض كما نقله عنه النووي في «شرح مسلم»: هكذا الرواية - يعني في «صحيح مسلم» - قال: وهو بعيد المعنى، قيل: صوابه: ينكبها، بباء موحدة، قال: ورويناه في «سنن أبي داود» بالتاء المثناة من طريق ابن الأعرابي، وبالموحدة من طريق أبي بكر التمار، وهو ابن داسه، ومعناه: يردُّها ويقلبها إلى الناس مشيرًا إليهم، ومنه: نكب كنانته إذا قلبها. وقال ابن الأثير: ينكبُها إلى الناس، أي: يُميلها إليهم، يريد بذلك أن يشهد الله عليهم، يقال: نكبت الإناء نكبًا ونكّبتُه تنكيبًا إذا أمالَه وكبَّه.

وسليمانُ: فاستقبلَ القبلةَ، فحمد الله وكبَّره وهلَّله، زاد عثمانُ: ووحَّدَه، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا، ثم دفع رسولُ الله ﷺ قبل أن تطلع الشمسُ، وأردفَ الفضلَ بن عباس، وكان رجلًا حَسَنَ الشعرِ أبيْضَ وسيمًا، فلما دفع رسولُ الله ﷺ مرَّ الظُّعُنُ يَجرِينَ، فطفِق الفضلُ ينظر إليهن، فوضعَ رسولُ الله ﷺ يده على وجه الفضلِ، وصرف الفضلُ وجهه إلى الشِّقِّ الآخَرِ، وحوَّل رسولُ الله ﷺ يده إلى الشِّقِّ الآخرِ، وصرف الفضل وجهه إلى الشق الآخر يَنْظرُ، حتى أتى مُحسِّرًا فحرَّك قليلًا، ثم سلكَ الطريقَ الوُسْطَى الذي يُخرجك إلى الجمرةِ الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عندَ الشجرةِ، فرماها بسبعِ حصياتٍ يُكبّر مع كُلِّ حصاةٍ [منها] بمثل حصى الخَذْفِ، فرمى مِن بطنِ الوادي، ثم انصرفَ رسولُ الله ﷺ إلى المَنْحَرِ، فنحر بيدِه ثلاثًا وستِّين، وأمر عليًا فَنَحَرَ ما غَبَرَ - يقول: ما بقي - وأشركَه في هَدْيه، ثم أَمَرَ مِن كُل بَدَنَةٍ ببَضعةٍ فجُعِلت في قِدرٍ فطُبِخَتْ فأكلا مِنْ لحمها وشَرِبَا مِنْ مَرَقِها - قال سليمان: - ثم رَكِبَ، ثم أفاضَ رسولُ الله ﷺ إلى البيتِ فَصَلَّى بمكةَ الظهرَ، ثم أتى بني عبدِ المُطَّلب وهم يَسْقُونَ على زمزم فقال: «انزِعُوا بني عبدِ المطَّلب، فلولا أن يغلبكم الناسُ على سِقايتكم لنزعتُ معكم» فناولوه دلوًا فَشَرِبَ مِنه (١).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٢١٨)، وابن ماجه (٢٩٦٦) و(٣٠٧٤)، والنسائي في «الكبرى» (١٥٨٨) و(٤٠٤٦) و(٤٠٦٨) من طرق عن حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه في الموضع الأول مختصرة بذكر إفراد الحج، ورواية النسائي في الموضع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الأول مختصرة بذكر الجمع بين الظهرْ والعصر بعرفة، وفي الموضع الثاني مخصرة بالإيضاع في وادي محسِّر ورمي الجمرة، وفي الموضع الثالث مختصرة بذكر رمي الجمرة والنحر.
وأخرج قصة إحرامه ﷺ والصحابة من البيداء الترمذي (٨٣٠) من طريق جعفر بن محمد، به.
وأخرجه مختصرًا بإحلال النفساء مسلم (١٢١٠)، وابن ماجه (٢٩١٣)، والنسائي في «الكبرى» (٢١٩) و(٢٨٠) و(٣٧٢٧) و(٣٧٢٨) من طريق جعفر بن محمد، به.
وانظر ما سلف برقم (١٧٨٥) و(١٧٨٦).
وأخرجه مخصرًا بقصة الإهلال النسائى في «الكبرى» (٣٧٠٦) و(٣٧٢٢) من طريق جعفر بن محمد، به.
وأخرجه مختصرًا بقصة الرمَل في الطواف مسلم (١٢١٨) (١٥٠) و(١٢٦٣) (٢٣٥) و(٢٣٦)، وابن ماجه (٢٩٥١)، والترمذي (٨٧٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٢٦) من طريق جعفر بن محمد، به.
وأخرجه مختصرًا بقصة الطواف الترمذي (٨٨٤) و(٨٨٥)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٤١) من طريق جعفر بن محمد، به.
وأخرجه مختصرًا بذكر السعي بين الصفا والمروة النسائى في «الكبرى» (٣٩٤٩ - ٣٩٥٣) و(٣٩٦١) و(٣٩٦٢) و(٣٩٦٤) و(٣٩٦٥) من طريق محمد بن جعفر، به.
وأخرجه مختصرًا بذكر سوق الهدي النسائي في «الكبرى» (٣٧٦٦) من طريق جعفر بن محمد، به.
وأخرجه مختصرًا بذكر بعض خطبة النبي ﷺ وهو على ناقته بعرفة: الترمذي (٤١٢٠) من طريق جعفر بن محمد، به.
وأخرجه مختصرًا بالنحر ابن ماجه (٣١٥٨).
وقوله ﷺ: ومِنى كُلُّها منحر، وعرفة كلها موقف، وجمع كلها موقف، أخرجها مسلم (١٢١٨) (١٤٩) من طريق جعفر بن محمد، به. وستأتي عند المصنف من طريق محمد بن علي عن جابر برقم (١٩٠٧) و(١٩٠٨) و(١٩٣٦). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرج النسائي في «الكبرى» (٤٤٩٣) من طريق جعفر بن محمد، به: أن النبي ﷺ نحر بعضَ بُدنه بيده، ونحر بعضَه غيرُه.
وأخرج قصة أكلهم من الهدي ابن ماجه (٣١٥٨) من طريق جعفر بن محمد، به. وأخرجه البخاري (١٥١٥) و(١٥٦٨)، والنسائى في «الكبرى» (٤٤٠٣) من طريقين عن جابر. واقتصر البخاري في الموضع الأول على ذكر الإهلال، وفي الموضع الثاني على الإفراد، واقتصر النسائي على الإفاضة.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٤٠)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٤٤).
وقد سلفت بعض أجزاء هذا الحديث بالأرقام (١٧٨٥ - ١٧٨٩) و(١٨١٣) و(١٨٨٠). من طرق عن جابر.
وستأتي بعض أجزائه أيضًا بالأرقام (١٩٠٦ - ١٩٠٩) و(١٩٣٦) و(١٩٣٧) و(١٩٤٤) و(٣٩٦٩). من طرق عن جابر.
وانظر تفصيل ذلك في «مسند أحمد».
المشجب: وزان منبر: أعواد تنصب وتوضع عليها الثياب.
نِسَاجة: ضرب من ملاحف منسوجة كأنها سميت بالمصدر.
استثفري: أمر من الاستثفار قال في «النهاية»: وهو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنًا، وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها فتمنع بذلك سيل الدم.
القصواء بفتح القاف: اسم ناقته ﷺ. قال أبو عبيدة: القصواء المقطوعة الأذن عرضًا.
أهل: رفع صوته بالتلبية، يقال: أهل المحرم بالحج يُهل إهلالًا: إذا لبَّى ورفع صوته.
سرِف: موضع قرب التنعيم، وهو من مكة على عشرة أميال تقريبًا.
عَرَكت: حاضت.
استلام الركن: مسحه بيده وهو سنة في كل طواف.
رمل: أسرع في المشي مع تقارب الخطى وهو الخبب حتى إذا انصبت قدماه، أي: انحدرت فهو مجاز من انصباب الماء.
بِبُدن: جمع بدنة.
محرشًا: التحريش الإغراء، والمراد هنا أن يذكر له ما يقتضي عتابها. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= نمرة بفتح النون وكسر الميم: موضع بجنب عرفات، وليس من عرفات.
بطن الوادي: هو وادي عرنة وليست عرنة من عرفات عند عامة العلماء إلا مالكًا فإنه قال: هي من عرفات.
الضرب المبرح: الشديد الشاق.
يوم التروية: هو اليوم الثامن من ذي الحجة سمي بذلك لأنهم يرتوون من الماء لما بعده، أي: يسقون ويستقون.
حبل المشاة: مجتمعهم.
لم يسبح: لم يتنفل.
السكينة: هي الرفق والطمأنينة، قال النووي: فيه أن السكينة في الدفع من عرفات سُنَّة، فإذا وجد فرجة يسرع.
شنق: ضم وضيق.
المشعر الحرام: المراد به هنا قزح: وهو جبل معروف في المزدلفة، قال النووي: وهذا الحديث حجة للفقهاء في أن المشعر الحرام هو قزح، وقال جماهير المفسرين وأهل السير والحديث: المشعر الحرام: جميع المزدلفة.
محسر: بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشددة، سمي بذلك، لأن فيل أصحاب الفيل حُسِر فيه، أي: أُعيي وكلَّ. قال ابن القيم: محسر: برزخ بين منى ومزدلفة، لكن في «صحيح مسلم» (١٢٨٢) عن الفضل بن عباس: أن محسرًا من منى.
فحرك قليلًا، أي: أسرع السير كما هو دأبه ﷺ في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه.
حصى الخذف: قال النووي: هو نحو حبة الباقلاء، وينبغي أن لا يكون أكبر ولا أصغر، فإن كان أكبر أو أصغر: أجزأ.
أيام التشريق: هي الأيام الثلائة التي بعد يوم النحر، ومذهب الجمهور أنه لا يجوز
الرمي في هذه الأيام الثلاثة إلا بعد الزوال.
البضعة بفتح الباء: القطعة من اللحم.
وقوله: «ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام» قال النووي: معناه: أن قريشًا كانت في الجاهلية تقف بالمشعر الحرام، وهو جبل في المزدلفة يقال له: قُزح، =

١٩٠٦ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بن مَسلَمةَ، حدَّثنا سليمانُ - يعني ابنَ بلال - (ح)
وحدثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عَبدُ الوهاب الثقفيُّ - المعنى واحد - عن جعفر بنِ محمد عن أبيه: أن النبيَّ ﷺ صلَّى الظهرَ والعصرَ بأذانٍ واحد بِعرَفَةَ، ولم يُسبِّح بينهما، وإقامتين، وصلَّى المغربَ والعِشاء بجمعٍ بأذانٍ واحدٍ وإقامتين ولم يُسبّح بينهما (١).
قال أبو داود: هذا الحديثُ أسنده حاتِمُ بن إسماعيل في الحديث الطويلِ، ووافق حاتِمَ بنَ إسماعيل على إسناده محمدُ بن علي الجُعْفي، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر، إلا أنه قال: فصلى المغربَ والعتمَةَ بأذانٍ وإقامة.


= وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات، فظنت قريش أن النبي ﷺ يقف في المشعر الحرام على عادتهم ولا يتجاوزه، فتجاوزه ﷺ إلى عرفات، لأن الله تعالى أمره بذلك في قوله: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ أي: سائر العرب غير قريش، وإنما كانت قريش تقف بالمزدلفة لأنها من الحرم، وكانوا يقولون نحن أهل حرم الله، فلا نخرج منه.
وقوله ﷺ: «لهن عليكم أن لا يُوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه» قال النووي: المختار في معناه: أن لا يأذنَّ لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلًا أجنبيًا أو امرأةً أو أحدًا من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك.
وقال ابن جرير في «تفسيره»: المعنى لا يأذن لأحد من الرجال الأجانب أن يدخل عليهن فيتحدث إليهن، وكان من عادة العرب لا يرون به بأسًا، فلما نزلت آية الحجاب نهي عن محادثتهن والقعود إليهن، وليس هذا كناية عن الزنى وإلا كان عقوبتهن الرجم دون الضرب.
(١) رجاله ثقات، لكنه مرسل.
وانظر ما قبله.

١٩٠٧ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، حدَّثنا جعفر، حدَّثنا أبي
عن جابرٍ، قال: ثم قال النبي ﷺ: «قد نحرتُ ها هنا ومِنًى كُلُّها مَنْحَرٌ» ووقف بعرفة فقال: «قد وقفتُ ها هنا وعرفةُ كُلُّها موقِفٌ» ووقَفَ بالمزدلفةِ، فقال: «قد وقَفْتُ ها هنا، ومُزدلفةُ كُلُّها مَوْقِفٌ» (١).
١٩٠٨ - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا حفصُ بن غياثٍ، عن جعفرٍ، بإسنادِه، زاد «فانحَرُوا في رِحَالِكُم» (٢).
١٩٠٩ - حدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ القطان، عن جعفرٍ، حدثني أبي
عن جابر، فذكر هذا الحديث، وأدرجَ في الحديث عند قوله:
﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥] قال: فقرأ فيهما بالتوحيدِ و﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ وقال فيه: قال علي رضي الله عنه بالكوفة،


(١) إسناده صحيح. يحيي بن سعيد: هو القطان.
وأخرجه مفرقًا النسائي في «الكبرى» (٣٩٩٤) و(٤٠٣٧) و(٤١١٩) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن يحيي بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠١٢) من طريق محمد بن المنكدر، و(٣٠٤٨) من طريق عطاء بن أبي رباح، كلاهما عن جابر، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٤٠).
وانظر ما سلف برقم (١٩٠٥)، وما سيأتي بالأرقام (١٩٠٨) و(١٩٣٦) و(١٩٣٧).
(٢) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهَد الأسدي.
وأخرجه مسلم (١٢١٨) عن طريق عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، بهذا الإسناد.
وسيتكرر برقم (١٩٣٦).
وانظر ما سلف برقم (١٩٠٥) و(١٩٠٧).

قال أبي: هذا الحرفُ لم يذكره جابر: فذهبتُ مُحرِّشًا، وذكر قصةَ فاطمةَ رضوان الله عليها (١).

٥٧ - باب الوقوت بعرفة
١٩١٠ - حدَّثنا هنادٌ، عن أبي معاوية، عن هشامِ بنِ عروة، عن أبيه
عن عائشة، قالت: كانت قريشٌ ومن دان دِينَها يقفون بالمزدلفةِ، وكانوا يُسمَّون الحُمسَ، وكان سائرُ العربِ يَقِفُون بعرفة، قالت: فلما جاءَ الإسلامُ أمَرَ اللهُ تعالى نبيّه ﷺ أن يأتي عرفاتٍ، فيقفَ بها ثم يُفِيضَ منها، فذلك قولُه تعالى ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: ١٩٩] (٢).


(١) إسناده صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٤٠).
وانظر ما سلف برقم (١٩٠٥)، وما سيأتي برقم (٣٩٦٩).
وقوله: «فقرأ فيها بالتوحيد، أي: بسورة التوحيد، وهي ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾.
(٢) إسناده صحيح. هناد: هو ابن السَّريِّ، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأخرجه البخاري (١٦٦٥) و(٤٥٢٠)، ومسلم (١٢١٩)، وابن ماجه (٣٠١٨) مختصرًا، والترمذي (٨٩٩)، والنسائي في»الكبرى«(٣٩٩٩) و(١٠٩٦٧) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وهو في»صحيح ابن حبان«(٣٨٥٦).
والحمس: قال في»النهاية": جمع الأحمس وهم قريش ومن ولدت قريش وكِنانة وجديلة قيس، سموا حمسًا، لأنهم تحمسوا في دينهم، أي: تشددوا، والحماسة: الشجاعة، كانوا يقفون بمزدلفة ولا يقفون بعرفة، ويقولون: نحن أهل الله، فلا نخرج من الحرم.

٥٨ - باب الخروجِ إلى مِنى
١٩١١ - حدَّثنا زهيرُ بنُ حرب، حدَّثنا الأحوصُ بن جوَّاب الضَّبىُّ، حدَّثنا عمارُ بنُ رُزيقٍ، عن سليمانَ الأعمشِ، عن الحَكَمِ، عن مِقسَمٍ
عن ابنِ عباس قال: صلَّى رسولُ الله ﷺ الظهرَ يوم الترويةِ والفجرَ يومَ عرفة بمِنًى (١).
١٩١٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا إسحاقُ الأزرقُ، عن سفيان، عن عبدِ العزيز بنِ رُفيع، قال:
سألتُ أنسَ بنَ مالك قلت: أخبرني بشيءٍ عقَلْتَه، عن رسولِ الله ﷺ، أين صَلَّى رسولُ الله ﷺ الظهرَ يومَ الترويةِ؟ قال: بمنًى، قلتُ: أين صلَّى العصرَ يوم النَّفرِ؟ قال: بالأبطحِ، ثم قال: افْعَلْ كما يفعلُ أمراؤُك (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. الأحوص بن جَوَّاب صدوق لا بأس به، وقد توبع. سليمان الأعمش: هو سليمان بن مهران الأسدي مولاهم، والحكم: هو ابن عُتيبة الكندي مولاهم، ومِقسَم: هو ابن بُجرة الهاشمي مولاهم.
وأخرجه الترمذي (٨٩٥) من طريق عبد الله بن الاجلَح، عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٠٤)، والترمذي (٨٩٤) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ صلَّى بمنى يوم التروية الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم غدا إلى عرفة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠٠) و(٢٧٠١).
(٢) إسناده صحيح. إسحاق الأزرق: هو إسحاق بن يوسف، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه البخاري (١٦٥٣) و(١٧٦٣)، ومسلم (١٣٠٩)، والترمذي (٩٨٥)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٧٣) من طرق عن إسحاق الأزرق، بهذا الإسناد.

٥٩ - باب الخروج إلى عرفَةَ
١٩١٣ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يعقوبُ، حدَّثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني نافع
عن ابنِ عمر قال: غدا رسولُ اللهِ ﷺ من مِنىً حينَ صلَّى الصبحَ صبيحةَ يومِ عَرَفَةَ، حتى أتى عرفة فنزل بنَمِرَةَ، وهي منزلُ الإمام الذي ينزل به بعرفة، حتى إذا كانَ عندَ صلاةِ الظهرِ راحَ رسولُ اللهِ ﷺ


= وأخرجه البخاري (١٦٥٤) من طريق أبي بكر بن عياش، عن عبد العزيز قال: خرجت إلى منى يوم التروية فلقيت أنسًا رضي الله عنه ذاهبًا على حِمارٍ، فقلت: أين صلَّى النبيَّ ﷺ هذا اليومَ الظهر؟ فقال: انظر حيث يصلي أمراؤك فصلِّ. وهي متابعة قوية لطريق إسحاق.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٧٥)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٤٦).
وقوله: أنه ﷺ صلَّى الظهر يوم التروية (وهو اليوم الثامن من ذي الحجة) بمنى وقد سلف التصريح في حديث جابر السالف (١٩٠٥) أنه ﷺ صلَّى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح.
وفي الحديث أن السنة أن يصلى الحاج الظهر يوم التروية بمنى وهو قول الجمهور، ولا يحفظ عن أحد من أهل العلم أنه أوجب على من تخلف عن منى ليلة التاسع شيئًا.
وقوله: صلَّى العصر يوم النفر (وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة وهو يوم الرجوع من منى) بالأبطح. يعني عند الرجوع من منى بعد انقضاء أعمال الحج، والمراد بالأبطح البطحاء التي بين مكة ومنى، وهي ما انبطح من الوادي واتسع، وهي التي يقال لها: المحصَّب والمعرَّس، وحَدُّها ما بين الجبلين إلى المقبرة.
وقوله: افعل كما يفعل أمراؤك، أي: لا يخالفهم، فإن نزلوا به فانزل به، وإن تركوه فاتركه وفيه إشارة إلى متابعة أولي الأمر والاحتراز عن مخالفة الجماعة، وأن ذلك ليس بنسك واجب. نعم المسنون ما فعله الشارع، وبه قال الأئمة الأربعة وغيرهم.

مُهَجَّرًا، فَجَمَعَ بينَ الظهر والعصرِ، ثم خطب الناسَ، ثم راحَ فوقف على الموقف مِن عرفة (١).

٦٠ - باب الرَّواح إلى عرفة
١٩١٤ - حدَّثنا أحمد بن حنبلٍ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا نافعُ بنُ عمر، عن سعيد بنِ حسان
عن ابنِ عمر، قال: لما قَتَلَ الحجاجُ ابنَ الزبير أَرسل إلى ابنِ عمر:
أيةَ ساعة كان رسولُ الله ﷺ يروحُ في هذا اليوم؟ قال: إذا كان ذاك رُحْنا، فلما أراد ابنُ عمر أن يروحَ قال، قالوا: لم تَزِغِ الشمسُ، قال: أزاغَتْ؟ قالوا: لم تَزِغ، قال: فلما قالوا: قد زَاغَت، ارتحلَ (٢).


(١) إسناده حسن، ورجاله ثقات إلا أن قوله: ثم خطب الناس، شاذٌّ، لأن خطبةَ النبي ﷺ كانت يومَ عرفة قبلَ الصلاة وليس بعدها، كما هو في رواية جابر الصحيحة التي سلفت (١٩٠٥). يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري المدني، وابن إسحاق:
هو محمد.
وهو في «مسند أحمد» (٦١٣٠).
وانظر ما سلف برقم (١٩٠٥).
وقوله: مهجّرًا، أى: سائرًا في وقت الهاجرة، وهي نصف النهار عند اشتداد الحر، والتهجير في ذلك اليوم سنة، لما يلزم من تعجيل الصلاة في ذلك اليوم.
(٢) إسناده ضعيف، سعيد بن حسان - وهو الحجازي - لم يرو عنه إلا إبراهيم ابن نافع الصائغ ونافع بن عمر الجمحي، وذكره ابن حبان في«الثقات» ولم يُوثَر توثيقه عن أحد غيره. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٠٩) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرج البخاري (١٦٦٠) و(١٦٦٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٨٤) و(٣٩٨٩) من طريق مالك، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله أنه قال: كتب عبدُ الملك بن مروان إلى الحجَّاج بن يوسف أن لا تُخالِف عبدَ الله بن عمر في شيء من أمر الحج، فلما كان =

٦١ - باب الخطبة على المنبر بعرفة
١٩١٥ - حدَّثنا هنّادٌ عن ابنِ أبي زائدةَ، أخبرنا سفيانُ بنُ عيينةَ، عن زيدِ ابنِ أسلم، عن رجلٍ مِن بني ضَمرة
عن أبيه، أو عمه، قال: رأيتُ رسولَ اللهِ ﷺ وهو على المنبرِ بِعرفَةَ (١).
١٩١٦ - حدَّثنا مُسددٌ حدَّثنا عبدُ الله بن داود، عن سلمةَ بن نُبَيْطٍ، عن رجلٍ من الحيّ
عن أبيه نُبَيْط: أنه رأى النبي ﷺ واقفًا بعرفة على بعيرٍ أحمرَ يخطبُ (٢).


= يومُ عرفة، جاءه عبد الله بن عمر حين زالت الشمسُ وأنا معه، فصاح به عند سرادقه: أين هذا؟ فخرج عليه الحجاج، وعليه ملحفة معصفرة، فقال: ما لَكَ يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرواح إن كنت تريد السنة، فقال: أهذه الساعة؟ قال: نعم. قال: فأنظرني حتى أُفيض عليَّ ماءً، ثم أخرج. فنزل عبدُ الله حتى خرج الحجاج، فسار بيني وبين أبي، فقلت له: إن كنت تريد أن تصيبَ السنةَ اليوم، فأقصر الخطبة، وعجِّل الصلاة. قال: فجعل ينظر إلى عبد الله ابن عمر كيما يسمع ذلك منه، فلما رأى ذلك عبد الله، قال: صدق سالم.
(١) إسناده ضعيف، لإبهام الرجل من بني ضمرة.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد قد اضطرب فيه سلمة بن نُبيط فرواه مرة كما عند المصنِّف هنا، ورواه مرة أخرى عن أبيه مباشرة بإسقاط الرجل المبهم، وانظر تمام الكلام على إسناده فيما علقناه على «مسند أحمد» (١٨٧٢١).
وأخرجه ابن ماجه (١٢٨٦)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٨٥) و(٣٩٨٦) من طرق عن سلمة بن نبيط، عن أبيه، به. بإسقاط الرجل المبهم، ورواية ابن ماجه دون قوله: أحمر.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٧٢١).
وله شاهد من حديث العَدّء بنُ خالد بن هَوذَة، سيأتي بعده.

١٩١٧ - حدَّثنا هنّاد بنُ السَّريِّ وعثمانُ بن أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن عبد المجيد
حدثني العَدَّاء بن خالد بن هَوذَة - قال هناد: عن عبد المجيد أبي عمرو، حدثني خالد بن العدّاء بن هَوذةَ - قال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ يَخطُبُ الناسَ يَومَ عرفَةَ على بعيرٍ قائمًا (١) في الرِّكابَين (٢).
قال أبو داود: رواه ابنُ العلاء، عن وكيع كما قال هنادٌ.
١٩١٨ - حدَّثنا عباسُ بنُ عبد العظيم، حدَّثنا عثمانُ بنُ عمر، حدَّثنا عبدُ المجيد أبو عمرو، عن العدَّاء بنِ خالد، بمعناه (٣).

٦٢ - باب موضع الوقوف بعرفة
١٩١٩ - حدَّثنا ابنُ نُفيلٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن عمرٍو - يعني ابنَ دينار - عن عمرِو بنِ عبد الله بنِ صفوانَ، عن يزيد بنِ شيبان، قال:


(١) في (أ) و(ج): «قائم» بالرفع، والمثبت من (هـ).
(٢) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وعبد المجيد: هو ابن أبي يزيد العقيلي العامري.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٠٣٣٥)، والمزي في ترجمة عبد المجيد من «تهذيب الكمال» ١٨/ ٢٧٧ من طريق وكيع، به.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٠٣٣٦) مطولًا، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٢٧٩ - ٢٨٠، والطبراني في «الكبير» ١٨/ (١٢) و(١٣) مطولًا أيضًا من طرقٍ عن عبدالمجيد، به.
وانظر ما بعده.
الرِّكابين مثنى ركاب: وهو ما توضع فيه الرجل من السرج.
(٣) إسناده صحيح.
وانظر ما قبله.

أتانا ابنُ مِرْبَعٍ الأنصاري ونحنُ بعرفَة في مكان يُباعِدُه عمرو عن
الإمام، فقال: إني رَسُولُ رَسُولِ الله ﷺ إليكم، يقول: لَكُم: «قِفُوا على مَشَاعِرِكُم، فإنَّكم على إرثٍ مِن إرثِ إبراهيمَ» (١).

٦٣ - باب الدَّفعَة من عرفة
١٩٢٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمش (ح)
وحدَّثنا وهبُ بنُ بيانٍ، حدَّثنا عَبيدةُ، حدَّثنا سليمان الأعمش - المعنى - عن الحكم، عن مِقسَم
عن ابنِ عباسِ، قال: أفاضَ رسولُ اللهِ ﷺ مِنْ عرفةَ وعليه السَّكِينَةُ ورَدِيفُه أُسامَةُ، فقال: «أيها الناسُ عليكم بالسكِينة، فإن البِرَّ ليس


(١) إسناده صحيح. ابن مِرْبَع: هو زيد بن مِربَع بن قيظي من بني حارثة، وعمرو ابن عبد الله بن صفوان الجمحي صدوق شريف، وباقي رجاله ثقات. ابن نُفَيل: هو عبد الله بن محمد النُّفَيلي، وسفيان: هو ابن عُيينة الهِلالي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠١١)، والترمذي (٨٩٨)، والنسائى في»الكبرى«(٣٩٩٦) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث ابن مِربع الأنصاري حديث حسن صحيح.
وهو في»مسند أحمد«(١٧٢٣٣).
قوله:»قفوا على مشاعركم". قال الخطابي: المشاعر: المعالم، وأصله من قولك: شعرتُ بالشىء، أي: علمته، وليت شعري ما فعل فلان، أي: ليت علمي بلغه وأحاط به. يريد: قفوا بعرفة خارج الحرم، فإن إبراهيم هو الذي جعلها مَشعَرًا وموقفًا للحاج، وكان عامة العرب يقفون بعرفة، وكانت قريش من بينها تقف داخل الحرم، وهم الذين كانوا يسمون أنفسهم الحُمس، وهم أهل الصلابة والشدة في الدين والتمسك به، وكانوا يزعمون أنا لا نخرج عن الحرم ولا نُخليه، فرد رسول الله ﷺ ذلك من فعلهم، وأعلمهم أنه شيء قد أحدثوه من قبل أنفسهم، وأن الذي أورث إبراهيم من سننه هو الوقوف بعرفة.

بإيجافِ الخيلِ والإبل» قال: فما رأيتُها رافعةً يديها، عادِيةً، حتى أتى جَمعًا، زاد وهبٌ: ثم أردفَ الفضلَ بنَ العباس، وقال: «أيُّها الناسُ، إن البِرَّ ليسَ بإيجاف الخيل والإبل، فعليكم بالسكِينَةِ»، قال: فما رأيتُها رافعةً يديها حتى أتى مِنى (١).
١٩٢١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ يونس، حدَّثنا زُهَيرٌ (ح)
وحدَثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ - وهذا لفظُ حديثِ زهيرٍ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ عُقبة، أخبرني كُريبٌ
أنه سأل أُسامةَ بنَ زيد، قلت: أخبرني كيفَ فعلتُم - أو صنعتُم - عشيةَ رَدِفْتَ رسولَ الله ﷺ؟ قال: جئنا الشِّعبَ الذي يُنيخ الناسق فيه للمُعَرَّس، فأناخ رسولُ الله ﷺ ناقتَه، ثم بالَ - وما قال زهير: أهراق الماءَ - ثم دعا بالوَضوء فتوضأ وضوءًا ليس بالبالغِ جدًا، قلت:


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وعَبيدة: هو ابن حميد بن صهيب الكوفي، وسليمان الأعمش: هو ابن مهران، والحكم: هو ابن عُتيبة الكندي مولاهم، ومِقسَم: هو ابن بجرة الهاشمي.
وأخرجه بنحوه البخاري (١٦٧١) من طريق سعيد بن جبير، ومسلم (١٢٨٢)، والنسائى في «الكبرى» (٤٠٥٠) من طريق أبي معبد، والنسائي (٤٠٠٠) و(٤٠٠١) من طريق عطاء بن أبي رباح، ثلاثتهم عن ابن عباس. ورواية مسلم عن ابن عباس عن أخيه الفضل بن عباس، والنسائي عن ابن عباس عن أسامة بن زيد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٧).
وقوله: أفاض. معناه: صدر راجعًا إلى منى، والإيجاف: الإسراع في السير.
وقوله: حتى جاء جَمعًا، أي: مزدلفة، وسميت جمعًا، لأنه يجمع فيها بين الصلاتين، ويجتمع الناس بها، وأهلها يزدلفون، أي: يتقربون إلى الله تعالى بالوقوف بها، وفيها المشعر الحرام، وبه جاء القرآن الكريم، أي: المحرم فيه الصيد، وسمي مشعرًا لما فيه من معالم الدين.

يا رسولَ الله، الصلاةَ، قال: «الصلاة أمامَك» قال: فَرَكِبَ حتى قَدِمْنَا المزدلفةَ، فأقام المغربَ، ثم أناخ الناسُ في منازِلهم، ولم يَحِلُّوا حتى أقامَ العشاء وصَلَّى، ثم حَلَّ الناسُ (١).
زاد محمدٌ في حديثه: قال: قلتُ: كيف فعلتُم حين أصبحتُم؟
قال: رَدِفَهُ الفضلُ، وانطلقتُ أنا في سُبَّاق قريشٍ على رِجْلَيَّ.
١٩٢٢ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يحيي بنُ آدم، حدَّثنا سفيانُ، عن عبدِ الرحمن بنِ عياش، عن زيدِ بنِ علي، عن أبيه، عن عُبيد الله بن أبي رافع عن علي، قال: ثم أردف أُسامةَ، فجعل يُعْنِقُ على ناقته، والناسُ يضرِبون الإبَل يمينًا وشِمالًا، لا يلتفتُ إليهم، ويقول: «السكينةَ أيُّها الناسُ» ودفَعَ حينَ غابتِ الشَّمسُ (٢).


(١) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وكريب: هو ابن أبي مسلم مولى ابن عباس.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠١٩)، والنسائي فى «الكبرى» (٤٠٠٦) من طريقين عن سفيان الثرري، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم بإثر (١٢٨٥)، والنسائي في «الكبرى» (١٥٩٢) و(٤٠٠٧) مختصرًا، وفي «المجتبى» (٣٠٣١) من طرق، عن إبراهيم بن عُقبة، به.
وأخرجه البخاري (١٦٦٩)، ومسلم (١٢٨٠)، وبإثر (١٢٨٥)، والنسائي في «الكبرى» (١٥٩٢) من طريق كريب، به.
وأخرجه مسلم بإثر (١٢٨٥) من طريق عطاء مولى ابن سباع، عن أسامة بن زيد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٧٤٢) و(٢١٧٤٩) و(٢١٨٣١).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (١٩٢٣) و(١٩٢٤) و(١٩٢٥).
وقوله: لم يحلوا، أي: المحامل عن ظهور الدواب.
(٢) صحيح لغيره، دون قوله: «لا يلتفت» والمحفوظ نى حديث علي بن أبي طالب أنه كان يلتفت، وهذا إسناد حسن، عبد الرحمن بن عياش - وهو عبد الرحمن =

١٩٢٣ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن هشامِ بنِ عُروة، عن أبيه أنه قال:
سُئِلَ أُسامةُ بنُ زيد وأنا جالس: كيف كان رسولُ الله ﷺ يسير في حَجَّة الوَدَاع حين دَفَعَ؟ قال: كان يَسيرُ العَنَقَ، فإذا وجَدَ فجوةً نَصَّ (١).
قال هشام: النَصُّ: فوقَ العَنَقِ.
١٩٢٤ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا يعقوبُ، حدَّثنا أبي، عن ابن اسحاق، حدَّثني إبراهيمُ بن عُقبة، عن كريب مولى عبد الله بن عباس


= ابن الحارث بن عبد الله بن عياش - مختلف فيه وهو حسن الحديث. سفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري.
وأخرجه مطولًا الترمذي (٩٠٠) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح، وقال فيه: يلتفت إليهم.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٤٨).
ويشهد له حديث ابن عباس السالف برقم (١٩٢٠).
وآخر من حديث أسامة بن زيد الآتي بعده برقم (١٩٢٣) و(١٩٢٤).
وقوله: وجعل يُعنق، هو من أعنق يعنق، أي: يسير سيرًا وسطًا.
(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٩٢، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٦٦٦)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٤٣).
وأخرجه البخاري (٢٩٩٩) و(٤٤١٣)، ومسلم (١٢٨٦)، وابن ماجه (٣٠١٧)، والنسائى في «الكبرى» (٤٠٠٥) من طرق عن هشام بن عروة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٧٦٠).
وانظر ما قبله وما بعده.
قال الخطابي: العنق: السير الوسيع (وقيل: ما بين الإبطاء والاسراع فوق المشى)، والنص: أرفع السير، والفجوة: الفرجة بين المكانين وفي هذا بيان أن السكينة والتؤدة المأمور بها إنما هي من أجل الرفق بالناس لئلا يتصادموا، فإذا لم يكن زحام، وكان في الموضع سعة سار كيف يشاء.

عن أُسامة، قال: كنتُ رِدفَ النبي ﷺ، فلما وَقَعَتِ الشمسُ دفعَ رسولُ الله ﷺ (١).
١٩٢٥ - حدَّثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالكٍ، عن موسى بنِ عُقبة، عن كُريب مولى عبدِ الله بن عباس
عن أُسامة بن زيد، أنه سَمِعَه يقولُ: دفَع رسولُ الله ﷺ مِنْ عَرَفَةَ، حتى إذا كان بالشِّعب، نزلَ فبالَ، فتوضَّأ ولم يُسبغِ الوضوءَ، قلتُ له: الصلاةَ، فقال: «الصلاةُ أمامَك»، فركب، فلما جاءَ المزدلفة، نزلَ فتوضأ، فأسبغَ الوضوءَ، ثم أُقيمَتِ الصلاة فَصَلَّى المغربَ، ثم أناخَ كُلُّ إنسانٍ بعيَره في منزله، ثم أُقيمتِ العِشَاءُ فصلاها، ولم يُصلِّ بينهما شيئًا (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار - صدوق حسن الحديث، وقد صرح في هذه الرواية بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. وقد حسن إسناده ابن عبد الهادي في «تنقيح التحقيق».
وهو في «مسند أحمد» (٢١٧٦٠) ؤ (٢١٧٦١) مطولًا.
وانظر ما سلف برقم (١٩٢١).
(٢) إسناده صحيح.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٤٠٠ - ٤٠١، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٣٩) و(١٦٧٢)، ومسلم بإثر (١٢٨٥)، والنسائى في «الكبرى» (٤٠١٥).
وأخرجه البخاري (١٨١) و(١٦٦٧)، ومسلم بإثر (١٢٨٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٠٨) من طريق يحيي بن سعيد الأنصارى، عن موس بن عقبة، به. بلفظ: أن رسول الله ﷺ لمّا أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضي حاجته، قال أسامة بن زيد:
فجعلت أصبُّ عليه ويتوضأ، فقلت: يا رسول الله أتصلي؟ فقال: «المصلى أمامك».
وهو في «مسند أحمد» (٢١٨١٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٥٩٤) و(٣٨٥٧).
وانظر ما سلف برقم (١٩٢١).
الشعب بكسر الشين: الطريق بين الجبلين.

٦٤ - باب الصلاة بجَمْعٍ
١٩٢٦ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلَمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن سالمِ ابنِ عبدِ الله
عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ: أن رسولَ الله ﷺ صَلَّى المَغْرِبَ والعِشَاءَ، بالمزدلفةِ جميعًا (١).
١٩٢٧ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا حمادُ بن خالدٍ، عن ابنِ أبي ذئب
عن الزهريِّ، بإسناده ومعناه، وقال: بإقامةٍ إقامةٍ، جَمَعَ بينَهما قال أحمد: قال وكيع: صلَّى كُل صلاةٍ بإقامة (٢).


(١) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله القرشي الزهري.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٤٠٠، ومن طريقه أخرجه مسلم بإثر (١٢١٧)، والنسائي في «المجتبي» (٦٠٧).
وأخرجه البخارى (١٠٩٢) من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، به.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٢١) من طريق عُبيد الله، عن سالم، عن أبيه: أن النبي ﷺ صلَّى المغرب بالمزدلفة فلمّا أنخنا قال: «الصلاة بإقامة».
وأخرجه البخاري (١٦٦٨) من طريق نافع، ومسلم (١٢٨٨) والنسائي (٤٠١٧) من طريق عُبيد الله بن عَبد الله بن عمر، والنسائي في «الكبرى» (١٥٩١) من طريق عبد الرحمن بن يزيد، ثلاثتهم عن عبد الله بن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٥٢٨٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٥٩).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (١٩٢٧ - ١٩٣٣).
(٢) إسناده صحيح. حمّاد بن خالد: هو الخياط، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن العامرى، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب.
وهو في «مسند أحمد» (٦٤٧٣).
وانظر ما قبله وما بعده.

١٩٢٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا شَبابةُ (ح)
وحدَثنا مَخلَدُ بنُ خالد - المعنى - حدَّثنا عثمانُ بنُ عمر، عن ابنِ أبي ذئب عن الزهري، بإسناد ابنِ حنبلٍ عن حماد، ومعناه، قال: بإقامةٍ واحدةٍ لِكل صلاة، ولم يُنادِ في الأولى، ولم يُسبّح على إثر واحدةٍ منهما، قال مخلد: لم يُنادِ في واحدةٍ منهما (١).
١٩٢٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي إسحاق، عن عبدِ اللهِ ابنِ مالك، قال:
صليتُ مَعَ ابنِ عمر المغربَ ثلاثًا والعشاءَ ركعتينِ، فقال له مالكُ بنُ الحارث: ما هذه الصلاةُ؟ قال: صليتُهما مع رسولِ الله ﷺ في هذا المكانِ بإقامةٍ واحِدَةٍ (٢).


(١) إسناده صحيح. شبابة: هو ابن سَوّار الفزاري مولاهم.
وأخرجه البخاري (١٦٧٣)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠١٦) من طريقين، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. دون قوله: لم يُنَادِ في واحدة منهما.
وهو في «مسند أحمد» (٥١٨٦).
وانظر ما سلف برقم (١٩٢٦).
(٢) حديث صحيح، عبد الله بن مالك - وهو ابن الحارث الهمداني - روى عنه أبو إسحاق السبيعي، وأبو رَوق الهمداني، وذكره ابن حبان في «الثقات» وهو متابع، وباقي رجاله ثقات. سفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه الترمذي (٩٠٢) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٧٦).
وانظر ما سلف بالأرقام (١٩٢٦ - ١٩٢٨)، وما سيأتي بالأرقام (١٩٣٠ - ١٩٣٣).
وحديث ابن عمر السالف قبله فيه: أنه صلَّى بإقامة واحدة لكل صلاة، وهو عند البخاري (١٦٧٣)، ولفظه: جمع النبي ﷺ بين المغرب والعشاء بجَمعٍ كل واحدةٍ منهما بإقامة. =

١٩٣٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا إسحاقُ - يعني ابنَ يوسفَ، عن شريكٍ، عن أبي إسحاقَ
عن سعيد بنِ جُبير وعبدالله بن مالك قالا: صلينا مع ابنِ عمر بالمزدلفةِ المغربَ والعِشَاءَ بإقامةٍ واحِدَةٍ، فذكر معنى ابن كثير (١).
١٩٣١ - حدَّثنا ابنُ العلاءِ، حدَّثنا أبو أُسامَة، عن إسماعيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ جُبير، قال:
أفضْنا مع ابنِ عمر، فلما بلغنا جَمْعًا صَلَّى بِنَا المغربَ والعشاءَ بإقامةٍ واحدةٍ، ثلاثًا واثنتينِ، فلما انصرفَ قال لنا ابنُ عمر: هكذا صلَّى بنا رسولُ الله ﷺ في هذا المكانِ (٢).


= واختار الإمام الطحاوي ما جاء عن جابر في حديثه الطويل الذي أخرجه مسلم (١٢١٨) (١٤٧)، والسالف عند أبي داود برقم (١٩٠٥)، أنه جمع بينهما بأذان واحد وإقامتين.
قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ٥٢٥/ ٣: وهذا قول الشافعي في القديم، ورواية عن أحمد، وبه قال ابن الماجشون وابن حزم، وقواه الطحاوي بالقياس على الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وقال الشافعي في الجديد، والثوري، وهو رواية عن أحمد: يجمع بينهما بإقامتين فقط.
وهو ظاهر حديث أسامة عند البخاري (١٦٧٢) حيث قال: ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخَ كل إنسانٍ بعيرهُ في منزله، ثم أقيمت الصلاة فصلى.
قال الحافظ: وقد جاء عن ابن عمر كل واحد من هذه الصفات، أخرجه الطحاوي وغيره، وكأنه كان يراه من الأمر الذي يتغير فيه الانسان، وهو المشهور عن أحمد.
(١) حديث صحيح كسابقه. شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - وإن كان سيئ الحفظ متابع.
وهو في «مسند أحمد» (٤٤٥٢) و(٤٦٧٦).
وانظر ما قبله وما سيأتي بالأرقام (١٩٣١ - ١٩٣٣).
(٢) إسناده صحيح. ابن العلاء: هو محمد بن العلاء الهمدانى، وأبو أسامة: هو =

١٩٣٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن شُعبة، حدثني سلمة بنُ كُهيل قال:
رأيتُ سعيدَ بنَ جُبيرٍ أقام بجَمعٍ فصلَّى المغربَ ثلاثًا، ثم صلَّى العشاءَ ركعتين، ثم قال: شَهِدتُ ابنَ عمر صنع في هذا المكان مثلَ هذا، وقال: شَهِدْتُ رسولَ الله ﷺ صَنَعَ مثلَ هذا في هذا المكان (١).
١٩٣٣ - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا أبو الأحوصِ، حدَّثنا أشعثُ بن سُلَيم
عن أبيه قال: أقبلتُ مع ابنِ عمر مِن عَرفاتٍ إلى المزدلفَةِ، فلم يكن يَفْتُرُ مِن التَّكبير والتهليل حتى أتينا المزدلفة، فأذَّنَ وأقامَ، أو أمرَ إنسانًا، فأذن وأقامَ، فصلَّى بنا المغربَ ثلاثَ ركعاتٍ، ثم التفتَ إلينا،


= حماد بن أسامة بن زيد، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد البجلي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.
وأخرجه مسلم (١٢٨٨)، والترمذي (٩٠٣)، والنسائي في «الكبرى» (١٥٩٠) من طريقين عن إسماعيل، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٤٤٥٢).
وانظر سابقيه، وتالييه.
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، وشعبة: هو ابن الحجاج الأزدي.
وأخرجه مسلم (١٢٨٨)، والنسائى في «الكبرى» (٤٠١٢) و(٤٠١٤) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. وقرن بسلمة الحكم بن عتيبة.
وأخرجه مسلم (١٢٨٨)، والنسائي (٤٠١٣) من طريق سفيان الثوري، عن سلمة ابن كهيل، به.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٨٥٩).
وانظر ما سلف بالأرقام (١٩٢٩ - ١٩٣١).
وانظر ما بعده.

فقال: الصلاةَ، فصلَّى بنا العشاءَ ركعتَينِ، ثم دعا بعشائِه، قال: وأخبرني عِلاجُ بن عمرو بمثلِ حديثِ أبي، عن ابنِ عمر، قال: فقيل لابنِ عمر في ذلك، فقال: صليتُ معَ رسولِ الله ﷺ هكذا (١).
١٩٣٤ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، أن عبدَ الواحدِ بنَ زياد وأبا عَوانة وأبا معاوية، حدثوهم، عن الأعمشِ، عن عُمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد
عن ابنِ مسعود، قال: ما رأيتُ رسولَ الله ﷺ صلَّى صلاةً إلا لِوقتها، إلا بجَمْعٍ، فإنه جمع بَينَ المغربِ والعشاء بجَمْعٍ، وصلَّى صلاة الصبحِ مِن الغَدِ قبلَ وقتِها (٢).


(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو الأحوص: هو سلاّم ابن سليم الحنفي، وأشعث: هو ابن سُليم بن أبي الشعثاء المحاربي.
وانظر ما سلف بالأرقام (١٩٢٩ - ١٩٣٢).
يفتر: يمل ويضعف، و«أو» في قوله: «أو أمر إنسانًا» للشك من الراوي، والصلاة: منصوب بفعل محذوف، أي: أدوا الصلاة.
(٢) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وعُمَارة: هو ابن عمير التيمي، وعبد الرحمن بن يزيد: هو ابن قيس النخعي.
وأخرجه مسلم (١٢٨٩)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٢٩) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٦٨٢)، ومسلم (١٢٨٩)، والنسائى في «الكبرى» (١٥٩١) و(٣٩٩١) من طرق عن الأعمش، به.
وأخرجه البخاري (١٦٧٥) و(١٦٨٣) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الرحمن ابن يزيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٣٧).
وقوله: وصلى صلاة الصبح قبل وقتها، قال النووي في «شرح مسلم»: المراد أنه صلاها قبل وقتها المعتاد لا قبل طلوع الفجر، لأن ذلك ليس بجائز بإجماع المسلمين، =

١٩٣٥ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يحيى بنُ آدمَ، حدَّثنا سفيانُ، عن عبدِ الرحمن بنِ عيّاشٍ، عن زيدِ بنِ علي، عن أبيه، عن عُبيد الله بن أبي رافع
عن علي، قال: فلما أصبَحَ - يعني النبيَّ ﷺ ووقَفَ على قُزحَ، فقال:»هذا قُزحُ وهو الموقفُ، وجَمعٌ كلُّها موقف، ونحرتُ ها هنا، ومِنىً كُلُّها منحَرٌ، فانحروا في رحالِكم (١).
١٩٣٦ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حفصُ بنُ غياث، عن جعفر بنِ محمد، عن أبيهِ
عن جابر، أن النبي ﷺ قال: «وقفتُ ها هنا بعرفَةَ، وعرفُة كُلُّها موْقِفٌ، ووقفتُ ها هنا بجَمْعٍ، وجَمعٌ كُلُّها موقِفٌ، ونحرتُ ها هنا، ومِنىً كلها مَنحَرٌ، فانحرُوا في رِحالكم» (٢).


= فيتعين تأويله على ما ذكرته، وقد ثبت في «صحيح البخاري» في هذا الحديث في بعض رواياته: أن ابن مسعود صلَّى الفجر حين طلع الفجر بالمزدلفة ثم قال: إن رسول الله ﷺ صلَّى الفجر هذه الساعة، وفي رواية: فلما طلع الفجر، قال: إن رسول الله ﷺ كان لا يُصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. عبد الرحمن بن عياش - وهو عبد الرحمن ابن الحارث بن عبد الله بن عياش - مختلف فيه وهو حسن الحديث. سفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠١٠) من طريق يحيى بن آدم، بهذا الإسناد.
وأخرجه مطولًا الترمذي (٩٠٠) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان الثوري، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٤٨).
ويشهد له حديث جابر الذي بعده.
وقزح: بضم وفتح: موضع وقوف الإمام بمزدلفة بزنة عمر، وهو ممنوع من الصرف للعلمية والعدل.
(٢) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي.
وقد سلف تخريجه برقم (١٩٠٧) و(١٩٠٨).
وانظر ما بعده، وما سلف برقم (١٩٠٥).

١٩٣٧ - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا أبو أسامةَ، عن أسامة بنِ زيدٍ، عن عطاء، قال:
حدثني جابرُ بنُ عبدِ الله أن رسولَ الله ﷺ قال: «كُلُّ عرفَةَ موقِفٌ، وكُلُّ مِنًى مَنحَرٌ، وكُل المزدلفَةِ موقفٌ، وكل فِجَاج مكةَ طريقٌ ومَنحَرٌ» (١).
١٩٣٧ - حدَّثنا ابنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال:
قال عمر بن الخطاب: كان أهلُ الجاهلية لا يُفِيضُونَ حتى يروا الشمسَ على ثبيرٍ، فخالفهم النبي ﷺ فدفع قبلَ طلوعِ الشمسِ (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. أسامة بن زيد - وهو الليثي - حسن الحديث، وقد توبع. الحسن بن علي: هو الخَلاّل الحُلوانى، وأبو أسامة: هو حمّاد ابن أسامة بن زيد القرشي، وعطاء: هو ابن أبي رباح القرشي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٤٨) من طريق وكيع بن الجراح، عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٩٨).
وانظر ما قبله.
وقوله: «كل فجاج مكة طريق ومَنحَر» له شاهد من حديث أبي هريرة سيأتي برقم (٢٣٢٤).
والفجاج: جمع فجّ: هو الطريق الواسعة.
(٢) إسناده صحيح. ابن كثير: وهو محمد بن كثير العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد
الثورى، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وعمرو بن ميمون: هو الأودي.
وأخرجه البخاري (١٦٨٤) و(٣٨٣٨)، وابن ماجه (٣٠٢٢)، والترمذي (٩١١)، والنسائى في «الكبرى» (٤٠٤٠) من طرق عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٨٤) و(٢٠٠)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٦٠). =

٦٥ - باب التعجيل مِن جَمعٍ
١٩٣٩ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا سفيانُ، أخبرني عُبيدُ اللهِ بن أبي يزيد
أنه سَمعَ ابنَ عباسٍ يقولُ: أنا مِمن قَدَّمَ رسولُ الله ﷺ ليلةَ المزدلفَةِ في ضَعَفَةِ أهلِه (١).
١٩٤٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، حدَّثنا سلمةُ بنُ كهيل، عن الحسن العُرنِيِّ
عن ابنِ عباس قال: قدَّمَنا رسولُ اللهِ ﷺ ليلةَ المزدلِفَةِ أغَيْلِمَةَ بني عبدِ المطلب على حُمُرات فجعل يلْطَحُ أفخاذَنا، ويقولُ: «أُبَينيَّ لا تَرمُوا الجمرةَ حتى تطلُعَ الشمسُ» (٢).


= ثبير: جبل عظيم بمزدلفة عن يسار الذاهب إلى منى.
وكانوا يقولون: أشرق ثبير كيما نغير، أي: ادخل أيها الجبل في الشروق وهو ضوء الشمس، معناه كيما ندفع للنحر، وهو من قولهم أغار الفرس: إذا أسرع في عدوه.
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (١٦٧٨)، ومسلم (١٢٩٣)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٢١) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٨٥٦)، ومسلم (١٢٩٣) من طريق حماد بن زيد، عن عبيد الله ابن أبي يزيد، به.
وأخرجه البخاري (١٦٧٧)، والترمذي (٩٠٧) من طريق عكرمة، ومسلم (١٢٩٤)، وابن ماجه (٣٠٢٦)، والنسائي (٤٠٢٢) و(٤٠٤١) من طريق عطاء بن أبي رباح، والترمذي (٩٠٨) من طريق مقسم مولى ابن عباس، ثلاثتهم عن ابن عباس.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٢٠) و(١٩٣٩)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٦٢) و(٣٨٦٥).
وانظر تالييه.
(٢) حديث صحيح، وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أنه منقطع. =

قال أبو داود: اللطحُ: الضربُ الليّنُ.
١٩٤١ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا الوليدُ بن عقبة، حدَّثنا حمزةُ الزياتُ، عن حبيبِ بن أبي ثابت، عن عطاء
عن ابنِ عباس، قال: كان رسولُ الله ﷺ يُقدِّم ضُعفاءَ أهلِه بغَلَسٍ، ويأمرُهم، يعني لا يرمون الجمرةَ حتى تطلُعَ الشمسُ (١).


= الحسن العرني: وهو ابن عبد الله - لم يلق ابن عباس، بل لم يدركه وهو يرسل عنه، صرَّح بذلك أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم، وقد وصله ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير أو عن الحسن، عن ابن عباس. سفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٢٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٥٦) من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٢٥) من طريق مسعر بن كدام، عن سلمة بن كهيل، به.
وأخرجه أحمد (٢٥٠٧)، والترمذي (٩٠٨) من طريق الحكم، عن مِقسم بن بُجرة، عن ابن عباس، به. بلفظ: أن النبي ﷺ قَّدَّم ضَعَفَة أهله، وقال: «لا ترمُوا حتى تطلع الشمس». وقال: حديث حسن صحيح.
وفيه دليل على أنه لا يرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس لأنه إذا كان من رخص له منع أن يرمي قبل طلوع الشمس، فمن لم يرخص له أولى.
وقال الخطابي: والأفضل أن لا يرمي إلا بعد طلوع الشمس كما جاء في حديث ابن عباس.
واللطح: الضرب الخفيف ببطن الكف ونحوه، وأبيني: تصغير يريد يا بني، وأغيلمة: تصغير الغلمة. وانظر لزامًا «فتح الباري» ٣/ ٥٢٨ - ٥٢٩.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٨٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٦٩).
وانظر ما قبله وما بعده.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، من أجل الوليد بن عقبة - وهو ابن المغيرة -. حمزة الزيات: هو ابن حبيب بن عمارة.
وأخرجه النسائى في «الكبرى» (٤٠٥٧) من طريق سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، بهذا الإسناد. =

١٩٤٢ - حدَّثنا هارون بنُ عبدِ الله، حدَّثنا ابنُ أبي فُديكٍ، عن الضحاك - يعنى ابنَ عثمان - عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه
عن عائشة أنها قالت: أرسلَ النبي ﷺ بأمِّ سلمةَ ليلةَ النحرِ، فرمت الجَمرَةَ قبل الفجِر، ثم مضت فأفاضَتْ، وكان ذلك اليومُ اليومَ الذي يكون رسول الله ﷺ تعني - عندَها (١).


= وأخرجه بنحوه مسلم (١٢٩٤)، وابن ماجه (٣٠٢٦)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٢٢) و(٤٠٤١) من طريق عطاء، به. دون ذكر النهي عن الرمي حتى تطلع الشمس.
وأخرجه الترمذي (٩٠٨) من طريق مقسم بن بُجرة، عن ابن عباس. وفيه النهي عن الرمي حتى تطلع الشمس. وقال: حديث حسن صحيح.
وقد سلف ذكر النهي عن الرمي حتى تطلع الشمس في الطريق التي قبله.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٢٠)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٦٩).
وانظر سابقيه.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل الضحاك بن عثمان - وهو الأسدي الحزامي - فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل. وقد صحح إسناده الحاكم ١/ ٤٦٩، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٥/ ١٣٣، وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» ٥/ ١٦٢: إسناده جيد قوي، رجاله ثقات، وقال أيضًا في «تخريج أحاديث التنبيه» ١/ ٣٣٩: إسناده جبد، لكن رواه الشافعي مرسلًا، ورواه جماعةٌ من الكبار عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها بنحوه، ولعل هذا غير قادح، إذ قد يكون عن هشام عن أبيه من الطريقين. وقال الحافظ في «بلوغ المرام»: إسناده على شرط مسلم، وقال في «الدراية» ٢/ ٢٤: إسناده صحيح. وكذلك قال ابن الملقن في «البدر المنير» ٦/ ٢٥٠: إسناده صحيح. ابن أبي فديك: هو محمد ابن إسماعيل.
وأخرجه الدارقطني (٢٦٨٩)، والحاكم ١/ ٤٦٩، وابن حزم في «حجة الوداع» (١٢٤)، والبيهقي في «الكبرى» ٥/ ١٣٣، وابن عبد البر في «الاستذكار» (١٨٠٧٥)
من طريق ابن أبي فديك، بهذا الإسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٣٥٢٣) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، و(٣٥٢٤) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني، كلاهما عن هشام بن عروة، به. ولفظ الدراوردي: أن النبي ﷺ أمر أم سلمة أن تصلي الصبح يوم النفر بمكة، وكان يومَها فأحب أن توافقه. ولفظ يعقوب: أن رسول الله ﷺ أمر أم سلمة أن توافيه يرم النفر بمكة.
وأخرجه الشافعي في «الأم» ٢/ ٢١٣ ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى» ٥/ ١٣٣، وفي «معرفة السنن» (١٠١٦٣) عن داود بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وابن أبي شيبة ص ٢٣٤ من القسم الذي نشره العمروي من الجزء الرابع، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٢/ ٢٢١، وفي «شرح مشكل الآثار» بإثر الحديث (٣٥١٩) من طريق وكيع بن الجراح، وأحمد في «العلل» (٢٦٣٧)، والطحاوي في «شرح المعاني» ٢/ ٢٢١، وفي «شرح المشكل» بإثر (٣٥١٩) من طريق يحيى بن سعيد القطان، ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي، والطحاوي في «شرح المشكل» (٣٥٢١) و(٣٥٢٢) من طريق حماد بن سلمة، كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا.
أما لفظ داود والدراوردي: قال: دار رسول الله ﷺ يوم النحر إلى أم سلمة، فأمرها أن تعجل الإفاضة من جَمع حتى ترمي الجمرة، وتوافي صلاة الصبح بمكة، وكان يومها فأحب أن توافيه.
وأما لفظ وكيع: أن النبي ﷺ أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة - وعند ابن أبي شيبة وحده: بمنى. وهو مخالف لسائر الروايات كما قال أحمد في «العلل» (٢٦٣٧).
وأما لفظ يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي: أن توافي. دون ضمير الغائب العائد على ذكره ﷺ.
وأما رواية حماد بن سلمة فهي بنحو رواية المُصنِّف ليس فيها: «أن توافي» ولا «أن توافيه».
قنا: وإنما أنكر الإمام أحمد في هذا الحديث عبارة: «أن توافيه بمكة»، ففد نقل عنه الطحاوي بإثر الحديث (٣٥١٩) قوله: هذا عجبٌ، والنبي ﷺ يوم النحر ما يصنع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بمكة؟! لكن قال الحافظ في«التلخيص» ٢/ ٢٥٨: رواية أبي داود سالمة من الزيادة التي استنكرها أحمد. قلنا: وكذلك رواية حماد بن سلمة، وكذلك رواية يحيي القطان وابن مهدي، فإنها خلت من ضمير الغائب الذي يعود على ذكره ﷺ.
لكن بقي الاختلاف في وصل الحديث وإرساله، قال ابن كثير في «تخريج أحاديث التنبيه» ١/ ٣٣٩: لعل هذا غير قادح، إذ قد يكون عن هشام، عن أبيه من الطريقين.
قلنا: على أنه دون الزيادة التي استنكرها الإمام أحمد - له ما يشهد له من حديث عبد الله ابن كيسان، عن أسماء بنت أبي بكر عند البخاري (١٦٧٩)، ومسلم (١٢٩١) وغيرهما: أنها نزلت ليلة جَمع عند المزدلفة، فقامت تصلي، فصلّت ساعة، ثم قالت: يا بُني، هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلّت ساعة، ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: فارتحِلُوا، فارتحلنا ومضينا، حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلّت الصبح في منزلها. فقلت لها: يا هنْتَاهُ، ما أُرانا إلا قد غلَّسنا، قالت: يا بني، إن رسول الله ﷺ أذِنَ للظُّعُن. قلنا: والظُّعُن: النساءُ. ويشهد له أيضًا حديث عائشة عند البخاري (١٦٨١) ومسلم (١٢٩٠) قالت: استأذنَت سودة النبي ﷺ أن تدفع قبل حَطمة الناس، وكانت امرأة بطيئة، فأذن لها، فدفعت قبل حَطمة الناس، وأقمنا حتى أصبحنا نحن، ثم دفعنا بدفعه، فلأن أكون استأذنتُ كما استأذنت سودة أحب إليَّ من مفروحٍ به ففي هذا دليل على أن سودة أيضًا كانت ممن تقدم مع الضعفة للرمي.
وقد روى أبو معاوية محمد بن خازم الضرير هذا الحديث - أعني حديث الباب عن هشام بن عروة عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها: أن النبي ﷺ أمرها يوم النحر أن توافي معه صلاة الصبح بمكة. أخرجه من طريقه إسحاق بن راهويه في «مسنده» ٤/ (١٨٢٤)، وأحمد (٢٦٤٩٢)، وأبو يعلى (٧٠٠٠)، والطحاوي في «شرح المعاني» ٢/ ٢١٩، وفي «شرح المشكل» (٣٥١٧) و(٣٥١٨) و(٣٥١٩)، والطبراني في «الكبير» ٢٣/ (٧٩٩)، والبيهقي في«السنن الكبرى» ٥/ ١٣٣، وفي «معرفة السنن والآثار» (١٠١٦٧) و(١٠١٦٩). قال ابن كثير في «تخريج أحاديث التنبيه» ١/ ٣٣٩ وقد ذكر الطريقين: لعل هذا غير قادح، إذ قد يكون عن هشام، عن أبيه من الطريقين.
وكذلك رواه الشافعي في «الأم» ٢/ ٢١٣، ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى» ٥/ ١٣٣، وفي «معرفة السنن والآثار» (١٠١٦٤) إلا أنه قال: عن الثقة (وفي رواية =

١٩٣٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ خلادٍ الباهليُّ، حدَّثنا يحيى، عن ابِن جُرَيجٍ، أخبرني عطاءٌ، أخبرني مُخبرٌ
عن أسماء: أنها رَمَتِ الجمرةَ، قلت: إنا رَمَينَا الجمرةَ بليلٍ، قالت: إنا كُنَّا نصنعُ هذا على عهدِ رسولِ اللهِ ﷺ (١).


= أخرى عن الشافعي: من أثق به من المشرقيين) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب،
عن أمها أم سلمة. قال البيهقي: وكان الشافعي أخذه من أبي معاوية الضرير.
وخالفه سفيان الثوري عند الطحاوي في «شرح المشكل» (٣٥٢٠)، والطبراني ٢٣/ (٩٨٢) من طريقين عن سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أم سلمة أن رسول الله ﷺ أمرها أن تصلي الفجر بمكة يوم النحر. فلم يقل في روايته: «توافي» أو «توافيه»، فوافق رواية المصنِّف.
فقد صح هذا الحديث إن شاء الله بما انضم إليه من طريق زينب بنت أم سلمة، عن أمها، ثم بما انضم إليه من شاهديه اللذين ذكرناهما عن أسماء بنت أبي بكر وعائشة، وهما صحيحان بلا مرية، وهما في «الصحيحين». وقد سقا لفظهما وقد يشكل هذا الحديث مع حديث ابن عباس الذي قبله، لكن قال ابن القيم في «زاد المعاد» ٢/ ٢٥٢: إنه لا تعارض بين هذه الأحاديث، فإنه أمر الصبيان أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس، فإنه لا عذر لهم في تقديم الرمي، أما من قدّمه من النساء فرمين قبل طلوع الشمس للعذر والخوف عليهن من مزاحمة الناس وحطمهم، وهذا الذي دلت عليه السنة جواز الرمي قبل طلوع الشمس للعذر بمرض أوكبر يشق عليه مزاحمة الناس لأجله، وأما القادر الصحيح فلا يجوز له ذلك. وقال الحافظ في «الفتح» ٣/ ٥٢٩: يجمع بينه وبين حديث ابن عباس بحمل الأمر في حديث ابن عباس على الندب.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أسماء، لكن روي الحديث من طريق آخر صحيح ذكرناه عند الحديث السالف قبله.
وهو في «صحيح البخاري» (١٦٧٩)، و«صحيح مسلم» (١٢٩١) من طريق عبد الله ابن كيسان عن أسماء، وبنحوه عند النسائي (٤٠٢٧) من طريق مولى لأسماء، عنها، وهو في «المسند» (٢٦٩٤١).

١٩٤٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، حدَّثني أبو الزبيرِ
عن جابر، قال: أفاضَ رسولُ اللهِ ﷺ وعليهِ السَّكِينَةُ، وأَمَرَهُم أن يَرْمُوا بمثلِ حَصَى الخَذفِ، وأوضَع في وادِي مُحسِّرٍ (١).

٦٦ - باب يوم الحج الأكبر
١٩٤٥ - حدَّثنا مُؤَمَّلُ بنُ الفضِل، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا هشام - يعني ابنَ الغاز - حدَّثنا نافعٌ


(١) إسناده صحيح. أبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي - قد صرح عند أحمد في«مسنده» (١٤٤١٨) أنه سمع قصة حجة النبيَّ ﷺ من جابر، ثم إنه
متابع. محمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٢٣)، والترمذي (٩٠١)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٤٤) و(٤٠٤٥) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ورواية النسائي في الموضع الثاني مختصرة.
وأخرجه مسلم (١٢٩٩)، والترمذي (٩١٢)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٠٣) و(٤٠٦٦) و(٤٠٦٧) من طرق عن أبي الزبير، به. ورواية النسائي في الموضع الأول مختصرة.
وأخرجه مسلم (١٢١٨)، وابن ماجه (٣٠٧٤)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٤٦) و(٤٠٦٨) من طريق محمد بن علي بن الحسين، والنسائي (٤٠٦٦) من طريق عُبيد الله ابن عمر، كلاهما عن جابر، به. ورواية مسلم وابن ماجه مطولة.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠١٢) من طريق محمد بن المنكدر، عن جابر. بذكر الإيضاع في وادي محسِّر.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٥٥٣)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٤٤).
وقد سلفت هذه القطعة ضمن حديث مطول برقم (١٩٠٥).
وقوله: أوضع، معناه: أسرع السير بإبله، يقال: وضع البعير، وأوضعه راكبه، أي: أسرع به السير، ووادي محسر: اسم فاعل من التحسير، قال الأزرقي: وهو خمس مئة ذراع، وخمسة وأربعون ذراعًا، قال النووي: سمي بذلك، لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه، أي: أعيا، وكلَّ، وفي الحديث مشروعية الإسراع بالمشي في وادي محسر.

عن ابنِ عمر: أن رسولَ الله ﷺ وَقَفَ يَوْمَ النحرِ بَينَ الجمراتِ في الحجَّة التي حَجَّ، فقال: «أيُّ يَوْمٍ هذا؟» قالوا: يومُ النحرِ، قال: «هذا يَومُ الحج الأكْبَرِ» (١).
١٩٤٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، أن الحَكَمَ بن نافعٍ حَدثهم، أخبرنا شعيبٌ، عن الزهريِّ، حدثني حُمَيدُ بنُ عبدِ الرحمن
أن أبا هُريرة قال: بعثني أبو بكر فيمن يُؤذن يَوْمَ النحرِ بِمنى: أن لا يَحُجَّ بعدَ العامِ مُشْرِكٌ، ولا يَطُوفَ بالبيتِ عُرْيَان، ويَومُ الحجِّ الأكبرِ يَوْمُ النَّحرِ، والحجُّ الأكبر الحجُّ (٢).


(١) إسناده صحيح. الوليد: هو ابن مسلم القرشي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٥٨) مطولًا من طريق صدقة بن خالد، عن هشام بن الغاز، به.
وعلقه البخاري في«صحيحه» بإثر الحديث (١٧٤٢) بصيغة الجزم عن هشام بن الغاز.
وهو في «شرح مشكل الآثار» (١٤٥٩) و(١٤٦٠).
وله شاهد من حديث أبي هريرة سيأتي بعده.
وآخر من حديث أبي بكرة عند الطحاوي في «شرح المشكل» (١٤٥٨). وإسناده صحيح.
قال ابن القيم في «تهذيب السنن»: والقرآن قد صرح بأن الأذان يوم الحج الأكبر، ولا خلاف أن النداء بذلك إنما وقع يوم النحر بمنى، فهذا دليل قاطع على أن يومَ الحج الأكبر هو يومُ النحر.
(٢) إسناده صحيح. شعيب: هو ابن أبي حمزة الأموي مولاهم، والزهري: هو محمد بن مسلم القرضي.
وأخرجه البخاري (٣١٧٧) من طريق شعيب بن أبي حمزة، بهذا الإسناد. =

٦٧ - باب الأشهر الحرم
١٩٤٧ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا أيوبُ، عن محمد
عن أبي بكرة: أن النبيَّ ﷺ خَطَبَ في حَجته، فقالَ: «إنَّ الزمانَ قد استدارَ كهيئته يَوْمَ خَلَقَ الله السمواتِ والأرضَ: السنةُ اثنا عَشَرَ شهرًا، منها أربعةٌ حُرُمٌ: ثلاثٌ متوالياتٌ ذو القَعدَةِ وذو الحِجَّةِ والمُحرمُ، ورجبُ مُضَر الذي بين جُمادى وشعبانَ» (١).


= وأخرجه البخاري (٣٦٩) و(١٦٢٢) و(٤٣٦٣) و(٤٦٥٥) و(٤٦٥٦) و(٤٦٥٧) ومسلم (١٣٤٧)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٣٤) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وعامة روايات البخاري غير (٤٦٥٧)، ورواية النسائي دون قوله: ويوم الحج الأكبر ...
وأخرجه النسائي (٣٩٣٥) من طريق المُحرَّر بن أبي هريرة، به. دون قوله: ويوم الحج الأكبر ...
وهو في «مسند أحمد» (٧٩٧٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٢٠).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، لكن محمد - وهو ابن سيرين الأنصاري - لم يثبت سماعه من أبي بكرة، وروايته عنه مرسلة، والواسطة بينهما عبد الرحمن بن أبي بكرة وحميد بن عبد الرحمن الحميري وهما ثقتان، كما بيناه في «مسند أحمد» (٢٠٣٨٦)، وما سيأتي بعده. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم الأسدي، المعروف بابن عُلَيّة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٣٨٦).
وانظر ما بعده.
وقوله: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض» قال السندي في حاشيته على «المسند»: أي على هيئته وحسابه القديم، وكان العرب يقدمون شهرًا ويؤخرون آخر، ويسمون ذلك النسيء، فبين ﷺ أن ذلك الوضع وضع جاهلي باطل =

١٩٤٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فيّاضٍ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، حدَّثنا أيوبُ السختْياني، عن محمد بنِ سيرين، عن ابنِ أبي بكرة، عن أبي بكرة، عن النبيّ ﷺ بمعناه (١).
قال أبو داود: سماه ابنُ عون عبدَ الرحمن بنَ أبي بكرة في هذا الحديث.

٦٨ - باب من لم يدرك عرفة
١٩٤٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، حدثني بُكيرُ بن عطاء، عن عبدِ الرحمن بنِ يعمر الدِّيلي، قال:


= والمعتبر في المناسك وغيرها هو الوضع الإلهي السابق، وإضافة رجب إلى مضر، لأنهم كانوا يحافظون عليه أشد المحافظة، ثم بين ذلك توضيحًا وتاكيدًا فقال: «الذي بين جمادى وشعبان».
وقال في «مرقاة المفاتيح» ٣/ ٢٤٤ تعليقًا على قوله: «منها أربعة حرم»: قال تعالى: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: ٣٦] قال البيضاوي رحمه الله، أي: بهتك حرمتها وارتكاب حرامها، والجمهور على أن حرمة المقاتلة فيها منسوخة، وأوَّلوا الظلم بارتكاب المعاصي فيهن، فإنه أعظم وزرًا كارتكابها في الحرم وحال الإحرام، وعن عطاء: لا يحل للناس أن يغزوا في الحرم والأشهر الحرم إلا أن يقاتلوا، ويؤيد الأول ما روي أنه ﷺ حاصر الطائف، وغزا هوازن بحنين في شوال وذي القعدة.
(١) إسناده صحيح. عبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي.
وأخرجه البخاري (٣١٩٧) و(٤٤٠٦) و(٥٥٥٠) و(٧٤٤٧)، ومسلم (١٦٧٩) من طرق عن عبد الوهاب، بهذا الإسناد. وجميع الروايات مطولة ما عدا الموضع الأول من البخاري.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٣٨٦)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٤٨).
وانظر ما قبله.

أتيتُ النبي ﷺ وهو بعرفةَ، فجاء ناسٌ - أو نفرٌ - من أهلِ نجدٍ، فأمروا رجلًا، فنادى رسولَ الله ﷺ: كيف الحَجُّ؟ فأمَرَ رجلًا فنادى:
«الحجُّ الحجُّ يَومُ عرفةَ، مَنْ جاء. قبلَ صلاةِ الصُبحِ مِن ليلةِ جَمْع فتمَّ حَجُّه، أيامُ مِنى ثلاثةٌ، فمن تعجَّلَ في يومينِ فلا إثمَ عليهِ، ومن تأخَّرَ فلا إثمَ عليهِ» قال: ثم أردف رجلًا خَلفَهُ، فجعل يُنادِي بذلكَ (١).
قال أبو داود: وكذلك رواه مِهرانُ، عن سفيانَ قالْ: «الحجّ الحج»، مرتين، ورواه يحيى بنُ سعيدٍ القطانُ، عن سفيان قال: «الحج»مرةً.
١٩٥٠ - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا يحيي، عن إسماعيلَ، حدَّثنا عامِرٌ
أخبرني عُروةُ بنُ مُضَرِّسِ الطائي، قال: أتيتُ رسولَ الله ﷺ بالموقِفِ يعني بِجَمعٍ، قلتُ: جئتُ يا رسولَ الله مِن جبلِ طيِّئ، أكلَلتُ مَطيَّتي، وأتعبتُ نفسي، واللهِ ما تركتُ مِن حبْلٍ إلا وقفتُ عليه، فهلْ لي مِن حَجٍّ؟ فقال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ أدرَكَ معنا هذه الصلاة، وأتى عَرَفَاتٍ قبلَ ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجُّه وقضى تفَثَه» (٢).


(١) إسناده صحح. محمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠١٥) و(٣٠١٥ م)، والترمذي (٩٥٤) و(٩٠٥)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٩٧) و(٣٩٩٨) و(٤٠٣٦) من طرق عن سفيان الثوري، والنسائي (٤١٦٦) من طريق شعبة، كلاهما عن بكير بن عطاء، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٧٧٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٩٢).
(٢) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، وإسماعيل: هو ابن أبى خالد البجلي، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبى. =

٦٩ - باب النزول بمنىً
١٩٥١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا مَغمَرٌ، عن حميدٍ الأعرجِ، عن محمدِ بنِ إبراهيم التيميِّ، عن عبدِ الرحمن بنِ مُعاذ


= وأخرجه ابن ماجه (٣٠١٦)، والترمذي (٩٠٦)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٣١ - ٤٠٣٥) من طرق عن الشعبي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٢٠٨) و(١٨٣٠٠)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٥١).
قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه أن من وقف بعرفات وقفة ما بين الزوال من يوم عرفة إلى أن يطلع الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج.
وقال أصحاب مالك: النهار تبع الليل في الوقوف، فمن لم يقف بعرفة حتى تغرب الشمس فقد فاته الحج وعليه حج من قابل، وروي عن الحسن أنه قال: عليه هدي من الإبل وحجه تام.
وقال أكثر الفقهاه: من صدر من عرفة قبل غروب الشمس فعليه دم وحجه تام.
وكذلك قال عطاء وسفيان الثوري وأصحاب الرأي وهو قول الشافعي وأحمد.
وقال مالك والشافعي: فيمن دفع من عرنة قبل غروب الشمس ثم رجع إليها قبل طلوع الفجر، فلا شيء عليه.
وقال أصحاب الرأي: إذا رجع بعد غروب الشمس ووقف لم يسقط عنه الدم، وظاهر قوله: «من أدرك معنا هذه الصلاة» شرط لا يصح الحج إلا بشهوده جمعًا، وقد قال به غير واحد من أعيان أهل العلم، قال علقمة والشعبي والنخعي: إذا فاته جمع ولم يقف به فقد فاته الحج ويجعل إحرامه عمرة. وممن تابعهم على ذلك أبو عبد الرحمن الشافعي وإليه ذهب محمد بن إسحاق ابن خزيمة - وأحسب محمد بن جرير الطبري أيضًا - واحتجوا، أو من احتج منهم بقوله سبحانه: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٨]، وهذا نص، والأمر على الوجوب، فتركه لا يجوز بوجه.
وقال أكثر الفقهاء: إن فاته المبيت بالمزدلفة والوقوف بها أجزأه وعليه دم.
وقوله: «ففد تم حجه» يريد به معظم الحج وهو الوقوف بعرفة لأنه هو الذي يخاف عليه الفوات، فأما طواف الزيارة فلا يخشى فواته، وهذا كقوله: «الحج عرفة» أي: معظم الحج هو الوقوف بعرفة.

عن رَجُلٍ من أصحابِ النبيَّ ﷺ قال: خَطَبَ النبيُّ ﷺ الناس بمنىً، ونزلهم مَنَازلهم، فقال: «لِيَنزِلِ المهاجرونَ ها هنا - وأشار إلى ميمنةِ القِبلة - والأنصار ها هنا - وأشار إلى مَيسرةِ القِبلة - ثم لِينزلِ الناسُ حولَهم» (١).

٧٠ - باب أي يوم يخطُب بمنى؟
١٩٥٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا ابنُ المبارك، عن إبراهيمَ بنِ نافع، عن ابنِ أبي نَجيح، عن أبيه


(١) رجاله ثقات إلا أن محمد بن إبراهيم التيمي لم يدرك عبد الرحمن بن معاذ فيما قاله الذهبي في «تجريد الصحابة»، وعبد الرحمن بن معاذ التيمي هو ابن عم طلحة بن عبد الله، قال البخاري وغيره: له صحبة، وعده ابن سعد مع مسلمة الفتح.
ونص على صحبته في هذا الحديث سفيان بن عيينة، وعبد الوارث بن سعيد، وخالد بن عبد الله الواسطي، لكن خالف ابن عيينة في اسمه فقال: معاذ أو ابن معاذ.
وخالفهم معمر فجعله من روايته عن رجل من الصحابة.
عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، وحميد الأعرج: هو ابن قيس.
وأخرجه الحميدي (٨٥٢)، وأحمد في «مسنده» (١٦٥٨٨) و(١٦٥٨٩) و(٢٣١٧٧) و(٢٣١٧٨)، والبيهقي في «الكبرى» ٥/ ١٢٧ - ١٢٨ من طرق عن حميد الأعرج، بهذا الإسناد.
وقال المزي في ترجمة عبد الرحمن بن معاذ من «تهذيب الكمال» ١٧/ ٤٠٩: حديثه عند محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي قال: خطبنا النبي ﷺ ونحن بمنى (عن سعيد بن منصور).
وقيل عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن معاذ، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ.
وقيل: عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن رجل من قومه يقال له: معاذ بن عثمان، أو عثمان بن معاذ.
وانظر ما سيأتي برقم (١٩٥٧).

عن رَجُلَيْنِ من بني بكرٍ، قالا: رأيْنَا رسولَ الله ﷺ يخْطُبُ بَيْنَ أوسطِ أيامِ التَشريقِ، ونحن عندَ راحِلتِه، وهي خُطبةُ رَسُولِ الله ﷺ التي خَطَبَ بِمنى (١).
١٩٥٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا أبو عاصمٍ، حدَّثنا ربيعةُ بن عبدِالرحمن بنِ حُصَينٍ، حدَثتني جَدَّتي سرّاءُ بنتُ نَبهانَ، وكانت ربّهَ بَيتٍ في الجاهِلِيَة، قالت:
خَطَبنا رَسُولُ الله ﷺ يومَ الرؤوس فقال: «أيُّ يوم هذا؟» قلنا: الله ورسولُه أعلم، قال: «أليسَ أوسَطَ أيام التشريقِ؟ (٢).


(١) إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله المروزي، وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن أبي نجيح يسار المكي.
وأخرجه البيهقي في»الكبرى«٥/ ١٥١ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ربيعة بن عبد الرحمن بن حصين.
محمد بن بشار: هو العبدي، وأبو عاصم: هو الضحاك.
وأخرجه البيهقي ٥/ ١٥١، وابن الأثير في»أسد الغابة«٧/ ١٤٠ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في»الآحاد والمثاني«(٣٣٠٥).
ويشهد له ما قبله.
وقول أبي داود: وكذلك قال عم أبي حُرَّة الرقاشي: إنه خطب أوسط أيام التشريق. أخرجه أحمد في»مسنده«(٢٠٦٩٥) وفي إسناده علي بن زيد بن جُدعان، وهو ضعيف.
وقوله: يوم الرؤوس: هو اليوم الثاني من أيام التشريق، سمي بذلك لأنهم كانوا يأكلون فيه رؤوس الأضاحي، قال الزمخشري في»أساس البلاغة": أهل مكة يسمون يوم القر يوم الرؤوس، لأنهم يأكلون فيه رؤوس الأضاحي.
ويوم القر: هو اليوم التالي ليوم النحر.

قال أبو داود: وكذلك قال عمُّ أبي حُرَّة الرَّقاشي: أنه خَطَبَ أوسَطَ أيامِ التشريقِ.

٧١ - باب من قال: خَطَبَ يَومَ النحرِ
١٩٥٤ - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا هشامُ بنُ عبدِ الملك، حدَّثنا عِكرمَة حدَّثني الهِرْمَاسُ بنُ زياد الباهلي، قال: رأيتُ النبيَّ ﷺ يَخْطُبُ الناس على ناقته العَضباء يَومَ الأضحى بِمنَى (١).
١٩٥٥ - حدَّثنا مُؤمَّلٌ - يعني ابنَ الفضلِ الحرَّانيَّ - حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا ابنُ جابر، حدَّثنا سُليمُ بنُ عامر الكَلاعي
سمعتُ أبا أمامة يقول: سمعتُ خطبةَ رسولِ الله ﷺ بمنىً يَوْمَ النحر (٢).

٧٢ - أيّ وقت يخطبُ؟
١٩٥٦ - حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بنُ عبدِ الرحيم الدمشقيُّ، حدَّثنا مروان، عن هلال بنِ عامر المزنيِّ


(١) إسناده صحيح. عكرمة: هو ابن عمار العجلي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٠٨٠) من طريق عكرمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٩٦٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٧٥).
(٢) إسناده صحيح. الوليد: هو ابن مسلم القرشي الدمشقي، وابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد الأزدي.
وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (٥٧٨)، والبيهقي في «الكبرى» ٥/ ١٤٠
من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرج الترمذي (٦٢٠) من طريق معاوية بن صالح، عن سُليم بن عامر الكلاعي، بلفظ: سمعت رسول الله ﷺ يخطب في حجة الوداع ...
وانظر «مسند أحمد» (٢٢١٦١)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٦٣).

حدثني رافعُ بنُ عمرو المزنيُّ، قال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ يَخطُبُ الناسَ بِمنى حينَ ارتفِع الضُّحى على بغلةٍ شهباء وعلىٌ رضي الله عنه يُعَبِّرُ عنه، والناسُ بَين قائمٍ وقاعدٍ (١).

٧٣ - باب ما يذكر الإمام في خطبته بمنى
١٩٥٧ - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن حُميد الأعرج، عن محمدِ ابنِ إبراهيم التيمي
عن عبدِ الرحمن بن معاذ التيمي، قال: خطبنا رسولُ الله ﷺ ونحن بِمنىً فَفُتِحَت أسماعُنا، حتى كُنَّا نسمعُ ما يقولُ ونحن في منازلنا، فَطَفِقَ يُعلّمهم مناسِكَهم حتى بلغَ الجمارَ، فوضع إصبَعيه السَّبابَتَيْنِ،


(١) إسناده صحيح. وقد روى هذا الحديث أبو معاوية محمد بن خازم كما سيأتي برقم (٤٠٧٣) فقال: عن هلال بن عامر، عن أبيه. وصحح البخاري وابن السكن والبغوي وغيرهم رواية مروان - وهو ابن معاوية الفزاري - كما بيناه في «مسند أحمد» (١٥٩٢٠). وصوب المزي في «تحفة الأشراف» ٤/ ٢٣٦ رواية أبي معاوية.
لكن ما قاله البخاري ومن تبعه أولى بالصواب لمتايعة يعلى بن عبيد ويحيي بن سعيد الأموي لمروان في روايته كما سيأتي. وعلى أي حال فالاختلاف في تعيين الصحابي، وهذا لا يضر، لأنهم جميعًا عدول.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٣/ ٣٠٢، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٧٩)،
واليهقي في «الكبرى» ٥/ ١٤٠ من طريق مروان بن معاوية، به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٠٩٦)، والطبراني في «الكبير» (٤٤٥٨) من طريق يعلى بن عبيد، والطبراني (٤٤٥٨) من طريق يحيي بن سعيد الأموي، كلاهما عن هلال بن عامر، به.
وسيأتي من طريق أبي معاوية الضرير، عن هلال بن عامر، عن أبيه برقم (٤٠٧٣).
قال السندي: يعبر عنه، أي: يُسمع الناس ما عسى أن يخفى عليهم.

ثم قال: «بحصى الخَذْفِ» ثم أمَرَ المهاجرينَ فنزلوا في مُقدَّمِ المسجدِ، وأمَرَ الأنصارَ، فنزلوا مِن وراءِ المسجد، ثم نزل الناسُ بعدَ ذلك (١).

٧٤ - باب يبيتُ بمكة ليالي منى
١٩٥٨ - حدَّثنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ خلاد الباهِليُّ، حدَّثنا يحيي، عن ابنِ جُريج، حدثني حريز - أو أبو حريز، الشك مِن يحيي -
أنه سَمِعَ عبدَ الرحمن بنَ فرُّوخٍ يسألُ ابنَ عمر، قال: إنا نتبايعُ بأموالِ الناسِ، فيأتي أحدُنا مكةَ، فيبيتُ على المالِ، فقال: أما رسولُ الله ﷺ فباتَ بِمِنىً وظلَّ (٢).
١٩٥٩ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا ابنُ نمير وأبو أُسامة، عن عُبيد الله، عن نافع
عن ابن عمر، قال: استأذنَ العبَّاسُ رسولَ الله ﷺ أن يبيتَ بمكة ليَالي مِنَى مِن أجلِ سقايته، فأذِنَ له (٣).


(١) رجاله ثقات، كما بيناه في (١٩٥١)، مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري.
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (٢٩٩٦) من طريق عبد الوارث، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٥٨٩).
ولأمره ﷺ بالرمي بمثل حصى الخذف شاهد من حديث جابر السالف برقم (١٩٠٥) و(١٩٤٤).
(٢) إسناده ضعيف؛ لجهالة حريز أو أبي حَريز. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.
وأخرجه البيهقي ٥/ ١٥٣ من طريق أبي داود.
(٣) إسناده صحيح. ابن نُمير: هو عبد الله، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة بن زيد القرشي، وعُبيد الله: هو ابن عمر العمري العدوي. =

٧٥ - باب الصلاة بمنى
١٩٦٠ - حدَّثنا مسدَّدٌ، أن أبا معاويةَ وحفص بنَ غياث حدَّثاهم - وحديثُ أبي معاوية أتمُّ - عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن عبدِ الرحمن بنِ يزيد، قال:
صلَّى عثمان بمنى أربعًا، فقال عبدُ الله: صليتُ مع النبيَّ ﷺ ركعتين، ومَعْ أبي بكر ركعتين، ومع عُمر ركعتين - زاد عن حفص - ومع عثمان صدرًا من إمارته، ثم أتمَّها، - زاد مِن ها هنا عن أبي معاويةَ - ثم تفرَّقت بكم الطرقُ فلودِدتُ أن لي مِن أربع ركعات ركعتينِ مُتقبَّلَتَين. فال الأعمش: فحدثني معاويةُ بنُ قرة عن أشياخه أن عبدَ الله صَلَّى أربعًا، قال: فقِيْلَ له: عبتَ على عثمان، ثم صليتَ أربعًا، قال: الخلافُ شَرٌّ (١).
١٩٦١ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا ابنُ المبارك، عن معمر


= وأخرجه البخاري (١٦٣٤) و(١٧٤٣) و(١٧٤٤) و(١٧٤٥)، ومسلم (١٣١٥)، وابن ماجه (٣٠٦٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٦٣) من طرق عن عبيد الله، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٩١) و(٤٧٣١)، و«صحح ابن حبان» (٣٨٨٩) و(٣٨٩٠).
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هر ابن مسرهد الأسدي، وأبو معاوية: هو محمد ابن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران الأسدي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي.
وأخرجه البخاري (١٠٨٤) و(١٦٥٧)، ومسلم (٦٩٥)، والنسائي في «الكبرى» (١٩١٩) و(١٩٢٠) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وبعضهم يختصره، وجميعهم دون حديث معاوية بن قرة. وهو في «مسند أحمد» (٣٥٩٣).

عن الزُّهريِّ: أن عثمان إنما صَلَّى بمنى أربعًا، لأنه أجمَعَ على الإقامةِ بعدَ الحج (١).
١٩٦٢ - حدَّثنا هنادُ بنُ السري، عن أبي الأحوص، عن المغيرةِ عن إبراهيمَ، قال: إن عثمان صَلّى أربعًا، لأنه اتخذَها وطَنًا (٢).
١٩٦٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، أخبرنا ابنُ المبارك، عن يونس عن الزهري، قال: لما اتَّخَذَ عثمانُ الأموالَ بالطائفِ وأراد أن يقيم بها صَلَّى أربعًا، قال: ثم أخَذَ به الأئمةُ بَعدُ (٣).
١٩٦٤ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن أيوبَ
عن الزهريِّ: أن عثمانَ بنَ عفان أتمَّ الصلاةَ بمنى مِن أجلِ الأعراب، لأنهم كَثُرُوا عامَئِذٍ فَصَلَّى بالناسِ أربعًا، لِيعلمهم أن الصلاةَ أربع (٤).


(١) رجاله ثقات، وهو من كلام الزهري. ابن المبارك: هو عبد الله المروزي، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم.
وانظر ما قبله.
(٢) رجاله ثقات، وهو من قول إبراهيم - وهو ابن يزيد النخعي - أبو الأحوص: هو سلام بن سليم الحنفي، والمغيرة: هو ابن مقسم الضبي.
وانظر ما سلف برقم (١٩٦٠).
(٣) رجاله ثقات وهو من كلام الزهري. ابن المبارك: هو عبد الله المروزي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.
وانظر ما سلف برقم (١٩٦٠).
(٤) رجاله ثقات، وهو من كلام الزهري. موسى بن إسماعيل: هو التبُوذكي، وحمّاد: هو ابن سلمة بن دينار البصري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة كيسان السَّختِياني.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٣/ ١٤٤ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وانظر ما سلف برقم (١٩٦٠ - ١٩٦٣).

٧٦ - باب القصر لأهل مكة
١٩٦٥ - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاق
حدثني حارثةُ بنُ وهبِ الخُزَاعيُّ - وكانت أُمُّه تحتَ عمر، فولدت عُبيدَ الله بن عمر - قال: صليتُ مَعَ رسولِ الله ﷺ بمنى والناسُ أكثر ما كانوا، فصلَّى بنا رَكعَتَينِ في حَجَّةِ الوَدَاع (١).

٧٧ - باب في رمي الجمار
١٩٦٦ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مهدي، حدثني عليُّ بن مُسهرٍ، عن يزيدَ بنِ أبي زياد، أخبرنا سليمانُ بن عمرو بن الأحوص
عن أُمه، قالت: رأيتُ رسولَ الله ﷺ يرمي الجمرةَ مِن بطنِ الوادي وهو راكب يُكبِّرُ مع كُلِّ حصاةٍ، ورجل مِن خلفه يستُرُه، فسألت عن الرجل، فقالوا: الفضلُ بنُ العباس، وازدحم الناسُ، فقال النبي ﷺ: «يا أيها الناسُ لا يَقتُلْ بعضُكم بعضًا، وإذا رميتمُ الجمرةَ، فارمُوا بمثلِ حصى الخَذْفِ» (٢).


(١) إسناده صحيح. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل، وزهير: هر ابن معاوية الجُعفي، وأبو إسحاق، هو عَمرو بن عبد الله السَّبيعي.
وأخرجه البخاري (١٠٨٣) و(١٦٥٦)، ومسلم (٦٩٦)، والترمذي (٨٩٧)، والنسائي في «الكبرى» (١٩١٦) و(١٩١٧) من طرق عن أبي إسحاق. قال الترمذي:
حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٧٢٧)، و«صحيح ابن حبان» (٢٧٥٦) و(٢٧٥٧).
(٢) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي -، ولجهالة حال سليمان بن عمرو بن الأحوص.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٢٨) و(٣٠٣١) و(٣٠٣١ م) و(٣٥٣٢) مطولًا، من طريق يزيد بن أبي زياد، بنحوه إلا أنه في الرواية (٣٠٣١ م) سمى الصحابية أم جُندُب. =

١٩٦٧ - حدَّثنا أبو ثورٍ - إبراهيمُ بنُ خالد - ووهبُ بنُ بيان، قالا: حدَّثنا عَبيدةُ، عن يزيدَ بنِ أبي زيادٍ، عن سليمان بنِ عمرو بنِ الأحوص
عن أُمِّهِ، قالت: رأيتُ رسول الله ﷺ عندَ جمرةِ العَقَبَةِ راكبًا، ورأيت بين أصابِعِه حجرًا، فرمى ورَمَى الناسُ (١).
١٩٦٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا ابنُ إدريس، حدَّثنا يزيدُ بنُ أبي زيادٍ، بإسناده في هذا الحديثِ، زاد: ولم يَقُم عندها (٢).
١٩٦٩ - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ الله - يعني ابن عمر - عن نافعٍ
عن ابنِ عمر: أنه كان يأتي الجمار، في الأيام الثلاثة بعدَ يومِ النحرِ، ماشيًا ذاهبًا وراجعًا، ويُخبر: أن النبي ﷺ كان يفعلُ ذلك (٣).


= وهو في «مسند أحمد» (١٦٠٨٧).
ويشهد له حديث ابن مسعود الآتى برقم (١٩٧٤).
وحديث الفضل بن عباس، عند مسلم (١٢٨٢)، وأحمد (١٧٩٤).
وحديث جابر السالف برقم (١٩٠٥).
وحديث حرملة بن عمرو عند أحمد (١٩٠١٦).
وانظر ما سيأتي برقم (١٩٦٧) و(١٩٦٨).
(١) حسن لغيره، كسابقه. عَبيدة: هو ابن حُميد الليثي.
(٢) حسن لغيره، كسابقيه. ابن إدريس: هو عبد الله بن إدريس الأودي.
وقوله: (ولم يَقمْ عندها) أي: عند جمرة العقبة يوم النحر.
وأما في أيام التشريق فسيأتى برقم (١٩٧٣) من حديث عائشة أنه كان يقف عند الأولى والثانية فيطيل القيام.
(٣) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن عمر - وهو العمري -، لكنه متابع. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وأخرجه الترمذي (٩١٥) من طريق ابن نُمير، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، به. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٥٩٤٤) و(٦٢٢٢).

١٩٧٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ جُرَيجٍ، أخبرني أبو الزبير
أنه سع جابرَ بنَ عبد الله يقول: رأيتُ رسولَ الله ﷺ يرمي على راحلته يَوْمَ النحرِ يقولُ: «لِتَأخُذُوا مَنَاسِككم، فإني لا أدْرِي لَعَلِّي لا أحُجُّ بَعْدَ حَجتي هذه» (١).
١٩٧١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى بنُ سعيد، عن ابن جُريجٍ، أخبرني أبو الزبير سمعتُ جابرَ بنَ عبد الله يقول: رأيتُ رسولَ الله ﷺ يرمي يَومَ النحرِ ضُحىً، فأما بعد ذلك فَبَعدَ زَوالِ الشَمسِ (٢).


(١) إسناده صحيح. فقد صرح ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - وأبو
الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس - بالتحديث فانتفت شبهة تدليسهما. يحيى:
هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه مسلم (١٢٩٧)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٥٤) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٤٠٠٢) من طريق سفيان الثوري، عن أبي الزبير، به. مختصرًا بقول النبي ﷺ.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤١٩).
قال الحافظ المزي في «الأطراف» (٢٨٠٤): هذا الحديث في رواية أبي الحسن ابن العبد، وأبي بكر بن داسة، ولم يذكره أبو القاسم.
(٢) إسناده صحيح كسابقه.
وأخرجه مسلم (١٢٩٩)، وابن ماجه (٣٠٥٣)، والترمذي (٩٠٩)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٥٦) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٣٥٤) و(١٤٤٣٥)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٨٦).

١٩٧٢ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد الزهريُّ، حدَّثنا سفيانُ، عن مِسعَر، عن وَبَرَةَ، قال:
سألت ابنَ عمر: مَتَى أرمي الجمارَ؟ قال: إذا رَمَى إمامُكَ فارمِ، فأعدتُ عليه المسألةَ، فقال: كنا نتحيّنُ زوالَ الشمس، فإذا زالتِ الشمسُ رمينا (١).
١٩٧٣ - حدَّثنا علىُّ بنُ بحر وعبُد الله بنُ سعيد - المعنى - قالا: حدَّثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن إسحاق، عن عبدِ الرحمن بنِ القاسم، عن أبيه
عن عائشة قالت: أفاضَ رسولُ الله ﷺ مِن آخرِ يومه حينَ صلَّى الظهرَ، ثم رجعَ إلى مِنى، فمكثَ بها ليالي أيامِ التشريقِ، يرمي الجمرةَ إذا زالتِ الشمسُ، كلَّ جمرة بسبع حصياتٍ يُكبر مَع كُلِّ حصاةٍ، ويَقِفُ عندَ الأولى والثانية، فَيُطِيلُ القيام ويتضرع، ويرمي الثالثة ولا يقِفُ عندها (٢).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، ومِسعَر: هو ابن كدام العامري، ووَبَرَة: هو ابن عبد الرحمن المُسْلِي.
وأخرجه البخاري (١٧٤٦) من طريق مِسعر، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده حَسَن. أبو خالد الأحمر - وهو سليمان بن حيان الأزدي - قوي الحديث، ثم هو متابع، ومحمد بن إسحاق حسن الحديث، وقد صرح بالسماع عند ابن حبان (٣٨٦٨) فانتفت شبهة تدليسه. علي بن بَحْر: هو القطان، وعبد الله بن سعيد: هو الكندى الأشج.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٤٥٩٢)، وابن الجارود في «المنتقى» (٤٩٢)، وأبو يعلى في «مسنده» (٤٧٤٤)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٢٩٥٦) و(٢٩٧١)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٣٥١٤)، وفي«شرح معاني الآثار» ٢/ ٢٢٠، والدارقطني في «سننه» (٢٦٨٠)، والبيهقي في «دلائل النبوة» ٥/ ٤٤٣ من طُرق عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد. =

١٩٧٤ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر ومسلم بن ابراهيم - المعنى - قالا: حدَّثنا شعبةُ، عن الحكم، عن إبراهيم، عن عبدِ الرحمن بن يزيد
عن ابنِ مسعود، قال: لما انتهى إلى الجمرةِ الكُبرى جَعَلَ البيتَ عن يساره ومِنىً عن يمينه، ورمى الجمرةَ بسبعِ حَصياتٍ، وقال: هكذا رمى الذي أُنزِلَتْ عليه سُورَةُ البقرة (١).
١٩٧٥ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمة القعنبيُّ، عن مالكٍ (ح)
وحدثنا ابنُ السرحِ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني مالك، عن عبدِ الله بنِ أبي بكرٍ بن محمد بنِ عمرو بنِ حزم، عن أبيه، عن أبي البَدّاح بنِ عاصم


= وأخرجه ابن حبان (٣٨٦٨)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٤٧٧ - ٤٧٨، والبيهقي في «الكبرى» ٥/ ١٤٨ من طريق محمد بن إسحاق، به. وقد صححه الحاكم على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبي.
وقول عائشة: أفاض رسول الله ﷺ من آخر يومه حين صلَّى الظهر، ثم رجع إلى منى، مخالف لحديث ابن عمر الآتي برقم (١٩٩٨) أنه ﷺ أفاض يوم النحر ثم صلَّى الظهر بمنى، يعنط راجعًا.
وانظر للجمع بينهما ما علّقناه في «المسند» (٢٤٥٩٢) على حديث عائشة، وانظر كذلك «صحيح ابن خزيمة» (٢٩٥٦).
(١) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، والحكم: هو ابن عُتيبة الكِندي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي.
وأخرجه البخاري (١٧٤٨) و(١٧٤٩)، ومسلم (١٢٩٦)، والنسائى في «الكبرى» (٤٠٦٣) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وقرن النسائي مع الحكم منصور بن المعتمر.
وأخرجه بنحوه البخاري (١٧٤٧) و(١٧٥٠)، ومسلم (١٢٩٦)، والنسائي (٤٠٦٤) و(٤٠٦٥) من طرق عن إبراهيم النخعي، به.
وأخرجه بنحوه أيضًا مسلم (١٢٩٦)، والنسائي (٤٠٦٢) من طريق سلمة بن كهيل، وابن ماجه (٣٠٣٠)، والترمذي (٩١٦) و(٩١٧) من طريق جامع بن شداد، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٣٩٤١)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٧٠).

عن أبيه: أن رسولَ الله ﷺ رخَّص لِرعاء الإبلِ في البيتوتة يرمونَ يومَ النحرِ، ثم يَرمُونَ الغَدَ، أو مِنْ بعدِ الغَدِ بيومينِ، ويرمون يَوْمَ النَّفرِ (١).
١٩٧٦ - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن عبدِ الله ومحمد ابني أبي بكرٍ، عن أبيهما، عن أبي البدَّاح بنِ عدي
عن أبيه: أن النبي ﷺ رخَّصَ للرِّعاء أن يرمُوا يومًا ويَدعوا يومًا (٢).
١٩٧٧ - حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ المباركِ، حدَّثنا خالدُ بنُ الحارث، حدَّثنا شعبةُ، عن قتادة قال: سمعت أبا مِجلَزٍ يقول:


(١) إسناده صحيح. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو الأموي، وابن وهب: هو عبدالله.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٨/ ٤٠١، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (٣٠٣٧)، والترمذي (٩٧٦)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٦١). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٧٧٥) و(٢٣٧٧٦).
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة، وعبد الله ومحمد: هما ابن أبي بكر بن محمد الأنصاري، وأبو البدّاح بن عدي: هو أبو البداح بن عاصم بن عدي، نسب إلى جدِّه هنا.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٣٦)، والترمذي (٩٧٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٦٠) من طرق عن سفيان، عن عبد الله وحده، عن أبيه، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٧٧٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٨٨).
وانظر ما قبله.

سألت ابنَ عباسِ عن شيء مِن أمرِ الجمارِ، قال: ما أدرى أرَمَاهَا
رسولُ الله ﷺ بستٍّ أو بسبعٍ (١).
١٩٧٨ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحدِ بنُ زياد، حدَّثنا الحجاج، عن الزهري، عن عَمرَةَ بنتِ عبدِ الرحمن
عن عائشة قالتْ: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا رَمَى أحَدُكُم جمرَةَ العَقَبةِ فقد حَلَّ لهُ كُل شيءٍ إلا النساءَ» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو مجلز: هو لاحق بن حميد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٠٧٠) من طريق خالد بن الحارث، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٥٢٢).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف. حجاج - وهو ابن أرطاة - مدلس وقد عنعن، ثم هو لم ير الزهري كما قال المصنف.
وأخرجه موقوفًا ابن أبي شيبة في «مصنفه» ص٢٤٢ - القسم الذي نشره العمروي - عن وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: إذا رمى حل له كل شيء إلا النساء حتى يطوف بالبيت، فإذا طاف بالبيت حل له النساء. وإسناده صحيح.
وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد (٢٠٩٠)، وابن ماجه (٣٠٤١)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٧٦) قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء»، فقال رجل: والطيبُ؟ فقال ابن عباس: أما أنا فقد رأيتُ رسولَ الله ﷺ يُضمِّخ رأسه بالمسك، أفطيبٌ ذاك أم لا؟ ورجاله ثقات رجال الصحيح إلا أن فيه انقطاعًا بين الحسن العرني وبين ابن عباس، وعن عمر عند الشافعي في «مسنده» ١/ ٢٩٩، والحميدي (٢١٢)، وإسحاق بن راهويه (١١٢١)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٥٢)، وابن خزيمة (٢٩٣٩)، والطبراني في«الشاميين» (٣١٧٨)، والبيهقي ٥/ ١٣٥ من طريقين عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن أبيه، عن جده قال: إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم، فقد حل لكم كل شيء حرُم عليكم إلا النساء والطيب. قال سالم: وقالت عائشة: أنا طيبتُ رسول الله ﷺ لإحرامه قبل أن يحرم =

قال أبو داود: هذا حديثٌ ضعيف، الحجاج لم يرَ الزهري، ولم يسمع منه.

٧٨ - باب الحلق والتقصير
١٩٧٩ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن نافع
عن عبد الله بن عمر، أن رسولَ الله ﷺ قال: «اللهمَّ ارحم المُحلِّقِينَ»، قالوا: يا رسولَ اللهِ، والمقصرين، قال: «اللهم ارحَمِ المُحلِّقِينَ» قالوا: يا رسول اللهِ والمقصرِينَ، قال: «والمقصرين» (١).


= ولِحلّه بعد أن رمى جمرة العقبة، وقبل أن يزور البيت، قال سالم: وسنة رسول الله ﷺ أحق أن تتبع. قلنا: وقد جعله ابن راهويه والنسائي من قول ابن عمر لا عمر، والصحيح أنه من قول عمر.
وفي «المسند» برقم (٢٦٠٧٨) بإسناد صحيح على شرط الشيخين من حديث عائشة قالت: طيبتُ رسول الله ﷺ بيدي بذريرة لحجةِ الوداع للحل والإحرامِ حين أحرم وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت.
(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٩٥، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٧٢٧)، ومسلم (١٣٠١).
وأخرجه مسلم (١٣٠١)، وابن ماجه (٣٠٤٤)، والترمذي (٩٣٠)، والنسائى في «الكبرى» (٤٠٩٩) و(٤١٠١) من طريقين عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٥٧) و(٥٥٠٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٨٠).
وفي الحديث أن الحلق أفضل من التقصير، قال الحافظ: ووجهه أنه أبلغ في العبادة، وأبين للخضوع والذلة، وأدل على صدق النية، والذي يقصر يبقي على نفسه شيئًا مما يتزين به بخلاف الحالق فإنه يشعر بأنه ترك ذلك لله تعالى.
واستدل بقوله: «المحلقين» على مشروعية حلق جميع الرأس، لأنه الذي تقتضيه الصيغة. وقال بوجوب حلقه جميعه مالك وأحمد، واستحبه الكوفيون والشافعي =

١٩٨٠ - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا يعقوبُ - يعني الإسكندرانيَّ - عن موسى بنِ عُقبة، عن نافعٍ
عن ابنِ عمر: أن رسولَ اللهِ ﷺ حلَق رأسَه في حَجَّةِ الوَدَاع (١).
١٩٨١ - حدثثا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا حفص، عن هشام، عن ابنِ سيرين
عن أنس بنِ مالك: أن رسولَ اللهِ ﷺ رَمَى جمرةَ العقبةِ يومَ النحرِ، ثم رجع إلى منزله بمنىً فدعا بذِبحٍ فذبحَ، ثم دعا بالحَلاَّقِ فأخَذَ بشقِّ رأسِه الأيمنِ، فحلقه فجعل يَقْسِمُ بينَ من يليه الشَّعرةَ والشعرَتْينِ، ثم أخذ بِشقِّ رأسه الأيسر فحلقه، ثم قال: «ها هنا أبو طلحَة» فدفعه إلى أبي طلحة (٢).


= ويجزئ للبعض عندهم، واختلفوا فيه، فعن الحنفية الربع إلا أبا يوسف، فقال: النصف، وقال الشافعي: أقل ما يجب ثلاث شعرات، والتقصير كالحلق، فالأفضل أن يقصر من جميع شعر رأسه، ويسحب أن لا ينقص عن قدر الأنملة، وإن اقتصر على دونها أجزأ هذا عند الشافعية، وهو مرتب عند غيرهم على الحلق، وهذا كله في حق الرجال، وأما النساء فالمشروع في حقهن التقصير بالإجماع.
(١) إسناده صحيح. قتيبة: هو ابن سعيد الثقفي، يعقوب الاسكندراني: هو يعقوب بن عبد الرحمن المدني القاري.
وأخرجه البخاري (٤٤١٠) و(٤٤١١)، ومسلم (١٣٠٤) من طريق موسى بن عقبة، به.
وأخرجه البخاري (١٧٢٦) و(١٧٢٩)، ومسلم (١٣٠١) (٣١٦)، والترمذي (٩٣٠)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٩٩) من طرق عن نافع، به.
وأخرجه النسائى (٤١٠٠) من طريق سالم، عن ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٥٦١٤).
(٢) إسناده صحيح. حفص: هو ابن غياث النخعي، وهشام: هو ابن حسان الأزدي، وابن سيرين: هو محمد الأنصاري. =

١٩٨٢ - حدَّثنا عبيد بن هشامٍ - أبو نعيم الحلبي - وعمرو بن عثمان - المعنى - قالا: حدَّثنا سفيانُ
عن هشامِ بنِ حسانٍ، بإسناده بهذا، قال فيه: قال لِلحَالِقِ: «ابدأْ بالشق الأيمنِ، فاحْلِقه» (١).
١٩٨٣ - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرنا يزيدُ بنُ زُرَيعٍ، أخبرنا خالدٌ، عن عِكرمة


= وأخرجه مسلم (١٣٠٥)، والترمذي (٩٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٨٧) من طريق هشام، بهذا الإسناد.
وأخرج البخاري (١٧١) من طريق ابن عون، عن محمد ابن سيرين، به. بلفظ: «أن رسول الله ﷺ لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ من شعره».
وهو في «مسند أحمد» (١٢٠٩٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٧١).
وانظر «مسند أحمد» (١٢٤٨٣).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: فيه من السنة أن يبدأ في الحِلاق بالشق الأيمن من الرأس، ثم بالشق الأيسر وهو من باب ما كان يستحبه ﷺ من التيمن في كل شيءٍ من طهوره ولباسه ونعله في نحو ذلك من الأمور.
والذبح مكسورة الذال ما يذبح من الغنم، والذَّبح: الفعل.
وأبو طلحة: هو زيد بن سهل بن الأسود الأنصاري الخزرجي النجاري عقبي بدري نقيب، مشهور بكنيته، وهو زوج أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك.
(١) إسناده صحيح. عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد القرشي الحمصي، وسفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه مسلم (١٣٠٥)، والترمذي (٩٢٨) و(٩٢٩)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٠٢) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٠٩٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٧٩).
وانظر ما قبله.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) وحدها - وير برواية ابن داسه - وذكر المزي في «التحفة» (١٤٥٦) أن هذا الحديث في رواية أبي الحسن بن العبد وأبي بكر بن داسه.

عن ابنِ عباسٍ: أن النبيَّ ﷺ كان يُسألُ يومَ مِنىً فيقولُ: «لا حَرَجَ»، فسأله رجلٌ، فقال: إني حلقتُ قبلَ أن أذبَحَ، قال: «اذْبَحْ ولا حَرَج» قال: إني أمسيتُ ولم أرْمِ، قال: «ارْمِ ولا حَرَج» (١).
١٩٨٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ الحسن العَتكيُّ، أخبرنا محمدُ بنُ بكر، أخبرنا ابنُ جريجٍ قال: بلغني عن صَفِيّةَ بنتِ شيبةَ بنِ عثمان قالت: أخبرتني أُم عثمان


(١) إسناده صحيح. خالد: هو ابن مهران الحذاء، وعكرمة: هو مولى ابن عباس.
وأخرجه البخاري (١٧٢٣) و(١٧٣٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٥٩)، وابن ماجه (٣٠٥٠) من طريقين، عن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٨٤)، وابن ماجه (٣٠٤٩) من طريق أيوب السختياني، عن عكرمة، به.
وأخرجه البخاري (١٧٢١) و(١٧٢٢) و(٦٦٦٦) من طريق عطاء بن أبي رباح، والبخاري (١٧٣٤)، ومسلم (١٣٠٧) من طريق طاووس، كلاهما عن ابن عباس، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٥٧) و(١٨٥٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٧٦).
قال الطيبي: أفعال يوم النحر أربعة: رمى جمرة العقبة، ثم الذبح، ثم الحلق، ثم طواف الإفاضة، فقيل: هذا الترتيب سنة، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق لهذا الحديث، فلا يتعلق بتركه دم، وقال ابن جبير: إنه واجب، وإليه ذهب جماعة من العلماء، وبه قال أبو حنيفة ومالك، وأولوا قوله: «ولا حرج» على دفع الإثم لجهله دون الفدية.
فال ابن دقيق العيد في «إحكام الإحكام» ١/ ٩٢: نقل عن أحمد أنه إن قدم بعض
هذه الأشياء على بعض فلا شيء عليه إن كان جاهلًا. وإن كان عالمًا ففي وجوب الدم
روايتان، وهذا القول في سقوط الدم عن الجاهل والناسي دون العامد قوي من جهة أن
الدليل دل على وجوب اتباع أفعال الرسول ﷺ في الحج بقوله: «خذوا عني مناسككم»، وهذه الأحاديث المرخصة في التقديم لما وقع السؤال عنه إنما قرنت بقول السائل: لم أشعر فيُخصَّص الحكم بهذه الحالة، وتبقى حالة العمد على أصل وجوب اتباع الرسول ﷺ في أعمال الحج.
ومن قال بوجوب الدم في العمد والنسيان عند تقدم الحلق على الرمي فإنه يحمل قوله عليه السلام: «لا حرج» على نفي الإثم في التقديم مع النسيان، ولا يلزم من نفي الإثم نفي وجوب الدم.

أن ابن عباس قال: قال رسولُ الله ﷺ: «ليس على النساء حَلْقٌ، إنما على النساء التقصيرُ» (١).
١٩٨٥ - حدَّثنا أبو يعقوب البغدادي - ثقة - حدَّثنا هشامُ بن يوسف، عن ابنِ جُريج، عن عبد الحميد بنِ جُبير بن شيبةَ، عن صَفِيَّه بنتِ شيبة، قالت: أخبرتني أمُ عثمان بنتُ أبي سفيان
أن ابنَ عباس قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لَيسَ على النساء الحلقُ، إنما على النِّساء التقصيرُ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد فيه انقطاع. محمد بن بكر: هو البرساني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأم عثمان: هي بنت أبي سفيان.
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ٥/ ١٠٤ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «المعجم» ١٢/ (١٣٠١٨)، والدارقطني في «سننه» (٢٦٦٧)، والبيهقي في «الكبرى» ٥/ ١٠٤ من طريق يعقوب بن عطاء، عن صفية بنت شيبة، به.
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده صحيح. أبو يعقوب البغدادي واسمه إسحاق بن أبي إسرائيل إبراهيم ابن كامَجرا المروزي نزيل بغداد، وثقه ابن معين وأبو داود هنا، ويعفوب بن شيبة، والدارقطني، وأبو القاسم البغوي وغيرُهم، وقد تكلَّم فيه بعضُهم لوقفه في القرآن، ولا يُؤثِّر فيه، لأنه اتهام في فرع من فروع العقائد، فلا يُعوَّل عليه. وقد توبع. وباقي رجاله ثقات من رجال الصحيح، غير أم عثمان بنت أبي سفيان، فقد روى حديثها أبو داود، وعدَّها في الصحابةِ ابنُ عبد البر في «الاستيعاب»، والحافظُ ابن حجر في «الإصابة» وفي «التقريب».
وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز قد صرح بالتحديث عند الدارمي والدارقطني والبيهقي، فانتفت شبهة تدليسه.
وقد صحح هذا الحديث أبو حاتم الرازي في «العلل» ١/ ٢٨١، وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي مصححًا له، وحسّن إسناده الحافظ في «التلخيص» ٢/ ٢٦١، =

٧٩ - باب العُمرة
١٩٨٦ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا مخلدُ بنُ يزيد ويحيى بنُ زكريا، عن ابنِ جريج، عن عِكرمةَ بنِ خالد
عن ابنِ عمر قال: اعتمرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قبلَ أن يَحُجَّ (١).


= وأعله ابن القطان في «الوهم والإيهام» (٥٤٦)، ورَدَّ عليه ابن الموَّاق في «بغية النقاد» ١/ ١٦٧ - ١٦٨ فأصاب.
وأخرجه الدارمي (١٩٠٥)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (١٥٤٥)، وأبو زرعة في «تاريخ دمشق» ١/ ٥١٦، والدارقطني (٢٦٦٦)، والبيهقي ٥/ ١٠٤ من طرق عن هشام بن يوسف، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
قال الشوكاني في «نيل الأوطار» ٥/ ١٤٩: فيه دليل على أن المشروع في حقِّهن التقصير، وقد حكى الحافظُ الإجماعَ على ذلك.
وقال جمهور الشافعية: فإن حلقتْ أجزأها.
وقال القاض أبو الطيب والقاضي حُسين: لا يجوز.
وقد أخرج الترمذي (٩٣١) من حديث علي، قال: نهى رسول الله أن تحلق المرأة رأسها.
(١) إسناده صحيح. ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - صرح بالإخبار عند البخارى. يحيى بن زكريا: هو ابن أبي زائدة الهمداني.
وأخرجه البخاري (١٧٧٤) من طريق عبد الله بن المبارك، عن ابن جريج، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥٠٦٩).
وأخرج أحمد (٦٤٧٥) عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن سعد، عنِ ابن إسحاق، حدثني عكرمة بن خالد بن العاص المخزومي قال: قدمتُ المدينة في نَفرٍ من أهل مكة، نريد العمرة منها، فلقيت عبد الله بن عمر، فقلت: إنا قوم من أهل مكة، قدِمنا المدينة، ولم نحجَّ قطُّ، أفنعتمر منها؟ قال: نعم، وما يمنعكم من ذلك؟ فقد اعتمر رسول الله ﷺ عُمَرَه كلَّها قبل حجته واعتمرنا. وسنده حسن، وعلّقه البخاري بإثر الحديث (١٧٧٤) عن إبراهيم بن سعد.

١٩٨٧ - حدَّثنا هنادُ بنُ السريِّ، عن ابنِ أبي زائدةَ، حدَّثنا ابنُ جُريج ومحمدُ بنُ إسحاق، عن عبدِ الله بنِ طاووس، عن أبيه
عن ابنِ عباس، قال: والله ما أعْمَرَ رسولُ الله ﷺ عائشةَ في ذي الحِجَّة إلا لِيقطع بذلك أمرَ أهْلِ الشركِ؛ فإن هذا الحى مِن قُريش ومَن دان دِينَهُمْ كانوا يقولون: إذا عَفَا الوَبَر، وبَرَأ الدَّبرْ، ودَخَلَ صَفر، فقد حلَّت العُمرَةُ لِمن اعتَمَر، فكانوا يُحرّمون العمرةَ حتى يَنْسلخَ ذو الحِجة والمحرّم (١).
١٩٨٨ - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن إبراهيمَ بنِ مُهاجرِ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، أخبرني رسولُ مروان الذي أرسل إلى أُم مَعقِلٍ قالت:


(١) حديث صحيح، وقد صرح محمد بن إسحاق بسماعه في «المسند» (٢٣٦١)، وتابعه ابن جُريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكهي - ابن أبي زائدة: هو يحيي ابن زكريا الهَمداني، وطاووس: هو ابن كيسان.
وأخرجه البخاري (١٥٦٤) و(٣٨٣٢)، ومسلم (١٢٤٠)، والنسائي في «الكبرى» (٣٧٨١)، من حديث وهيب بن خالد، عن ابن طاووس، بهذا الإسناد.
دون ذكر قصة عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٧٤) و(٢٣٦١)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٦٥).
وأخرجه مسلم (١٢١٣) من طريق أبي الزبير سمع جابرًا: أن رسول الله ﷺ قال لعبد الرحمن بن أبي بكر أخي عائشة: «اذهب بها يا عبد الرحمن فأعمِرها من التنعيم». وذلك ليلة المحصَّب. قلنا: وهذا يعني أنها اعتمرت في ذي الحجة.
ومعنى قوله: عفا الوبر: كثر وأثَّ نباته، يقال: عفا القوم: إذا كثر عددهم، ومنه قوله تعالى: ﴿حَتَّى عَفَوْا﴾ [الأعراف: ٩٥] وكانوا لا يعتمرون في الأشهر الحرم حتى تنسلخ.
وقوله: برأ الدَّبر: معناه: شُفي الجُرح الذي على ظهر البعير.
وذكر النووي في «شرح مسلم» وتبعه الحافظ في «الفتح» أن هذه الألفاظ تقرأ ساكنة الآخر، ويوقف عليها، لأن مرادهم السجع.

كان أبو مَعقِل حاجًّا مَعَ رسولِ الله ﷺ، فلما قَدِمَ، قالت أم مَعْقِل: قد علمت أن عليَّ حجةً، فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه، فقالت: يا رسولَ الله، إن عليَّ حجةً، وإن لأبي معقلٍ بكْرًا، قال أبو مَعْقِلٍ: صدَقَتْ، جعلتُه في سبيل الله، فقالَ رسولُ الله ﷺ: «أعْطِها فلتحُجَّ عليه، فإنه في سبيل الله»، فأعطاها البَكرَ، فقالت: يا رسولَ الله، إني امرأةٌ قد كبِرْتُ وسَقِمتُ، فهل من عمل يُجزئ عنِّي من حجتي؟ قال: «عُمرةٌ في رمضانَ تُجزِئ حجةً» (١).


(١) إسناده ضعيف. إبراهيم بن مهاجر ضعيف وقد تفرد بهذا السياق، واضطرب
في إسناد الحديث أيضًا كما بيناه في «مسند أحمد» (٢٧١٠٦) و(٢٧١٠٧).
أبو كامل: هو فضيل بن حسن الجحدري، وأبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري.
وأخرج النسائي في «الكبرى» (٤٢١٤) من طريق عمارة وجامع بن شداد، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي مَعقِل: أنه جاء إلى رسول الله ﷺ، فقال: إن أم معقل جعلت عليها حجة معك، فلم يتيسَّر لها ذلك، فما يجزئ عنها؟ قال: «عمرة في رمضان»، قال: فإن عندي جملًا جعلته في سبيل الله حبيسًا، فأعطيها إياه فتركبه؟ قال: «نعم».
وأخرج أيضًا (٤٢١٣) من طريق الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم مَعقِل، قالت: أردت الحج، فضَلَّ بعيري، فسألتُ رسول الله ﷺ، فقال: «اعتمري في شهر رمضان، فإن عمرة في شهر رمضان تعدل حجة».
وأخرج كذلك (٤٢١٢) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن معقِل بن أم مَعقِل: أرادت أمي أن تحجَّ، وكان بعيرها أعجف، فسألت رسولَ الله ﷺ، فقال: «اعتمري في رمضان، فإن عمرة فيه تعدل حجة».
وانظر ما بعده.
وانظر تمام تخريجه في «المسند» (٢٧١٠٦).

١٩٨٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ عوفٍ الطائيُّ، حدَّثنا أحمدُ بنُ خالدٍ الوهبيُّ،
حدَّثنا محمدُ بن إسحاق، عن عيسى بنِ مَعْقِلِ بن أُم معقل الأسدي أسدِ خُزيمةَ، حدثني يوسفُ بنُ عبدِ الله بنِ سلَام
عن جدته أُم مَعقل، قالت: لما حج رسولُ الله ﷺ حجَّة الوداع، وكان لنا جملٌ، فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرضٌ، وهلك أبو معقل، وخرج النبي ﷺ، فلما فرغ من حجِّه جئتُه فقال: «يا أُم معقل، ما منعكِ أن تخرجي معنا؟» قالت: لقد تهيأنا، فهلك أبو مَعْقِلٍ، وكان لنا جَمَلٌ هو الذي نَحُجُّ عليه، فأوصى به أبو معقل في سبيلِ الله، قال: «فهلاَّ خرجتِ عليه فإن الحج في سبيل الله، فأما إذ فاتتك هذه الحجةُ معنا، فاعتمري في رمضان، فإنها كحجة» فكانت تقول: الحجُّ حجة، والعُمرة عُمرة، وقد قال هذا لي رسولُ الله ﷺ، ما أدرِي ألي خَاصَّةً؟ (١)


(١) إسناده ضعيف لاضطرابه، دونْ قوله: «اعتمري في رمضان فإنها كحجة»، فهو
صحيح لغيره. وقد خالف ابنَ إسحاق في روايته هنا محمدُ بنُ المنكدر الثقة، فرواه عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: قال رسول ﷺ لرجل من الأنصار وامرأته: «اعتمرا في رمضان، فإن عمرة في رمضان لكما كحجة». أخرجه من طريقه أحمد (١٦٤٠٦) والنسائي في «الكبرى» (٤٢١٠) وإسناده صحيح.
وأخرج ابن ماجه (٢٩٩٣) من طريق أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن أيي معقل، وأخرج الترمذي (٩٥٧) من طريق أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن ابن أم معقل، من أم معقل، كلاهما عن النبي ﷺ قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة».
وقال الترمذي: حسن غريب.
ويشهد لقوله ﷺ: «عمرة في رمضان تعدل حجة» حديث ابن عباس عند البخاري (١٧٨٢)، ومسلم (١٢٥٦). =

١٩٩٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، وحدَثنا عبدُ الوارث، عن عامرٍ الأحولِ، عن بكرِ ابنِ عبد الله
عن ابنِ عباس، قال: أرادَ رسولُ الله ﷺ الحجَّ، فقالت امرأةٌ لزوجها: أحجَّني مَعَ رسولِ الله ﷺ على جملك، فقال: ما عِندي ما أُحجُّك عليه، قالت: أحجَّني على جملك فلان، قال: ذاك حبيسٌ في سبيلِ الله، فأتى رسولَ الله ﷺ فقال: إنَّ امرأتي تقرأُ عليكَ السلامَ ورحمةَ الله، وإنها سألتني الحجَّ معك، قالت: أحجَّني مَعَ رسولِ الله ﷺ، فقلت: ما عندي ما أُحجُّك عليه، فقالت: أحجَّني على جملِك فلان، فقلتُ: ذاك حبيسٌ في سبيل الله، قال: «أما إنَّكَ لو أحججتَها عليه، كان في سبيلِ الله» وإنها أمرتني أن أسألك ما يَعْدِلُ حجةً معك، فقال رسولُ الله ﷺ: «أقرئها السلامَ ورحمةَ الله وبركاتِه، وأخبِرْهَا أنها تَعدِلُ حجَّةً معي: عُمرة في رمضان» (١).


= وآخر من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد في «مسنده» (١٤٧٩٥)، وابن ماجه (٢٩٩٥). وصحح إسناده الحافظ في «التلخيص» ٢/ ٢٢٧.
وثالث من حديث وهب بن خنبش عند أحمد (١٧٥٩٩)، وابن ماجه (٢٩٩١)، والنسائي (٤٢١١).
وانظر تفصيل الكلام عليه في «مسند أحمد» (٢٧١٠٦).
وانظر ما قبله.
(١) رجاله ثقات غير عامر - وهو ابن عبد الواحد الأحول البصري - فقد ضعفه أحمد والنسائي، ووثقه أبو حاتم، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال ابن عدي: لا أرى برواياته بأسًا، وذكره ابن حبان في «الثقات». فهو حسن الحديث إلا عند المخالفة لمن هو أوثق منه. =

١٩٩١ - حدَّثنا عبد الأعلى بنُ حمادٍ، حدَّثنا داودُ بنُ عبد الرحمن، عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه


= وأخرجه بغير هذه السياقة البخاريُّ في «صحيحه» (١٧٨٢) و(١٨٦٣)، ومسلم (١٢٥٦) من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما رجع النبي ﷺ من حجته، قال لأم سِنان الأنصارية: «ما منعك من الحج»، قالت: أبو فلان - تعني زوجها - كان له ناضحان، حج على أحدهما، والآخر يسقي أرضًا لنا، قال: «فإن عُمْرةً في رمضان تقضي حجة أو حجةً معي». وهذا لفظ رواية البخاري في الموضع الثاني وإحدى روايتي مسلم، وإنما ذكرناها لأن فيها النص على اسم الأنصارية، ليُعرف أنها غير أم معقِل.
وفي الباب عن أبي طليق - بسند صحيح - أخرجه ابن أبى عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٧١٠)، والبزار في «زوائده» (١١٥١)، والدولابي في «الكنى والأسماء» ١/ ١٢٠، والطبراني في «المعجم الكبير» ٢٢/ (٨١٦)، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٦/ ١٨٢ - ١٨٣، وابن حجر في «الإصابة» ٧/ ٢٣٢ - ٢٣٣ ولفظه عند الطبراني: أن امرأة أبي طليق قالت له - وله جمل وناقة -: أعطني جملك أحج عليه، فقال: هو حَبيس في سبيل الله، فقالت: إنه في سبيل الله أن أحج عليه، قالت: فأعطني الناقة وحُجَّ على جملك، قال: لا أوثر على نفسي أحداَ، قالت: فأعطني من نفقتك، فقال: ما عندي فضل عما أخرج به وأدع لكم، ولو كان معي لأعطيتك، قالت: فإذا فعلت ما فعلت فاقرئ رسول الله ﷺ إذا لقيته، وقل له الذي قلتُ لك، فلما لقي رسولَ الله ﷺ أقرأه منها السلام، وأخبره بالذي قالت له، قال رسول الله ﷺ: «صدقت أمُّ طليق، لو أعطيتَها جملك كان في سبيل الله، ولو أعطيتها ناقتك كانت في سبيل الله، ولو أعطيتها من نفقتك أخلَفَها الله لك»، قال: قلت: يا رسول الله، فما يعدل بحج؟ قال: «عمرة في رمضان».
وأورده البوصيري في «إتحاف الخيرة» (٣٢٧٧) وزاد نسبته إلى أبي يعلى.
وأورده الحافظ في الإصابة: وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن السكن وابن منده من طريق عبد الرحيم بن سليمان عن المختار، وقال: سنده جيد.

عن عائشة: أن رسولَ الله ﷺ اعتمرَ عُمرتين: عمرةً في ذي القعدة، وعمرةً في شوال (١).
١٩٩٢ - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاق، عن مجاهدٍ قال:
سُئِلَ ابنُ عمر: كم اعتَمرَ رسولُ الله ﷺ؟ فقال: مرتين، فقالت عائشةُ: لقد علمِ ابنُ عمر أن رسولَ الله ﷺ قد اعتمر ثلاثًا سوى التي قَرنَها بِحجَّة الوداع (٢).


(١) رجاله ثقات، وقد اختُلف في وصله وإرساله، فقد رواه مالك في «موطئه» ١/ ٣٤٢ عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا، ورجح ابن عبد البر في «التمهيد» ٢٢/ ٢٨٩ المرسل، وكذلك ابن القيم في «زاد المعاد» ٢/ ١٢٥، فإنه رجح المرسل، وقال: وهو غلط أيضًا، إما من هشام، وإما من عروة، أصابه فيه ما أصاب ابن عمر، وقد رواه أبو داود مرفوعًا عن عائشة، وهو غلط أيضًا لا يصح رفعه. قال: ويدل على بطلانه عن عائشة: أن عائشة وابن عباس وأنس بن مالك، قالوا: لم يعتمر رسول الله ﷺ إلا في ذي القعدة.
وهذا هو الصواب. فإن عمرة الحديبية وعمرة القضية كانتا في ذي القعدة، وعمرة القران إنما كانت في ذي القعدة، وعمرة الجعرانة أيضًا كانت في أول ذي القعدة، وإنما وقع الاشتباه أنه خرج من مكة في شوال للقاء العدوّ، وفرغ من عدوّه، وقسم الغنائم، ودخل مكة معتمرًا من الجِعرانة، ودخل مكة ليلًا معمرًا من الجِعرانة، وخرج منها ليلًا، فخفيت عمرتُه هذه على كثير من الناس، وكذلك قال مُحرِّش الكعبي. والله أعلم. وقال الذهبي في «مهذب السنن الكبرى» للبيهقي ٤/ ١٦٢: هذا منكر.
قلنا: وقد أخرجه عن عائشة على الصواب ابنُ ماجه (٢٩٩٧) من طريق مجاهد، عنها، قالت: لم يَعتمر رسولُ الله ﷺ إلا في ذي القعدة. وإسناده صحيح كما قال الحافظ في «فتح الباري» ٣/ ٦٠٠.
وفي الباب عن أنس بن مالك، سيأتي عند المصنف برقم (١٩٩٤) وهو في «الصحيحين».
(٢) رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن زهيرًا - وهو ابن معاوية - سماعُه من أبي إسحاق السبيعي بأخرة، ومع ذلك فقد روى له البخاري ومسلم من روايته عن أبي =

١٩٩٣ - حدَّثنا النُّفيليُّ وقتيبةُ، قالا: حدَّثنا داودُ بنُ عبدِ الرحمن العطار، عن عمرو بنِ دينار، عن عِكرمة
عن ابنِ عباس قال: اعتمر رسولُ الله ﷺ أربعَ عُمَرٍ: عُمرةَ الحُديبية، والثانيةَ حين تواطؤوا على عُمرة قابلٍ، والثالثةَ مِن الجِعْرَانَةِ، والرابعةَ التي قَرَنَ مع حَجَّتِه (١).


= إسحاق، وانظر تمام الكلام عليه في «المسند» لكن خالف أبا إسحاق السَّبيعيَّ منصورُ ابنُ المعتمر، فرواه عن مجاهد، عن ابن عمر أنه قال: اعتمر رسول الله ﷺ أربع عُمَرٍ، إحداهن في رجب، فقالت عائشة: يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر رسولُ الله ﷺ عمرة إلا وهو شاهدٌ، وما اعتمر في رجب قطُّ.
النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد بن علي ابن نفيل، وزهير: هو ابن معاوية الجعفي، وأبو إسحاق: هو السبيعي، ومجاهد: هو ابن جَبر المكي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٢٠٤) من طريق زهير، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٥٣٨٣) و(٦٢٤٢).
وأخرجه البخاري (١٧٧٥) و(١٧٧٦) و(٤٢٥٣) و(٤٢٥٤)، ومسلم (١٢٥٥) من طريق منصور بن المعتمر، عن مجاهد، باللفظ الذي ذكرناه. وهو عند الترمذي (٩٥٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤٢٠٣) من طريق منصور مختصرًا بحديث عبد الله ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٦١٢٦)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٤٥).
(١) إسناده صحيح. النُّفيليُّ: عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل، وقُتيبة: هو ابنُ سعيد، وعكرمة: هو مولى ابن عباس.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٠٣)، والترمذي (٨٢٨) من طريق داود بن عبد الرحمن ابن داود العطار، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
وأخرجه الترمذي (٨٢٩) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة. مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢١١)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٤٦).

١٩٩٤ - حدَّثنا أبو الوليدِ الطيالسيُّ وهُدْبةُ بنُ خالدٍ، قالا: حدَّثنا همَّام، عن قتادةَ
عن أنس: أنَّ رسولَ الله ﷺ اعتمر أربعَ عُمَرٍ، كُلُّهُنَّ في ذي القَعدة، إلا التي مع حجّته - قال أبو داود: أتقنتُ من ها هنا من هُدْبةَ، وسمعتُه مِن أبي الوليد ولم أضبطه -: عُمرةً زمنَ الحُديبيةِ - أو من الحُديبية - وعمرةَ القضاء في ذي القعدة، وعُمرةً مِن الجِعْرَانَةِ، حيثُ قسم غنائمَ حُنينٍ في ذي القعدة، وعُمْرَةً مع حَجَّته (١).

٨٠ - باب المُهِلَّة بالعمرة تحيض فيدركُها الحجُّ فتنقُض عمرتَها وتُهلُّ بالحج، هل تقضي عمرتَها؟
١٩٩٥ - حدَّثنا عبدُ الأعلى بنُ حماد، حدَّثنا داودُ بنُ عبدِ الرحمن، حدثني عبدُ الله بنُ عثمان بنُ خثَيْم، عن يوسف بن ماهك، عن حفصة بنت عبد الرحمن ابن أبي بكر
عن أبيها: أن رسولَ الله ﷺ قال لعبدِ الرحمن: «يا عبدَ الرحمن، أردِفْ أُختكَ عائشةَ، فأعمرها مِن التنعيمِ، فإذا هَبَطْتَ بها مِنَ الأكَمَةِ فلتُحْرِمْ، فإنها عُمْرَةٌ مُتقبَّلة» (٢).


(١) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوذي، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدوسي، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك.
وأخرجه البخاري (١٧٨٠) و(٤١٤٨) ومختصرًا (٣٠٦٦)، ومسلم (١٢٥٣) من طريق هُدبةُ بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٧٧٨) و(١٧٧٩)، ومسلم (١٢٥٣)، والترمذي (٨٢٧) من طرق عن همام بن يحيي، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٣٧٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٦٤).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. عبد الله بن عثمان بن خُثَيم صدوق لا بأس به، وقد توبع. =

١٩٩٦ - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا سعيدُ بنُ مزاحم بن أبي مزاحم، حدثني أبي مُزاحمٌ، عن عبدِ العزيز بنِ عبد الله بن أَسيد
عن مُحرِّشٍ الكَعْبِيّ قال: دخل النبي ﷺ الجِعْرَانَةَ فجاء إلى المسجدِ فركَعَ ما شاء الله، ثم أَحرَمَ، ثم استوى على راحِلَتِه، فاستقبل بَطْن سَرِف حتى لقيَ طريقَ المدينةِ، فأصبح بمكة كبائتٍ (١).

٨١ - باب المُقام في العُمرة
١٩٩٧ - حدَّثنا داودُ بنُ رُشيد، حدَّثنا يحيى بنُ زكريا، حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، عن أبانَ بنِ صالح. وعن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ
عن ابن عباسٍ: أن رسولَ الله ﷺ أقام في عُمْرَةِ القَضَاءِ ثلاثًا (٢).


= وأخرجه البخاري (١٧٨٤) و(٢٩٨٥)، ومسلم (١٢١٢)، وابن ماجه (٢٩٩٩)، والترمذي (٩٥٢)، والنسائي في «الكبرى» (٤٢١٦) من طريق عمرو بن أوس، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، به. دون قوله: «فإذا هبطتَ بها من الأكمه ...».
وهو في «مسند أحمد» (١٧٠٥) و(١٧١٠).
(١) إسناده ضعيف بهذه السياقة، ممعيد بن مزاحم بن أبي مزاحم مجهول.
والمحفوظ في رواية الحديث ما أخرجه الترمذي (٩٥٣) - واللفظ له -، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٣٢) من طريق ابن جريج، والنسائى (٣٨٣٣) من طريق إسماعيل بن أمية، كلاهما عن مزاحم بن أبي مزاحم، عن عبد العزيز بن عبد الله، عن مُحَرِّش الكعبي: أن رسول الله ﷺ خرج من الجعرانة ليلًا معتمرًا، فدخل مكة ليلًا فقضي عُمرَتَهُ، ثم خرج من ليلته فأصبح بالجعرانة كبائتٍ، فلما زالت الشمس من الغد، خرج من بطن سَرِف، حتى جاء مع الطريق، طريق جمعٍ ببطن سَرِف، فمن أجل ذلك خفيت عمرتُه على الناس. ولم يذكرا فيه الصلاة في مسجد، وقال الترمذي: حسن غريب. وهو كما قال.
وانظر «مسند أحمد» (١٥٥١٢) و(١٥٥١٣).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطلبي - صرح بالسماع عند الطبراني في «الكبير» وعند الحاكم فانتفت شبهة تدليسه. =

٨٢ - باب الإفاضة في الحج
١٩٩٨ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا عُبيد اللهِ، عن نافعٍ
عن ابنِ عُمَرَ: أن النبيَّ ﷺ أفاضَ يوَم النحرِ، ثم صلَّى الظهر
بمنى راجعًا (١).
١٩٩٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ ويحيى بنُ معين - المعنى واحد - قالا: حدَّثنا ابنُ أبي عَديّ، عن محمد بن إسحاق، حدَّثنا أبو عُبيدة بنُ عبد الله بن زَمعَةَ، عن أبيه. وعن أُمه زينب بنتِ أبي سلمة
عن أُمِّ سلمة - يُحدثانه جميعًا ذاكَ عنها - قالت: كانت ليلتي التي يصيرُ إليَّ فيها رسولُ اللهِ ﷺ مساءَ يوم النحرِ، فصارَ إليَّ فدخل عليَّ وهبُ بن زَمْعَةَ ومعه رجل من آل أبي أمية مُتقمصَيْن، فقال رسولُ الله ﷺ لوهب: «هل أفَضْتَ أبا عبدِ الله؟» قال: لا واللهِ يارسولَ الله،


= وأخرجه بنحوه الطبراني في «الكبير» (١١٤٠١) من طريق إبراهيم بن سعد، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٣١ من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن ابن إسحاق، به. وقرنا بمجاهد عطاء بن أبي رباح، ولم يذكر الحاكم في روايته أبان بن صالح.
وله شاهد من حديث البراء بن عازب عند مسلم (١٧٨٣).
(١) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنْعاني، وعُبيد الله: هو ابن عمر، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وأخرجه مسلم (١٣٠٨)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٥٤) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٧٣٢) من طريق سفيان، عن عبيد الله، به. موقوفًا دون ذكر الصلاة.
وهو في «مسند أحمد» (٤٨٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٨٢) و(٣٨٨٣) و(٣٨٨٥).

قال: «انزعْ عنك القميصَ» قال: فنزعه مِن رأسه، ونزع صاحبه قميصَه مِن رأسه، ثم قال: ولمَ يا رسوكَ الله؟ قال: «إن هذا يومٌ رُخِّص لكم إذا أنتم رميتُمُ الجمرة أن تحلُّوا» يعني مِن كل ما حُرمتُم منه إلا النساء: «فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيتِ صرتم حُرُمًا كهيئتِكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به» (١).
٢٠٠٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا عبدُ الرحمن، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزُّبير


(١) إسناده ضعيف، أبو عبيدة بن عبد الله بن زَمعة لم يذكره أحدٌ بجرح ولا تعديل، وأخرج له مسلمٌ حديثَ إرضاعِ سالم متابعةَ، وقال الحافظُ في «التقريب»: مقبول. وقد اضطرب في هذا الحديث كما بيناه في «مسند أحمد» (٢٦٥٣٠) ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم السُّلمي مولاهم.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٦٥٣٠)، وابن خزيمة (٢٩٥٨)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٤٨٩ - ٤٩٠، والبيهقي في «سننه» ٥/ ١٣٧ من طريق ابن أبي عدي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي ١٣٦/ ٥ من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، به.
وقال: لا أعلمُ أحدًا من الفقهاء يقول بذلك.
وهو مخالف لحديث: «إذا رمي أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء» وقد سلف عند المصنف برقم (١٩٧٨). وهو حديث صحيح.
وروى أحمد (٢٦٠٧٨) بسند صحيح على شرط الشيخين عن عائشة قالت: طيبتُ رسول الله ﷺ بيدي بذريرة لحجة الوداع للحل والإحرام: حين أحرم، وحين رمي جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت.
وقد جاء في «المغني» لابن قدامة ٥/ ٣١٠: وعن أحمد: أنه إذا رمي جمرة العقبة فقد حَلَّ ولم يذكر الحلق، وهذا يدل على أن الحِلَّ بدون الحلق، وهذا قول عطاء ومالك وأبي ثور وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، لقوله في حديث أم سلمة: «إذا رميتم الجمرة، فقد حل لكم كل شيء إلا النساء» وكذلك قال ابن عباس.

عن عائشة وابنِ عباس: أن النبيَّ ﷺ أخَّرَ طوافَ يومِ النَحْرِ إلى الليلِ (١).


(١) رجاله ثقات، إلا أن أبا الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي - مَوصُوف بالتدليس، وقد رواه بالعنعنةِ، وقد سأل الترمذي كما في «علله الكبير» البخاريَّ عن سماع أبي الزبير عن عائشة وابن عباس، قال: أما ابن عباس فنعم، وإن في سماعه من عائشة نظرًا. قلنا: وعلى أي حال فلم يصرح بالسماع. ثم إن هذا الحديث غلط، قال ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام»، ووافقه ابن القيم في «زاد المعاد» ٢/ ٢٧٦: هذا الحديث ليس بصحيح، إنما طاف النبي ﷺ يومئذ نهارًا. وإنما اختلفوا هل صلَّى الظهر بمكة أو رجع إلى منى فصلى الظهر بها بعد أن فرغ من طوافه؟ فابن عمر يقول: إنه رجع إلى منى فصلى الظهر بها، وجابر يقول: إنه صلَّى الظهر بمكة، وهو ظاهر حديث عائشة من غير رواية أبي الزبير هذه التي فيها أنه أخر الطواف إلى الليل. وهذا شيء لم يرو إلا من هذا الطريق. قلنا: وقد سلفت أحاديث جابر وعائشة وابن عمر على التوالي بالأرقام (١٩٠٥) و(١٩٧٣) و(١٩٩٨).
وقد جُمعَ بينهما بحَمل حديث ابن عمر وجابر وعائشة على اليوم الأول، وحملِ حديثِ الباب على باقي الأيام. وانظر «فتح الباري» ٣/ ٥٦٧ وقال ابن القيم في «حاشية السنن»: يمكن أن يُحمل قولها: أخّر الطواف يوم النحر إلى الليل، على أنه أذِن في ذلك، فنسِبَ إليه، وله نظائر.
عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٥٩)، والترمذي (٩٣٧)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٥٥) من طريقين عن أبي الزبير، به. وقال الترمذي: حديث حسن.
وعلقه البخاري في «صحيحه» قبل الحديث (١٧٣٢) بصيغة الجزم عن أبي الزبير.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٥٩) من طريق يحيي بن سعيد، عن سفيان، عن محمد ابن طارق، عن طاووس: أن النبي ﷺ ... مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦١٢).

٢٠٠١ - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود، أخبرنا ابنُ وهب، حدثني ابُن جُريجٍ، عن عطاء بنِ أبي رباح
عن ابنِ عباس: أن النبيَّ ﷺ لم يَرمُلْ في السُّبعِ الذي أفاضَ فيه (١).

٨٣ - باب الوداع
٢٠٠٢ - حدَّثنا نصرُ بنُ عليّ، حدَّثنا سفيانُ، عن سليمانَ الأحولِ، عن طاووس
عن ابنِ عباسٍ قال: كان الناسُ ينصرِفُونَ في كُلِّ وجه، فقال
النبيُّ ﷺ: «لا يَنفِرنَّ أحدٌ حتى يكون آخرَ عهدِه الطوافُ بالبيتِ» (٢).


(١) إسناده صحيح. ورواية ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - عن عطاء محمولة على الاتصال وإن لم يصرّح ابنُ جريج، كما أخبر هو بذلك عن نفسه.
ابنُ وهب: هو عبد الله بن وهْب المصري.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٦٠)، والنسائى في «الكبرى» (٤١٥٦) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد.
الرَّمَل، قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (١٧٠٦٢): هو المشي خَبَبًا يشتَدُّ فيه دون الهرولة، وهيئتُه أن يحرّك الماشي منكبيه لشدة الحركة في مشيه، هذا حكم الثلاثة الأشواط في الطواف بالبيت طواف دخول لا غيره، وأما الأربعة الأشواط تتمة السبعة فحكمها المشي المعهود، هذا أمر مُجتمع عليه أن الرمَل لا يكون إلا في ثلاثة أطواف من طواف الدخول للحاجّ والمعتمر دون طواف الإفاضة وغيره.
(٢) إسناده صحيح. نصر بن علي: هو ابن صُهبان الأزدى، وسفيان: هو ابن عيينة، وسليمان الأحول: هو ابن أبي مسلم المكي، وطاووس: هو ابن كيسان.
وأخرجه مسلم (١٣٢٧)، وابن ماجه (٣٠٧٠)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٧٠) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٧٥٥)، ومسلم (١٣٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٨٥) من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن طاووس، عن طاووس، به. بلفظ: أُمر الناسُ أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض. =

٨٤ - باب الحائض تخرج بعد الإفاضة
٢٠٠٣ - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه
عن عائشة: أن رسولَ الله ﷺ ذكر صفيّة بنتَ حُييّ، فقيل: انها قد حاضَتْ، فقال رسولُ الله ﷺ: «لعلَّها حابستُنا» فقالوا: يا رسولَ الله، إنها قد أفاضَتْ، فقال: «فلا إذًا» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (١٩٣٦)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٩٧).
قال الإمام النووي: طواف الوداع واجب يلزم بتركه دم على الصحيح عندنا، وهو قول أكثر العلماء، وقال مالك وداود وابن المنذر: هو سنة لا شيء في تركه. قال الحافظ في «الفتح» ٣/ ٥٨٥: والذي رأيته في «الأوسط» لابن المنذر: أنه واجب للأمر به إلا أنه لا يجب بتركه شيء، وقال ابن المنذر: عامة الفقهاء بالأمصار يقولون: ليس على الحائض التي قد أفاضت طواف وداع، وانظر الحديث الآتي بعد هذا.
(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٤١٣.
وأخرجه البخاري (٤٤٠١)، ومسلم بإثر (١٣٢٨)، وابن ماجه (٣٠٧٢) من طريق ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة وعروة، عن عائشة، به.
وأخرجه البخاري (٣٢٨)، ومسلم بإثر (١٣٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٨١) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، والبخاري (١٥٦١) و(١٧٦٢) و(١٧٧١) و(١٧٧٢)
و(٥٣٢٩) و(٦١٥٧)، ومسلم (١٢١١) بإثر (١٣٢٨)، وابن ماجه (٣٠٧٣) من طريق الأسود بن يزيد، والبخاري (١٧٣٣)، ومسلم بإثر (١٣٢٨) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، والبخاري (١٧٥٧)، ومسلم بإثر (١٣٢٨)، والترمذي (٩٦٣) من طريق القاسم بن محمد، أربعتهم عن عائشة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٠١) و(٢٥٦٦٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٠٢) و(٣٩٠٣) و(٣٩٠٤).
وقوله: فلا إذًا، أي: فلا حبس علينا حينئذٍ، أي: إذا أفاضت، فلا مانع من التوجه، لأن الذي يجب عليها قد فعلته.

٢٠٠٤ - حدَّثنا عمرُو بنُ عونٍ، أخبرنا أبو عَوانةَ، عن يعلى بنِ عطاء، عن الوليدِ بنِ عبدِ الرحمن، عن الحارثِ بنِ عبد الله بن أوسٍ، قال:
أتيتُ عمرَ بنَ الخطاب، فسألتُه عن المرأة تطوفُ بالبيتِ يَوْمَ النحرِ، ثم تحيضُ، قال: لِيَكُنْ آخِرُ عهدِها بالبيت، قال: فقال الحارث:
كذلك أفتاني رسول الله ﷺ، قال: فقال عُمَرُ: أرِبْتَ عن يَدَيْكَ، سألتني عن شيءٍ سألتَ عنه رسولَ الله ﷺ لِكيما أُخَالِفَ؟ (١).


(١) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكُري، ويعلى بن عطاء: هو العامري، والوليد بن عبد الرحمن: هو الجُرَشي الحِمصي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤١٧١) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٩٦٧) من طريق عمرو بن أوس، عن الحارث بن عبد الله، به. وقال: حديث غريب.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٤٤٠).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح العمدة» ٣/ ٥٧١ بعد أن ذكر حديث الحارث وعمر هذا: الحارث كان قد سمع من النبي ﷺ أن من حج البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت. واللفظ ظاهر في العموم، ثم سأل عمر عن صورة من صور العموم وأفتاه بما يطابق العموم، ولم يعلما أن تلك الصورة مخصوصة من هذا اللفظ. أي: بحديث عائشة السالف عند المصنف قبله، وبحديث ابن عباس الذي أخرجه الخاري (١٧٥٥)، ومسلم (١٣٢٨) (٣٨١).
وقال الخطابي: قوله: أربتَ: دعاء عليه، كأنه يقول: سقطت آرابه، وهي جمع إرْبٍ وهو العضو، وهذا على سبيل الاختيار في الحائض إذا كان في الزمان نَفَسٌ وفي الوقت مهلة، فأما إذا أعجلها السير، كان لها أن تنفر من غير ودل بدليل خبر صفية، وممن قال: إنه لا وداع على الحائض مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق، وهو قول أصحاب الرأي، وكذلك قال سفيان.
وقوله: لكيما أخالف. قال صاحب «عون المعبود»: «ما» زائدة. المعنى: أنك لما سألت عنها رسول الله ﷺ كان ينبغي لك أن تخبرني به ولا تسألني عنها لئلا أقول قولًا أخالف فيه رسول الله ﷺ.

٨٥ - باب طواف الوداع
٢٠٠٥ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن خالدٍ، عن أفلحَ، عن القاسم
عن عائشة رضي الله عنها قالت: أحرمتُ مِن التنعيم بعمرةٍ، فدخلتُ، فقضيتُ عمرتي، وانتظرني رسول الله ﷺ بالأبطح حتى فرغتُ، وأمر الناسَ بالرحيلِ، قالت: وأتى رسولُ الله ﷺ البيتَ فطافَ به، ثم خَرَج (١).
٢٠٠٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا أبو بكر - يعني الحنفيَّ - حدَّثنا أفلحُ، عن القاسم
عن عائشة قالت: خرجتُ معه - تعني مع النبي ﷺ في النَّفْرِ الآخِرِ، فنزل المُحَصَّبَ - قال أبو داود: ولم يذكر ابنُ بشار قصةَ بعثها إلى التنعيم - في هذا الحديث، قالت: ثم جئتُه بِسَحَر، فأذَّن في أصحابه بالرحيل، فارتحل، فمَرَّ بالبيتِ قبلَ صلاةِ الصبحِ، فطافَ به حينَ خَرَجَ، ثم انصرفَ متوجهًا إلى المدينةِ (٢).


(١) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله المزني مولاهم الطحّان، وأفلح: هو ابن حميد الأنصاري، والقاسم: هو ابن محمد التيمي.
وقد ثبت إحرام عائشة من التنعيم لقضاء العمرة بعد الحج من غير طريق أفلح كما سلف عند المصنف بالأرقام (١٧٧٨) و(١٧٨١) و(١٧٨٢).
وأما قصة طوافه ﷺ بعد ذلك طواف الوداع فسيأتي بعده.
(٢) إسناده صحيح. أبو بكر الحنفي: هو عبد الكبير بن عبد المجيد.
وأخرجه البخاري (١٧٨٨)، ومسلم (١٢١١)، والنسائي في «الكبرى» (٤٢٢٨) من طرق عن أفلح بن حميد، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٧٩٥) و(٣٩١٨).
وانظر ما قبله.

٢٠٠٧ - حدَّثنا يحيي بنُ مَعينِ، حدَّثنا هشامُ بنُ يوسف، عن ابنِ جريج، أخبرني عُبَيدُ الله بنُ أبي يزيد، أن عبدَ الرحمن بنَ طارقٍ أخبره
عن أُمِّه: أن رسولَ الله ﷺ كان إذا جَازَ مكانًا مِن دارِ يعلى - نسيه عُبيدُ الله - استقبل البيتَ فدعا (١).

٨٦ - باب التحصيب
٢٠٠٨ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يحيي بنُ سعيدٍ، عن هشامٍ، عن أبيه
عن عائشة: إنما نزلَ رسولُ الله ﷺ المُحَصَّبَ ليكونَ أسمحَ لِخروجه، وليس بِسُنَّةٍ، فمن شاء نزلَه، ومَنْ شاء لم يَنْزِلْه (٢).


= المحصب. قال الطيبي: هو في الأصل كل موضع كثير الحصباء، والمراد به الشّعب الذي أحد طرفيه مِنى ويتصل الآخر بالأبطح، فعبر به عن المحصب المعروف إطلاقًا لاسم المجاوِر على المجاوَر، وفي «النهاية» هو الشِّعب الذي مخرجه إلى الأبطح بين مكة ومنى.
(١) إسناده ضعيف لجهالة حال عبد الرحمن بن طارق. وقد اضطرب في إسناده هذا، فقد رواه مرة عن أبيه، وقال مرة: عن عمه. قال البخاري في «التاريخ الكبير» ٥/ ٢٩٨: ولا يصح، وقال مرة أخرى: عن أمه، كما عند المصنف هنا، وهو الأشبه فيما ذكره الحافظ في ترجمة طارق بن علقمة من «الإصابة». هشام بن يوسف: هو الصنعاني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.
وأخرجه النسائى في «الكبرى» (٣٨٦٥) من طريق أبي عاصم النبيل، عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٥٨٧).
(٢) إسناده صحيح. يحيي بن سعيد: هو القطان، وهشام: هو ابن عروة بن الزبير.
وأخرجه البخارى (١٧٦٥)، ومسلم (١٣١١)، وابن ماجه (٣٠٦٧)، والترمذى (٩٤٠) و(٩٤١)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٩٣) من طرق عن هشام، بهذا الإسناد. =

٢٠٠٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل وعثمان بنُ أبي شيبة - المعنى - (ح)
وحدَثنا مُسَدَّدٌ، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، حدَّثنا صالحُ بنُ كيسانَ، عن سليمانَ ابنِ يسارٍ، قال:
قال أبو رافعٍ: لم يأمرني رسولُ الله ﷺ أن أنزله، ولكن ضُرِبَتْ قُبَّتُه، فنزله. قال مُسَدَّدٌ: وكان على ثَقَلِ النبيَّ ﷺ، وقال عثمان: يعني في الأبطحِ (١).
٢٠١٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهريِّ، عن علي بن حُسين، عن عمرو بنِ عثمان


= وجاء عند بعضهم: الأبطح بدل: المحصَّب. قال النووي في «شرح مسلم»: المحصّب بفح الحاء والصاد المهملتين، والحصبة بفتح الحاء وإسكان الصاد، والأبطح والبطحاء، وخَيف بني كنانة، اسم لشئٍ واحدٍ.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤١٩٢) من طريق الزهري، عن عروة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٤٣) و(٢٥٥٧٥)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٩٦).
قال الخطابي: التحصيب: إذا نفر الرجل من منى إلى مكة للتوديع أن يقيم بالشِّعب الذي يُخرجه إلى الأبطح حتى يهجع بها من الليل ساعة، ثم يدخل مكة، وكان هذا شيئًا يُفعَل ثم تُرِك.
(١) إسناده صحيح. وقد وقع تصريح سليمان بن يسار بسماعه من أبي رافع عند ابن أبي خيثمة في «تاريخه» حيث أورد الحديث من طريق عمرو بن دينار عن صالح بن كيسان، وعليه اعتمد ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» ٢/ ٥٦١ - ٥٦٢ فحكم باتصال الحديث.
وأخرجه مسلم (١٣١٣) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٨٧٥).
والثقل بفتح الثاء والقاف: متاع المسافر.

عن أُسامة بنِ زيد، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، أين تنزِلُ غدًا؟ في حجته، قال: «هل ترك لنا عَقِيلٌ مَنْزِلًا؟» ثم قال: «نحنُ نازلونَ بِخَيْفِ بني كِنانة، حيث قاسمَت قُريشٌ على الكفرِ» يعني المُحَصَّبِ، وذلك أن بني كِنانة حالفَتْ قريشًا على بني هاشم أن لا يُناكِحوهم ولا يُبايعوهم ولا يُؤووهم. قال الزهري: والخَيفُ الوادي (١).
٢٠١١ - حدَّثنا محمودُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا عُمَرُ، حدَّثنا أبو عمرو - يعني الأوزاعيَّ - عن الزهري، عن أبي سلمة


(١) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي البصري، والزهري: هو محمد بن مسلم القرشي.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه» (٩٨٥١) و(١٩٣٠٤)، ومن طريقه أخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (٣٠٥٨)، ومسلم (١٣٥١)، وابن ماجه (٢٩٤٢)، والنسائي في «الكبرى» (٤٢٤٢).
وأخرجه البخاري (١٥٨٨) و(٤٢٨٢) و(٤٢٨٣)، ومسلم (١٣٥١)، وابن ماجه (٢٧٣٠)، والنسائي في «الكبرى» (٤٢٤١) و(٤٢٤٢) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٧٥٢) و(٢١٧٦٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥١٤٩).
وسيتكرر سندًا ومتنًا برقم (٢٩١٠).
وانظر ما بعده.
وقوله: أن بني كنانة حالفت قريشًا. قال النووي: تحالفوا على إخراج النبي ﷺ وبني هاشم وبني المطلب من مكة إلى هذا الشعب وهو خيف بني كنانة، وكتبوا بينهم الصحيفة المسطورة فيها أنواع من الباطل، فأرسل الله عليها الأرضة، فأكلت ما فيها من الكفر وتركت ما فيها من ذكر الله تعالى، فأخبر جبريل النبي بذلك، فأخبر به عمه أبا طالب، فأخبرهم عن النبي ﷺ فوجدوه كما قاله فسقط في أيديهم، ونكسوا على رؤوسهم.

عن أبي هُريرة: أنَّ رسولَ الله ﷺ قال حين أراد أن يَنْفِر مِن مِنَى:
«نَحْنُ نازلونَ غدًا» فذكر نحوه، ولم يذكر أوَّله، ولا ذكر الخَيفَ الوادِي (١).
٢٠١٢ - حدَّثنا موسى أبو سلمةَ، حدَّثنا حمادٌ، عن حُميدٍ، عن بكر بنِ عبدِ الله وأيوب، عن نافعٍ:
أن ابنَ عُمَرَ كان يَهْجَعُ هَجعَةً بالبطحاء، ثم يَدْخُلُ مكةَ، ويزعم أن رسولَ الله ﷺ كان يَفْعَلُ ذلك (٢).


(١) إسناده صحيح. عُمر: هو ابن عبد الواحد السلمي، وأبو عمرو الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.
وأخرجه البخاري (١٥٨٩) و(١٥٩٠) و(٣٨٨٢) و(٤٢٨٥) و(٧٤٧٩)، ومسلم (١٣١٤)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٨٨) من طرق عن ابن شهاب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٤٢٨٤)، ومسلم (١٣١٤) من طريق عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٤٠) و(٨٢٧٨).
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح. موسى أبو سلمة: هو ابن إسماعيل التبوذكي، وحمّاد: هو ابن سلمة البصري، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وأخرج مسلم (١٣١٠) من طريق معمر، عن أيوب السختياني، وابن ماجه (٣٠٦٩)، والترمذي (٩٣٨) من طريق عُبيد الله بن عمر، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله ﷺ وأبو بكر وعمر وعثمان ينزلون بالأبطح. قال الترمذي:
حديث صحيح غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٤٨٢٨).
وانظر ما بعده، وما سلف برقم (١٨٦٥).
وقوله: يهجع هجعة: ينام نومة خفيفة في أول الليل.

٢٠١٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عفانُ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمةَ، أخبرنا حُميدٌ، عن بكر بنِ عبدِ الله، عن ابنِ عمر. وأيوب، عَن نافع
عن ابنِ عمر: أن النبيَّ ﷺ صلَّى الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ
بالبَطحاء، ثم هَجَعَ بها هَجعةً، ثم دخل مكةَ، وكان ابنُ عمر يفعلُه (١).

٨٧ - باب فيمن قَدَّمَ شيئًا قبلَ شيءٍ في حجه
٢٠١٤ - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن عيسى بنِ طلْحَةَ ابنِ عُبيد الله
عن عبدِ الله بن عمرو بنِ العاص، أنه قال: وقفَ رسولُ الله ﷺ في حَجَّةِ الوداع بمنًى يسألونَه، فجاء رجلٌ، فقال: يا رسولَ الله، إني لم أَشعُر فحلقتُ قَبلَ أن أذبَجَ، فقال رسولُ الله ﷺ: «اذبَخ ولا حَرَجَ» وجاء رجل آخر فقال: يا رسول الله، لم أَشْعُرْ فنحرتُ قبل أن أرميَ، قال: «ارمِ ولا حَرَجَ»، قال: فما سُئِلَ يومئذٍ عن شيءٍ قُدِّمُ أو أُخِّرَ إلا قالَ: «اضنَعْ ولا حَرَج» (٢).


(١) إسناده صحيح. عفان: هو ابن مسلم البصري.
وأخرجه البخاري (١٧٦٨) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥٧٥٦).
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (١٨٦٥).
(٢) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٤٢١، ومن طريقه أخرجه البخاري (٨٣) و(١٧٣٦)، ومسلم (١٣٠٦)، والنسائى في «الكبرى» (٤٠٩٣) و(٤٠٩٤).
وأخرجه البخاري (١٢٤) و(١٧٣٧) و(١٧٣٨) و(٦٦٦٥)، ومسلم (١٣٠٦)، وابن ماجه (٣٠٥١)، والترمذي (٩٣٣)، والنسائى في «الكبرى» (٤٠٩١) و(٤٠٩٢) و(٤٠٩٤) و(٥٨٤٨) من طرق عن ابن شهاب، به. =

٢٠١٥ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جرير، عن الشيباني، عن زيادِ ابنِ عِلاقة عن أُسامة بنِ شريكٍ، قال: خرجتُ مَعَ النبيِّ ﷺ حاجًّا، فكان الناسُ يأتونه، فمن قال: يا رسولَ الله سعيتُ قَبلَ أن أطوفَ، أو قَدَّمتُ شيئًا، أو أخرتُ شيئًا، فكان يقول: «لا حَرَجَ لا حَرَجَ، إلا على رجلٍ اقترضَ عرض رَجُلٍ مسلمٍ وهو ظَالِمٌ، فذلك الذي حَرِجَ وهَلَكَ» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (٦٨٠٠)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٧٧).
قال ابن قدامة في «المغني» ٥/ ٣٢٠ - ٣٢٢: وفي يوم النحر أربعة أشياء: الرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الطواف (أي طواف الإفاضة) والسنة ترتيبها هكذا، فإن النبي ﷺ رتبها، كذلك وصفه جابر في حج النبيَّ ﷺ، وروى أنس أن النبي ﷺ رمى ثم نحر ثم حلق ... رواه أبو داود (١٩٨١) فإن أخل بترتيبها ناسيًا أو جاهلًا بالسنة فيها، فلا شيء عليه في قول كثير من أهل العلم، منهم الحسن وطاووس ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء والشافعي وإسحاق وأبو ثور وداود ومحمد بن جرير الطبري، وقال أبو حنيفة: إن قدم الحلق على الرمي أو على النحر، فعليه دم، فإن كان قارنًا فعليه دمان، وقال زفر: عليه ثلاثة دماء، لأنه لم يوجد التحلل الأول فلزمه الدم كما لو حلق قبل يوم النحر ولنا - وذكر حديث عبد الله بن عمرو هذا وحديث ابن عباس عن النبي ﷺ
أنه قيل له يوم النحر وهو بمني في النحر والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: لا
حرج - فأما إن فعله عمدًا عالمًا بمخالفة السنة في ذلك، ففيه روايتان: إحداهما: لا
دم عليه وهو قول عطاء وإسحاق لإطلاق حديث ابن عباس وكذلك حديث عبد الله بن عمرو من رواية سفيان بن عيينة. والثانية: عليه دم روي نحو ذلك عن سعيد بن جبير، وجابر بن زيد، وقتادة والنخعي، لأن الله تعالى قال: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦]، لأن النبي ﷺ رتب وقال: خذوا عني مناسككم«والحديث المطلق قد جاء مقيدًا فيحمل المطلقَ على المقيد. وانظر»الفتح" ٣/ ٥٧١.
(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، والشيباني: هو سليمان ابن أبي سليمان. =

٨٨ - باب في مكة
٢٠١٦ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، حدثني كثيرُ بنُ كثير بن المطّلب بنِ أبي ودَاعَةَ، عن بعضِ أهلِه
عن جدِّه: أنه رأى النبي ﷺ يُصَلِّي ممَّا يلي بابَ بني سهمٍ والناسُ يمرُّون بَينَ يديه، وليس بينهما سُتْرَةٌ، قال سفيان: ليس بينه وبين الكعبةِ سُترة (١).
قال سفيان: كان ابنُ جريج أخبرنا عنه قال: أخبرنا كثيرٌ عن أبيه، فسألتُه، فقال: ليس مِن أبي سمعتُه، ولكن مِن بعض أهلي عن جَدِّي.


= وأخرجه ابن ماجه (٣٤٣٦)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥١٢) من طريق زياد بن عِلاقة، به. بلفظ: شهدتُ الأعراب يسألون النبي ﷺ أعلينا حرجٌ في كذا؟ أعلينا حرج في كذا؟ فقال لهم: «عباد الله، وضع الله الحرج إلا من اقترض من عرض أخيه شيئًا، فذاك الذي حَرِجَ»، وزادا في الخبر السؤال عن التداوي.
وسيأتي عند المصنف برقم (٣٨٥٥).
وهو في «مسند أحمد» (١٨٤٥٤)، و«صحيح ابن حبان» (٤٨٦) و(٦٠٦١).
ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السالف قبله.
وقوله: اقترض: معناه: اغتاب، وأصله من القرض: وهو القطع.
(١) إسناده ضعيف لإبهام الواسطة بين كثير بن كثير وجدِّه.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٥٨) من طريق أبي أسامة، والنسائي في «الكبرى» (٨٣٦) من طريق عيسى بن يونس، و(٣٩٣٩) من طريق يحيي بن سعيد القطان، ثلاثتهم عن ابن جريج، عن كثير بن كثير، عن أبيه، عن جده. فعُين الواسطة، والصحيح أن كثيرًا لم يسمعه من أبيه، وإنما سمعه من بعض أهله، كما نص هو على ذلك في رواية المصنف وغيره، وهو الذى صوبه الدارقطني في «العلل» ٥/ ورقة ١٠.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٢٤١)، و«صحيح ابن حبان» (٢٣٦٣).

٨٩ - باب تحريم مكة
٢٠١٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلِ، حدَّثنا الوليد بن مسلم، حدَّثنا الأوزاعي، حدَّثني يحيى - يعني ابن أبي كثيرٍ - عن أبي سلمة
عن أبي هُريرة، قال: لما فتَحَ الله على رسوله مكة، قامَ النبيُّ ﷺ فيهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «إن الله حبسَ عن مكة الفيلَ وسلَّط عليها رَسُولَه والمؤمنينَ، وإنما أُحِلَّتْ لي ساعةً مِن النهارِ، ثم هِيَ حَرَامٌ إلى يومِ القِيامة: لا يُعضَدُ شَجَرُهَا، ولا يُنفَّرُ صيدُها، ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إلا لِمُنشِدٍ» فقام عباسٌ، أو قال: قال العباسُ: يا رسولَ الله إلا الإذخِر، فإنه لِقُبورنا وبيوتنا، فقال رسولُ الله ﷺ: «إلا الإذخر».
وزاد فيه ابنُ المُصفى عن الوليدِ: فقام أبو شاهٍ - رجلٌ مِن أهلِ اليمنِ، فقال: يا رسولَ الله اكتُبوا لي، فقال رسول الله ﷺ: «اكتبوا لأبي شَاهٍ» قلت للأوزاعيِّ: ما قوله «اكتبوا لأبي شاةٍ»؟ قال: هذه الخطبةُ التي سمعها مِن رسولِ الله ﷺ (١).


(١) إسناده صحيح. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وابن المُصفّى: هو محمد بن المصفّى الحمصي.
وأخرجه البخاري (٢٤٣٤)، ومسلم (١٣٥٥) (٤٤٧) من طرق عن الوليد بن مسلم، والنسائي في «الكبرى» (٥٨٢٤) من طريق إسماعيل بن سَمَاعة، كلاهما عن الأوزاعى، بهذا الإسناد. وزادوا فيها الزيادة التي أشار المصنف إلى أن محمد بن المصفَّى قد زادها.
وأخرجه البخاري (١١٢) و(٦٨٨٠)، ومسلم (١٣٥٥) من طريقين عن يحيى بن أبي كثير، به. وزاد الزيادة التي أشار إليها المصنف.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٤٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧١٥). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرجه الترمذي (٢٨٥٨) عن محمود بن غيلان ويحيى بن موسى، عن الوليد ابن مسلم، مختصرًا بذكر الزيادة التي أشار إليها المصنف.
وسيأتي برقم (٣٦٤٩) و(٣٦٥٠) و(٥٤٠٥).
وانظر ما بعده.
قال الحافظ في«الفتح» ١/ ٢٠٦: والمراد بحبس الفيل أهل الفيل، وأشار بذلك إلى القصة المشهورة للحبشة في غزوهم مكة ومعهم الفيل، فمنعها الله منهم، وسلط عليهم الطير الأبابيل مع كون أهل مكة إذ ذاك كانوا كفارًا، فحرمة أهلها بعد الإسلام آكد، لكن غزو النبي ﷺ إياها مخصوص به على ظاهر هذا الحديث وغيره.
وقوله: «ولا يعضد شجرها». وفي لفظ: «لا يعضد شوكها» وفي لفظ لمسلم: «ولا يخبط شوكها» ومعنى: لا يعضد: لا يقطع، واتفق أهل العلم على أن الشجر البري الذي لم ينبته الآدمي على اختلاف أنواعه مراد من هذا اللفظ.
وقوله: «ولا ينفر صيدها» أي: لا يتعرض له بالاصطياد والإيحاش والإيهاج.
وقوله: «ولا تحل لقطتها إلا لمنشد» أي: مُعَرِّف، وأما الطالب، فيقال له: الناشد، تقول: نشدتُ الضالة، إذا طلبتها، وأنشدتها: إذا عرفتها، وأصل الإنشاد والنشيد: رفع الصوت، والمعنى: لا تحل لقطتها إلا لمن يريد أن يعرفها فقط، فأما من أراد أن يعرفها ثم يتملكها فلا.
الإذخر: حشيشة طيبة الرائحة تسقف بها البيوت فوق الخشب. قال ابن القيم في «تهذيب السنن» ٢/ ٤٣٤ - ٤٣٥ في الحديث أن مكة فتحت عنوة وفيه تحريم قطع شجر الحرم، وتحريم التعرض لصيده بالتنفير فما فوقه، وفيه جواز قطع الإذخر خاصة رطبه ويابسه.
وفيه أن اللاجئ إلى الحرم لا يتعرض له ما دام فيه، ويؤيده قوله في«الصحيحين» في هذا الحديث: «فلا يحل لأحد أن يسفك بها دمًا».
وفيه جواز تأخير الاستثناء عن المستثنى، وأنه لا يشترط اتصاله به، ولا نيته من أول الكلام.
وفيه الإذن بكتابة السنن، وأن النهي عن ذلك منسوخ.
قلنا: ومثله حديث علي رضي الله عنه «ما عندنا إلا ما في هذه الصحيفة» ومثله حديث أبي هريرة: كان عبد الله بن عمرو يكتب ولا أكتب.

٢٠١٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن طاووس
عن ابنِ عباس، في هذه القصة، قال: «ولا يُختلى خَلاها» (١).
٢٠١٩ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ مَهديٍّ، حدَّثنا إسرائيلُ، عن إبراهيمَ بنِ مُهاجرٍ، عن يوسف بن ماهَك، عن أُمِّه


(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر السُّلمي، ومجاهد بن جبر المخزومي مولاهم، وطاووس: هو ابن كيسان اليماني.
وأخرجه البخاري (١٨٣٤) و(٣١٨٩)، ومسلم (١٣٥٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٤٣) و(٣٨٤٤) من طريقين عن منصور، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٣٤٩) و(١٨٣٣) و(٢٠٩٠) و(٢٤٣٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٦١) من طريق عكرمة، عن ابن عباس، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٧٩) و(٢٣٥٣)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧٢٠).
وانظر ما قبله.
وقوله: «لا يختلى خلاها» قال الخطابي: الخلا: الحشيش، ومنه سُميت المخلاة، وكان الشافعي يقول: لا يُحْتَشُّ من الحرم، فأما الرعي، فلا بأس به، وتفصيل ذلك على مذهبه أن ينظر الى الحشيش فإن كان يستخلف إذا قطع، كان جائزًا قطعه، وكذلك القضيب من أغصان الشجر، وإن كان لا يستخلف لم يجز وفيه ما يقصه.
ويكره على مذهبه إخراج شيء من أحجار مكة ومن جميع أجزاء أرضها وتربتها لتعلق حرمة الحرم بها إلا إخراج ماء زمزم فإنه غير مكروه لما فيه من التبرك والتشفي.
وقال أبو حنيفة لمحمد بن الحسن: لا يُحتشُّ ولا يرعى، وقول أبي يوسف قريب من قول الشافعي.
قلت (القائل الخطابي): فأما الشوك، فلا بأس بقطعه لما فيه من الضرر وعدم النفع، ولا بأس أن ينتفع بحطام الشجر وما بلي منه، والله أعلم.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، ألا نبني لك بِمنىً بيتًا، أو بناءً، يُظِلكَ مِن الشمسِ؟ فقال: «لا، إنما هُوَ مُناخ مَنْ سَبَقَ إلَيهِ» (١).
٢٠٢٠ - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا أبو عاصمٍ، عن جعفر بنِ يحيي بن ثوبانَ، أخبرني عُمارَةُ بنُ ثوبانَ، حدثني موسى بنُ باذان، قال:
أتيت يَعلى بنَ أُمية فقالَ: إن رسولَ اللهِ ﷺ قال: «احتكارُ الطعامِ في الحَرَمِ إلحادٌ فيه» (٢).


(١) إسناده ضعيف. إبراهيم بن مهاجر - وهو البجلي - ضعيف يعتبر به في المتابعات، وقد تفرد بهذا الحديث، وأم يوسف بن ماهك - واسمها مُسَيكَة المكية - مجهولة. إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٠٦) و(٣٠٠٧)، والترمذي (٨٩٦) من طريق وكيع بن الجرّاح، عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن!
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٥٤١) و(٢٥٧١٨).
(٢) إسناده ضعيف، لجهالة جعفر بن يحيى بن ثوبان وعمارة بن ثوبان وموسى ابن باذان.
وقال الذهبي في «الميزان» في ترجمة جعفر بن يحيى: هذا حديث واهي الإسناد.
وقد روي هذا الحديث موقوفًا على عمر بن الخطاب وهو الصحيح، فقد أخرجه البخاري في «تاريخه الكبير» ٧/ ٢٥٥ والأزرقي في «أخبار مكة» ٢/ ١٣٥ من طريق يحيى بن سُليم الطائفي، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاريّ، عن يعلى بن منية - وهو ابن أمية نفسه - أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: احتكار الطعام بمكة إلحاد. وإسناده حسن.
وأخرج المرفوع ابن أبي حاتم في «تفسيره» كما نى تفسير ابن كثير ٥/ ٤٠٨ من طريق أبي عاصم، بهذا الإسناد.
ورواه مرفوعًا من حديث عبد الله بن عُمر الطبرانيُّ في «الأوسط» (١٤٨٥)، والبيهقي في«شعب الإيمان» (١١٢٢١)، وإسناده ضعيف.

٩٠ - باب في نبيذ السِّقاية
٢٠٢١ - حدَّثنا عمرُو بنُ عونٍ، حدَّثنا خالد، عن حُميد، عن بكرِ بنِ عبدِ الله قال:
قال رجلٌ لابنِ عباسِ: ما بالُ أهْلِ هذا البيتِ يَسْقُونَ النبيذَ، وبنو عمهم يَسْقُونَ اللبنَ والعسلَ والسَّويقَ؟ أبخلٌ بِهم أمْ حاجةٌ؟ قال ابنُ عباس: ما بنا مِن بُخل ولا بنا مِن حاجةٍ، ولكن دخلَ رسولُ الله ﷺ على راحلتِه وخلفَه أُسامةُ بنُ زيدٍ، فدعا رسولُ اللهِ ﷺ بشرابٍ، فأتي بنبيذٍ، فَشَرِبَ منه، ودفع فضلَه إلى أُسامةَ، فَشَرِبَ، ثم قال رسولُ الله ﷺ: «أحسنتُم، وأجملتُم، كذلِكَ فافعلوا» فنحنُ هكذا لا نرِيدُ أن نُغَيِّرَ ما قاله رسولُ الله ﷺ (١).

٩١ - باب الإقامة بمكة
٢٠٢٢ - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز - يعني الدَّرَاورديَّ - عن عبدِالرحمن بنِ حُمَيدٍ، أنه سَمعَ عُمَرَ بنَ عبدِ العزيز يسألُ السائبَ بن يزيد: هل سمعتَ في الإقامة بمكة شيئًا؟ قال:
أخبرني ابنُ الحضرميِّ أنه سَمعَ رسولَ الله ﷺ يقول: «لِلمُهَاجِرينَ إقامةٌ بعدَ الصَّدَرِ ثلاثٌ» (٢).


(١) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، وحميد: هو ابن أبي حُميد الطويل.
وأخرجه مسلم (١٣١٦) من طريق يزيد بن زريع، عن حميد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٩٤٤) و(٣٥٢٨).
ونبيذ السقاية هذا بزبيب أو تمر أو غيره، بحيث يطيب طعمه ولا يكون مُسكرًا، فأما إذا طال زمنه وصار مُسكرًا فهو حرام.
(٢) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. =

٩٢ - باب الصلاة في الكعبة
٢٠٢٣ - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن نافعٍ
عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ: أن رسولَ الله ﷺ دَخَلَ الكعبةَ هو وأُسامةُ ابنُ زيدِ وعثمانُ بن طلحة الحَجَبىُّ وبلالٌ، فأغلقها عليه، فمكثَ فيها، قال عبدُ الله بنُ عمر: فسألتُ بلالًا حين خَرَجَ: ماذا صَنَعَ رسولُ الله ﷺ؟ فقال: جعل عمودًا عن يسارِه وعمودَيْنِ عن يمينه وثلاثةَ أعمِدَةً وراءه، وكان البيت يومئذ على سِتَةِ أعْمِدَةٍ ثم صَلَّى (١).


= وأخرجه البخاري (٣٩٣٣)، ومسلم (١٣٥٢)، وابن ماجه (١٠٧٣)، والترمذي (٩٧٠)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٩٨) و(٤١٩٩) من طرق عن عبد الرحمن بن حميد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٣٥٢)، والنسائي في «الكبرى» (١٩٢٥) و(٤٢٠٠) من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن السائب، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٨٥)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩٠٦).
(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس،
ونافع: هو مولى ابن عمر.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٣٩٨، ومن طريقه أخرجه البخاري (٥٠٥)، ومسلم (١٣٢٩).
وأخرجه البخاري (٥٠٤) و(٤٤٠٠)، وابن ماجه (٣٠٦٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٧٥) و(٣٨٧٧) من طرق عن نافع، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٩٧) و(١١٦٧) من طريق مجاهد بن جبر، والبخاري (١٥٩٨)، ومسلم (١٣٢٩)، والنسائي في «الكبرى» (٧٧٣) من طريق سالم، والترمذي (٨٨٩) من طريق عمرو بن دينار، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٧٦) من طريق ابن أبي مليكة، أربعتهم عن ابن عمر، به. وبعضهم يختصره. وجاء في رواية مجاهد وابن أبي مليكة تعيين عدد الركعات التي صلاها رسول الله ﷺ بأنها ركعتان.
وهو في «مسند أحمد» (٤٤٦٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٢٠٤). وانظر تالييه.

٢٠٢٤ - حدَّثنا عبد الله بن محمد بن إسحاقَ الأذرَميُّ، حدَّثنا عبدُ الرحمن
ابن مَهدي
عن مالك، بهذا لم يذكر السَّوارِىِ، قال: ثم صلَّى وبيَنه وبَينَ القِبلة ثلاثةُ أذرع (١).
٢٠٢٥ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن عُبيد اللهِ، عن نافعٍ
عن ابنِ عمر، عن النبيَّ ﷺ، بمعنى حديثِ القعنبيِّ، قال: ونسيتُ أن أسأله كم صَلَّى (٢).
٢٠٢٦ - حدَّثنا زهيرُ بنُ حربٍ، حدَّثنا جريرٌ، عن يزيدَ بنِ أبي زياد، عن مجاهدٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ صفوان قال:
قلتُ: لِعَمَرَ بنِ الخطاب: كيفَ صَنَعَ رسولُ الله ﷺ حينَ دَخَلَ الكعبةَ؟ قال: صلَّى ركعتين (٣).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٢٧).
وأخرجه البخاري (٥٠٦) و(١٥٩٩) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥٩٢٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٢٠٦).
وانظر ما قبله وما بعده.
(٢) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وعُبيد الله: هو ابن عمر العُمري.
وأخرجه البخاري (٤٦٨) و(٢٩٨٨) و(٤٢٨٩) و(٤٤٠٠)، ومسلم (١٣٢٩)، وابن ماجه (٣٠٦٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٧٤) من طرق عن نافع، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٨٩١)، و«صحيح ابن حبان» (٢٢٢٠) و(٣٢٠٣).
وانظر سابقيه.
(٣) صحيح لغيره وهذا إسناده ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو القرشي الهاشمي -، وقال البخاري في «تاريخه الكبير» ٣/ ٢٤٧: عبد الرحمن بن صفوان، أو =

٢٠٢٧ - حدَّثنا أبو معمر عبدُ الله بنُ عمرو بن أبي الحجاج، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن أيوبَ، عن عِكرمة
عن ابنِ عباسٍ: أن النبيَّ ﷺ قَدِمَ مكةَ أبى أن يَدخُلَ البيتَ وفيه الآلِهَةُ، فأمر بها فأُخرِجَتْ، قال: فأخرجَ صورةَ إبراهيمَ وإسماعيلَ، وفي أيديهما الأزلامُ، فقال رسولُ الله ﷺ: «قاتلهم اللهُ! والله لقد عَلِمُوا ما استقْسَما بها قَط» قال: ثم دَخَلَ البيتَ، فكبَّر في نواحيه، وفي زَواياه، ثم خَرَج ولم يُصَلِّ فيه (١).


= صفوان بن عبد الرحمن، عن النبي ﷺ، قاله يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، ولا يصح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٥٥٥٣)، وابن أبي عاصم في «الآحاد» (٧٨١)، وأبو يعلى (٢١٦)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٣٥١٧)، والطحاوي في «شرح معانى الآثار» ١/ ٣٩١، والبيهقي في «الكبرى» ٢/ ٣٢٨، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٥/ ٣١٧ - ٣١٨، والمزي في «تهذيب الكمال» ١٧/ ١٨٨ من طريقين عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث ابن عمر سلف برقم (٢٠٢٣) وانظر تعليقنا عليه.
(١) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة كيسان السَّختياني، وعكرمة: هو مولى ابن عباس.
وأخرجه البخاري (١٦٠١) و(٤٢٨٨) و(٣٣٥٢) من طريقين عن أيوب، بهذا الإسناد. واقتصر في آخر رواية على قصة الصلاة والتكبير.
وأخرجه البخاري (٣٩٨) ومسلم (١٣٣١) من طريق عطاء، والبخاري (٣٣٥١)، والنسائي في «الكبرى» (٩٦٨٧) من طريق كُريب مولى ابن عباس، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٨٢) من طريق عمرو بن دينار، ثلاثتهم عن ابن عباس، به. واقتصر جميعهم أيضًا ما عدا النسائي (٩٦٨٧) على قصة الصلاة والتكبير.
وهو في «مسند أحمد» (٣٠٩٣)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٥٨) و(٥٨٦١). =

٩٣ - باب الصلاة في الحِجْر (١)
٢٠٢٨ - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز، عن علقمةَ، عن أُمِّه
عن عائشةَ أنها قالت: كنتُ أُحِبُّ أن أدخُلَ البَيتَ فأصليَ فيه، فأخَذَ رسولُ الله ﷺ بِيَدِي، فأدخلني في الحجْرِ، فقال: «صَلِّي في الحِجْرِ إذا أردتِ دخولَ البيتِ، فإنما هو قطعةٌ مِن البيت، فإن قومَك اقتصُروا حين بنوا الكعبة، فأخرجوه مِنَ البَيت» (٢).


= الأزلام: جمع زلم، وهي القداح التي كانوا يستقسمون بها في الجاهلية، مكتوب عليها الأمر والنهي، افعل ولا تفعل، كان الرجل منهم يضعها في وعاء له، فإذا أراد سفرًا أو زواجًا أو أمرًا مهمًا، أدخل يده، فأخرج منها زلمًا، فإن خرج الأمر مضى لشأنه، وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله.
(١) هذا التبويب أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية أبي عيسى الرملي.
(٢) حديث صحيح دون قوله: «صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت» فإنما هو قطعة من البيت«فحسن لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، أم علقمة بن أبي علقمة - وهي مرجانة المدنية - تفرد بالرواية عنها ابنها، ولم يؤثر توثيقها عن غير ابن حبان، وقد ذكرها الذهبي في المجهولات من»الميزان«، وقال الحافظ في»التقريب«: مقبولة. وبقية رجاله ثقات. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة.
وأخرجه الترمذي (٨٩١)، والنسائي في»الكبرى«(٣٨٨١) من طريق عبد العزيز، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه بنحوه البخاري (١٥٨٣) و(٣٣٦٨) و(٤٤٨٤)، ومسلم (١٣٣٣) من طريق عبد الله بن عمر، والبخارى (١٥٨٤) و(٧٢٤٣)، وابن ماجه (٢٩٥٥) من طريق الأسود بن يزيد، والبخاري (١٥٨٥) و(١٥٨٦)، ومسلم (١٣٣٣) من طريق عروة، والنسائي في»الكبرى«(٣٨٨٠) و(٩١٩٠) من طريق صفية بنت شيبة، أربعتهم عن عائشة. وأقتصر جميعهم دون صفية على قطحة إخراج الحجر من البيت، وأما صفية فاقتصرت في روايتها على أن الحجر من البيت.
وهو في»مسند أحمد«(٢٤٦١٦)، و»صحيح ابن حبان" (٣٨١٥) و(٣٨١٦).

٢٠٢٩ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن اسماعيلَ بنِ عبدِ الملك، عن عبدِ الله بنِ أبي مُليكة
عن عائشة: أن النبيَّ ﷺ خَرَجَ مِن عندها وهو مسرورٌ، ثم رَجَعَ إليّ وهو كئيبٌ، فقال: «إني دخلتُ الكعبةَ، ولو استقبلتُ مِن أمري ما استدبرتُ ما دخلتُها، إني أخاف أن أكونَ قد شَققْتُ على أُمتي» (١).
٢٠٣٠ - حدَّثنا ابنُ السرح وسعيدُ بنُ منمور ومُسَدَّدٌ، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، عن منصورٍ الحَجَبيِّ، حدثني خالي، عن أُمي
قالت: سمعتُ الأسلميةَ تقولُ: قلتُ لعثمانَ: ما قال لك رسولُ الله ﷺ حين دَعَاكَ؟ قال: قال: «إني نسيتُ أن آمرك أن تُخمِّر القَرنينِ فإنه ليسَ ينبغي أن يكونَ في البيتِ شيءٌ يَشغَلُ المصلي» (٢)
قال ابنُ السرح: خالي مُسافع بنُ شَيبة.


(١) إسناده ضعيف؛ لضعف إسماعيل بن عبد الملك. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عُبيد الله.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٦٤)، والترمذي (٨٨٨) من طريق وكيع بن الجراح، عن إسماعيل بن عبد الملك، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح!
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٠٥٦).
وأخرجه أحمد (٢٥١٩٧) من طريق جابر الجعفي، عن عَرْفَجَةَ بن عبد الله الثقفي، عن عائشة، وجابر الجعفي لا يصلح للاعتبار به في المتابعات لشدة الكلام فيه.
وأخرجه البزار كما في «بيان الوهم والإيهام» ٣/ ٤٧٦ من طريق ثعلبة، عن شريح بن هانئ، عن عائشة. قال ابن القطان: ثعلبة هذا لا يُدرى من هو.
تنبيه: كنا قد حسَّنَّا هذا الحديث في «مسند أحمد» و«جامع الترمذي» فيستدرك من هنا، ومن ابن ماجه.
(٢) إسناده صحيح. والأسلمية هذه - ويقال: السُّلمية - هي أم بني شيبة الأكابر كما جاء مصرحًا بذلك في «مسند أحمد» (١٦٦٣٦) وذكرها في الصحابة غير واحدٍ، =

٩٤ - باب في مال الكعبة
٢٠٣١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ محمد المحاربىُّ، عن الشيبانيِّ، عن واصل الأحدب، عن شقيقٍ، عن شيبةَ - يعني ابن عثمان - قال:
قعد عُمَرُ بنُ الخطاب في مقعدك الذي أنتَ فيه، فقال: لا أخرُجُ حتى أقسِمَ مالَ الكعبةِ، قال: قلت: ما أنتَ بفاعلٍ، قال: بلى لأفعَلَنَّ، قال: قلتُ: ما أنتَ بفاعلٍ، قال: لِمَ؟ قلتُ: لأن رسول الله ﷺ قد رأى مكانَه، وأبو بكر، وهما أحوجُ منك إلى المال، فلم يُخرجاه، فقامَ فخرجَ (١).


= وذكروا أنها كانت قابلة لأهل الدار، ولذا يستغرب قول الحافظ في «التقريب»: لا تعرف.
وعثمان المذكور هو ابن طلحة الحجبي، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو الأموي، ومسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، وسفبان: هو ابن عيينة، ومنصور الحَجَبي: هو منصور بن عبد الرحمن القرشي، وخاله: هو مُسافع بن عبد الله الحجبي. وأم منصور: قال المنذري: هي صفية بنت شيبة القرشية العبدرية، اختلف في صحبتها، وقد جاءت أحاديث ظاهرة في صحبتها.
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٩٠٨٣)، والحميدي في «مسنده» (٥٦٥)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ٤٦/ ٢، وأحمد في «مسنده» (١٦٦٣٧) و(٢٣٢٢١)، والبيهقي ٢/ ٤٣٨، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٥٧/ ٣٨٤، والمزي في ترجمة مسافع من «تهذيب الكمال» ٢٧/ ٤٢٤ من طريق سفيان، بهذا الإسناد.
وقوله: أن تخمر القرنين، أي: تغطي قرني الكبش الذي فدى الله تعالى به إسماعيل عليه السلام عن أعين الناس.
(١) إسناده صحيح. الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان، وواصل الأحدب: هو واصل بن حيان الأسدي، وشفيق: هو ابن سلمة الأسدي.
وأخرجه ابن ماجه (٣١١٦) من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، بهذا الإسناد. =

٢٠٣٢ - حدَّثنا حامدُ بنُ يحيى، حدَّثنا عبدُ الله بنُ الحارث، عن محمد بنِ عبدِ الله بن إنسان الطَّائفيِّ، عن أبيه، عن عروة بن الزبير
عن الزبير قال: أقبلنا مَعَ رسولِ الله ﷺ مِن لِيَّةَ حتى إذا كنا عندَ السِّدرةِ وقف رسولُ الله ﷺ في طَرَف القَرن الأسود حَذْوَها، فاستقبل نخْبًَا ببصَره - وقال مرة: واديه - وَوَقَفَ حتى اتقَفَ الناسُ كلُّهم، ثم قال: «إن صيْد وجٍّ وعِضاهَهُ حَرَمٌ مُحرَّمٌ لله»، وذلك قبلَ نزوله الطائفَ وحِصاره لِثقيفٍ (١).


= وأخرجه بنحوه البخاري (١٥٩٤) و(٧٢٧٥) من طريق سفيان الثوري، عن واصل الأحدب، عن أبي وائل قال: جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة، فقال: لقد جلس هذا المجلس عمر رضي الله عنه، فقال: لقد هممتُ أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته. قلتُ: إن صاحبيك لم يفعلا! قال: هما المرءان أقتدي بهما.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٣٨٢) و(١٥٣٨٣).
وانظر «الفتح» ٣/ ٤٥٦ - ٤٥٧.
(١) إسناده ضعيف، محمد بن عبد الله بن إنسان سُئِلَ عنه أبو حاتم الرازي فقال: ليس بالقوي، وفي حديثه نظر، وذكره البخاري في «تاريخه» ١/ ١٤٠ وذكر له هذا الحديث، وقال: لم يُتابع عليه، وذكر أباه ٥/ ٤٥ وأشار إلى هذا الحديث وقال: لم يَصِحَّ حديثه.
وأخرجه الحميدي في «مسنده» (٦٣)، وأحمد في «مسنده» (١٤١٦)، والعقيلي في «الضعفاء» ٤/ ٩٣، والشاشي في «مسنده» (٤٨)، والدارقطني في «العلل» ٤/ ٢٣٩، والبيهقي في «الكبرى» ٥/ ٢٠٠ من طريق عبد الله بن الحارث، بهذا الإسناد.
لية: أرض بالطائف على أميال منها، والسدرة: شجرة النبق، والقرن: جبيل صغير ورابية تشرف على وهدة، ونخبٌ ووج: واديان بالطائف، والعضاه: كل شجر له شوك، وقوله: حتى اتقف الناس. قال ابن الأثير، أي: حتى وقفوا، يقال: وقفته فوقف واتقف، وأصله: اوتقف على وزن افتعل من الوقوف، فقلبت الواو ياء للكسرة قبلها، ثم قلبت الياء تاء، وأدغمت في التاء بعدها مثل وصفته فاتصف، ووعدته فاتعد. =

٩٥ - باب في اتيان المدينة
٢٠٣٣ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن سعيدِ بنِ المسيب
عن أبي هُريرة، عن النبيِّ ﷺ قال: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلا إلى ثَلَاثةِ مَسَاجِدَ: مسجدِ الحرامِ، ومسجدِي هذا، والمسجدِ الأقصى» (١).

٩٦ - باب في تحريم المدينة
٢٠٣٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ التيمي، عن أبيه
عن عليٍّ، قال: ما كتبنا عن رسولِ الله ﷺ إلا القرآن، وما في هذه الصحيفة، قال: قال رسول الله ﷺ: «المدينة حَرَامٌ ما بَيْنَ عائرٍ إلى ثوْرٍ، فمن أحْدَثَ حدثًا أو آوى مُحْدِثًا، فعليهِ لعنةُ اللهِ والملائكةِ


= قال في»المغني«٥/ ١٩٤: صيد وجّ وشجره مباح وهو واد بالطائف، وقال أصحاب الشافعي: هو محرم، لأن النبي ﷺ قال:»صيد وجٍّ وعضاهها محرم «رواه أحمد في»المسند«ولنا أن الأصل الإباحة، والحديث ضعيف ضعفه أحمد، ذكره أبو بكر الخلال في كتاب»العلل«.
وقال ابن القيم في»زاد المعاد«٣/ ٥٠٨ عن صيد وَجٍّ وقطع شجره: اختلف الفقهاء في ذلك والجمهور قالوا: ليس في البقاع حرم إلا مكة والمدينة، وأبو حنيفة رحمه الله خالفهم في حرم المدينة.
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم.
وأخرجه البخاري (١١٨٩)، ومسلم (١٣٩٧)، وابن ماجه (١٤٠٩)، والنسائي في»الكبرى«(٧٨١) من طريقين عن الزهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٣٩٧) من طريق سلمان الأغر، عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:»إنما يسافَر إلى ثلاثة مساجد: مسجد الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيلياء«.
وهو في»مسند أحمد«(٧٢٤٩) و»صحيح ابن حبان" (١٦١٩).

والناسِ أجمعين، لا يُقبَلُ منه عَدلٌ ولا صَرف، ذِمَّةُ المسلمينَ واحدةٌ يسعى بها أدناهم، فمن أخْفَر مسلمًا، فعليه لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجمعين، لا يُقبَلُ منه عَدلٌ ولا صَرفٌ، ومَن والى قومًا بِغَيرِ إذن مواليه، فعليه لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجمعين لا يُقبَلُ منه عدْلٌ ولا صَرْفٌ» (١).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والأعمش: هو سليمان بن
مهران، وإبراهيم التيمي: هو ابن يزيد بن شَريك.
وأخرجه البخاري (١٨٧٠) و(٣١٧٢) و(٣١٧٩) و(٦٧٥٥) و(٧٣٠٠)، ومسلم (١٣٧٠)، وبإثر (١٥٠٨)، والترمذي (٢٢٦٠)، والنسائي في «الكبرى» (٤٢٦٤) من طرق، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وبعضهم يختصره.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٢٦٣) من طريق الحارث بن سويد، عن علي.
وهو في «مسند أحمد» (٦١٥) و(١٠٣٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧١٦) و(٣٧١٧).
وانظر ما سيأتي برقم (٢٠٣٥) و(٤٥٣٠).
وقوله: عائر ويقال: عير وهو وثور: اسما جبلين من جبال المدينة، أولهما عظيم شامخ يقع جنوب المدينة على مسافة ساعتين منها تقريبًا، وثانيهما أحمر صغير يقع شمال أحد، ويَحُدَّان حرم المدينة جنوبًا وشمالًا.
وقال المجد في «القاموس»: وثور: جبل بالمدينة، ومنه الحديث الصحيح «المدينة حَرَم ما بين عَير إلى ثور» وأما قول أبي عُبيد بن سلام وغيره من الأكابر والأعلام: إن هذا تصحيف، والصواب: إلى أحد، لأن ثورًا إنما هو بمكة فغير جيد ...
قال ابن قدامة في «المغني»: يحرم صيد المدينة وقطع شجرها، وبه قال مالك والشافعي وأكثر أهل العلم. وقال أبو حنيفة: لا يحرم. ثم من فعل مما حرم عليه فيه شيئًا أثم ولا جزاء عليه في رواية لأحمد، وهو قول مالك والشافعي في الجديد وأكثر أهل العلم.
وقوله: من آوى محدثًا. قال الخطابي: يروى على وجهين: محدثًا مكسورة الدال وهو صاحب الحدث وجانيه، ومُحدَثًا مفتوحة الدال: وهو الأمر المحدث والعمل المبتدع الذي لم تجر به سنة، ولم يتقدم به عمل. =

٢٠٣٥ - حدَّثنا ابنُ المثنى، حدَّثنا عبدُ الصمد، حدَّثنا همَّام، حدَّثنا قتادةُ، عن أبي حسان
عن عليٍّ رضي الله عنه، في هذه القصة، عن النبي ﷺ قال: «لايُخْتَلَى خَلاها، ولا يُنفَّرُ صيدُها، ولا يُلْتَقَطُ لُقطتُها إلا لِمَن أشادَ بها، ولا يصلُح لِرَجُل أن يَحْمِلَ فيها السلاحَ لِقتالٍ، ولا يَصْلُحُ أن يقطَعَ منها شجرة إلا أن يَعلِفَ رَجُلٌ بعيرَه» (١).


= وقوله: لا يقبل منه عدل ولا صرف، فإنه يقال في تفسير العدل: إنه الفريضة، والصرف النافلة، ومعنى العدل: الواجب الذي لا بد منه، ومعنى الصرف: الربح والزيادة، ومنه صرف الدراهم والدنانير، والنوافل زيادات على الأصول فلذلك سميت صرفًا.
وقوله: يسعى بذمتهم أدناهم، فمعناه أن يحاصر الإمام قومًا من الكفار فيعطي بعض أهل عسكر المسلمين أمانًا لبعض الكفار، فإن أمانه ماض وإن كان المجير عبدًا وهو أدناهم وأقلهم، وهذا خاص في أمان بعض الكفار دون جماعتهم.
وقوله: فمن أخفر مسلمًا. يريد نقض العهد، يقال: خفرت الرجل: إذا آمنته، وأخفرته بالألف: إذا نقضت عهده.
(١) صحيح لغيره، رجاله ثقات غير أبي حسان - وهو مسلم بن عبد الله الأعرج - صدوق، وروايته عن علي مرسلة، ومع ذلك فقد حَسَّن سنده الحافظ في «الفتح» ١٢/ ٢٦١!
وهو في «مسند أحمد» (٩٥٩) و(٩٩١).
ويشهد له حديثُ عدي بن زيد الآتي بعده.
وحديث سعد بن أبي وقاص عند مسلم (١٣٦٣). وانظر ما سيأتى برقم (٢٠٣٧) و(٢٠٣٨).
ويشهد له كذلك حديث جابر عند مسلم أيضًا (١٣٦٢). وانظر ما سيأتي برقم (٢٠٣٩).
قوله: «أشاد بها» أي: رفع صوته للتعريف بها. وفي رواية: «أنشدها». والمعنى واحد.

٢٠٣٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أن زيدَ بنَ الحُبَاب، حدَثهم، حدَّثنا سليمانُ بنُ كِنانة مولى عثمانَ بن عفان، أخبرنا عبدُ الله بنُ أبي سفيان
عن عدي بنِ زيد، قال: حمى رسولُ الله ﷺ كُل ناحيةٍ مِن المدينة
بريدًا بريدًا: لا يُخْبَطُ شَجَرُهُ ولا يُعضَدُ، إلا ما يُساقُ به الجمل (١).
٢٠٣٧ - حدَّثنا أبو سلمَة، حدَّثنا جريرٌ - يعني ابنَ حازم - قال: حدَّثني يعلى بنُ حكيم، عن سليمانَ بنِ أبي عبدِ الله، قال:
رأيتُ سعدَ بنَ أبي وقاص أخذ رجلًا يصِيدُ في حَرَم المدينةِ الذي حرّم رسولُ الله ﷺ فسلبَه ثيابَه، فجاء مواليه فكلَّمُوه فيه، فقال: إنَّ رسولَ اللهِ ﷺ حرَّم هذا الحَرَمَ، وقال: «مَنْ أخَذَ أحَدًا يصيد فيهُ فليسلُبْه ثيابَه» فلا أرُدُّ عليكم طُعمَةً أطعمنيها رسولُ الله ﷺ، ولكن إنْ شئتُم دفعتُ إليكم ثَمَنَهُ«(٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. سليمان بن كنانة مجهول الحال.
وأخرجه الطبراني في»الكبير«١٧/ (٢٧٢) من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.
قوله: لا يُخبط شجره، أى: لا يُضْرب بالعصا ليتناثر ورقُه.
وقوله: لا يُعضَد، أي: لا يقطع.
(٢) حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن أبي عبد الله، فقد أخرج له أبو داود، ولم يرو عنه غير يعلى بن حكيم، وهو تابعي كبير أدرك المهاجرين والأنصار، وذكره ابن حبان في»الثقات«، وقال أبو حاتم: ليس بالمشهور فيعتبر بحديثه. أبو سلمة: هو موصى بن إسماعيل التبوذكي.
وأخرجه أحمد في»مسنده«(١٤٦٠)، والدورقي في»مسند سعد«(١٢٢)، وأبو يعلى في»مسنده«(٨٠٦)، والطحاوي في»شرح معاني الآثار«٤/ ١٩١، والبيهقي في»الكبرى" ٥/ ١٩٩ - ٢٠٠ من طريق جرير بن حازم، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده.

٢٠٣٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا ابنُ أبي ذئبِ، عن صالحِ مولى التوأمة عن مولى لسعدٍ
أن سعدًا وجَدَ عَبيدًا مِن عَبيدِ المدينة يقطعون مِن شَجَرِ المدينةِ، فأخذ متاعَهم، وقال - يعني لمواليهم -: سمعتُ رسولَ الله ﷺ ينهى أن يُقطَعَ مِن شَجَرِ المدينةِ شيءٌ، وقال: «مَن قَطَعَ منه شيئًا فَلِمَن أخذه سلبُه» (١).
٢٠٣٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ حفص أبو عبد الرحمن القَطَّان، حدَّثنا محمدُ بنُ خالد، أخبرني خارجةُ بنُ الحارث الجهَنِيُّ، أخبرني أبي


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير صالح مولى التوأمة - وهو ابن نبهان - وقد وقع في روايته هذه اضطرابٌ في تسمية الراوي عن سعد فقال في هذه الرواية: مولى لسعد، وفي رواية: عن بعض ولد سعد كما هو عند الطيالسي في «مسنده» (٢١٨)، والشاشي (١٣٩)، والبيهقي ٥/ ١٩٩. والمحفوظ أن الذي رواه عن سعد بعض ولده، فقد رواه إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد كما سيأتي عند أحمد ومسلم.
وأخرجه ينحوه مسلم (١٣٦٤) من طريق عامر بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٣).
وانظر ما قبله.
قال النووي في «شرح مسلم»: وفي هذا الحديث دلالة لقول الشافعي القديم: إن من صاد في حَرَم المدينة، أو قطع من شجرها، أُخِذ سَلَبُه، وبهذا قال سعد بن أبي وقاص وجماعة من الصحابة، قال القاضي عياض: ولم يقُل به أحد بعد الصحابة إلا الشافعي في قوله القديم، وخالفه أئمة الأمصار. قلت: ولا تضرُّ مخالفتهم إذا كانت السنة معه، وهذا القول القديم هو المختار لثبوت الحديث فيه، وعمل الصحابة على وفقه، ولم يثبت له دافع. وانظر «شرح معافي الآثار» ٤/ ١٩١ - ١٩٦، و«التمهيد» لابن عبد البر ٦/ ٣١٠ - ٣١١، و«فتح الباري» ٤/ ٨٣ - ٨٤.

عن جابرِ بنِ عبد الله أن رسولَ الله ﷺ قال: «لا يُخْبَطُ ولا يُعضَدُ حِمى رسولِ الله ﷺ، ولكن يُهَشُّ هشًّا رَفِيقًا» (١).
٢٠٤٠ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحى (ح)
وحدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، عن ابنِ نُمير، عن عُبيد الله، عن نافع
عن ابن عمر: أن رسولَ الله ﷺ كان يأتي قُباء ماشيًا وراكِبًا. زاد ابنُ نميرٍ: ويُصلي رَكعتين (٢).


(١) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الحارث الجهني - وهو ابن رافع -، ومحمد بن خالد - وهو الجهني - مجهول الحال أيضًا، وليس هو محمد بن خالد بن رافع الجهني كما توهمه الحافظ ابن حجر حيث رد على المزي بتفريقه بينهما، وهذا الأخير وإن تابعه إسماعيل بن أبي أويس تبقى جهالة الحارث بن رافع.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٥/ ٢٠٠، والمزي في ترجمة محمد بن خالد الجهني من «تهذيب الكمال» ٢٥/ ١٥١ من طريق أحمد بن ثابت، عن محمد بن خالد، وابن حبان في «صحيحه» (٣٧٥٢)، والطبراني في «الأوسط» (٣٧٧٥)، والبيهقي في «الكبرى» ٥/ ٢٠٠ من طريق إسماعيل بن أبي أويس، كلاهما عن خارجة، به. وزاد إسماعيل في روايته: إن كان رسول الله ﷺ لينهانا أن نقطع المَسَد ومِرود البَكَرَة.
وأخرج مسلم في «صحيحه» (١٣٦٢) من طريق أبي الزبير، عن جابر، قال: قال النبي ﷺ: «إن إبراهيم حرَّم مكة، وإني حرمتُ المدينة ما بين لابتيها. لا يُقطَع عِضَاهُها ولا يُصَادُ صَيدها».
ولتحريم النبي ﷺ المدينة شواهدُ صحيحة ذكرها المصنف في هذا الباب.
قوله: «يُهَشُّ هشًا» قال في "النهاية: أي يُنثر نَثْرًا بليق ورِفقٍ.
(٢) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهد الأصدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن نُمير: هو عبد الله الخارفي، وعبيد الله: هو ابن عمر، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وأخرجه البخاري (١١٩١) و(١١٩٤)، ومسلم (١٣٩٩) من طرق عن نافع، به. وفي رواية البخاري (١١٩١): كان يأتي قُباء كلَّ سبت. =

٩٧ - باب في الصلاة على النبي ﷺ وزيارة قبره (١)
٢٠٤١ - حدَّثنا محمدُ بنُ عوفٍ، حدَّثنا المقرئ، حدَّثنا حيوةُ، عن أبي صَخْرٍ حميدِ بنِ زياد، عن يزيدَ بنِ عبد الله بن قُسيطٍ
عن أبي هريرة أن رسولَ اللهِ ﷺ قال: «ما مِنْ أحَدٍ يُسلِّمُ علي إلا ردَّ اللهُ عليَّ رُوحي حتى أردَّ عليه السلام» (٢).


= وأخرجه البخاري (١١٩٣) و(٧٣٢٦)، ومسلم (١٣٩٩)، والنسائى في «الكبرى» (٧٧٩) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به. وفي رواية البخاري (١١٩٣)، ومسلم (١٣٩٩) في بعضى رواياته أيضًا أنه ﷺ كان يأتي قباء كل سبت.
وهو في «مسند أحمد» (٥١٩٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٦١٨) و(١٦٢٨).
وقباء بضم القاف: يمد ويُقصر، ويذكر ويؤنث، ويُصرف ولا يُصرف: وهي قرية على ثلاثة أميال من المدينة.
(١) هذا التبويب أثبتناه من (هـ) ومن هامش (ج) مُصحَّحًا عليه.
(٢) إسناده حسن. أبو صخر حميد بن زياد - وهو الخراط - حسن الحديث. وقد صححه النووي في «الأذكار»، وجوّد إسناده الحافظ العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (٩٦٥). المقرئ: هو عبد الله بن يزيد المكي، وحَيوَة: هو ابن شُريح.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده» (٥٢٦)، وأحمد في «مسنده» (١٠٨١٥)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٥/ ٢٤٥، وفي «الدعوات الكبير» (١٥٨)، وفي «شعب الإيمان» (١٥٨١)، وفي «حياة الأنبياء بعد وفاتهم» (١٥)، والقاضي عياض في «الشفا» ٢/ ٧٨ - ٧٩ من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.
وقوله: رد على روحي. قال المناوي: يعني ردّ علىَّ نطقي، لأنه ﷺ حي على الدوام، وروحه لا تفارقه أبدًا لما صح أن الأنبياء أحياء في قبورهم ... هذا ظاهر في استمرار حياته لاستحالة أن يخلو الوجود كله من أحد يسلم عليه عادة، ومن خص الرد بوقت الزيارة فعليه البيان، فالمراد كما قال ابن الملقن وغيره بالروح النطق مجازًا وعلاقة المجاز أن النطق من لازمه وجود الروح، كما أن الروح من لازمه وجود النطق بالفعل أو القوة، وهو في البرزخ مشغول بأحوال الملكوت، مستغرق في مشاهدته، =

٢٠٤٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، قرأتُ على عبدِ الله بنِ نافع، قال: أخبرني ابنُ أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المقبري
عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا تجعلوا بيوتَكُم قُبورًا، ولا تجعلُوا قَبْرِي عِيدًا؛ وصلُّوا عليَّ فإن صلاتكُم تُبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ» (١).


= مأخوذ عن النطق بسبب ذلك، ولهذا قال ابن حجر: الأحسن أن يؤول رد الروح
بحضور الفكر، كما قالوه في خبر «يغان على قلبي».
ونقل علي القاري في «المرقاة» ٢/ ٦ عن القاضي قرله: لعل معناه أن روحه المقدسة في شأن ما في الحضرة الإلهية، فإذا بلغه سلام أحد من الأمة رد الله تعالى روحه المطهرة من تلك الحالة إلى رد من سلم عليه، وكذلك عادته في الدنيا يفيض على الأمة من سبحات الوحي الإلهي ما أفاضه الله تعالى عليه فهو صلوات الله عليه في الدنيا والبرزخ والآخرة في شأن أمته وقال ابن الملك: رد الروح كناية عن إعلام الله إياه بأن فلانًا صلَّى عليه.
وقد أجاب الحافظ السيوطي عن الإشكال بأجوبة أخرى في رسالته «إنباء الأذكياء بأخبار الأنبياء» المدرجة في «الحاوي للفتاوي» ٢/ ٣٢٧ - ٣٣٧، فانظرها.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. عبد الله بن نافع - وهو الصائغ المخزومي - صدوق حسن الحديث. وقد صحح إسناده الحافظ في «الفتح» ٦/ ٤٨٨ ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن العامري، وسعيد المقبري: هو ابن أبي سعيد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٨٨٠٤)، والطبراني في «الأوسط» (٨٠٣٠) من طريق عبد الله بن نافع، بهذا الإسناد.
وأخرج أحمد في «مسنده» (٧٣٥٨) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، رفعه: «اللهم لا تجعل قبري وثنا، لعن الله قومًا اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد». وإسناده قوي. وأخرجه أحمد أيضًا في «مسنده» (٧٨٢١)، ومسلم (٧٨٠)، والترمذي (٣٠٩٣)، والنسائي في «الكبرى» (٧٩٦١) من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، رفعه: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر» وإسناده صحيح.
وفي الباب عن علي عند البزار (٥٠٩)، وأبي يعلى (٤٦٩)، وإسماعيل القاضي في «فضل الصلاة على النبي» (٢٠)، وسنده ضعيف. =

٢٠٤٣ - حدَّثنا حامدُ بنُ يحيى، حدَّثنا محمدُ بنُ معنٍ المدنيُّ، أخبرني داودُ ابنُ خالد، عن ربيعةَ بنِ أبي عبد الرحمن، عن ربيعةَ - يعني ابن الهُدَير - قال:


= وعن الحسن بن علي بن أبي طالب عند أبي يعلى (٦٧٦١). وسنده ضعيف أيضًا.
وعن ابن مسعود عند أحمد في «مسنده» (٣٦٦٦)، والنسائي في «الكبرى» (١٢٠٦) و(٩٨١١)، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن لله في الأرض ملائكة سيَّاحين، يبلِّغوني من أمتي السلام» وإسناده صحيح.
وعن أوس بن أوس السالف عند المصنف برقم (١٠٤٧) بلفظ: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ... فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ» وهو صحيح لغيره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: معنى الحديث: لا تعطلوا البيوت من الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عند القبور. وقال المناوى: لا تجعلوها كالقبور في خلوها عن الذكر والعبادة، بل صلوا فيها، قال ابن الكمال: كنى بهذا النهي عن الأمر بأن يجعلوا لبيوتهم حظًا من الصلاة، ولا يخفى ما في هذه الكناية من الدقة والغرابة، فإن مبناها على كون الصلاة منهية عند المقابر على ما نص عليه في خبر «لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها».
وقوله: ولا تجعلوا قبري عيدًا. معناه: النهي عن الاجتماع لزيارته اجتماعهم للعيد، إما لدفع المشقة أو كراهة أن يتجاوزوا حد التعظيم، وقيل: العيد: ما يعاد إليه، أي: لا تجعلوا قبري عيدًا تعودون إليه متى أردتم أن تصلوا علي، فظاهره منهى عن المعاودة، والمراد المنع عما يوجبه، وهو ظنهم بأن دعاء الغائب لا يصل إليه، ويؤيده قوله: «وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» أي: لا تتكلفوا المعاودة إلي فقد استغيتم بالصلاة علي. ونقل صاحب «عون المعبود» عن المناوي قوله: ويؤخذ منه أن اجتماع العامة في بعض أضرحة الأولياء في يوم أو شهر مخصوص من السنة، ويقولون: هذا يوم مولد الشيخ ويأكلون ويشربون وربما يرقصون فيه منهي عنه شرعًا وعلى ولي الشرع ردعهم عن ذلك وإنكاره عليهم وإبطاله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «الحديث يشير إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم عنه، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدًا».

ما سمعتُ طلحةَ بنَ عُبيد الله يُحَدَّثُ عن رسولِ الله ﷺ حديثًا قَطُّ غيرَ حديثٍ واحِدٍ، قال: قلتُ: وما هو؟ قال: خرجنا مَعَ رسولِ الله ﷺ يُرِيدُ قُبورَ الشهداء، حتى إذا أشرفنا على حَرَّةِ واقِمٍ، فلما تدلَّيْنا منها فإذا قبورٌ بمَحنيَّه، قال: قلنا: يا رسولَ الله، أقبورُ إخواننا هذه؟ قال: «قُبُورُ أصحابِنا» فلما جئنا قُبُورَ الشهداء قال: «هذه قبورُ إخواننا» (١).
٢٠٤٤ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافعٍ
عن عبدِ الله بنِ عمر: أن رسولَ الله ﷺ أناخَ بالبطحاء التي بذي
الحُليفة فصلَّى بها، فكان عبدُ الله بنُ عمر يَفْعَلُ ذلك (٢).


(١) إسناده حسن كما قال ابن عبد البر في «التمهيد» ٢٠/ ٢٤٧. داود بن خالد - وهو ابن دينار المدني - ذكره ابن حبان في «الثقات»، وقد تفرد بهذا الحديث، قال علي ابن المديني في «العلل» ص ٩٦ بعد ما ذكر حديث طلحة هذا: وإسناده كله جيد، إلا أن داود بن خالد هذا لا يُحفظ عنه إلا هذا الحديث. ربيعة بن الهدير: هو ربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمي القرشي.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٣٨٧)، والبزار في «مسنده» (٩٥٥)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٥٩٨)، وابن عدي في«الكامل» ٣/ ٩٦١، والبيهقي في «الكبرى» ٥/ ٢٤٩ وفي «الدلائل» ٣/ ٣٠٥ - ٣٠٦، وابن عبد البر في «التمهيد»٢٠/ ٢٤٥ و٢٤٦ من طريق محمد بن معن، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي ٥/ ٢٤٩ من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن، به.
حرة واقم: الحرة: أرض ذات حجارة سود، وواقم: اسم لأطم (حصن) من آطام المدينة، أضيفت الحرة إليه للمجاورة، وهي التي تعرف اليوم بالحرة الشرقية في المدينة المنورة. بمحنية: بمنعطف الوادي.
(٢) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٤٠٥، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٥٣٢)، ومسلم بإثر (١٣٤٥)، والنسائي في «الكبرى» (٣٦٢٧) و(٤٢٣١). =

٢٠٤٥ - حدَّثنا القعنبيُّ، قال:
قال مالك: لا ينبغي لأحدٍ أن يُجاوزَ المعرَّسَ إذا قَفَلَ راجعًا إلى المدينة، حتى يُصَلِّيَ فيها ما بدا له، لأنه بلغني: أن رسول الله ﷺ عرَّس به (١).
سمعت محمد بن إسحاق المديني قال: المُعَرَّس على ستة أميال من المدينة.
آخر كتاب المناسك


= وأخرجه البخاري (٤٨٤) مطولًا و(١٥٣٣) و(١٧٩٩) و(١٧٦٧)، ومسلم بإثر (١٣٤٥) من طريق نافع، به. ولم يرد في بعض المواضع ذكر الصلاة.
وهو في «مسند أحمد» (٤٨١٩).
قال القاضي: والنزول بالبطحاء بذي الحليفة في رجوع الحاج ليس من مناسك الحج، وإنما فعله من فعله من أهل المدينة تبركًا بآثار النبي ﷺ، ولأنها بطحاء مباركة، قال: وقيل: إنما نزل به ﷺ في رجوعه حتى يصبح لئلا يفجأ الناس أهاليهم ليلًا، كما نهي عنه صريحًا في الأحاديث المشهورة.
(١) انظر ما قبله.
المعرَّس: موضع النزول للاستراحة، قال أبو زيد: عرَّس القوم في المنزل: إذا نزلوا به أيّ وقت كان من ليل أو نهار، وقال الخليل والأصمعي: التعريس النزول في آخر الليل.

 


google-playkhamsatmostaqltradent