recent
آخر المقالات

أَبْوَابُ النِّكَاحِ

 

١ - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ النِّكَاحِ
١٨٤٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، حَدّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى، فَخَلَا بِهِ عُثْمَانُ، فَجَلَسْتُ قَرِيبًا (١)، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: هَلْ لَكَ أَنْ أُزَوِّجَكَ جَارِيَةً بِكْرًا، تُذَكِّرُكَ مِنْ نَفْسِكَ بَعْضَ مَا قَدْ مَضَى؟ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ سِوَى هَذِا، أَشَارَ إِلَيَّ بِيَدِهِ، فَجِئْتُ وَهُوَ يَقُولُ: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، لَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» (٢).



(١) في المطبوع: قريبا منه.
(٢) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مِهران الكاهِلي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النَّخَعي.
وأخرجه البخاري (١٩٠٥)، ومسلم (١٤٠٥)، وأبو داود (٢٠٤٦)، والنسائي ٤/ ١٧٠ و١٧١ و٦/ ٥٦ - ٥٧ و٥٧ و٥٨ من طريق إبراهيم النخعي، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٥٩٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٢٦).
وأخرجه البخاري (٥٠٦٦)، ومسلم (١٤٠٠)، والترمذي (١١٠٥)، والنسائي ٤/ ١٦٩ و١٧٠ - ١٧١ و٦/ ٥٧ - ٥٨ و٥٨ من طريق الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن عبد الله بن مسعود.
وهو في "مسند أحمد (٤٠٢٣).

١٨٤٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ، حَدّثَنَا آدَمُ، حَدّثَنَا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ الْقَاسِمِ
عن عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي، وَتَزَوَّجُوا، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ (١)، وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصِّيَامِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ» (٢).
١٨٤٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ مُسْلِمٍ، حَدّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمْ يرَ (٣) لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ» (٤).


(١) زاد في (س): يوم القيامة.
(٢) إسناده ضعيف جدًا، عيسى بن ميمون -وهو المدني- متروك الحديث.
وقوله: «النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسُنتي فليس مني» يغني عنه حديث أنس بن مالك عند البخاري (٥٠٦٣)، ومسلم (١٤٠١)، وهو في «مسند أحمد» (١٣٥٣٤)، ولفظه: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني».
وقوله: «وتزوجوا، فإني مكاثر بكم الأمم» يغني عنه حديث معقل بن يسار عند أبي داود (٢٠٥٠)، والنسائي ٦/ ٦٥ - ٦٦ بلفظ: «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم» وإسناده قوي، وصححه ابن حبان (٤٠٥٦) و(٤٠٥٧).
وحديث أنس بن مالك عند أحمد في «مسنده» (١٢٦١٣) ولفظه: «تزوجوا الودود الولود إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة» وإسناده قوي.
وقوله: «ومن كان ذا طَول فلينكح ...» يغني عنه حديث ابن مسعود السالف قبله.
(٣) في (م): لم نَرَ.
(٤) حديث صحيح، محمَّد بن مُسلم -وهو الطائفي- وإن كان ينحط عن رتبة =

٢ - بَابُ النَّهْيِ عَنْ التَّبَتُّلِ
١٨٤٨ - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِي، حَدّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: لَقَدْ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا (١).


= الصحيح متابع. محمَّد بن يحيى: هو الذهلي، وسعيد بن سليمان: هو أبو عثمان الضَبي الواسطي البزاز، وإبراهيم بن مَيْسرة: هو الطائفي، وطاووس: هو ابن كيسان اليماني.
وأخرجه العقيلي في «الضعفاء» ٤/ ١٣٤، وابن أبي حاتم في «العلل» ٢/ ٢٥٣، والطبراني في «الكبير» (١١٠٠٩)، والحاكم ٢/ ١٦٠، والبيهقي ٧/ ٧٨ من طريق عبد الله بن يوسف التنيسي، وتمام الرازي في «فوائده» (٧٣٢) و(٧٣٣) و(٧٣٤) من طريق أبي مُسْهِر عبد الأعلى بن مُسهِر، كلاهما عن محمَّد بن مسلم الطائفي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو الحسين ابن جُميع الصيداوي في «معجم الشيوخ» ص ٢٤٣ - ٢٤٤ الترجمة (٢٠٠) وأبو يعلى الخليلي في «الإرشاد» ٢/ ٦٥٣ و٣/ ٩٤٧ من طريق عبد الصمد بن حسان المروروذي، والخليلي ٢/ ٩٤٧ من طريق مؤمل بن إسماعيل، كلاهما عن سفيان الثوري، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس. وإسناد عبد الصمد قويُّ.
وأخرجه سعيد بن منصور في «السُّنن» (٤٩٢)، وأبو يعلى (٢٧٤٧)، والعقيلي في «الضعفاء» ٤/ ١٣٤ من طريق سفيان بن عيينة، وعبد الرزاق (١٠٣٧٧)، وابن أبي شيبة ٤/ ١٢٨، والبيهقي ٧/ ٧٨ من طريق ابن جريج، وعبد الرزاق (١٠٣٧٧) عن معمر بن راشد، ثلاثتهم عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس عن النبي ﷺ مرسلًا، وقد رجّح المرسلَ العُقيليُّ!
(١) إسناده صحيح. إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وسعد: هو ابن أبي وقاص. =

١٨٤٩ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ، وَزَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ
عَنْ سَمُرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ التَّبَتُّلِ.
زَادَ زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ: وَقَرَأَ قَتَادَةُ: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً﴾ [الرعد: ٣٨] (١).

٣ - بَابُ حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ
١٨٥٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي قَزْعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ
عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ: مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ؟ قَالَ: «أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ، وَأَنْ يَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَى، وَلَا يضرِبِ


= وأخرجه البخاري (٥٠٧٣)، ومسلم (١٤٠٢)، والترمذي (١١٠٧)، والنسائي ٦/ ٥٨ من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وهو في»مسند أحمد«(١٥١٤)، و»صحيح ابن حبان«(٤٠٢٧).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير أن الحسن -وهو ابن أبي الحسن البصري مدلّس وقد عنعنه. معاذ بن هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي، وقتادة: هو ابن دِعامة.
وأخرجه الترمذي في»جامعه«(١١٠٨)، وفي»العلل الكبير«١/ ٤٢٣، والنسائي ٦/ ٥٩ من طريق معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٢٠١٩٢).
قال الترمذي في»العلل": سألتُ محمدًا (يعني البخاري) عن هذا الحديث فقال: حديث الحسن عن سمرة محفوظ.
قلنا: ويشهد له حديث سعد السالف قبله.

الْوَجْهَ، وَلَا يُقَبِّحْ، وَلَا يَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ» (١).
١٨٥١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِي، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ الْبَارِقِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ
حَدّثَنِي أَبِي: أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَّرَ وَوَعَظَ، ثُمَّ قَالَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا، إِنَّ لَكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ: فَلَا يُوَطِّئَنَّ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ» (٢).


(١) إسناده حسن من أجل حكيم بن معاوية -وهو ابن حَيْدة القُشَيري- فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه أبو داود (٢١٤٢) و(٢١٤٣) و(٢١٤٤)، والنسائي في «الكبرى» (٩١٠٦) و(٩١١٥) و(٩١٢٦) و(٩١٣٦) و(١١٠٣٨) من طريق حكيم بن معاوية بن حيدة، عن أبيه.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠١١) و(٢٠٠١٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٧٥).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، سليمان بن عمرو بن الأحوص صدوق حسن الحديث، روى عن ثلاثة من الصحابة، وروى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في «الثقات».
وأخرجه الترمذي (١١٩٧) و(٣٣٤١)، والنسائي في «الكبرى» (٩١٢٤) من طريق حسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٥٠٧) ولم يسق لفظه. =

٤ - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ
١٨٥٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَفَّانُ، حَدّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَنْقُلَ مِنْ جَبَلٍ أَحْمَرَ إِلَى جَبَلٍ أَسْوَدَ، وَمِنْ جَبَلٍ أَسْوَدَ إِلَى جَبَلٍ أَحْمَرَ، لَكَانَ نَوْلُهَا أَنْ تَفْعَلَ» (١).


= ويشهد له حديث جابر الطويل الذي أخرجه مسلم (١٢١٨) وفيه: فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه ...
وقوله: فلا يُوطئن فرشَكم مَن تكرهون. قال الخطابي في «معالم السُّنن» ٢/ ٢٠٠: معناه: أن لا يأذَن لأحد من الرجال يدخل عليهن فيتحدث إليهن، وكان الحديث من الرجال إلى النساء من عادات العرب لا يرون ذلك عيبًا، ولا يعدونه ريبة، فلما نزلت آية الحجاب، وصارت النساء مقصورات نهى عن محادثتهن والقعود إليهن، وليس المراد بوطء الفرش ها هنا نفس الزنى، لأن ذلك محرم على الوجوه كلها، فلا معنى لاشتراط الكراهية فيه ...
وعوانٍ: أسيرات، جمع عانية، والكلام على التشبيه.
(١) صحيح لغيره دون قوله: «ولو أن رجلًا أمر امرأته أن تنقل من جبل أحمر ...»، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جُدْعان.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٢/ ٥٢٨ و٤/ ٣٠٦، وأحمد (٢٤٤٧١) من طريق حماد ابن سلمة، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديث أبي هريرة عند الترمذي (١١٩١). وإسناده حسن، وصححه ابن حبان (٤١٦٢).
وحديث ابن عباس عند الطبراني في «الكبير» (١٢٠٠٣). وإسناده قوي. =

١٨٥٣ - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِي
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنْ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ ﷺ. فقَالَ: «مَا هَذَا يَا مُعَاذُ؟» قَالَ: أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ، فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَلَا تَفْعَلُوا، فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا، وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ، لَمْ تَمْنَعْهُ» (١).
١٨٥٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُسَاوِرٍ الْحِمْيَرِي، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ:


= وحديث معاذ بن جبل عند أحمد (٢١٩٨٦). ورجاله ثقات.
وحديث أنس بن مالك عند أحمد (١٢٦١٤). ورجاله ثقات.
وانظر تمام شواهده عند ابن حبان (٤١٦٢).
وانظر ما بعده.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه كما هو مبين في «المسند» (١٩٤٠٣).
وأخرجه ابن حبان (٤١٧١) من طريق محمَّد بن أبي بكر المقدمي، والبيهقي ٧/ ٢٩٣ من طريق سليمان بن حرب، كلاهما عن حماد، بهذا الإسناد.
ويشهد له ما قبله.
ويشهد لقوله: «والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة ...» حديث طلق بن علي الحنفي مرفوعًا عند الترمذي (١١٩٤) بلفظ: «إذا الرجلُ دعا زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور». وصححه ابن حبان (٤١٦٥).

سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ، دَخَلَتْ الْجَنَّةَ» (١).

٥ - بَابُ أَفْضَلِ النِّسَاءِ (٢)
١٨٥٥ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَلَيْسَ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنْ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ» (٣).


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة مُساوِر الحميري وأمه.
وأخرجه الترمذي (١١٩٥) عن واصل بن عبد الأعلى، عن محمَّد بن فضيل، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن غريب.
ويشهد له حديث حصين بن محصن، عن عمَّةٍ له أتت النبي ﷺ في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي ﷺ: «أذات زوج أنت؟» قالت: نعم، قال: «كيف أنتِ له» قالت: ما آلوه إلا ما عجزتُ عنه، قال: «فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتُك ونارُك» أخرجه أحمد في «المسند» (١٩٠٠٣) وإسناده حسن، وصححه الحاكم ٢/ ١٨٩ وسكت عنه الذهبي.
وحديث عبد الرحمن بن عوف عند أحمد (١٦٦١) مرفوعًا: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجَها، وأطاعت زوجَها، قيل لها: ادخلي الجنةَ مِن أي أبواب الجنة شئتِ» وهو حديث حسن.
(٢) في (ذ) و(م): فَضل النساء. وبإسقاط لفظ «باب».
(٣) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، عبد الرحمن ابن زياد بن أنعُم ضعيف يعتبر به، وقد تابعه شرحبيل بن شريك المَعَافري المصري عند مسلم وغيره.
وأخرجه مسلم (١٤٦٧)، والنسائي ٦/ ٦٩ من طريق شرحبيل بن شريك، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي: عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٦٧)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٣١).

١٨٥٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ، حَدّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ
عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ فِي الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ مَا نَزَلَ، قَالُوا: فَأَيَّ الْمَالِ نَتَّخِذُ؟ قَالَ عُمَرُ: فَأَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ ذَلِكَ. فَأَوْضَعَ عَلَى بَعِيرِهِ، فَأَدْرَكَ النَّبِيَّ ﷺ، وَأَنَا فِي أَثَرِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَّ الْمَالِ نَتَّخِذُ؟ فَقَالَ: «لِيَتَّخِذْ أَحَدُكُمْ قَلْبًا شَاكِرًا، وَلِسَانًا ذَاكِرًا، وَزَوْجَةً مُؤْمِنَةً تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى أَمْرِ الْآخِرَةِ» (١).


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن سالم بن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان فيما حكاه غير واحد من أهل العلم.
وأخرجه الترمذي (٣٣٥١) من طريق منصور بن المعتمر، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان وقال: سألت محمَّد بن إسماعيل (يعني البخاري): سمع سالم بن أبي الجعد من ثوبان؟ فقال: لا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٣٩٢).
ويشهد له حديث عبد الله بن أبي الهذيل عن صاحب له أنه انطلق مع عمر فقال: يا رسول الله قولك: «تبًا للذهب والفضة» ماذا؟ فقال ﷺ: «لسانًا ذاكرًا وقلبًا شاكرًاَ، وزوجة تعين على الآخرة» أخرجه أحمد (٢٣١٠١) وفي إسناده سلم بن عطية الفقيمي ليَّنه الحافظ ابن حجر في «التقريب».
وحديث ابن عباس عند ابن أبي الدنيا في «الشكر» (٣٤)، والطبراني في «الكبير» (١١٢٧٥)، وفي «الأوسط» (٧٢٠٨)، وأبي نعيم في «الحلية» ٣/ ٦٥، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٤٤٢٩)، وفي «الآداب» (٨٨٩) بلفظ: أن رسول الله ﷺ قال: «أربع من أعطيهن ففد أعطي خير الدنيا والآخرة: قلب شاكر، ولسان ذاكر، وبَدَنٌ على البلاء صابر، وزوجةٌ لا تبغيه خونًا في نفسها ولا ماله» - لفظ ابن أبي الدنيا- وفي إسناد هذا الحديث مؤمل بن إسماعيل، وحديثه هذا حسن في الشواهد دون قوله: «وبدن على البلاء صابر».
ويشهد له كذلك حديث عبد الله بن عمرو السالف قبله.
قوله: أوضَعَ على بعيرِه، أي: حَمَله على سرعةِ السَّير، قاله في «النهاية».

١٨٥٧ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ الْقَاسِمِ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ، خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ، إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ» (١).

٦ - بَابُ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ
١٨٥٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «تُنْكَحُ النِّسَاءُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» (٢).


(١) إسناده ضعيف، لضعف عثمان بن أبي العاتكة وعلي بن يزيد -وهو الأَلهاني- القاسم: هو ابن عبد الرحمن الدمشقي.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٧٨٨١) عن جعفر بن محمَّد الفريابي، عن هشام بن عمار، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٧٨٢٨)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٤٤٣٠) من طريق عبيد الله بن زَحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة بنحو حديث ثوبان السالف قبله.
ويغني عنه حديث أبي هريرة عند النسائي ٦/ ٦٨ بإسناد قوي ولفظه: سئل رسولُ الله ﷺ: أي النساء خير؟ قال: «التي تسره إذا نظر، وتطيعُه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره». وهو في «مسند أحمد» (٧٤٢١).
(٢) إسناده صحيح. يحيى بن حكيم: هو أبو سعيد البصري المقوِّم، وسعيد ابن أبي سعيد: هو المَقبُري. =

١٨٥٩ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِي وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ الْإِفْرِيقِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ لِحُسْنِهِنَّ، فَعَسَى حُسْنُهُنَّ أَنْ يُرْدِيَهُنَّ (١)، وَلَا تَزَوَّجُوهُنَّ لِأَمْوَالِهِنَّ، فَعَسَى أَمْوَالُهُنَّ أَنْ تُطْغِيَهُنَّ، وَلَكِنْ تَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى الدِّينِ، وَلَأَمَةٌ خَرْمَاءُ سَوْدَاءُ ذَاتُ دِينٍ أَفْضَلُ» (٢).

٧ - بَابُ تَزْوِيجِ الْأَبْكَارِ
١٨٦٠ - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِي، حَدّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «أَتَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ؟» قُلْتُ: نَعَمْ.


= وأخرجه البخاري (٥٠٩٠)، ومسلم (١٤٦٦)، وأبو داود (٢٠٤٧)، والنسائي ٦/ ٦٨ من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٩٥٢١)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٣٦).
(١) في (ذ): يؤذيهن.
(٢) إسناده ضعيف لضعف الإفريقي، وهو عبد الرحمن بن زياد بن أنعُم، أبو كُريب: هو محمَّد بن العلاء الهمْداني، وعبد الرحمن المُحاربي: هو ابن محمَّد، وعبد الله بن يزيد، هو أبو عبد الرحمن الحُبُلي.
وأخرجه سعيد بن منصور (٥٠٥)، وابن أبي عمر العدني في «مسنده» كما في «مصباح الزجاجة» ورقة ١٢٠، وعبد بن حميد (٣٢٨)، والبزار في «مسنده» (٢٤٣٨)، والبيهقي ٧/ ٨٠ من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، به.
قوله: خرماء، من الخَرم، وأصله الثقب والشقّ، والأخرم المثقوب الأذن والذي قُطِعت وَتَرة أنفه أو طرَفُه شيئًا لا يبلغ الجدع، والأنثى خرماء، قاله في «النهاية».

قَالَ: «أَبِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا؟» قُلْتُ: ثَيِّب (١). قَالَ: «فَهَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا؟» قُلْتُ: كُنَّ لِي أَخَوَاتٌ، فَخَشِيتُ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُنَّ. قَالَ: «فَذَاكَ إِذًا» (٢).
١٨٦١ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِي، حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ التَّيْمِي (٣)، حَدّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ الْأَنْصَارِي، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ، فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا، وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا، وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ» (٤).


(١) هكذا في أصولنا الثلاثة «ثيب» بالرفع، وهي على تقدير مبتدأ محذوف، وفي المطبوع: «ثيبًا» بالنصب على المفعول.
(٢) إسناده صحيح. عبد الملك: هو ابن أبي سليمان، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه البخاري (٢٣٠٩)، والنسائي ٦/ ٦٥ من طريق عطاء بن أبي رباح، به.
وأخرجه البخاري (٢٠٩٧) و(٢٤٠٦) و(٢٩٦٧) و(٤٠٥٢) و(٥٢٤٥) و(٥٢٤٧) و(٥٣٦٧) و(٦٣٨٧)، ومسلم بإثر الحديث (١٤٦٦)، وأبو داود (٢٠٤٨)، والترمذي (١١٢٥)، والنسائي ٦/ ٦١ من سبعة طرق عن جابر بن عبد الله.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١٣٢)، و«صحيح ابن حبان» (٧١٣٨) و(٧١٤٣).
قلنا: وجاء عندهم جميعًا قوله- ﷺ: «بكرًا أم ثيبًا» فذكروا «أم» بدل «أو»، والتعبير بـ «أو» يجوز قياسًا كما قال ابن هشام، قال: ويكون الجواب بنعم أو بلا، وذلك أنه إذا قيل: أزيد عندك أو عمرو، فالمعنى أأحدهما عندك أم لا، فإن أجبتَ بالتعيين صح، لأنه جوابٌ وزيادة. انظر «مغني اللبيب» ١/ ٤٣.
(٣) في (ذ) و(س): التميمي، وهو خطأ، فمحمد هذا قرشي تَيمي.
(٤) إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم بن ساعدة وجهالة أبيه، وقد جاءت تسمية عتبة في بعض الروايات عبد الرحمن. =

٨ - بَابُ تَزْوِيجِ الْحَرَائِرِ وَالْوَلُودِ
١٨٦٢ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ طَاهِرًا مُطَهَّرًا، فَلْيَتَزَوَّجْ الْحَرَائِرَ» (١).


= وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٩٤٧)، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٢٨٨، والطبراني في «الكبير» ١٧/ (٣٥٠)، وفي «الأوسط» (٤٥٥)، والبيهقي ٧/ ٨١، والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة سالم بن عتبة ١٠/ ١٦٣ من طريق محمَّد بن طلحة التيمي، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عبد الله بن مسعود عند الطبراني في «الكبير» (١٠٢٤٤) وفي إسناده أبو بلال الأشعري، ضعفه الدارقطني، وذكره ابن حبان في «الثقات» وقال: روى عنه أهل العراق، وترجمه ابن أبي حاتم وقال: روى عنه أبي رحمه الله.
وعن عبد الله بن عمر عند ابن السُّنِّي وأبي نعيم كلاهما في «الطب» قال الحافظ في «التلخيص» ٣/ ١٤٥: وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف.
وعن جابر بن عبد الله عند ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١٠١٦) وفي إسناده إبراهم بن البراء متهم.
(١) إسناده ضعيف لضعف سلام ابن سوار -وهو ابن سليمان بن سوّار ابن أخي شبابة- وضعف كثير بن سُليم.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٣/ ١١٥٧ من طريق هشام بن عمار، بهذا الإسناد. وذكره البخاري معلقًا في «التاريخ الكبير» ٨/ ٤٠٤ عن أحمد بن يوسف العجلي، عن يونس بن مرداس، عن أنس. وسكت عنه.
وأخرجه ابن عدي ٥/ ١٧٦٤ من طريق عمرو بن جميع القاضي الحلواني، عن جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال، عن علي بن أبي طالب، وعمرو بن جميع متروك واتهمه بعضهم.
وأخرجه كذلك ٧/ ٢٥٢١ من طريق نهشل بن سعيد النيسابوري، عن الضحاك، عن ابن عباس، ونهشل متروك وكذبه بعضهم.

١٨٦٣ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِي، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَطَاءٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «انْكِحُوا، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ (١)» (٢).

٩ - بَابُ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا
١٨٦٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَمِّهِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ: خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهَا فِي نَخْلٍ لَهَا، فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا» (٣).


(١) لفظة «بكم» ليست في (س) و(م).
(٢) إسناده ضعيف جدًا، طلحة -وهو ابن عمرو المكي- متروك الحديث، ويعقوب بن حُميد بن كاسب ضعيف.
ويغني عنه حديث معقل بن يسار وأنس بن مالك، وقد أوردناهما في التعليق على الحديث (١٨٤٦) وإسناداهما قويان.
(٣) إسناده ضعيف لجهالة حال محمَّد بن سليمان - وهو ابن أبي حثمة، وحجاج -وهو ابن أرطأة- مدلس وقد عنعنه. وقد اختلف فيه على حجاج بن أرطأة.
وأخرجه أحمد (١٦٠٢٨)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٩٩١)، والطبراني في «الكبير» ١٩/ (٥٠١) من طريق يزيد بن هارون، وسعيد بن منصور (٥١٩)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ١٣ - ١٤ من طريق أبي شهاب الحفاظ، وابن أبي شيبة ٥/ ٣٥٦، وابن أبي عاصم (١٩٩٠)، والطبراني ١٩/ (٥٠٠) من طريق حفص بن غياث، كلهم عن الحجاج، به. =

١٨٦٥ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ


= وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٩٩٢) عن أبي موسى محمَّد ابن المثنى، والطبراني في «الكبير» ١٩/ (٥٠٤) من طريق عبد الله بن يوسف، كلاهما عن أبي معاوية محمَّد بن خازم، عن حجاج، عن سهل بن محمَّد بن أبي حثمة عن عمه سليمان بن أبي حثمة، قال: رأيت محمَّد بن مسلمة، وحجاج ضعيف، وسهل بن محمَّد بن أبي حثمة مجهول لم يوثقه غير ابن حبان، وعمه سليمان بن أبي حثمة مختلف في صحبته.
وأخرجه أبو يعلى في «مسنده» كما في «إتحاف الخيرة» (٤١٦٦)، وعنه ابن حبان (٤٠٤٢) حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا محمَّد بن خازم عن سهل بن محمَّد ابن أبي حثمة، عن عمه سليمان بن أبي حثمة. وقد سقط الحجاج بن أرطأة من إسناده، والصواب إثباته كما في رواية عبد الله بن يوسف وأبي موسى محمَّد بن المثنى، وقد جاء على الصواب في «تاريخ البخاري» ١/ ٩٧، فقال: وقال أبو معاوية محمَّد بن خازم، عن حجاج، عن سهل بن محمَّد بن أبي حثمة، عن عمه سليمان ابن أبي حثمة وقد فاتنا أن ننبه على هذا السقط في تعليقاتنا على ابن حبان فيستدرك من هنا وقد تحرف محمَّد بن خازم عند البوصيري في «إتحاف الخيرة»، والهيثمي في «الموارد» إلى أبي خازم.
وأخرجه الطيالسي (١١٨٦)، والطبراني ١٩/ (٥٠٥) من طريق حماد بن سلمة، عن حجاج، عن محمَّد بن سهل بن حنيف! عن أبيه! قال: رأيت محمَّد بن مسلمة فذكره نحوه وهذا الإسناد وهم من حماد بن سلمة، فقد خالف الناسَ فيه كما قال الطبراني.
ويغني عنه حديث أبي هريرة عند مسلم (١٤٢٤)، وهو في «مسند أحمد» (٧٨٤٢).
وحديث أنس بن مالك والمغيرة بن شعبة الآتيان بعده.
وانظر تتمة شواهده عند أحمد.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا». فَفَعَلَ، فَتَزَوَّجَهَا، فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا (١).
١٨٦٦ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِي، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِي
عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَذَكَرْتُ لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا فَقَالَ: «اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، فَخَطَبْتُهَا إِلَى أَبَوَيْهَا، وَأَخْبَرْتُهُمَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ، فَكَأَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِكَ، قَالَ: فَسَمِعَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ، وَهِيَ فِي خِدْرِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ، فَانْظُرْ، وَإِلَّا فَأَنْشُدُكَ، كَأَنَّهَا أَعْظَمَتْ ذَلِكَ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَتَزَوَّجْتُهَا. فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا (٢).


(١) صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن بعض أهل العلم قد ضعف رواية معمر -وهو ابن راشد- عن ثابت -وهو ابن أسلم البناني- وقال الدارقطي: الصواب عن ثابت عن بكر. قلنا: يعني الطريق الآتية بعده.
وأخرجه ابن الجارود (٦٧٦)، والدارقطني (٣٦٢٢)، والحاكم ٢/ ١٦٥، والبيهقي ٧/ ٨٤ من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤٠٤٣).
وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد (٧٨٤٢)، ومسلم (١٤٢٤). وصححه ابن حبان (٤٠٤١).
(٢) حديث صحيح إن صح سماع بكر بن عبد الله المزني من المغيرة، فقد نفاه ابن معين، وأثبته الدارقطي في «العلل» ٧/ ١٣٩. =

١٠ - بَابٌ لَا يَخْطُبْ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ
١٨٦٧ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَخْطُبْ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» (١).
١٨٦٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَخْطُبْ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» (٢).


= وأخرجه الترمذي (١١١٢)، والنسائي ٦/ ٦٩ - ٧٠ من طريق عاصم الأحول، عن بكر، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٣٧)، وانظر تتمة الكلام عليه فيه.
(١) إسناده صحيح من جهة سهل بن أبي سهل -واسم أبي سهل زنجلة الصُّغدي-.
وأخرجه البخاري (٢١٤٠)، ومسلم (١٤١٣)، وأبو داود (٢٠٨٠)، والترمذي (١١٦٥)، والنسائي ٦/ ٧١ - ٧٢ و٧٢ و٧/ ٢٥٨ من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٤٨) «وصحيح ابن حبان» (٤٠٤٦) و(٤٠٤٨) و(٤٠٥٠).
وأخرجه البخاري (٥١٤٤)، والنسائي ٦/ ٧٣ من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ومسلم (١٤١٣) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة، و(١٤١٣) من طريق أبي صالح والنسائي ٦/ ٧٣ من طريق محمَّد بن سيرين، أربعتهم عن أبي هريرة. زاد البخاري في روايته: «حتى يَنكح أو يترك».
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٤١٢) (٥٠)، وأبو داود (٢٠٨١) من طريق عُبيد الله بن عمر، به وزادا: «إلا أن يأذن له». =

١٨٦٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ صُخَيْرٍ الْعَدَوِيِّ، قَالَ:
سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ تَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» فَآذَنَتْهُ، فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الْجَهْمِ بْنُ صُخَيْرٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ لَا مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو الْجَهْمِ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ، وَلَكِنْ أُسَامَةُ»، فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا: أُسَامَةُ، أُسَامَةُ! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «طَاعَةُ اللَّهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيْرٌ لَكِ» قَالَتْ: فَتَزَوَّجْتُهُ فَاغْتَبَطْتُ بِهِ (١).

١١ - بَابُ اسْتِئْمَارِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ
١٨٧٠ - حَدَّثَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّي، حَدّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِي، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ


= وأخرجه البخاري (٥١٤٢)، والنسائي ٦/ ٧٣ - ٧٤ من طريق ابن جريج، ومسلم (١٤١٢)، والترمذي (١٣٣٨)، والنسائي ٦/ ٧١ من طريق الليث بن سعد، ومسلم (١٤١٢) من طريق أيوب، ثلاثتهم عن نافع، به. زاد ابن جريج في روايته: «حتى يترك الخاطب أو يأذن له الخاطب».
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٢٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٤٧).
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه مسلم (١٤٨٠) (٤٧ - ٤٩)، والترمذي (١١٦٧) من طريق سفيان الثوري، به.
وأخرجه الترمذي (١١٦٦) من طريق شعبة، عن أبي بكر بن أبي الجهم، به.
وأخرجه مسلم (١٤٨٠) (٣٦)، وأبو داود (٢٢٨٤ - ٢٢٨٧)، والنسائي ٦/ ٧٤ و٧٥ - ٧٧ و٢٠٧ - ٢٠٨ من طرق عن فاطمة بنت قيس.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٣٢٠)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢٥٤).

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْأَيِّمُ أَوْلَى بِنَفْسِهَا
مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ﷺ إِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحْيِي أَنْ تكَلَّمَ، قَالَ: «إِذْنُهَا سُكُوتُهَا» (١).
١٨٧١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدّمَشْقِي، حَدّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدّثَنَا الْأَوْزَاعِي، حَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وَإِذْنُهَا الصُّمُوتُ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. إسماعيل بن موسى السُّدِّي- هو ابن بنت السُّديِّ- صدوق حسن الحديث، وقد تابعه سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد ويحيى بن يحيى عند مسلم وغيرهم، وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٥٢٤ - ٥٢٥.
وأخرجه مسلم (١٤٢١)، وأبو داود (٢٠٩٨) و(٢٠٩٩) و(٢١٠٠)، والترمذي (١١٣٤)، والنسائي ٦/ ٨٤ و٨٤ - ٨٥ و٨٥ من طرق عن نافع بن جُبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٨٨)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٨٤).
(٢) إسناده صحيح. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه البخاري (٥١٣٦)، ومسلم (١٤١٩)، وأبو داود (٢٠٩٢)، والترمذي (١١٣٣)، والنسائي ٦/ ٨٥ و٨٦ من طريق يحيى بن أبي كثير، به.
وأخرجه أبو داود (٢٠٩٣) و(٢٠٩٤)، والترمذي (١١٣٥) من طريق محمَّد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، به. زاد عند أبي داود في الموضع الثاني: «فإن بكت أو سكتت فهو إذنها» وقال أبو داود: وليس لفظ «بكت» بمحفوظ، وهو وهم في الحديث. الوهم من ابن إدريس أو من محمَّد بن العلاء. قلنا: ذلك أن رواية أبي داود الثانية عن محمَّد بن العلاء عن عبد الله بن إدريس، عن محمَّد بن عمرو.
وقد رواه يزيد بن زريع وحماد بن زيد والدراوردي وغيرهم فلم يذكروا هذه الزيادة.
وهو في «مسند أحمد» (٧١٣١)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٧٩).

١٨٧٢ - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِي، أخبرنا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِي
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا، وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صَمْتُهَا» (١).

١٢ - بَابُ مَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ كَارِهَةٌ
١٨٧٣ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ يَحْيَى ابْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ وَمُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّيْنِ أَخْبَرَاهُ:
أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ يُدْعَى خِذَامًا أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ، فَكَرِهَتْ نِكَاحَ أَبِيهَا، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَتْ لَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا نِكَاحَ أَبِيهَا، فَنَكَحَتْ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ. وَذَكَرَ يَحْيَى أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع، فإن عدي بن عدي الكندي -وهو ابن عميرة- لم يسمع من أبيه كما قال أبو حاتم.
وأخرجه أحمد (١٧٧٢٢)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٣٦٨، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٢٩١، والطبراني في «الكبير» ١٧/ (٢٦٤)، والبيهقي ٧/ ١٢٣ من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
ورواه بعضهم عن عدي بن عدي، عن العرس بن عميرة، فجعلوه من مسند العرس، انظر تخريج هذه الطريق والكلام عليها في «المسند» (١٧٧٢٢).
وقوله: تعرب عن نفسها، أي: تُفْصِحُ. قال أبو عبيد: في حديث «الثيب يعرب عنها لسانها» هذا الحرف يُروى في الحديث: يُعْرِبُ بالتخفيف وقال الفراء: هو يُعَرب بالتشديد، يقال: عَربتُ عن القوم: إذا تكلمتَ عنهم واحتججت لهم، يقال: أعرب عنه لسانه، وعرَّب، أي: أبان وأفصح.
(٢) إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري. =

١٨٧٤ - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِي، حَدّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ
عن أَبِيهِ قَالَ: جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ إِلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ (١).


= وأخرجه البخاري (٥١٣٩) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه مالك في «موطئه» ٢/ ٥٣٥، ومن طريفه أحمد (٢٦٧٨٦)، والبخاري (٥١٣٨)، وأبو داود (٢١٠١)، والنسائي ٦/ ٨٦ عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عبد الرحمن ومجمّع ابني يزيد بن جارية، عن خنساء بنت خِذام، بقصّتها فجعله من مسند خنساء بنت خذام.
قال ابن قدامة في «المغني» ٣١/ ٧: جاءت عن الإمام أحمد في البكر البالغة العاقلة روايتان:
إحداهما: لأبيها إجبارها على النكاح وتزويجها بغير إذنها كالصغيرة، وهو مذهب مالك وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق.
والثانية: ليس له ذلك، واختارها أبو بكر، وهو مذهب الأوزاعي والثوري وأبي عُبيد وأبي ثور وأصحاب الرأي وابن المنذر.
(١) إسناده صحيح، لكن قوله فيه: عن بريدة شاذ، تفرد به هناد بن السري، والصواب أنه من حديث ابن بريدة عن عائشة.
وأخرجه أحمد (٢٥٠٤٣) عن وكيع، عن كهمس، عن عبد الله بن بريدة، عن عائشة.
وتابع وكيعا علي بن غراب، فأخرجه النسائي ٦/ ٨٦ من طريقه، عن كهمس، عن ابن بريدة، عن عائشة على الصواب. وانظر تمام تخريجه في «المسند».
ويشهد له حديث خنساء بنت خِذَام السالف.
وانظر تتمة شواهده في «المسند».

١٨٧٥ - حَدَّثَنَا أَبُو السَّقْرِ يَحْيَى بْنُ يَزْدَادَ الْعَسْكَرِي، حَدّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَروردِي، حَدّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ، فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ ﷺ (١).
١٨٧٥ (م) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أخبرنا مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّي، عَنْ زَيْدِ بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِي، عَنْ عِكْرِمَةَ
عن ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، مِثْلَهُ (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين، من أجل يحيى بن يزداد، فقد روى عنه جمع ولم يؤثر فيه جرح ولا تعديل، وقد توبع.
وأخرجه أبو داود (٢٠٩٦)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٦٦) من طريق حسين ابن محمَّد المروذي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٦٩) وانظر تمام الكلام عليه فيه.
وأخرجه أبو داود (٢٠٩٧) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة عن النبي ﷺ مرسلًا.
وأخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» ٨/ ٨٩ من طريق سليمان بن حرب، عن جرير بن حازم، بهذا الإسناد.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف زيد بن حبان، وقد توبع في الذي قبله.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٣٦٨) عن أيوب بن محمَّد الرقي عن معمر ابن سليمان النخعي، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي أيضًا (٥٣٦٧) عن أيوب، عن معمر، عن زيد بن حبان، عن أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة مرسلًا.

١٣ - بَابُ نِكَاحِ الصِّغَارِ يُزَوِّجُهُنَّ الْآبَاءُ
١٨٧٦ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، حَدّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَوُعِكْتُ، فَتَمَرَّقَ شَعَرِي حَتَّى وَفَى لَهُ جُمَيْمَةٌ، فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبَاتٌ لِي، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا وَمَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ، فَأَخَذَتْ بِيَدِي فَأَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لَأَنْهَجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ عَلَى وَجْهِي وَرَأْسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي بَيْتٍ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ، فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِي (١) إِلَيْهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ (٢).


(١) في (س): فاسلَمنني.
(٢) حديث صحيح، سويدَ بن سعيد وإن كان ضعيفًا قد توبع.
وأخرجه تامًا ومختصرًا البخاري (٣٨٩٤)، ومسلم (١٤٢٢)، وأبو داود (٢١٢١) و(٤٩٣٣) و(٤٩٣٤) و(٤٩٣٥) و(٤٩٣٦)، والنسائي ٦/ ٨٢ و١٣١ من طريق عروة عن عائشة.
وأخرجه أبو داود (٤٩٣٧) من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عائشة.
وقد جاء عند أبي داود في الموضعين الأول والثاني وعند النسائي في أحد المواضع أن النبي ﷺ عقد عليها وهي بنت سبع أو ست على الشك. =

١٨٧٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سَبْعٍ، وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ، وَتُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانِي عَشْرَةَ (١).


= وهو في «مسند أحمد» (٢٤٨٦٧)، و«صحيح ابن حبان» (٧٠٩٧).
وأخرجه أبو داود (٤٩٣٧) من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عائشة.
وأخرجه مختصرًا مسلم (١٤٢٢) (٧٢)، والنسائي ٦/ ٨٢ و٨٢ - ٨٣ و١٣١ من طرق عن عائشة.
وانظر ما بعده.
قولها: «فوعكت» على بناء المفعول، أي: أخذتني الحمى. «فتمرق شعري» قيل: هو بالراء المهملة، يقال: مرق شعره وتمرق: إذا انتشر وتساقط من مرض وغيره، وضبط في بعض الأصول بالزاي المعجمة، من مزَقت الشيء فتمزق، أي: قطعته فتقطع، والظاهر جواز الوجهين، قاله السندي.
«حتى وفي» أي: كثر، قال الحافظ في «الفتح»: وفي الكلام حذف، تقديره: ثم فصلت عن الوعك فتربى شعري فأكثر.
وقولها: «جميمة» بالجيم مصغر الجمة بالضم، وهي مجتمع شعر الناصية، ويقال للشعر إذا سقط عن المنبهين جمة أيضًا. قولها: «أنهج» أي: أتنفس تنفسًا عاليًا.
(١) صحيح من حديث عائشة، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، فإن أبا عُبيدة -وهو ابنُ عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه. وقد خالف إسرائيلَ -وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي- في إسناده مطرَّفُ بن طريف الكوفي فرواه عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عُبيدة، عن عائشة، فقد أخرجه النسائي في «المجتبى» ٦/ ٨٢، وفي «الكبرى» (٥٣٤٩) عن قتيبة بن سعيد، عن عبثر بن القاسم، عن مطرف بن طريف، به، وقال عقبه في «الكبرى»: مطرف بن طريف الكوفي أثبت من إسرائيل، وحديثه أشبه بالصواب.

١٤ - بَابُ نِكَاحِ الصِّغَارِ يُزَوِّجُهُنَّ غَيْرُ الْآبَاءِ
١٨٧٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِي، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، حَدّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ حِينَ هَلَكَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ تَرَكَ ابْنَةً لَهُ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَزَوَّجَنِيهَا خَالِي قُدَامَةُ، وَهُوَ عَمُّهَا، وَلَمْ يُشَاوِرْهَا، وَذَلِكَ بَعْدَمَا هَلَكَ أَبُوهَا، فَكَرِهَتْ نِكَاحَهُ، وَأَحَبَّتْ الْجَارِيَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ (١).

١٥ - بَابٌ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ
١٨٧٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا مُعَاذُ بن معاذ، حَدّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ لَمْ يُنْكِحْهَا الْوَلِيُّ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ. فَإِنْ


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن نافع المدني مولى ابن عمر، وقد توبع.
وأخرجه الدارقطي (٣٥٤٨) من طريق عبد الله بن نافع الصائغ، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد (٦١٣٦)، والدارقطي (٣٥٤٧)، والبيهقي ٧/ ١٢٠ من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمَّد بن إسحاق، حدثني عمر بن حسين بن عبد الله مولى آل حاطب، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر، وهذا إسناد حسن. وفيه أن أمرهم ارتفع إلى النبي ﷺ، فقال:»هي يتيمة، فلا تنكح إلا بإذنها«.
وانظر تتمة تخريجه في»مسند أحمد".

أَصَابَهَا، فَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، فَإِنْ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» (١).
١٨٨٠ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ؛ وَعَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ».
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: «وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» (٢).


(١) حديث صحيح، وصححه ابن معين، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وقد صرح ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- بسماعه من سليمان بن موسى عن عبد الرزاق في «مصنفه» (١٠٤٧٢) وفي رواية أبي عاصم الضحاك عند الحاكم ٢/ ١٦٨. وكذا جاء عندهما تصريح سليمان بن موسى بسماعه من الزهري، وسليمان ثقة حافظ، فما جاء في رواية إسماعيل ابن عُلَية من أن ابن جريج لقي الزهري فسأله عن هذا الحديث فلم يعرفه، فيه وقفة، فقد تكلم ابن معين في سماع ابن عُلية من ابن جريج.
وأخرجه أبو داود (٢٠٨٣) من طريق سفيان الثوري، والترمذي (١١٢٧) من طريق سفيان بن عيينة، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٧٣) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، ثلاثتهم عن ابن جربج، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (٢٠٨٤) من طريق ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٠٥) عن ابن عُلية، عن ابن جريج. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه عنده.
وانظر شواهده عند حديث ابن عباس في «المسند» (٢٢٦١).
(٢) حديث صحيح، وهذان إسنادان ضعيفان. حجاج -وهو ابن أرطأة- مدلس، وقد عنعن، لكن تابعه في حديث عائشة سليمانُ بن موسى في الحديث السالف، وتابعه عن عكرمة في حديث ابن عباس خالدٌ الحذاء، كما سيأتي. =

١٨٨١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِي، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» (١).


= أما حديث عائشة، فأخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ١٣٠، وأحمد (٢٢٦١) و(٢٦٢٣٥)، وأبو يعلى (٢٥٠٧) و(٤٦٩٢) و(٤٩٠٦)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٧/ ٣، والبيهقي ٧/ ١٠٦ و١٠٧، وابن عبد البر في «الاستذكار» ١٦/ ٣٣، وفي «التمهيد» ١٩/ ٨٧ من طريق حجاج بن أرطأة، بهذا الإسناد.
وأما حديث ابن عباس فأخرجه أحمد (٢٢٦٠)، وأبو يعلى (٢٥٠٧)، والطبراني في «المعجم الكبير» (١١٢٩٨)، والبيهقي ٧/ ١٠٩ - ١١٠ من طريق حجاج ابن أرطأة، والطبراني (١١٩٤٤) من طريق خالد الحذاء، كلاهما عن عكرمة، عن ابن عباس، وإسناد الطبراني الثاني صحيح.
وأخرجه الطبراني أيضًا في «الكبير» (١٢٤٨٣)، وفي «الأوسط» (٥٢٥) من طريق سفيان الثوري، والدارقطني (٣٥٢١) من طريق عدي بن الفضل، كلاهما عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وإسناد الثوري صحيح، إلا أنه أعلَّ بالوقف، وقد ذكرنا من رواه كذلك في «المسند».
وأخرجه بنحو لفظ عائشة الذي قبله الطبراني في «الكبير» (١١٤٩٤)، وفي «الأوسط» (٨٧٧) عن أحمد بن يحيى الحلواني، عن سعيد بن سليمان الواسطي، عن منصور بن أبي الأسود، عن أبي يعقوب، عن عبد الله بن أبي نَجيح، عن عطاء ابن أبي رباح، عن ابن عباس، وهذا إسناد رجاله ثقات غير أبي يعقوب هذا، قال الهيثمي في «المجمع» ٤/ ٢٨٥: إن كان هو التوأم فقد وثقه ابن حبان وضعفه ابن معين، وإن كان غيره فلم أعرفه.
(١) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليَشْكُري، وأبو إسحاق الهمداني: هو عمرو بن عبد الله بن عبيد السَّبيعي، وقد اختُلف في وصله إرساله، ووصله أصح كما بيناه في «مسند أحمد» (١٩٥١٨). =

١٨٨٢ - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَتَكِي، حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِي، حَدّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا» (١).


= وأخرجه الترمذي (١١٢٦) عن قتيبة بن سعيد، عن أبي عوانة اليشكري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (٢٠٨٥)، والترمذي (١١٢٦) من طريق إسرائيل بن يونس ابن أبي إسحاق السبيعي، وأبو داود (٢٠٨٥)، والترمذي (١١٢٦) من طريق يونس ابن أبي إسحاق السبيعي، والترمذي (١١٢٦) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، ثلاثتهم عن أبي إسحاق السبيعي، به، وهو في «المسند» (١٩٥١٨)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٧٧).
(١) حديث صحيح لغيره دون قوله: «فإن الزانية هي الي تزوج نفسها» وهذا إسناد ضعيف لضعف جميل بن الحسن العتكي، والصحيح أن هذه الجملة من قول أبي هريرة، كما جاء مفضلًا في رواية عبد السلام بن حرب الملائي عن هشام بن حسان عند الدارقطني (٣٥٣٦) والبيهقي ٧/ ١١٠، وقال البيهقي بإثره: وعبد السلام ابن حرب قد ميز المسند من الموقوف فيشبه أن يكون قد حفظه، والله تعالى أعلم.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٦/ ٢٢٦٧، والدارقطني (٣٥٣٥) و(٣٥٣٧)، والبيهقي ٧/ ١١٠ من طريق جميل بن الحسن، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني من طريق موسى بن هارون وأحمد بن أبي عوف، والبيهقي ٧/ ١١٠ من طريق الحسن بن سفيان، ثلاثتهم عن مسلم بن عبد الرحمن الجرمي، عن مخلد بن حسين، عن هشام بن حسان، به. وقال الحسن بن سفيان بعده: وسألتُ يحيى بن معين عن رواية مخلد بن حسين، عن هشام بن حسان، فقال: ثقة. فذكرت له هذا الحديث قال: نعم، قد كان شيخ عندنا يرفعه عن مخلد.
وأخرجه الدارقطني (٣٥٣٦) و(٣٥٤١)، والبيهقي ٧/ ١١٠ من طريق عبد السلام ابن حرب، عن هشام بن حسان، به بلفظ: "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج =

١٦ - بَابُ النَّهْيِ عَنْ الشِّغَارِ
١٨٨٣ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ الشِّغَارِ. وَالشِّغَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ أَوْ زَوِّجْنِي أُخْتَكَ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي أَوْ أُخْتِي، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ» (١).


= المرأة نفسها«وكنا نقول: إن التي تزوج نفسها هي الفاجرة. قال البيهقي عقبه: وعبد السلام قد ميَّز المسند من الموقوف، فيشبه أن يكون قد حفظه.
وأخرجه الدارقطني (٣٥٣٩) من طريق النضر بن شُميل، عن هشام بن حسان، والبيهقي ٧/ ١١٠ من طريق الأوزاعي، كلاهما عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: لا تزوج المرأة المرأة ... إلخ موقوفًا.
قال البيهقي بإثره: وكذلك قاله ابن عيينة، عن هشام عن ابن سيرين. يعني موقوفًا.
وأخرجه الدارقطني (٣٥٣٨) من طريق حفص بن غياث، عن هشام، عن ابن سيرين عن أبي هريرة، قال: كنا نتحدث أن التي ننكح نفسها هي الزانية. وإسناده صحيح.
وانظر ما قبله من الأحاديث.
(١) حديث صحيح، وسويد بن سعيد -وإن كان ضعيفًا- قد توبع.
وهو في»الموطأ«ومن طريقه أخرجه البخاري (٥١١٢)، ومسلم (١٤١٥) (٥٧)، وأبو داود (٢٠٧٤)، والترمذي (١١٥٢)، والنسائي ٦/ ١١٢.
وأخرجه البخاري (٦٩٦٠)، ومسلم (١٤١٥) (٥٨)، وأبو داود (٢٠٧٤)، والنسائي ٦/ ١١٠ - ١١١ من طرق، عن نافع، به.
وهو في»مسند أحمد«(٤٥٢٦)، و»صحيح ابن حبان«(٤١٥٢).
قال ابن عبد البر في»التمهيد«١٤/ ٧٢ - ونقله عنه الحافظ في»الفتح" ٩/ ١٦٣ بتصرف ومنه نقلنا -: أجمع العلماء على أن نكاح الشغار لا يجوز، =

١٨٨٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ الشِّغَارِ (١).
١٨٨٥ - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ، أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبرنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ» (٢).


= ولكن اختلفوا في صحته؛ فالجمهور على البطلان، وفي رواية عن مالك: يفسخ قبل الدخول، لا بعده، وحكاه ابن المنذر عن الأوزاعي. وذهب الحنفية إلى صحته ووجوب مهر المثل، وهو قول الزهري ومكحول والثوري والليث ورواية عن أحمد وإسحاق وأبي ثور وهو قول على مذهب الشافعي.
(١) إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو ابن فروخ القطان، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرْمُز.
وأخرجه مسلم (١٤١٦)، والنسائي ٦/ ١١٢ من طريق عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٨٤٣).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل الحسين بن مهدي، وقد توبع.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١٠٤٣٤)، ومن طريقه أخرجه أحمد (١٢٦٨٦) و(١٣٠٣٢)، وعبد بن حميد (١٢٥٣) و(١٢٥٦)، وابن حبان (٣١٤٦)، والطبراني في «الأوسط» (٣٥٢٣)، والبيهقي ٧/ ٢٠٠ من طريق عبد الرزاق، به. وقرن عبد الرزاق بثابت أبان بن أبي عياش.
وأخرجه عبد الرزاق (١٥٤٣٦) عن معمر، عن قتادة، قال: ولا أعلمه إلا عن أنس.

١٧ - بَابُ صَدَاقِ النِّسَاءِ
١٨٨٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِي، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ:
سَأَلْتُ عَائِشَةَ: كَمْ كَانَ صَدَاقُ النَّبِيِّ (١) ﷺ؟ قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ فِي أَزْوَاجِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا، هَلْ تَدْرِي مَا النَّشُّ؟ هُوَ نِصْفُ أُوقِيَّةٍ، وَذَلِكَ خَمْسُمائة دِرْهَمٍ (٢).
١٨٨٧ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ (ح)
وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِي، حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ، كَانَ أَوْلَاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا


(١) هكذا في (س)، وفي (ذ) و(م) والمطبوع: «صداق نساء النبي»، وأثبتنا ما في (س) لموافقته ما في مصادر التخريج.
(٢) إسناده صحيح. عبد العزيز الدَّراوَرْدي -هو ابن محمَّد-.
وأخرجه مسلم (١٤٢٦)، وأبو داود (٢١٠٥)، والنسائي ٦/ ١١٦ - ١١٧ من طريق عبد العزيز الدراوردي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٦٢٦).
وانظر ما بعده.
قلنا: وخمس مئة درهم تساوي خمسين مثقالًا من الذهب، والمثقال: أربعة غرامات وربع.

مُحَمَّدٌ ﷺ، مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، وَلَا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ. وَيَقُولُ: قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ، أَوْ عَرَقَ الْقِرْبَةِ.
وَكُنْتُ رَجُلًا عَرَبِيًّا مَوْلِدًا، مَا أَدْرِي مَا عَلَقُ الْقِرْبَةِ، أَوْ عَرَقُ الْقِرْبَةِ (١).
١٨٨٨ - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، أبو العجفاء -واسمه هرم بن نُسيب- وثقه ابن معين والدارقطني، وروى عنه جمع من الثقات، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال البخاري في «التاريخ الأوسط»: في حديثه نظر. وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه ليس بالقائم. وباقي رجاله ثقات. ويشهد له حديث عائشة الذي قبله.
وأخرجه أبو داود (٢١٠٦)، والترمذي (١١٤١)، والنسائي مما روى ٦/ ١١٧ - ١١٩ من طريق محمَّد بن سيرين، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٨٥) و(٣٤٠)، و«صحيح ابن حبان» (٤٦٢٠).
وقوله: عَلَقَ القربة. قال السيوطي في حاشيته على النسائي: أي تحملتُ لأجلك كل شيءِ حتى علق القربة وهو حبلها الذي تُعلق به، ويروى: عرق القربة بالراء، أي: تكلفت إليه وتعبتُ حتى عرقت كعرق القربة، وعرقها: سيلان مائها، وقيل: أراد بعرق القربة عرق حاملها من ثقلها، وقيل: أراد أني قصدتُك، وسافرتُ إليك، واحتجت إلى عرق القربة وهو ماؤها، وقيل: أراد: وتكلفت لك ما لم يبلغ وما لا يكون، لأن القربة لا تعرق.

عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ تَزَوَّجَ عَلَى نَعْلَيْنِ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ ﷺ نِكَاحَهُ (١).
١٨٨٩ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو، حَدّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فقَالَ: «مَنْ يَتَزَوَّجُهَا؟» فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» فَقَالَ: لَيْسَ مَعِي. قَالَ: قَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ«(٢).
١٨٩٠ - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، حَدّثَنَا الْأَغَرُّ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ


(١) إسناده ضعيف، لضعف عاصم بن عبيد الله -وهو ابن عاصم العُمري-. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه الترمذي (١١٣٩) من طريق شعبة بن الحجاج، عن عاصم بن عبيد الله، به وقال: حديث عامر بن ربيعة حديث حسن صحيح! وخالفه أبو حاتم الرازي فقال عن عاصم هذا: منكر الحديث، وأنكر عليه حديثه هذا، كما في»العلل«١/ ٤٢٤.
وهو في»مسند أحمد«(١٥٦٧٦).
(٢) إسناده صحيح. حفص بن عمرو: هو ابن رَبال الرَّبَالي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (٢٣١٠) و(٥٠٢٩)، ومسلم (١٤٢٥)، وأبو داود (٢١١١)، والترمذي (١١٤٠)، والنسائي ٦/ ٥٤ - ٥٥ و٩١ - ٩٢ و١١٣ و١٢٣ من طريق أبي حازم، عن سعد.
وهو في»مسند أحمد«(٢٢٧٩٨)، و»صحيح ابن حبان" (٤٠٩٣).

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَزَوَّجَ عَائِشَةَ عَلَى مَتَاعِ بَيْتٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا (١).

١٨ - بَابُ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ وَلَا يَفْرِضُ لَهَا فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ
١٨٩١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ الشَّعْبِي، عَنْ مَسْرُوقٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَ عَنْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَهَا الصَّدَاقُ، وَلَهَا


(١) إسناده ضعيف لضعف عطية العَوفي وأبي هشام الرفاعي. الأغر الرقاشي هو الفضل بن مُرزوق كما نقله الخطيب في «موضح الأوهام» ٢/ ٣٢٢ - ٣٢٣ عن الدارقطني وابن خِراش، ويؤيده أيضًا أنه جاء مسمّى في بعض الروايات كما سيأتي.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في «مسند ابن الجعد» (٢١٢٩) عنه، عن محمَّد ابن يزيد الكوفي، والخطيب البغدادي في «موضح أوهام الجمع والتفريق» ٢/ ٣٢٢ من طريق أبي هشام الرفاعي، كلاهما عن يحيى بن يمان، بهذا الإسناد. ونقل الخطيب عن الدارقطني قوله: ولم يقل: عن أبي سعيد غير يحيى بن يمان، وأرسله غيره.
قلنا: ما قاله الدارقطني صحيح، فقد رواه عبد الله بن داود الخريبي عند الخطيب في «الموضح» ٢/ ٣٢٢، ويزيد بن هارون عند ابن سعد في «الطبقات» ٨/ ٥٩، والفضل بن دكين ومحمد بن ربيعة الكلابي ووكيع عنه أيضًا ٨/ ٦٠ كلهم عن فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي عن النبي ﷺ مرسلًا.
وأخرجه يحيى بن معين في «تاريخه» برواية العباس الدوري ص ٧٣٨، والطبراني في «المعجم الأوسط» (٢٠٩٧) من طريق وكيع بن الجراح، عن فضيل ابن مرزوق، عن عطية العوفي، عن عائشة - فذكر عائشة بدل أبي سعيد، والعوفي كما أسلفنا ضعيف.

الْمِيرَاثُ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ. فَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَضَى فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ (١).
١٨٩١م - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ (٢).

١٩ - بَابُ خُطْبَةِ النِّكَاحِ
١٨٩٢ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وفِراس: هو ابن يحيى الهَمْداني الكوفي.
وأخرجه أبو داود (٢١١٤)، والنسائي ٦/ ١٢٢ من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٠٩٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٩٨).
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده صحيح كسابقه. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن وقاص الليثي.
وأخرجه أبو داود (٢١١٥)، والترمذي (١١٧٧)، والنسائي ٦/ ١٢١ و١٢٢ و١٩٨ من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٩٤٣).
وأخرجه النسائي ٦/ ١٢١ من طريق زائدة، عن منصور، به، وقرن بعلقمة الأسود، ولم يذكر اسم معقل بل قال: رجل من أشجع.
وأخرجه النسائي ٦/ ١٢٢ من طريق الشعبي، عن علقمة، به، لكن فيه أن الذين شهدوا بذلك أناسٌ من أشجع لم يسمهم.
وانظر ما قبله.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أُوتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَوَامِعَ الْخَيْرِ، وَخَوَاتِمَهُ -أَوْ قَالَ: فَوَاتِحَ الْخَيْرِ- فَعَلَّمَنَا خُطْبَةَ الصَّلَاةِ وَخُطْبَةَ الْحَاجَةِ. خُطْبَةُ الصَّلَاةِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
وَخُطْبَةُ الْحَاجَةِ: إنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
ثُمَّ تَصِلُ خُطْبَتَكَ بِثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ إلى آخر الآية [آل عمران: ١٠٢] ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ إلى آخر الآية [النساء: ١] و﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ إلى آخر الآية [الأحزاب: ٧٠ - ٧١] (١).


(١) حديث صحيح، هشام بن عمار متابع، ومن فوقه ثقات. عيسى بن يونس، هو ابن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، وأبو الأحوص: هو عوف ابن مالك الجشمي.
وأخرجه الترمذي (١١٣١)، والنسائي في «المجتبى» ٦/ ٨٩ من طريق الأعمش، والنسائي في «الكبرى» (١٠٢٥٠) من طريق المسعودي، كلاهما عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة بقصة خطبة الحاجة.
وسلف بذكر التشهد حسبُ برقم (٨٩٩). =

١٨٩٣ - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ، حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدّثَنَا دَاوُدُ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ، حَدّثَنِي عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا (١)، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ» (٢).
١٨٩٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ الْأَوْزَاعِي، عَنْ قُرَّةَ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ


= وأخرج قصة الخطبة أبو داود (٢١١٨)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٢٥٤) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص وأبي عبيدة، كلاهما عن ابن مسعود.
وأخرجها النسائي (١٠٢٥٢) من طريق شعبة، و(١٠٢٥٣) من طريق حماد بن أبي سليمان، كلاهما عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة وحده، عن ابن مسعود.
وأخرجها النسائي (١٠٢٥١) من طريق زهير بن معاوية، عن أبى إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود قوله.
وأخرجها بنحوها أبو داود (١٠٩٧) و(٢١١٩) من طريق أبى عياض، عن ابن مسعود مرفوعًا.
(١) زاد في المطبوع هنا: «ومن سيئات أعمالنا»، وهذه الزيادة ليست في شيء من أصولنا الخطية.
(٢) إسناده صحيح. عمرو بن سعيد، هو القرشي -ويقال: الثقفي- مولاهم أبو سعيد البصري.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا مسلم (٨٦٨)، والنسائي ٦/ ٨٩ - ٩٠ من طريق داود ابن أبي هند، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٤٩)، و«صحيح ابن حبان» (٦٥٦٨).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ (١)، أَقْطَعُ» (٢).

٢٠ - بَابُ إِعْلَانِ النِّكَاحِ
١٨٩٥ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِي، وَالْخَلِيلُ بْنُ عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ إِلْيَاسَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ الْقَاسِمِ
عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ (٣)، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ» (٤).


(١) زاد في نسخة على هامش (س): «لله» وصحح عليها.
(٢) إسناده ضعيف لضعف قرة -وهو ابن عبد الرحمن بن حَيويل- ولاضطراب متنه، الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.
وأخرجه أبو داود (٤٨٤٠)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٢٥٥) من طريق الوليد ابن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (١٠٢٥٦) من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، به.
وأخرجه النسائي (١٠٢٥٧) و(١٠٢٥٨) من طريقين عن الزهري، عن النبي ﷺ مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (٨٧١٢)، و«صحيح ابن حبان» (١) و(٢) وانظر تتمة الكلام عليه في «المسند».
(٣) في (ذ) والمطبوع: «أعلنوا هذا النكاح»، والمثبت من (س) و(م).
(٤) إسناده ضعيف جدًا، خالد بن إلياس -وهو ابن صخْر العدوي- متروك الحديث، وقد تابعه عيسى بن ميمون الأنصاري وهو مثله- متروك أيضًا. القاسم: هو ابن محمَّد بن أبي بكر الصديق.
وأخرجه الترمذي (١١١٤) من طريق عيسى بن ميمون الأنصاري، عن القاسم ابن محمَّد، عن عائشة.
قوله: «بالغربال» هو الدُّف.

١٨٩٦ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَصْلٌ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، الدُّفُّ وَرفع الصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ» (١).

٢١ - بَابُ الْغِنَاءِ وَالدَّفِّ
١٨٩٧ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ - اسْمُهُ الْمَدَنِيُّ - قَالَ:
كُنَّا بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَالْجَوَارِي يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَتَغَنَّيْنَ، فَدَخَلْنَا عَلَى الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَبِيحَةَ عُرْسِي، وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ يَتَغَنَّيَانِ وَتَنْدُبَانِ آبَائِي الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، وَتَقُولَانِ فِيمَا تَقُولَانِ:
وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ
فَقَالَ: «أَمَّا هَذَا فَلَا تَقُولُوهُ، مَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ» (٢).


(١) إسناده حسن من أجل أبي بَلْج -وهو الفزاري- فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه الترمذي (١١١٣) -وقال: حديث حسن- والنسائي ٦/ ١٢٧ من طريق أبي بلج، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٤٥١).
(٢) إسناده صحيح. أبو الحسين المدني: هو خالد بن ذكوان.
وأخرجه البخاري (٤٠٠١)، وأبو داود (٤٩٢٢)، والترمذي (١١١٥)، والنسائي في «الكبرى» (٥٥٣٨) من طريق خالد بن ذكوان، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠٢١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٧٨).

١٨٩٨ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ، تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ فِي يَوْمِ بُعَاثٍ، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ ﷺ؟ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدِ (١)، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا» (٢).
١٨٩٩ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَرَّ بِبَعْضِ الْمَدِينَةِ، فَإِذَا هُوَ بِجَوَارٍ يَضْرِبْنَ بِدُفِّهِنَّ وَيَتَغَنَّيْنَ وَيَقُلْنَ:
نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ ... يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَأُحِبُّكُنَّ» (٣).


(١) في المطبوع: عيد الفطر.
(٢) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه البخاري (٩٨٧)، ومسلم (٨٩٢)، والنسائي ٣/ ١٩٥ و١٩٦ - ١٩٧ من طريق عروة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٤٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٦٨).
(٣) حديث صحيح. هشام بن عمار متابع. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي.
وأخرجه الطبراني في «الصغير» (٧٨) من طريق عيسى بن يونس، والخطيب في «تاريخه» ١٣/ ٥٧ من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، كلاهما عن عوف الأعرابي، بهذا الإسناد. =

١٩٠٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أخبرنا الْأَجْلَحُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَنْكَحَتْ عَائِشَةُ ذَاتَ قَرَابَةٍ لَهَا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «أَهْدَيْتُمْ الْفَتَاةَ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «أَرْسَلْتُمْ مَعَهَا مَنْ يُغَنِّي؟» قَالَتْ: لَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ الْأَنْصَارَ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ، فَلَوْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا مَنْ يَقُولُ:
أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ ... فَحَيَّانَا وَحَيَّاكُمْ» (١).


= وأخرجه أبو يعلى (٣٤٠٩)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٢٢٩) وابن عدي في «الكامل» ٣/ ١٠١٨، وأبو نعيم في «الحلية» ٣/ ١٢٠ من طريق سعيد بن أبي الربيع، عن رُشَيد أبي عبد الله، عن ثابت البُناني، عن أنس بلفظ: ... فقال النبي ﷺ: «اللهم بارك فيهن» لكن رُشَيدًا هذا مجهول.
وأخرج البخاري (٣٧٨٥)، ومسلم (٢٥٠٨) من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: رأى النبي ﷺ النساءَ والصبيان مقبلين، قال: حسبتُ أنه قال: من عُرس، فقام النبي ﷺ فقال: «اللهم أنتم من أحب الناس إلي» قالها ثلاث مِرار.
وهو في «المسند» (١٢٧٩٧).
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف الأجلح -وهو ابن عبد الله بن حُجية الكندي-، وقد اختلف فيه على الأجلح كما سيأتي.
فأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٣٣٢١) من طريق جعفر بن عون، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (١٥٢٠٩)، والبزار (١٤٣٢ - كشف الأستار) والنسائي في «الكبرى» (٥٥٤٠) من طريق الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، بدل عبد الله بن عباس.
وأخرجه البيهقي ٧/ ٢٨٩ من طريق أبي عوانة الوضاح اليشكري، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عائشة. =

١٩٠١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدّثَنَا الْفِرْيَابِي، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ التَّمِيمِي (١)، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَمِعَ صَوْتَ طَبْلٍ فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، ثُمَّ تَنَحَّى، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (٢).

٢٢ - بَابٌ فِي الْمُخَنَّثِينَ
١٩٠٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ


= وقد أخرج البخاري (٥١٦٢) من طريق عروة عن عائشة: أنها زفّت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال نبي الله ﷺ: «يا عائشة، ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يُعجبهم اللهو».
وفي الباب عن عائشة عند الطبراني في «الأوسط» (٣٢٦٥)، وسنده ضعيف.
(١) ذهب المزي في «التهذيب» إلى أن الصواب في اسمه ثعلبة بن سهيل وأن أبا مالك كنية ثعلبة، وثعلبة بن أبي مالك وهمٌ من ابن ماجه، فتعقبه مغلطاي بأنه لا مانع بأن يكون سهيل يكنى أبا مالك. انظر «تهذيب الكمال» ٤/ ٣٩٣ - ٣٩٤ وتعليق الدكتور بشار عواد عليه.
(٢) حديث حسن لكن بذكر المزمار بدل الطبل، وهذا إسناد ضعيف لضعف ليث -وهو ابن أبي سُليم- وقد جاء الحديث من طرق أخرى. محمَّد بن يحيى: هو الذهلي، والفِريابي هو محمَّد بن يوسف.
وأخرجه أبو داود (٤٩٢٤) من طريق سليمان بن موسى الأشدق، و(٤٩٢٥) من طريق مطعم بن المقدام، و(٤٩٢٦) من طريق ميمون بن مهران، ثلإثتهم عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٣٥)، و"صحيح ابن حبان (٦٩٣).
قلنا: وهذه المتابعات الثلاثة عند أبي داود لا بأس بأسانيدها.

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَسَمِعَ مُخَنَّثًا وَهُوَ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: إِنْ يَفْتَحْ اللَّهُ الطَّائِفَ غَدًا، دَلَلْتُكَ عَلَى امْرَأَةٍ تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَخْرِجُوهُ مِنْ بُيُوتِكُمْ» (١).
١٩٠٣ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، حَدّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَعَنَ الْمَرْأَةَ تَتَشَبَّهُ (٢) بِالرِّجَالِ، وَالرَّجُلَ يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ (٣).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٤٣٢٤)، ومسلم (٢١٨٠)، وأبو داود (٤٩٢٩)، والنسائي في «الكبرى» (٩٢٠١) و(٩٢٠٥) من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٤٩٠).
وسيأتي برقم (٢٦١٤).
المخنث، بكسر النون وفتحها من يشبه خلقه النساء في حركاته وسكناته وكلامه وغير ذلك، فإن كان من أصل الخِلقة لم يكن عليه لوم، وعليه أن يتكلف إزالة ذلك، وإن كان بقصد منه وتكلف له، فهو المذموم، ويطلق عليه اسم مخنث سواء فعل الفاحشة أو لم يفعل.
قال الحافظ: ويستفاد منه حجب النساء عمن يفطن لمحاسنهن، وفيه تعزير من يتشبه بالنساء بالاخراج من البيوت والنفي إذا تعين ذلك طريقا لردعه، وظاهر الأمر وجوب ذلك، وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء من قاصد مختار حرام اتفاقًا.
(٢) في (س) و(م): تَشَبَّه. بتاء واحدة.
(٣) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف يعقوب بن حميد بن كاسب، وقد توبع. =

١٩٠٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِي، حَدّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَلَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ (١).

٢٣ - بَابُ تَهْنِئَةِ النِّكَاحِ
١٩٠٥ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِي، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا رَفَّأَ قَالَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ، وَبَارَكَ عَلَيْكُمْ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ» (٢).


= وأخرجه أبو داود (٤٠٩٨)، والنسائي في «الكبرى» (٩٢٠٩) من طريق سليمان ابن بلال، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: لعن رسول الله ﷺ الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل.
وهو في «مسند أحمد» (٨٣٠٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٥١).
ويشهد له أيضًا حديث ابن عباس التالي.
(١) إسناده صحيح. أبو بكر بن خلّاد: هو محمَّد بن خلّاد.
وأخرجه البخاري (٥٨٨٥)، وأبو داود (٤٠٩٧)، والترمذي (٢٩٩١) من طريق قتادة، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٣١٥١).
وأخرجه البخاري (٥٨٨٦)، وأبو داود (٤٩٣٠)، والترمذي (٢٩٩٢)، والنسائي في «الكبرى» (٩٢٠٧) و(٩٢١٠) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة عن ابن عباس قال: لعن النبي ﷺ المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء، وقال: «أخرجوهم من بيوتكم» قال: فأخرج النبيُّ ﷺ فلانًا، وأخرج عمر فلانًا.
وقرن الترمذي بيحيى أيوبَ السختياني.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٢) من طريق يحيى بن أبي كثير.
(٢) حديث صحيح، سُويد بن سعيد -وهو الحَدَثاني- متابع. =

١٩٠٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدّثَنَا أَشْعَثُ، عَنْ الْحَسَنِ
عن عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي جُشَمَ، فَقَالُوا: بِالرَّفَاءِ وَالْبَنِينَ. فَقَالَ: لَا تَقُولُوا هَكَذَا، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِمْ» (١).


= وأخرجه أبو داود (٢١٣٠)، والترمذي (١١١٦) عن قتيبة بن سعيد، والنسائي في «الكبرى» (١٠٠١٧) عن عبد الرحمن بن عبيد الله الحلبى، كلاهما عن عبد العزيز الدراوردي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٩٥٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٥٢).
وفي الباب عن جابر عند البخاري (٦٣٨٧)، ومسلم بإثر الحديث (١٤٦٦) (٥٦).
وانظر ما بعده.
وقوله: «كان إذا رَفأ» قال السندي في «حاشيته على المسند»: بتشديد الفاء بعدها همزة، وقد لا يُهمز الفعل، والمراد بالترفئة ها هنا: التهنئة بالزواج، وأصله قول القائل: بالرَّفاء والبَنين، والرِّفاء بكسر الراء والمد: الالتئام والموافقة، وكان من عادتهم أن يقولوا للمتزوج ذلك، فابدله الشارع بما ذكر، لأنه لا يفيد، ولما فيه من التنفير عن البنات.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن الحسن -وهو البصري- لم يسمع من عَقيل بن أبي طالب، وقد تابعه عبد الله بن محمَّد بن عقيل بن أبي طالب، عن جدِّه عقيل عند أحمد في «مسنده» (١٧٣٨)، لكنه لم يدرك جده أيضًا كما حققناه هناك. محمَّد بن عبد الله: هو ابن المُثَنى الأنصاري، وأشعث: هو ابن عبد الملك الحُمراني.
وأخرجه النسائي ٦/ ١٢٨ من طريق خالد بن الحارث، عن أشعث بن عبد الملك، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٣٩)، وانظر تمام تخريجه فيه.
ويشهد له ما قبله، وحديث جابر المذكور هناك.

٢٤ - بَابُ الْوَلِيمَةِ
١٩٠٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِي
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» أَوْ: «مَهْ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» (١).
١٩٠٨ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِي
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَوْلَمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ، فَإِنَّهُ ذَبَحَ شَاةً (٢).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٥١٥٥)، ومسلم (١٤٢٧) (٧٩)، وأبو داود (٢١٠٩)، والترمذي (١١١٩)، والنسائي ٦/ ١٢٨ من طريق ثابت، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٦٨٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٦٠).
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (٢٠٤٩) و(٥١٤٨)، ومسلم (١٤٢٧) (٨٠) و(٨١) و(٨٣)، وأبو داود (٢١٠٩)، والترمذي (٢٠٤٦)، والنسائي ٦/ ١١٩ - ١٢٠ و١٢٩ و١٣٧ من طرق عن أنس.
وأخرجه مسلم (١٤٢٧) (٨٢)، والنسائي ٦/ ١٢٠ من طريق أنس، عن عبد الرحمن بن عوف.
والنواة: اسم لخمسة دراهم كما قيل للأربعين: أوقيةٌ، وللعشرين: نشٌّ.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٥١٦٨) و(٥١٧١)، ومسلم (١٤٢٨) (٩٠)، وأبو داود (٣٧٤٣)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٦٧) من طريق حماد بن زيد، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٣٧٨)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٦٢). =

١٩٠٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ وَغِيَاثُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّحَبِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدّثَنَا وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ ابْنِهِ (١)، عَنْ الزُّهْرِي
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ (٢).
١٩١٠ - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ ابْنِ جُدْعَانَ


= وأخرجه مطولًا مسلم (١٤٢٨) (٨٧ م) من طريق حماد بن سلمة، و(١٤٢٨) (٨٩) من طريق سليمان بن المغيرة، كلاهما عن ثابت، به.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (٤٧٩٣) و(٤٧٩٤) و(٧٤٢١)، ومسلم (١٤٢٨) (٩١) والنسائي في «الكبرى» (٦٥٦٨) من طرق عن أنس.
(١) تحرف في مطبوعة محمَّد فؤاد عبد الباقي إلى: أبيه.
(٢) حديث صحيح، وقد روى سفيان بن عيينة هذا الحديث على وجهين، فمرةً رواه عن وائل بن داود، عن ابنه بكر بن وائل، عن الزهري، ومرة رواه عن الزهري مباشرة، وهو ممن عُرف بالرواية عنه، وقد سمعه يحدّث به كما صرح هو بذلك عند الحميدي تلميذِهِ (١١٨٤)، ولكنه قال: فلم أحفظه، وكان بكر بن وائل يجالس الزهري معنا. قلنا: وعلى أية حال، فقد روي الحديث من طرق أُخرى عن أنس كما سيأتي.
وأخرجه أبو داود (٣٧٤٤)، والترمذي (١١٢٠) و(١١٢١)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٦٦) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي (١١٨٤)، وأبو يعلى (٣٥٥٩)، وابن الجارود (٧٢٧) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس، وهو في «مسند أحمد» (١٢٠٧٨).
وأخرجه ضمن قصة غزوة خيبر البخاري (٣٧١) و(٢٢٣٥) و(٤٢١٣) و(٥١٦٩)، ومسلم بإثر (١٤٢٧) / (٨٤) و(٨٧) و(٨٨) من طرق عن أنس. وهو في «مسند أحمد» (١١٩٩٢).

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: شَهِدْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَلِيمَةً، مَا فِيهَا لَحْمٌ وَلَا خُبْزٌ (١).
قَالَ أبو عبد الله ابْنُ مَاجَهْ: لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ.
١٩١١ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ الشَّعْبِي، عَنْ مَسْرُوقٍ
عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتَا: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نُجَهِّزَ فَاطِمَةَ حَتَّى نُدْخِلَهَا عَلَى عَلِي، فَعَمَدْنَا إِلَى الْبَيْتِ، فَفَرَشْنَاهُ تُرَابًا لَيِّنًا مِنْ أَعْرَاضِ الْبَطْحَاءِ، ثُمَّ حَشَوْنَا مِرْفَقَتَيْنِ لِيفًا، فَنَفَشْنَاهُ بِأَيْدِينَا، ثُمَّ أَطْعَمْنَا تَمْرًا وَزَبِيبًا، وَسَقَيْنَا مَاءً عَذْبًا، وَعَمَدْنَا إِلَى عُودٍ فَعَرَضْنَاهُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ يُلْقَى عَلَيْهِ الثَّوْبُ وَيُعَلَّقَ عَلَيْهِ السِّقَاءُ، فَمَا رَأَيْنَا عُرْسًا أَحْسَنَ مِنْ عُرْسِ فَاطِمَةَ (٢).


(١) حديث صحيح، وعلي بن زيد بن جُدعان -وإن كان ضعيفًا- تابعه غير واحد من أصحاب أنس بن مالك كما سلف في الحديث قبله.
وأخرجه أحمد (١١٩٥٣)، وأبو يعلى (٣٧٧٩) من طريق هشيم بن بشير، عن ابن جدعان، به. وزادا:
قال: فمه؟ قال: الحَيس، يعني التمر والأقط بالسَّمْن.
وتابع ابنَ جُدعان على هذا اللفظ عن أنس: حميدٌ الطويل عند البخاري (٤٢١٣) و(٥١٥٩)، والنساني في «الكبرى» (٦٥٦٩) و(٦٥٧٠).
(٢) إسناده مسلسل بالضعفاء، سويد بن سعيد، والمفضل بن عبد الله -وهو الكوفي- وجابر -وهو ابن يزيد الجُعفي- ثلاثتهم ضعفاء. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، ومسروق: هو ابن الأجدع.
وأخرج أحمد (٨٣٨)، والنسائي ٦/ ١٣٥ من حديث علي بن أبي طالب: أن رسول الله ﷺ لما زوجه فاطمة بعث معه بخميلة ووسادة من أدم حشوها ليف ورحيين وسقاء وجرّتين ... =

١٩١٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، حَدّثَنِي أَبِي
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِلَى عُرْسِهِ، فَكَانَتْ خَادِمَهُمْ الْعَرُوسُ، قَالَتْ: تَدْرِي مَا سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَتْ: أَنْقَعْتُ تَمَرَاتٍ مِنْ اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ صَفَّيْتُهُنَّ فَأَسْقَيْتُهُنَّ إِيَّاهُ (١).

٢٥ - بَابُ إِجَابَةِ الدَّاعِي
١٩١٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ


= وأما عن الطعام فإنه كان كبشًا وذرة ولم يكن تمرًا وزبيبًا، فقد أخرج أحمد (٢٣٠٣٥) من حديث بريدة بن الحُصيب الأسلمي قال: لما خطب علي فاطمة، قال رسول الله ﷺ: «إنه لا بد للعُرس من وليمة» قال: فقال سعدٌ: علىَّ كبشٌ، وقال فلان: علىَّ كذا وكذا من ذُرة. وإسناده محتمل للتحسين.
قولهما: «أعراض البطحاء»، أي: جوانب البطحاء، جمع: عُرْض. والبطحاء: مَسِيل الماء الواسع يتجمع فيه الحصى والرمال. وقولهما: «مرفقتين» أي: مِخدَّتين.
(١) إسناده صحيح. أبو حازم: هو سلمة بن دينار المدني.
وأخرجه البخاري (٥١٧٦)، ومسلم (٢٠٠٦)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٨٩) من طريق أبي حازم، عن سهل.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٠٦٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٣٩٥).
وقد أورد البخاري الحديث في كتاب النكاح تحت: باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس.
قال الحافظ: وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه. ولا يخفى أن كل ذلك عند أمن الفتنة، ومراعاة ما يجب عليها من الستر، وجواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك، وفيه جواز إيثار كبير القوم في الوليمة بشئ دون من معه.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ (١).
١٩١٤ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ


(١) إسناده صحيح. علي بن محمَّد: هو الطَّنافسي.
وأخرجه البخاري (٥١٧٧)، ومسلم (١٤٣٢)، وأبو داود (٣٧٤٢)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٧٨) من طريق عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٧٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٣٠٤).
وأخرجه مسلم (١٤٣٢) (١٠٩)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٧٧) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (١٤٣٢) (١١٠) من طريق ثابت بن عياض الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا.
والصواب الموقوف، وانظر «علل الدارقطني» ٩/ ١١٦.
الوليمة عند أهل اللغة: مختصة بطعام العرس فيما نقله عنهم ابن عبد البر، وهو المنقول عن الخليل بن أحمد وثعلب وغيرهما، وجزم به الجوهري وابن الأثير، وقال صاحب «المحكم»: الوليمة طعام العرس والإملاك، وقيل: كل طعام صنع لعرس وغيره، وقال الشافعي وأصحابه: تقع الوليمة على كل دعوة تتخذ لسرورٍ حادث من نكاح أو ختان وغيرهما، لكن الأشهر استعمالها عند الإطلاق في النكاح، وتقيد في غيره.
وقوله في الحديث: «ومن لم يجب، ففد عصى الله ورسوله» فيه دليل على وجوب الإجابة، لأن العصيان لا يطلق إلا على ترك الواجب.
قال ابن عبد البر فيما نقله عنه صاحب «المغني» ١٠/ ١٩٣: لا خلاف في وجوب الإجابة إلى الوليمة لمن دُعي إليها إذا لم يكن فيها لهو، وبه يقول مالك والثوري والشافعي والعنبري وأبو حنيفة وأصحابه، ومن أصحاب الشافعي من قال: هي من فروض الكفايات، لأن الإجابة إكرام وموالاة، فهي كرد السلام.

عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ، فَلْيُجِبْ» (١).
١٩١٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ الْوَاسِطِي، حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُسَيْنٍ أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِي، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ، وَالثَّانِيَ مَعْرُوفٌ، وَالثَّالِثَ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» (٢).

٢٦ - بَابُ الْإِقَامَةِ عَلَى الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ
١٩١٦ - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِي، حَدّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ


(١) إسناده صحيح. عبيد الله: هو ابن عمر العمري.
وأخرجه البخاري (٥١٧٣)، ومسلم (١٤٢٩)، وأبو داود (٣٧٣٦) و(٣٧٣٧) و(٣٧٣٨) و(٣٧٣٩)، والترمذي (١١٢٣)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٧٣) من طريق نافع، عن ابن عمر. وفي رواية أبي داود (٣٧٣٧) زيادة: «فإن كان مفطراَ فليطعم، وإن كان صائما فليدْعُ».
وهو في «مسند أحمد» (٤٧١٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٨٩) و(٥٢٩٤).
(٢) إسناده ضعيف جدًا، عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي متروك الحديث.
منصور: هو ابن المعتمر، وأبو حازم: سلمان الأشجعي.
وأخرجه بحشل في «تاريخ واسط» ص ١٢٥، والطبراني في «الأوسط» (٢١١٦) و(٧٣٩٣) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن رجل أعور من ثقيف عند أبي داود (٣٧٤٥)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٦١)، وهو في «مسند أحمد» (٢٠٣٢٤) وإسناده ضعيف.
وعن ابن مسعود عند الترمذي (١١٢٢)، وسنده ضعيف أيضًا.
وانظر تمام شواهده في «المسند» ولا شيء منها يصلح للاعتبار.

عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ لِلثَّيِّبِ ثَلَاثًا، وَلِلْبِكْرِ سَبْعًا» (١).
١٩١٧ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ -يعني: ابْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ- عَنْ أَبِيه
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، وَقَالَ: «لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ، سَبَّعْتُ لِنِسَائِي» (٢).


(١) حديث صحيح. محمَّد بن إسحاق -وان كان رواه بالعنعنة- تابعه سفيان الثوري، وباقي رجاله ثقات. أيوب: هو ابن أبي تميمة السخْتِياني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي.
وأخرجه البخاري (٥٢١٤)، ومسلم (١٤٦١) من طريق سفيان الثوري، عن أيوب بن أبي تميمة، به. ولكنه نقل عن أبي قلابة قوله: ولو شئتُ لقلتُ: إن أنسًا رفعه إلى النبي ﷺ.
وأخرجه البخاري (٥٢١٣) و(٥٢١٤)، ومسلم (١٤٦١)، وأبو داود (٢١٢٤)، والترمذي (١١٧١) من طريق خالد بن مهران الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس قال: لو شئتُ أن أقول: قال النبي ﷺ، ولكن قال: السُّنَّة ...
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومحمد بن أبي بكر: هو ابن محمَّد ابن عمرو بن حَزْم.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا (١٤٦٠)، وأبو داود (٢١٢٢)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٧٦) و(٨٨٧٧) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أم سلمة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٥٠٤)، و«صحيح ابن حبان» (٢٩٤٩).

٢٧ - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَهْلُهُ
١٩١٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْقَطَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِذَا أَفَادَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً، أَوْ خَادِمًا، أَوْ دَابَّةً، فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ» (١).
١٩١٩ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى امْرَأَتَهُ قَالَ: اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِي، ثُمَّ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، لَمْ يُسَلِّطْ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ، أَوْ لَمْ يَضُرَّهُ» (٢).


(١) إسناده حسن. شعيب والد عمرو: هو ابن محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاص.
وأخرجه بنحوه أبو داود (٢١٦٠)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٩٨) و(١٠٠٢١) من طريق محمَّد بن عجلان، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (٢٢٥٢).
(٢) إسناده صحيح. عمرو بن رافع: هو البَجَلي القزويني، وجرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه البخاري (١٤١)، ومسلم (١٤٣٤)، وأبو داود (٢١٦١)، والترمذى (١١١٧)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٧١) و(١٠٠٩٢٤) و(١٠٠٢٧) و(١٠٠٢٨) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. =

٢٨ - بَابُ التَّسَتُّرِ عِنْدَ الْجِمَاعِ
١٩٢٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو أُسَامَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يا رسول الله، عَوْرَاتُنَا، مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ» قال: قُلْتُ: يا رسول الله! أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ: «إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُرِيَهَا أَحَدًا، فَلَا تُرِيَنَّهَا» قُلْتُ: يا رسول الله، فَإِنْ كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: «فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (١٨٦٧)، و«صحيح ابن حبان» (٩٨٣).
وأخرجه النسائي (١٠٠٢٨) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، عن الأعمش، عن سالم، به.
وأخرجه النسائي (١٠٠٢٧) من طريق شعبة عن الأعمش، عن سالم، به موقوفًا.
قوله: «لم يسلط الله عليه الشيطان أو لم يضره» قال السندي: قيل: لا يضره بالإغواء والإضلال، وقيل: بالكبائر، وقيل: بالصرف عن التوبة إذا عصى، وقيل: إنه يأمن مما يصيب الصبيان من جهة الجان، وقيل: لا يكون للشيطان عليه سلطان، فيكون من المحفوظين قال تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾.
(١) إسناده حسن. بَهز بن حَكيم -وهو ابن معاوية بن حَيدة القُشَيرِي- هو وأبوه صدوقان. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه أبو داود (٤٠١٧)، والترمذي (٢٩٧٤) و(٣٠٠٢)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٢٣) من طريق بهز بن حكيم، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠٣٤).
قوله: «بعضهم في بعض» أي: مختلطون فيما بينهم، مجتمعون في موضع واحد. =

١٩٢١ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَمْدَانِيُّ: حَدّثَنَا الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الْأَعْلَى ابْنُ عَدِي
عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ وَلَا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ» (١).


= «أن يستحيا منه» أي: فاستتر طاعة له وطلبًا لما يحبه منك ويرضيه، وليس المراد فاستتر منه، إذ لا يمكن الاستتار منه جلَّ ذِكره. قاله السندي.
(١) إسناده ضعيف لضعف الأحوص بن حكيم.
وأخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٢٦٦ - ٢٦٧، والطبراني في «الكبير» ١٧/ (٣١٥) من طريق الأحوص بن حكيم، عن عبد الله بن غابر، عن عتبة بن عبد. وأقحم في إسناد الطبراني بعد الأحوص: عن أبيه، وتحرف فيه ابن غابر إلى ابن عامر، وجاء على الصواب في «معجم ابن قانع» و«نصب الراية» ٤/ ٢٤٦.
وفي الباب عن عبد الله بن سرجس عند النسائي في «الكبرى» (٨٩٨٠) وسنده ضعيف، وقال النسائي: حديث منكر.
وعن عبد الله بن مسعود عند ابن أبي شيبة في «مسنده» كما في «إتحاف الخيرة» (٤٢٦٠)، والبخاري في «التاريخ الأوسط» ٢/ ١٥١، والبزار في «مسنده» (١٧٠١)، والعقيلي في «الضعفاء» ٤/ ٢٦٦ - ٢٦٧ و٢٦٧، والهيثم بن كليب في «مسنده» (٥٩٣)، والطبراني في «الكبير» (١٥٤٤٣)، وابن عدي في «الكامل» ٦/ ٢٤٤٨، والبيهقي في «السُّنن الكبرى» ٧/ ١٩٣، و«الشعب» (٧٧٩٢) و(٧٧٩٣)، والخطيب في «تاريخه» ١٣/ ٢٤٨ من طريق مندل بن علي، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود. ومندل ضعيف الحديث، وقد أخطأ فيه كما نص على ذلك شريك النخعي، وقد كان معه في المجلس عند الأعمش، وكان عند الأعمش عاصم الأحول فحدث به عاصم، عن أبي قلابة عن النبي ﷺ مرسلًا.
قلنا: أخرجه كذلك عبد الرزاق في «مصنفه» (١٠٤٦٩)، وابن أبي شيبة ٤/ ٤٠٢ من طريقين عن عاصم الأحول. وتابعه أيوب السختياني عند عبد الرزاق (١٠٤٧٠). وانظر «علل الرازي» ١/ ٤٢٦، والدارقطني ٥/ ١٠٩. =

١٩٢٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مَوْلًى لِعَائِشَةَ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا نَظَرْتُ -أَوْ مَا رَأَيْتُ- فَرْجَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَطُّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: عَنْ مَوْلَاةٍ لِعَائِشَةَ (١).

٢٩ - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ
١٩٢٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ ابْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ مُخَلَّدٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا» (٢).


= وعن أبي أمامة عند الطبراني في «الكبير» (٧٦٨٣)، وفي إسناده عفير بن معدان وهو ضعيف.
وانظر ما قبله.
قوله: «العَيرين» تثنية عَير، بفتح فسكون: هو حمار الوحش.
(١) إسناده ضعيف، مولى عائشة لم يسم. وقد سلف برقم (٦٦٢).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الحارث بن مُخلَّد.
وأخرجه أبو داود (٢١٦٢)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٦٣) - (٨٩٦٦) من طريق سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٨٩٦٢) من طريق يزيد ابن الهاد، عن الحارث، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٦٨٤)، و«شرح مشكل الآثار» (٦١٣٣).
وقد سلف الحديث عن أبي هريرة برقم (٦٣٩) مرفوعًا بلفظ: «من أتى حائضًا أو امرأة في دُبرها، أو كاهنا فصدّقه بما يقول، فقد كفرَ بما أنزل على محمَّد». =

١٩٢٤ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أخبرنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَرَمِي
عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ» (١).


= ويشهد للفظ المصنف هنا حديث ابن عباس عند الترمذي (١٢٠٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٥٢) وإسناده حسن.
وانظر تتمة شواهده عند حديث أبي هريرة في «المسند» (٧٦٨٤).
وانظر الحديث التالي.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، عبد الله بن هَرَمي -مقلوب، صوابه هَرَمي بن عبد الله- كما نبه عليه البخاري في «تاريخه» ٨/ ٢٥٦ والبيهقي ٨/ ٢٥٧، وهو تابعي روى عنه ثلاثة أو أكثر، وذكره ابن حبان في «الثقات» في قسم التابعين. والحجاج بن أرطاة -وإن كان ضعيفًا- قد توبع.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٨٥٤) من طريق الحجاج بن أرطاة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٩٣٩) من طريق علي بن الحكم، عن عمرو ابن شعيب، عن هرمي بن عبد الله، عن خزيمة بن ثابت -فأتى باسم هرمي على الصواب-: أن النبي- ﷺ نهى أن تُؤتى المرأةُ من قِبَل دُبُرها. وعلي بن الحكم ثقة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٩٤١) و(٨٩٤٢) من طريقين عن سعيد بن أبي هلال عن عبد الله بن عليّ بن السائب المطلبي، عن هرمي بن عمرو -وفي رواية النسائي الثانية: ابن عبد الله، وهو الجادة في اسمه كما ذكرنا- عن خزيمة بن ثابت.
وأخرجه النسائي (٨٩٤٠) من طريق عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبد الله، عن حصين بن محصن، عن هرمي. فزاد في الإسناد حصينًا.
وأخرجه النسائي (٨٩٣٥) و(٨٩٣٦) من طريق يزيد بن الهاد، عن عبيد الله بن عبد الله بن الحصين، عن هرمى.
وأخرجه النسائي (٨٩٣٧) من طريق الوليد بن كثير، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الملك بن عمرو بن قيس، عن هرمي. فزاد في الإسناد عبد الملك. =

١٩٢٥ - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ وَجَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بن عيينة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ
سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَتْ يَهُودُ تَقُولُ: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ (١) فِي قُبُلِهَا، مِنْ دُبُرِهَا، كَانَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] (٢).


= وأخرجه بنحوه النسائي (٨٩٤٦) من طريق عبد الله بن شداد الأعرج، عن رجل، و(٨٩٤٣) - (٨٩٤٥) من طريق عمرو بن أحيحة، و(٨٩٣٣) من طريق عمارة ابن خزيمة، ثلاثتهم عن خزيمة بن ثابت.
وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في «مسند أحمد» (٢١٨٥٠) و(٢١٨٥٤) و(٢١٨٦٥).
وانظر الحديث السالف.
(١) في (ذ) والمطبوع: امرأة.
(٢) إسناده صحيح. سهل بن أبي سهل: هو سهل بن زنجلة الرازي.
وأخرجه البخاري (٤٥٢٨)، ومسلم (١٤٣٥)، وأبو داود (٢١٦٣) والترمذي (٣٢٢٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٢٤ - ٨٩٢٧) من طريق محمَّد بن المنكدر، عن جابر.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤١٦٦) و(٤١٩٧).
وعند مسلم (١٤٣٥) (١١٩) وابن حبان زيادة من طريق النعمان بن راشد عن الزهري بهذا الإسناد: «إن شاء مجبية (أي مكبوبة على وجهها) وإن شاء غير مجبية إذا كان في صمام واحد» أي: في ثقب واحد، والمراد به القبل، وقال ابن الأثير: الصمام: ما تسدُّ به الفُرجة فسمي الفرج به، ويجوز أن يكون: في موضع صمام واحد على حذف المضاف.
وأخرجه النسائي (١٠٩٧٢) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو عوانة، عن محمَّد ابن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قالت اليهود: إذا أتى الرجل امرأته من قِبَل دبرها كان الحول من ذلك، فأنزل الله تبارك وتعالى ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] قال: قائمًا وقاعدًا وباركًا بعد أن يكون في المأتى«وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه الطحاوي في»شرح مشكل الآثار«(٦١٢٦) من طريق ابن وهب، أخبرني ابن جريج أن محمَّد بن المنكدر حدثه عن جابر بن عبد الله: أن اليهود قالوا للمسلمين: من أتى امرأة مدبرة جاء ولدُها أحول، فأنزل الله هذه الآية، فقال رسول الله ﷺ:»مقبلة ومدبرة ما كان في الفرج من قُبلها لا إلى ما سواه«وإسناده صحيح.
فهذا بيان في المعنى المراد من قوله تعالى: ﴿أَنَّى شِئْتُمْ﴾ صادر ممن أنزل الله إليه الذكر ليبين للناس ما نزلَ إليهم، ولا يسع المؤمن المسلم الذي ارتضى الله ربًا والإسلام دينًا ومحمدًا رسولًا إلا أن يقبل به، وينتهي إليه، ويسلم به تسليمًا.
وقال الإمام النووي في»شرح مسلم«١٠/ ٦ قال العلماء: وقوله تعالى: ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ أي: موضع الزرع من المرأة وهو قُبُلُها الذي يزرع فيه المني لابتغاء الولد، ففيه إباحة وطئها في قبلها إن شاء من بين يديها، وإن شاء من ورائها، وإن شاء مكبوبة. وأما الدُّبر، فليس هو بحرثٍ، ولا موضع زرع، فمعنى قوله تعالى: ﴿أَنَّى شِئْتُمْ﴾، أي: كيف شئتم، واتفق العلماء الذين يُعتدُّ بهم على تحريم وطء المرأة في دبرها حائضًا كانت أو طاهرًا.
وأخرج الإمام أحمد في»مسنده«(٢٧٠٣) والترمذي (٢٩٨٠) والطحاوي في»شرح مشكل الآثار«(٦١٢٧) والنسائي في»الكبرى«(٨٩٧٧) و(١١٠٤٠) عن ابن عباس قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله هلكتُ، قال:»وما الذي أهلكك«قال: حولت رحلي الليلة، فلم يرد عليه شيئًا، قال: فأوحي إلى رسول الله هذه الآية ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ يقول:»أقبل وأدبر واتق الدُّبر والحيضة«وهذا حديث حسن كما قال الترمذي، وصححه ابن حبان (٤٢٠٢).
وقول عمر:»حولت رحلي الليلة«قال ابن الأثير في»النهاية": كنى برحله عن زوجته، أراد به غشيانها في قُبلها من جهة ظهرها، لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلي وجهها، فحيث ركبها من جهة ظهرها كنى عنه بتحويل رحله.

٣٠ - بَابُ الْعَزْلِ
١٩٢٦ - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، حَدّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ الْعَزْلِ؟ فَقَالَ: «أَوَتَفْعَلُونَ؟ لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَ نَسَمَة (١) قَضَى اللَّهُ لَهَا أَنْ تَكُونَ، إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ» (٢).
١٩٢٧ - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِي، حَدّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ


(١) في (ذ) والمطبوع: من نسمة.
(٢) حديث صحيح. وهذا إسناد خالف فيه إبراهيم بن سعد شعيبَ بن أبي حمزة ويونس بن يزيد وغيرهما، فقد رووه عن الزهري عن عبد الله بن محيريز، عن أبي سعيد الخدري وقد خطأ الحافظ حمزةُ بن محمَّد الكناني راوي «سنن النسائي الكبرى» عنه روايةَ إبراهيم بن سعد لهذا الحديث، وصحح الدارقطني في «العلل» ٣/ ورقة ٢٣٦ رواية يونس وشعيب.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٠٣٧) من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (١١٨٧٨).
وأخرجه البخاري (٢٢٢٩)، ومسلم (١٤٣٨) (١٢٥) و(١٢٦)، وأبو داود (٢١٧٢) والنسائي في «الكبرى» (٥٠٢٦) و(٥٠٢٧) من طريق محمَّد بن يحيى بن حبان، والبخاري (٢٢٢٩)، ومسلم (١٤٣٨) (١٢٧)، والنسائي (٥٠٢٤) و(٥٠٢٥) و(٥٠٢٨) من طريق الزهري، كلاهما عن عبد الله بن محيريز، عن أبي سعيد الخدري. وهو في «مسند أحمد» (١١٨٣٩).
وأخرجه بنحوه مسلم (١٤٣٨) (١٢٨) - (١٣٣)، وأبو داود (٢١٧٠)، والترمذي (١١٧٠)، والنسائي في «المجتبى» ٦/ ١٠٧ - ١٠٨ من طرق عن أبي سعيد.

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ (١).
١٩٢٨ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، حَدّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ المُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُعْزَلَ عَنْ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا (٢).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار المكي، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه البخاري (٥٢٥٧)، ومسلم (١٤٤٠) (١٣٦) و(١٣٧)، والترمذي (١١٦٩)، والنسائي في «الكبرى» (٩٠٤٥) من طريق عطاء، عن جابر.
وأخرجه مسلم (١٤٤٠) (١٣٨) من طريق أبي الزبير، عن جابر.
وأخرجه الترمذي (١١٦٣)، والنسائي في «الكبرى» (٩٠٣٠) من طريق محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر قال: قلنا: يا رسول الله إنا كنا نعزل، فزعمت اليهود أنها الموءودة الصغرى، فقال: «كذبت اليهود، إن الله إذا أراد أن يخلقه فلم يَمنَعه».
وهو في «مسند أحمد» (١٥٠٣٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٩٥).
(٢) إسناده ضعيف، لضعف ابن لهيعة ولانقطاعه، فإن جعفر بن ربيعة لم يسمع من الزهري فيما قاله أبو داود كما في «سؤالات الآجري» له، وكما في «السُّنن» له (٢٠٨٤)، وأقره المزي في «تهذيب الكمال».
وأخرجه أحمد (٢١٢)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» ١/ ٣٨٥، والبيهقي ٧/ ٢٣١ من طريق إسحاق بن عيسى، بهذا الإسناد.
وأخرج ابن أبي شيبة ٤/ ٢٤٢ من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن سوار الكوفي، عن ابن مسعود قال: تستأمر الحرة ويُعزل عن الأمة. وفي سوار الكوفي جهالة. =

٣١ - بَابٌ: لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا
١٩٢٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا» (١).
١٩٣٠ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَنْهَى عَنْ نِكَاحَيْنِ: أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا (٢).


= وأخرج عبد الرزاق (١٤٥٦٢) عن سفيان الثوري، عن عبد الكريم الجزري، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: تستامر الحرة في العزل ولا تستأمر الأمة.
(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا مسلم (١٤٠٨) (٣٨) و(٣٩)، والترمذي (١١٥٤)، والنسائي ٦/ ٩٨ من طريق محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة.
وأخرجه بنحوه البخاري (٥١٠٩) و(٥١١٠)، ومسلم (١٤٠٨)، وأبو داود (٢٠٦٥) و(٢٠٦٦)، والترمذي (١١٥٥)، والنسائي ٦/ ٩٦ و٩٦ - ٩٧ و٩٨ من طرق عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧١٣٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٦٨) و(٤١١٣) و(٤١١٥).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لعنعنة ابن إسحاق. أبو كريب: هو محمَّد بن العلاء.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٤٠٣) من طريق ابن إسحاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٦٣٧)، و«شرح مشكل الآثار» (٥٩٦٢).

١٩٣١ - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، حَدّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِي، حَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُوسَى
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا» (١).

٣٢ - بَابُ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَتزَوَّجُ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَتَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ
١٩٣٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِي، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ
عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ، فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟! لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف جُبارة بن المُغَلَّس.
وأخرجه أبو يعلى (٧٢٢٥) عن جُبارة بن المغفس، بهذا الإسناد.
وانظر الحديثين قبله.
(٢) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام.
وأخرجه البخاري (٢٦٣٩)، ومسلم (١٤٣٣)، والترمذي (١١٤٦)، والنسائي ٦/ ٩٣ و١٤٦ و١٤٦ - ١٤٧ و١٤٨ من طريق الزهري، به. وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٥٨).
وأخرجه بنحوه البخاري (٥٢٦١)، ومسلم (١٤٣٣)، والنسائي ٦/ ١٤٨ من طريق القاسم بن محمَّد، والبخاري (٥٨٢٥) من طريق عكرمة مولى ابن عباس، وأبو داود (٢٣٠٩)، والنسائي ٦/ ١٤٦ من طريق الأسود بن يزيد، ثلاثتهم عن عائشة. =

١٩٣٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ رَزِينٍ (١)، يُحَدِّثُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْمَرْأَةُ فَيُطَلِّقُهَا، فَيَتَزَوَّجُهَا رَجُلٌ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، أَتَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ؟ قَالَ: «لَا، حَتَّى يَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ» (٢).

٣٣ - بَابُ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ
١٩٣٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ عِكْرِمَةَ


= قوله: «عسيلته» المراد لذة الجماع، لا لذة إنزال الماء، لأن التصغير يقتضي الاكتفاء بالقليل، فيكتفى بلذة الجماع. قاله السندي.
(١) في (س) ومطبوعة محمَّد فؤاد عبد الباقي: «سمعت سَلم بن زرير»، وهو تحريف، والتصويب من (ذ) و(م) و«تحفة الأشراف» (٧٠٨٣).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سالم بن رَزين، وقد توبع.
وأخرجه النسائي ٦/ ١٤٨ - ١٤٩ من طريق محمَّد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وتحرف في المطبوع منه سالم بن رزين إلى: سلم بن زرير، وجاء على الصواب في «الكبرى» (٥٥٧٧)، و«التحفة» (٧٠٨٣).
وهو في «مسند أحمد» (٥٥٧١).
وأخرجه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (٤٩٦٦) عن عبد الله بن عمر بن محمَّد بن أبان مُشكُدانة، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر، وهذا إسناد صحيح.
وانظر ما قبله.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ (١).
١٩٣٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الْوَاسِطِي، حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ وَمُجَالِدٌ، عَنْ الشَّعْبِي، عَنْ الْحَارِثِ
عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ (٢).
١٩٣٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِي، حَدّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: قَالَ لِي أَبُو مُصْعَبٍ مِشْرَحُ بْنُ هَاعَانَ:
قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف زَمْعة بن صالح. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العَقَدي.
وقد صح الحديث عن عبد الله بن مسعود عند الترمذي (١١٤٨)، والنسائي ٦/ ١٤٩، وهو في»مسند أحمد«(٤٢٨٣) وإسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وانظر تالبيه.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف الحارث -وهو ابن عبد الله الأعور-، ومُجالد -وهو ابن سيد وإن كان ضعيفًا- تابعه عبد الله بن عون في هذا السند.
وأخرجه أبو داود (٢٠٧٦) و(٢٠٧٧)، والترمذي (١١٤٧) من طريق الشعبي، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد" (٦٣٥).
وأخرجه النسائي ٨/ ١٤٧ - ١٤٨ من طريق ابن عون، عن الشعبي، عن الحارث قال: لعن رسول الله ... إلخ مرسلًا.
وانظر ما قبله.

الْمُسْتَعَارِ؟» قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «هُوَ الْمُحَلِّلُ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» (١).


(١) صحيح لغيره دون قصة التيس المستعار، وهذا الحديث تفرد به مشرح بن هاعان عن عقبة، وهو فيما قاله ابن حبان في «المجروحين»: يروي عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يتابع عليها، والصواب في أمره ترك ما انفرد من الروايات، والاعتبار بما وافق الثقات. قلنا: قد وافق الثقات في شطر الحديث الثاني، وهو قصة اللعن. هذا إن قلنا بصحة الإسناد إلى مشرح هذا، فقد قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في «العلل» ١/ ٤٣٨: ما أُرى الليث سمعه من مشرح بن هاعان ومثله قال يحيى بن عبد الله بن بكير تلميذ الليث، فيما ذكره أبو زرعة- كما في «علل الرازي» ١/ ٤١١ - قال: ذكرت هذا الحديث ليحيى بن عبد الله بن بكير وأخبرته برواية عبد الله بن صالح وعثمان بن صالح، فانكر ذلك إنكارًا شديدًا، وقال: لم يسمع الليث من مشرح شيئًا، ولا روى عنه شيئًا، وإنما حدثني الليث بن سعد بهذا الحديث عن سليمان بن عبد الرحمن أن رسول الله ﷺ.
ثم قال أبو زرعة: والصواب عندي حديث يحيى -يعني ابن عبد الله بن بكير. قلنا: وقد تابع عثمان بن صالح: عبدُ الله بن صالح أبو صالح كاتب الليث، لكن قال البخاري: عبد الله بن صالح لم يكن أخرجه في أيامنا. قلنا: لعله عني بذلك أن عثمان بن صالح حدث عبد الله بن صالح به، فرجع مداره على عثمان بن صالح الذي وهم في إسناده وتصريحِهِ بسماع الليث له من مشرح، والله أعلم.
وأخرجه الحاكم ٢/ ١٩٨ - ١٩٩ من طريق يحيى بن عثمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي ٧/ ٢٠٨ من طريق محمَّد بن إسحاق الصَّغاني، عن عثمان بن صالح، به.
وأخرجه الدارقطني (٣٦١٨)، والطبراني ١٧/ (٨٢٥)، والحاكم ٢/ ١٩٩، والبيهقي ٧/ ٢٠٨ من طريق أبي صالح عند الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث ابن سعد، به.
وانظر ما سلف برقم (١٩٣٤). =

٣٤ - بَابٌ: يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ
١٩٣٧ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ الحَجَّاجٍ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» (١).


= قال ابن رشد في «بداية المجتهد» ٦/ ٥١١: وأما نكاح المحلل أعني الذي يقصد بنكاحه تحليل المطلقة ثلاثًا، فإن مالكًا قال: هو نكاح مفسوخ، وقال أبو حنيفة والشافعي: هو نكاح صحيح، وسبب اختلافِهم اختلافُهم في مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام: «لعن الله المحلل ...» الحديث فمن فهم من اللعن التأثيم فقط، فإن النكاح صحيح، ومن فهم من التأئيم فساد العقد تشبيها بالنهي الذي يدل على فساد المنهي عنه، قال: النكاح فاسد.
وهو عند الحنفية مكروه تحريمًا إذا تزوجها بشرط التحليل للحديث «لعن الله المحلل والمحلل له»، فإن طلقها بعدما وطئها، حلت للأول لوجود الدخول في نكاح صحيح، لأن النكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة. انظر «البناية» ٥/ ٤٨٠ - ٤٨٣.
(١) حديث صحيح، الحجاج -وهو ابن أرطاة-، وإن كان مدلسًا وقد عنعن قد توبع.
وأخرجه مسلم (١٤٤٥)، والنسائي ٦/ ٩٩ من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن عراك بن مالك، به.
وأخرجه بنحوه أبو داود (٢٠٥٥)، والترمذي (١١٨٠)، والنسائي ٦/ ٩٨ - ٩٩ من طريق سليمان بن يسار، عن عروة، عن عائشة. وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٧٠).
وأخرجه بنحوه البخاري (٢٦٤٦)، ومسلم (١٤٤٤)، والنسائي ٦/ ٩٩ و١٠٢ - ١٠٣ من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة. وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٧٠). =

١٩٣٨ - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا خَالِدُ ابْنُ الْحَارِثِ، حَدّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أُرِيدَ عَلَى ابنة حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: «إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» (١).
١٩٣٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أخبرنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ
أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: انْكِحْ أُخْتِي عَزَّةَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَتُحِبِّينَ ذَلِكِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ يا رسول الله، فَلَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَقُّ مَنْ شَرِكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِي» قَالَتْ: فَإِنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، قالَ: «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟!» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَإِنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا


= وبعضهم ذكر للحديث قصة، وهذه القصة ستأتي عند المصنف برقمي (١٩٤٨) و(١٩٤٩).
وأخرجه البخاري (٤٧٩٦) (٥٢٣٩)، ومسلم (١٤٤٥) من طريقين عن عروة، عن عائشة موقوفًا.
(١) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عَرُوبة.
وأخرجه البخاري (٢٦٤٥)، ومسلم (١٤٤٧)، والنسائي ٦/ ١٠٠ من طريق قتادة، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد" (١٩٥٢).

حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ أَخَوَاتِكُنَّ وَلَا بَنَاتِكُنَّ» (١).
١٩٣٩م - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ
عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، نَحْوَهُ (٢).

٣٥ - بَابٌ: لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ
١٩٤٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ
أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ، أَوْ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ» (٣).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٥١٠١)، ومسلم (١٤٤٩)، والنسائي ٦/ ٩٤ و٩٤ - ٩٥ و٩٦ من طريق عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه البخاري (٥١٢٣)، والنسائي ٦/ ٩٥ من طريق عراك بن مالك، عن زينب، به.
وأخرجه أبو داود (٢٠٥٦) من طريق عروة، عن زينب، عن أم سلمة أن أم حبيبة قالت: يا رسول الله .. إلخ فجعله من مسند أم سلمة.
قولها: «فلست بمخلية» أي: لست بمفردة بك ولا خالية من ضَرَّة. قاله السندي.
(٢) إسناده صحيح. وانظر ما قبله.
(٣) إسناده صحيح. أبو الخليل: هو صالح بن أبي مريم.
وأخرجه مسلم (١٤٥١)، والنسائي ٦/ ١٠٠ - ١٠١ من طريق أبى الخليل، بهذا الإسناد. =

١٩٤١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ، حَدّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ» (١).
١٩٤٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدّثَنَا أَبِي، حَدّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ ممَّا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ سَقَطَ: لا يُحَرِّمُ إِلا عَشْرُ رَضَعَاتٍ، أَوْ خَمْسٌ مَعْلُومَاتٌ (٢).


= وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨٧٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢٢٩)، و«شرح مشكل الآثار» (٤٥٦٢).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن خالد بن خداش، وقد توبع. ابن عُلَيّة: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقسم، وأيوب: هو السختياني، وابن أبي مُلَيكة: هو عَبد الله بن عُبيد الله بن عبد الله.
وأخرجه مسلم (١٤٥٠)، وأبو داود (٢٠٦٣)، والترمذي (١١٨٣)، والنسائي ٦/ ١٠١ من طريق أيوب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد (٢٤٠٢٦)، و»صحيح ابن حبان«(٤٢٢٨).
(٢) إسناده صحيح. عبد الرحمن بن القاسم: هو ابن محمَّد بن أبي بكر الصديق.
وأخرجه الطحاوي في»شرح مشكل الآثار«(٢٠٦٤) و(٤٥٦١ م) من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد، ولفظه: كان مما نزل من القرآن، ثم سقط: أن لا يحرم من الرضاع إلا عشر رضَعات، ثم نزل بعدُ: أو خمس رضَعات.
وأخرجه مالك في»الموطأ" ٢/ ٦٠٨، ومن طريقه مسلم (١٤٥٢) (٢٤)، وأبو داود (٢٠٦٢)، والترمذي (١١٨٤)، والنسائي ٦/ ١٠٠، والطحاوي (٢٠٦٣) و(٤٥٦٦) عن عند الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عند الرحمن، عن عائشة أنها قالت: كان مما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يُحرمن، ثم نُسِخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله ﷺ وهن فيما يقرأ من القرآن. =

٣٦ - بَابُ رِضَاعِ الْكَبِيرِ
١٩٤٣ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ


= وأخرجه مسلم (١٤٥٢)، والطحاوي (٢٠٦٥) و(٢٠٦٦) و(٤٥٦٧) و(٤٥٦٨) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة، بنحو لفظ القاسم بن محمَّد، دون ذكر قول عائشة الذي سلف في رواية مالك عن عبد الله بن أبي بكر.
قولها: «ثم سقط» أي: نُسخ.
وقال مالك بإثر الحديث في «الموطأ»: وليس العمل على هذا. وقال الزرقاني في «شرح الموطأ» ٣/ ٣٤٩: بل هو على التحريم ولو مصةً وصلت إلى الجوف عملًا بظاهر القرآن وأحاديث الرضاع، وبهذا قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة وعلماء الأمصار (ومنهم الإمام البخاري كما في «الفتح» ٩/ ١٦٤) حتى قال الليث بن سعد: أجمع المسلمون على أن قليل الرضاع وكثيره يُحرِّم في المهد ما يفطر الصائم، حكاه في «التمهيد» ٨/ ٢٦٨، ومن المقرر أنه إذا كان علماء الصحابة وأئمة الأمصار وجهابذة المحدثين قد تركوا العمل بحديث مع روايتهم له ومعرفتهم به كهذا الحديث، فإنما تركوه لعلة كنسخ، أو معارضي يوجِبُ تركه، فيرجع إلى ظاهر القرآن والأخبار المطلقة وإلى قاعدة هي أصل في الشريعة، وهي أنه متى حصل اشتباه في قصة كان الاحتياط فيها أبرأ للذمة، وأنه متى تعارض مانع ومبيح قُدم المانع لأنه أحوط.
وقال صاحب «المغني»١١/ ٣١٠: الذي يتعلق به التحريم خمس رضعات فصاعدًا، هذا الصحيح في المذهب، وروي هذا عن عائشة وابن مسعود وابن الزبير وعطاء وطاووس، وهو قول الشافعي.
وعند أحمد رواية ثانية أن قليل الرضاع وكثيره يحرم. ورواية ثالثة: لا يثبت التحريم إلا بثلاث رضعات. وبه قال أبو ثور، وأبو عبيد وداود وابن المنذر.
وانظر لزاما «شرح مشكل الآثار» للإمام الطحاوي ٥/ ٣١١ - ٣١٥، و«المنتقى» لأبي الوليد الباجي ٤/ ١٥٦.

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يا رسول الله إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ الْكَرَاهِيَةَ مِنْ
دُخُولِ سَالِمٍ عَلَيَّ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:«أَرْضِعِيهِ» قَالَتْ: كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ؟ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ» فَفَعَلَتْ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ شَيْئًا أَكْرَهُهُ بَعْدُ. وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا (١).


(١) حديث صحيح، هشام بن عمار متابع.
وأخرجه مسلم (١٤٥٣)، والنسائي ٦/ ١٠٤ - ١٠٥ و١٠٥ و١٠٥ - ١٠٦ من طريق القاسم، عن عائشة. وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٠٨)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢١٣).
وأخرجه بنحوه البخاري (٤٠٠٠) و(٥٠٨٨)، وأبو داود (٢٠٦١)، والنسائي ٣/ ١٠٦ من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة. وهو في «مسند أحمد» (٢٦٣٣٠).
وجمهور أهل العلم سلفا وخلفا على أن الرضاع الذي يتعلق به التحريم ما كان قبل الفطام في زمن الارتضاع المعتاد، وهو ما كان في الحولين، ولا يُحرِّم ما كان بعدهما.
وقد نقل ابن القيم في «زاد المعاد» ٥/ ٥٧٨ عن طائفة من السلف والخلف أن رضاع الكبير يُحرِّم، ولو أنه شيخ، ونسبه إلى عائشة وعلي وعروة بن الزبير وعطاء ابن أبي رباح والليث بن سعد وابن حزم ...
ثم قال ٥/ ٥٩٣: المسلك الثالث: وهو أن حديث سهلة ليس بمنسوخ ولا مخصوص ولا عام في كل أحد، إنما هو رخصة للحاجة لمن لا يستغني عن دخوله على المرأة ويشق احتجابها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثر رضاعه، وأما مَن عداه فلا يؤثر إلا رضاع الصغير، وهذا مسلك شخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، والأحاديث النافية للرضاع في الكبير إما مطلقة فتقيد بحديث سهلة، أو عامة في الأحوال فتخصَّص هذه الحال من عمومها، وهذا أولى من النسخ ودعوى التخصيص بشخص بعينه، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين، وقواعد الشرع تشهد له.

١٩٤٤ - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ نَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ وَرَضَاعَةُ الْكَبِيرِ عَشْرًا، وَلَقَدْ كَانَ فِي صَحِيفَةٍ تَحْتَ سَرِيرِي، فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَتَشَاغَلْنَا بِمَوْتِهِ، دَخَلَ دَاجِنٌ فَأَكَلَهَا (١).

٣٧ - بَابٌ لا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ
١٩٤٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ.
عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» قَالَتْ: هَذَا أَخِي. قَالَ: «انْظُرُوا مَنْ تُدْخِلْنَ عَلَيْكُنَّ، فَإِنَّ الرَّضَاعَةَ مِنْ الْمَجَاعَةِ» (٢).


(١) لا يصح، تفرد به محمَّد بن إسحاق -وهو المطلبي- وفي متنه نكارة. عبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمَّد بن عمرو بن حزم.
وأخرجه أحمد (٢٦٣١٦)، وأبو يعلى (٤٥٨٧)، والطبراني في «الأوسط» (٧٨٠٥)، والدارقطني (٤٣٧٦) من طريق محمَّد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى (٤٥٨٨)، والطبراني في «الأوسط» (٧٨٠٥)، والدراقطنى (٤٣٧٦) من طريق ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، به.
والحديث رواه غير ابن إسحاق عن عبد الله بن أبى بكر عن عمرة عن عائشة بلفظ آخر، انظره مع تخريجه عند الحديث السالف برقم (١٩٤٢).
(٢) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (٢٦٤٧) و(٥١٠٢)، ومسلم (١٤٥٥)، وأبو داود (٢٠٥٨)، والنسائي ٦/ ١٠٢ من طريق أشعث، بهذا الإسناد. =

١٩٤٦ - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لا رَضَاعَ إِلا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ» (١).
١٩٤٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِي، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَعُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ


= وهو في «المسند» (٢٤٦٣٢).
قوله: «فإن الرضاعة من المجاعة» قال الحافظ في «الفتح» ٩/ ١٤٨: فيه تعليل الباعث على إمعان النظر والفكر، لأن الرضاعة تُثبت النسب، وتجعل الرضيع محرمًا، وقوله: «من المجاعة» أي: الرضاعة التي تثبت بها الحرمة، وتحل بها الخلوة هي حيث يكون الرضيع طفلأ لسد اللبن جوعته، لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن، وينبت بذلك لحمه فيصير كجزء من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها فكأنه قال: لا رضاعة معتبرة إلا المغنية عن المجاعة، أو المطعمة من المجاعة.
(١) صحيح من حديث أم سلمة، وهذا إسناد ضعيف أخطأ فيه ابن لهيعة، والصحيح في هذا الحديث أنه من رواية هشام بن عروة، عن زوجه فاطمة بنت المنذر، عن أم سلمة. وقد روى هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله ﷺ قال: «لا تحرم المصة والمصتان» وهو الصحيح عن عبد الله بن الزبير، وصححه ابن المديني في «العلل» ص ٨٣.
وأخرج حديث أم سلمة الترمذي (١١٨٦)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٤١) من طريق أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، عن هشام بن عروة، عن زوجته فاطمة، عنها بلفظ: «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفِطام». وهو عند ابن حبان في «صحيحه» (٤٢٢٤).
وأما حديث ابن الزبير الصحيح فأخرجه أحمد في «مسنده» (١٦١١٠)، والنسائي ٦/ ١٠٠، وغيرهما. وانظر تمام تخريجه في «المسند».

أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ ﷺ كُلَّهُنَّ خَالَفْنَ عَائِشَةَ، وَأَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ أَحَدٌ بِمِثْلِ رَضَاعَةِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَقُلْنَ: وَمَا يُدْرِينَا؟ لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَتْ رُخْصَةً لِسَالِمٍ وَحْدَهُ (١).

٣٨ - بَابُ لَبَنِ الْفَحْلِ
١٩٤٨ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَتَانِي عَمِّي مِنْ الرَّضَاعَةِ، أَفْلَحُ بْنُ أَبِي قُعَيْسٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «إِنَّهُ عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ» فقُلْتُ: إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ. قَالَ: «تَرِبَتْ يَدَاكِ» أَوْ «يَمِينُكِ» (٢).


(١) حديث صحيح لكن عن زينب بنت أبي سلمة، عن أمها أم سلمة كما سيأتي. وعبد الله بن لهيعة سييء الحفظ.
وأخرجه مسلم (١٤٥٤)، والنسائي ٦/ ١٠٦ من طريق الليث بن سعد، عن عُقيل بن خالد الأيلي، عن ابن شهاب، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة، أن أمه زينب بنت أبي سلمة أخبرته، أن أمها أمَّ سلمة زوج النبي- ﷺ كانت تقول ... إلخ.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٤٦٠) من طريق الليث بن سعد.
وأخرجه ضمن حديث مطول أبو داود (٢٠٦١) من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة. وأصله في البخاري (٤٠٠٠).
وانظر ما سلف برقم (١٩٤٣).
وانظر لزامًا في مسألة رضاع الكبير وأنه يُحرِّم «زاد المعاد» ٥/ ٥٧٨ - ٥٩٣.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٦٤٤) و(٤٧٩٦)، ومسلم (١٤٤٥)، وأبو داود (٢٠٥٧)، والترمذي (١١٨١)، والنسائي ٦/ ٩٩ و١٠٣و١٠٤ من طريق عروة، عن عائشة. =

١٩٤٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَ عَمِّي مِنْ الرَّضَاعَةِ يَسْتَأْذِنُ عَلَي، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ عَمُّكِ» فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ. قَالَ: «إِنَّه ُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ» (١).

٣٩ - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ
١٩٥٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِي، عَنْ أَبِي خِرَاشٍ الرُّعَيْنِي
عَنْ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعِنْدِي أُخْتَانِ تَزَوَّجْتُهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ: «إِذَا رَجَعْتَ فَطَلِّقْ إِحْدَاهُمَا» (٢).


= وهو في «المسند» (٢٤٠٥٤)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢١٩).
وانظر ما بعده.
وقوله: «تَرِبَتْ يداك» قال في «النهاية»: تَرِبَ الرجل: إذا افتقر، أي: لصق بالتراب، وأترب: إذا استغنى، وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يُريدون بها الدعاءَ على المخاطب، ولا وقوع الأمر به، كما يقولون: قاتله الله، وقيل: معناها: لله درُّك، وقيل: أراد به المثل ليرَى المأمورُ بذلك الجدَّ، وأنه إن خالفه، فقد أساء.
(١) إسناده صحيح.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده ضعيف، إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة متروك الحديث، وقد اضطرب في إسناده كما هو مبيّن في «مسند أحمد» (١٨٠٤٠)، وأبو خراش مجهول، لكن روي الحديث بإسناد حسن وهو الحديث الآتي بعد هذا. =

١٩٥١ - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ الضَّحَّاكَ بْنَ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ يُحَدِّثُ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: يا رسول الله، إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِي: «طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ» (١).

٤٠ - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ
١٩٥٢ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِي، حَدّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُمَيْضَةَ بِنْتِ الشَّمَرْدَلِ
عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَانِ نِسْوَةٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا» (٢).


= وأخرجه الشافعي في «مسنده» ٢/ ١٦، و٤/ ٣١٧، وعبد الرزاق (١٢٦٢٧)، والدارقطني (٣٦٩٨)، والطبراني ١٨/ (٨٤٤)، والبيهقي ٧/ ١٨٤ - ١٨٥ من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة بهذا الإسناد.
(١) إسناده حسن، الضحاك بن فيروز الديلمي روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات» ٤/ ٣٨٧، وكذلك أبو وهب الجيشاني - روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات» ٦/ ٢٩١، وابن لهيعة رواية ابن وهب عنه حسنة عند أهل العلم، ثم هو متابع.
وأخرجه الترمذي (١١٥٩) عن قتيبة بن سعيد، عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد، وقال: حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٠٤٠) من طريق ابن لهيعة.
وأخرجه أبو داود (٢٢٤٣)، والترمذي (١١٦٠) من طريق وهب بن جرير بن حازم، عن أبيه، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي وهب، به، وهذا إسناد صحيح إلى أبي وهب الجيشاني. وهو في «صحيح ابن حبان» (٤١٥٥).
(٢) حديث حسن. ابن أبي ليلى -وهو محمَّد بن عبد الرحمن، وإن كان سيئ الحفظ- قد توبع، وكذا حُميضة بنت الشمردل -بالدال المهملة، وبعضهم ضبطها =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بالذال المعجمة، وقال الأكثرون: ابن الشمَردل، فجعلوه رجلًا، وهو الصحيح- متابع. وقد حسّن الحافظ ابن كثير إسناد هذا الحديث في «تفسيره» ٢/ ١٨٤، وقد اختلف في اسم صحابيه: فبعضهم يسميه: قيس بن الحارث، وبعضهم يسميه: الحارث بن قيس.
وأخرجه سعيد بن منصور (١٨٦٣)، وأبو داود (٢٢٤١)، وأبو يعلى (٦٨٧٢)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ٢٥٥، والعقيلي في «الضعفاء» ١/ ٢٩٩، وابن قانع في «معجم الصحابة» ١/ ١٧٥، والطبراني في «الكبير» ١٨/ (٩٢٢)، والدارقطني (٣٦٩٠)، والبيهقي ٧/ ١٤٩ و١٨٣، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٢/ ٥٦ من طريق هُشيم بن بشير، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٦/ ٦٠، وابن أبي شيبة ٤/ ٣١٨، وأبو داود (٢٢٤٢)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٠٥٤)، والبيهقي ٧/ ١٨٣، وابن عبد البر ١٢/ ٥٦ و٥٨ من طريق عيسى بن المختار، وأبو بكر الإسماعيلي في «معجمه» ١/ ٤٤٦، والطبراني في «الأوسط» (٤٠٥٩) من طريق المختار بن فلفل، كلاهما عن ابن أبي ليلى، به.
وأخرجه سعيد بن منصور (١٨٦٥)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٧٣٧)، وأبو يعلى (٦٨٧٤)، والطبراني ١٨/ (٩٢٣)، والدارقطني (٣٦٩٠)، وابن عبد البر ١٢/ ٥٧ من طريق محمَّد بن السائب الكلبي، عن حميضة بن الشمردل، عن قيس بن الحارث -وعند بعضهم: الحارث بن قيس- والكلبي متروك.
وأخرجه عبد الرزاق (١٢٦٢٤) عن معمر، عن الكلبي، عن رجل، عن قيس ابن الحارث.
وأخرجه ابن قانع ١/ ١٧٥ من طريق هشيم، عن الكلبي، عن أبي صالح باذام، عن ابن عباس، عن الحارث بن قيس.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٢/ ٢٦٢، وابن قانع ١/ ١٧٥ من طريق أبي عوانة، عن مغيرة بن مقسم الضبي، عن قيس بن عبد الله بن الحارث -وعند ابن قانع: الربيع بن الحارث بن قيس- قال: أسلم جدي ... فذكره بنحوه.

١٩٥٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ سَالِمٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَسْلَمَ غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «خُذْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا» (١).


= وأخرجه سعيد بن منصور (١٨٦٤)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ٢٥٥، وابن قانع ١/ ١٧٥، والدارقطني (٣٦٩٢) و(٣٦٩٣) من طريق هشيم بن بشير، أخبرنا مغيرة بن مقسم الضبي، عن بعفى ولد الحارث بن قيس -وقال بعضهم: عن رجل من ولد الحارث، وسماه بعضهم: الربيع بن قيس-: أن الحارث أسلم فذكره بنحوه.
وأخرجه أبو يعلى (٦٨٧٣) من طريق عبد الله بن إدريس، عن محمَّد بن إسحاق قال: قدم وفد بني تميم على رسول الله ﷺ فيهم قيس بن الحارث، ورجاله ثقات، لكنه معضل.
قال ابن عبد البر: الأحاديث المروية في هذا الباب كلها معلولة، وليست أسانيدها بالقوية، ولكنها لم يرو شيء يُخالفها عن النبي ﷺ، والأصولُ تعضدها، والقولُ بها، والمصيرُ إليها أولى، وبالله التوفيق.
وانظر ما بعده.
(١) حديث صحيح بطرقه وشواهده وبعمل الأئمة المتبوعين به.
وأخرجه الترمذي (١١٥٨) من طريق معمر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٠٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٥٦). وانظر تمام الكلام عليه في «المسند».
وقد ذكر ابن القطان في «الوهم والإيهام» ٣/ ٥٠٠: أن حديث الزهري عن سالم، عن أبيه من رواية معمر في قصة غيلان صحيح، ولم يعتل عليه من ضعفه بأكثر من الاختلاف على الزهري. وغيلان بن سلمة هذا يُعَد مِن أشراف ثقيف، أسلم بعد فتح الطائف هو وأولاده، وكان شاعرًا، أحد حُكام قيس في الجاهلية، له ترجمة في «طبقات ابن سعد» ٥/ ٣٧١.

٤١ - بَابُ الشَّرْطِ فِي النِّكَاحِ
١٩٥٤ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ أَحَقَّ الشَّرْطِ أَنْ يُوفَى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» (١).
١٩٥٥ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا كَانَ مِنْ صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ هِبَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا، وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ أَوْ حُبِيه، وَأَحَقُّ مَا يُكْرَمُ الرَّجُلُ بِهِ، ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه البخاري (٢٧٢١)، ومسلم (١٤١٨)، وأبو داود (٢١٣٩)، والترمذي (١١٥٦) و(١١٥٧)، والنسائي ٦/ ٩٢ - ٩٣ و٩٣ من طريق يزيد بن أبي حبيب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٣٠٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٩٢).
(٢) إسناده حسن. ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- قد صرح بالتحديث عند النسائي والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» فانتفت شبهة تدليسه. أبو خالد: هو سليمان بن حيان الأحمر.
وأخرجه أبو داود (٢١٢٩)، والنسائي ٦/ ١٢٠ من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد.
وهو في «المسند» (٦٧٠٩)، و«شرح مشكل الآثار» (٤٤٧١)، وتضعيف الشيخ ناصر الألباني رحمه الله للحديث في «ضعيفته» بعنعنة ابن جريج لا شيء. =

٤٢ - بَابُ الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا
١٩٥٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَي، عَنْ الشَّعْبِي، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ فَلَهُ أَجْرَانِ».
قَالَ صَالِحٌ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: قَدْ أَعْطَيْتُكَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، إِنْ كَانَ الرَّاكِبُ لَيَرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى الْمَدِينَةِ (١).


= وأما معنى الحديث، فقد قال الإمام الطحاوي: المرأة المخطوبة قد يُحبى وليها، أو يوعد بشيءٍ ليكون عونا للخاطب على ما يحاوله من التزويج الذي يلتمس، فلا يطيبُ لوليها ما حُبي ولا ما وعد به في ذلك التزويج الملتمس منه، فكان أولى بذلك منه المرأة المطلوب تزويجها ... وأما ما كان من ذلك بعد عصمة النكاح، فهو لمن أعصمه، لأنه قد صار له سبب يجب أن يكون عليه كما قيل في هذا الحديث: «وأحق ما يُكرم الرجل به ابنته أو أخته» فلما استحق الإكرام كان ما أكرم به لذلك طيبًا له.
وانظر «المغني» ١٠/ ١١٨ - ١١٩.
(١) إسناده صحيح. أبو بُردة: هو ابن أبي موسى الأشعري.
وأخرجه البخاري (٩٧)، ومسلم (١٥٤)، وبإثر الحديث (١٤٢٧) (٨٦)، وأبو داود (٢٠٥٣)، والترمذي (١١٤٣) و(١١٤٤)، والنسائي ٦/ ١١٥ من طريق الشعبي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥٣٢)، واقتصر مسلم في الموضع الثاني وأبو داود والنسائي في أحد موضعيه على شاهد الباب من الحديث.

١٩٥٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدّثَنَا ثَابِتٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِي، ثُمَّ صَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدُ، فَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.
قَالَ حَمَّادٌ: فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لِثَابِتٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسًا مَا أَمْهَرَهَا؟ قَالَ: أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا (١).
١٩٥٨ - حَدَّثَنَا حُبَيْشُ بْنُ مُبَشِّرٍ، حَدّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ


(١) إسناده صحيح. ثابت: هو أسلم البناني، وعبد العزيز: هو ابن صهيب.
وأخرجه مطولًا البخاري (٩٤٧)، ومسلم (١٣٦٥) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٢٢٨) من طريق حماد بن زيد، عن ثابت وحده، به.
وأخرجه النسائي ٦/ ١١٤ من طريق عن ثابت وشعيب بن الحبحاب، و٦/ ١١٤ - ١١٥ من طريق شعيب وحده، كلاهما عن أنس.
وأخرجه أبو داود (٢٠٥٤)، والنسائي ٦/ ١١٤ من طريق قتادة وعبد العزيز، و(٢٩٩٨) من طريق عبد العزيز وحده، كلاهما عن أنس. ورواية أبي داود (٢٩٩٨) مطولة.
وهو في «المسند» (١١٩٥٧)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٦٣) و(٤٠٩١).
وقوله: «صارت صفية لدحية الكلبي، ثم صارت لرسول الله ﷺ بعد».
في رواية البخاري أن رسول الله ﷺ حين جمع السبي في غزوة خيبر، جاءه دحية، فقال: يا نبي الله أعطني جارية من السبي، قال: فاذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي ﷺ، فقال: يا نبي الله أعطيت دِحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير! لا تصلح إلا لك، قال: «ادعوه بها» فجاء بها، فلما نظر إليها النبي ﷺ، قال: «خذ جارية من السبي غيرها» قال: فأعتقها النبي ﷺ وتزوجها.

عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَتَزَوَّجَهَا (١).

٤٣ - بَابُ تَزْوِيجِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ
١٩٥٩ - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، كَانَ عَاهِرًا» (٢).


(١) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وعكرمة قد سمع من عائشة، وروايته عنها في «صحيح البخاري» برقم (٣٠٩) و(٣١٠) و(٣١١).
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٢١٢٠) و(٥٦٣٨)، والدارقطني والخطيب في «تاريخ بغداد» ٨/ ٢٧٢، والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة حبيش بن مبشر ٥/ ٤١٦ - ٤١٧ من طريق يونس بن محمَّد المؤذب، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن محمَّد بن عقيل، وانفرد القاسم بن عبد الواحد عنه فجعله من حديث ابن عمر، والقاسم لم يوثقه غير ابن حبان، والمحفوظ فيه عن ابن عقيل أنه من حديث جابر كما سيأتي.
وأخرجه الترمذي في «العلل الكبير» ١/ ٤٣٤ عن أزهر بن مروان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (٢٠٧٩) من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: «إذا نكح العبد بغير إذن مولاه، فنكاحه باطل» وإسناده ضعيف لضعف العمري، وهو وإن تابعه موسى بن عقبة في الحديث التالي عند المصنف إلا أن في الإسناد إليه مندل بن علي الفهري، وهو ضعيف أيضًا، وفيه عنعنة ابن جريج. والصحيح فيه أنه عن ابن عمر موقوفًا، فقد أخرجه عبد الرزاق (١٢٩٨١)، وابن أبي شيبة ٤/ ٢٦١ - ٢٦٢ من طريق سعيد بن أبي عروبة كلاهما عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أنه وجد عبدًا له تزوج بغير إذنه، ففرّق بينهما، وأبطل صداقه، وضربه حدًا. وهذا إسناد صحيح. =

١٩٦٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدّثَنَا مَنْدَلٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَهُوَ زَانٍ» (١).

٤٤ - بَابُ النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ
١٩٦١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِي، عَنْ أَبِيهِمَا
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ (٢).
١٩٦٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ


= وأما حديث جابر فأخرجه أبو داود (٢٠٧٨)، والترمذي (١١٣٧) و(١١٣٨) من طرق عن عبد الله بن عقيل، عن جابر مرفوعًا. وابن عقيل ضعيف كما ذكرنا. وهو في «مسند أحمد» (١٤٢١٢).
(١) إسناده ضعيف لضعف مَنْدَل -وهو ابن علي الفهري.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٤٢١٦)، ومسلم (١٤٠٧)، والترمذي (١١٤٩) و(١٨٩٧)، والنسائي ٦/ ١٢٥ - ١٢٦ و١٢٦ و٢٠٢/ ٧ و٢٠٢ - ٢٠٣ من طريق الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٥٩٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٤٠) و(٤١٤٣)، وانظر لزامًا «زاد المعاد» ٣/ ٤٠٠ و٥/ ١١١ بتحقيقنا.

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْعُزْبَةَ قَدْ اشْتَدَّتْ عَلَيْنَا، قَالَ: «فَاسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ». فَأَتَيْنَاهُنَّ فَأَبَيْنَ أَنْ يَنْكِحْنَنَا إِلَّا أَنْ نَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُنَّ أَجَلًا، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ أَجَلًا»، فَخَرَجْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي، مَعَهُ بُرْدٌ وَمَعِي بُرْدٌ، وَبُرْدُهُ أَجْوَدُ مِنْ بُرْدِي، وَأَنَا أَشَبُّ مِنْهُ، فَأَتَيْنَا عَلَى امْرَأَةٍ، فَقَالَتْ: بُرْدٌ كَبُرْدٍ، فَتَزَوَّجْتُهَا فَمَكَثْتُ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ غَدَوْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، وَهُوَ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ» إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخْلِ سَبِيلَهَا، وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا«(١).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٤٠٦)، والنسائي ٦/ ١٢٦ - ١٢٧ من طريق الربيع بن سبرة، عن أبيه.
وأخرجه مختصرًا بذكر النهي عن المتعة مسلم (١٤٠٦) (٢٤) - (٢٦)، وأبو داود (٢٠٧٢) و(٢٠٧٣) من طريق الزهري، عن الربيع، به.
وهو في»مسند أحمد«(١٥٣٣٧)، و»صحيح ابن حبان«(٤١٤٤) و(٤١٤٦).
فائدة: اختلف على الربيع بن سبرة في تعيين وقت التحريم، فروي عنه في حجة الوداع، وروي عنه عام فتح مكة.
قال الحافظ في»التلخيص" ٢/ ١٥٦: ويجاب عنه بجوابين: أحدهما: أن المراد بذكر ذلك في حجة الوداع إشاعة النهي والتحريم لكثرة من حضرها من الخلائق. والثاني: احتمال أن يكون انتقل ذهن أحد رواته من فتح مكة إلى حجة الوداع، لأن أكثر الرواة عن سبرة أن ذلك في الفتح.

١٩٦٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِي، حَدّثَنَا الْفِرْيَابِي، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا، ثُمَّ حَرَّمَهَا، وَاللَّه ِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَتَمَتَّعُ وَهُوَ مُحْصَنٌ إِلَّا رَجَمْتُهُ بِالْحِجَارَةِ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَنِي بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَحَلَّهَا بَعْدَ إِذْ حَرَّمَهَا (١).

٤٥ - بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ
١٩٦٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنْ النَّبِيَّ ﷺ نَكَحَ وَهُوَ مُحْرِمٍ (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا سند حسن من أجل أبان بن أبي حازم. أبو بكر بن حفص هو عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص.
وأخرجه بنحوه مسلم (١٢١٧) من طريق أبي نضرة عن جابر بن عبد الله قال: فلما قام عمر قال: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء، وإن القرآن قد نزل منازله ...، وأبِتُّوا نكاحَ هذه النساء، فلن أُوتَى برجل نكح امرأةَ إلى أجلٍ، إلا رجمتُه بالحجارة.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (١٨٣٧)، ومسلم (١٤١٠)، وأبو داود (١٨٤٤)، والترمذي (٨٥٨) و(٨٥٩) و(٨٦٠)، والنسائي ٥/ ١٩١ و٦/ ٨٧ - ٨٨ من طريق عمرو بن دينار، بهذا الإسناد. وعند الجميع أن التي تزوجها ﷺ هي ميمونة.
وهو في «مسند أحمد» (١٩١٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٣٣).
وأخرجه البخاري (١٨٣٧) و(٤٢٥٨)، وأبو داود (١٨٤٤)، والترمذي (٨٥٨) و(٨٥٩)، والنسائي ٥/ ١٩١ و١٩٢ و٦/ ٨٧ و٨٨ من طرق عن ابن عباس. =

١٩٦٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدّثَنَا أَبُو فَزَارَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ.
حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ.


= وفي الباب عن عائشة عند البزار (١٤٤٣ - كشف الأستار)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٢/ ٢٦٩، وابن حبان (٤١٣٢)، والبيهقي ٧/ ٢١٢ وإسناده صحيح. ولفظه: تزوج رسول الله ﷺ بعض نسائه وهو محرم، واحتجم وهو محرم.
قال الحافظ في «الفتح» ٩/ ١٦٦: وأكثر ما أعل بالإرسال، وليس ذلك بقادح فيه.
وعن أبي هريرة عند الدارقطني ٣/ ٢٦٣ وإسناده حسن في الشواهد.
قال البغوي في «شرح السنة» ٧/ ٢٥١ - ٢٥٢: والأكثرون على أنه تزوجها حلالًا، فظهر أمر تزويجها وهو محرم، ثم بني بها وهو حلال بسَرِف في طريق مكة.
وقال الحافظ في «الفتح» ٤/ ٥٢: واختلف العلماءُ في هذه المسألة، فالجمهور على المنع لحديث عثمان: «لا ينكح المحرم ولا ينكح» أخرجه مسلم [(١٤٠٩)] وأجابوا عن حديث ميمونة بأنه اختلف في الواقعة كيف كانت، ولا تقوم بها الحجة، ولأنها تحتمل الخصوصية، فكان الحديث في النهي عن ذلك أولى بأن يؤخذ به، وقال عطاء وعكرمة وأهل الكوفة: يجوز للمحرم أن يتزوج كما يجوز له أن يشتري الجارية للوطء. وتعقب بأنه قياس في معارضة السنة فلا يعتبر به، وأما تاويلهم حديث عثمان بأن المراد به الوطء فمتعقبٌ بالتصريح فيه بقوله: «ولا يُنكِح، بضم أوله، وبقوله:»ولا يَخطُب«.
وقال ابن عبد البر في»التمهيد" ٣/ ١٥٢: والرواية أن رسول الله ﷺ تزوج ميمونة وهو حلال متواترة عن ميمونة بعينها، وعن أبي رافع مولى النبي ﷺ، وعن سليمان بن يسار مولاها، وعن يزيد بن الأصم وهو ابن أختها، وهو قول سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وأبي بكر بن عبد الرحمن وابن شهاب وجمهور علماء المدينة: أن رسول الله ﷺ لم ينكح ميمونة إلا وهو حلال قبل أن يحرم، وما أعلم أحدًا روى من الصحابة أن رسول الله نكح ميمونة وهو محرم إلا عبد الله بن عباس، ورواية من ذكر معارضة لروايته، والقلب إلى رواية الجماعة أميل، لأن الواحد أقرب إلى الغلط ...

قَالَ: وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ (١).
١٩٦٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نَبِيهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكِحُ وَلَا يَخْطُبُ» (٢).

٤٦ - بَابُ الْأَكْفَاءِ
١٩٦٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ [بْنُ عبد الله] بن سَابُورَ (٣) الرَّقِّي، حَدّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ ابْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْصَارِيُّ أَخُو فُلَيْحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ ابْنِ وَثِيمَةَ النَّصْرِيِّ (٤)


(١) إسناده صحيح. أبو فَزارة: هو راشد بن كَيسان العبسي الكوفي.
وأخرجه مسلم (١٤١١)، وأبو داود (١٨٤٣)، والترمذي (٨٦٠)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٨٣) من طريق يزيد بن الأصم، عن ميمونة.
وفي رواية الترمذي والنسائي قالت: إن رسول الله ﷺ تزوجها وهو حلال،
وبنى بها حلالًا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨١٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٣٤).
وأخرجه مرسلًا النسائي (٥٣٨٤) من طريق شعبة، عن الحكم، عن يزيد بن الأصم قال: ما تزوج رسولُ الله ﷺ ميمونة وهو محرم.
(٢) إسناده صحيح. وهو في «موطأ مالك» ١/ ٣٤٨ - ٣٤٩.
وأخرجه مسلم (١٤٠٩)، وأبو داود (١٨٤١) و(١٨٤٢)، والترمذي (٨٥٦)، والنسائي ٥/ ١٩٢ و٦/ ٨٨ و٨٨ - ٨٩ من طريق نبيه بن وهب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٠١)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٢٣).
(٣) تصحف في أصولنا الخطية إلى: شابور، بالشين المعجمة، وما بين الحاصرتين زيادة من «التحفة» (١٥٤٨٥)، ولا بد منها.
(٤) تصحف في (ذ) و(س) إلى: البصري، بالباء.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوه تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» (١).
١٩٦٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عِمْرَانَ الْجَعْفَرِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الحميد بن سليمان: وهو الخُزاعي. ابن وثيمة النصري: هو زُفَر، وقد خالف عبدَ الحميد الليثُ بن سعد عند أبي داود في «المراسيل» (٢٢٥)، وعبد العزيز بن محمَّد الدراوردي عند سعيد ابن منصور (٥٩٠) فروياه عن ابن عجلان، عن عبد الله بن هرمز اليماني مرسلًا، ونقل الترمذي عن البخاري قوله: وهو أشبه، ولم يعدّ حديث عبد الحميد محفوظًا.
وأخرجه الترمذي (١١٠٩)، وابن حبان في «المجروحين» ٢/ ١٤١ - ١٤٢، والحاكم ٢/ ١٦٤ - ١٦٥، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» ١١/ ٦١، والمزي في ترجمة زفر بن وثيمة من «تهذيب الكمال» ٩/ ٣٥٥ من طريق عبد الحميد بن سليمان، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديث أبي حاتم المزني عند أبي داود في «المراسيل» (٢٢٤)، والترمذي (١٠٨٥) وغيرهما، وقال الترمذي: حسن غريب، وأبو حاتم المزني له صحبة، ولا نعرف له عن النبي ﷺ غير هذا الحديث. قلنا: كذا قال مع أن في إسناده عبد الله بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف، وسعيد ومحمد ابني عبيد مجهولان، إلا أنه يتقوى بحديثنا ويقويه.
وأخرج عبد الرزاق (١٠٣٢٥) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، قال: قال رسول الله ﷺ: ... الحديث وهو مرسل رجاله ثقات.
وفي الباب عن عائشة عند البخاري (٥٠٨٨) أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكان ممن شهد بدرًا مع النبي ﷺ تبنَّى سالما وأنكحه ابنة أخيه الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى امرأة من الأنصار.

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ» (١).


(١) حديث حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف الحارث بن عمران الجعفري وقد توبع كما سيأتي. وقد حسنه الحافظ في «التلخيص» ٣/ ١٤٦، وفي «الفتح» ٩/ ١٢٥.
وأخرجه ابن أبي حاتم في «العلل» ١/ ٤٠٣ و٤٠٤، وابن حبان في «المجروحين» ١/ ٢٢٥، وابن عدي في ترجمة الحارث بن عمران من «الكامل» ٢/ ٦١٤، والدارقطني (٣٧٨٨)، والحاكم ٢/ ١٦٣، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٦٦٧)، والبيهقي ٧/ ١٣٣، والخطب البغدادي في «تاريخ بغداد» ١/ ٢٦٤، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١٠٠٩) من طريق الحارث بن عمران الجعفري، وابن أبي الدنيا في «العيال» (١٣٠)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٥/ ورقة ٢٤١ - ٢٤٢ من طريق الحكم بن هشام الثقفي، وابن أبي الدنيا (١٣١)، والحاكم ٢/ ١٦٣، والبيهقي ٧/ ١٣٣ من طريق عكرمة ابن إبراهيم الأزدي، والدارقطني (٣٧٨٦)، وابن الجوزي في «العلل» (١٠١٠) من طريق صالح بن موسى، وأخرجه الدارقطني (٣٧٨٧)، وابن الجوزي (١٠١١) من طريق أبي أمية بن يعلى الثقفي -واسمه إسماعيل-، وابن حبان في «المجروحين» ٢/ ٢٨٦ من طريق محمَّد بن مروان السُّديِّ، ستتهم عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. قلنا: أمثلُ هذه الطرق طريق الحكم بن هشام الثقفي، وبمجموعها يتحسن الحديث.
وفي الباب عن أنس بن مالك عند تمام الرازي في «فوائده» (٧٤١)، وأبي نعيم الأصبهاني في «الحلية» ٣/ ٣٧٧، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١٠٠٨)، والضياء المقدسي في «المختارة» (٢٦٣٤) ولفظه عند أبي نعيم وابن الجوزي: «تخيروا لنطفكم، واجتنبوا هذا السواد، فإنه لون مُشوَّه»، والباقون رووه بلفظ: «تخيروا لنطفكم»، وفي إسناده محمَّد بن عبد الملك، وعند بعضهم عبد الملك بن يحيى، ولم نتبينه.
وعن عمر بن الخطاب عند ابن عدي في ترجمة سليمان بن عطاء من «الكامل» ٣/ ١١٣٤، وأبي نعيم في «أخبار أصبهان» ٢/ ١١٥، وابن الجوزي (١٠٠٦) بلفظ: «تخيروا لنطفكم، وانتخبوا المناكح، وعليكم بذات الأوراك فإنهن أنجب»، وفي إسناده سليمان بن عطاء منكر الحديث.

٤٧ - بَابُ الْقِسْمَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ
١٩٦٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ مَعَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ» (١).
١٩٧٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ
عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا سَافَرَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ (٢).


(١) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوذي.
وأخرجه أبو داود (٢١٣٣)، والترمذي (١١٧٣)، والنسائي ٧/ ٦٣ من طريق همام بن يحيى، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٩٣٦).
قال الخطابي في «معالم السُّنن» ٣/ ٢١٨ - ٢١٩: في هذا دلالة على توكيد وجوب القَسْم بين الضرائر الحرائر، وإنما المكرؤه من الميل هو ميل العِشرة الذي يكون معه بخس الحق، دون ميل القلوب، فإن القلوب لا تُملَك، فكان رسول الله ﷺ يسوَّي في القَسْم بين نسائه، ويقول: «اللهم هذا قَسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما لا أملك»، وفي هذا نزل قوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ [النساء: ١٢٩].
(٢) حديث صحيح، ويحيى بن يمان قد توبع.
وأخرجه البخاري (٢٥٩٣)، وأبو داود (٢١٣٨)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٧٤) من طريق يونس عن الزهري، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٢٤٨٥٩). =

١٩٧١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ يَزِيدَ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَيَعْدِلُ، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا فِعْلِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» (١).

٤٨ - بَابُ الْمَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا لِصَاحِبَتِهَا
١٩٧٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ (ح)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ


= وأخرجه البخاري (٥٢١١)، ومسلم (٢٤٤٥) من طريق القاسم بن محمَّد بن أبي بكر، عن عائشة. وهو في «مسند أحمد» (٢٤٨٣٤).
وسيأتي برقم (٢٣٤٧).
(١) إسناده صحيح، كما قال ابن كثير في «التفسير» ٢/ ٣٨٢، إلا أنه اختلف في وصله وإرساله، ورجح الإرسالَ غير واحد من الأئمة، وقد روي من وجهٍ آخر عن عائشة بإسناد حسن كما سيأتي.
وأخرجه أبو داود (٢١٣٤)، والترمذي (١١٧٢)، والنسائي ٧/ ٦٣ من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥١١١)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢٠٥).
وأخرجه أبو داود (٢١٣٥) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة قالت: يا ابن أختي، كان رسول الله ﷺ لا يفضل بعضنا على بعض في القَسمِ ... وإسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد فهو صدوق، وأصل هذا الحديث عند البخاري (٢٥٩٣) بلفظ: «... وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها ...».

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَنْ كَبِرَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِ سَوْدَةَ (١).
١٩٧٣ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ سُمَيَّةَ
عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَجَدَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ فِي شَيْءٍ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ: يَا عَائِشَةُ، هَلْ لَكِ أَنْ تُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِّي وَلَكِ يَوْمِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ، فَرَشَّتْهُ بِالْمَاءِ لِيَفُوحَ رِيحُهُ، ثُمَّ قَعَدَتْ إِلَى جَنْبِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَا عَائِشَةُ إِلَيْكِ عَنِّي، إِنَّهُ لَيْسَ يَوْمَكِ» فَقَالَتْ: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، فَأَخْبَرَتْهُ بِالْأَمْرِ فَرَضِيَ عَنْهَا (٢).
١٩٧٤ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو، حَدّثَنَا عَمْرُ بْنُ عَلِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٥٢١٢)، ومسلم (١٤٦٣)، والنسائي في«الكبرى» (٨٨٨٥) من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣٩٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢١١).
وأخرجه بنحوه مطولًا (٢٥٩٣)، وأبو داود (٢١٣٨)، والنسائي (٨٨٧٤) من طريق الزهري، عن عروة، به.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة سُمية الراوية عن عائشة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٨٨٤) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٦٤٠).

عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: ١٢٨] فِي رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ قَدْ طَالَتْ صُحْبَتُهَا، وَوَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهَا، فَرَاضَتْهُ عَلَى أَنْ يقِيمَ عِنْدَها وَلَا يَقْسِمَ لَهَا (١).

٤٩ - بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي التَّزْوِيجِ
١٩٧٥ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدّثَنَا مُعَاوِيَةُ ابْنُ يَزِيدَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ
عَنْ أَبِي رُهْمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مِنْ أَفْضَلِ الشَّفَاعَةِ أَنْ يُشفعَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فِي النِّكَاحِ» (٢).
١٩٧٦ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ ذُرَيْحٍ، عَنْ البَهِي


(١) إسناده صحيح. حفص بن عمرو: هو ابن رَبَال الرَّقَاشي، وعُمر بن علي: هو المقدَّمي.
وأخرجه بنحوه البخاري (٢٤٥٠)، ومسلم (٣٠٢١)، والنسائي في «الكبرى» (١١٠٦٠) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده ضعيف، لأن أبا رُهم -واسمه أحزاب بن أَسِيد السمعي أو السماعي- مُختلَف في صحبته، والأكثرون على أنها لا تصح صحبته فالحديث مرسل. ومعاوية بن يزيد -كذا جاء في رواية ابن ماجه، والصحيح: ابن سعيد، وهو التجيبي- لم يوثقه غير ابن حبان، ومعاوية بن يحيى -وهو الطرابلسي، وإن وثقه بعضهم- ضعفه الدارقطني وأبو القاسم البغوي: وقال ابن عدي: في بعض رواياته ما لا يتابع عليه. قلنا: ولم يتابع ها هنا.
وأخرجه ضمن حديث طويل ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٦٣٨)، والطبراني في «الكبير» ٢٢/ (٨٤٣)، والمزي في ترجمة معاوية بن سعيد من «التهذيب» ٢٨/ ١٧٥ - ١٧٦ من طرق عن معاوية بن يحيى، بهذا الإسناد.

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: عَثَرَ أُسَامَةُ بِعَتَبَةِ الْبَابِ، فَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «أَمِيطِي عَنْهُ الْأَذَى» فَتَقَذَّرْتُهُ، فَجَعَلَ يَمُصُّ عَنْهُ الدَّمَ وَيَمُجُّهُ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: «لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً لَحَلَّيْتُهُ وَكَسَوْتُهُ حَتَّى أُنَفِّقَهُ» (١).

٥٠ - بَابُ حُسْنِ مُعَاشَرَةِ النِّسَاءِ
١٩٧٧ - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ عَمِّهِ عُمَارَةَ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ عَطَاءٍ


(١) حديث حسن بطرقه، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك -وهو ابن عبد الله النخعي، وقد اختلف في سماع البهي -عبد الله-، فنفاه أحمد، وأثبته البخاري، وأخرج له مسلم عن عائشة معنعنًا. وقد خالف شريكًا سفيان بن عيينة، فرواه عن وائل بن داود الكوفي، عن البهي مرسلًا وهو أصح.
وأخرجه أحمد (٢٥٠٨٢)، وابن سعد في «الطبقات» ٤/ ٦١ - ٦٢، وابن أبي شيبة ١٢/ ١٣٩ - ١٤٠، وابن أبي الدنيا في «العيال» (٢٢٨)، وأبو يعلى (٤٥٩٧)، وابن حبان (٧٠٥٦)، والبيهقي في «الشعب» (١١٠١٧)، وابن الأثير في «أسد الغابة» في ترجمة أسامة بن زيد من طرق عن شريك، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي الدنيا (٢٣٠) عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، عن سفيان ابن عيينة، عن داود بن وائل، عن البهي مرسلًا.
وأخرجه مرسلًا ابن سعد ٤/ ٦٢ عن يحيى بن عباد، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي السفر، قال: بينما رسول الله ﷺ جالس هو وعائشة وأسامة عندهم، إذ نظر رسولُ الله ﷺ في وجه أسامة، فضحك، ثم قال رسول الله ﷺ: «لو أن أسامة جارية، لحلَّيتُها وزينتُها، حتى أنفقها» ورجاله ثقات.
وأخرجه بنحوه أبو يعلى (٤٤٥٨) من طريق هشيم، وابن أبي الدنيا (٢٢٩) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، كلاهما عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق عن عائشة. ومجالد -وهو ابن سعيد- ضعيف ولم يذكر أبو يعلى مسروقًا في روايته.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «خَيْرُكُمْ خيركم لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» (١).
١٩٧٨ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، جعفر بن يحيى بن ثوبان وعمه عمارة ابن ثوبان مجهولان، لكن للحديث شواهد يصح بها.
وأخرجه البزار (١٤٨٣ - كشف الأستار)، وابن حبان في «صحيحه» (٤١٨٦)، والحاكم ٤/ ١٧٣ من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، بهذا الإسناد. وذكروا فيه قصة إلا الحاكم.
ويشهد له حديث عائشة عند الترمذي (٤٢٣٣)، وابن حبان (٤١٧٧)، وإسناده صحيح.
وانظر تتمة شواهد في «مسند أحمد» عند حديث أبي هريرة (٧٤٠٢).
وانظر ما بعده.
(٢) رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أنه قد انفرد أبو كريب -واسمه محمَّد بن العلاء- عن أبي خالد -واسمه سليمان بن حيان الأحمر- بهذا اللفظ في حديث عبد الله بن عمرو، وقد خالفه أبو سعيد الأشج عند مسلم (٢٣٢١)، فرواه عن أبي خالد، بهذا الإسناد بلفظ: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا» وهذا هو الصواب في حديث عبد الله بن عمرو، هكذا أخرجه أصحاب الأعمش عنه بهذا الإسناد.
فقد أخرجه البخاري (٣٥٥٩) من طريق أبي حمزة السكري، و(٦٠٣٥) من طريق حفص بن غياث، والبخاري (٦٠٢٩)، ومسلم (٢٣٢١) من طريق جرير بن عبد الحميد، ومسلم (٢٣٢١) من طريق أبي معاوية الضرير، والبخاري (٣٧٥٩) و(٦٠٢٩)، والترمذي (٢٠٩٠) من طريق شعبة بن الحجاج، ومسلم (٢٣٢١) من طريق =

١٩٧٩ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَابَقَنِي النَّبِيُّ ﷺ فَسَبَقْتُهُ (١).
١٩٨٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، وَهُوَ عَرُوسٌ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَي، جِئْنَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ فَأَخْبَرْنَ عَنْهَا، قَالَتْ: فَتَنَكَّرْتُ وَتَنَقَّبْتُ فَذَهَبْتُ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى عَيْنِي فَعَرَفَنِي، قَالَتْ: فَالْتَفَتَ فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ، فَأَدْرَكَنِي فَاحْتَضَنَنِي، فَقَالَ: «كَيْفَ رَأَيْتِ؟» قَالَتْ: قُلْتُ: أَرْسِلْ، يَهُودِيَّةٌ وَسْطَ يَهُودِيَّاتٍ (٢).


= وكيع بن الجراح، و(٢٣٢١) من طريق عبد الله بن نمير، كلهم عن الأعمش، به، بلفظ: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا».
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٠٤) و(٦٧٦٧).
وانظر ما قبله.
(١) حديث صحيح، هشام بن عمار وإن كان فيه كلام تابعه أحمد بن حنبل وغيره.
وأخرجه مطولًا أبو داود (٢٥٧٨)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٩٣) و(٨٨٩٥) من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك أبو داود (٢٥٧٨)، والنسائي (٨٨٩٤) و(٨٨٩٦) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١١٨)، و«صحيح ابن حبان» (٤٦٩١).
(٢) إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابن جُدعان- وجهالة أم محمَّد الراوية عن عائشة. =

١٩٨١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ الْبَهِي، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا عَلِمْتُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبُ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَهِيَ غَضْبَى، ثُمَّ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَسْبُكَ إِذَا قَلَبَتْ لك بُنَيَّةُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيْعَيهَا، ثُمَّ أَقَبَلَتْ عَلَيَّ فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «دُونَكِ فَانْتَصِرِي» فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا وَقَدْ يَبِسَ رِيقُهَا فِي فِيهَا، مَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئًا، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ (١).
١٩٨٢ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو، حَدّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْقَاضِي حَدّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ


= وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٨/ ١٢٥ عن أحمد بن محمَّد بن الوليد الأزرقي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن عبد الله بن عمر. وهذا سند رجاله ثقات إلا أن عبد الرحمن بن أبي الرجال لم يسمع من ابن عمر.
وأخرجه أيضًا في «الطبقات» من حديث عطاء بن يسار مرسلًا، وفيه الواقدي وهو متروك، وفي آخره بعد قوله: رأيت يهودية، قال رسول الله ﷺ: «لا تقولي هذا يا عائشة، فإنها قد أسلمت فحسن إسلامها».
(١) إسناده حسن، البهي -واسمه عبد الله- صدوق حسن الحديث. زكريا: هو ابن أبي زائدة.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٥٥٨)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٦٥) و(٨٨٦٦) من طريق زكريا، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٦٢٠).
وأخرج نحو هذه القصة بأطول مما هنا من طريق عروة البخاري (٢٥٨١)، ومسلم (٢٤٤٢) من طريق الحارث بن هشام، كلاهما عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٥٧٥).
قولها: «أحسبُكَ» أي: أيكفيك فعل عائشة حين تُقلب لك الذراعين، أي: كأنك لشدة حبك لها لا تنظر إلى أمر آخر. و«ذُرَيْعيها» تثنية ذُريع تصغير الذراع.

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ وَأَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَكَانَ يُسَرِّبُ إِلَيَّ صَوَاحِبَاتِي يُلَاعِبْنَنِي (١).

٥١ - بَابُ ضَرْبِ النِّسَاءِ
١٩٨٣ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ ﷺ، ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُمْ فِيهِنَّ، ثُمَّ قَالَ: «إِلَامَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْأَمَةِ؟ وَلَعَلَّهُ أَنْ يُضَاجِعَهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ» (٢).
١٩٨٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ


(١) حديث صحيح، عمر بن حبيب القاضي -وإن كان ضعيفًا- تابعه غير واحد من الثقات. حفص بن عمرو: هو ابن ربال الرقاشي.
وأخرجه البخاري (٦١٣٠)، ومسلم (٢٤٤٠)، وأبو داود (٤٩٣١)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٩٧) و(٨٨٩٨) و(٨٨٩٩) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٨٩٠٠) من طريق يزيد بن رومان، عن عروة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٦٣) و(٥٨٦٥) و(٥٨٦٦).
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٤٩٤٢) و(٥٢٠٤) و(٦٠٤٢)، ومسلم (٢٨٥٥)، والترمذي (٣٦٣٧)، والنسائي في «الكبرى» (٩١٢١) من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٢٢١)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٩٠) و(٥٧٩٤).

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَادِمًا لَهُ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا (١).
١٩٨٥ - حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أخبرنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ عبد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا تَضْرِبُنَّ إِمَاءَ اللَّهِ» فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ ذَئِرَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَأْمُرْ بِضَرْبِهِنَّ. فَضُرِبْنَ فَطَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ ﷺ طَائِفُ نِسَاءٍ كَثِيرٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: «لَقَدْ طَافَ اللَّيْلَةَ بِآلِ مُحَمَّدٍ سَبْعُونَ امْرَأَةً، كُلُّ امْرَأَةٍ تَشْتَكِي زَوْجَهَا، فَلَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارَكُمْ» (٢).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٣٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (٩١٢٠) من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (٤٧٨٦)، والنسائي (٩١١٨) و(٩١١٩) من طريق الزهري، عن عروة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٣٤)، و«صحيح ابن حبان» (٤٨٨) و(٦٤٤٤).
(٢) إسناده صحيح. إياس بن عبد الله بن أبي ذُباب قال البخاري في «تاريخه» ١/ ٤٤٠: لا تعرف له صحبة، وخالفه أبو حاتم وأبو زرعة، فأثبتا صحبته كما في «الجرح والتعديل» ٢/ ٢٨٠، ورجح الحافظ صحبته في «تهذيب التهذيب»، وصحح إسناد حديثه هذا في «الإصابة».
وأخرجه أبو داود (٢١٤٦)، والنسائي في «الكبرى» (٩١٢٢) من طريق سفيان ابن عيينة، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤١٨٩). وبعضهم يسمي الراوي عن إياس: عُبيد الله، وهو أيضًا من ولد عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعلى أي حالِ فكلاهما ثقة محتج به عند الشيخين. =

١٩٨٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَالْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ الطَّحَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، أخبرنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُسْلِيِّ
عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: ضِفْتُ عُمَرَ لَيْلَةً، فَلَمَّا كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ قَامَ إِلَى امْرَأَتِهِ يَضْرِبُهَا، فَحَجَزْتُ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ لِي: يَا أَشْعَثُ، احْفَظْ عَنِّي شَيْئًا سَمِعْتُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «لَا تسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ، وَلَا تَنَمْ إِلَّا عَلَى وِتْرٍ» وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ (١).
١٩٨٦م - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ، حَدّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي، حَدّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ (٢).

٥٢ - بَابُ الْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ
١٩٨٧ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ


= وله شاهد مرسل عن أم كلثوم بنت الصِّدَّيق عند الحاكم ١٩١/ ٢ والبيهقي ٧/ ٣٠٤.
قوله: ذئر النساء«بوزن فَرِحَ: نَشزْنَ واجترأنَ.
(١) إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن المُسلي. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري.
وأخرجه أبو داود (٢١٤٧)، والنسائي في»الكبرى«(٩١٢٣) من طريق أبي عوانة الوضاح، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد" (١٢٢).
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده ضعيف كسابقه.

عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ (١).
١٩٨٨ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ
عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنَتِي عُرَيِّسٌ، وَقَدْ أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا، فَأَصِلُ لَهَا فِيهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه البخاري (٥٩٣٧)، ومسلم (٢١٢٤)، وأبو داود (٤١٦٨)، والترمذي (١٨٥٧) و(٢٩٨٩)، والنسائي ٨/ ١٤٥ و١٨٧ و١٨٨ من طريق نافع، عن ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٢٤)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥١٣).
الواصلة: هي التي تصل الشعر سواء كان لنفسها أو لغيرها، والمستوصلة: التي تطلب فعل ذلك، ويفعل بها.
وذهب الليث بن سعد، ونقله أبو عبيد [في «غريبه» ١/ ١٦٧] عن كثير من الفقهاء أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، وأما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة أو غيرها، فلا يدخل في النهي، وأخرج أبو داود (٤١٧١) بسند صحيح عن سعيد بن جير، قال: لا بأس بالقرامل، وبه قال أحمد، والقرامل: جمع قَرْمَل: نبات طويل الفروع لين، والمراد به هنا خيوط من حرير أو صوف يعمل ضفائر تَصِلُ بها المرأة شعرها. انظر «الفتح» ١٠/ ٣٧٥.
والواشمة: هي التي تفعل الوشم لغيرها أو لنفسها، والمستوشمة: هي التي تطلب فعل ذلك.
والوشم: أن يَغْرِز الجلد بإبرة، ثم يُحشى بكحل أو نيل، فيزرق أثرُه، ويخضر.
(٢) إسناده صحيح. فاطمة: هي بنت المنذر بن الزبير بن العوام زوج هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، وأسماء: هي بنت أبي بكر الصديق جدة هشام بن عروة. =

١٩٨٩ - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي، حَدّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْوَاشِمَاتِ وَالْمتَوْشِمَاتِ (١) وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ لِخَلْقِ اللَّهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ، يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ. قَالَ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟! قَالَتْ: إِنِّي لَأَقْرَأُ مَا بَيْنَ لَوْحَيْهِ فَمَا وَجَدْتُهُ. قَالَ: إِنْ كُنْتِ قَرَأْتِهِ فَقَدْ وَجَدْتِهِ، أَمَا قَرَأْتِ: ﴿وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧]؟ قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ نَهَى عَنْهُ. قَالَتْ: فَإِنِّي لَأَظُنُّ أَهْلَكَ يَفْعَلُونَ. قَالَ: اذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولِينَ، مَا جَامَعَتْنَا (٢).


= وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (٥٩٣٦)، ومسلم (٢١٢٢)، والنسائي ٨/ ١٤٥ و١٨٧ - ١٨٨ من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٨٠٤) و(٢٦٩١٨).
وأخرجه بنحوه البخاري (٥٩٣٥)، ومسلم (٢١٢٢) من طريق صفية بنت شيبة عن أسماء.
قوله: «عُريِّس» بضم العين وفتح الراء وتشديد الياء، تصغير عروس.
«تمرَّق» براء مهملة أو بزاي معجمة: قاله السندي.
(١) في المطبوع: والمستوشمات.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي. =

٥٣ - بَابُ مَتَى يُسْتَحَبُّ الْبِنَاءُ بِالنِّسَاءِ
١٩٩٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ (ح)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ؛ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ


= وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (٤٨٨٦)، ومسلم (٢١٢٥)، وأبو داود (٤١٦٩)، والترمذي (٢٩٨٨)، والنسائي ٨/ ١٤٦ و١٨٨ من طريق إبراهيم النخعي، به.
وأخرجه مختصرًا النسائي ٨/ ١٤٦ من طريق مسروق، و٨/ ١٤٨ و١٤٨ - ١٤٩ وقبيصة بن جابر، كلاهما عن ابن مسعود.
وهو في «مسند أحمد» (٤١٢٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٠٤).
النمص: هو إزالة شعر الوجه بالمنقاش، ويقال: إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما، قال أبو داود في «السُّنن» النامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه.
وقال الحافظ في «الفتح»١٠/ ٣٧٨: وقال النووي: يستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة، فلا يحرم عليها إزالتها، بل يستحب، قلت (القائل ابن حجر): وإطلاقه مقيد بإذن الزوج وعلمه، وإلا فمتى خلا عن ذلك منع للتدليس.
وقال بعض الحنابلة: إن كان النمص أشهر شعار للفواجر، امتنع، وإلا فيكون تنزيهًا، وفي رواية: يجوز بإذن الزوج إلا إن وقع به تدليس فيحرم، قالوا: ويجوز الحف والتحمير والنقش والتطريف إذا كان بإذن الزوج، لأنه من الزينة.
وقد أخرج الطبري من طريق أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة وكانت شابة يعجبها الجمال فقال: المرأة تحف جبينها لزوجها، فقالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت.
وقوله: ما جامعتنا، أي: لا يكون بينه وبينها اجتماع، قال الحافظ في «الفتح» تعليقًا على رواية البخاري: ما جامعتُها: يحتمل أن يكون المراد بالجماع الوطء، أو الاجتماع وهو أبلغ، ويؤيده قوله في رواية الكشميهني: ما جامعتنا، وللإسماعيلي: ما جامعتني.

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ ﷺ فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟! وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شَوَّالٍ (١).
١٩٩١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ
عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ فِي شَوَّالٍ، وَجَمَعَهَا إِلَيْهِ فِي شَوَّالٍ (٢).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه مسلم (١٤٢٣)، والترمذي (١١١٨)، والنسائي ٦/ ٧٠ و١٣٠ من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٣٢٠)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٥٨).
(٢) ضعيف لاضطرابه، فقد اختلف فيه على ابن إسحاق كما سيأتي. زهير: هو ابن معاوية، وعبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمَّد بن عمرو بن حزم الأنصاري، وعبد الملك بن الحارث بن هشام، الصحيح في اسمه: عبد الرحمن كما نبه عليه المزي في ترجمة أبيه الحارث بن هشام من «التهذيب» ٥/ ٣٠٢ وقد ذكر ابن الأثير في «أسد الغابة» ١/ ٤٢١ أن أهل النسب يقولون: لم يبقَ من ولد الحارث بن هشام بعده إلا عبد الرحمن وأخته أم حكيم.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٧٢٤)، والطبراني في «الكبير» (٣٣٤٧)، والمزي في ترجمة الحارث بن هشام من «التهذيب» ٥/ ٣٠٢ - ٣٠٣ من طريق ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه المزي ٥/ ٣٠٣ من طريق محمَّد بن يزيد المستملي، عن أسود بن عامر، به، وسمَّى عبد الملك: عبد الرحمن بن الحارث على الصواب. =

٥٤ - بَابُ الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِأَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا
١٩٩٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ؛ أظَنَّهُ عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ


= وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٨/ ٩٤ - ٩٥ عن أحمد بن عبد الله بن يونس، عن زهير بن معاوية، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام، عن أبيه: أن رسول الله ... إلخ.
وأخرجه ابن إسحاق في «سيرته» (٣٧٩) من رواية يونس بن بكير عنه، فقال: حدثني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه فذكره. ليس بين ابن إسحاق وبين عبد الملك أحد.
وأخرجه الدارقطني (٣٧٣٢) من طريق محمَّد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث، فذكره. ذكر بين ابن إسحاق وبين عبد الملك عبد الله بن أبي بكر.
وأخرجه الدارقطني (٣٧٣٢) من طريق محمَّد بن سلمة، عن محمَّد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: تزوج رسول الله ﷺ أم سلمة ... رواه هكذا مرسلًا.
وأخرجه ابن سعد ٨/ ٩٥ عن محمَّد بن عمر الواقدي، عن عمر بن عثمان، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، قال: أعرس رسول الله ﷺ بأم سلمة في شوال.
قلنا: وأصل القصة في «صحيح مسلم» (١٤٦٠) من طريق محمَّد بن أبي بكر ابن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه، عن أم سلمة: أن رسول الله ﷺ تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثًا، وقال: «إنه ليس بك على أهلك هوان، إن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي». ليس فيه ذكر تزويجها في شوال. وقد سلف عند المصنف برقم (١٩١٧).
ثم أخرجه من طريق عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن: أن رسول الله ... فذكره مرسلًا.

عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَهَا أَنْ تُدْخِلَ عَلَى رَجُلٍ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا (١).

٥٥ - بَابُ مَا يَكُونُ فِيهِ الْيُمْنُ وَالشُّؤْمُ
١٩٩٣ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ الكناني (٢)، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ
عَنْ عَمِّهِ مِخْمَرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا شُؤْمَ، وَقَدْ يَكُونُ الْيُمْنُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ» (٣).


(١) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن خيثمة -وهو ابن عبد الرحمن بن أبي سَبرة- لم يسمع من عائشة فيما قاله أبو داود عند تخريجه هذا الحديث. وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي- ضعيف سيئ الحفظ.
وأخرجه أبو داود (٢١٢٨) عن محمَّد بن الصباح البزاز، عن شريك النخعي، بهذا الإسناد.
ويغني عنه في هذا الباب حديث عقبة بن عامر عند أبي داود (٢١١٧)، وصححه ابن حبان (٤٠٧٢): أن النبي ﷺ زوج رجلًا من امرأة فدخل بها ولم يفرض لها صداقا.
(٢) في المطبوع: الكلبي، وكلاهما صحيح في نسبه، فهو كناني كَلْبي.
(٣) إسناده ضعيف، لجهالة حكيم بن معاوية -والصحيح في اسمه: معاوية ابن حكيم كما سيأتي بيانُه- فلم يرو عنه غير يحيى بن جابر -وهو الطائي- ولم يؤثر توثيفه عن أحد، وقد وقع لهشام بن عمار في هذا الإسناد غير ما وهم: منها: قلبه لاسم التابعي: حكيم بن معاوية والصحيح أنه: معاوية بن حكيم كما تقدم، وتسميته للصحابي: مخمر بن معاوية، ومرة قال: مخمر بن حَيدة، والصحيح أن اسمه: حكيم بن معاوية كما رواه الثقات عن إسماعيل بن عياش، وكذلك ترجمه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٣/ ٢٠٧.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٧٨٥)، والخطيب البغدادي في «موضح أوهام الجمع والتفريق» ١/ ٩٤ من طريق هشام بن عمار، بهذا الإسناد. =

١٩٩٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَاصِمٍ، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ حَدّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ


= وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٤٩١)، والخطيب ١/ ٩٤ من طريق هشام بن عمار، به، إلا أنه سمى التابعي: معاوية بن حكيم، على الصواب.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٧٩٦) من طريق هشام بن عمار، به لكن سمى الصحابي: مخمر بن حيدة.
وأخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (٢٢٩٦) ومن طريقه الخطيب في «الموضح»١/ ٩٣، وأخرجه الترمذي (٣٠٣٦) من طريق علي بن حجر، والطبراني في «الكبير» (٢١٤٨)، والخطيب في «الموضح» ١/ ٩٣ من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، وابن عبد البر في «التمهيد» ٩/ ٢٧٩ - ٢٨٠، والخطيب ١/ ٩٢ من طريق الهيثم بن خارجة، والخطيب ١/ ٩٢ من طريق عبد الوهاب بن نجدة، و١/ ٩٢ من طريق إسحاق بن إدريس، و١/ ٩٢ - ٩٣ من طريق علي بن عياش، و١/ ٩٣ من طريق الحسن بن عرفة، ثمانيتهم عن إسماعيل بن عياش، عن سليمان ابن سليم الكناني، عن يحيى بن جابر الطائي، عن معاوية بن حكيم، عن عمه حكيم بن معاوية.
قلنا: وقد وقع للشيخ الألباني رحمه الله في هذا الحديث التباس أدى به إلى تصحيح هذا الحديث في «الصحيحة» (١٩٣٠) بناءً على أن تابعي الحديث معاوية ابن حكيم مذكور في الصحابة، فهو رواية صحابي عن صحابي، ومنشأ هذا الوهم هو الوهم الذي وقع لهشام بن عمار فقد سمى التابعي مرة: حكيم بن معاوية كما هو عند المصنف في روايتنا، وهو خطأ بين في اسمه كما سلف، وهو غير حكيم بن معاوية المذكور في الصحابة- على الاختلاف في صحبته كذلك. وكذلك وقع الخطأ للدكتور بشار عواد حيث جعل العلة في يحيى بن جابر وأنه يرسل كثيرًا وليس هناك في الإسناد إرسال ولا تدليس، ولكن أوهام في تسمية بعض رجال الإسناد وقعت لهشام بن عمار وخالفه الثقات كما أسلفنا.
وانظر ما بعده.

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنْ كَانَ، فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَسْكَنِ» يَعْنِي الشُّؤْمَ (١).
١٩٩٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ، حَدّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ سَالِمٍ
عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ».
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَحَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ أَنَّ أمه زَيْنَبَ (٢) حَدَّثَتْهُ
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَعُدُّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَ، وَتَزِيدُ مَعَهُنَّ السَّيْفَ (٣).


(١) إسناده صحيح.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٩٧٢، ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٨٥٩) و(٥٠٩٥)، ومسلم (٢٢٢٦).
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٨٣٦).
(٢) في أصولنا الخطية: أن جدته زينب، وهو تحريف، فإن زينب أمه لا جدته، وجاء على الصواب في «التحفة» (١٨٢٧٦).
(٣) حديث صحيح، عبد الرحمن بن إسحاق المدني -كان كان صدوقًا حسن الحديث- تابعه مالك في «موطئه» ٢/ ٩٧٢، وشعيب بن أبي حمزة، وغيرهما. وروايتهما عند البخاري ومسلم.
وأخرج حديث ابن عمر البخاري (٢٨٥٨) و(٥٠٩٣)، ومسلم (٢٢٢٥)، وأبو داود (٣٩٢٢)، والترمذي (٣٠٣٤) و(٣٠٣٥)، والنسائي ٦/ ٢٢٠ من طريق الزهري، بهذا الإسناد. وقُرن سالم في بعض الروايات بأخيه حمزة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وأخرجه البخاري (٥٠٩٤)، ومسلم (٢٢٢٥) (١١٧) من طريق محمَّد بن زيد
العسقلاني، عن ابن عمر. ولفظ رواية حمزة ومحمد بن زيد: «إن كان الشؤم في
شيء ...».
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٤٤)، و«شرح مشكل الآثار» (٧٧٦).
وأما حديث أم سلمة فأخرجه الدارقطي في «غرائب مالك» - كما في «فتح الباري» لابن حجر ٦/ ٦٣ - من طريق جويرية، وكذا من طريق سعيد بن داود، كلاهما عن مالك، عن الزهري، عن بعض أهل أم سلمة، عن أم سلمة. قال الحافظ: وإسناده صحيح إلى الزهري، ونقل عن الدارقطي قوله: والمبهم المذكور هو أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة، سماه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري في روايته. قلنا: يعني روايتنا هذه.
وأخرجه معمر بن راشد في «جامعه» الملحق بـ «مصنف عبد الرزاق» (١٩٥٢٧)، ومن طريقه ابن عبد البر في «التمهيد» ٩/ ٢٧٨ عن الزهري، عن سالم أو حمزة بن عبد الله، عن ابن عمر ... الحديث. ثم قال: وقالت أم سلمة: والسيف. وهذا مرسل.
قال الإمام الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» بعد أن أورد حديث ابن عمر بلفظ: «إن كان الشؤم في شيء ...»: فكان ما في هذا على أن الشؤم إن كان، كان في هذه الثلاثة الأشياء، لا يتحقق كونه فيها. وقد وافق ما في هذا الحديث ما رُوي عن جابر وسهل بن سعد عن النبي ﷺ في هذا المعنى، فذكر حديث سهل السالف عند المصنف، وذكر حديث جابر، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم (٢٢٢٧).
قال: وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها إنكارها لذلك، واخبارها أن رسول الله ﷺ إنما قال ذلك إخبارًا منه عن أهل الجاهلية أنهم كانوا يقولونه، غير أنها ذكرته عنه عليه السلام بالطيرة لا بالشؤم، والمعنى فيهما واحد. قلنا: وحديث عائشة أخرجه أحمد (٢٦٠٣٤) من طريق أبي حسان الأعرج، قال: دخل رجلان من بني عامر على عائشة، فأخبراها أن أبا هريرة يُحدث عن النبي ﷺ أنه قال: "الطيرة في

٥٦ - بَابُ الْغَيْرَةِ
١٩٩٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَيْبَانَ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سلمة (١)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَمِنْهَا مَا يَكْرَهُ اللَّهُ، فَأَمَّا مَا يُحِبُّ الله فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا مَا يَكْرَهُ، فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ» (٢).


= الدار والمرأة والفرس«فغضبت، فطارت شِقَّة منها في السماء، وشِقَّة في الأرض،
وقالت: والذي أنزل الفرقان على محمَّد، ما قالها رسول الله ﷺ قط، إنما قال:
»كان أهل الجاهلية يتطيَّرون من ذلك«. وإسناده صحيح.
قال الطحاوي: وإذا كان ذلك كذلك، كان ما روي عنها مما حفظته عن رسول الله ﷺ من إضافته ذلك الكلام إلى أهل الجاهلية أولى مما روي عن غيرها فيه عنه ﷺ، لحفظها عنه في ذلك ما قصر غيرها عن حفظه عنه فيه، لا سيما وقد ثبت عنه ﷺ نفي الطيرة والشؤم، وذكر حديث جابر أن رسول الله ﷺ قال:»لا غول ولا طيرة ولا شؤم«، وهو حديث صحيح. ثم قال: فكان في ذلك ما قد دل على انتفاء ذلك القول المضاف إلى رسول الله ﷺ في إثباته الشؤم في الثلاثة الأشياء التي روينا عنه أن الشؤم فيها.
وانظر لزامًا ما علقناه على»المسند«(٢٦٠٣٤).
(١) هكذا في (ذ) ونسخة على هامش (م)، وهو الصواب، وفي (س) وأصل (م): عن أبي سهم، وهو كذلك في نسخة المزي في»السُّنن«لكنه أشار إلى وَهْم هذا في»تهذيب الكمال«و»التحفة«.
(٢) إسناده صحيح. محمَّد بن إسماعيل: هو ابن سَمُرة الأحمسي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وفي الباب عن عقبة بن عامر عند أحمد في»مسنده«(١٧٣٩٨)، وابن خزيمة في»صحيحه" (٢٤٧٨)، وفي إسناده عبد الله بن زيد الأزرق مجهول. =

١٩٩٧ - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ قَطُّ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، مِمَّا رَأَيْتُ مِنْ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَهَا، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ (١).
يَعْنِي: مِنْ ذَهَبٍ. قَالَهُ أبو عبد الله ابْنُ مَاجَهْ.
١٩٩٨ - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِي، أخبرنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ


= وعن جابر بن عتيك عند أحمد في «مسنده» (٢٣٧٤٧)، وأبي داود (٢٦٥٩)، والنسائي ٥/ ٧٨ - ٧٩، وفي إسناده ابن جابر بن عتيك مجهول الحال.
قوله: «فالغيرة في الريبة» أي: في مظنة الفساد، أي: إذا ظهرت أمارات الفساد في محل، فالقيام بمقتضى الغيرة محمود، وأما إذا قام بدون ظهور شيء فالقيام به مذموم، لما فيه من اتهام المسلمين بالسوء من غير وجه. قاله السندي.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٣٨١٦)، ومسلم (٢٤٣٥)، والترمذي (٢١٣٦) و(٤٢١٣) و(٤٢١٤)، والنسائي في «الكبرى» (٨٣٠٣) و(٨٣٠٤) و(٨٣٠٥) و(٨٨٦٤) من طريق عروة، عن عائشة عند البخاري ومسلم والترمذي في الموضع الأول والثاني زيادة: وإن كان ليذبح الشاة، فيُهدي في خلائلها منها ما يسَعُهُنَ.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣١٥)، و«صحيح ابن حبان» (٧٠٠٦).
قوله: «يعني من ذهب» كذا فسَّره ابن ماجه. قال ابن الأثير: القصب: لؤلؤ مجوف واسع كالقصر المنيف. وقال النووي في «شرح مسلم» قال جمهور العلماء: المراد به قصب اللؤلؤ المجوف كالقصر المنيف. وقيل: قصب من ذهب منظوم بالجوهر. قال أهل اللغة: القصب الجوهر ما استطال منه في تجويف، قالوا: ويقال لكل مجوف: قصب، وقد جاء في الحديث مفسرًا ببيت من لؤلؤة مجبَّأة (مجوفة).

عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ: «إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَلَا آذَنُ لَهُمْ، ثُمَّ لَا آذَنُ لَهُمْ، ثُمَّ لَا آذَنُ لَهُمْ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا» (١).
١٩٩٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أخبرنا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِي، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ:
أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ أَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحًا ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ.


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه تامًا ومختصرًا البخاري (٥٢٣٠)، ومسلم (٢٤٤٩)، وأبو داود (٢٠٧٠) و(٢٠٧١)، والترمذي (٤٢٠٥)، والنسائي في «الكبرى» (٨٣١٢) و(٨٣١٣) و(٨٤٦٥) و(٨٤٦٦) و(٨٤٦٧) من طريق عبد الله بن أبي مليكة، عن المسور. وتابع في رواية أبي داود الأولى عبد الله: عروةُ بن الزبير.
وعبد الله بن أبي مُليكة: هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٢٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٥٥).
وانظر ما بعده.
قوله: «بضعة» بفتح الباء، وقد تكسر، أي: أنها جزء مني كما أن البضعة جزء من اللحم.
«يريبني» بفتح الياء، أي: يوقعني في القلق. قاله السندي.

قَالَ الْمِسْوَرُ: فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ، فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يفْتِنُوهَا، وَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا» قَالَ: فَنَزَلَ عَلِيٌّ عَنْ الْخِطْبَةِ (١).

٥٧ - بَابُ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ -
٢٠٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ أنها كانت تقول: أَمَا تَسْتَحِي الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ؟ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] قَالَتْ: فَقُلْتُ: إِنَّ رَبَّكَ لَيُسَارِعُ فِي هَوَاكَ (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع، وشعيب: هو ابن أبي حمزة.
وأخرجه تامًا ومختصرًا البخاري (٣١١٥) و(٣٧٢٩)، ومسلم (٢٤٤٩) (٩٥ و٩٦)، وأبو داود (٢٠٦٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٣١٤) و(٨٤٦٨) و(٨٤٦٩) من طريق الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩١١)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٥٦) و(٦٩٥٧).
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٤٧٨٨)، ومسلم (١٤٦٤)، والنسائي ٦/ ٥٤ من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٠٢٦) و(٢٥٢٥١)، و«صحيح ابن حبان» (٦٣٦٧).
وقول عائشة: إن ربك ليُسارع في هواك، ورواية البخاري: ما أرى ربك إلا يُسارع في هواك، أي: ما أرى الله إلا موجدًا لما تريد بلا تأخير، منزلأ لما تُحِب وتختار.

٢٠٠١ - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدّثَنَا ثَابِتٌ، قَالَ:
كُنَّا جُلُوسًا مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ، فَقَالَ أَنَسٌ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِيَّ حَاجَةٌ؟ فَقَالَتْ ابْنَتُهُ: مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا! فقَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ (١).

٥٨ - بَابٌ: الرَّجُلُ يَشُكُّ فِي وَلَدِهِ
٢٠٠٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟» قَالَ: نَعَم، قَالَ: «فَمَا أَلْوَانُهَا؟» قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟» قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا، قَالَ: «فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ؟» قَالَ: عَسَى عِرْقٌ نَزَعَهَا. قَالَ: «وَهَذَا لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَهُ». وَاللَّفْظُ لِابْنِ الصَّبَّاحِ (٢).


(١) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البناني.
وأخرجه البخاري (٥١٢٠)، والنسائي ٦/ ٧٨ - ٧٩ و٧٩ من طريق مرحوم، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (١٣٨٣٥).
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٥٣٠٥)، ومسلم (١٥٠٠)، وأبو داود (٢٢٦٠) و(٢٢٦١)، والترمذي (٢٢٦١)، والنسائي ٦/ ١٧٨ و١٧٨ - ١٧٩ و١٧٩ من طريق الزهري، بهذا الإسناد. =

٢٠٠٣ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدّثَنَا عباءة بْنُ كُلَيْبٍ اللَّيْثِيُّ أَبُو غَسَّانَ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: يا رسول الله، إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ عَلَى فِرَاشِي غُلَامًا أَسْوَدَ، وَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَمْ يَكُنْ فِينَا أَسْوَدُ قَطُّ! قَالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَمَا أَلْوَانُهَا؟» قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: «هَلْ فِيهَا أَسْوَدُ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فِيهَا أَوْرَقُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ؟» قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ، قَالَ: «فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ» (١).


= وأخرجه البخاري (٧٣١٤)، ومسلم (١٥٠٠) (٢٠)، وأبو داود (٢٢٦٢) من طريق الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧١٨٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٠٦) و(٤١٠٧).
وأخرجه مسلم (١٥٠٠) و(٢٠) من طريق الزهري قال: بلغنا أن أبا هريرة كان يحدث .. فذكره مرسلًا.
والأورق من الإبل: ما في لونه بياض إلى سواد، وقوله: «عسى عرق نزعها» قال في «النهاية» يقال: نزع إليه في الشَبَهِ: إذا أشبهه.
وفي هذا الحديث ضرب المثل، وتشبيه المجهول بالمعلوم تقريبًا لفهم السائل، واستدل به لصحة العمل بالقياس، قال الخطابي: هو أصل في قياس الشبه، وقال القاضي أبو بكر بن العربي: فيه دليل على صحة القياس والاعتبار بالنظير.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، عباءة -وسماه المزي: عباة- صدوق حسن الحديث. أبو كريب: هو محمَّد بن العلاء.
وأخرجه العقيلي في «الضعفاء» عن محمَّد بن الحسن بن العباس بن عيسى الهاشمي، عن أبي كريب، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.

٥٩ - بَابٌ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ
٢٠٠٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنَّ ابْنَ زَمْعَةَ وَسَعْدًا اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصَانِي أَخِي إِذَا قَدِمْتُ مَكَّةَ: أَنْ انْظُرَ إِلَى ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ فَاقْبِضَهُ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي. فَرَأَى النَّبِيُّ ﷺ شَبَهَهُ بِعُتْبَةَ، فَقَالَ: «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَاحْتَجِبِي عَنْهُ يَا سَوْدَةُ» (١).
٢٠٠٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٠٥٣)، ومسلم (١٤٥٧)، وأبو داود (٢٢٧٣)، والنسائي ٦/ ١٨٠ و١٨١ من طريق الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٨٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٠٥).
وقوله: «الولد للفراش» قال في «النهاية»: أي: لمالك الفراش وهو الزوج والمولى، والمرأة تسمى فراشًا، لأن الرجل يفترشها.
قوله: «واحتجبي عنه يا سودة» قال النووي: أمرها بالاحتجاب ندبًا واحتياطًا، لأنه في ظاهر الشرع أخوها، لأنه أُلحق بأبيها، لكن لما رأى ﷺ البين بعتبة ابن أبي وقاص خشيَ أن يكون من مائه فيكون أجنببًا منها، فأمرها بالاحتجاب منه احتياطًا. قاله السيسوطي في «شرح سنن النسائي».

عَنْ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَضَى بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ (١).
٢٠٠٦ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. أبو زيد -وهو المكي والد عبيد الله- من كبار التابعين، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقد تابعه عبيد الله بن عدي بن الخيار عند الضياء في «المختارة» (٢٣٣).
وأخرجه الشافعي في «مسنده» ٢/ ٣٠، وعبد الرزاق في «مصنفه» (٩١٥٢)، والحميدي (٢٤)، وعلي ابن المديني في «مسنده» كما في «مسند الفاروق» لابن كثير ١/ ٤٢٥، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ٤/ ٤١٥، وإسحاق بن راهويه ومحمد ابن يحيى بن أبي عمر العدني في «مسنديهما» كما في «إتحاف الخيرة المهرة» للبوصيري (٤٣٩٤)، وأحمد في «مسنده» (١٧٣)، وأبو يعلى في «مسنده» (١٩٩)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ١٠٤، والبيهقي في «السُّنن الكبرى» ٧/ ٤٠٢، وفي «معرفة السُّنن والآثار» (١٥١٦٠) و(١٥١٦١)، وابن عبد البر في «التمهيد» ٨/ ١٩٣ - ١٩٤، وفي «الاستذكار» (٣٢٣٣٥) و(٣٢٣٣٦)، والضياء المقدسي في «المختارة» (٣٠٥) و(٣٠٦) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال علي ابن المديني: وهذا حديث صحيح، وعبيد الله بن أبي يزيد رجل رضيّ معروف ثقة، وأبوه لم يرو عنه غيره، ولم نسمع أحدًا يقول فيه شيئًا.
وأخرجه الضياء المقدسي في «المختارة» (٢٣٣) من طريق أبي العباس الأصم، عن زكريا بن يحيى المروزي زكرويه، عن سفيان بن عيينة، عن محمَّد بن عجلان، عن بكير بن الأشج، عن معمر بن أبي حبيبة، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن عمر بن الخطاب، وهذا إسناد قوي.
(٢) حديث صحيح. هشام بن عمار قد توبع. =

٢٠٠٧ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» (١).


= وأخرجه مسلم (١٤٥٨) عن سعيد بن منصور، والترمذي (١١٩١) عن أحمد ابن منيع، كلاهما عن ابن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٧٢٦٢)، ومسلم (١٤٥٨)، والنسائي ٦/ ١٨٠ من طرق عن سفيان بن عيينة، به، لكن حصل فيها الشك في الراوي عن أبي هريرة، فبعضهم يقول: عن أبي سلمة أو عن سعيد، وبعضهم يقول: عن سعيد وأبي سلمة -دون شك- وقد بين عمرو الناقد عند مسلم أن ابن عيينة حدثه بذلك على كل تلك الوجوه.
وأخرجه مسلم (١٤٥٨)، والنسائي ٦/ ١٨٠ من طريق معمر بن راشد، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة، وهو عند أحمد (٧٧٦٣).
وأخرجه البخاري (٦٧٥٠) من طريق محمَّد بن زياد، عن أبي هريرة، وهو في «مسند أحمد» (٩٠٠٣).
وانظر تمام الكلام عليه في «المسند» (٧٢٦٢).
وقوله: «وللعاهر الحجر» العاهر: الزاني، يقال: عَهِرَ يَعْهَرُ عَهَرًا وعُهورًا: إذا أتى المرأة ليلًا للفجور بها، ثم غلب على الزنى مطلقًا، والمعنى: لا حظ للزاني في الولد، وهو لصاحب الفراش، أي: لصاحب أم الولد، وهو زوجها أو مولاها، وللزاني الخيبة.
(١) صحيح لغيره. وهذا إسناد حسن، إسماعيل بن عياش روايته عن أهل بلده مستقيمة، وهذا منها. وهشام بن عمار متابع.
وأخرجه ضمن حديث حجة الوداع الترمذي (٢٢٥٣) عن علي بن حجر وهناد ابن السري، عن إسماعيل بن أبي عياش، بهذا الإسناد.
وهو فى «مسند أحمد» (٢٢٢٩٤).
وانظر أحاديث الباب السالفة.

٦٠ - بَابُ الزَّوْجَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ
٢٠٠٨ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدّثَنَا حَفْصُ بْنُ جُمَيْعٍ، حَدّثَنَا سِمَاكٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَسْلَمَتْ، فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ، قَالَ: فَجَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَسْلَمْتُ مَعَهَا، وَعَلِمَتْ بِإِسْلَامِي، قَالَ: فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ، وَرَدَّهَا إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ (١).
٢٠٠٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَدَّ ابْنَتَهُ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بَعْدَ سَنَتَيْنِ بِنِكَاحِهَا الْأَوَّلِ (٢).


(١) إسناده ضعيف، سماك -وهو ابن حرب- في روايته عن عكرمة -وهو مولى ابن عباس- اضطراب.
وأخرجه أبو داود (٢٢٣٨) و(٢٢٣٩)، والترمذي (١١٧٦) من طريق سماك، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٥٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٥٩).
(٢) إسناده حسن، فقد صرح محمَّد بن إسحاق بالسماع عند الترمذي والحاكم وابن هشام في «السيرة» ٢/ ٣١٣ - ٣١٤، وقال الترمذي في «جامعه» بإثر إخراج حديث ابن عباس السالف: سمعت يزيد بن هارون يذكر عن محمَّد بن إسحاق هذا الحديث (وهو الحديث الآتي بعد هذا الحديث): أن النبي ﷺ ردّ ابنته زينب على أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد. قال يزيد بن هارون: حديث ابن عباس (يعني هذا) أجودُ إسنادًا. قلنا: وصححه كذلك الإمام أحمد في «مسنده» عقب إخراجه حديث عمرو ابن شعيب (٦٩٣٨). ونقل الترمذي في «العلل الكبير» ١/ ٤٥٢ عن البخاري قوله: =

٢٠١٠ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ


= حديث ابن عباس أصحُّ في هذا الباب من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وقال في «الجامع الكبير» بعد إخراجه الحديث: حديث ليس بإسناده بأس، وصوب الدارقطني حديث ابن عباس بعد أن أخرج حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وأخرجه أبو داود (٢٢٤٠)، والترمذي (١١٧٥) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٧٦).
وله شاهد صحيح من مرسل قتادة بن دعامة عند ابن سعد ٨/ ٣٢ ولفظه: أن زينب بنت رسول الله كانت تحت أبي العاص بن الربيع، فهاجرت مع رسول الله، ثم أسلم زوجها فهاجر إلى رسول الله، فردها عليه.
قال قتادة: ثم أنزلت (سورة براءة) بعد ذلك، فإذا أسلمت المرأة قبل زوجها، فلا سبيل له عليها إلا بخطبة، وإسلامها تطليقة بائنة.
ونقل ابن عبد البر في «الاستذكار» ١٦/ ٣٢٧ عن قتادة قوله: كان هذا قبل أن تنزل (سورة براءة) بقطع العهود بين المسلمين والمشركين.
وقال الزهري: كان هذا قبل أن تنزل الفرائض.
وآخر من مرسل الشعبي وهو صحيح عند عبد الرزاق (١٢٦٤٠)، وسعيد بن منصور (٢١٠٧)، وابن سعد ٨/ ٣٢، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ٢٥٦ أن رسول الله ﷺ ردَّ ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع حيث أسلم بعد إسلام زينب، فردها بالنكاح الأول.
وثالث من مرسل عمرو بن دينار عند عبد الرزاق (١٢٦٤٣)، وسعيد بن منصور (٢١٠٨) ولفظه: أن زينب بنت رسول الله ﷺ كانت تحت أبي العاص بن الربيع فاسلمت قبله وأسر، فجيء به أسيرًا في قِد، فأسلم فكانا على نكاحهما. وهو صحيح.
وانظر حديث الزهري في قصة صفوان بن أمية مع امرأته بعدما أسلم عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٥٤٣.

عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَدَّ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ (١).

٦١ - بَابُ الْغَيْلِ
٢٠١١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدّثَنَا يَحْيَى ابْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِي، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ


(١) إسناده ضعيف. حجاج -وهو ابن أرطاة- مدلس، وقد عنعن ولم يسمعه من عمرو بن شعيب.
فقد أخرجه أحمد في «مسنده» (٦٩٣٨)، وقال بإثره عبد الله بن أحمد: قال أبي في حديث حجاج هذا: حديث ضعيف أو قال: واهٍ، ولم يسمعه الحجاج من عمرو بن شعيب إنما سمعه من محمَّد بن عبيد الله العرزمي، والعرزمي لا يُساوي حديثه شيئًا، والحديث الصحيح الذي روي: أن النبي ﷺ أقرهما على النكاح الأول.
وأخرجه الترمذي (١١٧٤) عن أحمد بن منيع وهناد، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث في إسناده مقال.
وقال الدارقطني في «سننه» (٣٦٢٥): هذا لا يثبت، وحجاج لا يحتج به، والصواب حديث ابن عباس: أن النبي ﷺ ردها بالنكاح الأول.
وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» ١٢/ ٢٣: لم يختلف العلماء أن الكافرة إذا أسلمت ثم انقضت عِدتُها أنه لا سبيل لزوجها إليها إذا كان لم يُسلم في عدتها إلا شيء روي عن إبراهيم النخعي شذَّ فيه عن جماعة العلماء، ولم يتبعه عليه أحد من الفقهاء إلا بعض أهل الظاهر.
ومما يدل على أن قصة أبى العاص منسوخة بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ...[الممتحنة: ١٠] إجماع العلماء على أن أبا العاص بن الربيع كان كافرًا، وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر، قال الله تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٤١] وقال رسول الله ﷺ للملاعن: «لا سبيل لك عليها».

عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةِ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيَالِ، فَإِذَا فَارِسُ وَالرُّومُ يُغِيلُونَ فَلَا يَقْتُلُونَ أَوْلَادَهُمْ» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ، وَسُئِلَ عَنْ الْعَزْلِ، فَقَالَ: «هُوَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ» (١).
٢٠١٢ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ الْمُهَاجِرَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ يُحَدِّثُ
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ -وَكَانَتْ مَوْلَاتَهُ- أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الْغَيْلَ لَيُدْرِكُ الْفَارِسَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ حَتَّى يَصْرَعَهُ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن أيوب: وهو الغافقي. محمَّد بن عبد الرحمن بن نوفل: هو أبو الأسود يتيم عروة، مشهور بكنيته ولقبه.
وأخرجه مسلم (١٤٤٢)، وأبو داود (٣٨٨٢)، والترمذي (٢٢٠٩)، والنسائي ٦/ ١٠٦ - ١٠٧ من طريق مالك، وأخرجه مسلم (١٤٤٢)، والترمذي (٢٢٠٨) من طريق يحيى بن أيوب المصري، ومسلم (١٤٤٢) من طريق سعيد بن أبي أيوب، ثلاثتهم عن أبي الأسود محمَّد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة، بهذا الإسناد. واقتصر مالك في روايته على الغِيلة، وكذا اقتصر عليها الترمذي من طريق يحيى بن أيوب.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠٣٤) و(٢٧٤٤٧)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٩٦).
قال مالك عقب الحديث: الغيلة: أن يمس الرجل امرأته وهي ترضع.
(٢) إسناده ضعيف، المهاجر -وهو ابن أبي مسلم الأنصاري، وإن روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في «الثقات»- قد انفرد به، ومثله لا يحتمل تفرُّده، ثم إنه مخالف للحديث الصحيح السالف قبله.
وأخرجه أبو داود (٣٨٨١) من طريق محمَّد بن مهاجر أخي عمرو بن مهاجر، عن أبيه، عن أسماء بنت يزيد. =

٦٢ - بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تُؤْذِي زَوْجَهَا
٢٠١٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: أَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِيَّانِ لَهَا، قَدْ حَمَلَتْ أَحَدَهُمَا وَهِيَ تَقُودُ الْآخَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: حَامِلَاتٌ، وَالِدَاتٌ رَحِيمَاتٌ، لَوْلَا مَا يَأْتِينَ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ دَخَلَ مُصَلِّيَاتُهُنَّ الْجَنَّةَ» (١).
٢٠١٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ، حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ: لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ، فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ أَوْشَكَ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا» (٢).


= وهو في «مسند أحمد (٢٧٥٦٢)، و»صحيح ابن حبان«(٥٩٨٤) من طريق محمَّد بن مهاجر.
(١) إسناده ضعيف لانقطاعه، فقد صرح سالم بن أبي الجعد بعدم سماعه لهذا الحديث من أبي أمامة عند أحمد في»المسند«(٢٢١٧٣). ومؤمل: هو ابن إسماعيل سيئ الحفظ، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد (٢٢١٧٣) و(٢٢٢١٩) و(٢٢٣١١) من طريق منصور بن المعتمر، عن سالم، قال: ذكر لي عن أبي أمامة فذكره. وانظر تتمة تخريجه واختلاف ألفاظه في»المسند«.
(٢) حديث حسن، عبد الوهاب بن الضحاك -وإن كان متروكًا- قد تابعه إبراهيم بن مهدي عند أحمد في»مسنده" (٢٢١٠١)، والحسن بن عرفة عند الترمذي (١٢٠٨)، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. =

٦٣ - بَابٌ: لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ
٢٠١٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ، حَدّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِي، حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ» (١).


= وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وقال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ٤/ ٤٧ بعد إخراجه الحديث: إسناده صحيح متصل. قلنا: وإنما حسن إسناد هذا الحديث، لأن إسماعيل بن عياش روايتُه عن أهل الشام مستقيمة عند أهل العلم، وهذا منها.
(١) إسناده ضعيف لضعف إسحاق بن محمَّد الفَزوي وعبد الله بن عمر العُمري.
وأخرجه الدارقطني في «سننه» (٣٦٧٩)، وأبو نعيم الأصبهاني في «أخبار أصبهان» ١/ ١٦٣، والبيهقي في «السُّنن الكبرى» ٧/ ١٦٨، وفي «معرفة السُّنن والآثار» (١٣٨٧٢) من طريق إسحاق بن محمَّد الفروي، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عائشة عند الطبراني في «الأوسط» (٤٨٠٠) و(٧٢٢٠)، وابن عدي في «الكامل» ٥/ ١٨٠٨، والدارقطني (٣٦٧٧) و(٣٦٧٨) و(٣٦٨٠)، والبيهقي في «السُّنن الكبرى» ٧/ ١٦٩، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١٠٣١) وفي إسناده عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي الزهري، وهو متروك الحديث.
وعن علي بن أبي طالب موقوفًا عند سعيد بن منصور (١٧٢٢)، والبيهقي ٧/ ١٦٨، ولكنه مرسل.
وعن ابن عباس موقوفًا عند عبد الرزاق (١٢٧٦٩) و(١٢٧٨١)، وابن أبي شيبة ٤/ ١٨٤ و١٨٥ والبيهقي في «السُّنن الكبرى» ٧/ ١٦٨، وفي «المعرفة» (١٣٨٦٩) من طرق عن ابن عباس: أنه سئل عن رجل زنى بأخت امرأته -وبعضهم يقول: بأم امرأته- قال: تخطى حرمتين ولا تحرم عليه امرأته. وقد صححَ إسنادَه الحافظ في «الفتح» ٩/ ١٥٦.

 


google-playkhamsatmostaqltradent