١٥٥٦ - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد الثقفيُّ، حدَّثنا الليثُ، عن عُقيلٍ، عن الزُهريِّ أخبرني عُبيدُ الله بنُ عبد الله بن عتبة
عن أبي هريرة، قال: لما توفِّي رسولُ الله ﷺ، واستُخْلِفَ أبو بكر بعده، وكَفَرَ مَنْ كفر من العرب، قال عُمَرُ بنُ الخطاب لأبي بكر: كيف تُقاتِلُ الناسَ وقد قال رسول الله ﷺ: «أمِرْتُ أن أقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمَنْ قال: لا إله إلا الله عَصمَ مني مالَه ونَفسَه إلا بحقه وحسابُه على الله؟ فقال أبو بكرٍ: والله لأقاتلن مَنْ فرَّق بين الصَلاة والزَكاة، فإن الزكاةَ حَقُّ المال، والله لو مَنَعُوني عِقالًا كانوا يؤدونه إلى رسولِ الله ﷺ لقاتلتهم على منعه، فقال عمر ابن الخطاب: فواللهِ ما هُوَ إلا أن رأيتُ الله قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أبي بكر للقتال، قال: فعرفتُ أنه الحقُّ (١).
(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وعقيل:
هو ابن خالد الأموي، والزهري: هو محمد بن مسلم.
وأخرجه البخاري (١٣٩٩)، ومسلم (٢٠)،
والترمذي (٢٧٩٠)، والنسائي في»الكبرى«(٢٢٣٥) و(١٣٤٨) و(٣٤١٩) و(٣٤٢١) و(٤٢٨٤)
و(٤٢٨٥) من طرق عن الزهري، به.
وأخرجه النسائي (٣٤٢٠) و(٣٤٢٢)
و(٣٤٢٣) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به.
وهو في»مسند أحمد«(٦٧)، و»صحيح ابن
حبان" (٢١٧).
والعناق بفتح العين والنون: الأنثى
من ولد المعز لم تبلغ سنة. =
قال أبو داود: ورواه رباحُ بنُ زيد
وعبد الرزاق، عن معمر عن الزهري بإسناده، وقال بعضهم: عقالًا. ورواه ابن وهب عن
يونس قال: عَنَاقًا.
قال أبو داود: قال شعيب بن أبي حمزة
ومعمر والزُّبيدي، عن الزهري في هذا الحديث: لو منعوني عَنَاقًا، وروى عنْبسة، عن
يونس، عن الزهري في هذا الحديث قال: عَناقًا.
= وانظر ما بعده.
قال المهلب ونقله عنه صاحب «الفتح»
١٢/ ٢٧٦ تعليقًا على حديث أبي هريرة هذا (٦٩٢٤) الذي أدرجه الإمام البخاري تحت
باب: قتل من أبي قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة: من امتنع من قبول الفرائض،
نظر، فإن أقر بوجوب الزكاة مثلًا، أخذت منه قهرًا ولا يقتل، فإن أضاف إلى امتناعه
نصب القتال، قوتل إلى أن يرجع، قال مالك في «الموطأ» ١/ ٢٦٩: الأمر عندنا فيمن منع
فريضة من فرائض الله تعالى، فلم يستطع المسلمون أخذها منه كان حقًا عليهم جهاده
حتى يأخذوها منه (أي تحت راية ولي الأمر).
وقال أبو محمد بن حزم في «الملل
والنحل»: انقسمت العرب بعد موت النبي ﷺ على أربعة أقسام: طائفة بقيت على ما كانت
في حياته وهم الجمهور.
وطائفة بقيت على الإسلام أيضًا، إلا
أنهم قالوا: نقيم الشرائع إلا الزكاة وهم كثير، لكنهم قليل بالنسبة إلى الطائفة
الأولى.
والثالثة أعلنت بالكفر والردة كأصحاب
طليحة وسجاح وهم قليل بالنسبة لمن قبلهم إلا أنه كان في كل قبيلة من يقاوم من ارتد.
وطائفة توقفت فلم تطع أحدًا من
الطوائف الثلاثة، وتربصوا لمن تكون الغلبة فأخرج أبو بكر إليهم البعوث، وكان فيروز
ومن معه غلبوا على بلاد الأسود وقتلوه، وقتل مسيلمة باليمامة، وعاد طليحة إلى
الإسلام وكذا سجاح، ورجع غالب من كان ارتد إلى الإسلام، فلم يحل الحول إلا والجميع
قد راجعوا دين الإسلام، ولله الحمد.
١٥٥٧ - حدَّثنا ابن السَرح وسليمانُ بنُ
داود قالا: أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني يونس، عن الزهري قال:
قال أبو بكر: إن حقه أداءُ الزَّكاة،
وقال: عِقالًا (¬١).
١
- باب ما
تجب فيه الزكاة
١٥٥٨
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، قال:
قرأتُ على مالك بن أنس، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، قال:
سمعتُ أبا سعيد الخدري يقول: قال
رسولُ الله ﷺ: «ليس فيما دُونَ خمس ذوْدٍ صدقة، وليس فيما دونَ خمسِ أواقٍ صَدقةٌ،
ولَيسَ فيما دُونَ خمسةِ أوسُقٍ صدقة» (٢).
(١) إسناده صحيح. ابن السرح: هو أحمد بن
عمرو، وابن وهب: هو عبد الله القرشي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.
ورواية يونس اختلف عليه، قال عنبسة
عن يونس: عناقًا، وقال ابن وهب عن يونس: عقالًا، ومرة قال ابن وهب: عناقًا كما قال
الجماعة، والمراد بالعقال هنا كما ذهب إليه كثير من المحققين: الحبل الذي يعقل به
البعير، وهذا القول يحكى عن مالك وابن أبي ذئب وغيرهما، وهو اختيار صاحب «التحرير»
وجماعة من حذاق المتأخرين. قاله شمس الحق في «عون المعبود» ٤/ ٢٩٢ - ٢٩٣.
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده صحيح. يحيي: هو ابن عمارة المازني.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٢٤٤،
ومن طريقه أخرجه البخاري (١٤٤٧)، والترمذى (٦٣٢)، والنسائي في «الكبرى» (٢٢٣٧).
وأخرجه البخاري (١٤٠٥)، ومسلم (٩٧٩)
وابن ماجه (١٧٩٩)، والترمذي (٦٣١). و(٦٣٢)، والنسائي (٢٢٣٧) و(٢٢٣٨) و(٢٢٦٥)
و(٢٢٧٥) و(٢٢٧٨) من طرق عن عمرو بن يحيي، به. واقتصر ابن ماجه على ذكر الذود - وهي
الإبل - وبيَّن بالتفصيل نصابها. =
١٥٥٩ - حدَّثنا أيوبُ بنُ محمد الرَّقِّيُّ،
حدَّثنا محمدُ بنُ عبيد، حدَّثنا إدريسُ بنُ يزيد الأوديُّ، عن عمرو بن مُرة
الجمليِّ، عن أبي البَختَري الطائي
عن أبي سعيدٍ يَرفَعُهُ إلى النبي ﷺ
قال: «لَيسَ فيما دُونَ خَمسةِ أوسَاقٍ زَكاة» والوَسق ستون مختومًا (١).
= وأخرجه مسلم (٩٧٩)، وابن ماجه
(١٧٩٣)، والنسائي (٢٢٦٤) و(٢٢٦٧) و(٢٢٧٤) من طرق عن يحيى بن عُمارة، به.
وأخرجه البخاري (١٤٥٩) و(١٤٨٤)،
والنسائي (٢٢٦٦) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، وابن ماجه (١٧٩٣)،
والنسائي (٢٢٦٤) و(٢٢٦٧) من طريق عباد بن تميم، كلاهما عن أبي سعيد الخدري، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٠٣٠)
و(١١٥٧٦)، و«صحيح ابن حبان» (٣٢٦٨) و(٣٢٧٥).
وانظر تالييه.
الأوسق: جمع وسق، وهي ستون صاعًا
بالاتفاق، والصاع وزنه (٢١٧٥) غرامًا، فيكون المجموع ست مئة واثنين وخمسين كيلًا
ونصفًا.
والذود: ما بين الثلاث إلى العشر من
الإبل ولا واحد له من لفظه، وإنما يقال للواحد: بعير، كما يقال للواحدة من النساء:
المرأة.
وأواق: جمع أوقية، وهي أربعون درهمًا
باتفاق من الفضة الخالصة.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن أبا البختري - وهو سعيد ابن فيروز - لم
يسمع من أبي سعيد فيما قاله أبو داود وأبو حاتم الرازي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٧٧)
من طريق وكيع بن الجراح، عن إدريس ابن يزيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٣٢) من طريق محمد
بن عبيد، به مرفوعًا بلفظ: «الوسق ستون صاعًا».
وهو في «مسند أحمد» (١١٥٦٤).
وانظر ما قبله.
قال أبو داود: أبو البختريُّ لم يسمع
من أبي سعيد.
١٥٦٠
- حدَّثنا محمدُ بنُ قدامة بن أعين،
حدَّثنا جريرٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: الوسق ستون صاعًا مختومًا بالحجَّاجي
(١).
١٥٦١
- حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدثني محمدُ
بنُ عبد الله الأنصاريُّ، حدَّثنا صُرَدُ بن أبي المُنازل، سمعتُ حبيبًا
المالكيَّ، قال:
قال رجلٌ لعمران بن حُصَينٍ: يا أبا
نُجيدٍ، إنكم لتحدِّثونا بأحاديث ما نجدُ لها أصلًا في القرآن، فغَضِبَ عمرانُ،
وقال للرجل: أوجدتُم في كل أربعينَ درهمًا درهمًا، ومِن كل كذا وكذا شاةً شاةً،
ومن كلِّ كذا وكذا بعيرًا كذا وكذا، أوجدتم هذا في القرآن؟ قال: لا، قال: فعن مَنْ
أخذتُم هذا، أخذتموه عنا، وأخذناه عن نبى الله ﷺ، وذكر أشياء نحو هذا (٢).
(١) رجاله ثقات. جرير: هو ابن عبد الحميد
الضبي، والمغيرة: هو أبن مِقْسَم، وإبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس النخعي.
وانظر سابقيه.
وقوله: مختومًا بالحجاجي. قال في
«عون المعبود»: أي: مختومًا بعلامة الحجاج ابن يوسف الثقفي أمير الكوفة وهي ستون
صاعًا، وكل صاع أربعة أمداد، وكل مد رطل وثلث عند الحجازيين وهو قول الشافعي وعامة
العلماء.
(٢)
إسناده ضعيف. صُرَد بن أبي المُنَازل. قال الذهبي: فيه جهالة.
وأخرجه ابن أبي عاصم في«السنة»
(٨١٥)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (١٠٨١)، والطبرانى في «المعجم
الكبير» ١٨/ (٥٤٧)، وأبو بكر الجصاص في «أحكام القرآن» والمزي في ترجمة صُرَد بن
أبي المنازل من «تهذيب الكمال» ١٣/ ١٦٤ من طريقين عن محمد بن عبد الله الأنصاري،
بهذا الإسناد. وذكر ابن أبي عاصم الصلاة بدل الزكاة.
٢ - باب العُروض إذا كانت للتجارة هل فيها زكاة؟
١٥٦٢
- حدَّثنا محمدُ بن داود بن سفيان،
حدَّثنا يحيى بنُ حسان، حدَّثنا سليمان بن موسى أبو داود، حدَّثنا جعفرُ بنُ سعدٍ
بن سمرة بن جندب، حدَّثني خبيبُ بنُ سليمان، عن أبيه سليمان
عن سمرة بن جندب، قال: أما بعد فإن
رسولَ الله ﷺ كان يأمُرُنا أن نُخْرِجَ الصَدقة مِن الذي نُعِدُّ للبيع (١).
(١) إسناده ضعيف. جعفر بن سعد بن سمرة ضعيف،
وخُبيب بن سليمان وأبوه مجهولان.
وقال الذهبي في الميزان ١/ ٤٠٨: وهذا
إسناد مظلم لا ينهض بحكم. ومع ذلك فقد حسَّن إسناده ابن عبد البر في «الاستذكار»!!
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»
(٧٠٢٩) و(٧٠٤٧)، والدارقطني (٢٠٢٧)، والبيهقي ٤/ ١٤٦ - ١٤٧، وابن عبد البر في
«التمهيد» ١٧/ ١٣٠ - ١٣١ و١٣١من طريقين عن جعفر بن سعد، بهذا الإسناد.
قلنا: وفي الباب أحاديث مرفوعة
وموقوفة استدل بمجموعها جمهور العلماء على وجوب الزكاة في عروض التجارة، فمن
المرفوعة ما رواه الدارقطني في «سننه» (١٩٣٢)، والحاكم ١/ ٣٨٨، والبيهقي ٤/ ١٤٧ من
حديث أبي ذر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «في الإبل صدقتها، وفي
الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البر صدقته» قال النووي في «تهذيب الأسماه
واللغات»: هو بالباء والزاي، وهي الثياب التي هي أمتعة البزاز. قال: ومن الناس من
صحّفه بضم الباء والراء المهملة وهو غلط. ولهذا الحديث طرق لا تخلو من ضعف.
وأما الآثار: فمنها ما رواه مالك في
«الموطأ»١/ ٢٥٥ عن يحيى بن سعيد، عن زُريق بن حيان - وكان على جواز مصر في زمان
الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز - فذكر أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه: أن انظر
من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يُديرون من التجارات من كل
أربعين دينارًا دينارًا، فما نقص فبحساب ذلك، حتى يبلغ عشرين دينارًا، فإن نقصت
ثلث دينار، فدعها ولا تأخذ منها شيئًا. وإسناده حسن. =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= وروى عبد الرزاق (٧٠٩٩)، والشافعي في
«مسنده» ١/ ٢٢٩، والدارقطني (٢٠١٨)، والبيهقي ٤/ ١٤٧ عن أبي عمرو بن حِماس، عن
أبيه، قال: كنت أبيع الأدم والجِعاب، فمر بي عمر بن الخطاب، فقال لي: أدِّ صدقة
مالك، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنما هو في الأدم، قال: قوّمه ثم أخرج صدقته. وسنده
حسن.
وروى عبد الرزاق (٧١٠٣) عن ابن جريج،
قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول: في كل مالٍ يُدار في
عَبيد أو دواب أو بزٍّ للتجارة الزكاةُ فيه كلّ عام. وسنده صحيح.
وروى أيضًا عبد الرزاق (٧١٠٤) عن
عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب والقاسم قالوا: في العروض تُدار الزكاةُ كل عام،
لا تؤخذ منها الزكاة حتى يأتي ذلك الشهر عام قابل.
وروى الشافعي في «الأم» ٢/ ٣٩ عن عبد
الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ليس في العروض من زكاة إلا أن يُراد
به التجارة. وإسناده صحيح.
ورواه البيهقي في «سننه» ٤/ ١٤٧
وقال: هذا قول عامة أهل العلم.
وقد استدل بعض أهل العلم بقوله
تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا
كَسَبْتُمْ﴾ [البقرة:
٢٦٧]،
على زكاة عروض التجارة. فقال البخاري في «صحيحه» ٣/ ٣٠٧: باب صدقة الكسب والتجارة،
لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا
كَسَبْتُمْ﴾ قال الحافظ: هكذا أورد هذه الترجمة مقتصرًا على الآية بغير حديث،
وكأنه أشار إلى ما رواه شعبة، عن الحكم، عن مجاهد في هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ قال: من التجارة
الحلال. أخرجه الطبري (٦١٢٤)، وابن أبي حاتم من طريق آدم، عنه.
وأخرجه الطبري (٦١٣٤) من طريق هشيم،
حدَّثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ قال: من التجارة، ﴿وَمِمَّا
أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ قال: من الثمار.
وقال ابن المنذر: أجمع عامة أهل
العلم على وجوب زكاة التجارة، واتفقوا على وجوبها، في قيمتها لا في عينها، وعلى
أنها تجب فيها الزكاة إذا حال الحول إلا أن =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= الحنفية والشافعية والحنابلة قالوا:
تجب بمضي كل حول، ووافقهم المالكية فيما إذا كان التاجر مديرًا وهو الذي يبيع
كيفما اتفق، ولا ينتظر ارتفاع الأسعار كأرباب الحوانيت، بخلاف ما إذا كان محتكرًا،
وهو الذي ينتظر بالسلع ارتفاع الأسعار، فإنه يزكيها إذا باعها عن عام واحدٍ ولو
كانت عنده أعوامًا. وانظر «الموطأ»١/ ٢٥٥.
وقال البغوي في «شرح السنة» ٦/ ٥٣:
ذهب عامة أهل العلم إلى أن التجارة تجب الزكاة في قيمتها إذا كانت نصابًا عند تمام
الحول، فيُخرج منها ربعُ العُشر، وقال داود: زكاة التجارة غير واجبة، رهو مسبوق
بالإجماع.
وقال العلامة محمد رشيد رضا: جمهور
علماء الملة يقولون بوجوب زكاة عروض التجارة، وليس فيها نص قطعي من الكتاب والسنة،
وإنما ورد فيها روايات يقوي بعضها بعضًا مع الاعتبار المستنِد إلى النصوص، وهو أن
عروض التجارة المتداولة للاستغلال نقود لا فرق بينها وبين الدراهم والدنانير التي
هي أثمانها، إلا في كون النصاب يتقلب ويتردد بين الثمن وهو النقد، والمُثمن وهو
العروض. فلو لم تجب الزكاة في التجارة لأمكن لجميع الأغنياء أو أكثرهم أن يتّجروا
بنقودهم، ويتحرَّوا أن لا يحول الحولُ على نصاب من النقدين أبدًا، وبذلك تبطل
الزكاة فيهما عندهم. ورأس الاعتبار في المسألة أن الله تعالى فرض في أموال
الأغنياء صدقة لمواساة الفقراء ومن في معناهم، وإقامة المصالح العامة، وأن الفائدة
في ذلك للأغنياء تطهير أنفسهم من رذيلة البخل وتزكيتها بفضائل الرحمة بالفقراء،
وسائر أصناف المستحقين ومساعدة الدولة والأمة في إقامة المصالح العامة، والفائدة
للفقراء وغيرهم إعانتهم على نوائب الدهر، مع ما في ذلك من سدّ ذريعة المفاسد في
تضخم الأموال، وحصرها في أناس معدودين، وهو المشار إليه بقوله تعالى في حكمة قسمة
الفيء ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ [الحشر: ٧]، فهل يُعقل أن يخرج من هذه المقاصد الشرعية
كلها التجار الذين ربما تكون معظمُ ثروة الأمة في أيديهم؟
وقال الشيخ محمود شلتوت في كتابه
«الفتاوى» ص ١٢١: وأما عروض التجارة فالرأي الذي يجب التعويلُ عليه - وهو رأي
جماهير العلماء من سلف الأمة وخَلَفها - أنه تجب فيها الزكاة متى بلغت قيمتها في
آخر الحول نصابًا نقديًا، ومعنى هذا أن =
٣ - باب الكنز، ما هو؟ وزكاة الحلي
١٥٦٣
- حدَّثنا أبو كامل وحُميد بن مسعدة -
المعنى - أن خالد بن الحارث حدَّثهم، حدَّثنا حسين، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه
عن جدِّه: أن امرأةً أتت رسولَ الله
ﷺ ومعها ابنة لها، وفي يدِ ابنتها مُسْكَتان غليظَتانِ مِنْ ذهبٍ، فقال لها:
«أتعطين زكاة هذا؟» قالت: لا، قال: «أيَسُرُّكِ أن يسوِّرَك الله بهما يومَ
القيامَةِ سوارَينِ مِن نار؟» قال: فخلعتهُما فألقَتهُما إلى النبي ﷺ، وقالت: هُما
لله ولرسوله (١).
= التاجر المؤمن يجب عليه في آخر كل
عام أن يجرد بضائعه جميعًا ويقدّر قيمتها ويخرج زكاتها متى بلغت نصابًا، مع ملاحظة
أنه لا يدخل في التقدير المحل الذي تُدار فيه التجارة ولا أثاثه الثابت. قال:
وعروض التجارة في واقعها أموال متداولة بقصد الاستغلال، فلو لم تجب الزكاة في
الأعيان التجارية - والأموال عند كثير من الأمم الإسلامية مصدرها الزراعة والتجارة
- لتُرك نصف مال الأغنياء دون زكاة، ولاحتال أرباب النصف الآخر على أن يتّجروا
بأموالهم، وبذلك تضيع الزكاة جملة وتفوت حكمة الشارع الحكيم من تشريعها وجعلها
ركنًا من أركان الدين.
(١)
إسناده حسن. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري، وحسين: هو ابن ذكوان العوذي،
وشعيب: هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص.
وأخرجه الترمذي (٦٤٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٢٧٠) من طريقين عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث
قد رواه المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب نحو هذا، والمثنى بن الصباح وابن لهيعة
يضعّفان في الحديث، ولا يصح في هذا الباب عن النبي ﷺ شيء.
وهو في «مسند أحمد» (٦٦٦٧).
قال المنذري في «مختصره» (١٥٠٦): لعل
الترمذي قصد الطريقين اللذين ذكرهما، وإلا فطريق أبي داود لا مقال فيها.
وقد صحح ابن القطان في «بيان الوهم
والايهام» ٥/ ٣٦٥ إسناد أبي داود. =
١٥٦٤ - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا
عتابُ - يعني ابن بشير - عن ثابت ابن عجلان، عن عطاء
عن أمِّ سلمةَ قالت: كنتُ ألبَسُ
أوضاحًا مِنْ ذَهَبٍ، فقلت:
يا رسولَ الله، أكنزٌ هُوَ؟ قال: «ما
بلغ أن تُؤَدَّى زكاتُه، فزُكِّيَ، فلَيسَ بكَنزٍ» (١).
١٥٦٥
- حدَّثنا محمدُ بنُ إدريَس الرازيُ،
حدَّثنا عمرو بنُ الربيع بن طارق، حدَّثنا يحيى بنُ أيوب، عن عُبَيد الله بن أبي
جعفر، أن محمد بن عمرو ابن عطاء أخبره، عن عبد الله بن شدَّاد بن الهاد، أنه قال:
دَخلْنا على عائشةَ زوج النبيِّ ﷺ،
فقالت: دخل علي رسولُ الله ﷺ، فرأى في يديَّ فَتَخاتٍ مِنْ وَرِقٍ، فقال: «ما هذا
يا عائشة؟»
= وقال الزيلعي في «نصب الراية» ٢/
٣٧٠: وهذا إسناد تقرم به الحجة إن شاء الله تعالى.
وله شاهد من حديث أم سلمة، سيأتي
بعده.
وآخر من حديث عائشة سيأتي برقم
(١٥٦٥).
(١)
حسن لغيره، وهذا سند رجاله ثقات إلا أن عطاء - وهو ابن أبي رباح - لم يسمع من أم
سلمة فيما قاله علي بن المديني. ومع ذلك فقد صححه ابن القطان، وجودَّ إسناده
الحافظ العراقي فيما نقله عنهما الحافظ ابن حجر في «الفتح»٣/ ٢٧٢! وأخرجه البيهقي
٤/ ١٤٠ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»
٢٣/ (٦١٣)، والدارقطني (١٩٥٠)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٣٩٠، والبيهقي ٤/ ٨٣ و١٤٠
من طريق محمد بن مهاجر عن ثابت بن عجلان، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث ابن عمر، عند
البخاري (١٤٠٤) وابن ماجه (١٧٨٧).
وآخر من حديث أبي هريرة عند ابن ماجه
(١٧٨٨)، والترمذي (٦٢٣)، وابن حبان (٣٢١٦).
فقلت: صنعتُهنَّ أتزينُ لَكَ يا
رسولَ الله، قال: «أتؤدِّين زكاتَهن؟»
قلت: لا، أو ما شاءَ الله، قال: «هوَ
حَسْبُك مِنَ النار» (١).
١٥٦٦
- حدَّثنا صفوانُ بنُ صالح، حدَّثنا
الوليدُ بنُ مُسلم، حدَّثنا سفيانُ، عن عُمَرَ بن يَعلى، فذَكَرَ الحديثَ نحو
حديثِ الخاتِم، قيل لسفيان: كيف تزكيه؟ قال: تَضُمُّه إلى غيره (٢).
(١) إسناده حسن. يحيى بن أيوب صدوق حسن
الحديث.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ١/ ٣٨٩
- ٣٩٠، والبيهقي ٤/ ١٣٩ من طريق محمد بن إدريس، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (١٩٥١)، والبيهقي
٤/ ١٣٩ من طريق محمد بن هارون، عن عمرو بن الربيع، به. إلا أنهما قالا: أن محمد بن
عطاء أخبره عن عبد الله بن شداد.
وعليه فقد جهّل الدارقطني محمد بن
عطاء، وتبعه عبد الحق، فرد عليهما ابن القطان مبينًا أنه هو محمد بن عمرو بن عطاء
الثقة، وإنما نسب هنا لجده.
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو
بن العاص، سلف برقم (١٥٦٣).
وآخر من حديث أم سلمة، سلف قبله.
والفتخات خواتيم كبار كان النساء
يتختمن بها، الواحدة فتخة.
قال الخطابي: واختلف الناس في وجوب
الزكاة في الحُلي، فروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر
وابن عباس أنهم أوجبوا فيه الزكاة، وهو قول ابن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء وابن
سيرين وجابر بن زيد ومجاهد والزهري وإليه ذهب الثوري وأصحاب الرأي.
وروي عن ابن عمر وجابر بن عبد الله
وعائشة وعن القاسم بن محمد والشعبي أنهم لم يروا فيه زكاة وإليه ذهب مالك بن أنس
وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وهو أظهر قولي الشافعي.
قال الخطابي: الظاهر من الكتاب يشهد
لقول من أوجبها والأثر يؤيده، ومن أسقطها ذهب إلى النظر ومعه طرف من الأثر،
والاحتياط أداؤها.
(٢)
إسناده ضعيف. عُمر بن يعلى - وهو ابن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي وينسب لجده -
متفق على ضعفه. سفيان: هو الثوري. =
٤ - باب في زكاة السائمة
١٥٦٧
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا
حماد، قال:
أخذتُ مِن ثُمامة بن عبد الله بن
أنسٍ كتابًا زعم أن أبا بكر كَتَبه لأنس، وعليه خاتِم رسولِ الله ﷺ، حين بعثه
مُصدِّقًا وكتبه له، فإذا فيه: «هذه فريضةُ الصَّدَقةِ التي فَرَضَها رسولُ الله ﷺ
على المسلِمين التي أمَرَ الله بها نبيَّه عليه السلام فمن سُئِلَها مِن المسلمين
على وجهها فليُعْطِها، ومَنْ سُئِلَ فوقَها، فلا يُعطه: فيما دُونَ خَمْسٍ
وعِشْرين من الإبلِ: الغنمُ: في كُلِّ خَمْسٍ ذوْدٍ شاةٌ، فإذا بَلَغَتْ خمسًا
وعِشرينَ، ففيها ابنةُ مَخاضٍ، إلى أن تَبلُغَ خمسًا وثلاثين، فإن لم يكن فيها
بنتُ مخاضٍ فابن لبونٍ ذكَرٌ، فإذا بلغت ستًّا وثلاثين، ففيها بنتُ لبون، إلى خمس
وأربعين، فإذا بلغت ستًا وأربعين، ففيها حِقة طروقةُ الفَحلِ إلى ستينَ، فإذا
بَلَغتْ إحدى وستين، ففيها جَذَعَةٌ إلى خمسٍ وسبعين، فإذا بَلغَت ستًّا وسبعينَ،
ففيها ابنتَا لَبُونٍ، إلى تسعين، فإذا بلغت إحدى وتسعين، ففيها حِقتان طروقتا
الفَحْل، إلى عشرين ومئة، فإذا زادَت على عشرين ومائة، ففي كُل أربعينَ بنتُ
لَبُونٍ، وفي كل خمسين حِقّة،
= وأخرجه أحمد (١٧٥٥٦) من طريق عُبيد
الله بن عُبيد الرحمن الأشجعي، عن
سفيان الثوري، عن عمرو بن يعلى بن
مرة الثقفي، عن أبيه، عن جده. فوصله وقال: عمرو بن يعلى بدل: عمر. وعلى أي حالٍ
فهو ضعيف كما ذكرنا. وانظر تمام تخريجه في»المسند".
وقوله: فذكر الحديث نحو حديث الخاتم
أي: نحو الحديث الذي تقدم عن عائشة في وجوب الزكاة في الخاتم والوعيد عليه بقوله:
حسبك من النار.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ)
و(و)، وهما برواية أبي بكر بن داسه.
فإذا تباينَ أسنانُ الإبل في فرائضِ
الصَّدقات: فمَنْ بَلَغَتْ عندَه صَدَقَةُ الجَذَعةِ وليست عنده جذعةٌ وعنده
حِقَّةٌ فإنها تُقبَلُ منه، وأن يَجعَلَ معها شاتين: إن استَيسَرَتا له، أو عشرين
درهمًا، ومَنْ بَلَغَت عندَهُ صَدَقَة الحِقَّة وليست عندَه حِقة وعندَه جَذَعةٌ
فإنها تُقْبَلُ منه ويُعطيه المصدِّق عشريِن درهمًا أو شاتين، ومَن بلغت عندَه
صدقةُ الحِقَّةِ وليس عنده حِقَّةٌ وعنده ابنةُ لبُونٍ، فإنها تُقبَلُ منه».
قال أبو داود: مِن هاهنا لم أضبِطُه
عن موسى كما أُحِبُّ - ويَجعلُ معها شاتَين إن استيسَرَتا له، أو عشرين درهمًا،
ومَن بلغت عندَه صَدَقةُ بنتِ لبونٍ وليست عنده إلا حِقَّةٌ، فإنها تُقبل منه -
قال أبو داود: إلى ها هنا، ثم أتقنته - ويُعطيه المُصدِّقُ عشرين درهمًا، أو
شاتين، ومَن بَلَغَتْ عندَه صدقةُ ابنةِ لَبُونٍ ولَيسَ عندَه إلا بنتُ مخاض،
فإنها تُقبل منه وشاتَين أو عشرين درهمًا، ومَن بلغت عندَه صدقةُ ابنةِ مخاض وليس
عندَه إلا ابنُ لبونٍ ذَكَرٍ فإنه يقبلُ منه، ولَيسَ معه شيئ، ومَن لم يكن عندَه
إلا أربعٌ، فليسَ فيها شيئ، إلا أن يَشاءَ ربُّها، وفي سائمةِ الغنم: إذا كانَتْ
أربعين ففيها شاةٌ، إلى عشرين ومئة، فإذا زَادَتْ على عشرين ومئة، ففيها شاتانِ،
إلى أن تَبلُغَ مئتين، فإذا زادت على مِئتين، ففيها ثلاثُ شياه، إلى أن تبلغُ ثلاث
مئة، فإذا زادَتْ على ثلاث مئة، ففي كُلِّ مئةِ شاةٍ شاةٌ، ولا يُؤخَذُ في
الصَدقَةِ هَرِمَةٌ، ولا ذاتُ عُوارٍ مِن الغَنَم، ولا تيسُ الغنم، إلا أن يشاء
المُصدِّقُ، ولا يُجمَعُ بينَ مُفتَرِقٍ، ولا يُفرَّقُ بينَ مُجتَمعٍ، خشيةَ
الصَّدقة، وما كان مِن خليطين، فإنهما يتراجعانِ بينَهما بالسَّويَّة، فإن لم
تَبلُغْ سَائِمةُ الرَّجُلِ أربعين، فلَيسَ
فيها شيءٌ، إلا أن يشاءَ رَبُّها،
وفي الرِّقة، رُبعُ العُشرِ، فإن لم يكن المال إلا تسعين ومئة فليس فيها شيء، إلا
أن يشاء رَبُّها» (١).
(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٣٩)
و(٢٢٤٧) من طريقين عن حماد، بهذا
الإسناد.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري
(١٤٤٨) و(١٤٥٠) و(١٤٥١) و(١٤٥٣ - ١٤٥٥) و(٢٤٨٧) و(٦٩٥٥)، وابن ماجه (١٨٠٠) من طريق
عبد الله بن المثنى عن ثمامة بن عبد الله، به.
وهو في «مسند أحمد»
(٧٢)،
و«صحيح ابن حبان» (٣٢٦٦).
ابنة مخاض: هي التي أتى عليها الحول،
وطعنت في السنة الثانية، سميت ابنة مخاض، لأن أمها تمخض بولد آخر، والذكر ابن
مخاض، والمخاض الحوامل. وابن اللبون: هو الذي أتى عليه حولان، وطعن في السنة
الثالثة، لأن أمه تصير لبونًا بوضع الحمل، ووصفه بالذكورة للتأكيد.
والحقة: هي التي أتت عليها ثلاث
سنين، وطعنت في الرابعة، سميت بها، لأنها تستحق أن تركب، أو تستحق الضراب. والذكر:
حق.
وطروقة الجمل: بمعنى مطروقه «فعولة»
بمعنى «مفعولة» كحلوبة وركوبة، والمراد أنها بلغت أن يطرقها الفحل.
والجَذَعَةُ: هي التي تَمَتْ لها
أربع سنين، وطعنت في الخامسة، لأنها تُجذعُ السنَ فيها.
والسائمة: الراعية. قال البغوي في
«شرح السنة» ٦/ ١٣: وفيه دليل على أن الزكاة تجب في الغنم إذا كانت سائمة، أما
المعلوفة، فلا زكاة فيها.
وقوله: «ولا ذات عوار» فالعوار:
النقص والعيب، ويجوز بفتح العين وضمها والفتح أفصح، وذلك إذا كان كل ماله أو بعضه
سليمًا، فإن كان كل ماله معيبًا، فإنه يأخذ واحدًا من أوسطه.
وقوله: «ولا تيس» أراد به فحل الغنم،
ومعناه: إذا كانت ماشية أو كلها أو بعضها إناثًا لا يؤخذ منها الذكر، إنما يؤخذ
الأنثى إلا في موضعين وردت بهما السنة، وهو أخذ =
١٥٦٨ - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد
النُّفيليُّ، حدَّثنا عبادُ بنُ العَوَّام، عن سُفيانَ بن الحُسَين، عن الزهري، عن
سالمٍ
عن أبيه، قال: كتَبَ رسولُ الله ﷺ
كتابَ الصَّدَقة فلم يُخرجه إلى عماله حتى قُبِضَ، فقرَنَه بسَيْفِه، فعَمِلَ به
أبو بكر حتى قُبِضَ، ثم عَمِلَ به عمر حَتَى قُبِضَ، فكان فيه: «في خَمْسٍ من
الإبل شاةٌ، وفي عشرٍ شاتان، وفي خمسَ عشرةَ ثلاثُ شياه، وفي عشرين أربعُ شياه،
وفي خمس وعشرين ابنةُ مخاضٍ، إلى خمس وثلاثين، فإن زادت واحدةً، ففيها ابنةُ لبون
إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدةً، ففيها حِقَّة، إلى ستين، فإذا زادت واحدةً،
ففيها جَذَعَةٌ، إلى خمسٍ وسبعين، فإذا زادت واحدةً، ففيها ابنتا لَبُونٍ، إلى
تسعين، فإذا زادت واحدةً، ففيها حِقَّتان، إلى عشرين ومئة، فإن كانت الإبلُ أكثرَ
مِن ذلك، ففي كُلِّ خمسين حِقة، وفي كل أربعين ابنةُ لبون.
= التبيع من ثلاثين من البقر، وأخذ ابن
اللبون من خمس وعشرين من الإبل بدل ابنة المخاض عند عدمها، فأما إذا كانت كل
ماشيته ذكورًا، فيؤخذ الذكر.
وقوله:»ولا يجمع بين مُفترق، ولا
يفرق بين مجتمع«نهي من جهة صاحب الشرع للساعي ورب المال جميعًا، نهى رب المال عن
الجمع والتفريق قصدًا إلى تقليل الصدقة، ونهى الساعي عنهما قصدًا إلى تكثير الصدقة.
وقوله:»وما كان من خليطين فإنهما
يتراجعان بينهما بالسوية" قال الخطابي: معناه: أن يكون بينهما أربعون شاة
مثلًا، لكل واحد منهما عشرون قد عرف كل واحد منهما عين ماله، فيأخذ المصدق من
أحدهما شاة فيرجع المأخوذ من ماله على خليطه بقيمة نصف شاة، وهذه تسمى خلطة الجوار.
والرقة: بكسر الراء وتخفيف القاف
المفتوحة: الفضة الخالصة مسكوكة كانت أو غير مسكوكة.
وفي الغنم في كُلِّ أربعين شاةً
شاةٌ، إلى عشرين ومئة، فإن زادَتْ واحدةً، فشاتان، إلى مئتين، فإن زادت على
المئتين، ففيها ثلاثُ شِياه، إلى ثلاث مئة فإن كانت الغنمُ أكثرَ مِن ذلك، ففي كل
مئة شاةٍ شاةٌ، ليس فيها شيءٌ حتى تبلغ المئة.
ولا يفرق بين مجتمع، ولا يُجمَعُ
بينَ متفرِّق، مخافةَ الصدقة، وما كان من خليطين، فإنهما يتراجَعَان بالسَّويَّة.
ولا يُؤخَذُ في الصدقة، هَرِمَة، ولا
ذاتُ عيب».
قال: وقال الزهري: إذا جاء المصَدّقُ
قُسمت الشاءُ أثلاثًا: ثلثًا شِرارًا، وثلثًا خيارًا، وثلثًا وسطًا، فيأخُذُ
المُصَدَّقُ من الوسط، ولم يذكر الزهريُّ البقر (١).
(١) حديث صحيح، سفيان بن الحسين - وإن كان في
روايته عن الزهري كلام - متابع. وقد نقل البيهقي في «السنن الكبرى» ٤/ ٨٨ عن
الترمذي أنه قال في «العلل»: سألتُ محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال:
أرجو أن يكون محفوظًا وسفيان بن حسين صدوق. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن
الخطاب.
وأخرجه الترمذي (٦٢٦) من طريق عباد
بن العوام، بهذا الإسناد، وقال: حديث حسن والعمل على هذا من عامة الفقهاء.
وأخرجه ابن ماجه (١٧٩٨) و(١٨٠٥) من
طريق سليمان بن كثير، عن ابن شهاب الزهري، به.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٠٧) من طريق نافع
عن ابن عمر، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٣٢).
وله شاهد من حديث ثمامة بن عبد الله
عن أنس بن مالك عن أبي بكر، سلف برقم (١٥٦٧).
وانظر ما سيأتي برقم (١٥٦٩) و(١٥٧٠)
و(١٥٧١).
١٥٦٩ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا محمدُ بنُ يزيد الواسطيُّ، أخبرنا سفيانُ بنُ حسين، بإسناده ومعناه، قال:
فإن لم تكُنِ ابنةُ مخاض، فابنُ
لبون، ولم يذكر كلامَ الزهري (١).
١٥٧٠
- حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا
ابنُ المبارك، عن يونس بن يزيد
عن ابن شهاب، قال: هذه نسخةُ كتابِ
رسولِ الله ﷺ الذي كَتَبه في الصَّدقة، وهي عند آل عمر بن الخطاب، قال ابنُ شهاب:
أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر، فوعيتُها على وجهها، وهي التي انتسخ عُمَرُ بن
عبد العزيز من عبد الله بن عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله ابن عمر، فذكر
الحديث. قال: «فإذا كانت إحدى وعشرين ومئة، ففيها ثلاثُ بناتِ لبون، حتى تبلغ
تسعًا وعشرين ومئة، فإذا كانت ثلاثين ومئة، ففيها بنتا لَبُونٍ وحِقًةٌ، حتى تبلغ
تسعًا وثلاثين ومئة، فإذا كانت أربعينَ ومئة، ففيها حقَّتان وبنتُ لبون، حتى تبلغَ
تسعًا وأربعين ومئة، فإذا كانت خمسين ومئة، ففيها ثلاثُ حقاق، حتى تبلغ تسعًا
وخمسين ومئة، فإذا كانت ستين ومئة، ففيها أربعُ بنات لبون، حتَّى تبلغَ تسعًا
وستين ومئة، فإذا كانت سبعينَ ومئة، ففيها ثلاثُ بنات لَبُونٍ وحِقَّةٌ، حتى تبلغَ
تسعًا وسبعين ومئة، فإذا كانت ثمانين ومئة، ففيها حِقَّتانِ وابنتا لبون، حتى
تَبلُغَ تسعًا وثمانين ومئة، فإذا كانت تسعين ومئة، ففيها ثلاثُ حقاق وبنتُ لبون،
حتى تبلغ تسعًا وتسعين ومئةً، فإذا كانت مئتين، ففيها أربعُ حِقاق، أو خمسُ بناتِ
لبونٍ، أيُّ
(١) حديث صحيح كسابقه.
وهو في»مسند أحمد" (٤٦٣٤).
السِّنين وُجِدَت أخذت، وفي سائمة
الغنم» فذكر نحو حديث سفيان ابن حسين، وفيه: «ولا تؤخذ في الصدقة هَرِمةٌ، ولا
ذاتُ عوار مِن الغنم، ولا تيسُ الغنم، إلا أن يشاء المصدّق» (١).
١٥٧١
- حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ، قال:
قال مالك: وقولُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
«لا يُجمَعُ بين مفترق ولا يُفَرّقُ
بينَ مجتمع»: هو أن يكونَ لكل رَجُلٍ أربعون شاةً، فإذا أظلَّهم المُصدِّق،
جَمعُوها لئلا يكونَ فيها إلا شاة. «ولا يفرق بين مجتمع»: أن الخليطَينِ إذا كان
لكُل واحد منهما مئةُ شاةٍ وشاةٌ، فيكون عليهما فيها ثلاثُ شياه، فإذا أظلَّهما
المُصدِّق فرَّقا عنهما، فلم يكنْ على كُل واحدٍ منهما إلا شاةٌ، فهذا الذي سمعت
في ذلك (٢).
١٥٧٢
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد
النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهير، حدَّثنا أبو إسحاق، عن عاصم بن ضَمرة، وعن الحارث
الأعور
(١) رجاله ثقات. ابن المبارك: هو عبد الله.
وأخرجه الدارقطني (١٩٨٦)، والحاكم ١/
٣٩٣ - ٣٩٤ والبيهقي ٤/ ٩٠ - ٩١ من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. إلا
أنه جاء في رواية الحاكم. فإذا كانت تسعين ومئة ففيها ثلاث حقاق وثلاث بنات لبون.
وهو خطأ.
وانظر ما سلف برقم (١٥٦٨).
(٢)
انظر «الموطأ» ١/ ٢٦٤.
وانظر ما سلف برقم (١٥٦٨).
عن علي رضي الله عنه قال زهير: أحسبه
عن النبيِّ ﷺ أنه قال: -
«هاتُوا رُبُعَ العُشُورِ، من كلِّ
أربعين درهمًا دِرْهمٌ ولَيسَ عليكم شيءٌ حتى تتم مئتي درهمٍ، فإذا كانت مئتي
درهمٍ، ففيها خمسةُ دراهم، فما زاد، فعلى حساب ذلك، وفي الغنم في كل أربعين شاةً
شاةٌ، فإن لم يكن إلا تسعٌ وثلاثون، فليس عليك فيها شيء» وساق صدقة الغنم مثل
الزهري.
قال: «وفي البَقَرِ في كُل ثلاثينَ
تَبيعٌ، وفي الأربعين مسنَّة، ولَيسَ على العوامل شيءٌ.
»وفي الإبل«فذكر صدقتها كما ذكر
الزهري قال:»وفي خَمْسٍ وعشرينَ خمسة مِن الغنم، فإذا زادت واحدةً، ففيها ابنةُ
مخاضٍ، فإن لم تكنْ بنتُ مخاضٍ، فابنُ لَبُونٍ ذكر، إلى خمس وثلاثين، فإذا زادَتْ
واحدةً، ففيها بنتُ لبونٍ إلى خمسٍ وأربعين، فإذا زادَتْ واحدةً، ففيها حِقَّةٌ
طَرُوقَة الجمل، إلى ستين«ثم ساق مثلَ حديث الزُّهري، قال: فإذا زادَتْ واحدَةً -
يعني واحدةً وتسعينَ - ففيها حِقتان طَرُوقتا الجَمَل، إلى عشرين ومئة، فإن كانت
الإبلُ أكثرَ من ذلك، ففي كُل خمسينَ حِقَّة».
«ولا يُفرق بينَ مجتمع، ولا يُجْمَعَ
بينَ متفرِّقَ، خشيةَ الصَّدقة».
«ولا يُؤخَذُ في الصدقة هَرِمَة، ولا
ذاتُ عَوارِ، ولا تيسٌ، إلا أن يشاء المصدقُ».
«وفي النبات: ما سقته الأنهارُ أو سقت
السماءُ العُشْرُ، وما سُقي بالغربُ، ففيه نصفُ العُشر» وفي حديث عاصم والحارث:
"الصَّدقة
في كلِّ عام«قال زهير: أحْسِبُه قال:
مرة، وفي حديث عاصم:»إذا لم يكُنْ في الإبل ابنةُ مخاضٍ ولا ابنُ لبون، فعشرةُ
دراهِمَ أو شاتان«(١).
١٥٧٣
- حدَّثنا سليمانُ بن داود المَهريُ،
أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني جريرُ ابنُ حازمٍ، وسمَّى آخر، عن أبي إسحاق، عن عاصمِ بن
ضَمرةَ والحارثِ الأعور عن عليّ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ، ببعض أول الحديث
قال:»فإذا كانت لك مئتا درهمِ، وحالَ عليها الحولُ، ففيها خمسةُ دراهم، وليس عليك
شيء - يعني في الذهب - حتَّى يكونَ لك عشرون دينارًا، فإذا كان لَكَ عشرون
دينارًا، وحالَ عليها الحولُ، ففيها نِصْفُ دينارِ، فما زاد، فبحسابِ ذلك - قال:
فلا أدري أعليٌّ يقول: «فبحسابِ ذلك» أو رفعه إلى النبي ﷺ؟ - «وليس في مالِ زكاة
حتى يحولَ عليه الحولُ» إلا أن جريرًا قال: ابنُ وهب يزيد في الحديث، عن النبي ﷺ
«ليسَ في مالِ زكاة حتى يحولَ عليه الحَولُ» (٢).
(١) إسناده حسن من جهة عاصم بن ضمرة فهو صدوق
والحارث الأعور وإن كان ضعيفًا متابع، وقد حسنه الحافظ في «الفتح» ٣٢٧/ ٣. زهير:
هو ابن معاوية الجعفي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.
وأخرجه ابن ماجه (١٧٩٠) والنسائي في
«الكبرى» (٢٢٦٨) و(٢٢٦٩) من طريقين عن أبي إسحاق، به. مختصرًا بذكر زكاة الدراهم،
أي: الفضة.
وهو في «مسند أحمد» (٧١١).
وانظر تالييه.
والتبيع: هو ولد البقرة في السنة
الأولى، والأنثى تبيحة.
والمُسنة: هي التي طعنت في الثالثة.
والعوامل: هي التي تعمل في السقي
والحرث وغيرهما.
(٢)
إسناده حسن كسابقه. ابن وهب: هو عبد الله.
وانظر ما قبله.
١٥٧٤ - حدَّثنا عمرُو بنُ عون، أخبرنا أبو
عَوانة، عن أبي إسحاق، عن
عاصم بن ضمرة
عن علي، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «قد
عفوتُ عن الخيلِ والرقيق، فهاتُوا صَدَقة الرِّقة، مِن كُلِّ أربعينَ درهمًا
درهمًا، ولَيسَ في تسعينَ ومئةٍ شيءٌ، فإذا بَلَغَتْ مئتينِ ففيها خَمْسةُ دراهِم»
(١).
قال أبو داود: روى هذا الحديثَ
الأعمشُ، عن أبي إسحاق، كما قال أبو عوانة، ورواه شيبان أبو معاوية وإبراهيم بن
طهمان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، عن النبي ﷺ مثله.
وروى حديثَ النفيليّ (٢) شعبةُ
وسفيانُ وغيرهما عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي، لم يرفعوه.
(١) إسناده حسن كسابقه. أبو عوانة: هو الوضاح
بن عبد الله اليشكري.
وأخرجه الترمذي (٦٢٥) من طريق أبي
عوانة، بهذا الإسناد، وقال: وروى هذا الحديث الأعمش وأبو عوانة وغيرهما عن أبي
إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، وروى سفيان الثوري، وابن عيينة وغير واحد، عن أبي
إسحاق، عن الحارث عن علي، قال: وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: كلاهما
عندي صحيح.
عن أبي إسحاق يُحتمل أن يكون عنهما
جميعًا. وقال الدارقطني في «العلل»:
٣/
١٥٦
- ١٥٩ بعد أن
أورده من حديث الحارث ومن حديث عاصم: ويشبه أن يكون القولان صحيحين.
وأخرجه ابن ماجه (١٧٩٠)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٢٦٨) من طريقين عن أبي إسحاق، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧١١).
وانظر سابقيه.
قال ابن القيم: وإنما أسقط الصدقة من
الخيل والرقيق إذا كانت للركوب والخدمة، فأما ما كان منها للتجارة، ففيه الزكاة في
قيمتها.
(٢)
انظر الحديث السالف برقم (١٥٧٢).
١٥٧٥ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا
حمادٌ، أخبرنا بَهزُ بن حكيم (ح) وحدَثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا أبو أسامة، عن
بهزِ بنِ حكيمٍ، عن أبيه
عن جدِّه أن رسولَ الله ﷺ قال: «في
كُلِّ سائمةِ إبلٍ في أربعين بنتُ لبون، لا تُفرَّق إبلٌ عن حسابها، مَنْ أعْطاها
مؤتجرًا - قال ابن العلاء: مُؤتجرًا بها - فله أجرُها، ومَنْ مَنَعها، فإنا
آخِذُوها وشَطْرَ مالِه، عَزْمةً من عَزَمَاتِ ربنا عز وجل، لَيسَ لآلِ مُحمَّدٍ
منها شيءٌ» (١).
١٥٧٦
- حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا أبو
معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي وائل عن معاذ: أن النبيَّ ﷺ لما وجهه إلى اليَمنِ،
أمَرَهُ أن يأخُذَ مِن البقر: مِن كل ثلاثين تبيعًا أو تبيعةً، ومِنْ كُل أربعين
مُسِنَّةً، ومِنْ كُلِّ حَالمِ - يعني مُحتلمًا - دينارًا، أو عَدْله من
المَعَافر: ثياب تكونُ باليمن (٢).
(١) إسناده حسن. حماد: هو ابن سلمة، وأبو
أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٣٦)
و(٢٢٤١) من طريقين عن بهز، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠١٦).
السائمة: الراعية، وابنة لبون: هي
ابنة الناقة أتمت السنة الثانية، ودخلت في الثالثة ولا تفرق إبل عن حسابها، أي: لا
يفرق أحد الخليطين ملكه عن ملك صاحبه.
وقوله: مؤتجرًا. أي: طالبًا للأجر،
وقوله: عزْمة من عزَمات ربنا، أي: حقًا من حقوقه، وواجبًا من واجباته.
وفي الحديث دليل على أنه يجوز للإمام
أن يعاقب بأخذ المال، وقد بسط المسألة العلامة ابن القيم في كتابه «إعلام
الموقعين» ١/ ١١٧، وبين أن تغريم المال - وهو العقوبة المالية - قد شرعت في مواضع
فانظره لزامًا.
(٢)
إسناده صحيح. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم
الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
=
١٥٧٧ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ
والنُّفيليُّ وابنُ المثنى، قالوا: حدَّثنا أبو معاوية، حدَّثنا الأعمشُ، عن
إبراهيمَ، عن مَسروقٍ، عن معاذ، عن النبيَّ ﷺ، مثله (١).
١٥٧٨
- حدَّثنا هارونُ بنُ زيد بن أبي
الزرقاء، حدَّثنا أبي، عن سفيانَ، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروقٍ
عن معاذ بن جبل، قال: بعثه النبي ﷺ
إلى اليمن، فذكر مثله، لم يذكر: ثيابًا تكونُ باليمن ولا ذكر: - يعني - محتلم (٢).
= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٤٥)
من طريق ابن إسحاق قال: حدثني الأعمش، بهذا الإسناد.
وانظر ما سيأتي برقم (١٥٧٧) و(١٥٧٨)
و(١٥٩٩)، ومختصرًا برقم (٣٠٣٨).
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٠٣٧).
تبيعًا: ما دخل في السنة الثانية،
ومسنة: ما دخل في الثالثة، وحالم: بالغ، أي يؤخذ منه في الجزية دينار. عَدله
بالفتح وجُوّزَ الكسر: ما يساوي قيمة الشيء. معافر: برود تنسج في اليمن.
(١)
إسناده صحيح. عثمان: هو ابن أبي شيبة، وابن المثنى: هو محمد، وإبراهيم:
هو ابن يزيد بن قيس النخعي، ومسروق:
هو ابن الأجدع.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» ٢٢٤٤ من
طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم
(٣٠٣٩). وانظر ما بعده لزامًا.
(٢)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه الترمذي (٦٢٨) من طريق سفيان
الثوري، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٠٣)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٢٤٢) و(٢٢٤٣) من طرق عن الأعمش، به.
وأخرجه النسائي (٢٢٤٣) من طريق يعلى
بن عُبيد، عن الأعمش، عن شقيق أبي وائل، عن مسروق. والأعمش، عن إبراهيم بن يزيد
النخعي، عن معاذ بن جبل.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٠١٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٨٨٦). =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= قلنا: وقد تكلم بعض أهل العلم في
سماع مسروق من معاذ، لكن غير واحد من المحققين صحح حديث معاذ هذا، فقد قال ابن عبد
البر في «التمهيد» ٢/ ٢٧٥: وقد روي هذا الخبر عن معاذ بإسناد تصل صحيح ثابت ذكره
عبد الرزاق (٦٨٤١) حدَّثنا معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن
معاذ. وقال في «الاستذكار» (١٢٨٠٧) بعدما ذكر حديث معاذ بن جبل عن مالك عن حميد بن
قيس المكي، عن طاووس اليماني: أن معاذ بن جبل أحد من ثلاثين بقرة تبيعًا، ومن
أربعين بقرة مسنة ...: ولا خلاف بين العلماء أن السنة في زكاة البقر ما في حديث
معاذ هذا وأنه النصاب المجتمع عليه فيها، وحديث طاووس هذا عندهم عن معاذ غير متصل،
والحديث عن معاذ ثابت تصل من رواية معمر والثوري عن الأعمش، عن أبي وائل، عن
مسروق، عن معاذ بمعنى حديث مالك.
وروى معمر والثوري أيضًا عن أبي
إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي:
وفي البقر في كل ثلاثين بقرةً تبيع
حولين، وفي كل أربعين مسنة. وكذلك في كتاب النبي لعمرو بن حزم [أخرجه ابن حبان
(٦٥٥٩)، والحاكم ١/ ٣٩٥ - ٣٩٧، والبيهقي ٤/ ٨٩ - ٩٠]، وعلى ذلك مضى جماعة الخلفاء،
ولم يختلف في ذلك العلماء إلا شيء روي عن سعيد بن المسيب وأبي قلابة والزهري وعمر
بن عبد الرحمن بن أبي خلدة المزني وقتادة، ولا يُلتَفَتُ إليه لخلاف الفقهاء من
أهل الرأي والآثار بالحجاز والعراق والشام له، وذلك لما قدّمنا عن النبي ﷺ وأصحابه
وجمهور العلماء.
وقال ابن حزم في «المحلى» ٦/ ١٦ بعد
أن حكم على رواية مسروق عن معاذ بالإرسال: ثم استدركنا فوجدنا حديث مسروق إنما ذكر
فيه فعل معاذ باليمن في زكاة البقر، وهو بلا شك قد أدرك معاذًا وشهد حكمه وعمله
المشهور المنتشر، فصار نقله لذلك - ولأنه عن عهد رسول الله ﷺ نقلًا عن الكافة عن
معاذ بلا شك فوجب القول به.
وقال ابن القطان الفاسي في «الوهم
والإيهام» ٢/ ٥٧٥ - ونقله عنه الزيلعي في «نصب الراية» ٢/ ٣٤٧ -: ولم أقل بعدُ: إن
مسروقًا سمع من معاذ، وإنما أقول: إنه يجب على أصولهم أن يُحكَم لحديثه عن معاذ
بحكم المتعاصرين اللذَين لم يُعلم انتفاء اللقاء بينهما، فإن الحكم فيه أن يحكم له
بالاتصال له عند الجمهور.
وانظر «البدر المنير» لابن الملقن ٥/
٤٢٦ - ٤٣٦.
قال أبو داود: ورواه جريرٌ ويعلى
ومَعْمَر وشُعبَة وأبو عوانة، ويحيى بن سعيد، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروقٍ،
قال يعلى ومعمر عن معاذ مثله.
١٥٧٩
- حدَّثنا مُسدَد، حدَّثنا أبو عَوانة،
عن هلال بن خبَّاب، عن ميسرة أبي صالح
عن سُويد بن غفلة قال: سِرْتُ - أو
قال: أخبرني من سار - مع مُصدِّق النبي ﷺ، فإذا في عهد رسولٍ الله ﷺ: «أن لا تأخذَ
مِنْ راضعِ لبن، ولا تَجْمَعَ بينَ مُفْتَرقٍ، ولا تُفرقَ بينَ مُجتَمِعِ» وكان
إنما يأتي المياه حين تَرِدُ الغنمُ، فيقول: أدُّوا صَدَقاتِ أموالِكُم، قال:
فعَمَدَ رجلٌ منهم إلى ناقةٍ كوماء، قال: قلت: يا أبا صالح، ما الكوماءُ؟ قال
عظيمةُ السَّنام، قال: فأبى أن يَقبَلَها، قال: إني أحِبُّ أن تأخذَ خيرَ إبلي،
قال: فأبى أن يَقْبَلَها، وقال: فخطمَ له أخرى دونَها، فأبى أن يَقْبَلَها، ثم
خَطمَ له أخرى دونَها فقَبِلها، وقال: إني آخذُها وأخافُ أن يَجدَ عليَّ رسولُ
الله ﷺ، يقول لي: عَمَدْتُ إلى رَجُلِ فتخيَّرت عليه إبلَه (١).
قال أبو داود: رواه هُشيمٌ عن هلال
بن خبَّاب نحوه، إلا أنه قال:
لا يُفرَّق.
(١) إسناده حسن. ميسرة أبو صالح صدوق حسن
الحديث. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو عوانه: هو وضاح بن عبد الله اليشكري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٤٩)
من طريق هشيم بن بشير عن هلال بن خَبَّاب، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٨٣٧).
وانظر ما سيأتي بعده.
١٥٨٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصبّاح البزَّاز،
حدَّثنا شريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن أبي ليلى الكنديِّ
عن سُويد بن غَفلة، قال: أتانا
مُصَدِّقُ النبيَّ ﷺ، فأخذتُ بيده، وقرأتُ في عهده قال: «لا يَجْمَعُ بينَ مُتفرق
ولا يُفرَقُ بين مُجتمعٍ، خَشيةَ الصدقةِ» ولم يذكر: «راضِع لبن» (١).
١٥٨١
- حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا
وكيع، عن زكريا بن إسحاق المَكِّي، عن عمرو بن أبي سُفيان الجُمَحِيِّ، عن مسلم بن
ثَفِنةَ اليَشكُري - قال الحسن:
روح يقول: مُسلم بن شُعبة - قال:
استعمل نافعُ بنُ علقمةَ أبي على
عِرافَةِ قَومِه، فأمَرَهُ أن يُصدِّقهم، قال: فبعثني أبي في طائفةٍ منهم، فأتيتُ
شيخًا كبيرًا يقال له: سعر بن دَيسَم فقلت: إن أبي بعثني إليك - يعني لأصدِّقَك -
قال: ابنَ أخي، وأيَّ نحو تأخذون؟ قلت: نختار حتَّى إنا نتبين ضُرُوعَ الغَنم،
قال: ابن أخي، فإني أحَدِّثُكَ أني كنتُ في شعب من هذه الشعاب على عهدِ رسولِ الله
ﷺ في غنم لي، فجاءني رجُلان على بعيرٍ، فقالا لي: إنا رسولا رسولِ الله ﷺ إليك
لتؤدِّي صدقةَ غنمك، فقلت: ما عليَّ فيها، فقالا: شاة، فأعمِد إلى شاةٍ قد عرفتُ
مكانَها ممتلئةِ محْضًا وشحْمًا، فأخرجتُها إليهما، فقالا: هذه شاةُ الشَافع، وقد
نهانا رسولُ الله ﷺ أن نأخذ
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات
والشواهد، شريك - وهو ابن
عبد الله النخعي، وإن كان سيئ الحفظ
تابعه ميسرة أبو صالح في الرواية السالفة قبله.
عثمان: هو ابن المغيرة الثقفي، وأبو
ليلى الكِنْدي: هو سلمة بن معاوية.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٠١) من طريق وكيع
بن الجراح، عن شريك، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
شافعًا، قلت: فأي شيء تأخذان؟ قالا:
عَنَاقًا: جَذَعةً أو ثنيَّةً، قال: فأعمدُ إلى عَناق مُعْتاطٍ، والمعتاط: التي لم
تَلِدْ ولدًا، وقد حانَ ولادُها، فأخرجتُها إليهما، فقالا: ناوِلْناها فجعلاها
معهما على بعيرهما، ثم انطلقا (١).
قال أبو داود: رواه أبو عاصمٍ، عن
زكريا، قال أيضًا: مسلم بن شعبة، كما قال روح.
١٥٨١م
- حدَّثنا محمدُ بنُ يونس النسائي، حدَّثنا روحٌ، حدَّثنا زكريا بنُ إسحاق،
بإسناده بهذا الحديث، قال: مسلم بن شعبة. قال فيه:
(١) إسناده ضعيف، مسلم بن شعبة انفرد
بالرواية عنه عمرو بن أبي سفيان، وقال الذهبي في «الميزان»: لا يُعرف، وقد أخطأ
وكيع - وهو ابن الجراح - في هذه الرواية في اسم مسلم هذا، فقال: مسلم بن ثفنة،
والصواب: مسلم بن شعبة، نبه عليه أحمد والنسائي وغيرهما.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٥٤)
من طريق محمد بن عبد الله، عن وكيع، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٤٢٦).
وانظر ما بعده.
عرافة قومه: العِرافة بكسر العين،
أي: القيام بأمورهم ورياستهم.
لأصدقك: ليأخذ منهم الصدقات.
والمحض: اللبن.
والشافع، أي: الحامل، وسميت شافعًا،
لأن ولدها قد شفعها، فصارت زوجًا.
عناقًا: بفتح العين ما كان دون ذلك.
وقوله: معتاطًا، قال السندي: قيل: هي
التي امتنعت عن الحمل لسمنها، وهو لا يوافق ما في الحديث إلا أن يراد بقوله، وقد
حان ولادها الحمل، أي: أنها لم تحمل وهي في سنٍ يحمل فيه مثلها، ولا بد من هذا
التأويل وإلا لصارت هذه أيضًا شافعًا، والله تعالى أعلم.
والشافع: التي في بطنها الولد (١).
١٥٨٢
- قال أبو داود: وقرأتُ في كتابِ عبدِ
الله بن سالم بحمصَ عندَ آلِ عمرو بن الحارث الحمصي، عن الزبيديّ، قال: وأخبرني
يحيى بنُ جابر، عن جُبَير بن نُفيرٍ
عن عبد الله بن معاوية الغَاضِرِيِّ
- من غاضِرَةِ قيْسِ - قال: قال
النبيُّ ﷺ: «ثلاثٌ مَنْ فَعَلَهنَّ
فقد طَعِمَ طَعْمَ الإيمان: مَنْ عَبَدَ الله وحدَه وأنَّه لا إله إلا الله، وأعطى
زكاةَ مالِه طيبةَ بها نفسُه، رافدةً عليه كل عام، ولا يُعطي الهَرِمة، ولا
الدَّرِنَة، ولا المريضَة، ولا الشَّرَطَ اللَّئيمةَ، ولكن من وَسَطِ أموالِكُم،
فإنَّ الله لم يسألْكُم خَيرَه، ولم يأمُرْكُم بشَرِّه» (٢).
(١) إسناده ضعيف كسابقه. روح: هو ابن عبادة
القيسي.
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (٢٤٦٣)
من طريق روح بن عبادة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٤٢٧).
وانظر ما سلف قبله.
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن فيه انقطاع بين يحيي بن جابر وبين جُبير بن
نفير. وقد جاء موصولًا من طرق عن عبد الله بن سالم - وهو الأشعري -، بذكر عبد
الرحمن بن جبير بن نفير، وهو ثقة. الزبيدي: هو محمد بن الوليد الزبيدي الحمصي.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد
والمثاني» (١٠٦٢) من طريق عبد الله بن سالم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٧/ ٤٢١،
والبخاري في «التاريخ الكبير» ٥/ ٣١،
ويعقوب بن سفيان في «المعرفة
والتاريخ»١/ ٢٦٩ - ٢٧٠، وابن قانع في «معجم الصحابة»
٢/
١٠٢
- ١٠٣،
والطبراني في «المعجم الصغير» (٥٥٥)، وفي «مسند الشاميين» (١٨٧٠)، والبيهقي في
«السنن الكبرى» ٤/ ٩٥ - ٩٦، وفي «شعب الإيمان» (٣٠٢٦) =
١٥٨٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ منصور، حدَّثنا
يعقوبُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عبدُ الله بنُ أبي بكر، عن
يحيي بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة، عن عُمارة بن عمرو بن حزم
عن أبيِّ بن كعبٍ، قال: بعثني رسول
الله ﷺ مصدَقًا، فمررتُ برجُلٍ، فلما جَمعَ لي مالَه، لم أجِدْ عليه فيه إلا ابنةَ
مخاض، فقلت له: أدِّ ابنةَ مخاضٍ فإنها صَدَقتُكَ، قال: ذاك ما لا لبنَ فيه ولا
ظَهْرَ، ولكن هذه ناقةٌ فتيةٌ عظيمةٌ سمينة فَخُذها، فقلت له: ما أنا بآخذٍ ما لم
أومر به، وهذا رسولُ الله ﷺ منكَ قريبٌ، فإن أحببتَ أن تأتيَه، فتعرضَ عليه ما
عرضتَ علىّ، فافْعل، فإن قبلَه منك قبلتُه، وإن ردَّه عليك رددتُه، قال: فإني
فاعلٌ، فخرج معي، وخرج بالناقة التي عَرَضَ علي حتى قَدِمْنا على رسولِ الله ﷺ،
فقال له: يا نبيَّ الله، أتاني رسولُك ليأخذ مِنِّي صدقةَ مالي، وايْمُ الله ما
قامَ في مالي رسولُ الله ﷺ ولا رسولُه قطُّ قبلَه، فجمعتُ له مالي، فزَعَم أن ما
علي فيه ابنةُ مخاضٍ، وذلك ما لا لَبَن فيه ولا ظَهْرَ، وقد عرضتُ عليه ناقةً
فتيَّةً عظيمةً ليأخذها، فأبى عليَّ، وها هي ذِهْ، قد جئتُك بها يا رسول الله
خُذها، فقال له رسول الله ﷺ: "ذاك الذي عليك، فإن تطوعتَ بخير، آجَرَكَ الله
فيه، وقبلناه
= من طرق عن عبد الله بن سالم الأشعري،
عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن يحيى بن جابر، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن
أبيه، عن عبد الله بن معاوية الغاضري، به.
وهذا إسناد صحيح موصول.
وقوله: رافدة عليه، أي: معينة، وأصل
الرفد: الإعانة، والرفد المعونة.
والهرمة: كبيرة السن، والدرنة:
الجرباء، وأصله من الوسخ، والشرط، بفتح الشين والراء: صغار المال ورذالته،
واللئيمة: الرذيلة والدنية.
منك» قال: فها هي ذِهْ يا رسولَ الله
قد جِئْتُك بها فخُذْها، قال: فأمرَ
رسولُ الله ﷺ بقبضها، ودعا له في
ماله بالبركة (١).
١٥٨٤
- حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا
وكيع، حدَّثنا زكريا بن إسحاق المكي، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبدٍ
عن ابن عباسِ، أن رَسُولَ الله ﷺ
بعَثَ معاذًا إلى اليمن، فقال: «إنك تأتي قَوْمًا أهلَ كِتاب، فادعُهمُ إلى
شهادَةِ أن لا إله إلا الله، وأني رسولُ الله، فإنْ هُمْ أطاعُوكَ لذلكَ
فأعْلِمْهُمْ أن الله افترضَ عليهم خمسَ صَلَواتٍ في كُل يَوْمٍ ولَيْلَةٍ، فإن هُمْ
أطاعُوك لذلك، فأعْلِمْهُم أن الله افترضَ عليهم صدقةً في أموالهم تُؤخَذُ مِنْ
أغنيائِهم، وتُرَدُّ على فُقرائِهم، فإن هم أطاعُوكَ لذلك، فإياك وكَرَائِمَ
أموالِهِمْ، واتَّق دَعْوةَ المظلوم، فإنها ليسَ بينَها وبينَ الله حِجابٌ» (٢).
(١) إسناده حسن. محمد بن إسحاق حسن الحديث،
وقد صرح بالتحديث.
إبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم
الزهري.
وأخرجه أحمد (٢١٢٧٩)، وابن خزيمة
(٢٢٧٧)، وابن حبان (٣٢٦٩)، والحاكم ١/ ٣٩٩ - ٤٠٠، والبيهقي ٤/ ٩٦ - ٩٧، والضياء في
«المختارة» (١٢٥٤ - ١٢٥٦) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن خزيمة (٢٣٨٠) من طريق
محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن عبد الرحمن بن أبي
عمرة، عن عمارة بن عمرو، به.
(٢)
إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، وأبو معبد: هو نافذ مولى ابن عباس.
وأخرجه البخاري (١٣٩٥) و(١٤٩٦)
و(٤٣٤٧)، ومسلم (١٩)، وابنُ ماجه (١٧٨٣)، والترمذي (٦٣٠) والنسائي في «الكبرى»
(٢٢٢٦) و(٢٣١٣) من طرق عن زكريا بن إسحاق، به. وبعض روايات مسلم عن ابن عباس عن
معاذ بن جبل. =
١٥٨٥ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا
الليثُ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن سعد بن سِنانٍ
عن أنسِ بن مالك أن رسولَ الله ﷺ
قال: «المُعْتَدي في الصَّدقةِ كمانِعِها» (١).
= وأخرجه البخاري (١٤٥٨) و(٧٣٧٢)،
ومسلم (١٩) (٣١) من طريق إسماعيل ابن أمية، عن يحيي بن عبد الله، به.
وأخرج منه قوله: «واتق دعوة المظلوم
...»: البخاري (٢٤٤٨)، والترمذي (٢١٣٣) من طريقين، عن وكيع، به.
وأخرجه البخاري (٧٣٧١) من طريق أبي
عاصم الضحاك، عن زكريا بن إسحاق، به. مقتصرًا على قوله: أن النبي ﷺ بعث معاذًا إلى
اليمن.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٧١)، و«صحيح
ابن حبان» (١٥٦).
والكرائم جمع كريمة، يقال: ناقة
كريمة، أي: غزيرة اللبن، والمراد: نفائس الأموال من أي صنف كان، وقيل له: نفيس،
لأن نفس صاحبه تتعلق به.
وقوله: واتق دعوة المظلوم. قال
الحافظ: أي: تجنب الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم، وفيه تنبيه على المنع من جميع
أنواع الظلم، والنكتة في ذكره عقب المنع من أخذ الكرائم الإشارة إلى أن أخذها ظلم.
وفي الحديث مراعاة فقه الأولويات.
(١)
إسناده حسن، سعد بن سنان كذا جاءت تسميته هنا، وصوَّب البخاري أن اسمه: سنان بن
سعد فيما حكاه عنه الترمذي في «العلل» ١/ ٣٢١ وقال عن سنان هذا: صالح مقارب
الحديث، ووثقه أحمد بن صالح المصري وابن معين، وذكره ابن حبان في «الثقات» وصحح
حديثه هذا ابن خزيمة (٢٣٣٥)، وحسنه الترمذي (٦٥٢) وابن القطان في «بيان الوهم» ٤/
٢١٤، وقال ابن عدي في «الكامل» ٣/ ١١٩٣ بعد أن ذكر جملة أحاديث من رواية سنان بن
سعد عن أنس، وهذا منها: ولسِى هذه الأحاديث مما يجب أن تترك أصلًا كما ذكره ابن
حنبل أنه ترك هذه الأحاديث للاختلاف الذي فيه من سعد بن سنان وسنان بن سعد. الليث:
هو ابن سعد.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٠٨)، والترمذي
(٦٥٢) من طريقين عن الليث، بهذا الإسناد. =
٥ - باب رضا المصدِّق
١٥٨٦
- حدَّثنا مهديُّ بنُ حفصِ ومحمدُ بنُ
عُبيدٍ - المعنى - قالا: حدَّثنا حماد، عن أيوبَ، عن رَجُلٍ يقال له: ديسمٌ - وقال
ابنُ عُبيد: من بني سَدُوسَ - عن بشير ابن الخَصاصِيَةِ - قال ابنُ عُبيدٍ في
حديثه: وما كان اسمه بشيرًا ولكن رسولَ الله ﷺ سمَّاه بشيرًا - قال: قلنا: إنَّ
أهلَ الصَّدَقَة يعتدون علينا، أفَنكْتُمُ مِنْ أموالنا بقَدْرِ ما يَعْتَدُونَ
علينا؟ فقال: «لا» (١).
= وله شاهد من حديث جرير بن عبد الله
عند الطبراني في «الكبير» (٢٢٧٥)، قال الهيثمي: رجاله ثقات.
قال المناوي في شرح هذا الحديث:
المعتدي في الصدقة بان يُعطيها غير مستحقها، أو لكون الآخذ يتواضع له، أو يخدمه،
أو يثني عليه، كمانعها في بقائها، أو في أنه لا ثواب له، لأنه لم يخرجها مخلصًا
لله.
أو معناه: أن العامل المتعدي في
الصدقة يأخذ أكثر مما يجب، والمانع الذي يمنع أداء الواجب، كلاهما في الوزر سواء.
(١)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. ديسم قال الذهبي: رجل من بني سدوس
لا يُدري من هو، يعرف بحديثه عن بشير
ابن الخصاصية ... تفرد عنه أيوب السختياني.
فهو في عداد المجهولين. حماد: هو ابن
زيد الأزدي، وستأتي منه قصة تغيير اسم بشير بإسناد صحيح برقم (٣٢٣٠). وقد صح عنه ﷺ
ذكر وجوب إرضاء المُصدِّق وإن ظَلَم، برقم (١٥٨٩).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: يشبه أن يكون نهاهم عن
ذلك من أجل أن للمصدِّق أن يستحلف رب المال إذا اتهمه، فلو كتموه شيئًا منها،
واتهمهم المصدّق لم يجُز لهم أن يحلفوا على ذلك، فقيل لهم: احتملوا لهم الضيم، ولا
تكذبوهم ولا تكتموهم المال.
وقد روي: «أدَّ الأمانة إلى من
ائتمنكَ ولا تخُن من خانك». وفي هذا تحريض على طاعة السلطان وإن كان ظالمًا،
وتوكيد لقول من ذهب إلى أن الصدقات الظاهرة لا يجوز أن يتولاها المرء بنفسه، لكن
يخرجها إلى السلطان.
١٥٨٧ - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي ويحيى بنُ
موسى، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، عن مَعمَرٍ، عن أيوبَ، بإسناده ومعناه، إلا أنه
قال:
قلنا: يا رسولَ الله، إن أصحابَ
الصدقة (١). رفعه عبد الرزاق عن معمر.
١٥٨٨
- حدَّثنا عباسُ بنُ عبد العظيم ومحمدُ
بنُ المثنى، قالا: حدَّثنا بِشْرُ ابنُ عمر، عن أبي الغُضن، عن صخر بن إسحاق، عن
عبد الرحمن بن جابر ابن عَتيكٍ
عن أبيه، أن رسولَ الله ﷺ قال:
«سَيَأتِيكُم رَكْبٌ (٢) مُبَغَّضُون، فإذا جاؤوكم، فرَحِّبُوا بهم، وخَلُّوا
بينَهم وبينَ ما يبتغون، فإن عَدَلُوا فلأنفسهم، وإن ظَلَمُوا فعليها، وأرْضُوهُم،
فإن تمامَ زكاتِكم رضاهُم، ولْيَدْعُوا لَكم» (٣).
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. عبد
الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر:
هو ابن راشد.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه»
(٦٨١٨)، ومن طريقه أخرجه البيهقي ٤/ ١٠٤.
وانظر ما قبله.
(٢)
في (هـ) و(و): رُكَيب. قال الخطابي: تصغير ركْب، وهو جمع راكب، كما قيل: صَحب في
جمع صاحب، وتَجر في جمع تاجر، وإنما عنى به السُّعاة إذا أقبلوا يطلبون صدقات
الأموال، فجعلهم مُبغَضِين لأن الغالب في نفوس أرباب الأموال بغضهم والتكرُّه لهم،
لما جُبلت عليه القلوب من حب المال، وشدة حلاوته في الصدر إلا من عصمه الله ممن
أخلص النية واحتسب فيها الأجر والمثوبة.
(٣)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، صخر بن إسحاق مجهول، وقد اختلف في اسمه، فقيل: صخر بن
إسحاق، وقيل: خارجة بن إسحاق، وعبد الرحمن بن جابر مجهول أيضًا. وأبو الغصن - وهو
ثابت بن قيس - مختلف فيه وثقه أحمد وضعفه ابن معين. =
قال اْبو داود: أبو الغصن: هو ثابت
بنُ قيس بن غُصن.
١٥٨٩
- حدَّثنا أبو كامل، حدَّثنا عبدُ
الواحد بنُ زياد (ح)
وحدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ،
حدَّثنا عبدُ الرحيم بنُ سليمان - وهذا حديثُ أبي كاملٍ - عن محمد بن أبي إسماعيلَ،
حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ هلال العَبْسي
عن جرير بن عبد الله، قال: جاء ناسٌ
- يعني مِن الأعراب - إلى رسولِ الله ﷺ، فقالوا: إن ناسًا مِن المُصدِّقين يأتونا،
فيظلمونا، قال: فقال: «أرضُوا مُصَدقيكُم» قالوا: يا رسولَ الله، وإن ظلمونا؟ قال:
«أرضوا مُصَدقيكم»، زاد عثمان: «وإن ظُلِمْتمْ» (١).
= وأخرجه البيهقي ٤/ ١١٤ من طريق بشر
بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٣/ ١١٥، عن خالد
بن مخلد والبزار في «مسنده» كما في «بيان الوهم والإيهام» ٢/ ١٣٢ من طريق أبي عامر
العقدي، كلاهما عن أبي الغُصن ثابت بن قيس، عن خارجة بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن
جابر بن عبد الله، عن جابر. فسميا شيخ أبي غصن: خارجة، وجعلا الحديث من مسند جابر
بن عبد الله. وكذلك علقه البخاري في «تاريخه» ٥/ ٢٦٦ - ٢٦٧ عن إسحاق بن محمد
الفروي، عن أبي الغصن.
وقد صح عنه ﷺ ذكر وجوب إرضاء
المصَدّق وإن ظلم في الحديث الذي يليه.
قال الخطابي: فيه من العلم أن
السلطان الظالم لا يُغالَب باليد، ولا يُنازَع بالسلاح.
(١)
إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيلُ بنُ حسين الجَحدري.
وأخرجه مسلم (٩٨٩)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٢٥٢) من طريق محمد بن أبي إسماعيل، به.
وأخرجه بنحوه مسلم بإثر (١٠٧٨)، وابن
ماجه (١٨٠٢)، والترمذي (٦٥٣) و(٦٥٤)، والنسائي (٢٢٥٣) من طريق الشعبي عامر بن
شراحيل، عن جرير بن عبد الله، به
وهو في «مسند أحمد» (١٩١٨٧) و(١٩٢٠٧).
والمُصدّق: هو عامل الزكاةِ الذي
يستوفيها من أربابها.
قال أبو كامل في حديثه: قال جرير: ما
صدَر عني مُصدِّق بعدما سمعتُ هذا من رسول الله ﷺ إلا وهو عنِّي راضٍ.
٦
- باب دعاء
المصدّق لأهل الصدقة
١٥٩٠
- حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النمَري وأبو
الوليد الطَّيالسي - المعنى - قالا: حدَّثنا شُعبةُ، عن عمرِو بن مُرَّةَ
عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان
أبي مِنْ أصحاب الشجرَة، وكان النبي ﷺ إذا أتَاه قَوْمٌ بصَدَقَتِهم، قال:
«اللهُمَّ صَل على آلِ فُلانِ»، قال: فأتاه أبي بصَدَقته، فقال: «اللَهُمَّ صَل
على آلِ أبي أوفَى» (١).
(١) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو
هشام بن عبد الملك.
وأخرجه البخاري (١٤٩٧) من طريق حفص
بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٤١٦٦) و(٦٣٣٢)
و(٦٣٥٩)، ومسلم (١٠٧٨)، وابن ماجه (١٧٩٦)، والنسائي في «الكبرى» (٢٢٥١) من طرق عن
شعبة، بهذا الإسناد وهو في «مسند أحمد» (١٩١١)، و«صحيح ابن حبان» (٩١٧) و(٣٢٧٤).
وقوله: «اللهم صل على آل أبي أوفى»،
يريد أبا أوفى نفسه، لأن الآل يطلق على ذات الشيء كقوله في قصة أبي موسى الأشعري:
لقد أوتي مزمارًا من مزامير آل داود، واسم أبي أوفى علقمة بن خالد بن الحارث
الأسلمي شهد هو وابنه عبد الله بيعة الرضوان تحت الشجرة.
قال الحافظ في «الفتح» ٣/ ٣٦٢:
واستدل به على جواز الصلاة على غير الأنبياء، وكرهه مالك والجمهور، قال ابن التين:
هذا الحديث يعكر عليه، وقد قال جماعة من العلماء: يدعو آخذ الصدقة للمتصدق بهذا
الدعاء لهذا الحديث، وأجاب الخطابي عنه قديمًا بأن أصل الصلاة الدعاء إلا أنه
يختلف بحسب المدعو له فصلاة النبي ﷺ على أمته دعاء لهم بالمغفرة، وصلاة أمته عليه
دعاء له بزيادة القربى والزلفى، ولذلك كان لا يليق بغيره.
٧ - باب تفسيرِ أسنانِ الإبل
قال أبو داود: سمعتُه من الرِّياشي
وأبي حاتم (١) وغيرِهما، ومن كتاب النضرِ بن شُمَيل، ومن كتاب أبي عبيد (٢)، وربما
ذكر أحدُهم الكلمة
قالوا: يُسمى الحُوارُ، ثم الفصيلُ،
إذا فَصَلَ، ثم تكونُ بنتَ مخاض لسنة إلى تمام سنتين، فإذا دَخَلَتْ في الثالثة،
فهي ابنةُ لبون، فإذا تمَّت له ثلاثُ سنين، فهو حِقٌّ وحِقةٌ، إلى تمام أربع سنين،
لأنها استحقت أنْ
(١) الرياشي: هو عباس بن الفرج العلامة
الحافظ شيغ الأدب أبو الفضل الرياشي البصري النحوي.
قال الخطيب: قدم بغداد، وحدث بها
وكان ثقة، وكان من الأدب وعلم النحو بمحل عالٍ، وكان يحفظ كتب أبي زيد، وكتب
الأصمعي كلها، وقرأ على أبي عثمان كتاب سيبويه، فكان المازني يقول: قرأ على
الرياشي الكتاب وهو أعلم به مني، قتل في فتنة الزنج بالبصرة سنة (٢٥٧هـ) رحمه الله،
وجعل الجنة مثواه «السير» ٩/ ٣٢٨ - ٣٣٢.
وأما أبو حاتم، فهو الإمام العلامة
سهل بن محمد السجستاني ثم البصري المقرئ النحوي اللغوي صاحب التصانيف الكثيرة في
اللغة والشعر والعروض، وقد تخرج به أئمة، منهم أبو العباس المبرد صاحب «الكامل».
عاش ثلاثًا وثمانين سنة، ومات في آخر سنة خمس وخمسين ومئتين «السير» ١٤/ ٢٦٨ - ٢٧٠.
(٢)
النضر بن شميل: هو العلامة الإمام الحافظ أبو الحسن المازني البصري النحوي نزيل
مرو وعالمها، ولد في حدود سنة اثنتين وعشرين ومئة، ومات في أول سنة أربع ومئتين.
كان من فصحاء الناس، وعلمائهم بالأدب، وأيام الناس.
وثقه ابن معين وابن المديني
والنسائى، وقال أبو حاتم: ثقة صاحب سنة. «سير أعلام النبلاء» ٩/ ٣٢٨ - ٣٣٢.
وأما أبو عبيد: فهو الإمام الحافظ
المجتهد المتفنن القاسم بن سلام بن عبد الله الهروي صاحب التصانيف الموثقة التي
سارت بها الركبان، منها كتاب «غريب الحديث» في أربع مجلدات، وكتاب «الأموال» في
مجلد، وكتاب «فضائل القرآن» و«غريب المصنف في علم اللغة». توفي سنة أربع وعشرين
ومئتين بمكة. أخباره في «السير» ١٠/ ٤٩٠ - ٥٠٩.
تُرْكَبَ، ويُحْمَلَ عليها الفَحْلُ
وهي تَلقحُ، ولا يُلقحُ الذكرُ حتَّى يُثنيَ، ويقال للحِقَّة: طَروقةُ الفحل، لأن
الفحلَ يَطرُقُها، إلى تمامِ أربع سنين، فإذا طعنت في الخامسة، فهي جَذَعة، حتى
يتمَ لها خمسُ سنين، فإذا دخلت في السادسة وألقى ثَنيته، فهو حينئذ ثنيٌّ، حتى
يستكمل ستًا، فإذا طَعَنَ في السابعة، سُمي الذكر رَباعيًَا، والأنثى رَباعيَة،
إلى تمام السابعة، فإذا دخل في الثامنة ألقى السِّنَّ السَّديس الذي بعدَ
الرَباعية، فهو سديس وسَدِسٌ، إلى تمام الثامنة، فإذا دخل في التسعِ وطلَع نابُه،
فهو بازِلٌ، أي: بَزَل نابُه، يعني طَلَعَ، حتى يدخل في العاشرة، فهو حينئذ
مُخلِفٌ، ثم ليس له اسم، ولكن يقال: بازلُ عامٍ، وبازلُ عامين، ومُخلِف عام،
ومُخلِفُ عامَين، ومُخلِفُ ثلاثةِ أعوام، إلى خمس سنين، والخَلِفة: الحاملُ، قال
أبو حاتم: والجُذوعة: وقت من الزمن ليس بسنٍّ، وفصول الأسنان عند طلوع سُهيلٍ (١).
قال أبو داود: وأنشدنا الرِّياشي:
إذا سُهيْلٌ أولَ الليل طَلَع ...
فابنُ اللَّبون الحِقُّ والحِقُّ جَذَع
لم يبق من أسنانها غيرُ الهُبَعْ
والهُبَعُ: الذي يولد في غير حينه
(٢).
(١) يعني أن حساب أسنان الإبل من وقت طلوع
النجم الذي يسمى سهيلًا، لأن سهيلًا إنما يطلع في زمن نتاج الإبل، فالتي كانت ابنة
لبون تصير عند طلوع سهيل حِقة، وقلما تنتج الإبل إلا في زمن طلوع سهيل، فالإبل
التي تلد في غير زمنه يحسب منها من ولادتها.
(٢)
الهبع: الفَصيل يُولد في الصيف.
٨ - باب، أين تُصدَّق الأموال؟
١٥٩١
- حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا
ابنُ أبي عدي، عن ابن إسحاق، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه
عن جدِّه، عن النبي ﷺ، قال: «لا
جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ولا تُؤخَذُ صَدَقاتُهم إلا في دُورِهمْ» (١).
١٥٩٢
- حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا
يعقوبُ بنُ إبراهيم، سمعتُ أبي يقول:
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، محمد بن
إسحاق صرح بالتحديث. عند أحمد (٧٠٢٤) وغيره. ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم
السلمي.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٢/ ٢٣٥، وأحمد
في «مسنده» (٦٦٩٢) و(٧٠٢٤)، وابن الجارود في «المنتقى» (٣٤٥) و(١٠٥٢)، وابن خزيمة
(٢٢٨٠)، والبيهقي ٨/ ٢٩، والبغوي في «شرح السنة» (٢٥٤٢) من طرق عن محمد بن إسحاق،
بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في «مسنده» (٧٠١٢) من طريق عبد الرحمن بن الحارث، عن
عمرو بن شعيب، به. وانظر ما بعده.
وفي الباب عن عمران بن حصين سيأتي
برقم (٢٥٨١).
وآخر عن عبد الله بن عمر، عند أحمد
في «مسنده» (٥٦٥٤).
وثالث عن أنس بن مالك، عند النسائي
(٣٣٣٦).
وقوله: لا جلب: هو بفتحتين، ومعناه:
لا يقرب العامل أموال الناس إليه لما فيه من المشقة عليهم بأن ينزل الساعي محلًا
بعيدًا عن الماشية ثم يحضرها، وإنما ينبغي له أن ينزل على مياههم أو أمكنة مواشيهم
لسهولة الأخدْ حينئذٍ، وقوله: ولا جنب بفتحتين، أي: لا يبعد صاحب المال المال بحيث
تكون مشقة على العامل. «ولا تؤخذ إلا في دورهم» أي: في منازلهم وأماكنهم ومياههم
وقبائلهم على سبيل الحصر، لأنه كنى بها عنه، فإن أخذ الصدقة في دورهم لازم لعدم
بعد الساعي عنها فيجلب إليه، ولعدم بعد المزكي، فإنه إذا بعد عنها لم يؤخذ فيها.
«مرقاة المفاتيح» وانظر «شرح السنة»١٠/ ٢٠٥.
عن محمد بن إسحاق في قوله: «لا
جَلَبَ ولا جَنَبَ»، قال: أن تُصدَّق الماشيةُ في مواضعِها، ولا تُجلَبَ إلى
المُصَدِّق، والجَنَبُ عن هذه الفريضة أيضًا: لا يُجنب أصحابها، يقول: ولا يكونُ
الرجلُ باقصى مواضع أصحابِ الصدقة فتُجنَبَ إليه، ولكن تُؤْخَذُ في مَوْضِعِه (١).
٩
- باب
الرجل يبتاعُ صدقتَه
١٥٩٣
- حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ، عن
مالكٍ، عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حَمَلَ على
فرسِ في سبيل الله، فوَجَده يُباع، فأراد أن يبتاعَه، فسأل رسولَ الله ﷺ عن ذلك،
فقال: «لا تَبْتَعْهُ، ولا تَعُدْ في صَدَقتك» (٢).
(١) تفسير ابن إسحاق هذا أخرجه البيهقي ٤/
١١٠ من طريق المصنف. وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده صحيح.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٢٨٢،
ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٩٧١) و(٣٠٠٢)، ومسلم (١٦٢١) (٣).
وأخرجه البخاري (٢٧٧٥)، ومسلم (١٦٢١)
(٣) من طريقين عن نافع، به.
وأخرجه البخاري (١٤٨٩)، ومسلم (١٦٢١)
(٤)، والترمذي (٦٧٤)، والنسائي (٢٤٠٩) و(٢٤١٠) من طريق سالم بن عبد الله، وابن
ماجه (٢٣٩٢) من طريق عمر ابن عبد الله، كلاهما عن عبد الله بن عمر، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥١٧٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٥١٢٤).
وأخرجه البخاري (١٤٩٠) و(٢٦٢٣)
و(٢٦٣٦) و(٢٩٧٠) و(٣٠٠٣)، ومسلم (١٦٢٠)، والنسائي (٢٦١٥) من طريق أسلم مولى عمر،
عن عمر بن الخطاب قال: =
١٠ - باب صدقة الرقيق
١٥٩٤
- حدَّثنا محمدُ بن المثنى ومحمدُ بنُ
يحيى بن فيَّاض، قالا: حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، حدَّثنا عُبيدُ الله، عن رجلٍ، عن
مكحولٍ، عن عراكِ بن مالك
عن أبي هريرة، عن النبيَّ ﷺ قال:
«لَيسَ في الخَيلِ والرَّقيقِ
زكاةٌ، إلا زَكاةَ الفِطْرِ في
الرقيق» (١).
= حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه
الذي كان عنده، فأردتُ أن أشتريه، وظننت أنه يبيعه برخص، فسألت النبي ﷺ، فقال: لا
تشترِ، ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه.
وأخرجه ابن ماجه (٢٣٩٠) من طريق أسلم
عن عمر بن الخطاب، به. مختصرًا، بلفظ: «لا تعد في صدقتك».
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٨) و(٢٨١)،
و«صحيح ابن حبان» (٥١٢٥).
وقوله: «ولا تعد في صدقتك» قال
الحافظ: وسمى شراءه برخص عودًا في الصدقة من حيث إن الغرض منها ثواب الآخرة، فإذا
اشتراها برخص، فكأنه اختار عرض الدنيا على الآخرة مع أن العادة تقتضي بيع مثل ذلك
برخص لغير المتصدق فكيف بالمتصدق، فيصير راجعًا في ذلك المقدار الذي سومح فيه.
وفيه دليل على أن فرس الصدقة ما كان
على سبيل الوقف، بل ملكه له ليغزو عليه إذ لو وقفه لما صح أن يبتاعه. قاله
القسطلاني.
وقال ابن بطال: كره أكثر العلماء
شراء الرجل صدقته لحديث عمر رضي الله عنه، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي سواء
كانت الصدقة فرضًا أو نفلًا، فإن اشترى أحد صدقته لم يفسخ بيعه وأولى به التنزه
عنه.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن مكحول، ومكحول وإن أدرك عراك بن
مالك، لكنه لم يسمع منه هذا الحديث بعينه كما سيأتي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٦٠)
من طريق إسماعيل بن أمية، عن مكحول، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٧٥٧).
=
١٥٩٥ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ،
حدَّثنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن سليمانَ بنِ يسار، عن عراك بن مالك
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ قال:
«لَيسَ على المُسلمِ في عَبْدِهِ، ولا في فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» (¬١).
١١
- باب صدقة
الزَّرع
١٥٩٦
- حدَّثنا هارونُ بنُ سعيد بن الهيثم
الأيليّ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهب، أخبرني يونسُ بن يزيدَ، عن ابن شهاب، عن سالم
بن عبد الله
= وأخرجه مسلم (٩٨٢)، والنسائي (٢٢٥٩)
من طريق أيوب بن موسى، عن مكحول، عن سليمان بن يسار، عن عراك بن مالك، به. بلفظ:
«ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة». ولم يذكر صدقة الفطر.
وأخرج مسلم (٩٨٢) من طريق بكير بن
الأشج، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة رفعه: «ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر».
(١)
إسناده صحيح.
وهو عند مالك في«الموطأ» ١/ ٢٧٧، ومن
طريقه أخرجه مسلم (٩٨٢)، والنسائي في «الكبرى» (٢٢٦٢).
وأخرجه البخاري (١٤٦٣)، وابن ماجه
(١٨١٢)، والترمذي (٦٣٣)، والنسائي (٢٢٥٨) من طرق عن عبد الله بن دينار، به.
وأخرجه البخاري (١٤٦٤)، ومسلم (٩٨٢)،
والنسائي (٢٢٦١) و(٢٢٦٣) من طريق خثيم بن عراك بن مالك، عن عراك بن مالك، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٩٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٢٧١) و(٣٢٧٢).
وانظر ما قبله.
وليس في الفرس والعبد إذا كانا
للخدمة زكاة إجماعًا، وفيها زكاة إجماعًا خلافًا للظاهرية إذا كانا للتجارة،
واختلفوا في غيرهما، فقال الثلاثة وصاحب أبي حنيفة والطحاوي: لا زكاة فيهما.
عن أبيه، قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«فيما سَقَتِ السماءُ والأنهارُ والعيونُ أو كان بعْلًا العُشُر، وفيما سُقِيَ
بالسَّواني أو النَّضْح نِصْفُ العُشرِ» (١).
١٥٩٧
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا
عبدُ الله بنُ وهب، أخبرني عمرو، عن أبي الزبير
عن جابر بن عبد الله، أن رسولَ الله
ﷺ قال: «فيما سَقَتِ الأنهارُ والعُيونُ العُشرُ، وما سُقِيَ بالسَواني، ففيه
نِصْفُ العُشرِ» (٢).
١٥٩٨
- حدَّثنا الهيثمُ بنُ خالد الجُهَني
وحسينُ بنُ الأسود العجليُّ، قالا: قال وكيع: البعلُ: الكَبوسُ الذي يَنْبُتُ مِن
مَاء السَّماء.
قال ابنُ الأسود: وقال يحيى - يعني
ابنَ آدم -: سألتُ أبا إياسِ الأسدي عن البَعْلِ، فقال: الذي يُسقى بماء السماء،
قال النضرُ بنُ شُمَيلٍ: البعلُ: ماءُ المطر (٣).
(١) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم
الزهري.
وأخرجه البخاري (١٤٨٣)، وابن ماجه
(١٨١٧)، والترمذي (٦٤٥)، والنسائي في «الكبرى» (٢٢٧٩) من طريق عبد الله بن وهب،
بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٢٨٥ -
٣٢٨٧).
البعل: ما شرب من النخيل بعروقه من
الأرض غير سقي سانية ولا غيرها.
والسواني: جمع سانية، وهي الناقة
التي يُستقى عليها.
(٢)
إسناده صحيح، فقد صرح أبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرُس - بالسماع عند أحمد
ومسلم. عمرو: هو ابن الحارث الأنصاري.
وأخرجه مسلم (٩٨١)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٢٨٠) من طرق عن عبد الله ابن وهب، بهذا الإسناد. إلا أنهما قالا:
«الأنهار والغيم»، بدل: «الأنهار والعيون».
وهو في «مسند أحمد» (١٤٦٦٧).
(٣)
مقالة النضر أثبتناها من (هـ) وحدها.
١٥٩٩ - حدَّثنا الربيعُ بنُ سليمان، حدَّثنا
ابنُ وهب، عن سليمانَ - يعني ابنَ بلال - عن شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر، عن
عطاء بن يسار
عن معاذ بن جبل، أن رسولَ الله ﷺ
بعثه إلى اليمن فقال: «خُذِ الحب مِنَ الحبِّ، والشاةَ من الغَنَم، والبعيرَ مِن
الإبل، والبقرةَ مِن البَقر» (١).
قال أبو داود: شَبَرْتُ قِثَّاءة
بمصرَ ثلاثة عشر شِبرًا، ورأيت أترُجَّةَ على بعيرٍ بقطعتين قُطعت وصُيِّرت على
مثل عِدلين.
١٢
- باب زكاة
العسل
١٦٠٠
- حدَّثنا أحمدُ بن أبي شعيب
الحرَّانيُّ، حدَّثنا موسى بنُ أعينَ، عن عمرو بن الحارثِ المصري، عن عمرو بن
شعيب، عن أبيه
عن جدِّه، قال: جاءَ هلالٌ أحدُ بني
مُتْعانَ إلى رسولِ الله ﷺ بعُشُور نَحْلٍ له، وكان سأله أن يحمي واديًا يقال له:
سلَبَة، فحمى له رسولُ الله ﷺ ذلك الوادي، فلمَّا ولي عُمَرُ بنُ الخطاب رضي الله
عنه كَتَبَ سفيانُ بنُ وهب إلى عُمَرَ بن الخطاب يسأله عن ذلك، فكتب عُمَرُ: «إن
أدَّى إليك ما كان يُؤدي إلى رَسولِ الله ﷺ من عُشورِ نحله، فاحْمِ له سَلَبَةَ،
وإلا فإنما هُوَ ذُباب غَيْثٍ يأكُلُه مَنْ يَشَاءُ» (٢).
(١) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن عطاء بن يسار
لم يدرك معاذ بن جبل. ابن وهب: هو عبد الله.
وأخرجه ابن ماجه (١٨١٤) من طريق عمرو
بن سَوَّاد المصري، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
(٢)
إسناده حسن.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٩٠)
من طريق أحمد بن أبي شعيب، بهذا الإسناد. وانظر تالييه.
١٦٠١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدة الضبِّيُّ،
حدَّثنا المغيرةُ ونسبه إلى عبد الرحمن ابن الحارث المخزومي، حدَّثني أبي، عن عمرو
بن شعيب، عن أبيه
عن جده: أن شَبابةَ - بَطْن من
فَهْمٍ - فذكر نحوه، قال: مِنْ كلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبة.
وقال سفيانُ بنُ عبد الله الثقفيُّ،
قال: وكان يَحْمِي لهُم وادِيين، زاد: فأدَّوا إليه ما كانوا يُؤَدُّون إلى رسول
الله ﷺ، وحَمَى لهم وادِيَيْهِمْ (١).
١٦٠٢
- حدَّثنا الربيع بنُ سليمانَ
المؤذِّنُ، حدَّثنا ابنُ وهب، اْخبرني أسامةُ ابنُ زيد، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه
عن جَدِّه: أن بطنًا مِن فَهْمِ،
بمعنى المغيرة، قال: مِنْ عَشْر قِرَبٍ
قِربة، وقال: وادِيْين لهم (٢).
(١) حديث حسن، عبد الرحمن بن الحارث المخزومي
ضعيف يعتبر به. وقد توبع في الإسناد السابق والإسناد الذي يليه. المغيرة: هو ابن
عبد الرحمن المخزومي.
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده حسن، وحسنه ابن عبد البر في«الاستذكار». ابن وهب: هو عبد الله، وأسامة بن
زيد: هو الليثي.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٢٤) من طريق عبد
الله بن المبارك، عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. بلفظ: أن النبي ﷺ أخذ من العسل
العشر.
وانظر سابقيه.
وقد استدل بأحاديث الباب - وهي مما
يشد بعضها بعضًا لتعدد مخارجها واختلاف طرقها - على وجوب العشر في العسل أبو حنيفة
وأحمد وإسحاق، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم، وحكاه في «البحر» عن ابن عمر وابن
عباس وعمر بن عبد العزيز وأحد قولي الشافعي. =
١٣ - باب في خَرْصِ العِنب
١٦٠٣
- حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ السَّريِّ
الناقط، حدَّثنا بِشْرُ بنُ منصورٍ، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزُّهري، عن سعيد
بن المسيّب
عن عتَّاب بن أسيد، قال: أمَرَ رسولُ
الله ﷺ أن يُخرَصَ العِنَبُ، كما يُخْرَصُ النَّخْلُ، وتُؤخذ زكاتُه زبيبًا، كما
تُؤخَذُ صَدَقةُ النَّخْلِ تمرًا (١).
= وذهب الشافعي ومالك والثوري وحكاه
ابن عبد البر عن الجمهور إلى عدم وجوب الزكاة في العسل. انظر «المغني» ٤/ ١٨٣ -
١٨٤، و«زاد المعاد» ٢/ ١٢ - ١٦ لابن القيم بتحقيقنا.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، عبد العزيز بن السري وعبد الرحمن بن إسحاق صدوقان، وقد
توبعا، وسعيد بن المسيب - وإن قال فيه أبو داود وابن أبي حاتم: لم يسمع من عتاب
شيئًا - مراسيله تُعَدُّ من أصح المراسيل، كما هو مقرر عند أهل العلم، وأن لها حكم
المسندات. وسأل الترمذيُّ البخاريُّ عن حديث ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عروة، عن
عائشة مثل حديث عتاب، فقال: حديث ابن جريج غير محفوظ، وحديث ابن المسيب عن عتاب
أثبت وأصح.
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (٢٦١٨)
من طريقين عن عبد الرحمن بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده.
وله شاهد من حديث عائشة سيأتي برقم
(١٦٠٦).
وآخر من حديث جابر سيأتي برقم (٣٤١٥).
وثالث من حديث ابن عمر عند أحمد في
«مسنده» (٤٧٦٨).
الخرص: تقدير ما على النخل من الرطب
تمرًا، وما على الكرم من العنب زبيبًا ليعرف مقدار عشره، ثم يُخلى بينه وبين
مالكه، ويُؤخذ ذلك المقدارُ وقت قطع الثمار، وفائدته التوسعة على أرباب الثمار في
التناول منها، قاله السندي. =
١٦٠٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاقَ المُسَيبي،
حدَّثنا عبدُ الله بن نافع، عن محمد بن صالحٍ التمار، عن ابنِ شهابِ، بإسناده
ومعناه (١).
قال أبو داود: وسعيد لم يسمع مِن
عتَّابٍ شيئًا (٢).
١٤
- باب في
الخَرْص
١٦٠٥
- حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا
شعبةُ، عن خُبيب بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن مسعود، قال:
= فإن أصابت الثمرة جائحة بعد الخرص،
فقد قال ابن عبد البر: أجمع من يحفظ عنه العلم أن المخروص إذا أصابته جاثحة قبل
الجداد، فلا ضمان. وفائدة الخرص أمن الخيانة من رب المال، ولذلك يجب عليه البينة
في دعوى النقص بعد الخرص، وضبط حق الفقراء على المالك، ومطالبة المصدق بقدر ما
خرصه، وانتفاع المالك بالأكل ونحوه.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه ابن ماجه (١٨١٩)، والترمذي
(٦٤٩) و(٦٥٠) من طرق عن عبد الله ابن نافع، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث
حسن غريب.
وهو في «صحح ابن حبان» (٣٢٧٨).
وانظر ما قبله.
وجاء في «بذل المجهود» ٨/ ١١٦: قال
القاضي: الخطاب مع المصَّدِقين أمرهم أن يتركوا للمالك ثلث ما خرصوا عليه أو ربعه
توسعةَ عليه حتى يتصدق به على جيرانه ومن يمر به ويطلب منه، فلا يحتاج إلى أن يغرم
ذلك من ماله، وهذا قول قديم للشافعي وعامة أهل الحديث، وعند أصحاب الرأي: لا عبرة
بالخرص لإفضائه إلى الربا، وزعموا أن الأحاديث الواردة فيه كان قبل تحريم الربا،
ويرده حديث عتاب فإنه أسلم يوم الفتح وتحريم الربا كان مقدمًا.
(٢)
مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية
ابن الأعرابي.
جاءَ سَهْلُ بنُ أبي حثْمَة إلى
مَجْلِسنا، قال: أمَرَنا رسولُ الله ﷺ، قال: «إذا خَرَصْتُم فَخُذوا ودَعُوا
الثُّلُثَ، فإن لم تَدَعُوا أو تَجِدُوا الثُّلُثَ، فَدَعُوا الرُّبُعَ» (١).
قال أبو داود: الخارصُ يدع الثلثَ
للخُرفة، وكذا قال يحيى القطان (٢).
١٥
- باب متى
يُخرص التمر؟
١٦٠٦
- حدَّثنا يحيى بنُ معين، حدَّثنا
حَجاج، عن ابن جُريج قال: أخبِرتُ عن ابن شهابِ، عن عُروة
عن عائشة أنها قالت: وهي تذكُرُ شأن
خَيْبر: كان النبيُّ ﷺ يبعث عبدَ الله بنَ رَوَاحةَ إلى يهود، فيَخْرِصُ النخلَ
حِين يطيبُ قَبلَ أن يُؤكَلَ منه (٣).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن
بن مسعود بن نيار، قال
الذهبي في «الميزان»: لا يُعرف.
وأخرجه الترمذي (٦٤٨)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٢٨٢) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٧١٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٢٨٠).
وقوله: «فخذوا» كما في الأصول بالخاء
المعجمة وعليها شرح الخطابي، وهو
موافق لجميع من خرج الحديث، فالمعنى:
فخذوا زكاة المخروص إن سلم المخروص من الآفة، قال الطيبي: فخذوا جواب للشرط، ودعوا
عطف عليه، أي: إذا خرصتم، فبينوا مقدار الزكاة ثم خذوا ذلك المقدار، واتركوا الثلث
لصاحب المال حتى يتصدق به. وقول أبي داود: يدع الثلث للخرفة، بالخاء المعجمة،
والخرفة: ما يُجنى من الثمار حين يُدرِكُ.
(٢)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ) و(و).
(٣)
إسناده ضعيف، لانقطاعه. ابن جريج لم يسمع هذا الحديث من ابن شهاب
=
١٦ - باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة
١٦٠٧
- حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس،
حدَّثنا سعيدُ بنُ سليمان، حدَّثنا عبادٌ، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أبي
أمامةَ بنِ سهل
عن أبيه قال: نهى رسولُ الله ﷺ عن
الجُعْرُورِ ولونِ الحُبيقِ أن يؤخذا في الصَّدَقة، قال الزهري: لونين من تمر
المدينة (١).
= كما صرَّح بذلك في هذا الإسناد.
حجاج: هو ابن محمد المصيصي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه أبو عبيد بن سلام في
«الأموال» (١٤٣٨)، والدارقطني في «سننه» (٢٠٥٣)، والبيهقي ٤/ ١٢٣ من طريق حجاج،
بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه»
(٧٢١٩)، وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (٩٠٤)، وأحمد بن حنبل في «مسنده» (٢٥٣٠٥)
و(٢٥٣٠٦)، وابن خزيمة (٢٣١٥)، والدارقطني في «سننه» (٢٠٥٢)، وابن حزم في «المحلى»
٥/ ٢٥٥ - ٢٥٦، والبيهقي في«معرفة السنن والآثار» (٨١٧٨) و(٨١٧٩) من طريقين عن ابن
جريج، به. وقد علق ابن خزيمة القول بصحته على سماع ابن جريج من الزهري، قائلًا:
فإني أخاف أن يكون ابن جريج لم يسمع هذا الخبر من ابن شهاب.
وله شاهد من حديث عتّاب بن أسيد، سلف
برقم (١٦٠٣).
(١)
حديث صحيح. سفيان بن حسين - وإن كان في روايته عن الزهري كلام - متابع. عبّاد: هو
ابن العوام، والزهري: هو محمد بن مسلم.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٨٣)
من طريق عبد الجليل بن حميد، عن ابن شهاب الزهري، عن أبي أمامة بن سهل رفعه لم
يذكر أباه. وقصارى ما فيه عندئذ أن يكون مرسل صحابي صغير له رؤية، وهو حجة.
الجعرور: ضرب رديء من التمر يحمل
رطبًا صغارًا لا خيرَ يه، ولون حُبيق نوع رديء من التمر منسوب إلى رجل اسمه ذاك.
ورواية سليمان بن كثير التي أشار
إليها المصنف بإثر الحديث أخرجها الطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٢٠١، والطبراني
في «الكبير» (٥٥٦٦)، والدارقطني (٢٠٤٠)، والحاكم ٢/ ٢٨٤، والبيهقي ٤/ ١٣٦، وابن
عبد البر في «التمهيد» ٦/ ٨٤.
قال أبو داود: وأسنده أيضًا أبو
الوليد، عن سليمان بن كثير، عن الزهري.
١٦٠٨
- حدَّثنا نصرُ بنُ عاصم الأنطاكي،
حدَّثنا يحيى - يعني القطان - عن
عبدِ الحميد بن جعفر، حدثني صالحُ
بنُ أبي عَريبٍ، عن كثير بن مُرَّة
عن عوف بن مالك، قال: دخل علينا
رسولُ الله ﷺ المسجدَ، وبيده عصًا، وقد علَّق رجل قِنًا (١) حَشَفًا، فطَعَنَ
بالعَصا في ذلك القِنْوِ، وقال: «لو شاءَ ربُّ هذه الصدقةِ تصدَّق بأطيب منها»
وقال: «إن رب هذه الصدقةِ يأكُلُ الحَشَفَ يَومَ القيامَة» (٢).
١٧
- باب زكاة
الفطر
١٦٠٩
- حدَّثنا محمودُ بنُ خالدِ
الدِّمشقيُّ وعبدُ الله بن عبدِ الرحمن السمرقندي، قالا: حدَّثنا مروانُ - قال
عبدُ الله: قال: حدَّثنا أبو يزيد الخولاني، وكان شيخَ صِدْقٍ، وكان ابنُ وهب يروي
عنه - حدَّثنا سَيارُ بنُ عبد الرحمن - قال محمود: الصَّدَفي - عن عِكرمَة
(١) جاء في (أ) و(ب) و(ج): علق رجلٌ منّا
حَشَفًا، وفي (هـ): قنا حَشفٍ، وتحرفت في (و) إلى: منّا حَشَفٍ، والمثبت من «مخصر
المنذري»، والنسخة التي شرح عليها العظيم آبادي.
(٢)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، صالح بن أبي عَريب صدوق حسن الحديث. يحيى القطان: هو
ابن سعيد.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٢١)، والنسائى في
«الكبرى» (٢٢٨٤) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٢٣٩٧٦)،
و«صحيح ابن حبان» (٦٧٧٤).
القنا: هو العذق الفاسد، والحشف:
اليابس من التمر، وقيل: الضعيف الذي لا نوى له كالشِّيص.
ويشهد له حديث البراء بن عازب عند
ابن ماجه (١٨٢٢)، والترمذي (٣٢٣٠) وإسناده عند الترمذي حسن.
عن ابن عباسٍ قال: فرض رسولُ الله ﷺ
زكاةَ الفِطْر طُهْرةً للصَائم مِن اللغو والرَّفثِ وطُعْمةً للمساكينَ، مَنْ
أدَّاها قبلَ الصَّلاة، فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومن أدَّاها بعدَ الصَّلاة، فهي
صَدَقةٌ من الصَّدقات (¬١).
١٨
- باب متى
تؤدى؟
١٦١٠
- حدَّثنا عبدُ الله بن محمد
النُّفيليُّ، حدَّثنا زهير، حدَّثنا موسى بنُ عُقبة، عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ، قال:
أمَرَنا رسولُ الله ﷺ بزكاةِ الفِطْرِ أن تُؤدَّى قبلَ خروجِ النَاسِ إلى
الصَّلاة، قال: فكان ابنُ عمر يُؤديها قبلَ ذلك باليومِ واليومين (٢).
١٩
- باب كم
يؤدى في صدقة الفطر؟
١٦١١
- حدَّثنا عبدُ الله بن مسلمةَ،
حدَّثنا مالك - وقراءةً على مالك أيضًا - عن نافعٍ
(١) إسناده حسن. أبو يزيد الخولاني وشيخه
سيار بن عبد الرحمن صدوقان.
مروان: هو ابن محمد بن حسان الطاطري.
وقال الدارقطني بعد أن رواه (٢٠٦٧): ليس في رواته مجروح.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٢٧) من طريق
مروان بن محمد، بهذا الإسناد.
ولتأدية زكاة الفطر قبل الصلاة انظر
الحديث التالي. والحديث الآتي برقم (١٦١٢).
(٢)
إسناده صحح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي أبو خيثمة.
وأخرجه البخاري (١٥٠٩)، ومسلم (٩٨٦)،
والتر مذي (٨٦٤)، والنسائي في «الكبرى» (٢٣١٢) من طرق عن موسى بن عقبة، بهذا
الإسناد.
وأخرجه مسلم (٩٨٦) (٢٣) من طريق
الضحاك بن عثمان، عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٣٨٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٢٩٩).
عن ابن عمر: أن رسولَ الله ﷺ فَرَضَ
زكاةَ الفِطر، قال فيه فيما قرأه على مالك: زَكاةُ الفِطْرِ مِن رمضانَ صاعٌ مِن
تمر أو صاعٌ مِن شعير، على كل حُرٍّ أو عَبْدٍ، ذكرٍ أو أنثى، من المسلمين (١).
١٦١٢
- حدَثنا يحيى بنُ محمد بن السَّكن،
حدَثنا محمدُ بنُ جَهضَمٍ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ جعفر، عن عُمَرَ بن نافع، عن أبيه
عن عبد الله بن عمر قال: فَرَضَ
رسولُ الله ﷺ زكاةَ الفِطْر صاعًا،
فذكر بمعنى مالك، زاد: والصَغيرِ
والكبير، وأَمَرَ بها أن تُؤَدَّى قَبلَ خروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاة (٢).
(١) إسناده صحيح.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٢٨٤،
ومن طريقه أخرجه البخاري (١٥٠٤)، ومسلم (٩٨٤)، وابن ماجه (١٨٢٦)، والترمذي (٦٨٣)،
والنسائي في «الكبرى» (٢٢٩٣) و(٢٢٩٤).
وأخرجه مسلم (٩٨٤)، وابن ماجه (١٨٢٥)
من طريقين عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥٩٤٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٠١).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (١٦١٢ -
١٦١٤).
وقوله: «من المسلمين» ادَّعى بعضهم
أن هذه الزيادة تفرد بها مالك، وقال ابن دقيق العيد: وليس بصحيح، فقد تابع مالكًا
على هذه اللفظة من الثقات سبعة: عمر بن نافع، والضحاك بن عثمان، والمعلى بن
إسماعيل وعُبيد الله بن عمر، وكثير بن فرقد، وعبد الله ابن عمر العمري، ويونس بن
يزيد. وانظر «البدر المنير» ٥/ ٦١٦ - ٦١٨ لابن الملقن.
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٩٥)
عن يحيي بن محمد بن السكن، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٥٠٣) من طريق
إسماعيل بن جعفر، عن عمر بن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥٣٤٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٠٣).
وانظر ما قبله.
قال أبو داود: رواه عبدُ الله
العُمري عن نافع، قال: على كل مسلمٍ، ورواه سعيدٌ الجمحيُّ عن عُبيد الله، عن
نافع، قال فيه: من المسلمين، والمشهورُ عن عُبيد الله ليس فيه: من المسلمين.
١٦١٣
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، أن يحيى بن سعيد
وبِشْرَ بنَ المفضلِ حدثاهم، عن عُبيدالله (ح)
وحدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا
أبانُ، عن عُبيد الله، عن نافع
عن عبد الله، عن النبيَّ ﷺ: أنه فرضَ
صدقةَ الفِطرِ صاعًا مِن شعير أو تمرٍ، على الصغيرِ والكبيرِ والحرِّ والمملوك،
زاد موسى:
والذكرِ والأنثى (١).
قال أبو داود: قال فيه أيوب وعبد
الله - يعني العُمَريَّ - في حديثهما عن نافع: ذكر أو أنثى، أيضًا.
١٦١٤
- حدَّثنا الهيثمُ بنُ خالدٍ
الجُهنيُّ، حدَّثنا حُسينُ بنُ علي الجعفيُّ، عن زائدةَ، حدَّثنا عبدُ العزيز بن
أبي رَوادٍ، عن نافعٍ
عن عبد الله بن عُمَرَ، قال: كان
الناسُ يُخرِجُون صَدَقةَ الفِطرِ على عهدِ رسولِ الله ﷺ صاعًا من شعيرٍ أو تمرٍ
أو سُلْتٍ أو زبيبٍ،
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد
الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر، وأبان: هو ابن يزيد
العطار.
وأخرجه البخاري (١٥١٢) عن مسدَّدٌ،
بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٩٨٤)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٢٩٦) من طرق عن عبيد الله ابن عمر، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥١٧٤).
وانظر سابقيه.
قال: قال عبد الله: فلما كان عُمَرُ
وكَثُرَت الحِنْطَةُ جَعَلَ عمرُ نِصف صاعِ حِنطةٍ مكانَ صاعٍ مِن تلك الأشياء (١).
١٦١٥
- حدَّثنا مُسدَّدٌ وسليمانُ بنُ داود
العَتكيُّ، قالا: حدَّثنا حماد، عن أيوبَ، عن نافعِ، قال:
قال عبدُ الله: فعدَل الناسُ بَعْدُ
نصفَ صاعٍ مِن بُر، قال: وكانَ عبدُ الله يُعطي التمر، فأعوَز أهلَ المدينة التمرُ
عامًا، فأعطى الشَّعيرَ (٢).
١٦١٦
- حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ،
حدَّثنا داود - يعني ابنَ قيس - عن عياضِ بن عبد الله
عن أبي سعيد الخدري، قال: كُنَّا
نُخرِجُ إذ كان فينا رسولُ الله ﷺ زَكاةَ الفِطْرِ عن كُل صغيرٍ وكبير، حُرّ أو
مملوكٍ: صاعًا مِن طعام، أو صاعًا من أقِطٍ، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا مِنْ
تمرٍ، أو صاعًا من
(١) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة الثقفي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٣٠٧)
من طريق حسين بن علي، بهذا الإسناد.
وانظر ما سلف برقم (١٦١٠).
والسلت: ضرب من الشعير ليس له قشر
يشبه الحنطة يكون بالغور والحجاز.
(٢)
إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وحماد: هو ابن زيد الأزدي، وأيوب: هو
ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه البخاري (١٥١١)، والترمذي
(٦٨٢)، والنسائي في «الكبرى» (٢٢٩٢) من طريقين عن حماد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٩٨٤)، والنسائي (٢٢٩١)
من طريقين عن أيوب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٤٨٦).
وقوله: فأعوز أهل المدينة التمر.
أعوز: أحْوَجَ، يقال: أعوزني الشيء: إذا احتجت إليه، فلم أقدر عليه.
زبيبٍ، فلم نزلْ نُخرجه حتَى قَدِمَ
معاويةُ حاجًا، أو معتمِرًا، فكلَّم الناسَ على المنبر، فكان فيما كَلَّم به
الناسَ أن قال: إني أرى أن مُدَّيْنِ من سمراءِ الشَام تَعدِلُ صاعًا مِن تمرٍ،
فأخَذَ الناسُ بذلك، فقال أبو سعيد: فأما أنا، فلا أزالُ أُخْرِجُه أبدًا ما عِشتُ
(١).
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٩٨٥)، وابن ماجه
(١٨٢٩)، والنسائي في «الكبرى» (٢٣٠٤) و(٢٣٠٨) من طرق عن داود بن قيس، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٥٠٦) و(١٥٠٨)
و(١٥١٠)، ومسلم (٩٨٥)، والترمذي (٦٧٩)، والنسائي (٢٣٠٢) و(٢٣٠٣) من طرق عن عياض بن
عبد الله، به. وبعضهم لا يذكر فيه قصة معاوية.
وأخرجه البخاري (١٥٠٥) من طريق زيد
بن أسلم عن عياض بن عبد الله، به.
مختصرًا بلفظ: «كنا نطعم الصدقة
صاعًا من شعير».
وهو في «مسند أحمد» (١١١٨٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٠٥).
وانظر تالييه.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٣٠٩)،
وابن حبان (٣٣٠٦) من طريقين عن
عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن
حكيم، بهذا الإسناد. وهذا إسناد حسن. عبد الله بن عثمان بن حكيم روى عنه جمع وأخرج
حديثه أبو داود والنسائي وباقي رجاله ثقات وهو في صحيح ابن خزيمة (٢٤١٩)، وقال
بإثره: ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، ولا أدري ممن الوهم. وقوله: «وقال
له رجل من القوم: أو مدين من قمح ..» إلى آخر الخبر دال على أن ذِكرَ الحنطة في
أول القصة خطأ أو هم، إذ لو كان أبو سعيد قد أعلمهم أنهم كانوا يخرجون على عهد
رسول الله ﷺ صاع حنطة، لما كان لقول الرجل: أو مدين من قمح، معنى. وانظر «نصب
الراية» ٢/ ٤١٨.
نقل صاحب «الفتح» ٣/ ٣٧٤ عن ابن
المنذر قوله: لا نعلم في القمح خبرًا ثابتًا عن النبي ﷺ يعتمد عليه، ولم يكن البر
بالمدينة ذلك الوقت إلا الشيء اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف
صاع منه يقومُ مقامَ صاعٍ من شعير وهم =
قال أبو داود: رواه ابن عُليَّةَ
وعبدةُ وغيرهما عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حِزام،
عن عياض، عن أبي سعيد، بمعناه، وذكر رجلٌ (١) واحد فيه عن ابن عُلَيّةَ: أو صاعَ
حنطةٍ، وليس بمحفوظ.
١٦١٧
- حدَّثنا مسدَّدٌ، أخبرنا إسماعيلُ،
ليس فيه ذِكرُ الحنطة.
قال أبو داود: وقد ذَكَرَ معاويةُ
بنُ هشام في هذا الحديث عن الثوري، عن زيد بن أسلم، عن عياض، عن أبي سعيد: نصف
صاعٍ من بُر، وهو وَهَمٌ من معاوية بن هشام، أو ممن رواه عنه (٢).
١٦١٨
- حدَّثنا حامدُ بنُ يحيي، أخبرنا
سفيان (ح)
وحدثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن
ابن عجلانَ، سمع عياضًا سمعتُ أبا سعيد الخُدري يقول: لا أُخرجُ أبدًا إلا صاعًا،
إنا كنا نُخْرِجُ على عهد رسولِ الله ﷺ صاعَ تمرٍ، أو شعيرٍ أو أقطٍ أو
= الأئمة، فغير جائز أن يُعدل عن قولهم
إلا إلى قول مثلهم، ثم أسند عن عثمان وعلي وأبي هريرة وجابر وابن عباس وابن الزبير
وأمه أسماء بنت أبي بكر بأسانيد صحيحة أنهم رأوا أن في زكاة الفطرة نصف صاع من
قمح. قال الحافظ: وهو مصير منه إلى اختيار ما ذهب إليه الحنفية.
ومما يقوي مذهب الحنفية حديث أسماء
بنت أبي بكر عند أحمد (٢٦٩٣٦) كنا نؤدى زكاة الفطر على عهد رسول الله ﷺ مُدين من
قمح بالمُد الذي تقتاتون به. وهو حديث صحيح كما هو مبين في تعليقنا على «المسند».
(١)
هو يعقوب الدورقي، وروايته عند الدارقطني (٢٠٩٦).
(٢)
إسناده صحيح كسابقه. إسماعيل: هو ابن عُليَّه.
وانظر ما قبله.
زبيبٍ - هذا حديث يحيى - زاد سفيان:
أو صاعًا من دقيق، قال
حامدٌ: فأنكروا عليه، فتركه سفيان
(١).
قال أبو داود: فهذه الزيادة وَهمٌ من
ابن عيينة.
٢٠
- باب من
روى نصف صاع من قمح
١٦١٩
- حدَّثنا مُسدَّدٌ وسليمانُ بن داود
العتكيُّ، قالا: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري - قال
مُسدَدٌ: - عن ثعلبة ابن أبي صُعَير، عن أبيه - وقال سليمان بن داود: عبد الله بن
ثعلبة، أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صُعيْر - عن أبيه، قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«صاعٌ من بُرٍّ أو قمح على كلِّ اثنين، صغيرٍ أو كبيرٍ حُرٍّ أو عبدٍ، ذكرٍ أو
أنثى، أما غَنِيكُم فيزكِيه الله تعالى، وأما فقيرُكُم فيرد الله تعالى عليه أكثرَ
مما أعْطى» زادَ سليمانُ في حديثه: «غنيٍّ أو فقيرٍ» (٢).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. محمد بن
عجلان صدوق لا بأس به. إلا أن ذكر الدقيق فيه وهم من ابن عيينة كما نبه عليه
المصنف. سفيان: هو ابن عيينة، ومسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد
القطان.
وأخرجه مسلم (٩٨٥)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٣٠٥) من طريقين عن ابن عجلان، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٣٠٧).
وانظر سابقيه.
قوله: فهذه الزيادة وهم من ابن
عيينة، قلنا: وقال النسائي: لا أعلم أحدًا قال في هذا الحديث «دقيق» غير ابن
عيينة، ولفظ النسائي: «أو صاعًا من سلت» قال: ثم شك سفيان، فقال: دقيق أو سلت.
(٢)
إسناده ضعيف للاختلاف فيه سندًا ومتنًا عن الزهري فيما قاله الدارقطني في «العلل»
٧/ ٣٩ - ٤٠، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٦٨٦٧)، وتبعهما ابن عبد الهادي
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= في «التنقيح» ٢٢٨/ ٣، وابن دقيق
العيد في «الإمام» كما نقله عنه الزيلعي في «نصب الراية» ٢/ ٤٠٧، ونقل أيضًا عن
الإمام أحمد في رواية مهنّا أنه صحح رواية من رواه عن الزهري مرسلًا، وكذلك صحح
الدارقطني في «العلل» ٧/ ٤٠، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٦٨٦٧) رواية من رواه
عن الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلًا، ولعل أحمد ابن حنبل إنما قصد ما قصداه. فقد
أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٣٤١٤ - ٣٤١٧) من طرق عن الزهري، عن سعيد بن
المسيب، مرسلًا. وأخرجه الطحاوي كذلك (٣٤١٨)، ومن قبله أبو عبيد القاسم بن سلام في
«الأموال» (٦١٦) و(١٣٦٦) من طريق عبد الخالق بن سلمة الشيباني عن سعيد بن المسيب
مرسلًا.
والنعمان بن راشد ضعفه المصنف ويحيى
القطان، وقال أحمد: مضطرب الحديث، روى أحاديث مناكير. قلنا: وقد انفرد بقوله: «أو
غني أو فقير».
ثم إنه مخالف لصريح ما جاء في حديث
أبي سعيد الخدري من أن القمح أو البر لم يذكره رسول الله ﷺ في زكاة الفطر، وإنما
هو شئ زاده معاوية بن أبي سفيان في خلافته فقال: إني أرى مدين من سمراء الشام [وهو
القمح]، تعدل صاعًا من تمر، فأخذ الناس بذلك. وهو حديث صحيح مخرج في «الصحيحين»
كما سلف بيانه.
وأخرجه البيهقي ٤/ ١٦٧، وابن الأثير
في «أسد الغابة» ١/ ١٨٩ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «تاريخه الكبير»
تعليقًا ٥/ ٣٦، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٢/ ٤٥، وفي «شرح مثكل الآثار»
(٣٤١١)، والدارقطني (٢١٠٧)، والبيهقي ٤/ ١٦٧ من طريق مسدَّدٌ، به. إلا أن
الدارقطني قال في روايته: صاع من بر أو قمح، ولم يقل: على كل اثنين.
وأخرجه أحمد (٢٣٦٦٤)، ويعقوب بن
سفيان في «المعرفة والتاريخ» ١/ ٢٥٣، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٦٢٨)،
والطحاوي في «شرح المعاني» ٢/ ٤٥، وفي «شرح مشكل الآثار» (٣٤١٠)، وابن قانع في
«معجم الصحابة» ١/ ١٢٢، والدارقطني (٢١٠٣ - ٢١٠٦) من طرق عن حماد بن زيد، به.
وانظر تالييه.
١٦٢٠ - حدَّثنا عليُّ بنُ الحسن
الدَّرَابِجِرديُّ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيد، حدَّثنا همَّامٌ، حدَّثنا بكْرٌ -
هو ابنُ وائل - عن الزهري، عن ثعلبةَ بن عبد الله، أو عبد الله بن ثعلبة، عن
النبيِّ ﷺ (ح)
وحدَّثنا محمدُ بنُ يحيى
النَيْسابوريُ، حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا همَّام، عن بكر الكوفي - قال
محمد بن يحيى: هو بكر بن وائل بن داود - أنَّ الزهري حدَّثهم، عن عبد الله بن
ثعلبة بن صُعَير
عن أبيه، قال: قام رسولُ الله ﷺ
خطيبًا، فأمر بصَدَقةِ الفطرِ صاع تمرٍ، أو صاعِ شعيرٍ، عن كُلِّ رأس - زاد على في
حديثه: أو صاع بُرٍّ أو قمحٍ بينَ اثنين، ثم اتفقا: - عن الصغيرِ والكبيرِ والحرِّ
والعبد (١).
= وقد خالف بكرُ بنُ وائل - وهو صدوق -
النعمان بن راشد، فلم يذكر في روايته الغني والفقير كما في الرواية التالية. بل
انفرد بها النعمان عن سائر من روى هذا الخبر عن الزهري على اختلاف وجوهه إلا في
رواية واحدة عند الدارقطني (٢١١٠) من طريق نعيم بن حماد - وليس هو بذاك - عن ابن
عيينة، عن الزهري عن ابن أبي صعير، عن أبي هريرة رواية [أي مرفوعًا]، أنه قال:
«زكاة الفطر على الغني والفقير» ثم قال: أُخْبرتُ عن الزهري، فهذا يضعّف الإسناد
أيضًا. وقد صح من قول أبي هريرة عند أحمد (٧٧٢٤).
(١)
حسن لغيره دون ذكر الزيادة التي زادها علي بن الحسن، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه كما
بيناه عند الحديث السالف قبله. وقال الحافظ محمد بن يحيي الذهلي النيسابوري: لم
يقُم أحدٌ هذا الحديث عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة، إلا همام، عن بكر، وبكر:
هو ابن وائل -، فوافق روايته رواية ابن عمر عن رسول الله ﷺ نقله عنه ابن عبد
الهادي في «التنقيح» ٢/ ٢٢٨ - ٢٢٩. قلنا: يعني دون ذكر الغني والفقير، ودون ذكر
البر أو القمح. وذلك أن رواية محمد بن يحيى الذهلي التي أسندها المصنف عنه هنا
موافقة لرواية ابن عمر التي في «الصحيحين»، ولهذا قوَّم أمرَها الذهْلي. وعلى ذلك
يحمل أيضًا كلام ابن القطان في «بيان الوهم» ٢/ ١٥١ - ١٥٣، فإنه تكلم عن طريق أبي
داود هذه التي ليس فيها ذكر الغني والفقير والقمح، والله أعلم. ثم إن طريق
=
١٦٢١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا
عبدُ الرزاق، أخبرنا ابنُ جُريجٍ، قال: وقال ابنُ شهابٍ: قال عبدُ الله بنُ ثعلبة
- قال أحمد بنُ صالح العدويُّ
قال أبو داود: وإنما هو العُذْريُّ -
خَطَبَ رسولُ الله ﷺ الناسَ
قبل الفطر بيومين، بمعنى حديث المقرئ
(١).
= محمد بن يحيى موصولة، أما طريق علي
بن الحسن فمرسلة كما نبه عليه. همام: هو ابن يحيى بن دينار العوذي.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكببر»
٥/ ٣٦ تعليقًا، وابن خزيمة (٢٤١٠)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (٣٤١٢) و(٣٤١٣)،
والدارقطني (٢١٠٨)، والحاكم في «المستدرك» ٢٧٩/ ٣، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة»
(١٣٦٧) من طرق عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه بتمامه موصولًا كذلك ابن أبي
عاصم في «الآحاد والمثاني» (٦٢٩)، وابن قانع في «معجم الصحابة» ١/ ١٢٢، والطبراني
في «المعجم الكبير» (١٣٨٩)، والدارقطني (٢١٠٩)، وابن الأثير في «أسد الغابة» ١/
٢٨٨ من طريق عمرو بن عاصم، عن همام، به وزاد فيه عندهم خلا ابن قانع وابن الأثير
ذكر القمح، يعني كالزيادة التي زادها علي بن الحسن المشار إليها.
ويشهد لرواية موسى بن إسماعيل
التبوذكي، عن همام بن يحيى حديثُ ابن عمر السالف برقم (١٦١١) و(١٦١٣)، وهو في
«الصحيحين». يعني دون ذكر الغني والفقير والقمح. وقد أشار إلى ذلك الحافظ الذهلي
كما أسلفنا.
وانظر ما قبله.
(١)
إسناده ضعيف. ابن جريج - هو عبد الملك بن عبد العزيز - مدلس ولم يصرح بسماعه من
الزهري، ثم هو مرسل كما قال أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٦٨٦٧). ومع ذلك صحح
إسناده الزيلعي في«نصب الراية» ٢/ ٤٠٧! عبد الرزاق: هو الصنعاني، وابن شهاب: هو
محمد بن مسلم الزهري.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه»
(٥٧٨٥)، ومن طريقه أخرجه أحمد (٢٣٦٦٣) والبخاري في «تاريخه» تعليقا ٥/ ٣٦،
والطبراني في «الكبير» كما في «نصب الراية» ٢/ ٤٠٧، والدارقطني في «سننه» (٢١١٨).
١٦٢٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، حدَّثنا
سَهلُ بنُ يوسف، قال: حُميدٌ أخبرنا عَنِ الحَسَن، قال:
خطبَ ابنُ عباس في آخر رمضانَ على
منبرِ البصرة، فقال: أخْرِجُوا صَدَقةَ صَوْمِكُم، فكأنَّ الناسَ لم يَعلَمُوا،
قال: مَنْ ها هنا مِنْ أهلِ المدينة؟ قُوموا إلى إخوانِكُم فعَلِّموهم، فإنهم لا
يَعلمون:
فَرَضَ رسولُ الله ﷺ هذه الصَدَقَة
صاعًا مِن تمر، أو شعيرٍ، أو نصفَ صاعِ قمحٍ، على كُلِّ حُرٍّ، أو مملوكٍ، ذكر أو
أنثى، صغير أو كبيرٍ، فلما قدم عليٌّ رأى رُخْصَ السِّعْر، قال: قد أوسعَ اللهُ
عليكم، فلو جعلتُموه صاعًا مِن كُلَّ شيءٍ. قال حميدٌ: وكان الحسنُ يرى صَدَقَةَ
رمضانَ على مَنْ صام (١).
= وأخرجه الدارقطني (٢١١١) من طريق
يحيي بن جرجة، عن ابن شهاب الزهري، به. ويحيى بن جرجة هذا قال عنه أبو حاتم: شيخ،
وقال عنه الدارقطني: ليس بقوي. انظر «نصب الراية» ٢/ ٤٧.
وانظر سابقيه.
(١)
إسناده ضعيف لانقطاعه. الحسن - وهو ابن أبي الحسن بن يسار البصري - لم يسمع من ابن
عباس كما قال غير واحد من أهل العلم. ثم إن الصحيح وقفه على ابن عباس كما سيأتي.
حميد: هو ابن أبي حميد الخزاعي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٩٩)
من طريق محمد بن المثنى، عن خالد ابن الحارث، عن حميد، به.
وأخرجه موقوفًا النسائي (٢٣٠٠) من
طريق محمد بن سيرين، و(٢٣٠١) من طريق أبي رجاء عمران بن تميم، كلاهما عن ابن عباس،
قال: ذكر في صدقة الفطر، فقال: صاعٌ من بر أو صاع من تمر أو صاع من شعير أو صاع من
سلت. هذا لفظ ابن سيرين، وأما لفظ أبي رجاء: صدقة الفطر صاع من طعام. وإسناداه
صحيحان.
٢١ - باب في تعجبل الزكاة
١٦٢٣
- حدَّثنا الحسنُ بنُ الصبَّاح،
حدَّثنا شَبابةُ، عن ورقاء، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج
عن أبي هريرة، قال: بعثَ النبيُّ ﷺ
عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الصدقة فمنع ابن جَميل، وخالدُ بن الوليد،
والعباسُ، فقال رسولُ الله ﷺ: «ما ينقِم ابنُ جميل إلا أن كان فقيرًا، فأغناه
الله، وأمَّا خالدُ بنُ الوليد، فإنَّكم تَظلِمونَ خالدًا، فَقَدِ احْتبسَ
أدرَاعَهُ وأعتُلَهُ في سبيلِ الله عز وجل، وأما العباسُ عَم رسولِ الله ﷺ فهي
علىَّ، ومثلُها»، ثم قال: «أما شعرتَ أن عَمَّ الرجل صِنوُ الأب - أو صِنْوُ أبيه
-» (١).
(١) إسناده صحيح. شبابة: هو ابن سوّار
الفزاري، ووَرقَاء: هو ابن عمر بن كليب اليشكري، وأبو الزناد: هو عبد الله بن
ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.
وأخرجه مسلم (٩٨٣)، والترمذي (٤٠٩٤)
من طريقين عن ورقاء، بهذا الإسناد.
واقتصر الترمذي على قوله ﷺ في عمّه
العباس.
وأخرجه البخارى (١٤٦٨)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٢٥٥) و(٢٢٥٦) من طريقين عن أبي الزناد، به، دون قوله: «أما شعرت
...».
وهو في «مسند أحمد» (٨٢٨٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٢٧٣) و(٧٠٥٠).
وقوله: «ما ينقم ابن جميل» أي: ما
ينكر ما ينكر، وقوله: «فأغناه الله» في رواية البخاري: فأغناه الله ورسوله، قال
الحافظ: إنما ذكر رسول الله ﷺ نفسه، لأنه كان سببًا لدخوله في الإسلام، فأصبح
غنيًا بعد فقره مما أفاء الله على رسوله، وأباح لأمته من الغنائم، وهذا السياق من
باب تأكيد المدح بما يشبه الذم، لأنه إذا لم يكن له عذر إلا ما ذكر من أن الله
أغناه، فلا عذر له، وفيه التعريض بكفران النعم، وتقريع بسوء الصنيع في مقابلة
الإحسان. =
١٦٢٤ - حدَّثنا سعيدُ بنُ منصور، حدَّثنا
إسماعيلُ بن زكريا، عن الحجاج ابن دينارٍ، عن الحَكَمِ، عن حُجيَّه
عن علي: أنَّ العباسَ سأل النبي ﷺ في
تعجيلِ صَدَقَته قبل أنْ تَحُلَّ، فرَخَّصَ في ذلك (١).
= والأعتاد: جمع عتاد، وكذلك الأعتد:
وهو ما أعده الرجل من الدواب والسلاح والآلة للحرب.
قال البغوي في «شرح السنة»: ثم له
تأويلان: أحدهما: أن هذه الآلات كانت عنده للتجارة فطلبوا منه زكاة التجارة، فأخبر
النبيُّ ﷺ أنه قد جعلها حبسًا في سبيل الله، فلا زكاة عليه فيها، وفيه دليل على
وجوب زكاة التجارة (وهو قول جمهور السلف والخلف) وجواز وقف المنقول.
والتأويل الثاني: أنه اعتذر لخالد
يقول: إن خالدًا لما حبَّسَ أدراعه تبرعًا وهو غيرُ واجب عليه، فكيف يظن أنه يمنع
الزكاة الواجبة عليه.
وقوله: «فهي علي ومثلها» دلالة على
أنه ﷺ التزم بإخراج ذلك عنه، وفيه تنبيه على سبب ذلك وهو قوله: «إن عم الرجل صنو
الأب» تفضيلًا له وتشريفًا.
ورواية البخاري والنسائى من طريق
شعيب «فهي عليه صدقة ومثلها معها» وتابع شعيبًا على ذلك موسى بن عقبة عند النسائى.
قال السندي في «حاشيته على النسائى»:
الظاهر أن ضمير «عليه» للعباس ولذلك قيل: إنه ألزمه بتضعيف صدقته ليكون أرفع
لقدره، وأنبه لذكره، وأنفى للذم عنه، والمعنى فهي صدقته ثابتة عليه سيصدَّق بها
ويضيف إليها مثلها كرمًا، وعلى هذا فما جاء في مسلم وغيره «فهي علي ....» محمول
على الضمان، أي: أنا ضامن متكفل عنه، وإلا فالصدقة عليه. ويحتمل أن ضمير «عليه»
لرسول الله ﷺ وهو الموافق لما قيل: إنه ﷺ استسلف منه صدقة عامين أو هو عجل صدقة
عامين إليه ﷺ، ومعنى«عليّ»: عندي. لا يقال لا يبقى حيئذ للمبتدأ عائد لأنا نقول:
ضمير فهي لصدقة العباس أو زكاته، فيكفى للربط كأنه قيل: فصدقته على الرسول.
(١)
حديث حسن. حُجيَّة - وهو ابن عدي الكندي -. روى عنه ثلاثة، ووثقه العجلي، وقال ابن
سعد: روى عن علي بن أبي طالب وكان معروفًا وليس بذاك، =
قال أبو داود: رَوَى هذا الحديث
هُشيمٌ، عن منصورِ بن زاذانَ، عن الحَكَم، عن الحَسَنِ بن مسلمٍ، عن النبيَّ ﷺ
وحديثُ هُشيمٍ أصحُّ.
٢٢
- باب في
الزكاة تحمل من بلد إلى بلد
١٦٢٥
- حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرنا أبي،
أخبرنا إبراهيمُ بنُ عطاء مولى عمرانَ بن حُصين، عن أبيه
= وذكره ابن حبان في الثقات، وكذلك ابن
خلفون، وقال ابن القطان في «بيان الوهم» ٥/ ٣٧١: روي عنه عدة أحاديث هو فيها
مستقيم، وقال الذهبي في «الميزان»: هو صدوق إن شاء الله.
وأخرجه ابن ماجه (١٧٩٥)، والترمذي
(٦٨٥) من طريق سعيد بن منصور، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٦٨٦) من طريق
إسرائيل عن الحجاج بن دينار، عن الحكم ابن جَحل، عن حجر العدوي، عن علي. وحجر
العدوي قال الحافظ في «التقريب»: قيل: هو حجية بن عدي، وإلا فمجهول. ويشهد له حديث
أبي هريرة السالف قبله.
فقد علق النووي على قوله: «ومثلها
معها» فقال: معناه: أني تسلفت منه زكاة عامين.
ورواية هشيم المعلقة التي ذكرها
المصنف عن الحسن بن مسلم - وهو ابن ينّاق - تابعي ثقة، مرسلة صحيحة الإسناد.
ولهذا المرسل شواهد يتقوى بمجموعها،
منها حديث علىّ عند البيهقي ٤/ ١١١ وأعله بالانقطاع بين أبي البختري وبين علي رضي
الله عنه، ورجاله ثقات كما قال الحافظ.
والثاني: حديث أبي رافع عند
الدارقطني (٢٠١٤) وإسناده ضعيف.
والثالث: عن عبد الله بن مسعود ورواه
البزار (٨٩٦) وفي سنده محمد بن ذكوان وهو ضعيف.
قال الحافظ في «الفتح» ٣/ ٣٣٤ وليس
ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر بمجموع هذه الطرق.
وفيه دليل على جواز تعجيل الزكاة قبل
الحول ولو لعامين، وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد.
أن زيادًا، أو بعضَ الأمراء، بَعَثَ
عِمرانَ بن حُصينٍ على الصدقة، فلما رجع قال لعِمران: أينَ المالُ؟ قال: وللمالِ
أرْسَلْتَني؟ أخَذْنَاها مِن حيثُ كنا نأخُذُها على عهدِ رسولِ الله ﷺ، ووضعناها
حيثُ كنا نضعُها على عهدِ رسولِ الله ﷺ (١).
٢٣
- باب من
يعطى من الصدقة، وحدُّ الغنى
١٦٢٦
- حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا
يحيى بنُ آدم، حدَّثنا سفيانُ، عن حَكيم بن جبَيْرٍ، عن محمدِ بن عبدِ الرحمن بن
يزيد، عن أبيه
عن عبد الله، قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«مَنْ سألَ وله ما يُغنيه، جاءَتْ يومَ القيامة خُمُوشٌ - أو خُدُوشٌ، أو كُدوحٌ -
في وَجْهِهِ»،
(١) إسناده حسن. إبراهيم بن عطاء صدوق. علي:
هو ابن نصر الجهضمي الأزدي، وعطاء: هو ابن أبي ميمونة.
وأخرجه ابن ماجه (١٨١١) من طريق سهل
بن حماد، عن إبراهم بن عطاء، بهذا الإسناد.
وفي الباب حديث معاذ المتفق عليه: أن
النبي ﷺ لما بعثه إلى اليمن، قال له: «خذها من أغنيائهم وضعها في فقرائهم».
وقد استدل بهذا على مشروعية صرف زكاة
كل بلد في فقراء أهله، وكراهية صرفها في غيرهم، وقد روي عن مالك والشافعي والثوري
أنه لا يجوز صرفُها في غير فقراء البلد، وقال غيرهم: إنه يجوز مع كراهته لما علم
بالضرورة أن النبي ﷺ كان يستدعي الصدقات من الأعراب إلى المدينة، ويصرفها في فقراء
المهاجرين والأنصار.
وقال الحصكفي في «الدر المختار مع
حاشيته» ٦/ ١١٩ - ١٢١ الطبعة الشامية: وكره نقلها من بلد إلى آخر إلا إلى قرابة أو
أحوج أو أصلح أو أورع أو أنفع للمسلمين، أو من دار الحرب إلى دار الإسلام، أو إلى
طالب علم، أو إلى الزهاد، أو كانت معجلة قبل تمام الحول، فلا يكره.
فقيل: يا رسولَ الله، وما الغِنى؟
قال: «خَمسونَ دِرهمًا، أو قيمتُها مِن الذَّهب» (١).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف حكيم بن
جبير، لكن تابعه زبيد اليامي عند المصنف وابن ماجه والنسائي، وهو ثقة، وقد احتج
بهذا الحديث أحمد بن حنبل فيما نقله عنه ابن عدي في «الكامل» ٢/ ٦٣٦، واحتج به
كذلك الثوري وإسحاق ابن راهويه والحسن بن صالح وابن المبارك فيما حكاه عنهم
الترمذي بإثر الحديث (٦٥٧)، وابن عبد البر في «التمهيد» ٤/ ١٠١ - ١٠٣، وصححه ابنُ
التركماني في «الجوهر النقي» ٧/ ٢٤ - ٢٥. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٤٠)، والترمذي
(٦٥٧)، والنسائي في «الكبرى» (٢٣٨٤) من طرق عن يحيى بن آدم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٦٥٦) من طريق شريك،
عن حكيم بن جبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٧٥). وله
شواهد انظرها فيه.
قال الخطابي: الخموش: هي الخدوش،
يقال: خمشت المرأة وجهها: إذا خدشته بظفر أو حديدة أو نحوها، والكدوح: الأئار من
الخدوش والعض ونحوه.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض
أصحابنا، وبه يقول الثوري، وعبد الله ابن المبارك وأحمد وإسحاق، قالوا: إذا كان
عند الرجل خمسون درهمًا، لم تحل له الصدقة، ولم يذهب بعض أهل العلم إلى حديث حكيم
بن جبير، ووسعوا في هذا، وقالوا: إذا كان عنده خمسون درهمًا وهو محتاج، فله أن
يأخذ من الزكاة وهو قول الشافعي وغيره من أهل العلم.
وانظر «شرح السنة» للبغوي ٦/ ٨٥ - ٨٦
بتحقيقنا.
وقال البيهقي في «معرفة السنن
والآثار» (١٣٣٣٧) بعد أن أورد الأحاديث في بيان جواز المسألة وحدّ الغنى الذي يجوز
معه السؤال: وكل ذلك متفق في المعنى، وهو أنه اعتبر الغنى، وهو الكفاية، ثم إنها
تختلف باختلاف الناس فمنهم من يغنيه خمسون ومنهم من يغنيه أربعون، ومنهم من له كسب
يدر عليه كل يوم من يغديه ويعشيه، ولا عيال له فهو مستغن به، فلا يكون له أحد
الصدقة. وانظر تمام كلامه في «معرفة السنن والآثار» ٩/ ٣٣٠ - ٣٣١.
قال يحيي: فقال عبدُ الله بنُ عثمان
لسفيان: حفظي أن شعبةَ لا يروي عن حكيم بن جبير، فقال سفيان: فقد حدَّثناه زُبيدٌ،
عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد.
١٦٢٧
- حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ، عن
مالكٍ، عن زيدِ بن أسلم، عن عطاء بن يسار
عن رجلٍ من بني أسد، أنه قال: نزلتُ
أنا وأهلي ببقيع الغَرقدِ، فقال لي أهلي: اذهت إلى رسولِ الله ﷺ، فَسَلهُ لنا
شيئًا نأكُلُه، فجعلُوا يذكرون مِن حاجَتهم، فذهبتُ إلى رسولِ الله ﷺ، فوجدتُ عنده
رجلًا يسألُه، ورسولُ الله ﷺ يقول: «لا أجِدُ ما أعطيكَ»، فتولى الرجلُ عنه وهو
مُغضَبٌ، وهو يقول: لَعَمرِي إنَّك لتُعطي مَنْ شئتَ، فقال رسولُ الله ﷺ: «يَغضَبُ
عليَّ أن لا أجِدَ ما أعطيه، مَن سَألَ منكم وله أوقيةٌ أو عِدلها، فقد سألَ
إلحافًا». قال الأسدي: فقلت: للقحة لنا خيرٌ مِن أوقية، والأوقية أربعونَ درهمًا،
قال: فرجعتُ ولم أسأله، فقَدِمَ على رَسُولِ الله ﷺ بَعْدَ ذلك شعير وزبيب، فقسم
لنا منه، أو كما قال، حتى أغنانا الله عز وجل! (١)
(١) إسناده صحيح، رجاله ثقات، وإبهام الصحابي
لا تضر.
هو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٩٩٩، ومن
طريقه أخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٣٨٨).
وهو في «مسند أحمد» (١٦٤١١).
قال ابن عبد البر في «الاستذكار» ٢٧/
٤٢٤: ولا أعلم خلافًا بين العلماء في كراهة السؤال لمن له أُوقية أو عدلها، وقد
اختلفوا في المقدار الذي تحرم به الصدقة المفروضة على من ملكه
...
وأما السؤال، فمكروه غير جائز عند
جميعهم لمن يجد منه بُدًّا.
قال أبو داود: هكذا رواه الثوري كما
قال مالك.
١٦٢٨
- حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ وهشامُ
بنُ عمار، قالا: حدَّثنا عبدُ الرحمن ابنُ أبي الرِّجال، عن عُمارة بن غَزِيَّة،
عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري
عن أبيه قال: قالَ رسولُ الله ﷺ:
«مَن سَألَ وله قيمةُ أوقيةٍ فَقَدْ ألْحَفَ»، فقلت: ناقتي الياقوتة هي خيرٌ مِن
أوقية - قال هشام: خيرُ مِن أربعين درهمًا - فرجعتُ، فلم أسأله، زاد هشام في
حديثه: وكانت الأوقية على عهدِ رسول الله ﷺ أربعين درهمًا (١).
١٦٢٩
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد
النُّفيليُّ، حدَّثنا مِسكين، حدَّثنا محمدُ بنُ المهاجر، عن ربيعةَ بن يزيدَ، عن
أبي كَبشةَ السَلولي
حدَّثنا سَهلُ بنُ الحنظلية، قال:
قَدِمَ على رسولِ الله ﷺ عُيينةُ بنُ حِصْنٍ، والأقرعُ بنُ حابسٍ، فسألاه، فأمر
لهما بما سألا، وأمَرَ معاويةَ فكتب لهما بما سألا، فأما الأقرعُ، فأخذ كتابه،
فلفَّه في عِمامته
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. عبد الرحمن
بن أبي الرجال صدوق حسن الحديث.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٣٨٧)
من طريق قتيبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٠٤٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٩٠).
وله شاهد من حديث رجل من بني أسد سلف
قبله.
وآخر من حديث ابن عمرو عند النسائي
في «الكبرى» (٢٣٨٦). وهو حسن.
اللِّقحة: الناقة ذات لبن وجمعها:
لقاح، والأوقية عند أهل الحجاز أربعون درهمًا، وذهب أبو عُبيد القاسم بن سلام في
تحديد الغنى إلى هذا الحديث، وزعم أن من وجد أربعين درهمًا حرمت عليه الصدقة،
وقوله: أو عدلها يريد قيمتها، يقال: هذا عَدل الشيء، أي: ما يساويه في القيمة،
وهذا عِدله، أي: نطيره ومثله في الصورة والهيئة.
وانطلق، وأما عُيينة، فأخذ كتابه،
وأتى النبيَّ ﷺ مكانه، فقال:
يامحمد، أتراني حاملًا إلى قومي
كتابًا لا أدري ما فيه كصحيفة
المتلمِّس، فأخبرَ معاويةُ بقوله
رسولَ الله ﷺ، فقال رسولُ الله ﷺ:
«مَنْ سألَ وعندَه ما يُغْنِيه، فإنما
يَسْتكثِرُ مِن النار» وقال النفيليُّ في موضع آخر: «مِنْ جَمْرِ جَهنم»، فقالوا:
يا رسولَ الله، وما يُغنيه؟ وقال النُّفيليُّ في موضع آخر: وما الغِنَى الذي لا
تنبغي مَعَهُ المسألةُ؟ قال: «قَدْرَ ما يُغذِّيه ويُعشِّيه» وقال النفيليُّ في
موضع آخر: «أن يكونَ له شِبَعُ يَومِ ولَيلةٍ، أو ليلةٍ ويَومٍ» وكان حدَّثنا به
مختصرًا على هذه الألفاظ التي ذَكَرْتُ (١).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. مسكين - هو
ابن بكير الحذاء - صدوق حسن الحديث.
وأخرجه ابن خزيمة (٢٣٩١)، والبيهقي
٧/ ٢٤ من طريق عبد الله بن محمد النُّفيليُّ، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٧٦٢٥)،
وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٠٧٤) و(٢٠٧٥)، والطحاوي في «شرح معاني
الآثار» ٢٦/ ٢٠ و٤/ ٣٧١، و«شرح مشكل الآثار» (٤٨٦)، وابن حبان (٥٤٥) و(٣٣٩٤)،
والطبراني في «المعجم الكبير» (٥٦٢٠)، وفي «مسند الشاميين» (٥٨٤) و(٥٨٥) والبيهقي
٧/ ٢٤ من طريق عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، عن ربيعة بن يزيد، به.
وفي باب تحريم المسألة عن ظهر غنى،
عن أبي هريرة عند مسلم (١٠٤١)، وابن ماجه (١٨٣٨).
قال الطيبي: وقوله: قدر ما يغديه
ويُعشيه: يعني من كان له قوت هذين الوقتين لا يجوز أن يسأل ذلك اليوم صدقة التطوع،
وأما في الزكاة المفروضة، فيجوز للمستحق أن يسألها بقدر ما يتم له نفقة سنة له
ولعياله وكسوتهما، لأن تفريقها في السنة مرة واحدة. =
١٦٣٠ - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ،
حدَّثنا عبدُ الله - يعني ابن عمر ابن غانمٍ - عن عبد الرحمن بن زياد أنه سَمعَ
زياد بن نعيم الحضرميَّ
أنه سمع زيادَ بنَ الحارث
الصُّدائيَّ، قال: أتيتُ رسولَ الله ﷺ، فبايعتُه، فذكَرَ حديثًا طويلًا قال: فأتاه
رجل فقال: أعطني مِنَ الصدقة، فقال له رسولُ الله ﷺ: «إنَّ الله لم يَرضَ بحُكم
نبيٍ ولا غيرِه في الصدقات حتى حَكَم فيها هو، فجزَّأها ثمانيةَ أجزاء، فإن كنتَ
مِن تلك الأجزاء أعطيتُك حقَّك» (١).
١٦٣١
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ
وزُهيرُ بن حرب، قالا: حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي صالح
= وصحيفة المتلمس لها قصة مشهورة عند
العرب، وهو المتلمس الشاعر، وكان هجا عمرو بن هند الملك، فكتب له كتابًا إلى عامله
يوهمه أنه أمر له فيه بعطية، وقد كان كتب إليه يأمره بقتله، فارتاب المتلمس به
ففكه وقرئ له، فلما علم ما فيه رمى به ونجا فضربت العرب المثل بصحيفته بعده، واسم
المتلمس: جرير بن عبد المسيح الضبعي، وهو شاعر جاهلي مُفْلِقٌ مُقِلُّ ذكره ابن
سلام الجمحي في الطبقة السابعة من شعراء الجاهلية، وكان مع ابن أخته طرفة بن العبد
ينادمان عمرو بن هند ملك الحيرة، ثم إنهما هجواه، فلما علم بذلك كره قتلهما عنده،
فكتب لهما كتابين إلى عامله بالبحرين يأمره بقتلهما. انظر «الشعر والشعراء» ١/ ١٧٩
- ١٧٤ لابن قتيبة.
(١)
إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد بن أنعم. ونقل الحافظ السيوطي في «الدر
المنثور» ٤/ ٢٢٠ أن الدارقطني ضعّفه.
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في
«مسنده» (٥٩٨ - زوائده) وجعفر بن محمد الفريابي في «دلائل النبوة» (٣٨)، والطحاوي
في «شرح معانى الآثار» ١٧/ ٢، والطبراني في «الكبير» (٥٢٨٥)، والدارقطني (٢٠٦٣)،
والبيهقي ٤/ ١٧٣ - ١٧٤، و٧/ ٦، وإسماعيل بن محمد الأصبهاني في «دلائل النبوة» (٧)،
والمزي في ترجمة زياد بن نعيم الحضرمي من «تهذيب الكمال» ٩/ ٤٤٧ من طريق عبد
الرحمن بن زياد، به.
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«لَيسَ المِسكينُ الذي تَرُدُّه التَّمْرَةُ والتَّمرَتان والأُكْلَةُ
والأُكلَتانِ، ولكن المِسكينَ الذي لا يَسْألُ الناسَ شيئًا ولا يَفطَنونَ به
فيُعطونَه» (١).
١٦٣٢
- حدَّثنا مسدَّدٌ وعبيدُ الله بن عمر
وأبو كامل - المعنى - قالوا: حدَّثنا عبدُ الواحد بن زياد، حدَّثنا مَعمَر، عن
الزهريِّ، عن أبي سَلَمَة
عن أبي هريرة، قال: قالَ رسولُ الله
ﷺ، مثله: «ولكن المِسكينَ المُتَعفِّفُ»، زاد مُسدَّد في حديثه: «لَيسَ له ما
يَسْتَغني به، الذي لا يَسْأل، ولا يُعلَمُ بحاجته فيتصَدَقَ عليه، فذاك
المَحرُوم» ولم يذكر مُسدَّدٌ: «المتعففُ الذي لا يَسألُ» (٢).
(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد بن
قرط الضبي، والأعمش: هو سيمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان الزيات.
وأخرجه البخاري (١٤٧٦) و(١٤٧٩)
و(٤٥٣٩)، ومسلم (١٠٣٩)، والنسائي في «الكبرى» (٢٣٦٣) و(٢٣٦٤) و(١٠٩٨٧) من طرق عن
أبي هريرة، به.
وانظر ما بعده.
وقوله: «الأكلة والأكلتان» قال
الحافظ بالضم فيهما، ويؤيده ما في رواية الأعرج (وهي الرواية الثانية عند البخاري)
الآتية (١٤٧٩): اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان. قال أهل اللغة: الأكلة بالضم
اللقمة، وبالفتح: المرة من الغداء والعشاء.
وقال النووي: معناه المسكين الكامل
المسكنة الذي هو أحق بالصدقة، وأحوج إليها ليس هو هذا الطواف، وليس معناه نفي أصل
المسكنة عنه، بل معناه نفي كمال المسكنة، ولكن المسكين الذي هو أحق بالصدقة لا
يمطن به فيعطى، وفيه دليل على أن المسكين هو الجامع بين عدم الغنى، وعدم تفطن
الناس له لما يظن به لأجل تعففه وتظهره بصورة الغني من عدم الحاجة، ومع هذا فهو
متعفف عن السؤال.
(٢)
إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري،
ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم، وأبو سلمة: ابن عبد الرحمن بن عوف.
=
قال أبو داود: روى هذا مُحمَّدُ بنُ
ثور وعبدُ الرزاق عن معمر، جعلا المحرومَ مِن كلام الزُّهري، وهو أصحُّ (١).
١٦٣٣
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ
يونس، حدَّثنا هِشامُ بن عُروة، عن أبيه، عن عُبيد الله بن عَديّ بن الخِيار
أخبرني رجلان: أنهما أتيا النبيَّ ﷺ
في حجَّة الوَدَاع وهو يقسِمُ الصدَقة، فسألاه منها، فرفَّع فينا البصرَ وخفَّضَه،
فرآنا جَلدَين، فقال: «إنْ شِئتُما أعطيتكما، ولا حَظَّ فيها لغِنيّ ولا لقويّ
مُكتسب» (٢).
١٦٣٤
- حدَّثنا عبَّادُ بن موسى الأنباري
الختَّليُّ، حدَّثنا إبراهيمُ - يعني ابن سعد - أخبرني أبي، عن ريحان بن يزيد
= وأخرجه النسائى في «الكبرى» (٢٣٦٥)
من طريق عبد الأعلى، عن معمر، بهذا الإسناد. بلفظ: «ليس المسكين الذين ترده
الأُكلة والأكلتان والتمرة والتمرتان» قالوا: فما المسكين يا رسول الله؟ قال:
«الذي لا يجد غنى، ولا يعلم الناس بحاجته فيتصدق عليه».
وانظر ما قبله.
(١)
هو في «مصنف عبد الرزاق» (٢٠٠٢٧) عن معمر، عن الزهري، قال: قال النبي ﷺ ... وفيه:
قال معمر: وقال الزهري: فذلك المحروم.
(٢)
إسناده صحيح.
أخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٣٩٠) من
طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٧٢).
قوله: فرآنا جلدين: بفتح جيم وسكون
لام، أي: قويين.
وقوله: ولا حظ فيها، الضمير للصدقة
على تقدير المضاف، أي: في سؤالها، أو لمصدر السؤال، أي: في المسألة، مكتسب: قادر
على الكسب، قال السندي: والمراد أنه لا يحل لهما السؤال، لا أنه لو أدى أحد إليهما
لم يحل لهما أخذه، أو لم يُجزِ عنه وإلا لم يصح له أن يؤديا إليهما بمشيئتهما، كما
يدل عليه قرله: إن شئتما أعطيتكما.
عن عبد الله بن عمرو، عن النبيَّ ﷺ
قال: «لا تَحِل الصَّدقةُ لغنيّ، ولا لذي مِرَّةِ سَويٍّ» (١).
قال أبو داود: رواه سفيانُ عن سعد بن
إبراهيم، كما قال إبراهيم، ورواه شعبةُ عن سعد قال: «لذي مِرَّة قوي» والأحاديث
الأُخَر عن النبي ﷺ بعضها: «لذي مِرَّة قوي» وبعضها: «لذي مِرَّة سوي».
(١) إسناده قوي، ريحان بن يزيد العامري وثقه
ابنُ معين وابنُ حبان، وجاء في ترجمته في«التاريخ الكبير» ٣/ ٣٢٩: وكان أعرابي
صِدق. سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
وأخرجه الترمذي (٦٥٨) من طريق سفيان
الثوري، عن سعد بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وقال: حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٣٠).
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن
ماجه (١٨٣٩)، والنسائي في «الكبرى» (٢٣٨٩).
وآخر من حديث أبي سعيد الخدري سيأتي
برقم (١٦٣٧).
وثالث من حديث حُبْشي بن جنادة عند
الترمذي (٦٥٩).
ورابع من حديث رجل من بني هلال من
أصحاب النبي ﷺ عند أحمد (١٦٥٩٤).
وقوله: ولا لذي مرة: هو بكسر الميم،
أي: قوة وشدة، وسوي: صحيح الأعضاء.
وقوله: لا تحل الصدقة، أي: سؤالها،
وإلا فهي تحل للفقير، وإن كان قويًا صحيح الأعضاء إذا أعطاه أحد بلا سؤال.
قال في «المحيط» فيما نقله عنه
القاري في «المرقاة»: الغنى على ثلاثة أنواع: غنى يوجب الزكاة وهو ملك نصاب حولي
تام.
وغنى يحرم الصدقة ويوجب صدقة الفطر
والأضحية: وهو ملك ما يبلغ قيمة نصاب من الأموال الفاضلة عن حاجته الأصلية.
وغنى يحرم السؤال دون الصدقة، وهو أن
يكون له قوت يومه وما يستر عورته.
وقال عطاءُ بنُ زهير: إنه لقي عبدَ
الله بن عمرو فقال: إنَّ الصدقةَ لا تَحِلُّ لقوي، ولا لذي مِرَّة سَوِي.
٢٤
- باب من
يجوز له أخذُ الصدقة وهو غنيٌ
١٦٣٥
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن
مالكٍ، عن زيدِ بن أسلم
عن عطاء بن يسار، أن رسولَ الله ﷺ
قال: «لا تَحِلُّ الصَدَقةُ لغني إلا لخمسة: لغازٍ في سبيل الله، أو لِعَاملٍ
عليها، أو لِغارمٍ، أو لرَجُلٍ اشتراها بماله، أو لرَجُلٍ كان له جارٌ مسكين
فتُصُدِّقَ على المسكين، فأهْداها المسكينُ للغنيِّ» (١).
١٦٣٦
- حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا
عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد
الخدري، قال: قال رسولُ الله ﷺ، بمعناه (٢).
(١) حديث صحيح، وقد وصله معمر - وهو ابن راشد
- كما في الطريق الآتي بعده، وتابعه على وصله الثوري عند عبد الرزاق (٧١٥٢)،
والدارقطني في «سننه» (١٩٩٧)، وفي «العلل» ٣/ ورقة ٢٣٦، والبيهقي ٧/ ١٥. وصحح وصله
البزار في «مسنده» كما في «نصب الراية» ٤/ ٣٧٨.
وقد تابع مالكًا على إرساله أيضًا
سفيان بن عيينة عند ابن عبد البر في «التمهيد» ٥/ ٩٦، ولا يضر إرسال من أرسله، لأن
معمرًا والثوري حافظان، فيكون عطاء بن يسار أرسله مرة ووصله أخرى.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٢٦٨،
ومن طريقه أخرجه البيهقي ٧/ ١٥.
وانظر تالييه.
(٢)
إسناده صحيح كما سلف بيانه في الطريق السالف قبله.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه»
(٧١٥١) ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (١٨٤١). =
قال أبو داود: ورواه ابنُ عيينة عن
زيد كما قال مالك. ورواه الثوري عن زيد قال: حدثني الثَّبتُ عن النبي ﷺ.
١٦٣٧
- حدَّثنا محمدُ بنُ عوفٍ الطائي،
حدَّثنا الفِريابيُّ، حدَّثنا سُفيانُ، عن عِمران البارقيِّ، عن عَطيَّه
عن أبي سعيدٍ، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «لا تَحِلُّ الصَّدقةُ لغني، إلا في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو جارٍ فقيرٍ
يُتصدَّقُ عليه، فيُهدي لك أو يدعوك» (١).
= وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف»
(٧١٥٢) عن الثوري، عن زيد بن أسلم، عن عطاه بن يسار، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ، به.
وهذا اختلاف في تعيين الصحابي، ومثل هذا لا يضر بصحة الحديث، ثم إن إبهام الصحابي
لا يضر أيضًا، لأنهم كلهم ثقات. على أنه مرة نص على ذكر أبي سعيد كما بيناه في
الطريق السالف قبله.
وهو في «مسند أحمد» (١١٥٣٨).
(١)
إسناده ضعيف، لضعف عطية - وهو ابن سعد بن جنادة -، وجهالة عمران البارقي.
الفريابي: هو محمد بن يوسف الضبي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن خزيمة
(٢٣٦٨)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٢/ ١٩، والبيهقي ٧/ ٢٢ من طريق سفيان
الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده»
(٢١٩٤) مختصرًا، وأبو يعلى المرصلي في «مسنده» (١٣٣٣)، والبيهقى في «السنن الكبرى»
٧/ ٢٢ من طريق فراس بن يحيي الهمدانى أبو يحيى المُكتب، وابن أبي شيبة ٣/ ٢١٠،
وعبد بن حميد في «المنتخب» (٨٩٥)، وأبو يعلى في «مسنده» (١٢٠٢)، والطحاوي في «شرح
معاني الآثار» ٢/ ١٩، والبيهقي ٧/ ٢٣ من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى،
كلاهما عن عطية العوفي، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢٦٨).
والصحيح ما سلف قبله.
قال أبو داود: ورواه فراسٌ وابن أبي
ليلى عن عطية، مثله.
٢٥
- باب كم
يُعطَى الرجلُ الواحد من الزكاة؟
١٦٣٨
- حدَّثنا الحسنُ بنُ محمد بن
الصَّباح، حدَّثنا أبو نعيم، حدثني سعيد بن عبيد الطائيُّ، عن بشير بن يسار زعم أن
رجلًا من الأنصار يقال له: سَهْلُ بنُ أبي حَثْمة أخبره: أن النبيَّ ﷺ ودَاهُ
بمئةٍ من إبل الصَّدَقة - يعني دِيّة الأنصاريِّ الذي قتل بخيبر - (١).
(١) إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين.
وأخرجه البخاري (٦٨٩٨)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٩٦٦) و(٦٨٩٥) من طريق أبي نعيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٦٦٩) من طريق عبد الله
بن نمير، عن سعيد بن عبيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٠٩١).
وسيأتي بطوله برقم (٤٥٢٠) و(٤٥٢١)
و(٤٥٢٣).
قال الخطابي: وقد اختلف الناس في قدر
ما يُعطى الفقير من الصدقة، فكره أبو حنيفة وأصحابه أن يبلغ مئتي درهم إذا لم يكن
عليه دين، أو له عيال، وكان سفيان الثوري يقول: لا يدفع إلى رجل من الزكاة أكثر من
خمسين درهمًا، وكذلك قال أحمد ابن حنبل، وعلى مذهب الشافعي يجوز أن يعطى على قدر
حاجته من غير تحديد فيه، فإذا زال اسم الفقر عنه لم يُعط.
قال الإمام النووي في «المجموع» قال
أصحابنا العراقيون وكثير من الخراسانيين: يُعطى الفقير والمسكين ما يخرجهما من
الحاجة إلى الغنى، وهو ما تحصل به الكفاية على الدوام، وهذا هو نص الشافعي رحمه
الله. وقالوا:
فإن كان عادته الاحتراف.
أعطي ما يشتري به حرفته أو آلات
حرفته، ْ قَلَّت قيمته أوكثُرت، ويكون قدره بحيث يحصل له من ربحه ما يفي بكفايته
غالبًا تقريبًا، ويختلف ذلك باختلاف الحرف والبلاد والأزمان والأشخاص ... فإن لم
يكن محترفًا ولا يحسن صنعة أصلًا ولا تجارة ولا شيئًا من أنواع المكاسب، أعطي
كفاية العمر لأمثاله في بلاده ولا يتقدر بكفاية سنة. =
٢٦ - باب ما تجوز فيه المسألة (١)
١٦٣٩
- حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر النَّمَريُ،
حدَّثنا شُعبةُ، عن عبد الملك بن عُمير، عن زيدِ بن عُقبة الفَزاريِّ
عن سَمُرَة، عن النبيِّ ﷺ قال:
«المسائِلُ كُدُوحٌ يمدَحُ بها الرَّجُلَ وَجْهَهُ، فمن شاء أبقى على وجهه، ومن
شَاءَ تَرَكَ، إلا أن يسأل الرجلُ ذا سلطانٍ، أو في أمر لا يَجِدُ منه بُدًا» (٢).
١٦٤٠
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بنُ
زيد، عن هارون بن رِئاب، حدَّثني كِنانة بن نُعَيم العدويُّ
عن قَبِيصة بن مُخارق الهلاليِّ،
قال: تحمَّلت حَمالةً، فأتيتُ النبيَّ ﷺ، فقال: «أقم يا قبيصةُ حتى تأتينا
الصَدَقَة، فنأمرَ لك بها».
= وقال شمس الدين الرملي في «شرح
المنهاج»: إن المسكين والفقير إن لم يحسن كل منهما كسبًا بحرفة ولا تجارة يعطى
كفاية ما بقي من العمر الغالب لأمثاله في بلده، لأن القصد إغناؤه، ولا يحصل إلا
بذلك، فإن زاد عمره عليه، أعطي سنة بسنة. وليس المراد بإعطاء من لا يحسن الكسب
إعطاعه نقدًا يكفيه بقية عمره المعتاد، بل إعطاءه ثمن ما يكفيه دخله منه، كأن
يشتري له بها عقارًا يستغله، ويغتني به عن الزكاة فيملكه ويورث عنه ... وانظر
تفصيل المسألة في «فقه الزكاة» للعلامة القرضاوي ٢/ ٥٦٣ - ٥٧٨.
(١)
هذا التبويب أثبتناه من (هـ) و(و).
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (٦٨٨)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٣٩١) و(٢٣٩٢) من طريق عبد الملك بن عمير، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٢١٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٩٧).
كدوح: خدوش وجروح يخدش بها الرجل
وجهه يوم القيامة، وهو كناية عن الذل والهوان.
ثم قال: «يا قبيصةُ، إن المسألةَ لا
تَحِلُّ إلا لإحدى ثلاثة: رَجُلٍ تحمَّلَ حَمالةً، فحلَّت له المسألةُ، فسأل حتَى
يُصيبَها، ثم يمسك.
ورجلٌ أصابته جَائحةٌ، فاجتاحت مالَه
فَحَلَّت له المسألةُ، فسأل حتى يُصيب قِوامًا مِن عيش - أو سِدادًا مِن عيشٍ
-
ورجلٍ أصابتْهُ فاقةٌ حتى يقول ثلاثة
من ذوي الحِجى مِنْ قومه: قد أصابت فلانًا الفاقةُ، فحلَّت له المسألةُ، فسأل حتى
يُصيب قِوامًا مِن عيشٍ - أو سِدادًا من عيش - ثم يُمسك، وما سِواهُن مِن المسألةِ
يا قَبيصَةُ سُختٌ، يأكلُها صَاحِبُها سُحتًا» (١).
١٦٤١
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ،
أخبرنا عيسى بنُ يونس، عن الأخضرِ ابن عجلان، عن أبي بكر الحنفيِّ
عن أنس بن مالك: أن رجلًا من الأنصار
أتى النبيَّ ﷺ يسأله، فقال: «أما في بيتك شيء؟» قال: بلى، حِلْسٌ: نَلْبَسُ بعضَه
ونَبْسُطُ
(١) إسناده صحيح. مُسدَد: هو ابن مُسَرْهَد
الأسدي.
وأخرجه مسلم (١٠٤٤)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٣٧١) و(٢٣٧٢) و(٢٣٨٣).
وهو في «مسند أحمد» (١٥٩١٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٢٩١).
قوله: تحمل حمالة. قال في «المجمع»:
بالفتح ما يتحمله الإنسان عن غيره من دِية أو غرامة، كأن تقع حرب بين فريقين ويسفك
فيها الدماء فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين، والتحمل: أن
يحملها عنهم على نفسه.
والجائحة: الآفة كالغرق والحرق وفساد
الزرع، والسداد: ما يسد به الفقر ويدفع ويكفي الحاجة، وكل شىء سددت به خللًا، فهو
سِداد بالكسر، ولهذا سمي سِداد القارورة بالكسر وهو صمامها، ومنها سِداد الثغر
بالكسر إذا سد بالخيل والرجال، وأما السَّداد بالفتح، فإنما معناه الإصابة في
المنطق وأن يكون الرجل مسددًا.
والسحت: هو الحرام الذي لا يحل كسبه،
لأنه يسحت البركة، أي: يذهها.
بعضَه، وقَعْبٌ نشربُ فيه من الماء،
قال: «ائتني بهما»، قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسولُ الله ﷺ بيده، وقال: «من يشتري
هذين؟» قال
رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: «مَنْ
يزيدُ على درهم؟» مرتين أو ثلاثًا،
قال رجل: «أنا آخذُهما بدرهمين»،
فأعطاهما إياه، وأخذَ الدرهمين،
فأعطاهما الأنصاريَّ، وقال: «اشترِ
بأحدهما طعامًا، فانبِذْه إلى أهلك،
واشترِ بالآخر قَدومًا فأتني به»
فأتاه به، فشدَّ فيه رسولُ الله ﷺ عودًا بيده،
ثم قال له: «اذهبْ فاحتَطِبْ وبع،
ولا أرَيَنَّك خمسةَ عشرَ يومًا» فذهب
الرجلُ يَحْتَطِب ويبيع، فجاء، وقد
أصابَ عشرةَ دراهم، فاشترى
ببعضها ثوبًا، وببعضها طعامًا، فقال
رسولُ الله ﷺ «هذا خيرٌ لك من أن
تجيءَ المسألةُ نكتةً في وجهك يومَ
القيامة، إن المسألة لا تَصلُحُ إلا لثلاثة: لذي فَقْرٍ مُدْقع، أو لذي غُرْمِ
مُفْظِعِ، أو لذي دَمٍ مُوجِع» (١).
(١) إسناده ضعيف، لجهالة حال أبي بكر الحنفي،
وللقطعة الأخيرة منه وهي قوله: «إن المسألة ...» شواهد تصح بها. أبو بكر الحنفي:
هو عبد الله.
وأخرجه ابن ماجه (٢١٩٨)، والترمذي
(١٢٦١)، والنسائي في «الكبرى» (٦٠٥٤) من طرق عن الأخضر بن عجلان، بهذا الإسناد.
ورواية النسائي مختصرة بقوله: أن رسول الله ﷺ باع قدحًا وحِلسًا فيمن يزيد. وهو في
«مسند أحمد» (١٢١٣٤).
ويشهد لبيع المزايدة حديث جابر بن
عبد الله عند البخاري (٢١٤١).
ويشهد لقوله: «المسألة نكتة في وجهك
يوم القيامة» حديث ابن عمر عند البخاري (١٤٧٥)، ومسلم (١٠٤٠).
ولقوله: «إن المسألة لا تصلح إلا
...» حديث حبشي بن جُنادة عند الترمذي (٦٥٩) و(٦٦٠).
ولعل الترمذي حسنه لهذه الشواهد، وقد
فاتنا أن ننبه على هذه الشواهد في «سنن الترمذي»، فتستدرك من هنا.
٢٧ - باب كراهية المسألة
١٦٤٢
- حدَّثنا هشامُ بنُ عمَّار، حدَّثنا
الوليدُ، حدَّثنا سعيدُ بن عبد العزيز، عن ربيعة - يعني ابن يزيد - عن أبي إدريس
الخولاني، عن أبي مسلم الخولاني حدَّثني الحبيبُ الأمينُ، أما هو إليّ فحبيبٌ،
وأما هو عندي فأمينٌ:
عوفُ بن مالك، قال: كنا عندَ رسولِ
الله ﷺ سبعةً، أو ثمانيةً، أو تسعةً، فقال: «ألا تبايعون رسولَ الله؟» وكُنَّا
حديثَ عهدٍ ببيعة، قلنا: قد بايعناك، حتى قالها ثلاثًا، فبسطنا أيدينا فبايعناه،
فقال قائل: يا رسولَ الله، إنا قد بايعناك، فعلام نُبايعُك؟ قال: «أن تعبدُوا
الله، ولا تُشْرِكوا به شيئًا، وتُصَلُّوا الصلواتِ الخمسَ، وتسمعُوا وتُطيعوا -
وأسرَّ كلمةً خفيَّةً - قال: ولا تَسْألوا الناسَ شيئًا»، قال: فلقد كان بعضُ
أولئك النفر يَسقُطُ سَوطُه، فما يسألُ أحدًا أن يُناوِلَه إيَّاه (١).
قال أبو داود: حديثُ هشام لم يروه
إلا سعيد.
١٦٤٣
- حدَّثنا عُبيدُ الله بن معاذ،
حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ، عن عاصم، عن أبي العالية
(١) حديث صحيح. هشام بن عمار والوليد - وهو
ابن مسلم - متابعان. أبو إدريس الخولاني: هو عائذ الله بن عبد الله، وأبو مسلم
الخولاني: هو عبد الله بن ثُوَب.
وأخرجه ابن ماجه (٢٨٦٧) عن هشام بن
عمّار، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٠٤٣) من طريق مروان بن
محمد، والنسائي في «الكبرى» (٣١٦) و(٧٧٣٥) من طريق أبي مُسهر عبد الأعلى بن مُسهر،
كلاهما عن سعيد بن عبد العزيز، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٩٩٣) مختصرًا
بذكر المسألة، و«صحيح ابن حبان» (٣٣٨٥).
عن ثوبان - قال: وكان ثوبانُ مولى
رسول الله ﷺ قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ تكفَّلَ لي أن لا يَسْألَ الناسَ شيئًا
وأتكفَّلَ له بالجنة»، فقال ثوبانُ: أنا، فكان لا يسألُ أحدًا شيئًا (١).
٢٨
- باب في
الاستعفاف
١٦٤٤
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن
مالكٍ، عن ابن شهاب، عن عطاء ابن يزيد الليثيِّ
عن أبي سعيد الخدريِّ: أن ناسًا من
الأنصار سألوا رسولَ الله ﷺ فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتَى إذا نَفِدَ ما عندَه
قال: «ما يكونُ عندي مِن خير، فلن أدَّخره عنكم، ومن يَستَعفِفْ يُعِفُّه الله،
ومن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، ومن يَتَصبَّر يُصبرْهُ الله، وما أُعطيَ أحدٌ مِن
عطاءٍ أوسعَ مِن الصبر» (٢).
(١) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ بن نصر
العنبري، وعاصم: هو ابن سليمان الأحول، وأبو العالية: هو رفيع بن مهران الرياحي.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٣٧)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٣٨٢) من طريق عبد الرحمن ابن يزيد عن ثوبان، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٣٧٤).
وأخرج أحمد (٢٢٤٢٠)، والدارمي
(١٦٤٥)، والبزار (٩٢٣ - كشف الأستار)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٢/ ٢٠،
والطبراني في «المعجم الكبير» (١٤٠٧)، وأبو نعيم في «الحلية» ١/ ١٨١ من حديث
ثوبان، عن النبي ﷺ قال: «من سأل مسألة وهو عنها غني كانت شينًا في وجهه يوم القيامة»
وإسناده صحيح.
(٢)
إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٩٩٧،
ومن طريقه أخرجه البخاري (١٤٦٩)، ومسلم (١٠٥٣)، والترمذي (٢١٤٣)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٣٨٠). =
١٦٤٥ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله
بنُ داود (ح)
وحدَّثنا عبدُ الملك بنُ حبيب أبو
مروان، حدَّثنا ابن المبارك - وهذا حديثُه - عن بشير بن سلمان، عن سيَّار أبي
حمزة، عن طارقٍ
عن ابن مسعود، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «مَنْ أصابته فَاقَةٌ فأنزلها بالناسِ، لم تُسَدَّ فاقتُه، ومن أنزلها بالله
أوشَك الله له بالغنى: إمَّا بموت عاجل، أو غِنًى عاجل» (١).
١٦٤٦
- حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا
الليثُ بنُ سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن بَكر بن سَوادَةَ، عن مسلم بن مَخشيٍّ، عن
ابنِ الفِرَاسي
أن الفِرَاسِيَّ قال لرسول الله ﷺ:
أسألُ يا رسولَ الله؟ فقال النبي ﷺ: «لا، وإن كنت سائلًا لا بد، فاسأل الصَّالحين»
(٢).
= وأخرجه البخاري (٦٤٧٠)، ومسلم (١٠٥٣)
من طريقين عن ابن شهاب الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٠٩١)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٤٠٠).
(١)
إسناده حسن. سيّار أبو حمزة روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات» فهو حسن
الحديث. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعبد الله: هو ابن داود بن عامر الرَّبيع
الهمداني، وابن المبارك: هو عبد الله، وطارق: هو ابن شهاب بن عبد شمس البجلي.
وأخرجه الترمذي (٢٤٧٩) من طريق سفيان
الثوري عن بشير بن سليمان، بهذا الإسناد. وقال عنه: حديث حسن صحيح غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٩٦).
وقوله: إما بموت عاجل. قال في «عون
المعبود»: قيل: بموت قريب له غني فيرثه، ولعل الحديث مقتبس من قوله تعالى: ﴿وَمَنْ
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا
يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق:٢ - ٣].
(٢)
إسناده ضعيف، لجهالة مسلم بن مَخْشيّ وابن الفراسي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٣٧٩)
عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٤٥).
١٦٤٧ - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ،
حدَّثنا ليثٌ، عن بُكير بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد
عن ابن الساعدي، قال: استعملني عُمرُ
على الصدقةِ، فلما فرغتُ منها، وأديتُها إليه، أمر لي بعُمالة، فقلت: إنما عملتُ
لله، وأجري على الله، قال: خذ ما أُعطِيتَ، فإني قد عَمِلْتُ على عهد رسولِ الله
ﷺ، فعمَّلني، فقلتُ مِثْلَ قولك، فقال لي رسولُ الله ﷺ: «إذا أعْطِيتَ شيئًا مِن
غيرِ أن تسأله، فكُل وتصَدَّقْ» (١).
١٦٤٨
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن
مالكٍ، عن نافع
عن عبد الله بن عُمَرَ، أن رسولَ
الله ﷺ قال وهو على المنبر وهو يَذكر الصَّدَقَةَ والتعففَ منها، والمسألة: «اليدُ
العُليِا خيرٌ مِن اليد السُّفلى، واليِدُ العُليا المنفقَة، والسُّفلى السائلة»
(٢).
(١) إسناده صحيح. أبو الوليد: هو هشام بن عبد
الملك الطيالسي، والليث: هو ابن سعد، وابن الساعدي - وقيل ابن السَّعدي -: هو عبد
الله.
وأخرجه مسلم (١٠٤٥)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٣٩٦) من طريق بكير بن
عبد الله بن الأشج، به.
وأخرجه بنحوه البخاري (٧١٦٤)،
والنسائى (٢٣٩٧ - ٢٣٩٨) من طريق حُوَيطِب ابن عبد العُزَّى، عن عبد الله بن
السعدي، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٧١)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٤٠٥).
وسيأتي مختصرًا برقم (٢٩٤٤).
العُمالة بضم العين: أجر العامل على
عمله، وعَمّلَني بتشديد الميم: أعطاني العمالة، وأما العَمالة بفتح العين، فهي نفس
العمل.
(٢)
إسناده صحيح.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٩٩٨،
ومن طريقه أخرجه البخاري (١٤٢٩)، ومسلم (١٠٣٣)، والنسائي في «الكبرى» (٢٣٢٤).
وأخرجه البخاري (١٤٢٩) من طريق أيوب،
عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٤٧٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٦٤).
قال أبو داود: اختلف على أيوبَ عن
نافع في هذا الحديث: قال عبد الوارث: «اليدُ العُليا المتعففةُ»، وقال أكثرُهم عن
حماد بن زيد، عن أيوب: «اليدُ العليا المنفقة». وقال واحدٌ عن حماد: المتعففة (١).
١٦٤٩
- حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا
عَبيدة بن حُميد التيميُّ، حَدَثني أبو الزعراء، عن أبي الأحوص
عن أبيه مالك بن نضلة، قال: قال
رسولُ الله ﷺ: «الأيْدي ثلاثة: فيَدُ الله العُليا، ويَدُ المُعطِي التي تَلِيها،
ويَدُ السائِلِ السُّفلى، فأعْطِ الفَضْلَ، ولا تَعْجِزْ عن نَفْسِكَ» (٢).
(١) قال الحافظ في «الفتح» ٣/ ٢٩٧: فأما الذي
قال عن حماد: المتعففة بالعين وفائين، مُسدَّد كذلك روينا عنه في «مسنده»رواية
معاذ بن المثنى عنه، ومن طريقه أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد»، وقد تابعه على
ذلك أبو الربيع الزهراني كما رويناه في كتاب «الزكاة» ليوسف بن يعقوب القاضي:
حدَّثنا أبو الربيع.
وأما رواية عبد الوارث فلم أقف عليها
موصولة، وقد أخرجه أبو نعيم في «المستخرج» من طريق سليمان بن حرب عن حماد بلفظ:
«اليد العليا يد المعطي» وهذا يدل على أن من رواه عن نافع بلفظ «المتعففة» فقد
صحَّف.
(٢)
إسناده صحيح. أبو الزعراء: هو عمرو بن عمرو - ويقال: ابن عامر - بن مالك، وأبو
الأحوص: هو عوف بن مالك بن نضْلة.
وهو عند أحمد في «مسنده» (١٥٨٩٠)،
ومن طريقه أخرجه الحاكم في «المستدرك» ١/ ٤٠٨.
وأخرجه ابن خزيمة (٢٤٤٠)، وابن حبان
(٣٣٦٢)، والبيهقي ٤/ ١٩٨ من طريق عَبِيدة بن حُميد، به.
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر
سلف قبله.
وآخر من حديث عبد الله بن مسعود عند
أحمد برقم (٤٢٦١).
وقوله: «ولا تعجز عن نفسك»، أي: لا
تعجز عن ردّ نفسك إذا منعتك عن الإعطاء.
٢٩ - باب الصدقة على بني هاشم
١٦٥٠
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا
شُعبةُ، عن الحَكَمِ، عن ابنِ أبي رافعٍ
عن أبي رافع: أن النبيَّ ﷺ بعثَ
رجلًا على الصدقة مِن بني مخزوم، فقال لأبي رافع: اصحبني فإنَك تُصيبُ منها، قال:
حتى آتيَ النبيَّ ﷺ فأسألَه، فأتاه فسأله، فقال: «مولى القَومِ مِنْ أنفسهم، وإنا
لا تَحِلُّ لنا الصَّدَقَة» (١).
(١) إسناده صحيح. محمد بن كثير: هو العبدي،
والحكم: هو ابن عتيبة الكندي مولاهم، وابن أبي رافع: هو عبيد الله.
وأخرجه الترمذي (٦٦٣)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٤٠٤) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٨٦٣)
و(٢٣٨٧٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٢٩٣).
وبنو هاشم: هم آل علي وآل عباس وآل
جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبدالمطلب.
وهاشم: هو ابن عبد مناف بن قصي بن
كلاب بن مرة.
قال الخطابي: أما النبي ﷺ، فلا خلاف
بين المسلمين أن الصدقة لا تحل له، فكذلك بنو هاشم في قول أكثر العلماء، وقال
الشافعي: لا تحل الصدقة لبني عبد المطلب، لأن النبي ﷺ أعطاهم من سهم ذوي القربى،
وأشركهم فيه مع بني هاشم، ولم يعط أحدًا من قبائل قريش غيرهم، وتلك العطية عِوض
عوضوه بدلًا عما حرموه من الصدقة، فأما موالي بني هاشم فإنه لا حظ لهم في سهم ذوي
القربى، فلا يجوز أن يحرموا الصدقة، ويشبه أن يكون إنما نهاه عن ذلك تنزيهًا له.
وقال: «مولى القوم» على سبيل التشبيه
للاستنان بهم والاقتداء بسيرتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس، ويشبه
أن يكون ﷺ قد كان يكفيه المؤونة إذ كان أبو رافع مولى له، وكان ينصرف له في الحاجة
والخدمة، فقال له على هذا المعنى: إذا كنت تستغني بما أُعطت فلا تطلب أوساخ الناس،
فإنك مولانا ومنا.
١٦٥١ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل ومسلمُ بنُ
إبراهيم - المعنى - قالا: حدَّثنا حماد، عن قتادة
عن أنسٍ: إن النبيَّ ﷺ كان يَمُرُّ
بالتمرةِ العائِرة فما يمنعُه مِنْ أخذها إلا مخافةَ أن تكون صدقةً (١).
١٦٥٢
- حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرنا أبي،
عن خالد بن قيس، عن قتادة
عن أنس: أن النبي ﷺ وجَدَ تمرةً،
فقال: «لولا أني اْخافُ أن تكونَ صدقةً لأكلتها» (٢).
قال أبو داود: رواه هشامٌ عن قتادة
هكذا.
١٦٥٣
- حدَّثنا محمدُ بن عُبيدٍ المحاربيُّ،
حدَّثنا محمدُ بنُ فضيلٍ، عن
الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن
كُريب مولى ابن عباس
(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وقتادة:
هو ابن دعامة السدوسي.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٩١٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٢٩٦).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: العائرة: هي الساقطة
على وجه الأرض لا يعرف من صاحبها، ومِن هذا قيل: عار الفرس، إذا انفلت على صاحبه
فذهب على وجهه ولا يدفع. وهذا أصل في الورع وفي أن كل ما لا يتينه الإنسان من شيء
طلقًا لنفسه فإنه يجتنبه ويتركه.
(٢)
إسناده صحيح. علي: هو ابن نصر بن علي الأزدي.
وأخرجه مسلم (١٠٧١) من طريق هشام بن
أبي عبد الله، عن قتادة، به.
وأخرجه البخاري (٢٠٥٥) و(٢٤٣١)
و(٢٤٣٢)، ومسلم (١٠٧١) من طريق طلحة بن مُصرّف، عن أنس بن مالك.
وهو في «مسند أحمد» (١٢١٩٠) و(١٤١١٠).
وانظر ما قبله.
عن ابن عباسٍ قال: بعثني أبي إلى
النبيَّ ﷺ في إبلٍ أعطاها إيّاه من الصَّدقة (١).
١٦٥٤
- حدَّثنا محمدُ بن العلاء وعثمانُ بن
أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا محمدٌ - هو ابن أبي عُبيدة - عن أبيه، عن الأعمش، عن
سالمٍ، عن كُريب مولى ابن عباس عن ابن عباس، نحوه، زاد أبي: يُبدِّلها (٢).
٣٠
- باب
الفقير يهدي للغنيِّ من الصدقة
١٦٥٥
- حدَّثنا عمرو بنُ مرزوقِ، أخبرنا
شُعبةُ، عن قتادةَ
عن أنس: أن النبي ﷺ أُتي بلَحم، قال:
«ما هذا؟» قالوا: شيءٌ تُصدِّق به على بَريرةَ، فقال: «هو لها صدقةٌ ولنا هديةٌ»
(٣).
(١) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى»
مطولًا (١٣٤١) من طريق محمد بن إسماعيل عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده.
قال البيهقي: هذا الحديث لا يحتمل
إلا معنيين، أحدهما: أن يكون قبل تحريم الصدقة على بني هاشم فصار منسوخًا، والآخر:
أن يكون قد استسلف من العباس للمساكين إبلًا ثم ردها عليه من إبل الصدقة.
(٢)
إسناده صحيح. ابن أبي عبيدة: هو عبد الملك بن معن الهذلي.
وانظر ما قبله.
(٣)
إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي.
وأخرجه البخاري (١٤٩٥) و(٢٥٧٧)،
ومسلم (١٠٧٤)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٥٩) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٢١٥٩).
قال البيضاوي: إذا تصدق على المحتاج
بشيء ملكه، وصار له كسائر ما يملكه، فله أن يهدي به غيره، كما له أن يهدي سائر
أمواله بلا فرق.
٣١ - باب من تصدق بصدقة ثم ورثها
١٦٥٦
- حدَّثنا أحمدُ بنُ عبد الله بن يونس،
حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عبدُ الله ابنُ عطاء، عن عبد الله بن بُريدة
عن أبيه بريدة: أن امرأةً أتتْ رسولَ
الله ﷺ فقالت: كُنتُ تصدقتُ على أمي بوليدةٍ، وإنها ماتَت وتَرَكَت تلك الوليدة،
قال:
«قد وجَبُ أجرُكِ، ورَجَعَت إليكِ في
الميراث» (١).
٣٢
- باب في
حقوق المال
١٦٥٧
- حدَّثنا قُتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا
أبو عَوانَة، عن عاصم بن أبي النَّجود، عن شقيقٍ
عن عبد الله، قال: كنَا نعُدُّ
الماعونَ على عهدِ رسولِ الله ﷺ عاريةَ الدَّلوِ والقِدْرِ (٢).
(١) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي.
وأخرجه مسلم (١١٤٩)، وابن ماجه
(٢٣٩٤)، والترمذي (٦٧٣)، والنسائي في «الكبرى» (٦٢٨٠ - ٦٢٨٣) من طرق عن عبد الله
بن عطاء، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٩٥٦).
وسيكرر برقم (٢٨٧٧) و(٣٣٠٩) وفيه
زيادة.
وقوله: «ورجعت إليكِ في الميراث»،
أي: ردها الله عليكِ بالميراث، وصارت الجارية ملكًا لكِ بالإرث، وعادت إليك بالوجه
الحلال، والمعنى: أن ليس هذا من باب العود في الصدقة، لأنه ليس أمرًا اختياريًا،
وأكثر العلماء على أن الشخص إذا تصدق بصدقة على قريبه، ئم ورثها حلت له.
(٢)
إسناده حسن. عاصم بن أبي النجود صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات.=
١٦٥٨ - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا
حماد، عن سهيلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيه
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ قال:
«ما مِنْ صاحب كنزٍ لا يُؤدي حقَّه إلا جعله الله يومَ القيامةِ يُحمَى عليها في
نارِ جهنم فتُكْوى بها جَبْهَتُه وجَنبُه وظَهْره، حتى يقضيَ الله بينَ عباده في
يومٍ كان مقدارُه خمسينَ ألفَ سنةٍ مما تعدُّون، ثم يَرَى سبيلَه إما إلى الجنةِ
وإما إلى النار، وما مِنْ صاحب غنمٍ لا يُؤدي حَقَّها إلا جاءتْ يومَ القيامةِ
أوفَر ما كانتْ، فيُبطَحُ لها بقَاعٍ قَرقرٍ فتنطَحُهُ بقُرونها، وتطؤُه بأظلافها،
ليس فيها عقصاء ولا جلحاء كلما مضتْ أخراها رُدَّت عليه أولاها، حتى يحكمَ الله
بين عباده في يومٍ كانَ مقدارُه خمسينَ ألفَ سنةٍ مما تَعُدُّون، ثم يَرَى سبيلَه
إماْ إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبلٍ لا يُؤدي حَقَّها إلا جاءت يومَ
القيامة أوفَر ما كانت، فيُبطَحُ لها بقاعٍ قَرْقرٍ، فتطؤه بأخفافِها كلما مَضتْ
عليه أُخراها، رُدَّت عليه أولاها، حتى يحكمَ الله بين عباده في يَومٍ كان مقدارُه
خمسينَ ألف سنةٍ مما تعدُّونَ، ثم يَرَى سَبيلَه إما إلى الجنة وإما إلى النار»
(١).
= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١١٦٣٧)
عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: رأس
الماعون زكاة المال، وأدناه: المنخل والدلو والإبرة، قال ابن كثير: وهذا الذي قاله
عكرمة حسن، فإنه يشمل الأقوال كلها، وترجع كلها إلى شيء واحد، وهو ترك المعاونة
بمال أو بمنفعة.
(١)
إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة، وأبو صالح: هو ذكوان السمان وأخرجه مسلم بطوله
(٩٨٧) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. =
١٦٥٩ - حدَّثنا جعفرُ بنُ مسافر، حدَّثنا
ابنُ أبي فُديكٍ، عن هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلمَ، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ نحوه. قال
في قصةِ الإبل بعدَ قوله: «لا يُؤدِّي حَقَّها» قال: «ومِن حقِّها حَلْبُها يَوْمَ
وِرْدِها» (١).
= وأخرجه مختصرًا بذكر الكنز النسائي
في «الكبرى» (١١٥٥٧) من طريق معمر، عن سهيل، به. بلفظ: «ما من رجل لا يؤدي زكاة
ماله إلا جعل له يوم القيامة شجاعًا من نار، فيكوى بها جبهته وجبينه وظهره في يوم
كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس».
وأخرجه مسلم (٩٨٧) من طريق بكير بن
عبد الله، عن أبي صالح، به. بنحو حديث سهيل عند المصنف.
وأخرجه مختصرًا بذكر الكنز البخاري
(١٤٠٣)، والنسائي في «الكبرى» (٢٢٧٣) من طريق عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، به.
إلا أنه قال في روايته: «من آتاه الله مالًا فلم يؤد زكاته، مُثل له يوم القيامة
شجاعًا أقرع له زبيبتان، يطوِّقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني بشِدقَيه -
ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك».
وأخرجه نحوه مختصرًا البخاري (٦٩٥٨)
من طريق همام بن منبه، وابن ماجه (١٧٨٦) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب، كلاهما عن
أبي هريرة، به. ولفظهما في الكنز بنحو لفظ عبد الله بن دينار عن أبي صالح.
وأخرجه البخاري (١٤٠٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٢٤٠) من طريق عبد الرحمن ابن هرمز، عن أبي هريرة، به. ورواية البخاري
ليس فيها ذكر الكنز. ولفظ رواية النسائي في الكنز كرواية عبد الله بن دينار، عن
أبي صالح.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٦٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٢٥٣) و(٣٢٥٤).
وانظر ما سيأتي برقم (١٦٥٩) و(١٦٦٠).
القاع: الأرض الواسعة. قر قر: أملس.
والأظلاف: جمع ظلف وهو للبقر والغنم بمنزلة الحافر للفرس، والعقصاء: ملتوية القرن،
والجلحاء: التي لا قرن لها.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. هشام بن سعد حديثه حسن في المتابعات والشواهد، وقد
توبع. =
١٦٦٠ - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا
يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا شُعبةُ، عن قتادة، عن أبي عمر الغُدانيِّ
عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسولَ الله
ﷺ نحو هذه القصَّة، فقال له - يعني لأبي هريرة -: فما حقُّ الإبل؟ قال: تُعطي
الكَريمةَ، وتَمنَحُ الغَزيرةَ وتُفْقِرُ الظهر، وتُطرِقُ الفَحلَ، وتَسْقِي
اللَّبَن (١).
= وأخرجه مسلم بتمامه (٩٨٧) من طريق
هشام بن سعد، و(٩٨٧) من طريق حفص بن ميسرة، كلاهما عن زيد بن أسلم، به.
وأخرج البخاري (٢٣٧٨) من طريق عبد
الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة، به. رفعه: «من حق الإبل أن تُحلَب على الماء».
وانظر ما قبله.
قال الطيبي: ومعنى حلبها يوم وردها:
أن يسقي ألبانها المارة، وهذا مثل نهيه
عليه الصلاة والسلام عن الجذاذ
بالليل أراد أن يصرم بالنهار ليحضرها الفقراء.
وقال ابن عبد الملك: وحصر يوم الورد
لاجتماعهم غالبًا على المياه، وهذا على سبيل الاستحباب.
وقال ابن حزم في «المحلى» ٦/ ٥٠:
وفرض على كل ذي إبل وبقر وغنم أن يحلبها يوم وردها على الماء، ويتصدق من لبنها بما
طابت به نفسه.
قال شعيب: وأهل القرى في دمشق بارك
الله فيهم الذين عندهم البقر يُوزِّع غالبهم الحليب يوم الجمعة على الفقراء حسبة
لله، وقد كانوا يفعلون ذلك إذ كنت فيهم قبل ربع قرن، وأظنهم لا يزالون يقومون بذلك
إلى يومنا هذا لما أعلم فيهم من الكرم وحب الخير، والبر بالفقراء والمساكين.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عمر - ويقال: عمرو - الغُداني. وأخرجه
النسائي في «الكبرى» (٢٢٣٤) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٠٣٥١).
=
١٦٦١ - حدَّثنا يحيي بنُ خَلَف، حدَّثنا أبو
عاصم، عن ابن جُريْج، قال: قال أبو الزبير:
سمعتُ عُبيدَ بنَ عُميرٍ، قال: قال
رجل: يا رسولَ الله، ما حَقُّ الإبل؟ فذكر نحوه، زاد: «وإعارة دلوها» (١).
١٦٦٢
- حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى
الحَرَّانيُّ، حدثني محمدُ بنُ سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيي بن
حبَّان، عن عَمّه واسع بن حَبّان
= وقول أبي هريرة آخر الحديث أخرجه ابن
أبي شيبة ٧/ ٣٣ عن وكيع عن عكرمة ابن عمار، عن علقمة بن الزبرقان - وهو علقمة بن
بجالة بن الزبرقان - قال: قلت لأبي هريرة: ما حق الإبل ... وعلقمة هذا ذكره ابن
حبان في «الثقات»، وفي «مشاهير علماء الأمصار» وقال: كان ثبتًا.
وانظر سابقيه.
الغزيرة: الكثيرة اللبن، والمنيحة:
الشاة اللبون، أو الناقة ذات الدَّرِ تُعار لدرها، فإذا حُلبت رُدت إلى صاحبها،
وإفقار الظهر: إعارته للركوب، يقال: أفقرت الرجل بعيري: إذا أعرته ظهره يركبه،
ويبلغ عليه حاجته، وإطراق الفحل: إعارته للضرب لا يمنعه إذا طلبه، ولا يأخذ عليه
أجرة.
(١)
إسناده مرسل صحيح. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد الشيباني، وابن
جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز،
وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس.
وأخرجه مسلم (٩٨٨) من طريق عبد
الرزاق عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٤٢).
وأخرجه مسلم (٩٨٨)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٢٤٦) من طريق عبد الملك ابن أبي سليمان، عن أبي الزبير، عن جابر. فوصله.
وأخرجه الطحاوي في «أحكام القرآن»
(٦٤٠)، وفي «شرح معاني الآثار» ٢/ ٢٧ من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، عن
سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر فوصله أيضًا.
عن جابر بن عبد الله: أن النبيَّ ﷺ
أمرَ من كُلِّ جادِّ عشرةِ أوسُقٍ
من التمر بقِنْوٍ يُعَلَّقُ في
المسجدِ للمساكين (١).
١٦٦٣
- حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله
الخزاعيُّ وموسى بنُ إسماعيل، قالا: حدَّثنا أبو الأشهب، عن أبي نَضْرَة
عن أبي سعيد الخدري، قال: بينما نحنُ
مَعَ رسولِ الله ﷺ في
سفر إذ جاء رَجُلٌ على ناقةٍ له،
فجعل يصرفها يمينًا وشمالًا، فقال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ كانَ عندَه فَضْلُ ظَهرٍ
فلْيَعُدْ به على مَنْ لا ظَهْرَ له، ومَنْ كان عندَه فَضْلُ زادٍ فليعُدْ به على
من لا زادَ له» حتى ظننا أنه لا حق لأحدٍ منا في الفضل (٢).
(١) إسناده حسن. محمد بن إسحاق صرح بالسماع
في رواية «المسند»، فانتفت شبهة تدليسه. وقال ابن كثير في «تفسيره»: هذا إسناد جيد
قوي.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٤٨٦٧)،
وأبو يعلى (٢٠٣٨)، وابن حبان في «صحيحه» (٣٢٨٩) من طريقين عن محمد بن سلمة، بهذا
الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٤٨٦٦)،
وأبو يعلى (١٧٨١)، وابن خزيمة (٢٤٦٩)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٣٠،
والحاكم ١/ ٤١٧، والبيهقي ٥/ ٣١١ من طرق عن محمد بن إسحاق، به.
وقوله: «جاد عشرة» قال الخطابي: قال
إبراهيم الحربي: يريد قدرًا من النخل يُجد منه عشرة أوسق، وتقديره تقدير مجدود
فاعل بمعنى مفعول، والمراد بالقِنو العذق بما عليه من الرطب والبسر يعلق للمساكين
يأكلونه، وهذا من صدقة المعروف دون الصدقة التي هي فرض واجب.
(٢)
إسناده صحيح. أبو الأشهب: هو جعفر بن حيان العطاردي، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك
العبدي.
وأخرجه مسلم (١٧٢٨) عن شيبان بن
فرُّوخ، عن أبي الأشهب، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢٩٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٤١٩).
وقوله: «فليعد به على من لا ظهر له».
قال السندي: أي: فليعط من لا ظهر له.
١٦٦٤ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا يحيى بنُ يعلى المحاربىُّ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا غيلانُ، عن جعفر بن إياس،
عن مجاهدٍ
عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه
الآية ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ [التوبة: ٣٤]، قال: كَبُر ذلك على المسلمين، فقال عمر:
أنا أُفرِّجُ عنكم، فانطلق، فقال: يا نبيَّ الله، إنه كَبُرَ على أصحابِك هذه
الآيةُ، فقال رسولُ الله ﷺ: «إنَ الله لم يَفرِض الزكاةَ إلا ليطيِّبَ ما بقي مِن
أموالكم، وإنما فرض المواريثَ لِتكون لِمَن بعدكم» قال: فكبَّر عُمَرُ ثم قال له:
«ألا أُخْبِرُكَ بخيرِ ما يكنِزُ المرءُ؟ المرأةَ الصالحةَ: إذا نَظَر إليها
سَرَّته، وإذا أمَرَها أطاعَتْه، واذا غَابَ عنها حَفِظْتْه» (١).
(١) إسناده ضعيف فقد زاد غير واحد من الرواة
بين غيلان - وهو ابن جامع - وبين جعفر بن إياس - وهو اليشكري الواسطي - عثمان أبا
اليقظان، وهو ضعيف.
يعلى: هو ابن الحارث بن حرب المحاربي.
وأخرجه الحاكم ١/ ٤٠٨ - ٤٠٩ من طريق
علي بن المديني، عن يحيى بن يعلى، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى (٢٤٩٩)، وابن أبي
حاتم في«تفسيره» - كما في تفسير ابن كثير ٤/ ٨٢ -، والحاكم في «المستدرك» ٢/ ٣٣٣،
والبيهقي ٤/ ٨٣، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٦٨/ ١٩ من طرق عن يحيي بن يعلى
المحاربي، عن أبيه، عن غيلان، عن عثمان أبي اليقظان، عن جعفر بن إياس، به.
وقوله في آخر الحديث: «ألا أخبرك
بخير» حسن لغيره.
وفى الباب عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ
بنحوه عند أحمد (٢٢٣٩٢) من طريق عبد الرحمن، عن إسرائيل عن منصور، عن سالم بن أبي
الجعد، عن ثوبان، وهذا سند رجاله ثقات رجال الصحيح إلا أن سالم بن أبي الجعد راويه
عن ثوبان لم يسمع منه فيما قاله غير واحد من أهل العلم.
وأخرجه الترمذي (٣٠٩٤) وحسنه، وقال:
سألت محمد بن إسماعيل سمع سالم ابن أبي الجعد من ثوبان؟ قال: لا.
=
٣٣ - باب حق السائل
١٦٦٥
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا
سفيانُ، حدَّثنا مصعبُ بنُ محمد بن شُرَحبيلٍ، حدثني يعلى بنُ أبي يحيى، عن فاطمة
بنت حُسين
عن حُسين بن علي قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «للسَائِلِ حَقٌّ وإن جاء على فرس» (١).
= وللشطر الثاني في الحديث، وهو قوله:
«ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء ...»
شاهد من حديث ثوبان عند أحمد
(٢٢٣٩٢)، وابن ماجه (١٨٥٦)، والترمذي (٣٠٩٤)، وحسَّنَه.
وآخر من حديث عبد الله بن عمرو بن
العاص عند أحمد (٦٥٦٧)، ومسلم (١٤٦٧)، وابن ماجه (١٨٥٥)، والنسائي في «الكبرى»
(٥٣٢٥) بلفظ: «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة».
وثالث من حديث أبي هريرة عند النسائي
(٥٣٢٤) قال: قيل لرسول الله ﷺ: أيّ النساء خير؟ قال: «التي تسرُّه إذا نظر، وتطيعه
إذا أمر» ولا تخالفه في نفسها وماله بما يكره«. وإسناده صحيح.
(١)
حديث حسن. وقد حَسَّن إسناد هذا الحديث الحافظ العلائي في»النقد الصحيح«ص ٤١ - ٤٢،
وجوّده الحافظ العراقي في»التقييد والإيضاح«والبرهان الأبناسي في»الشذا الفياح«،
والحافظ السخاوي في»المقاصد الحسنة«، ونقل المناوي في»فيض القدير«أن ابن حجر
العسقلاني ردّ على ابن الجوزي في إيراده هذا الحديث في»الموضوعات«. يعلى بن أبي
يحيى - ويقال: يحيى بن أبي يعلى - روى عنه مصعب بن محمد بن شرحبيل ومحمد بن عبد
الله بن مسلم الزهري وإسماعيل بن عبد الملك الأسدي، وذكره ابن حبان في»الثقات«.
ووصفه الدولابي بأنه مولى فاطمة بنت الحُسين.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٣/ ١١٣، وأحمد
(١٧٣٠)، وحميد بن زنجوية في»الأموال«(٢٠٨٨)، والبخاري في»التاريخ الكبير«٨/ ٤١٦
معلقًا، والبزار في»مسنده«(١٣٤٣)، وأبو يعلى (٦٧٨٤)، وابن خزيمة (٢٤٦٨)، والطبراني
في»الكبير«(٢٨٩٣)، وأبو نعيم في»حلية الأولياء«٨/ ٣٧٩ وفي»معرفة الصحابة"
(١٨٠٣)، والبيهقي ٧/ ٢٣،=
١٦٦٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ رافع، حدَّثنا
يحيى بن آدم، حدَّثنا زهيرٌ، عن شيخٍ، قال: رأيتُ سفيان عنده، عن فاطمةَ بنتِ
حُسين، عن أبيها، عن عليّ، عن النبيِّ ﷺ مثله (١).
= وابن عبد البر في «التمهيد» ٥/ ٢٩٦
من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. لكن سقط بعضُ الإسناد من مطبوع ابن خزيمة.
وانظر ما بعده.
ويشهد له حديث الهرماس بن زياد عند
ابن قانع في «معجم الصحابة» ٣/ ٢١١، والطبراني في «الكبير» ٢٢/ (٥٣٥) وفي إسناده
عثمان بن فائد، وهو ضعيف.
ومرسل زيد بن أسلم عند مالك في
«الموطأ» ٢/ ٩٩٦، وعبد الرزاق (٢٠٠١٧) ورجاله ثقات.
وانظر «المقاصد الحسنة» للحافظ
السخاوي (٨٧٣).
قال ابن الأثير في «النهاية»: معناه
الأمر بحسن الظن بالسائل إذا تعرّض لك، وأن لا تجْبَهَه بالتكذيب والردّ مع إمكان
الصدق، أي: لا تخيب السائل وإن رابك منظره وجاء راكبًا على فرس، فإنه قد يكون له
فرس ووراءه عائلة، أو دين يجوز معه أخذ الصدقة، أو يكون من الغزاة أو من الغارمين
وله في الصدقة سهم.
(١)
حديث حسن كسابقه، ويغلب على ظننا أن الرجل المبهم في هذا الإسناد مو يعلى بن أبي
يحيى الذي مضى ذكره في الإسناد السابق كما استظهره الحافظ العلائي في «النقد
الصحيح».
وقد اختلف في إسناد هذا الحديث فمرة
جاء عن حسين بن علي، عن أبيه كما هو هنا، ومرة جاء عن حسين بن علي مرسلًا - كما في
الإسناد السابق. قال العلائي: وإن يكن كذلك فهو مرسل صحابي لا يجيء فيه الخلاف
الذي في المرسل. زهير: هو ابن معاوية الجعفي.
وأخرجه القضاعي في «مسند الشهاب»
(٢٨٥)، البيهقي ٧/ ٢٣، من طريق زهير ابن معاوية، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
١٦٦٧ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا
الليث، عن سعيدِ بنِ أبي سعيد، عن عبد الرحمن بن بُجَيدٍ
عن جدته أم بُجَيد - وكانت ممَن
بايَع رسولَ الله ﷺ أنها قالت له: يا رسولَ الله صلَّى الله عليكَ، إن المسكينَ
ليقومُ على بابي، فما أجِدُ له شيئًا أعطيه إيَّاه، فقال لها رسولُ الله ﷺ: «إنْ
لم تَجِدي له شيئًا تُعطينه إياه إلا ظِلْفًا مُحَرَّقًا فادفعيه إليه في يَدِه»
(١).
٣٤
- باب
الصدقة على أهل الذِّمَّة
١٦٦٨
- حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي شعيب
الحرانيُّ، حدَّثنا عيسى بنُ يونس، حدَّثنا هشامُ بنَ عروةَ، عن أبيه
عن أسماء قالت: قَدِمَتْ عليَّ أمي
راغبةً في عَهْدِ قُريشٍ وهيَ راغِمَةٌ مشركةٌ، فقلت: يا رسولَ الله، إن أمي
قَدِمَتْ علي وهِيَ راغِمةٌ مشركة أفأصِلُها؟ قال: «نَعَم، فصِلي أُمَّكِ» (٢).
(١) إسناده حسن، عبد الرحمن بن بجيد مختلف في
صحبته، وذكر الحافظ في «التقريب» أن له رؤية، وقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في
«الثقات».
وأخرجه الترمذي (٦٧١)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٣٦٦) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث حسن
صحيح.
وأخرجه النسائي (٢٣٥٧) من طريق زيد
بن أسلم عن عبد الرحمن بن بجيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧١٤ - ٢٧١٥١)،
و«صحيح ابن حبان» (٣٣٧٣).
الظلف، قال في «القاموس»: الظلف
بالكسر للبقرة والشاة وشبهها بمنزلة القدم لنا.
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٦٢٠) و(٣١٨٣)
و(٥٩٧٨) و(٥٩٧٩)، ومسلم (١٠٠٣) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٩١٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٥٢). =
٣٥ - باب ما لا يجوز منعُه
١٦٦٩
- حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ معاذ،
حدَّثنا أبي، حدَّثنا كهمَس، عن سيارِ بن منظور - رجل من بني فَزارَة - عن أبيه،
عن امرأة يقال لها: بُهَيسةُ
عن أبيها قالت: استأذنَ أبي النبيَّ
ﷺ، فدخل بينَه وبينَ قميصه، فجعل يُقبِّل ويلتزِمُ، ثم قال: يا رسولَ الله، ما
الشيءُ الذي لا يَحِلُّ
= وقولها: راغبة في عهد قريش، قال
الخطابي: أي: طالبة يري وصلتي، وقولها: راغمة. معناه: كارهة للإسلام، ساخطة علي،
تريد أنها لم تَقدَم مهاجرة راغبة في الدين كما كان يقدم المسلمون من مكة للهجرة
والإقامة بحضرة رسول الله ﷺ وإنما أمر بصلتها لأجل الرحم، فأما دفع الصدقة الواجبة
إليها، فلا يجوز، وإنما هي حق للمسلمين لا يجوز صرفها إلى غيرهم، ولو كانت أمها
مسلمة لم يكن أيضًا يجوز لها إعطاؤها الصدقة، فإن خَلتها مسدودة بوجوب النفقة لها
على ولدها إلا أن تكون غارمة فتعطى من سهم الغارمين، فأما من سهم الفقراء
والمساكين، فلا، وكذلك إذا كان الوالد غازيًا جاز للولد أن يدفع إليه من سهم
السبيل.
وأخرج ابن سعد في«الطبقات» ٨/ ٢٥٢
والطبري ٢٨/ ٦٦ وأبو داود الطيالسي (١٦٣٩) والحاكم ٢/ ٤٨٥ من حديث عبد الله بن
الزبير قال: قدمت قُتَيلَةُ بنت عبد العزى ابن سعد من بني مالك بن حِسل على ابنتها
أسماء بنت أبي بكر في الهدنة، وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية بهدايا وزبيب وسمن
وقرظ، فأبت أن تقبل هديتها أو تدخلها بيتها، فأرسلت إلى عائشة: سلي رسول الله ﷺ،
فقال: لتدخلنها.
قلنا: وهو في «المسند» (١٦١١١) وفي
سنده عندهم مصعب بن ثابت وهو لين الحديث. قال الحافظ في «الفتح» ٣٣٣/ ٥: ووقع عند
الزبير بن بكار أن اسمها قيلة، ورأيته في نسخة مجردة منه بسكون التحتانية، وضبط
ابن ماكولا ٧/ ١٣٠ بسكون المثناة قتلة، فعلى هذا فمن قال: «قتيلة» صغرها قال
الزبير: أم أسماء وعبد الله ابني أبي بكر قيلة بنت عبد العزى، وساق نسبها إلى حسن
بن عامر بن لؤي.
منعه؟ قال: «الماء» قال: يا نبي
الله، ما الشيءُ الذي لا يَحِل منعه؟ قال: «الملحُ» قال: يا نبي الله، ما الشيءَ
الذي لا يَحِلُّ منعه؟ قال: «أن تَفْعل الخيرَ خَيرٌ لَكَ» (١).
٣٦
- باب
المسألة في المساجد
١٦٧٠
- حدَّثنا بشرُ بنُ آدم، حدَّثنا عبدُ
الله بن بكر السَهميُّ، حدَّثنا مُبارَكُ ابنُ فضالة، عن ثابتٍ البُنانىِّ، عن عبد
الرحمن بن أبي ليلى
عن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: قال
رسول الله ﷺ: «هلْ منكم أحدٌ أطْعَمَ اليومَ مسكينًا؟» فقال أبو بكر: دخلتُ
المسجد، فإذا
(١) إسناده ضعيف، مسلسل بالمجاهيل. سيّار بن
منظور لم يرو عنه غير كهمس
ابن الحسن، ووثقه العجلي، وذكره ابن
حبان في «الثقات». وقال عبد الحق الإشبيلي
فيما نقله عنه الحافظ في «تهذيبه»:
مجهول. وأبوه منظور - ابن سيار الفزاري - لم يروِ عنه غيرُ ابنه سيار، ولم يؤثر
توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الذهبي في «الميزان» ٤/ ١٩٠: لا يُعرف. وبهيسة
الفزارية، قال الذهبي: تفرد عنها أبو سيار بن منظور الفزاري، وقال الحافظ في
«التقريب»: لا تُعرف، ويقال: إن لها صحبة. وذكر في «الإصابة» أنه ليس في حديثها ما
يدل على صحبتها، لأن سياق ابن منده: أن أباها استأذن، وسياق أبي داود والنسائي: عن
أبيها أنه استاذن، قال: وهو المعتمد.
قلنا: وقد وقع اضطراب في إسناد هذا
الحديث أيضًا، فبعض الرواة يذكر والد سيار بن منظور، وبعضهم لا يذكره.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٥٩١)
من طريق معاذ بن معاذ العنبرى عن كهمس، بهذا الإسناد. مختصرًا بقوله: «استأذن أبي
النبي ﷺ فدخل بينه وبين قميصه، فجعل يقبّل ويلتزمه».
وهو عند أحمد بتمامه برقم (١٥٩٤٥).
وسيأتي مكررًا برقم (٣٤٧٦).
أنا بسائلِ يسألُ، فوجدت كسرةَ خبزٍ
في يد عبدِ الرحمن، فأخذتُها فدفعتُها إليه (١).
٣٧
- باب
كراهية المسألة بوجه الله عز وجل
١٦٧١
- حدَّثنا أبو العباس القِلَوريُّ،
حدَثنا يعقوبُ بنُ إسحاقَ الحضرمي، عن سليمانَ بن معاذ التميمي، حدَّثنا ابنُ
المنكدر
عن جابرٍ قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا
يُسأل بوجْه الله إلا الجنَّةُ» (٢).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناده حسن. مبارك بن
فضالة صدوق، وهو وإن كان يدلس، لا يُظَنُّ تدليسُه هنا، فقد رأى أنس بن مالك،
وروايته هنا عن تابعي عن تابعي عن صحابي، فيبعد تدليسُه، والله أعلم. بشر بن آدم:
هو البصري، ثابت: هو ابن أسلم البناني.
وأخرجه البزار (٢٢٦٧) عن بثر بن آدم،
والحاكم في «المستدرك» ١/ ٤١٢، والبيهقي ٤/ ١٩٩ من طريق سهل بن مِهران، كلاهما عن
عبد الله بن بكر، بهذا الإسناد. ورواية البزار مطولة بنحو رواية أبي هريرة الآتية.
وفي الباب عن أبي هريرة عند مسلم
(١٠٢٨) وغيره قال: قال رسول الله ﷺ:
«من أصبح منكم اليوم صائمًا؟»، قال
أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: «فمن تبع منكم اليوم جنازة؟» قال أبو
بكر رضي الله عنه: أنا،
قال: «فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟» قال أبو بكر رضي الله عنه:
أنا، قال: «من عاد منكم اليوم
مريضًا؟» قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، فقال رسول الله ﷺ: «ما اجتمعن في امرئ إلا
دخل الجنة».
(٢)
إسناده ضعيف، لضعف سليمان - وهو ابن قرم بن معاذ التميمي الضبي -. أبو العباس: هو
أحمد بن عمرو بن عبيدة القلوري العصفري، وابن المنكدر: هو محمد.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٣/ ١١٠٧،
والبيهقي في «سننه» ١٩٩/ ٤، والخطيب في «الموضح» ١/ ٣٥٣ من طريق أي العباس
القِلَّوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ»
٣/ ٣٦٢، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٣٢٥٩)، والخطيب في «الموضح» ١/ ٣٥٢ - ٣٥٣ من
طريقين عن يعقوب بن إسحاق، به.
٣٨ - باب عطية من سأل بالله عز وجل
١٦٧٢
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن مجاهدٍ
عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسولُ
الله ﷺ: «مَنِ استعاذَ بالله فأعيذُوه، ومَنْ سألَ بالله فأعطُوه، ومَن دعاكم
فأجيبُوه، وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا
مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ»
(١).
٣٩
- باب
الرجل يخرج من ماله
١٦٧٣
- حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا
حمادٌ، عن محمدِ بن إسحاق، عن عاصم بن عُمَرَ بن قتادة، عن محمود بن لَبِيدٍ
عن جابر بن عبد الله الأنصاريِّ قال:
كنا عندَ رسولِ الله ﷺ إذ جاء رجل بمثل بيْضَةٍ مِن ذهب، فقال: يا رسولَ الله،
أصبتُ هذه مِن مَعْدنٍ، فخذها فهي صدقة ما أملِكُ غيرها، فأعرض عنه رسولُ الله ﷺ،
ثم أتاه مِن قبل رُكنِه الأيمن، فقال مثل ذلك، فأعرض عنه، ثم أتاه مِنْ قِبَلِ
ركنه الأيسر، فأعرض عنه رسولُ الله ﷺ، ثم أتاه مِنْ خلفه، فأخذها رسولُ الله ﷺ،
فحذفه بها، فلو أصابته لأوجَعَته - أو لعَقَرَته - فقال
(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد بن
قرط الضبي، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، ومُجاهد: هو ابن جبر المكى.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٣٥٩)
من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، بهذا
الإسناد. وزاد: «ومن استجار بالله
فأجيروه»، ولم يذكر قوله: «إذا دعاكم فأجيبوه».
وهو في «مسند أحمد» (٥٣٦٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٧٥) و(٣٤٠٨).
وسيأتي برقم (٥١٠٩).
رسولُ الله ﷺ: «يأتي أحدُكم بما
يملكُ فيقول: هذه صدقة، ثم يَقعُدُ يُستكِف الناسَ، خَيرُ الصدَقةِ ما كان عَن
ظَهرِ غنىً» (١).
(١) رجاله ثقات. محمد بن إسحاق - وهو ابن
يسار - مدلس وقد عنعن. لكن ذكر الحافظ في«هدي الساري» ص ٤٢: أنه وقع عند أبي يعلى
تصريح ابن إسحاق بسماعه من عاصم بن عمر بن قتادة، فإن يكن صحيحًا فالإسناد حسن،
على أننا لم نجد تصريحه بالسماع في مطبوع «مسند أبى يعلى»، فالله أعلم.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ١/ ٤١٣،
والبيهقي في «سننه» ٤/ ١٥٤ من طريق موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وقال الحاكم:
صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه!
وأخرجه عبد بن حميد (١١٢٠) و(١١٢١)،
والدارمي (١٦٥٩)، وأبو يعلى (٢٠٨٤) و(٢٢٢٠)، والطبري في «تفسيره» ٢/ ٣٦٦، وابن
خزيمة (٢٤٤١)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٧٧١)، والبيهقي في «سننه الكبرى»
٤/ ١٨١ و١٠/ ٣٢٢، وفي «الشُّعب» (٣١٤٤) من طرق عن محمد بن إسحاق، به.
وانظر ما بعده.
وقوله: يستكف الناس. قال الخطابي:
معناه: يتعرض للصدقة، وهو أن يأخذها ببطن كفه، يقال: تكفف الرجل واستكف: إذا فعل
ذلك، ومن هذا قوله ﷺ لسعد رضي الله عنه: «إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة
يتكففون الناس».
وقوله: خير الصدقة ما كان عن ظهر
غنى، أي: عن غنى يعتمده ويستظهره به على النوائب التي تنوبه، كقوله في حديث آخر:
«خير الصدقة ما أبقت غنيً».
وفي الحديث من الفقه أن الاختيار
للمرء أن يستبقي بنفسه قوتًا، وأن لا ينخلع من ملكه أجمع مرة واحدة لما يخاف عليه
من فتنة الفقر، وشدة نزاع النفس إلى ما خرج من يده فيندم فيذهب ماله، ويبطل أجره،
ويصير كلًا على الناس.
قال الخطابي: ولم ينكر على أبي بكر
الصديق رضي الله عنه خروجه من ماله أجمع لما علمه من صحة نيته وقوة يقينه، ولم يخف
عليه الفتنة كما خافها على الرجل الذي رد عليه الذهب.
١٦٧٤ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا ابنُ إدريس
عن ابن إسحاق بإسنادِه ومعناه، زاد:
«خُذ عَنّا مالكَ، لا حاجَةَ لنا به» (١).
١٦٧٥
- حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيل، حدَّثنا
سفيانُ، عن ابن عجلان، عن عياض بن عبد الله بن سعد
سمع أبا سعيد الخدريَّ يقول: دَخَلَ
رجلٌ المسجدَ، فأمر النبيُّ ﷺ الناسَ أن يطرحوا ثيابًا، فطرحوا، فأمر له بثوبينِ
ثم حَثَّ على الصدقة، فجاء فَطَرَحَ أحدَ الثوبين، فصاحَ به، وقال: «خُذْ ثوبَكَ»
(٢).
١٦٧٦
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«إنَّ خَيرَ الصَدَقَة ما ترك غنًى، أو تُصدِّق به عَنْ ظَهرِ غِنى، وابدأ بمَن
تَعُولُ» (٣).
(١) رجاله ثقات كسابقه. ابن ادريس: هو عبد
الله الأودي.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٣٣٧٢)،
وابن خزيمة (٢٤٤١) من طريقين عن ابن إدريس، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده قوي. من أجل محمد بن عجلان. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٧٣١)
من طريق سفيان بن عُيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا (٣٣٢٨) من طريق يحيي
القطان، عن ابن عجلان، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١١٩٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٢٥٠٥).
وهذا الرجل هو سليك الغطفانى كما هو
مصرح به في رواية أحمد.
(٣)
إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد بن قرط الضبي، والأعمش: هو سليمان بن مهران،
وأبو صالح: هو ذكوان السمان. =
٤٠ - باب الرخصة في ذلك
١٦٧٧
- حدَّثنا قُتيبة بنُ سعيد ويزيدُ بن
خالد بن مَوهب الرمليُّ، قالا: حدَّثنا الليثُ، عن أبي الزُّبير، عن يحيى بن جَعدة
عن أبي هريرة أنه قال: يا رسولَ
الله، أيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال: «جُهْدُ المُقِلِّ، وابدأ بمَنْ تَعُولُ» (١).
١٦٧٨
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح وعثمانُ بنُ
أبي شيبة - وهذا حديثه - قالا: حدَّثنا الفضلُ بنُ دكينٍ، حدَّثنا هشامُ بنُ سعد،
عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال:
= وأخرجه البخاري (٥٣٥٥)، والنسائي في
«الكبرى» (٩١٦٥) من طريق حفص ابن غياث، عن الأعمش، به.
وأخرجه النسائي (٩١٦٦) و(٩١٦٧) من
طريق زيد بن أسلم، عن أبي صالح، به. وأخرجه البخاري (١٤٢٦) و(١٤٢٨) و(٥٣٥٦)،
والنسائي في «الكبرى» (٢٣٢٥)، و(٢٣٢٦) و(٢٣٣٦) من طرق عن أبي هريرة.
وأخرجه مقتصرًا على قوله: «ابدأ بمن
تعول» مسلم (١٠٤٢)، والترمذي (٦٨٧) من طريق قيس بن أبي حازم عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧١٥٥) و(٧٤٢٩)،
و«صحيح ابن حبان» (٣٣٦٣) و(٤٢٤٣).
وانظر ما بعده.
(١)
إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي
مولاهم.
وهو في «مسند أحمد» (٨٧٠٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٤٦)،
وانظر ما قبله.
وقوله: «جُهد المقل». قال
صاحب«النهاية»: بضم الجيم، أي: قدر ما يحتمله حال القليل المال. وهو بمعنى الوسع
والطاقة، وبفتح الجيم: المشقة، وقيل: المبالغة والغاية، وقيل: هما لغتان في الوسع
والطاقة، فأما في المشقه والغاية، فالفتح لا غير.
سمعت عُمَرَ بن الخطاب يقول: أمرنا
رسولُ الله ﷺ يومًا أن نَتَصَدَّقَ، فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليومَ أسْبِقُ
أبا بكر إنْ سبقتُه يومًا فجئتُ بنصف مالي، فقال رسولُ الله ﷺ: «ما أبقيتَ لأهلك؟»
قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر بكُلَّ ما عنده، فقال له رسولُ الله ﷺ: «ما أبقيتَ
لأهلك؟» قال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسولَه، فقلت: لا أسابِقُكَ إلى شيءٍ أبدًا (١).
٤١
- باب في
فضل سقي الماء
١٦٧٩
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا
همَّام، عن قتادةَ، عن سعيدٍ
أن سعدًا أتى النبيَّ ﷺ وقال: أيُّ
الصدقةِ أعجبُ إليك؟ قال:
«الماء» (٢).
(١) حديث حسن. هشام بن سعد وإن كان فيه كلام،
قال الترمذي في حديثه هذا: حسن صحيح، وصححه الحاكم، وقال البزار بعد أن أخرجه في
«مسنده» (٢٧٠): لم نر أحدًا توقف عن حديث هشام بن سعد، ولا اعتل عليه بعلة توجب
التوقف عن حديثه. وصححه كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة النبوية» ٨/
٤٩٩، وابن الملقن في «البدر المنير» ٧/ ٤١٤.
وأخرجه الترمذي (٤٠٠٦) عن هارون بن
عبد الله البزاز، عن الفضل بن دُكين، بهذا الإسناد.
وقوله: إن سبقته يومًا. إن هنا
نافية، أي: ما سبقته يومًا.
(٢)
صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، سعيد - وهو ابن المسيب - وإن لم يدرك سعدًا - وهو
ابن عُبادة - قد قبل أهلُ العلم مراسيلَهُ واحتجوا بها. وعدّوها من المسند على
المجاز. همام: هو ابن يحيي بن دينار العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وانظر تالييه.
١٦٨٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الرحيم،
حدَّثنا محمدُ بنُ عَرعرةَ، عن شُعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب والحسن، عن سعد
بن عبادة، عن النبي ﷺ، نحوه (١).
١٦٨١
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا
إسرائيلُ، عن أبي إسحاق، عن رجلٍ
عن سعدِ بن عبادة، أنه قال: يا رسولَ
الله، إن أمَّ سعدٍ ماتت، فأيُّ الصَّدَقَة أفضَلُ؟ قال: «الماءُ» قال: فحفر
بئرًا، وقال: هذه لأم سعد (٢).
١٦٨٢
- حدَّثنا عليُّ بنُ الحسين، حدَّثنا
أبو بَدرٍ، حدَّثنا أبو خالد - الذي كان يَنْزِلُ في بني دالان - عن نُبيحٍ
(١) صحيح من جهة ابن المسيب، وهذا إسناد
رجاله ثقات كسابقه. سعيد بن المسيب والحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - لم يدركا
سعد بن عبادة. لكن أهل العلم قد احتجوا بمراسيل ابن المسيب.
وأخرجه ابن ماجه (٣٦٨٤)، والنسائي في
«الكبرى» (٦٤٥٨) و(٦٤٥٩) من طريق هشام الدستوائي، عن شعبة، عن سعيد بن المسيب، عن
سعد بن عبادة.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٣٤٨).
وأخرجه النسائي (٦٤٦٠) من طريق شعبة،
عن قتادة، عن الحسن، عن سعد بن عبادة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٤٥٩).
وانظر ما قبله.
(٢)
صحيح كسابقيه، وهذا إسناد ضعيف، فيه جهالة الرجل المبهم، وباقي رجاله ثقات.
إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله.
وانظر سابقيه.
عن أبي سعيد عن النبيِّ ﷺ قال: «أيما
مُسلِمٍ كسا مسلمًا ثوبًا على عُرْيٍ كساه الله من خُضْرِ الجنة، وأيما مسلم أطعمَ
مسلمًا على جُوع أطعمه الله مِن ثمار الجنة، وأيُّما مسلمٍ سقى مسلمًا على ظمإٍ
سقاه الله عز وجل من الرحيقِ المختوم» (١).
٤٢
- باب في
المَنيحَة
١٦٨٣
- حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا
(ح)
وحدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا عيسى -
وهذا حديث مسدَّدٍ وهو أتمُّ - عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي كبشَة
السَّلُوليِّ، قال:
سمعتُ عبدَ الله بن عمرو يقول: قال
رسولُ الله ﷺ: «أربعون خَصلةً أعلاهُن مَنيحةُ العَنز، ما يعمل رجل بخَضلةٍ منها
رجاءَ ثوابِها وتصديقَ موعودِها إلا أدخله الله بها الجنة».
(١) إسناده حسن. أبو خالد الدالاني - واسمه
يزيد بن عبد الرحمن - صدوق
حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. قال
المنذري في «الترغيب والترهيب» ٣/ ١١٧: رواه أبو داود من رواية أبي خالد يزيد بن
عبد الرحمن الدالاني، وحديثه حسن. نبيح: هو ابن عبد الله العنَزِي، وأبو بدر: هو
شجاع بن الوليد، وعلي بن الحسين: هو ابن إشكاب.
وأخرجه الترمذي (٢٦١٧) من طريق عطية
العوفي، عن أبي سعيد. وعطية العوفي ضعيف.
وهو في «مسند أحمد» (١١١٠١). وكنا قد
قلنا عن أبي خالد الدالاني بأنه مدلس تبعًا للحافظ في «التقريب» مع أن أحدًا لم
يصفه بذلك.
وقد أورده ابن أبي حاتم في «العلل»
٢/ ١٧١ من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد، ونقل عن أبيه قوله: الصحيح موقوف، الحفاظ
لا يرفعونه. قلنا: يعني من طريق عطية العوفي.
قال أبو داود: في حديث مُسدَّدٍ: قال
حسان: فعددنا ما دُونَ منيحةِ العَنْز مِن رَدِّ السلام، وتشميتِ العاطِس، وإماطةِ
الأذى عن الطريق، ونحوه، فما استطعنا أن نَبلُغَ خمسَ عشرة خصلةً (١).
٤٣
- باب أجر
الخازن
١٦٨٤
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ ومحمدُ
بنُ العلاء - المعنى - قالا: حدَّثنا أبو أسامة، عن بُريد بن عبد الله بن أبي
بُردة، عن أبي بُردة
عن أبي موسى، قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«إنَّ الخازنَ الأمينَ الذي يُعطِي ما أُمِرَ به كاملًا موفرًا، طَيبةَ به نفسُهُ،
حتى يَدفَعَه إلى الذي أمر له به أحدُ المتصدِّقين» (٢).
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد
الأسدي، وعيسى: هو ابن يونس السبيعي، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.
وأخرجه البخاري (٢٦٣١) عن مسدَّدٌ،
بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٤٨٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٠٩٥).
قال أبو عبيد، المنيحة عند العرب على
وجهين، أحدهما: أن يعطى الرجل صاحبه صلة، فتكون له، والآخر: أن يعطيه ناقة أو شاة
ينتفع بحليبها ووبرها زمنًا ثم يردها، والمراد بها في هذا الحديث عارية ذوات
الألبان، ليؤخذ لبنها، ثم ترد هي لصاحبها.
وقول حسان بن عطية موصول بالإسناد
المذكور، قال ابن بطال في «شرح البخاري» ولخصه عنه الحافظ: ليس في قول حسان ما
يمنع من وجدان ذلك، وقد حض ﷺ على أبواب من أبواب الخير والبر لا يُحصى كثرة،
ومعلوم أنه ﷺ كان عالمًا الأربعين المذكورة، وإنما لم يذكرها لمعنى هو أنفع لنا من
ذكرها، وذلك خشية أن يكون التعيين لها مزهدًا في غيرها من أبواب البر.
(٢)
إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وأبو بُردة: هو ابن أبي موسي الأشعري،
واسمه عامر بن عبد الله بن قيس. =
٤٤ - باب المرأة تَصدَّقُ من بيت زوجها
١٦٨٥
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو
عوانة، عن منصورٍ، عن شقيقٍ، عن مسروقٍ عن عائشة قالت: قال النبيُّ ﷺ: «إذا
أنفَقَتِ المرأةُ مِنْ بيتِ زوجها غَيرَ مُفسدة كانَ لها أجرُ ما أنفقت، ولزَوجها
أجرُ ما اكتسَبَ، ولخازنه مثلُ ذلك، لا يَنقُصُ بعضهم أجرَ بعض» (١).
= وأخرجه البخاري (١٤٣٨) و(٢٣١٩)،
ومسلم (١٠٢٣) من طريق أبي أسامة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٢٦٠)، والنسائى في
«الكبرى» (٢٣٥٢) من طريق سفيان الثوري، عن بُريد، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥١٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٥٩).
(١)
إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو عوانة: هو الوضّاح ابن عبد الله
اليشكري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل، ومسروق: هو ابن
الأجدع.
وأخرجه البخاري (١٤٢٥) و(١٤٣٩)
و(١٤٤١) و(٢٠٦٥)، ومسلم (١٠٢٤) (٨٠)، والترمذي (٦٧٨) من طرق عن منصور، بهذا
الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٤٣٧) و(١٤٣٩)
و(١٤٤٠)، ومسلم (١٠٢٤) (٨١)، وابن ماجه (٢٢٩٤)، والترمذي (٦٧٧)، والنسائى في
«الكبرى» (٢٣٣١) من طريقين عن شقيق، به. ولم يذكر النسائي في إسناده مسروقًا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٧١)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٥٨).
قال أبو بكر بن العربي: اختلف السلف
فيما إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها، فمنهم من أجازه في الشئ اليسير الذي لا يؤبه
له، ولا يظهر به النقصان، ومنهم من حمله ما إذا أذن الزوج ولو بطريق الإجمال، وهو
اختيار البخاري، وأما التقييد بغير الإفساد فمتفق عليه.
قال الإمام النووي: والإذن ضربان:
أحدهما: الإذن الصريح في النفقة والصدقة. =
١٦٨٦ - حدَّثنا محمد بن سَوَّار المصريّ،
حدَّثنا عبدُ السلام بن حرب، عن يونس بن عُبيد، عن زيادِ بنِ جُبير
عن سعْد، قال: لما بايعَ رسولُ الله
ﷺ النساءَ قامَتِ امرأةٌ جليلةٌ، كأنها مِن نساءِ مُضَر، فقالَت: يا نبى الله، إنا
كَلٌّ على آبائنا وأبنائنا
- قال أبو داود: وأرى فيه: وأزواجِنا -
فما يَحِلُّ لنا مِن أموالهم؟ فقال: «الرَّطبُ تأكلنه وتُهْدِينَه» (١).
= والثاني: الإذن المفهوم من اطراد
العرف والعادة، كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به، واطرد العرف فيه،
وعلم بالعرف رضا الزوج والمالك به، فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم، وهذا إذا علم
رضاه لاطراد العرف، وعلم أن نفسه كنفوس غالب الناس في السماحة بذلك والرضا به، فإن
اضطرب العرف أو شك في رضاه، أو كان شخصًا يشح بذلك، وعلم من حاله ذلك أو شك فيه،
لم يجز للمرأة وغيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه.
(١)
إسناده صحيح، وما ورد عن ابن المديني وأبي حاتم وأبي زرعة من أن رواية زياد بن
جُبير عن سعْد مُرسَلة، بينه ابن القطان في«بيان الوهم والإيهام» ٥/ ٥٧٧ - ٥٧٨ من
أن حجة ابن المديني في ذلك ما رواه هُشَيم بن بَشير، عن يونس بن عبيد، عن زياد ابن
جبير أن النبي ﷺ بعث سعدًا على الصدقة [قلنا: ورواه حماد بن سلمة، عن يونس ابن
عبيد، عن زياد أن رسول الله ﷺ بعث رجلًا يقال له: سعد على السِّعاية ... ذكره
الحافظ في «الاصابة» ٣/ ٩٤ - ٩٥]، وهذا حديث آخر في الصدقة، وبيَّن ابن القطّان أن
هذا الحديث شأنه مختلف، فقد أسنده سفيان الثوري وعبد السلام بن حرب - وكلاهما
حافظ - عن يونس بن عبيد، فالقول في
هذا الحديث أنه مسند، وليى بمرسل، فلا يَطَّرِدُ
قولُ ابن المديني ومن تبعَه هنا.
وأخرجه ابن سعد ٨/ ١٠، وابن أبي شيبة
٦/ ٥٨٥، وعبد بن حميد (١٤٧)، وابن أبي الدنيا في «العيال» (٥١٩)، وابن الأعرابي في
«معجمه» (١٨١٥)، والحاكم ٤/ ١٣٤، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٣٢٠٨)، والبغوي في
«شرح السنة» (١٦٩٧)، والضياء المقدسي في «المختارة» (٩٤٩) من طريق عبد السلام بن
حرب، بهذا الإسناد. =
قال أبو داود: الرَّطب، الخبز والبقل
والرُّطَب.
قال أبو داود: وكذا رواه الثوري عن
يونس.
١٦٨٧
- حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا
عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن هَمَّام بنِ مُنبِّه، قال:
سمعْتُ أبا هريرة يقولُ: قال رسولُ
الله ﷺ: «إذا أنفقَتِ المرأةُ مِن كَسبِ زَوجِها عن غيرِ أمرِه، فلها نِصفُ
أجرِهِ» (١).
١٦٨٨
- حدَّثنا محمد بن سوَّار المصريُّ،
حدَّثنا عبدُة، عن عبد الملك، عن عطاء
= وأخرجه البزار (١٢٤١)، وأبو أحمد
العسكري في «تصحيفات المحدثين» ١/ ٣٢١ - ٣٢٢، والحاكم ٤/ ١٣٤ من طريق سفيان
الثوري، عن يونس بن عبيد، به. وقوله: جليلة، أي: عظيمة القدر، أو جسيمة طويلة
القامة.
وقولها: إنّا كلٌّ، هو بكسر الهمزة
وتشديد النون، وكل، بفتح الكاف وتشديد اللام، خبر «إن»، أي: نحن عيالٌ عليهم، ليس
لنا من الأموال ما ننتفع به.
(١)
إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (٧٢٧٢)
(٧٨٨٦) بنحوه، ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٠٦٦) و(٥٣٦٠)، ومسلم (١٠٢٦).
وهو في «مسند أحمد» (٨١٨٨).
وأخرجه البخاري (٥١٩٥) من طريق
الأعرج عن أبي هريرة، بلفظ: «وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدى إليه شطرُه».
وقوله: عن غير أمره. قال النووي:
معناه من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين ويكون معها إذن عام سابق متناول
لهذا القدر وغيره، وذلك الإذن الذي قد بيناه سابقًا إما بالصريح وإما بالعرف.
عن أبي هريرة في المرأة: تَصَدَّقُ
مِن بيتِ زَوْجِهَا؟ قال: لا، إلا مِن قُوتها، والأجرُ بينهما، ولا يَحِلُّ لها أن
تصدّق من مال زَوجِها إلا بإذنه (١).
قال أبو داود: هذا يضعِّف حديث همام
(٢).
٤٥
- باب في
صلة الرحم
١٦٨٩
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا
حمادٌ، عن ثابتٍ
عن أنس، قال: لما نزلَت: ﴿لَنْ
تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٢] قال أبو طلحة: يا رسولَ الله، أرى
ربَّنا يسألُنا مِنْ
(١) إسناده صحيح. عبدة: هو ابن سليمان
الكلابي، وعبد الملك: هو ابن أبي سليمان العرزمي، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه البيهقي ٤/ ١٩٣ من طريق أبي
داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٧٢٧٣)
و(١٦٦١٨) عن عبد الملك بن أبي سليمان، به.
وأخرجه عبد الرزاق (٧٢٧٤) عن ابن
جريج عن عطاء، به.
(٢)
قول أبي داود هذا أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن
الأعرابي، قلنا: وقد نسبه الحافظ في «الفتح» أيضًا ٩/ ٢٩٧ إلى رواية أبي الحسن بن
العبد. وقد بيّن صاحبُ «بذل المجهود» مراد أبي داود فقال: أي: حديث أبي هريرة
الموقوف عليه يضعف حديث أبي هريرة السالف، ووجهه أن أبا هريرة رضي الله عنه أفتى
بنفسه بخلاف ما عنده من رسول الله ﷺ من الحديث المرفوع، فهذا يدل على أن الحديث
المرفوع عنده معلول. قلت (القائل صاحب بذل المجهود): دعوى المخالفة بين فتوى أبي
هريرة وبين الحديث المرفوع له غير مُسلَّم فإنه يمكن أن يحمل قوله في الحديث
المرفوع: من غير أمره، أي: من غير أمره الصريح وبإذنه دلالة وعرفًا، ومعنى قوله في
فتواه: إلا بإذنه، أي سواء كان إذنه صراحة أو دلالة، فحينئذ لا اختلاف بينهما،
والله أعلم.
أموالِنَا، فإني أشهِدُك أني قد
جَعَلتُ أرضي بارِيحا له، فقال رسولُ الله ﷺ: «اجعَلْها في قَرابَتِك» فقسمها بينَ
حَسَّانَ بنِ ثابت وأُبي بنِ كعب (١).
قال أبو داود: بلغني عن الأنصاري
محمد بن عبد الله قال: أبو طلحة: زيدُ بنُ سهل بن الأسود بن حَرام بن عمرو بن زيْد
مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النّجار، وحسان: ابن ثابت بن المنذر بن
(١) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.
وأخرجه مسلم (٩٩٨) (٤٣)، والنسائي في
«الكبرى» (٦٣٩٦) من طريق بهز بن أسد عن حماد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٤٦١) و(٢٣١٨)
و(٢٧٥٢) و(٢٧٦٩) و(٤٥٥٤) و(٥٦١١)، ومسلم (٩٩٨) (٤٢) من طريق إسحاق بن عبد الله،
والبخاري (٤٥٥٥) من طريق ثمامة بن عبد الله، والترمذى (٣٢٤٢) من طريق حميد بن أبي
حميد الطويل، ثلاثتهم عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢١٤٤) و(١٢٤٣٨)
و(١٤٠٣٦)، و«صحيح ابن حبان» (٣٣٤٠) و(٧١٨٣).
قوله: باريحا، وفى الطبري (٧٣٩٥)
بأريحا، وهو تصحيف، وفي لفظ البخاري (١٤٦١) «بيرحاء» قال الحافظ: هو بفح الباء
وسكون الياء وفتح الراء وبالمهملة والمد، وجاء في ضبطه أوجه كثيرة جمعها ابن
الأثير في «النهاية» فقال: يروى بفتح الباء وكسرها وبفح الراء وضمها وبالمد والقصر
فهذه ثمان لغات وفى رواية حماد بن سلمة: بريحا بفتح أوله وكسر الراء، وتقديمها على
التحتانية، وفى «سنن أبي داود» باريحا مثله لكن بزيادة ألف، وقال الباجي: أفصحها
بفح الباء وسكون الياء وفتح الراء مقصور. وهو بستان بالمدينة بقرب المسجد النبوي
من جهة الشمال، وقد أدخل الآن في التوسعة الأخيرة للحرم.
قال الخطابي: فيه من الفقه أن الحبس
إذا وقع أصله مبهمًا ولم يذكر سبله وقع صحيحًا. وفيه دلالة على أن من أحبس عقارًا
على رجل بعينه فمات المحبَّس عليه ولم يذكر المحبِّسُ مصرفها بعد موته، فإن مرجعها
يكون إلى أقرب الناس بالواقف.
حرام، يجتمعان إلى حرام وهو الأبُ
الثالث، وأبيّ: ابن كعب بنِ قيس بن عُبَيد (١) بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك
بن النجار، فعمرو يجمع حسانَ وأبا طلحة وأُبيًّا، قال الأنصاري: بين أبي وأبي طلحة
ستةُ آباء.
١٦٩٠
- حدَّثنا هناد بنُ السَّريِّ، عن
عَبدةَ، عن محمد بن إسحاق، عن بُكير بن عبد الله بن الأشج، عن سليمانَ بن يسار
عن ميمونةَ زوج النبيَّ ﷺ قالت:
كانتْ لي جاريةٌ فأعتقتُها، فدخلَ عليَّ النبي ﷺ فأخبرتُه، فقال: «آجرَكِ اللهُ،
أما إنك لو كنتِ أعطيتِها أخوالَكِ كان أعظَم لأجرِك» (٢).
١٦٩١
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا
سفيانُ، عن محمد بن عجلان، عن المَقبريِّ
(١) المثبت من (هـ)، وهو الصواب، نبّه عليه
الحافظ في هامش نسخته التي رمزنا لها بالحرف (أ)، وفي سائر أصولنا الخطية: عَتيك،
وهو خطأ.
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.
عبدة: هو ابن سليمان الكلابي.
وأخرجه النسائي (٤٩١١) عن هنّاد بن
السري، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٤٩١٣) من طريق محمد
بن خازم، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن
ميمونة.
وأخرجه البخاري (٢٥٩٢) من طريق يزيد
بن أبي حبيب، والبخاري (٢٥٩٤)
تعليقًا، ومسلم (٩٩٩)، والنسائي في
«الكبرى» (٤٩١٠) من طريق عمرو بن الحارث، كلاهما عن بكير، عن كريب، عن ميمونة.
وأخرجه بنحوه النسائي (٤٩١٢) من طريق
عطاء بن يسار، عن ميمونة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨١٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٤٣).
عن أبي هريرة، قال: أمرَ النبي ﷺ
بالصَّدَقَة، فقال رجل: يا رسولَ الله، عندي دينارٌ، قال: «تَصَدقْ به على نفسك»
قال: عندي آخرُ، قال: «تَصَدَّقْ به على وَلَدِكَ» قال: عندي آخر، قال: «تَصَدَّق
به على زوجتِك - أو زوجك -» قال: عندي آخرُ، قال: «تصدَّق به على خادِمِك» قال:
عندي آخرُ، قال: «أنتَ أبْصَرُ» (١).
١٦٩٢
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا
سفيانُ، حدَّثنا أبو إسحاق، عن وهب بن جابر الخيواني
عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسولُ
الله ﷺ: «كَفَى بالمرءِ إثمًا أن يضيّعَ مَنْ يَقُوتُ» (٢).
(١) إسناده قوي، من أجل محمد بن عجلان فهو
صدوق لا بأس به. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والمقبري: هو سعيد بن أبي سعيد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٣٢٧)
من طريق يحيى بن سعيد القطان، و(٩١٣٧) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني،
كلاهما عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٤١٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٣٧).
(٢)
إسناده صحيح وهب بن جابر الخيواني - وإن لم يرو عنه غيرُ أبي إسحاق - وثقه ابنُ
مَعين والعجلي وابن حبان. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد
الله السبيعي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩١٣١ -
٩١٣٣) من طريق أبي إسحاق السَّبيعي، به.
وأخرجه مسلم (٩٩٦) من طريق خيثمة بن
عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو،
رفعه، بلفظ: «كفى بالمرء إثمًا أن
يحبس عمن يملك قوته».
هو في «مسند أحمد» (٦٤٩٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٢٤٠) و(٤٢٤١).
وقوله: «من يقوت». قال البغوي: يريد
من يلزمه قوته، وفيه بيان أن ليس للرجل أن يتصدق بما لا يفضل عن قوت أهله يلتمس به
الثواب، فإنه ينقلب إثمًا.
١٦٩٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ ويعقوبُ بنُ
كَعْبٍ - وهذا حديثُه - قالا: حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونسُ، عن الزهريِّ
عن أنس، قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«مَنْ سَرَّهُ أن يُبسطَ عليه في رِزقه، ويُنسَأَ في أثره، فَليَصِل رَحِمَه» (١).
١٦٩٤
- حدَّثنا مسدَّدٌ، وأبو بكر بنُ أبي
شيبةَ، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن أبي سَلَمة
عن عبد الرحمن بن عوف، قال: سمعتُ
رسولَ الله ﷺ يقول: «قال الله تعالى: أنا الرحمن، وهي الرحم، شققتُ لها اسمًا مِن
اسمِي، مَنْ وَصَلها وَصَلتُه، ومَنْ قَطَعَها بتتُّه» (٢).
(١) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله،
ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، والزهري: هو محمد بن مسلم.
وأخرجه البخاري (٥٩٨٦)، ومسلم
(٢٥٥٧)، والنسائي في «الكبرى» (١١٣٦٥) من طريق الزهري.
وأخرجه البخاري (٢٠٦٧) من طريق محمد
بن سيرين، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٥٨٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٣٨) و(٤٣٩).
قال البغوي في «شرح السنة» ١٣/ ١٩:
قوله ويُنسأ في أثره: معناه يؤخر في أجله، يقال: نسأ الله في عمرك، وأنسأ عمرك،
والأثر هاهنا: آخر العمر، وسمي الرجل أثرًا، لأنه يتبع العمر.
وقال العلماء: وتأخير الأجل بالصلة
إما بمعنى حصول البركة والتوفيق في العمر وعدم ضياع العمر، فكأنه زاد، أو بمعنى
أنه سبب لبقاء ذكره الجميل بعده.
ولا مانع أنها سبب لزيادة العمر
كسائر أسباب العالم، فمن أراد الله زيادة عمره وفقه بصلة الأرحام، والزيادة إنما
هو بحسب الظاهر بالنسبة إلى الخلق، وأما في علم الله فلا زيادة ولا نقصان.
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه منقطع، فإن أبا سلمة - هو ابن عبد الرحمن
بن عوف - لم يسمع من أبيه، فيما قاله أهل العلم، وقد اختُلف في
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= إسناد هذا الحديث، كما بينه
الدارقطني في «العلل» ٤/ ٢٦٢ - ٢٦٤، فمنهم من يرويه عن
الزهري عن أبي سلمة عن أبيه كما هو
هنا عند المصنف، ومنهم من يرويه عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي الرداد - ويقال:
الرداد - عن عبد الرحمن بن عوف كما في الطريق الآتي بعده عند المصنف. ورجح
الدارقطنى وغيره ذكر أبي الرداد في الإسناد، وصَوَّب غيرُه كالبخاري وابن حبان
وغيرهما عدم ذكره، والله أعلم.
وأبو الرداد هذا ذكره الواقدي في
الصحابة وقال: كان يسكن المدينة وكذا قال ابن حبان وأبو أحمد الحاكم: له صحبة،
وتبعهم أبو نعيم وابن عبد البر وابن الأثير فذكروه في الصحابة، وروى أبو نعينم
حديثه هذا وجاء في روايته ما نصه: عن سفيان عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن،
أن عبد الرحمن بن عوف عاد رجلًا من أصحاب النبي ﷺ، يقال له: أبو الرداد، فقال أبو
الرداد: خيرهم وأوصلُهم - ما علمتُ - أبو محمد ... ثم قال: رواه بشر بن شعيب، عن
أبيه، عن الزهري مثله، وقال: وكان من الصحابة. وقد ذكره الحافظ في «الإصابة» ٧/
١٣٧ - ١٣٨ في القسم الأول. وقد صحح حديثه هذا الطبري في «تهذيب الآثار» في الجزء
الذي حققه علي رضا (١٦٤). فالحديث على مذهب الدارقطني يكون صحيحًا، لأنه رواية
صحابي عن صحابي، وعلى مذهب غيره منقطع.
وقد روي هذا الحديث من وجه آخر عن
عبد الرحمن بن عوت كما سيأتي بيانه.
وانظر ما بعده. سفيان: هو ابن عيينة،
ومُسئد: هو ابن مُسَرْهد.
وأخرجه الترمذي (٢٠١٩) من طريق سفيان
بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال: حديث صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٨٦)، وكنا قد
حكمنا هناك على أبي الرداد بأنه مجهول، فيُستدرك من هنا.
وأخرجه أحمد (١٦٥٩)، وابن أبي الدنيا
في«مكارم الأخلاق» (٢٠٥) وأبو يعلى (٨٤١)، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (٢٦٣)،
والشاشي في «مسنده» (٢٥٢)، والحاكم ٤/ ١٥٧ من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي
كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف. وقد صحح
إسناده الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب»، فلم يُصب، لأن هذا الإسناد قد اختُلف
فيه عن يحيى ابن أبي كثير فيما حكاه الدارقطنى في «العلل» ٤/ ٢٩٥، وبين أن بعضهم
رواه عن =
١٦٩٥ - حدَّثنا محمدُ بن المتوكلِ
العسقلانيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزهريِّ، حدَّثنا أبو سلمة،
أن الردادَ الليثي أخبره، عن عبد الرحمن ابن عوف، أنه سَمعَ رسولَ الله ﷺ، بمعناه
(١).
= إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، عن
رجل، عن عبد الرحمن بن عوف، واستحسنه، وعليه يكون في الإسناد مبهم. قلنا: وإن صح
ذكر أبيه فيه فهو لا يُعرف. لكن الحديث بانضمام هذين الطريقين يصح إن شاء الله
تعالى. على أن له شواهد كثيرة كما قال ابن كثير في «تفسيره» عند تفسير قوده تعالى:
﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ
وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد: ٢٢].
قلنا: منها: حديث عائشة عند البخاري
(٥٩٨٩)، ومسلم (٢٥٥٥) بلفظ: «الرحم شجنة، فمن وصلها وصلتُه، ومن قطعها قطعتُه».
وحديث أبي هريرة عند البخاري (٥٩٨٨)
بلفظ: «الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته».
وقوله في هذين الحديثين: «شجنة» قال
البيهقي في«الأسماء والصفات»: إنما أراد أن اسم الرحم شعبة مأخوذة من تسمية الرحمن.
وقال الخطابي: في هذا بيان صحة
الاشتقاق في الأسماء اللغوية، وذلك أن قومًا أنكروا الاشتقاق، وزعموا أن الأسماء
كلها موضوعة، وهذا يبين فساد قولهم. وفيه دليل على أن اسم الرحمن عربي، مأخوذ من
الرحمة، وقد زعم بعض المفسرين أنه عبراني. قلت: والرحمن بناؤه فعلان، وهو بناء
نعوت المبالغة، كقولهم غضبان، وإنما يقال لمن اشتد غضبه، ولم يغلب عليه الغضب ضجر
وحَرِدَ ونحو ذلك، حتى إذا امتلأ غضبًا، قيل: غضبان.
قال: ولا يجوز أن يسمى بالرحمن أحد
غير الله، ولذلك لا يثنى ولا يجمع، كما ثنوا وجمعوا الرحيم، فقيل: رحيمان ورحماء،
وقوله: «بتتَه» معناه: قطعتُه، والبتُّ: القطع.
(١)
حديث صحيح. وانظر الكلام على إسناده في الطريق الذي قبله.
وهو في«مصنف عبد الرزاق» (٢٠٢٣٤).
وهو في «مسند أحمد» (١٦٨٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٤٣).
وانظر تمام تخريجه في «مسند أحمد».
وانظر ما قبله.
١٦٩٦ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ،
عن الزهريِّ، عن محمد بن جُبير بن مطعم عن أبيه، يبلغ به النبيَّ ﷺ قال: «لا
يَدخُلُ الجنَّةَ قَاطِعٌ» (١).
١٦٩٧
- حدَّثنا ابنُ كثيرِ، أخبرنا سفيانُ،
عن الأعمش والحسنِ بن عمرو وفِطْرِ، عن مجاهد
عن عبد الله بن عمرو - قال سفيان:
ولم يرفعه سليمانُ إلى النبي ﷺ ورفعه فطر والحسن - قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لَيسَ
الواصِلُ بالمُكافئ، ولكن الواصلَ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَها» (٢).
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد
الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم.
وأخرجه البخاري (٥٩٨٤)، ومسلم
(٢٥٥٦)، والترمذي (٢٠٢١) من طرق عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٧٣٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٥٤).
وقوله: لا يدخل الجنة قاطع. قال
المناوي: أي مع الداخلين في الوعيد الأول من غير عذاب ولا بأس، أو لا يدخلها حتى
يُعاقب بما اجترحه وكذا يقال في نظائره. قال التوربشتي: هذا هو السبيل في تأويل
أمثال هذه الأحاديث لتوافق أصول الدين، وقد هلك في التمسك بظواهر أمثال هذه النصوص
الجمُّ الغفير من المبتدعة، ومن عرف وجوه القول، وأساليب البيان من كلام العرب،
هان عليه التخلصُ بعونِ الله من تلك الشبه.
(٢)
إسناده صحيح. ابن كثير: هو محمد بن كثير العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري،
والأعمش: هو سليمان بن مهران، وفِطر: هو ابن خليفة القرشي، ومجاهد: هو ابن جبر
المخزومي.
وأخرجه البخاري (٥٩٩١) عن محمد بن
كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٠٢٠) من طريق سفيان
بن عيينة، عن بشير أبي إسماعيل وفطر ابن خليفة، عن مجاهد، به. =
٤٦ - باب في الشُّحِّ
١٦٩٨
- حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا
شعبةُ، عن عمرو بن مُرة، عن عبد الله ابن الحارث، عن أبي كثيرٍ
عن عبدِ الله بن عمرو، قال: خَطَبَ
رسولُ الله ﷺ فقال: «إيَّاكم والشُّحَّ، فإنما هَلَكَ مَن كان قَبلَكم بالشُّحِّ:
أمرهم بالبُخلِ فبَخِلُوا، وأمرَهم بالقَطيعةِ فقَطَعُوا، وأمرَهم بالفُجُور
ففَجَرُوا» (١).
= وهو في «مسند أحمد» (٦٥٢٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٤٥).
وقوله: «ليس الواصل بالمكافئ». أي:
الذي يُعطي لغيره نظير ما أعطاه ذلك الغير، وأخرج عبد الرزاق (٢٠٢٣٢) عن عُمر
موقوفًا: ليس الوصل أن تصل من وصلك ذلك القصاص، ولكن الوصل أن تصل من قطعك«.
وقوله: ولكن الذي إذا قطعت رحمه
وصلها. قال الطيبي: المعنى ليست حقيقة الواصل ومن يعتد بصلته من يكافئ صاحبه بمثل
فعله، ولكنه من يتفضل على صاحبه.
قال الحافظ العراقي: والمراد بالواصل
في هذا الحديث الكامل، فإن في المكافاة نوع صلة بخلاف من إذا وصله قريبه لم
يكافئه، فإن فيه قطعًا بإعراضه عن ذلك، فهو من قبيل:»ليس الشديد بالصُّرَعَةِ وليس
الغنى عن كثرة العرض. قال ابن حجر: وأقول: لا يلزم من نفي الوصل ثبوت القطع، فهم
ثلاث درجات مواصل ومكافئ وقاطع.
(١)
إسناده صحيح. أبو كثير: هو زهير بن الأقمر الزُّبيدي.
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى»
(١١٥١٩) من طريق الأعمش، عن عمرو ابن مرة، به. إلا أنه زاد في روايته: «أمرهم
بالظلم فظلموا».
وهو في «مسند أحمد» (٦٤٨٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٥١٧٦).
قال الخطابي: الشح أبلغ في المنع من
البخل، وإنما الشح بمنزلة الجنس، والبخل بمنزلة النوع، وكثر ما يقال: البخل إنما
هو في أفراد الأمور وخواص الأشياء، والشح عامٌّ وهو كالوصف اللازم للإنسان. من
قِبَل الطبع والجِبِلّة.
١٦٩٩ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ،
أخبرنا أيوبُ، حدَّثنا عبدُ الله بن أبي مُليكة
حدَّثتني أسماءُ بنتُ أبي بكرِ،
قالت: قلت: يا رسولَ الله، ما لي شيء إلا ما أدْخَلَ علىَّ الزبيرُ بيتَه، أفأُعطي
منه؟ قال: «أَعْطِي ولا تُوكِي فيُوكَى عَلَيكِ» (١).
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد
الأسدي، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم الأسدي المعروف بابن عُلَيَّه، وأيوب: هو
السختياني.
وأخرجه الترمذي (٢٠٧٥)، والنسائي في
«الكبرى» (٩١٤٨) من طريق أيوب السختياني، به. وهو في «مسند أحمد» (٢٦٩١٢) و(٢٦٩٨٧).
وأخرجه البخاري (١٤٣٤) و(٢٥٩٠)،
ومسلم (١٠٢٩)، والنسائي (٢٣٤٣) و(٩١٤٩) من طريق ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن
عبّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أسماء. فزاد ابنُ جريج في إسناده عبّاد بن عبد
الله بن الزبير بين ابن أبي مليكة وبين أسماء، قال الحافظ في «الفتح» ٥/ ٢١٨: وصرح
أيوب عن ابن أبي مليكة بتحديث أسماء له بذلك، فيحمل على أنه سمعه من عبّاد عنها،
ثم حدثته به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٩٨٨).
وأخرجه البخاري (١٤٣٣) و(٢٥٩١)،
ومسلم (١٠٢٩)، والنسائي (٢٣٤٢) من طريق فاطمة بنت المنذر، ومسلم (١٠٢٩) من طريق
عبّاد بن حمزة، كلاهما عن أسماء.
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: معناه: "وأعطي من
نصيبك منه، ولا توكي، أي: لا تدخري، والإيكاء: شد رأس الوعاء بالوكاء، وهو الرباط
الذي يربط به، يقول: لا تمنعي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عليك.
وفيه وجه آخر: أن صاحب البيت إذا
أدخل الشيء بيته، كان ذلك في العرف مفوضًا إلى ربة المنزل، فهي تنفق منه قدر
الحاجة في الوقت، وربما تدخر منه الشيء لغابر الزمان، فكأنه قال: إذا كان الشيء
مفوضًا إليك موكولًا إلى تدبيرك، فاقتصري على قدر الحاجة للنفقه، وتصدقي بالباقي
منه، ولا تدخريه، والله أعلم.
١٧٠٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ،
أخبرنا أيوبُ، عن عبد الله بن أبي مُلَيكَة
عن عائشة: أنها ذَكَرَتْ عدةَ من
مساكين - قال أبو داود: وقال غيره: أو عدة مِن صدقة - فقال لها رسول الله ﷺ:
«أعْطِي ولا تُحْصِي فيُحْصَى عَلَيك» (١).
آخر كتاب الزكاة ويليه كتاب اللقطة
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد
الأسدي، إسماعيل: هو ابن إبراهيم ابن مِقسَم المعروف بابن عُلَيَّه، وأيوب: هو
السختياني.
وأخرجه النسائى في «الكبرى» (٢٣٤١)
من طريق أبي أمامة سهل بن حنيف، عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٧٧٣).
وهو كذلك في «مسند أحمد» (٢٤٤١٨)،
و«صحيح ابن حبان» (٣٣٦٥) من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة.
وانظر ما قبله.
كتاب اللُّقَطة
١٧٠١
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا
شعبةُ، عن سلمةَ بن كُهَيل عن سُوَيْدِ بن غَفَلةَ قال: غزوتُ مع زيدِ بن صُوحان
وسلمانَ بنِ ربيعةَ، فوجدتُ سوْطًا، فقالا لي: اطْرَحْهُ، فقلتُ: لا، ولكن إن
وجَدْتُ صاحبَه وإلا استمتعتُ به، فحججتُ، فمررتُ على المدينة، فسألتُ أُبى بنَ
كعبٍ، فقال: وجَدْتُ صُرَّة فيها مئةُ دينارٍ فأتيتُ النبيَّ ﷺ فقال: «عَرّفْها
حَوْلًا» فعرَفتُها حولًا، ثم أتيتُه، فقال: «عَرِّفها حولًا» فعرَفتها حولًا، ثم
أتيتُه، فقال: «عرِّفها حولًا» فعرَّفتُها حولًا، ثم أتيته، فقلت: لَم أَجِدْ مَنْ
يعرفُها، فقال: «احفظْ عَدَدَها ووِكاءَها ووِعاءَها، فإن جاء صاحبُها وإلا
فاستَمتِعْ بها» وقال: لا أدْرِي أثلاثًا قال: «عَرِّفها» أو مرةَ واحدةً (١).
(١) إسناده صحيح، إلا أن سلمة بن كهيل وهِمَ
في ذكر التعريف ثلاث سنين كما سيأتي.
وأخرجه البخاري (٢٤٢٦) و(٢٤٣٧)،
ومسلم (١٧٢٣)، والنسائى في «الكبرى» (٥٧٩١ - ٥٧٩٣) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٧٢٣)، وابن ماجه
(٢٥٠٦)، والترمذي (١٤٢٦)، والنسائي (٥٧٨٩) و(٥٧٩٠) و(٥٧٩٤) من طرق عن سلمة بن
كهيل، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢١١٦٦ - ٢١١٧٠)،
و«صحيح ابن حبان» (٤٨٩٢).
قال شعبة في رواية البخاري (٢٤٢٦):
فلقيته بعد مكة، فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أو حولًا واحدًا. وقال شعبة في رواية
مسلم (١٧٢٣) (٩)، والنسائي (٥٧٩٢): فسمعته بعد عشر سنين يقول: عرّفها عامًا واحدًا.
=
١٧٠٢ - حدَّثنا مُسدَّدٌ حدَّثنا يحيي، عن
شعبةَ، بمعناه، قال:
«عَرِّفها حَوْلًا» قال: ثلاث مرارٍ،
قال: فلا أدري قال له ذلك في سنةٍ أو في ثلاث سنين (١).
١٧٠٣
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حماد، حدَّثنا سلمةُ بنُ كُهَيل، بإسناده ومعناه، قال في التعريف قال: عامَين أو
ثلاثة، قال:
«اعْرِفْ عَدَدَها ووِعاءَها
ووِكاءها» زاد: «فإن جاء صاحبُها، فعَرَفَ عَدَدَها ووِكاءَها، فادْفَعْها إليه»
(٢).
= قلنا: وتعريفها عامًا واحدًا هو
الموافق لحديث زيد بن خالد عند ابن ماجه (٢٥٠٤)، ولحديث عبد الله بن عمرو الآتي
برقم (١٧٠٨). وهو مذهب عامة الفقهاء.
وانظر تالييه.
قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه
أن أخذ اللقطة جائز، فإنه ﷺ لم ينكر على أبي أخذها وإلتقاطها، وممن رُوي ذلك عنه
عبد الله بن عمر بن الخطاب، وجابر ابن زيد، وعطاء بن أبي رباح ومجاهد، وكره أخذها
أحمد ابن حنبل.
وفيه: أن اللقطة إذا كان لها بقاء،
ولم تكن مما يُسرع إليها الفساد، فيتلف قبل مضي السنة فإنها تعرف سنة كاملة.
(١)
إسناده صحيح كسابقه. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
وهو في «مسند أحمد» (٢١١٦٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٨٩١).
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده صحيح كسابقيه. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه مسلم (١٧٢٣) من طريق بهز بن
أسد عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١١٧٠).
وانظر سابقيه.
قال أبو داود: ليسَ يقولُ هذه الكلمة
إلا حمادٌ في هذا الحديث، يعني: «فعَرَفَ عَدَدَها» (١).
١٧٠٤
- حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا
إسماعيلُ بنُ جعفرٍ، عن ربيعةَ بن أبي عبدِ الرحمن، عن يَزيدَ مولى المُنبعثِ
عن زيدِ بنِ خالدِ الجُهَني: أنَّ
رجلًا سألَ رسولَ الله ﷺ عن اللُّقَطَة، فقال: «عَرِّفها سنةً، ثم اعْرِف وِكاءَها
وعِفَاصَهَا ثم استنْفِقْ بها، فإن جاءَ ربُّها فأدِّها إليه» فقال: يا رسول الله
فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ فقال: «خُذْها، فإنما هِيَ لَكَ أو لأخيِكَ أو للذِّئب» قال:
يا رسولَ الله فضالَّة الإبل؟ فغَضِبَ رسولُ الله ﷺ حتى احمرَّتْ وجنتاه، أو
احْمَرَّ وجْهُهُ، وقال: «مَا لَكَ ولَها؟ مَعَها حِذاؤُها وسِقاؤُها حتى يأتيَها
رَبُّها» (٢).
(١) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من
(هـ) و(و). وهما برواية ابن داسه.
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٤٣٦) و(٦١١٢)،
ومسلم (١٧٢٢)، والترمذي (١٤٢٧) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٩١) و(٢٤٢٧) و(٢٤٣٨)
و(٥٢٩٢)، ومسلم (١٧٢٢) من طرق عن ربيعه بن أبي عبد الرحمن، به.
وأخرج منه قطعة السؤال عن الضَّالة:
النسائي في «الكبرى» (٥٧٤٠) و(٥٧٧٢) من طريق إسماعيل بن أمية، ربيعة بن أبي عبد
الرحمن، به.
وأخرج منه قطعة التعريف باللقطة:
النسائي (٥٧٨٤) من طريق إسماعيل بن أمية عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، به.
وانظر ما سيأتي برقم (١٧٠٥ - ١٧٠٨).
قال الخطابي: الوكاء: الخيط يشد به
الصرَّة، والعفاص: الوعاء الذي يكون فيه النفقة، وأصل العفاص: الجلد الذي يلبس رأس
القارورة. =
١٧٠٥ - حدَّثنا ابنُ السَّرح، حدَّثنا ابنُ
وهبِ، أخبرني مالكٌ، بإسناده ومعناه، زاد:
«سِقاؤُها تَرِدُ الماءَ وتأكلُ
الشجر» ولم يقل: «خُذْها» في ضالة الشاء، وقال في اللقطة: «عرِّفها سنةً، فإن جاء
صاحبُها وإلا فشأنَك بها». ولم يذكر: «استنفِق» (١).
قال أبو داود: رواه الثوري وسليمان
بن بلال وحمادُ بن سلمة، عن ربيعة مثله، لم يقولوا: «خُذْها».
١٧٠٦
- حدَّثنا محمدُ بنُ رافع وهارونُ بنُ
عبد الله - المعنى - قالا: حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، عن الضحاك - يعني ابن عثمانَ
- عن بُسرِ بن سعيد
= وقوله: في الإبل: معها حذاؤها
وسقاؤها، فإنه يريد بالحذاء أخفافها، يقول: إنها تقوى على السير وقطع البلاد،
وأراد بالسقاء: أنها تقوى على ورود المياه، فتحمل ريها في أكراشها.
فإن كانت الإبل مهازيل لا تنبعث
فإنها بمنزلة الغنم التي قيل فيها: هي لك أو لأخيك أو للذئب.
وقوله: «استنفق»: قال العيني: من
الاستنفاق وهو استفعال، وباب الاستفعال للطلب، لكن الطلب على قسمين: صريح وتقديري،
وها هنا لا يتأتى الصريح، فيكون للطلب التقديري، وقال النووي: ومعنى «استنفِق
بها»: تملّكْها، ثم أنفقها على نفسك.
(١)
إسناده صحيح. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو الأموي، وابن وهب: هو عبد الله.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٧٥٧،
ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٣٧٢) و(٢٤٢٩) و(٢٤٣٠)، ومسلم (١٧٢٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٧٨٣)، ورواية النسائي مختصرة بقطعة التعريف باللقطة.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤٨٨٩)
و(٤٨٩٨).
وانظر ما قبله.
عن زيدِ بن خالد الجهني: أنَّ رسولَ
الله ﷺ سُئِلَ عن اللُّقطة، فقال: عَرِّفْها سنةً، فإنْ جاءَ باغيها فأدِّها إليه،
وإلا فاعْرِفْ عِفاصَها ووِكاءها ثم كُلْها، فإنْ جاءَ باغيها فأدِّها إليه» (١).
١٧٠٧
- حدَّثنا أحمدُ بن حفص، حدَّثني أبي،
حدثني إبراهيمُ بنُ طَهْمان، عن عبادِ بن إسحاق، عن عبد الله بن يزيدَ، عن أبيه
يزيد مولى المُنبَعث
عن زيد بن خالد الجهني، أنه قال:
سُئِلَ رسولُ الله ﷺ فذكر نحو حديثِ ربيعةَ، قال: وسُئِلَ عن اللُّقَطَة (٢) فقال:
«تُعَرِّفُها حَوْلًا،
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن
الضحاك بن عثمان لم يسمع هذا الخبر من بسر بن سعيد، وإنما سمعه من أبي النضر سالم
بن أبي أمية عن بسر بن سعيد كما سيأتي.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٥٧٨٠) من
طريق هارون بن عبد الله، عن ابن أبي فديك وأبي بكر الحنفي، كلاهما عن الضحاك بن
عثمان، عن أبي النضر، عن بُسر ابن سعيد، عن زيد بن خالد الجهني، به. فزاد في
الإسناد سالمًا أبا النضر وهو الصواب.
وأخرجه مسلم (١٧٢٢)، وابن ماجه
(٢٥٠٧)، والنسائي (٥٧٧٩) من طريق عبد الله بن وهب، ومسلم (١٧٢٢)، وابن ماجه
(٢٥٠٧)، والترمذي (١٤٢٨) من طريق أبي بكر الحنفي، كلاهما عن الضحاك بن عثمان
القرشي، عن أبي النضر سالم ابن أبي أمية، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد الجهني،
به.
وهو في»مسند أحمد«(١٧٠٤٦)، و»صحيح
ابن حبان«(٤٨٩٥).
وانظر ما سلف برقم (١٧٠٤).
(٢)
تحرفت في أصولنا الخطية عدا (ج) إلى: وسئل عن النفقة، والمثبت على الصراب من (ج)
ونسخة على هامش (هـ)، وقد أخرجه النسائي في»الكبرى" (٥٧٨٦) عن أحمد بن حفص،
على الصواب.
فإنْ جاءَ صاحبُها دفعتَها إليه،
وإلا عَرَفْتَ وِكاءَها وعِفاصَها، ثم أفِضْها في مالك، فإنْ جاءَ صاحبُها فادفعها
إليه» (١).
١٧٠٨
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، عن حمادِ
بنِ سلَمةَ، عن يحيى بن سعيد وربيعةَ، بإسناد قتيبةَ ومعناه، وزاد فيه:
«فإنْ جاءَ باغيها، فعَرَفَ عِفاصَها
وعَدَدَها فادْفَعْها إليه» وقال حمادٌ أيضًا: عن عُبيد الله بن عُمَرَ، عن عمرو
بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبيَّ ﷺ مثله (٢).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عباد
بن إسحاق وعبد الله بن يزيد مولى المنبعث، وقد توبعا. حفص: هو ابن عبد الله بن
راشد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٧٨٦)
عن أحمد بن حفص، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٥٧٤١) و(٥٧٨٥) من
طريق الليث، عمن يرضي، عن إسماعيل ابن أمية، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد
الله بن يزيد مولى المنبعث، عن رجل، عن النبي ﷺ وفيه رجل مبهم. ورواية النسائي في
الموضع الأول مختصرة بالسؤال عن الضالة، وفى الموضع الثاني مختصرة بالتعريف
باللقطة.
وانظر ما سلف برقم (١٧٠٤).
وقوله: «ثم أفضها في مالك». معناه:
ألقها في مالك، واخلطها به من قولك: فاض الأمر والحديث: إذا انتشر وذاع.
(٢)
إسناده صحيح، من طريق حماد بن سلمة عن ربيعة، وقد اختلف في رواية يحيى بن سعيد
فرواه سليمان بن بلال عنه عن يزيد مولى المنعبث عن زيد بن خالد، كرواية حمّاد بن
سلمة عند المصنف هنا، وخالفهما سفيان بن عيينة، فرواه عن يحيى ابن سعيد، عن يزيد
مولى المنبعث مرسلًا، ورواه سفيان أيضًا، عن يحيى بن سعيد، عن ربيعة بن أبي عبد
الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد موصولًا.
قال الحافظ في بيان هذا الاختلاف في
«الفتح» ٩/ ٤٣٢: واقتضى قول سفيان بن عيينة هذا أن يحيي بن سعيد ما سمعه من شيخه
يزيد مولى المبعث موصولًا وإنما وصله له =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . .
= ربيعة، ولكن تقدم الحديث في اللقطة
من طريق سليمان بن بلال عن يحيي بن سعيد عن يزيد موصولًا، فلعل يحيي بن سعيد لما
حدث به ابن عيينة ما كان يتذكر وصله أو دلسه لسليمان بن بلال حين حدثه به موصولًا
وإنما سمع وصله من ربيعة فأسقط ربيعة. وقد أخرجه مسلم من رواية سليمان بن بلال
موصولًا أيضًا، ومن رواية حماد ابن سلمة عن يحيى بن سعيد وربيعة جميعًا عن يزيد عن
زيد موصولًا، وهذا يقتضي أنه حمل إحدى الروايتين على الأخرى.
وأخرجه مسلم (١٧٢٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٧٣٩) و(٥٧٧٠) و(٥٧٨١) من طريق حمّاد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٤٢٨)، ومسلم (١٧٢٢)
من طريق سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد وحده، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن
خالد.
وأخرجه البخاري بإثر (٥٢٩٢)، وابن
ماجه (٢٥٠٤)، والنسائي (٥٧٣٨) و(٥٧٧١) و(٥٧٨٢) من طريق سفيان بن عيينة، عن يحيي بن
سعيد، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد.
وأخرجه البخاري (٥٢٩٢) من طريق سفيان
بن عيينة، عن يحيي بن سعيد، عن يزيد مولى المنبعث، مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٠٥٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٨٩٣).
وأما حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن
جده. فسيأتي برقم (١٧١٠) وإسناده حسن.
وانظر ما سلف برقم (١٧٠٤).
وقول أبي داود: ليست بمحفوظة ردّه
الحافظ المنذري، فقال: وهذه الزيادة أخرجها مسلم في «صحيحه» (١٧٢٢) من حديث حماد
بن سلمة، وقد أخرجه الترمذي (١٤٢٦)، والنسائي (٥٧٩٤) من حديث سفيان الثوري، عن
سلمة بن كهيل بهذه الزيادة كما قدمنا. قلنا: وهي عند مسلم (١٧٢٣) وابن ماجه أيضًا
(٢٥٠٦).
وذكر مسلم في «صحيحه» أن سفيان
الثوري، وزيد بن أبي أنيسة، وحماد بن سلمة ذكروا هذه الزيادة، فقد تبين أن حماد بن
سلمة لم ينفرد بهذه الزيادة، فقد تابعه عليها من ذكرناه. =
قال أبو داود: وهذه الزيادة التي زاد
حمادُ بنُ سلمة في حديث سَلَمةَ بن كُهيلٍ ويحيى بن سعيد وعُبيد الله وربيعة: «إن
جاء صاحبُها فعَرَفَ عِفاصَها ووِكاءَها فادفعها إليه»، ليست بمحفوظةٍ «فعرف
عِفاصَها ووِكاءَها»، وحديثُ عقبةَ بن سويدٍ عن أبيه عن النبيَّ ﷺ أيضًا، قال:
«عَرِّقها سَنَةً»، وحديث عمر بن الخطاب أيضًا عن النبيِّ ﷺ قال: «عَرِّفْها
سَنَةً».
١٧٠٩
- حدَّثنا مُسدّد، حدَّثنا خالد - يعني
الطحان - (ح)
وحدثنا موسى - يعني ابنَ إسماعيلَ -
حدَّثنا وُهيبٌ - المعنى - عن خالد الحذَّاء، عن أبي العلاء، عن مُطرِّف - يعني
ابنَ عبد الله -
عن عياض بن حمارٍ، قال: قال رسولُ
الله ﷺ: «مَنْ وجد لُقَطَةً فلْيُشهِدْ ذا عدلٍ - أو ذَوي عَدل - ولا يكتُم، ولا
يُغيّبْ، فإن وَجَد صاحبَها فليرُدَّها عليه، وإلا فهو مالُ اللهِ يؤتيه مَنْ
يشاءُ» (١).
= وقال الحافظ في «الفتح» ٥/ ٧٨: في
رواية حماد بن سلمة وسفيان الثوري وزيد ابن أبي أنيسة عند مسلم، وأخرجه مسلم
(١٧٢٣)، والترمذي (١٤٢٦)، والنسائي (٥٧٩٤) من طريق الثوري، وأحمد (٢١١٧٠)، وأبو
داود (١٧٠٣) من طريق حماد، كلهم عن سلمة بن كهيل في هذا الحديث، قال: «فإن جاء أحد
يخبرك بعددها ووِكائها ووعائها فأعطها إياه». لفظ مسلم، وأما قول أبي داود: إن هذه
الزيادة زادها حمّاد بن سلمة وهي غير محفوظة، فتمسك بها من حاول تضعيفها، فلم يصب،
بل هي صحيحة وقد عرفت من وافق حمادًا عليها وليست شاذة.
(١)
إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ووهيب: هو ابن خالد الباهلي، وخالد
الحذاء: هو ابن مهران، وأبو العلاء: هو يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير.
وأخرجه ابن ماجه (٢٥٠٥)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٧٧٦) و(٥٧٧٧) من طرق عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. وقال ابن ماجه في
روايته: "فيشهد ذا عدلٍ أو =
١٧١٠ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا
الليثُ، عن ابن عجلانَ، عن عمرو ابن شُعيب، عن أبيه
عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص،
عن رسول الله ﷺ: أنه سُئِلَ عن الثَّمَرِ المُعلَّق، فقال: «من أصابَ بفيهِ مِن ذي
حَاجَةٍ غيرَ مُتَخذٍ خُبْنةً فلا شيءَ عليه، ومَنْ خَرَجَ بشيءٍ منه، فعليه
غرامةُ مِثْليه والعقوبةُ، ومن سَرَقَ منه شيئًا بعد أن يُؤويه الجَرينُ فبَلغ
ثَمَنَ المِجنِّ فعليه القطعُ» وذكر في ضالة الغنم والإبل كما ذكرَ غيرُه، قال:
وسُئِلَ عن اللقطةِ فقال: «ما كانَ منها في طَريقِ المِيتاء والقريةِ الجامعةِ
فعرِّفها سنةً، فإن جاءَ طالبُها فادفعها إليه، وإن لم يأتِ، فهيَ لك، وما كان في
الخراب - يعني - ففيها وفي الرِّكازِ الخُمسُ» (١).
= ذوي عدلٍ«على الشك أيضًا، وفي رواية
النسائي في الموضع الأول:»فليُشهد ذوي عدل«من غير شك، وأما في الموضع الثانى فلم
يذكر الإشهاد.
وأخرجه النسائي (٥٧٧٧) من طريق حماد
بن سلمة، عن الجريري، عن أبي العلاء، عن مطرف، عن أبي هريرة. فجعله من مسند أبي
هريرة. وهذا اختلاف لا يضر، لأن الصحابة كلهم عدولٌ.
وهو في»مسند أحمد«(١٧٤٨١)، و»صحيح
ابن حبان«(٤٨٩٤).
وانظر تمام تخريجه وبيان الاختلاف
فيه والكلام عليه في»مسند أحمد".
وقوله: وإلا ... قال ابن حبان: أضمر
فيه: إن لم يجئ صاحبها، فهو مال الله يؤتيه من يشاء.
(١)
إسناده حسن. الليث: هو ابن سعد، وابن عجلان: هو محمد.
وأخرجه الترمذي (١٢٨٩)، والنسائي
(٧٤٠٤) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. ورواية الترمذي مختصرة بذكر ما يصيبه ذو
الحاجة، وقال: حديث حسن.
وأخرجه النسائي (٧٤٠٥) من طريق عمرو
بن الحارث وهشام بن سعد عن عمرو ابن شعيب، به. =
١٧١١ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا
أبو أسامةَ، عن الوليد - يعني ابنَ كثير - حدثني عمرُو بنُ شعيب، بإسناده بهذا.
قال في ضالة الشَّاء: قال:
«فاجْمَعْها» (١).
١٧١٢
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو
عَوانَةَ، عن عُبيدِ الله بنِ الأخنس، عن عمرو بن شعيب، بهذا بإسناده، قال في ضالة
الغنم:
= وسيأتي برقم (٤٣٩٠).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (١٧١١ -
١٧١٣).
وقوله: «غير متخذ خُبنه» قال ابن
الأثير في «النهاية»: الخُبنة: مَعطِفُ الإزار وطرف الثوب، أي: لا يأخذ منه في
ثوبه، وقوله: فليس عليه شيء: ظاهره ليس عليه عقوبة ولا إثم، وقيل: بل ذلك إذا علم
مسامحة صاحب المال كما في بعض البلاد.
وقوله: ومن خرج بشيء منه، فعليه
غرامة مثليه والعقوبة. قال في «المغني»
١٢/
٤٣٨:
وإن سرق من الثمر المعلق فعليه غرامة
مثليه، وبه قال إسحاق للخبر
المذكور، قال أحمد: لا أعلم شيئًا
يدفعه، وقال أكثر الفقهاء: لا يجب فيه أكثر من مثله، قال ابن عبد البر: لا أعلم
أحدًا من الفقهاء قال بوجوب غرامة مثليه، واعتذر بعض أصحاب الشافعي عن هذا الخبر
بأنه كان حين كانت العقوبة في الأموال، ثم نسخ ذلك، ولنا
قول النبي ﷺ وهو حجة لا تجوز مخالفته
إلا بمعارضة مثله أو أقوى منه، وهذا الذي اعتذر به هذا القائل دعوى للنسخ
بالاحتمال من غير دليل عليه وهو فاسد بالاجماع، ثم هو فاسد من وجه آخر لقوله: «ومن
سرق منه شيئًا بعد أن يؤويه الجرين، فبلغ ثمن المجن فعليه القطع» فقد بين وجوب
القطع مع إيجاب غرامة مثليه، وهذا يبطل ما قاله.
والجرين: موضع تجفيف التمر بعد القطع
وهو له كالبيدر للحنطة وهو حرز عادة، فإن الجرين للثمار كالمراح للشياه.
والمجن: هو الترس، لأنه يواري حامله،
أي: يستره، وكان ثمن المجن ثلاثة دراهم وهو ربع دينار، وهو نصاب السرقة.
وطريق الميتاء: مفعال من الإتيان،
أي: طريقة مسلوكة يأتيها الناس.
(١)
إسناده حسن كسابقه.
«لكَ أو لأخيك أو للذئب، خذها قطُّ».
وكذا قال فيه أيوبُ ويعقوبُ ابن عطاء، عن عمرو بن شعيب، عن النبيِّ ﷺ قال: «فخذها»
(١).
١٧١٣
- حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا
حماد (ح)
وحدَثنا ابنُ العلاء، حدَّثنا ابنُ
إدريَس، عن ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدِّه، عن النبيِّ ﷺ، بهذا،
وقال في ضالة الشاء: «فاجْمَعْها حتَّى يأتِيَها باغيَها» (٢).
١٧١٤
- حدَّثنا محمدُ بن العلاء، حدَّثنا
عبدُ الله بن وهبٍ، عن عمرو بن الحارث، عن بُكير بن الأشجِّ، عن عُيد الله بن
مِقْسَمٍ، حدَّثه، عن رجلٍ عن أبي سعيد: أن عليَّ بن أبي طالب وجد دينارًا، فأتى
به فاطمةَ، فسألت عنه رسولَ الله ﷺ فقال: «هُوَ رِزقُ الله» فأَكَلَ منه رسولُ
الله ﷺ وأَكَلَ عليُّ وفاطمةُ، فلما كان بعد ذلك أتَتْهُ امرأة تَنشُد الدينار،
فقال رسولُ الله ﷺ: «يا عليُّ، أدِّ الدينار» (٣).
(١) إسناده حسن كسابقيه. مسدَّدٌ: هو ابن
مسرهد الأسدي، وأبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٤٠٣)
من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد.
مخصرًا.
وانظر ما سلف برقم (١٧١٠).
(٢)
إسناده حسن. ابنُ إسحاق - وهو محمد - متابع. حماد: هو ابن سلمة، وابن العلاء: هو
محمد، وابن إدريس: هو عبد الله الأودي.
وهو في «مسند أحمد» (٦٦٨٣).
وانظر ما سلف برقم (١٧١٠).
(٣)
حسن بطرقه، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أبي سعيد الخدري.
=
١٧١٥ - حدَّثنا الهيثمُ بن خالد الجهني،
حدَّثنا وكيع، عن سعد بن أوس، عن بلال بن يحيى العَبْسي
عن عليٍّ رضي الله عنه:
أنه التقطَ دينارًا، فاشترى به
دقيقًا، فعَرَفه صاحبُ الدقيق، فردَّ عليه الدينار، فأخذه علىّ وقطع منه قيراطَين،
فاشترى به لحمًا (١).
١٧١٦
- حدَّثنا جعفرُ بنُ مسافر
التِّنِّيسي، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، حدَّثنا موسى بن يعقوب الزَّمَعي، عن أبي
حازم
= وأخرجه البيهقي ٦/ ١٩٤ من طريق عبد
الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه»
(١٨٦٣٦) عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، به. وأبو هارون العبدي - واسمه
عمارة بن جُوين - متروك الحديث.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا (١٨٦٣٧)
وأبو يعلى في «مسنده» (١٠٧٣) من طريق أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة، عن
شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، به. وفي
إسناده أبو بكر بن أبي سبرة، وهو متروك الحديث.
وانظر تالييه.
(١)
إسناده حسن كما قال الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» ٣/ ٧٥. وردَّ على المنذري
قوله: في سماع بلال بن يحيى من عليّ نظر، فقال: قد روى عن حذيفة ومات قبل عليٍّ.
وأخرجه البيهقي ٦/ ١٩٤ من طربق أبي
داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه بأطول مما ها هنا أبو بكر بن
أبي شيبة في «مسنده» كما في «إتحاف الخيرة» (٤٠١٦) عن وكيع، به. وزاد: فاشترى به
لحمًا، ثم أتى به فاطمة، فقال:
اصنعي لنا طعامًا، ثم انطلق إلى
النبي ﷺ، فدعاه فأتاه ومن معه، فأتاه بجفنة، فلما رآها النبي ﷺ أنكرها فقال: «ما
هذا؟» فأخبره، فقال: «اللقطة اللقطة، إليّ القيراطان ضعوا أيديكم بسم الله».
وانظر ما قبله.
عن سهل بن سعدٍ، أخبره: أن عليَّ بن
أبي طالب دَخَلَ على فاطمةَ وحسنٌ وحسينٌ يبكيان، فقال: ما يُبْكيهما؟ قالت:
الجوعُ، فخرج عليٌّ، فوجد دينارًا بالسُّوق، فجاء إلى فاطمة فأخبرها، فقالت: اذهبْ
إلى فلان اليهوديِّ فخذ لنا دقيقًا، فجاء اليهوديَّ فاشترى به دقيقًا، فقال
اليهوديُّ: اْنتَ خَتَنُ هذا الذي يَزعُمُ أنه رسولُ الله؟ قال: نعم، قال: فخذ
دينارَك ولكَ الدقيقُ، فخرج عليٌّ حتى جاء به فاطمةَ، فأخبرها، فقَالت: اذهب إلى
فلانٍ الجزار فخذ لنا بدرهم لحمًا، فذهب فرهن الدينارَ بدرهم لحمٍ، فجاء به،
فعَجَنَتْ، ونَصَبَتْ، وخبزت، وأرسلت إلى أبيها، فجاءهم، فقالت: يا رسول الله،
أذكر لك، فإن رأيته لنا حلالًا أكلناه وأكلتَ معنا، من شأنه كذا وكذا، فقال: «كلوا
باسم الله» فأكلوا، فبينا هم مكانهم إذا غلامٌ يَنشُد الله والإسلامَ الدينار،
فأمر رسولُ الله ﷺ فدُعي له، فسأله، فقال: سَقَطَ مني في السوق، فقال النبي ﷺ: «يا
عليُّ، اذهبْ إلى الجزّار فقل له: إن رسولَ الله ﷺ يقول لك: أرْسِلْ إليَّ
بالدينار، ودِرهَمُكَ عليَّ» فأرسل به، فدفعه رسول الله ﷺ إليه (١).
١٧١٧
- حدَّثنا سليمانُ بنُ عبد الرحمن
الدمشقيُّ، حدَّثنا محمدُ بن شعيبٍ، عن المغيرة بن زياد، عن أبي الزبير المكي، أنه
حدَّثه
(١) حسن بالسياقة السالفة قبله. وهذا إسناده
ضعيف لضعف موسى بن يعقوب الزمعي. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل الديلي مولاهم،
وأبو حازم: هو سلمة بن دينار.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»
(٥٧٥٩)، والبيهقي في «سننه» ٦/ ١٩٤ من طريق جعفر بن مسافر، بهذا الإسناد.
وانظر سابقيه.
عن جابر بن عبد الله، قال: رخَّص لنا
رسولُ الله ﷺ في العَصَا والسوطِ والحَبْلِ وأشباهه يلتقِطُه الرَّجُلُ ينتفعُ به
(١).
قال أبو داود: رواه النعمانُ بن عبد
السلام عن المغيرة - أبي
(١) إسناده ضعيف لاضطرابه، وللاختلاف في رفعه
ووقفه، فقد رواه سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، عن محمد بن شعيب، عن المغيرة بن
زياد، عن أبي الزبير، عن جابر عن النبي ﷺ كما في رواية المصنف هنا، ورواية هشام بن
عمار، عن محمد ابن شعيب، عن رجل، عن أبي سلمة المغيرة بن زياد. ورواه النعمان بن
عبد السلام، عن المغيرة أبي سلمة، عن أبي الزبير. قلنا: ومغيرة أبو سلمة هو مغيرة
بن مسلم القسملي، وقد احتمل البيهقي أن محمد بن شعيب في رواية هشام بن عمار إنما
أخذه عن النعمان بن عبد السلام، وهذا يعني: أن محمد بن شعيب أخطأ في تعيين مغيرة
هذا، فقال: ابن زياد، وإنما هو ابن مسلم؛ لأن أبا سلمة كنية ابن مسلم لا ابن زياد.
ويؤيده رواية شبابة بن سوار التي
أشار إليها المصنف بإثر الحديث.
وأبو الزبير - واسمه محمد بن مسلم بن
تدرُس المكي - مدلس وقد عنعن.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط»
(٩٢٥٨)، وابن عدي في ترجمة مغيرة ابن زياد الموصلي من «الكامل»، والبيهقي في
«سننه» ٦/ ١٩٥ من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في
«طبقات المحدثين» ٣/ ١٢٨ من طريق إبراهيم ابن أيوب، عن النعمان، عن مغيرة أبي
سلمة، عن أبي الزبير، به.
وأخرجه ابن عدي في ترجمة مغيرة بن
زياد الموصلي من «الكامل»، ومن طريقه البيهقي ٦/ ١٩٥ من طريق هشام بن عمار، عن
محمد بن شعيب، عن رجل، عن المغيرة بن زياد، به. دون ذكر الحبل.
قال ابن قدامة في «المغني» ٨/ ٢٩٦:
لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير، والانتفاع به، وقد روي ذلك عن
عمر وعليّ وابن عمر وعائشة، وبه قال عطاء وجابر بن زيد وطاووس والنخعي ويحيى بن
أبي كثير ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، وليس عن أحمد وأكثر مَن ذكرنا تحديد اليسير
الذي يباح.
سلمة - بإسناده، ورواه شَبابةُ عن
مغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كانوا. لم يذكر النبيَّ ﷺ.
١٧١٨
- حدَّثنا مخلدُ بنُ خالد، حدَّثنا
عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن عمرو بن مسلم، عن عِكرمة
أحسبه عن أبي هريرة، أن النبىَّ ﷺ
قال: «ضالَّةُ الإبلِ المكْتومَةُ غَرامَتُها ومِثْلُها مَعَها» (١).
١٧١٩
- حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن مَوهب
وأحمدُ بن صالح، قالا: حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني عمرو، عن بُكير، عن يحيي بن عبد
الرحمن بن حاطب
عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي: أن
رسولَ الله ﷺ نهى عن لُقَطَةِ الحاجِّ.
قال أحمد: قال ابنُ وهب: يعني في
لقطة الحاجِّ يَترُكُها حتَى يَجِدَها صاحِبُها، قال ابن موهب: عن عمرو (٢).
(١) إسناده ضعيف: عمرو بن مسلم - وهو
الجَنَديُّ - ضعفه أحمد وقال مرة: ليس بذاك، وقال ابن معين في رواية الدوري: ليس
بالقوي، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال المنذري: لم يجزم عكرمة - وهو ابن خالد
المخزومي - بسماعه من أبي هريرة، فهو مرسل. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو
ابن راشد الأزدي.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١٨٥٩٩)،
ومن طريقه أخرجه البيهقي ٦/ ١٩١.
وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني
الآثار» ٣/ ١٤٦ من طريق محمد بن ثور، عن معمر، به.
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه»
(١٧٣٠٠) عن ابن جريج أخبرني عمرو بن مسلم، عن طاووس وعكرمة مرسلًا.
(٢)
إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو: هو ابن الحارث، وبكير: هو ابن عبد الله
بن الأشج. =
١٧٢٠ - حدَّثنا عمرو بنُ عون، أخبرنا خالدٌ،
عن أبي حَيَّان التيميِّ، عن المنذر بن جريرٍ، قال:
كنتُ مع جريرِ بالبوازيج، فجاء
الرَّاعي بالبقر، وفيها بقرةٌ ليست منها، فقال له جرير: ما هذه؟ قال: لحقَتْ
بالبقرِ لا ندري لمَنْ هي، فقال جرير: اْخرجوه، سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «لا يأوي
الضَّالة إلا ضال» (١).
= وأخرجه مسلم (١٧٢٤)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٧٧٣) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد. دون تفسير ابن وهب.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٠٧٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٨٩٦).
قال المنذري: والصحيح أنه إذا وجد
لقطة في الحرم، لم يجز أن يأخذها إلا للحفظ على صاحبها وليعرفها أبدًا بخلاف لقطة
سائر البلاد، فإنه يجوز التقاطها للتملك، ومنهم من قال: إن حكم لقطة مكة حكم لقطة
سائر البلاد.
ويقول ابن القيم: إن بعضهم يفرق بين
لقطة مكة وغيرها أن الناس يتفرقون من مكة، فلا يمكن تعريف اللقطة في العام، فلا
يحل لأحد أن يلتقط لقطتها إلا مبادرًا إلى تعريفها قبل تفرق الناس بخلاف غيرها من
البلاد.
(١)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه، كما بيناه في «المسند» (١٩١٨٤). خالد: هو
ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان، وأبو حيّان: هو يحيى بن سعيد التيمي.
وأخرجه ابن ماجه (٢٥٠٣)، والنسائى في
«الكبرى» (٥٧٦٨) من طريق يحيي ابن سعيد، عن أبي حيان، عن الضحاك خال المنذر بن
جرير، عن المنذر بن جرير، به. فزاد في الإسناد بين أبي حيان، وبين المنذر بن جرير:
الضحاك خال المنذر - وقيل الضحاك بن المنذر - وهو مجهول.
وأخرجه النسائى (٥٧٦٧) من طريق
إبراهيم بن عيينة، عن أبي حيان، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن المنذر بن جرير،
به. فزاد في الإسناد بين أبي حيان، وبين المنذر: أبا زرعة بن عمرو بن جرير، وهو
ثقة. فصار الاختلاف فيه مترددًا بين ثقة ومجهول، لا ندري أيهما يكون؟
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه النسائى (٥٧٦٩) من طريق ابن
المبارك، عن أبى حيان، عن الضحاك ابن المنذر، عن جرير، به. فزاد في الإسناد:
الضحاك وأسقط منه المنذر!
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (١٧٢٥) من
حديث زيد بن خالد الجهني رفعه «من آوى ضالة، فهو ضال ما لم يُعرّفها».
وقوله: «لا يأوي» - وفي لفظ: «يؤوي»،
وكلاهما صحيح، فالأول مضارع من الثلاثي «أوى» والثاني مضارع من الرباعي «آوى»،
وكلاهما يستعمل لازمًا ومتعديًا، أي: لا يضم إلى بيته الأموال الضالة بقصد التملك
والانتفاع بها، لا بقصد التعريف والرد إلى صاحبها.
وقال النووي في «شرح مسلم»: هذا دليل
للمذهب المختار أنه يلزمه تعريفُ اللقطة مطلقًا سواء أراد تملكها أو حفظها على
صاحبها، ويجوز أن يكون المراد بالضالة هنا ضالة الإبل ونحوها مما لا يجوز التقاطها
للتملك، بل إنما تلتقط للحفظ على صاحبها، فيكون معناه: من آوى ضالة فهو ضال ما لم
يعرفها أبدًا ولا يتملكها، والمراد بالضال هنا: المفارق للصواب.
بوازيج الأنبار فتحها جرير بن عبد
الله، وبها قوم من مواليه، وليست بوازيج الملك التي بين تكريت وإربل من هامش
«مختصر المنذري»، وفي «عون المعبود»: بلد قريب إلى دجلة.