recent
آخر المقالات

١٥ - كِتَاب الْحَجِّ

 

(١٢١٣) - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد (قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ عبدَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ) أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ:
دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها. وَهِيَ تَبْكِي. فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ إِلَى آخِرِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ مَا قَبْلَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ.

١٣٧ - (١٢١٣) وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (يَعْنِي ابن هشام) حدثني أبي عن مطر،



٨٨٢
عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ ﷺ، أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ اللَّيْثِ. وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: قَالَ:
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَجُلًا سَهْلًا. إِذَا هَوِيَتِ الشَّيْءَ تَابَعَهَا عَلَيْهِ. فَأَرْسَلَهَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ، مِنَ التَّنْعِيمِ. قَالَ مَطَرٌ: قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا حَجَّتْ صَنَعَتْ كَمَا صَنَعَتْ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ.


(وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رجلا سهلا) أي سهل الخلق كريم الشمائل، لطيفا ميسرا في الخلق. كما قال الله تعالى وإنك لعل خلق عظيم. (إذا هويت شيئا تابعها عليه) معناه إذا هويت شيئا لا نقص فيه في الدين، مثل طلبها، الاعتمار وغيره، أجابها إليه.

١٣٨ - (١٢١٣) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه. ح وحدثنا يحيى بن يحيى (واللفظ له). أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه. قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ. مَعَنَا النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ. فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ. فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ» قَالَ قُلْنَا: أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ «الْحِلُّ كُلُّهُ» قَالَ: فَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَمَسِسْنَا الطِّيبَ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ. وَكَفَانَا الطَّوَافُ الْأَوَّلُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ. كُلُّ سَبْعَةٍ منا في بدنة.


(ومسسنا) هو بكسر السين الأولى. هذه اللغة المشهورة. قال الجوهري: ومسست الشيء بكسر السين، أمسه، بفتح الميم، مسا، فهذه اللغة الفصيحة. (بدنة) البدنة تطلق على البعير والبقرة. لكن غالب استعمالها في البعير.

١٣٩ - (١٢١٤) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما. قَالَ:
أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ، لَمَّا أَحْلَلْنَا، أَنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إلى منى. قال: فأهللنا من الأبطح.


(توجهنا إلى منى) يعني يوم التروية. (الأبطح) هو بطحاء مكة، وهو متصل بالمحصب.

١٤٠ - (١٢١٥) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ. قال:
أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه يَقُولُ: لَمْ يَطُفْ النَّبِيُّ ﷺ، وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا. زَادَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ: طَوَافَهُ الْأَوَّلَ.

١٤١ - (١٢١٦) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ. قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، فِي نَاسٍ مَعِي. قَالَ:
أَهْلَلْنَا، أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ﷺ، بِالْحَجِّ خَالِصًا وَحْدَهُ. قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: فَقَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. فَأَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ. قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ «حِلُّوا وَأَصِيبُوا النِّسَاءَ». قَالَ عَطَاءٌ: وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ. وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ فَقُلْنَا: لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلَّا خَمْسٌ، أَمَرَنَا أَنْ نُفْضِيَ إِلَى نِسَائِنَا. فَنَأْتِيَ عرَفَةَ تَقْطُرُ مَذَاكِيرُنَا الْمَنِيَّ! قَالَ يَقُولُ جَابِرٌ بِيَدِهِ (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قَوْلِهِ بِيَدِهِ يُحَرِّكُهَا) قَالَ فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فِينَا. فَقَالَ: «قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَصْدَقُكُمْ وَأَبَرُّكُمْ. وَلَوْلَا هَدْيِي لَحَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ.

٨٨٤
وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ. فَحِلُّوا» فَحَلَلْنَا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ فَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ سِعَايَتِهِ. فَقَالَ «بِمَ أَهْلَلْتَ؟» قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا» قَالَ: وَأَهْدَى لَهُ عَلِيٌّ هَدْيًا. فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَقَالَ «لأبد».


(أصحاب محمد ﷺ منصوب على الاختصاص. (صبح رابعة) هو بضم الصاد وكسرها. (حلوا وأصيبوا النساء) أي اخرجوا من إحرامكم، وباشروا حلائلكم. (ولم يعزم عليهم) أي لم يأمرهم أمرا جازما في وطء النساء، بل أباحه لهم. وأما الإحلال فعزم فيه على من لم يكن معه هدي. (نفضى إلى نسائنا) أي نصل إليهن بالجماع. (فنأتي عرفة) أراد بها عرفات. قال في المصباح: يقال وقفت بعرفة كما يقال بعرفات. (تقطر مذاكيرنا المني) الجملة حالية، وهي كناية عن قرب الجماع. وقطر يتعدى ولا يتعدى. والمذاكير جمع الذكر بمعنى آلة الذكورة على غير قياس. وأما الذكر، خلاف الأنثى، فيجمع على ذكور وذكران. (يقول جابر بيده) أي يشير بيده يحركها. ففيه إطلاق القول على الفعل. ومثل قوله. كأني أنظر إلى قوله بيده. أي إلى إشارته بها. (ما استدبرت) ما موصولة. محلها النصب على المفعولية لاستقبلت. والاستقبال خلاف الاستدبار. والمعنى: لو ظهر لي أولا ما ظهر لي آخرا من إحرام بعمرة، لما سقت الهدي. وفعلت معكم ما أمرتكم بفعله من فسخ الحج بعمرة. وسائق الهدي لا يصح له ذلك. فإنه لا يحل حتى ينحره. ولا ينحر إلا يوم النحر، بخلاف من لم يسقه. قال ابن الأثير: وإنما أراد بهذا القول تطيب قلوب أصحابه لأنه كان يشق عليهم أن يحلوا وهو محرم. فقال لهم ذلك لئلا يجدوا في أنفسهم، وليعلموا أن الأفضل لهم قبول ما دعاهم إليه. وأنه لولا الهدي لفعله. (من سعايته) أي من عمله باليمن، من الجباية وغيرها. وقال القاضي عياض: أي من عمله في السعي في الصدقات. (ألعامنا هذا أم لأبد؟ فقال «لأبد») اختلف العلماء في معناه على الأقوال. أصحها، وبه قال جمهورهم، معناه أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إلى يوم القيامة. والمقصود به بيان إبطال ما كانت الجاهلية تزعمه من امتناع العمرة في أشهر الحج. والثاني معاه جواز القرآن وتقدير الكلام: دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج إلى يوم القيامة.

١٤٢ - (١٢١٦) حدثا ابن نمير. حدثي أَبِي. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما. قَالَ:
أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْحَجِّ. فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ وَنَجْعَلَهَا عُمْرَةً. فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْنَا. وَضَاقَتْ بِهِ صُدُورُنَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ. فَمَا نَدْرِي أَشَيْءٌ بَلَغَهُ مِنَ السَّمَاءِ، أَمْ شَيْءٌ مِنْ قِبَلِ النَّاسِ! فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ! أَحِلُّوا. فَلَوْلَا الْهَدْيُ الَّذِي مَعِي، فَعَلْتُ كَمَا فَعَلْتُمْ» قَالَ: فَأَحْلَلْنَا حَتَّى وَطِئْنَا النِّسَاءَ. وَفَعَلْنَا مَا يَفْعَلُ الْحَلَالُ. حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ،، وجعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج.


(وجعلنا مكة بظهر) معناه أهللنا عند إرادتنا الذهاب إلى منى.

١٤٣ - (١٢١٦) وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ نَافِعٍ. قَالَ:
قَدِمْتُ مَكَّةَ مُتَمَتِّعًا بِعُمْرَةٍ. قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ. فَقَالَ النَّاسُ: تَصِيرُ حَجَّتُكَ الْآنَ مَكِّيَّةً. فَدَخَلْتُ عَلَى

٨٨٥
عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فَاسْتَفْتَيْتُهُ. فَقَالَ عَطَاءٌ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنهم؛ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ سَاقَ الْهَدْيَ مَعَهُ. وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ. فَطُوفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَقَصِّرُوا. وَأَقِيمُوا حَلَالًا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ. وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً». قَالُوا: كَيْفَ جعلها مُتْعَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ؟ قَالَ:
«افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ. فَإِنِّي لَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ، لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِهِ. وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ. حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ» ففعلوا.


(تصير حجتك الآن مكية) لإنشائك إحرامها من مكة. فتفوتك فضيلة الإحرام من الميقات. فيقل ثوابك بقلة مشقتك. (أحلوا من إحرامكم) أي اجعلوا إحرامكم عمرة وتحللوا بعملها،، وهو الطواف والسعي ثم التقصير. (ولكن لا يحل مني حرام) أي لا يحل مني شيء حرم علي حتى يبلغ الهدي محله.

١٤٤ - (١٢١٦) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ الْقَيْسِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما. قَالَ:
قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ. فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً. وَنَحِلَّ. قَالَ: وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ. فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَجْعَلَهَا عمرة.

(١٨) بَاب فِي الْمُتْعَةِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
١٤٥ - (١٢١٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن المثننى وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة. قال: سمعت قتادة يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِالْمُتْعَةِ. وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَنْهَى عَنْهَا. قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: عَلَى يدَيَّ دارَ الحديثُ. تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ يُحِلُّ لِرَسُولِهِ مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ. وَإِنَّ الْقُرْآنَ قَدْ نَزَلَ مَنَازِلَهُ. فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ. كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ. وَأَبِتُّوا نِكَاحَ هَذِهِ النِّسَاءِ. فَلَنْ أُوتَى بِرَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً إِلَى أجل، إلا رجمته بالحجارة.


(وأبتوا نكاح هذه النساء) أي أقطعوا الأمر فيه ولا تجعلوه غير مبتوت بجعله متعا مقدرة بمدة. وقال الإمام النووي: وأما قوله في متعة النكاح، وهي نكاح المرأة إلى أجل،، فكان مباحا. ثم نسخ يوم خيبر. ثم أبيح يوم الفتح. ثم نسخ في أيام الفتح. واستمر تحريمه إلى الآن وإلى يوم القيامة. وقد كان فيه خلاف في العصر الأول ثم ارتفع. وأجمعوا على تحريمه.

(١٢١٧) - وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَافْصِلُوا حَجَّكُمْ مِنْ عُمْرَتِكُمْ. فَإِنَّهُ أَتَمُّ لحجكم. وأتم لعمرتكم.

١٤٦ - (١٢١٦) وحدثننا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ وَقُتَيْبَةُ. جميعا عَنْ حَمَّادٍ. قَالَ خَلَفٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ. قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما. قَالَ:
قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ نَقُولُ: لَبَّيْكَ! بِالْحَجِّ. فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً.

(١٩) بَاب حَجَّةِ النَّبِيِّ ﷺ
١٤٧ - (١٢١٨) حَدَّثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جَمِيعًا عَنْ حَاتِمٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيل الْمَدَنِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. فَسَأَلَ عَنِ الْقَوْمِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ. فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ. فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِّي الْأَعْلَى. ثُمَّ نَزَعَ زِرِّي الْأَسْفَلَ. ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ. فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ. يَا ابْنَ أَخِي! سَلْ عَمَّا شِئْتَ. فَسَأَلْتُهُ. وَهُوَ أَعْمَى. وَحَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ. فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا. كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا. وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ، عَلَى الْمِشْجَبِ. فَصَلَّى بِنَا. فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ بِيَدِهِ. فَعَقَدَ تِسْعًا.

٨٨٧
فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ. ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَاجٌّ. فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ. كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ. فَخَرَجْنَا مَعَهُ. حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ. فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ. فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: «اغْتَسِلِي. وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي» فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ. ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ. حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ. نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ. مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ. وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ. وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ. وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ. وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَظْهُرِنَا. وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ. وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ. وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ. فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ! لَبَّيْكَ. لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ. إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ. وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ». وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ. فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ. وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَلْبِيَتَهُ. قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ. لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ. حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ، اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا. ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام. فَقَرَأَ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [٢ / البقرة / الآية ١٢٥] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. فَكَانَ أَبِي

٨٨٨
يَقُولُ (وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: كَانَ يَقْرَأُ فِي الركعتين قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ. ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا. فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شعائر الله﴾ [٢ / البقرة / الآية ١٥٨] «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» فَبَدَأَ بِالصَّفَا. فَرَقِيَ عَلَيْهِ. حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. فَوَحَّدَ اللَّهَ، وَكَبَّرَهُ. وَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ. أَنْجَزَ وَعْدَهُ. وَنَصَرَ عَبْدَهُ. وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ. قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ. حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى. حَتَّى إِذَا صعدتا مشى. حتى إذا أَتَى الْمَرْوَةَ. فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا. حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ فَقَالَ:
«لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ. وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً. فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ. وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً». فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى. وَقَالَ «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ» مَرَّتَيْنِ«لَا بَلْ لِأَبَدٍ أَبَدٍ» وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ ﷺ. فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها مِمَّنْ حَلَّ. وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا. وَاكْتَحَلَتْ. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا. قَالَ: فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ. لِلَّذِي صَنَعَتْ. مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ. فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا. فَقَالَ: «صَدَقَتْ صَدَقَتْ. مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ؟» قَالَ قُلْتُ: اللَّهُمَّ! إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَالَ: «فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحِلُّ» قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ

٨٨٩
الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ ﷺ مِائَةً. قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا. إِلَّا النَّبِيَّ ﷺ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى. فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ. وَرَكِبَ رَسُولُ الله ﷺ فصلى به الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ. ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ. وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ. كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ. فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ. فَنَزَلَ بِهَا. حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ. فَرُحِلَتْ لَهُ. فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي. فَخَطَبَ الناس وقال: «إن دماؤكم وأموالم حَرَامٌ عَلَيْكُمْ. كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا. فِي شَهْرِكُمْ هَذَا. فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ. وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ. وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ. كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ. وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ. وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا. رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ. فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ. فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ. وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ.

٨٩٠
وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ. فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ. وَلَهُنَّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالممعروف. وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ. كِتَابُ اللَّهِ. وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي. فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ «اللَّهُمَّ! اشْهَدِ اللَّهُمَّ! اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ أَذَّنَ. ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ. ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ. وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. ثُمَّ رَكِبَ رسول الله ﷺ. حتى أَتَى الْمَوْقِفَ. فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ،

٨٩١
حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى «أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا، حَتَّى تَصْعَدَ، حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ، حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مرت بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ، حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى

٨٩٢
الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَطُبِخَتْ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ، فَقَالَ: «انْزِعُوا، بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ معكم» فناولوه دلوا فشرب منه


(فسأل عن القوم) أي عن جماعة الرجال الداخلين عليه، فإنه إذا ذاك كان أعمى. عمي في آخر عمره. (فنزع زري الأعلى) أي أخرجه من عروته ليكشف صدري عن القميص. (نساجة) هذا هو المشهور في نسخ بلادننا وروايتنا لصحيح مسلم وسنن أبي داود. ووقع في بعض النسخ: في ساجة. بحذف النون. ونقله القاضي عياض عن رواية الجمهور. قال: وهو الصواب. قال: والساجة والساج، جميعا، ثوب كالطيلسان وشبهه. قال: ورواية النون وقعت في رواية الفارسي ومعناه ثوب ملفق. قال: قال بعضهم: النون خطأ وتصحيف. قلت: ليس كذلك، بل كلاهما صحيح،، ويكون ثوبا ملفقا على هيئة الطيلسان. وقال في النهاية: هي ضرب من الملاحف منسوجة، كأنها سميت بالمصدر. يقال: نسجت أنسج نسجا ونساجة. (المشجب) هو عيدان تضم رؤسها، ويفرج بين قوائمها، توضع علها الثياب. (فقال بيده) أي أشار بها. (ثم أذن في الناس) معناه أعلمهم بذلك وأشاعه بينهم ليتأهبوا للحج معه، ويتعلموا المناسك والأحكام ويشهدوا أقواله وأفعاله ويوصيهم ليبلغ الشاهد الغائب وتشيع دعوة الإسلام. (واستثفري) الاستثفار هوأن تشد في وسطها شيئا، وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها، من قدامها ومن ورائها، في ذلك المشدود في وسطها. وهو شبيه بثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها. (ثم ركب القصواء) هي ناقته ﷺ. قال أبو عبيدة القصواء المقطوعة الأذن عرضا. (ثم نظرت إلى مد بصري) هكذا هو في جميع النسخ: مد بصري. وهو صحيح. ومعناه منتهى بصري. وأنكر بعض أهل اللغة: مد بصري. وقال الصواب: مدى بصري. وليس هو بمنكر، بل هما لغتان، المد أشهر. (فأهل بالتوحيد) يعني قوله: لبيك لا شريك لك. (استلم الركن) يعني الحجر الأسود. فإليه ينصرف الركن عند الإطلاق واستلامه مسحه وتقبيله بالتكبير والتهليل، إن أمكنه ذلك من غير إيذاء أحد. وإلا يستلم بالإشارة من بعيد. والاستلام افتعال، من السلام، بمعنى التحية. (فرمل ثلاثا) قال العلماء: الرمل هو إسراع المشي مع تقارب الخطا، وهو الخبب. (ثم نفذ إلى مقام إبراهيم) أي بلغه ماضيا في زحام. (ثم خرج من الباب) أي من باب بني مخزوم، وهو الذي يسمى باب الصفا. وخروجه عليه السلام منه، لأنه أقرب الأبواب إلى الصفا. (حتى إذا انصبت قدماه) أي انحدرت. فهو مجاز من انصباب الماء. (حتى إذا صعدتا) أي ارتفعت قدماه عن بطن الوادي. (ببدن) هو جمع بدنة. وأصله الضم. كخشب في جع خشبة. (محرشا) التحريش الإغراء، والمراد هنا أن يذكر له ما يقتضي عتابها. (بنمرة) بفتح النون وكسر الميم. هذا أصلها. ويجوز فيها ما يجوز في نظيرها. وهو إسكان الميم مع فتح النون وكسرها. وهو موضع بجنب عرفات. وليست من عرفات.
(وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ المشعر الحرام) معنى هذا أن قريشا كانت في الجاهلية. تقف بالمشعر الحرام. وهو جبل في المزدلفة يقال له قزح. وقيل إن المشعر الحرام كل المزدلفة. وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات، فظنت قريش أن النبي ﷺ يقف في المشعر الحرام على عادتهم ولا يتجاوزه. فتجاوزه النبي ﷺ إلى عرفات. لأن الله تعالى أمره بذلك في قوله تَعَالَى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ، أي سائر العرب غير قريش. وإنما كانت قريش تقف بالمزدلفة لأنها من الحرم. وكانوا يقولون: نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه. (فأجاز) أي جاوز المزدلفة ولم يقف بها، بل توجه إلى عرفات. (فرحلت) أي وضع عليها الرحل. (بطن الوادي) هو وادي عرنة. وليست عرنة من أرض عرفات عند الشافعي والعلماء كافة، إلا مالكا فقال: هي من عرفات. (كحرمة يومكم هذا) معناه متأكدة التحريم، شديدته. (بكلمة الله) قيل: معناه قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وقيل: المراد كلمة التوحيد وهي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إذ لا تحل مسلمة لغير مسلم. وقيل: قوله تعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء. وهذا الثالث هو الصحيح. (وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تكرهونه) قال الإمام النوو: المختار أن معناه أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم. سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا أو امرأة أو أحد من محارم الزوجة. فالنهي يتناول جميع ذلك. وهذا حكم المسألة عند الفقهاء أنها لا يحل لها أن تأذن لرجل ولا امرأة، لا محرم ولا غيره، في دخول منزل الزوج إلا من علمت أو ظنت أن الزوج لا يكرهه. (فاضربوهن ضربا غير مبرح) الضرب المبرح هو الضرب الشدد الشاق. ومعناه اضربوهن ضربا ليس بشديد ولا شاق. والبرح المشقة. (كتاب الله) بالنصب، بدل عما قبله. وبالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف. (وينكتها إلى الناس) هكذا ضبطناه: ينكتها. قال القاضي: كذا الرواية فيه، بالتاء المثناة فوق. قال. وهو بعيد المعنى. قال: قيل صوابه ينكبها. قال: ورويناه في سنن أبي داود بالتاء المثناة من طريق ابن العربي. وبالموحدة من طريق أبي بكر التمار. ومعناه يقلبها ويرددها إلى الناس مشيرا إليهم. ومنه: نكب كنانته إذا قلبها. هذا كلام القاضي (الصخرات) هي صخرات مفترشات في أسفل جبل الرحمة. وهو الجبل الذي بوسط أرض، عرفات. فهذا هو الموقف المستحب. (وجعل حبل المشاة بين يديه) روى حَبْل وروى جَبَل. قال القاضي عياض رحمه الله: الأول أشبه بالحديث. وحبل المشاة أي مجتمعهم. وحبل الرمل ما طال منه وضخم. وأما بالجيم فمعناه طريقهم، وحيث تسلك الرجالة. (حتى غاب القرص) هكذا هو في جميع النسخ. وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ. قال: قيل صوابه حين غاب القرص. هذا كلام القاضي. ويحتمل أن الكلام على ظاهره. ويكون قوله: حتى غاب القرص بيانًا لقوله غربت الشمس وذهبت الصفرة. فإن هذه تطلق مجازًا على مغيب معظم القرص فأزال ذلك الاحتمالَ بقوله: حتى غاب القرص والله أعلم. (وقد شنق للقصواء) شنق ضم وضيق. (مورك رحله) قال الجوهريّ: قال أبو عبيدة: المورك والموركة هو الموضع الذي يثنى الراكب رجله عليه قدام واسطة الرحل إذا ملّ الركوب. وضبطه القاضي بفتح الراء قال: وهو قطعة أدم يتورك عليها الراكب تجعل في مقدم الرحل شبه المخدة الصغيرة (ويقول بيده) أي مشيرًا بها. (السكينة السكينة) أي الزموا السكينة. وهي الرفق والطمأنينة. (كلما أن حبلا من الحبال) الحبال جمع حبل. وهو التل اللطيف من الرمل الضخم. وفي النهاية: قيل: الجبال في الرمل كالجبال في غير الرمل. (أرخي لها) أي أرخى للقصواء الزمام وأرسله قليلًا. (المزدلفة) معروفة. سميت بذلك من التزلف والازدلاف، وهو القرب. لأن الحجاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها أي مضوا إليها وتقربوا منها. وقيل سميت بذلك لمجيئ الناس إليها في زلف من الليل، أي ساعات. (ولم يسبح بينهما شيئًا) أي لم يصل بينهما نافلة. (حتى أسفر جدا) الضمير في أسفر يعود إلى الفجر المذكور أولا. وقوله: جدًا، بكسر الجيم، أي إسفارًا بليغا. (وسيما) أي حسنا. (مرت به ظعن يجرين) الظُّعُن بضم الظاء والعين، ويجوز إسكان العين، جميع ظعينة. كسفينة وسفن. وأصل الظعينة البعير الذي عليه امرأة. ثم تسمى به المرأة: مجازًا لملابستها البعير. (حتى أتى بطن محسّر) سمي بذلك لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه، أي أعيا وكلّ، ومنه قوله تعالى: ﴿يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾. (الجمرة الكبرى) هي جمرة العقبة، وهي التي عند الشجرة. (حصى الخذف) اي حصى صغار بحيث يمكن أن يُرمى بأصبعين. والخذف، في الأصل، مصدر سمي به. يقال: خذفت الحصاة ونحوها خذفًا من باب ضرب. أي رميتها بطرفي الإبهام والسبابة. قال النوويّ: وأما قوله: فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ - يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ منها - حصى الخذف. فكذا هو في النسخ. وكذا نقله القاضي عن معظم النسخ. قال: وصوابه مثل حصى الخذف. قال: وكذلك رواه غير مسلم، وكذا رواه بعض رواه مسلم. هذا كلام القاضي: قلت: والذي في النسخ من غير لفظة مثل هو الصواب. بل لا يتجه غيره ولا يتم الكلام إلا كذلك. ويكون قوله: حصى الخذف متعلقًا بقوله حصيات. أي رماها بسبع حصيات حصى الخذف، يكبر مع كل حصاة. فحصى الخذف متصل بحصيات واعترض بينهما يكبر مع كل حصاة وهذا هو الصواب. (ما غبر) أي ما بقى. (فأفاض إلى البيت فيه) محذوف تقديره: فأفاض فطاف بالبيت طواف الإفاضة ثم صلى الظهر، فحذف ذكر الطواف لدلالة الكلام عليه. (انزعوا) معناه استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء. (لولا أن يغلبكم الناس) أي لولا خوفى أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج، ويزدحمون عليه، بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الاستقاء لاستقيت معكم، لكثرة فضيلة هذا الاستقاء.

١٤٨ - (١٢١٨) وحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. حَدَّثَنَا أبي. حدثنا جعفر بن محمد. حدثنا أَبِي. قَالَ:
أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ حَاتِمِ بن ا سماعيل. وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: وَكَانَتِ الْعَرَبُ يَدْفَعُ بِهِمْ أَبُو سَيَّارَةَ عَلَى حِمَارٍ عُرْيٍ. فَلَمَّا أَجَازَ

٨٩٣
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ من الْمُزْدَلِفَةِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ لَمْ تَشُكَّ قُرَيْشٌ أَنَّهُ سَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ. وَيَكُونُ مَنْزِلُهُ ثَمَّ. فَأَجَازَ وَلَمْ يعرض له حتى أتى عرفات فنزل.


(يدفع بهم أبو سيارة) أي في الجاهلية. (لم تشك قريش) معنى الحديث أن قريشا كانت قبل الإسلام تقف بالمزدلفة، وهي من الحرم. ولا يقفون بعرفات. وكان سائر العرب يقفون بعرفات. وكانت قريش تقول: نحن أهل الحرم، فلا نخرج منه. فلما حج النبي ﷺ ووصل المزدلفة اعتقدوا أنه يقف بالزدلفة على عادة قريش. فجاوز إلى عرفات. لقول الله عز وجل: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الناس، أي جمهور الناس. فإن من سوى قريش كانوا يقفون بعرفات ويفيضون منها.

(٢٠) بَاب مَا جَاءَ أَنَّ عَرَفَةَ كُلَّهَا مَوْقِفٌ
١٤٩ - (١٢١٨) حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِهِ ذَلِكَ:
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال «نحرت ههنا. وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ. فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ. وَوَقَفْتُ ههنا. وعرفة كلها موقف ووقفت ههنا. وجمع كلها موقف».


(وجمع كلها موقف) أنث الضمير لأن جمعا علم لمزدلفة.

١٥٠ - (١٢١٨) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جابر ين عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ. ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ. فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا.

(٢١) بَاب فِي الْوُقُوفِ وقَوْله تَعَالَى: ثُمَّ أَفِيضُوا من حيث أفاض الناس
١٥١ - (١٢١٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها. قَالَتْ:
كَانَ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ. وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ.

٨٩٤
وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ. فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ عز وجل نَبِيَّهُ ﷺ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ فَيَقِفَ بِهَا. ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا. فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الناس [٢ /البقرة/ الآية ١٩٩].


(ومن دان دينها) أي تبعهم واتخذ دينهم دينا. (وكانوا يسمون الحمس) قال أبو الهيثم: الحمس هم قريش ومن ولدته قريش وكنانة وجديلة قيس. سموا حمسا لأنهم تحمسوا في دينهم، أي تشددوا. (ثم يفيض منها) الإفاضة، هنا الدفع بكثرة تشبيها بفيض الماء. قال ابن الأثير: وأصل الإفاضة الصب، فاستعيرت للدفع في السير. وأصله أفاض نفسه أو راحلته. فرفضوا ذكر المفعول حتى أشبه غير المتعدي.

١٥٢ - (١٢١٩) وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
كَانَتِ الْعَرَبُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرَاةً. إِلَّا الْحُمْسَ. وَالْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ. كَانُوا يَطُوفُونَ عُرَاةً. إِلَّا أَنْ تُعْطِيَهُمُ الْحُمْسُ ثِيَابًا. فَيُعْطِي الرِّجَالُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءُ النِّسَاءَ. وَكَانَتِ الْحُمْسُ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ. وَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ يَبْلُغُونَ عَرَفَاتٍ. قَالَ هِشَامٌ: فَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: الْحُمْسُ هُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِيهِمْ: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [٢ /البقرة/ الآية ١٩٩]. قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يُفِيضُونَ مِنْ عَرَفَاتٍ. وَكَانَ الْحُمْسُ يُفِيضُونَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ. يَقُولُونَ: لَا نُفِيضُ إِلَّا مِنَ الْحَرَمِ فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿أَفِيضُوا مِنْ حيث أفاض الناس﴾، رَجَعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ.

١٥٣ - (١٢٢٠) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو الناقد. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو. سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ:
أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي. فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ. فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَاقِفًا مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمِنَ الحمس. فما شأنه ههنا؟ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُعَدُّ مِنَ الْحُمْسِ.

(٢٢) بَاب فِي نَسْخِ التَّحَلُّلِ مِنَ الْإِحْرَامِ وَالْأَمْرِ بِالتَّمَامِ
١٥٤ - (١٢٢١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طارق بن شهاب، عن أبي موس قَالَ:
قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ

٨٩٥
وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ. فَقَالَ لِي: «أَحَجَجْتَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: «بِمَ أَهْلَلْتَ؟» قَالَ قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ: «فَقَدْ أَحْسَنْتَ. طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَأَحِلَّ» قَالَ: فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قَيْسٍ. فَفَلَتْ رَأْسِي. ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ. قَالَ: فَكُنْتُ أُفْتِي بِهِ النَّاسَ. حَتَّى كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يا أبا موسى! أو: ياعبد اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ! رُوَيْدَكَ بَعْضَ فُتْيَاكَ. فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَكَ. فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ. فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ. فَبِهِ فَائْتَمُّوا. قَالَ: فَقَدِمَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَأْمُرُ بِالتَّمَامِ. وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بلغ الهدي محله.


(رويدك بعض فتياك) أي ارفق قليلا وأمسك عن الفتيا. (فليتئد) أي فليتأن ولا يعجل. وهو افتعال من التؤدة، وزان رطبة.

(١٢٢١) - وحدثناه عبيد الله بن معاذ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

١٥٥ - (١٢٢١) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ (يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ) حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسٍ، عن طارق بن شهاب، عن أبي موس رضي الله عنه. قَالَ:
قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ. فَقَالَ: «بِمَ أَهْلَلْتَ؟» قَالَ قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ: «هَلْ سُقْتَ مِنْ هَدْيٍ؟» قُلْتُ: لَا. قَالَ: «فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. ثُمَّ حِلَّ» فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَطَتْنِي وَغَسَلَتْ رَأْسِي. فَكُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ بِذَلِكَ فِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَإِمَارَةِ عُمَرَ. فَإِنِّي لَقَائِمٌ بِالْمَوْسِمِ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ. فَقُلْتُ: أَيُّهَا النَّاسُ! مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ بِشَيْءٍ فَلْيَتَّئِدْ فَهَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ. فَبِهِ فَائْتَمُّوا. فَلَمَّا قَدِمَ قُلْتُ: يا أمير المؤمنين! ماهذا الَّذِي أَحْدَثْتَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ؟ قَالَ: إِنْ نأخذ بكتاب الله فإن الله عزوجل قال: ﴿وأتموا الحج والعممرة لله﴾ [/البقرة/ الآية ١٩٦] وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ.

١٥٦ - (١٢٢١) وحَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالَا: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بن شهاب، عن أبي موس رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعَثَنِي إِلَى الْيَمَنِ. قَالَ: فَوَافَقْتُهُ فِي الْعَامِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا أَبَا مُوسَى! كَيْفَ قُلْتَ حِينَ أَحْرَمْتَ؟» قَالَ قُلْتُ: لَبَّيْكَ إِهْلَالًا كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ ﷺ. فَقَالَ: «هَلْ سُقْتَ هَدْيًا؟» فَقُلْتُ: لَا. قَالَ: «فَانْطَلِقْ فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. ثُمَّ أَحِلَّ» ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ

١٥٧ - (١٢٢٢) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِي مُوسَى؛ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِالْمُتْعَةِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: رُوَيْدَكَ بِبَعْضِ فُتْيَاكَ. فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي ما أحدث أمير المؤمين فِي النُّسُكِ بَعْدُ. حَتَّى لَقِيَهُ بَعْدُ. فَسَأَلَهُ. فَقَالَ عُمَرُ:
قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ فَعَلَهُ، وَأَصْحَابُهُ. وَلَكِنْ كَرِهْتُ أَنْ يَظَلُّوا مُعْرِسِينَ بِهِنَّ فِي الْأَرَاكِ. ثم يروحون في الحج تقطر رؤسهم.


(معرسين بهن في الأراك) الضمير في بهن يعود إلى النساء للعلم بهن وإن يذكرن. ومعناه كرهت التمتع لأنه يقتضي التحلل ووطء النساء إلى حين الخروج إلى عرفات. وأعرس،، إذا صار ذا عروس ودخل بإمرأته عند بنائها. والمراد هنا الوطء. أي مقاربين نساءهم وقوله في الأراك، هو موضع بعرفة قرب نمرة. (تقطر رؤسهم) أي من مياه الإغتسال المسببة عن الوقاع بعهد قريب،، والجملة حال.

(٢٣) بَاب جَوَازِ التَّمَتُّعِ
١٥٨ - (١٢٢٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا محمد بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. قَالَ: قال عبد الله ابن شَقِيقٍ:
كَانَ عُثْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ. وَكَانَ عَلِيٌّ يَأْمُرُ بِهَا. فَقَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ كَلِمَةً. ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ: لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّا قَدْ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ: أَجَلْ. وَلَكِنَّا كُنَّا خَائِفِينَ.

(١٢٢٣) - وحدثنيه بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

١٥٩ - (١٢٢٣) وحدثنا محمد بن المثننى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. قَالَ:
اجْتَمَعَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهما بعسفان. فكان عثمان ينهى عَنِ الْمُتْعَةِ أَوِ الْعُمْرَةِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: ماتريد إِلَى أَمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، تَنْهَى عَنْهُ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: دَعْنَا مِنْكَ. فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدَعَكَ. فَلَمَّا أَنْ رَأَى عَلِيٌّ ذَلِكَ، أَهَلَّ بِهِمَا جميعا.

١٦٠ - (١٢٢٤) وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَتِ الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ خَاصَّةً.

١٦١ - (١٢٢٤) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَيَّاشٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ. عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَتْ لَنَا رُخْصَةً. يَعْنِي الْمُتْعَةَ فِي الْحَجِّ.

١٦٢ - (١٢٢٤) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه:
لَا تَصْلُحُ الْمُتْعَتَانِ إِلَّا لَنَا خَاصَّةً. يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ وَمُتْعَةَ الْحَجِّ.

١٦٣ - (١٢٢٤) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ بَيَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ. قَالَ: أَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ. فَقُلْتُ:
إِنِّي أَهُمُّ أَنْ أَجْمَعَ الْعُمْرَةَ وَالْحَجَّ، الْعَامَ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: لَكِنْ أَبُوكَ لَمْ يَكُنْ لِيَهُمَّ بِذَلِكَ. قال قتيبة: حدثنا جريرعن بَيَانٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ مَرَّ بِأَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه بِالرَّبَذَةِ. فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ لَنَا خاصة دونكم.

١٦٤ - (١٢٢٥) وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنِ الْفَزَارِيِّ. قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ:
سَأَلْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه عَنِ الْمُتْعَةِ؟ فَقَالَ: فعلناه. وَهَذَا يَوْمَئِذٍ كَافِرٌ بِالْعُرُشِ. يَعْنِي بُيُوتَ مَكَّةَ.


(وهذا يومئذ كافر بالعرش) أما العرش فبضم العين والراء، وهي بيوت مكة. قال أبو عبيدة: سميت بيوت مكة عرشا لأنها عيدان تنصب ويظلل بها. قال: ويقال لها أيضا: عروش، واحدها عرش. كفلس وفلوس. ومن قال عرش فواحدها عريش كقليب وقلب وأما قوله: وهذا، فالإشارة بهذا إلى معاوية بن أبي سفيان. وفي المراد بالكفر هنا وجهان: أحدهما ما قاله المازري وغيره: المراد وهو مقيم في بيوت مكة. قال ثعلب: يقال اكتفر الرجل إذا لزم الكفور، وهي القرى. والوجه الثاني المراد الكفر بالله تعالى. والمراد أنا تمتعنا ومعاوية يومئذ كافر، على دين الجاهلية، مقيم بمكة. وهذا اختيار القاضي عياض وغيره، وهو الصحيح المختار.

(١٢٢٥) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ،. وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ: يَعْنِي مُعَاوِيَةَ.

(١٢٢٥) - وحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَلَفٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. جَمِيعًا عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَ حَدِيثِهِمَا. وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ:
الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ.

١٦٥ - (١٢٢٦) وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مطرف، قال: قال لي عمران ابن حُصَيْنٍ:
إِنِّي لَأُحَدِّثُكَ بِالْحَدِيثِ، الْيَوْمَ، يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ. وَاعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أَعْمَرَ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِهِ فِي الْعَشْرِ. فَلَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ ذَلِكَ. وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ حَتَّى مَضَى لِوَجْهِهِ. ارْتَأَى كُلُّ امْرِئٍ، بَعْدُ، مَا شَاءَ أن يرتئي.


(قد أعمر طائفة من أهله) أي أباح لهم أن يحرموا بالعمرة حين أتوا ميقاتهم ذا الحليفة.

١٦٦ - (١٢٢٦) وحَدَّثَنَاه إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. كِلَاهُمَا عَنْ وَكِيعٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ. وقَالَ ابْنُ حَاتِمٍ فِي رِوَايَتِهِ: ارْتَأَى رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. يَعْنِي عمر.

١٦٧ - (١٢٢٦) وحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ. قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ:
أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ: إن رسول الله ﷺ جَمَعَ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ. ثُمَّ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ. وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ. وَقَدْ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ حَتَّى اكْتَوَيْتُ. فتركت. ثم تركت الكي فعاد.


(جمع بين حجة وعمرة) أي أمر بالجمع بينهما. (وَقَدْ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ حَتَّى اكْتَوَيْتُ فَتُرِكْتُ. ثم تركت الكي فعاد) معنى الحديث أن عمران بن الحصين رضي الله عنه كانت به بواسير. فكان يصبر على ألمها. وكانت الملائكة تسلم عليه. فاكتوى فانقطع سلامهم عليه. ثم ترك الكي فعاد سلامهم عليه.

(١٢٢٦) - حدثناه محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ. قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا قَالَ: قَالَ لي عمران بن حصيين. بِمِثْلِ حَدِيثِ مُعَاذٍ.

١٦٨ - (١٢٢٦) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ:
بَعَثَ إِلَيَّ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ. فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ مُحَدِّثَكَ بِأَحَادِيثَ. لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهَا بَعْدِي. فَإِنْ عِشْتُ فَاكْتُمْ عَنِّي. وَإِنْ مُتُّ فَحَدِّثْ بِهَا إن شئت: لإنه قَدْ سُلِّمَ عَلَيَّ. وَاعْلَمْ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ حج وعمرة. ثم لم ينزل فيها كتاب اللَّهِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ. قَالَ رَجُلٌ فِيهَا بِرَأْيِهِ ما شاء.


(فإن عشت فاكتم عني) أراد به الإخبار بالسلام عليه. لأنه كره أن يشاع عنه ذلك في حياته لما فيه من التعرض للفتنة.

١٦٩ - (١٢٢٦) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قتادة، عن مطرف بن عبد الله ابن الشِّخِّيرِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رضي الله عنه. قَالَ:
اعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَمَعَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ. ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ فِيهَا كِتَابٌ. وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. قَالَ فِيهَا رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ.

١٧٠ - (١٢٢٦) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه. قَالَ:
تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ الْقُرْآنُ. قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ.

١٧١ - (١٢٢٦) وحَدَّثَنِيهِ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ: تَمَتَّعَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ وتمتعنا معه.

١٧٢ - (١٢٢٦) حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ. قَالَ: قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ (يَعْنِي مُتْعَةَ الْحَجِّ). وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الْحَجِّ. وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى مَاتَ. قال رجل برأيه، بعد، ما شاء


(نزلت آية المتعة) هي قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي﴾. الآية. والفاء في فمن تمتع واقعة في جواب إذا. والفاء في فما استيسر واقعة في جواب من. أي فإذا أمنتم الإحصار من عدو أو مرض، بأن زال أو لم يكن، فتمتعتم بالعمرة إلى وقت الحج، فعليه ما تيسر من الهدي. ومعنى التمتع بالعمرة الاستمتاع والانتفاع بالتقرب إلى الله تعالى بالعمرة إلى وقت الحج. ثم الانتفاع به في وقته إن كان قارنا. ويسمى القرآن أيضا التمتع، بهذا المعنى. أو عناه الاستمتاع بسبب العمرة بالتحلل منها إلى أن يحرم بالحج إن كان متمتعا.، وعلى كلا التقديرين يلزمه هدي شكرا لنعمة الجمع بين النسكين، يذبح يوم النحر. وهو معنى قوله: فما استيسر من الهدي.

١٧٣ - (١٢٢٦) وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عِمْرَانَ الْقَصِيرِ. حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَلَمْ يَقُلْ: وَأَمَرَنَا بِهَا.

(٢٤) بَاب وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ، وَأَنَّهُ إِذَا عَدَمَهُ لَزِمَهُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ
١٧٤ - (١٢٢٧) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خالد عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:
تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ. وَأَهْدَى. فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ. وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ. ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ. وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بالعمرة إلى الحج. فكان من اللناس مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يهد. فلما قدم رسول اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ. ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلْيُهْدِ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله» وَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ. فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ. ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ. وَمَشَى أَرْبَعَةَ أَطْوَافٍ. ثُمَّ رَكَعَ، حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ، رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ. فَأَتَى الصَّفَا فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ. ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ. فَطَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شيء حرم منه. وفعل، مثل مافعل رسول الله ﷺ، من أهدى وساق الهدي من الناس.


(تمتع رسول الله عليه وسلم) قال القاضي: قوله تمتع هو محمول على التمتع اللغوى وهو القرآن آخرا. ومعناه أنه ﷺ أحرم أولا بالحج مفردا. ثم أحرم بالعمرة. فصار قارنا في آخر أمره والقارن هو متمتع من حيث اللغة ومن حيث المعنى. لأنه ترفة باتحاد الميقات والإحرام والفعل. (وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج) هو محمول على التلبية في أثناء الإحرام. وليس المراد أنه أحرم في أول أمره بعمرة ثم أحرم بحج. (ثم خب) الخبب ضرب من العدو. والمراد هنا الرمل.

١٧٥ - (١٢٢٨) وحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ عَنْ رسول الله ﷺ في تَمَتُّعِهِ بِالْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ. وَتَمَتُّعِ النَّاسِ مَعَهُ. بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنْ رسول الله ﷺ.

(٢٥) بَاب بَيَانِ أَنَّ الْقَارِنَ لَا يَتَحَلَّلُ إِلَّا في وقت تحلل الحج الْمُفْرِدِ
١٧٦ - (١٢٢٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر؛ أن حفصة رضي الله عنها زَوْج ِالنَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عمرتك؟ قال: «إنى لبدت رأس. وَقَلَّدْتُ هَدْيِي. فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ».

(١٢٢٩) - وحَدَّثَنَاه ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنهم قَالَتْ: قُلْتُ: يا رسول الله! مالك لم تحل؟ بنحوه.


(وقلدت هديي) التقليد هو تعليق شيء في عنق الهدي ليعلم أنه هدي.

١٧٧ - (١٢٢٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنهم قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ قَالَ:
«إِنِّي قَلَّدْتُ هَدْيِي، وَلَبَّدْتُ رَأْسِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْحَجِّ».

١٧٨ - (١٢٢٩) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ حَفْصَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ «فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ».

١٧٩ - (١٢٢٩) وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ رضي الله عنها أَنّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يَحْلِلْنَ

٩٠٣
عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ. قَالَتْ حَفْصَةُ: فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَحِلَّ؟ قَالَ:
«إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ هَدْيِي».

(٢٦) بَاب بَيَانِ جَوَازِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ وَجَوَازِ الْقِرَانِ
١٨٠ - (١٢٣٠) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مالك عن نافع رضي الله عنهما خَرَجَ فِي الْفِتْنَةِ مُعْتَمِرًا. وَقَالَ:
إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَخَرَجَ فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ. وَسَارَ حَتَّى إِذَا ظَهَرَ عَلَى الْبَيْدَاءِ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ. أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ. فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا جَاءَ الْبَيْتَ طَافَ بِهِ سَبْعًا. وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، سَبْعًا. لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. وَرَأَى أَنَّهُ مُجْزِئٌ عَنْهُ. وَأَهْدَى.

١٨١ - (١٢٣٠) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنِي نَافِعٌ؛ أَنَّ عبد الله بن عبد الله، وسالم ابن عبد الله كلَّما عبدَالله حِينَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَا:
لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَحُجَّ الْعَامَ. فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَ النَّاسِ قِتَالٌ يُحَالُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. قَالَ: فَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا مَعَهُ. حِينَ حَالَتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً. فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ فَلَبَّى بِالْعُمْرَةِ. ثُمَّ قَالَ: إِنْ خُلِّيَ سَبِيلِي قَضَيْتُ عُمْرَتِي. وَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا مَعَهُ. ثُمَّ تَلَا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [٣٣ / الأحزاب / الآية ٢١] ثُمَّ سَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَهْرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ. إِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْعُمْرَةِ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْحَجِّ. أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَةٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى ابْتَاعَ بِقُدَيْدٍ هَدْيًا. ثُمَّ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ مِنْهُمَا حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا بِحَجَّةٍ، يَوْمَ النَّحْرِ.

(١٢٣٠) - وحدثناه ابن نمير. حدثنا أبي. حدثنا عيد اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ. قَالَ: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ الْحَجَّ حِينَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ. وَاقْتَصَّ الحديث مثل هَذِهِ الْقِصَّةِ. وَقَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: وَكَانَ يقول: من جمع ين الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَفَاهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ. وَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا.

١٨٢ - (١٢٣٠) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح وحدثنا قتية (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَرَادَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بابن الزيير. فَقِيلَ لَهُ:
إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ. وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ. فَقَالَ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. أَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً. ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَّا وَاحِدٌ. اشْهَدُوا (قَالَ ابْنُ رُمْحٍ: أُشْهِدُكُمْ) أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِي. وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيْدٍ. ثُمَّ انْطَلَقَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا. حَتَّى قدم مكة. فطاف اليت وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. وَلَمْ يَنْحَرْ. وَلَمْ يَحْلِقْ. وَلَمْ يُقَصِّرْ. وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ. حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَنَحَرَ وَحَلَقَ. وَرَأَى أَنْ، قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

١٨٣ - (١٢٣٠) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل. كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ. وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ ﷺ إِلَّا فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ. حِينَ قِيلَ لَهُ: يَصُدُّوكَ عَنِ البيت. قال: إذن أَفْعَلَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. كَمَا ذَكَرَهُ اللَّيْثُ.

(٢٧) بَاب فِي الْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
١٨٤ - (١٢٣١) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْهِلَالِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ (فِي رِوَايَةِ يَحْيَى) قَالَ:
أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ

٩٠٥
بِالْحَجِّ مُفْرَدًا. (وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَوْنٍ) إن رسول الله ﷺ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا.

١٨٥ - (١٢٣٢) وحَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه. قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا.
قَالَ بَكْرٌ: فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ. فَقَالَ: لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ. فَلَقِيتُ أَنَسًا فَحَدَّثْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ أَنَسٌ: مَا تَعُدُّونَنَا إِلَّا صِبْيَانًا! سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا».

١٨٦ - (١٢٣٢) وحَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ (يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ) حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا أَنَسٌ رضي الله عنه؛ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ جَمَعَ بَيْنَهُمَا. بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. قَالَ:
فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ. فَقَالَ: أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ. فَرَجَعْتُ إِلَى أَنَسٍ فَأَخْبَرْتُهُ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ. فَقَالَ: كَأَنَّمَا كُنَّا صِبْيَانًا!

(٢٨) بَاب مَا يَلْزَمُ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ، مِنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ
١٨٧ - (١٢٣٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ وَبَرَةَ. قَالَ:
كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ. فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيَصْلُحُ لِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الْمَوْقِفَ. فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَا تَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى تَأْتِيَ الْمَوْقِفَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَقَدْ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَطَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمَوْقِفَ. فَبِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحَقُّ أَنْ تَأْخُذَ، أَوْ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا؟

١٨٨ - (١٢٣٣) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ بَيَانٍ، عَنْ وَبَرَةَ. قَالَ:
سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَقَدْ أَحْرَمْتُ بِالْحَجِّ؟ فَقَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ ابْنَ فُلَانٍ يَكْرَهُهُ وَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْهُ. رَأَيْنَاهُ قَدْ فَتَنَتْهُ الدُّنْيَا. فَقَالَ: وَأَيُّنَا (أَوْ أَيُّكُمْ) لَمْ تَفْتِنْهُ الدُّنْيَا؟

٩٠٦
ثُمَّ قَالَ: رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ. وَطَافَ بِالْبَيْتِ. وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَسُنَّةُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ ﷺ أَحَقُّ أَنْ تَتَّبِعَ، مِنْ سُنَّةِ فلان، إن كنت صادقا.


(فتنته الدنيا) لأنه تولى البصرة. والولايات محل الخطر والفتنة.

١٨٩ - (١٢٣٤) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ. قَالَ:
سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ قَدِمَ بِعُمْرَةٍ. فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا. وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ. وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، سَبْعًا. وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.

(١٢٣٤) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. جَمِيعًا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.

(٢٩) بَاب مَا يَلْزَمُ، مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى، مِنَ الْبَقَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ وَتَرْكِ التَّحَلُّلِ
١٩٠ - (١٢٣٥) حَدَّثَنِي هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو (وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ:
سَلْ لِي عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ رَجُلٍ يُهِلُّ بِالْحَجِّ. فَإِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ أَيَحِلُّ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالَ لَكَ: لَا يَحِلُّ. فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا يَقُولُ ذَلِكَ. قَالَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: لَا يَحِلُّ مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ إِلَّا بِالْحَجِّ. قُلْتُ: فَإِنَّ رَجُلًا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ. قَالَ: بِئْسَ مَا قَالَ. فَتَصَدَّانِي الرَّجُلُ فَسَأَلَنِي فَحَدَّثْتُهُ. فَقَالَ: فَقُلْ لَهُ: فَإِنَّ رَجُلًا كَانَ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ. وَمَا شَأْنُ أَسْمَاءَ وَالزُّبَيْرِ قَدْ فَعَلَا ذَلِكَ. قَالَ: فَجِئْتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي. قَالَ: فَمَا بَالُهُ لَا يَأْتِينِي بِنَفْسِهِ يَسْأَلُنِي؟ أَظُنُّهُ عِرَاقِيًّا. قُلْتُ: لَا أَدْرِي. قَالَ: فَإِنَّهُ

٩٠٧
قَدْ كَذَبَ. قَدْ حج رسول الله صلى اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها؛ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ. ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ. ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ أول شيء بدأ به الطواف بالبيت. ثم لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ. ثُمَّ عُمَرُ، مِثْلُ ذَلِكَ. ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ. ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ. ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي، الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ. فَكَانَ أول شيء بدأ به الطواف بالبيت. ثم لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ. ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ. ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ. ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ. ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا بِعُمْرَةٍ. وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ أَفَلَا يَسْأَلُونَهُ؟ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى ما كانوا يبدأون بِشَيْءٍ حِينَ يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ أَوَّلَ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ. ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ. وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي حِينَ تَقْدَمَانِ لَا تَبْدَآنِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنَ الْبَيْتِ تَطُوفَانِ بِهِ. ثُمَّ لَا تَحِلَّانِ. وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَقْبَلَتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ قَطُّ. فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا. وَقَدْ كَذَبَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ ذلك.


(فتصداني الرجل) أي تعرض لي. هكذا هو في جميع النسخ: تصدّاني، بالنون. والأشهر في اللغة تصدّى لي. وهو من الصدد بمعنى القرب. والأصل تصدد، فأبدل للتخفيف. (ثم لم يكن غيره) وكذا قال فيما بعده: ولم يكن غيره. هكذا هو في جميع النسخ: غيره، بالغين المعجمة والياء. قال القاضي عياض: كذا هو في جميع النسخ. قال: وهو تصحيف. وصوابه: ثم لم تكن عمرة. هذا كلام القاضي. ثم قال الإمام النووي: قلت: هذا الذي قاله من أن قول غيره تصحيف، ليس كما قال. بل هو صحيح في الرواية وصحيح في المعنى. لأن قوله غيره يتناول العمرة وغيرها. ويكون تقدير الكلام: ثم حج أبو بكر رضي الله عنه فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثم لم يكن غيره. أي لم يغير الحج ولم ينقله ويفسخه إلى غيره، لا عمرة ولا قران. (مسحوا الركن) المراد بالماسحين من سوى عائشة. وإلا فعائشة رضي الله عنها لم تمسح الركن قبل الوقوف بعرفات في حجة الوداع. بل كانت قارنة ومنعها الحيض من الطواف قبل يوم النحر. والمراد بالركن هو الحجر الأسود. والمراد بمسحه الطواف لأن من تمام الطواف استلامه.

١٩١ - (١٢٣٦) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما. قَالَتْ: خَرَجْنَا مُحْرِمِينَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيَقُمْ عَلَى إِحْرَامِهِ. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيَحْلِلْ» فَلَمْ يَكُنْ مَعِي هَدْيٌ فَحَلَلْتُ: وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ هَدْيٌ فَلَمْ يَحْلِلْ.

٩٠٨
قَالَتْ: فَلَبِسْتُ ثِيَابِي ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَلَسْتُ إِلَى الزُّبَيْرِ. فَقَالَ: قُومِي عَنِّي. فَقُلْتُ: أَتَخْشَى أَنْ أثب عليك؟


(فلبست ثيابي) لعلها أرادت بها ثياب زينتها. وإلا فالنساء ليس لهن المنع من المخيط في إحرامهن، حتى يحتجن عند الإحلال إلى لبس الثياب المعتادة. (قُومِي عَنِّي. فَقُلْتُ أَتَخْشَى أَنْ أَثِبَ عَلَيْكَ) إنما أمرها بالقيام مخافة من عارض قد يبدر منه، كلمس بشهوة أو نحوه. فإن اللمس بشهوة حرام في الإحرام. فاحتاط لنفسه بمباعدتها، من حيث إنها زوجته متحللة تطمع بها النفس.

١٩٢ - (١٢٣٦) وحدثني عباس بن عبد العظيم العنبري. حدثنا أَبُو هِشَامٍ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ. حَدَّثَنَا وهيب. حدثنا منصور ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما. قَالَتْ:
قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ. ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ: اسْتَرْخِي عَنِّي. اسْتَرْخِي عَنِّي. فَقُلْتُ: أَتَخْشَى أَنْ أَثِبَ عَلَيْكَ؟.


(استرخي عني استرخي عني) هكذا هو في النسخ مرتين، أي تباعدي.

١٩٣ - (١٢٣٧) وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عيسى. قالا: حدثنا ابن وهب. أخبرني عمروعن أَبِي الْأَسْوَدِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ؛
أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ أَسْمَاءَ، كُلَّمَا مَرَّتْ بِالْحَجُونِ تَقُولُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَسَلَّمَ. لَقَدْ نزلنا معه ههنا. ونحن، يومئذ، خفاف الحقائب. قليل ظهرنا. قليل أَزْوَادُنَا. فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ. فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا. ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ. قَالَ هَارُونُ فِي رِوَايَتِهِ: أَنَّ مَوْلَى أَسْمَاءَ. وَلَمْ يُسَمِّ: عَبْدَ اللَّهِ.


(بالحجون) هو من حرم مكة، وهو الجبل المشرف على مسجد الحرس بأعلى مكة، على يمينك وأنت مصعد عند المحصب. (خفاف الحقائب) جمع حقيبة. وهو كل ما حمل في مؤخر الرحل والقتب. ومنه: احتقب فلان كذا. (قليل ظهرنا) قلة الظهر كناية عن قلة المركب.

(٣٠) بَاب فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ
١٩٤ - (١٢٣٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُسْلِمٍ الْقُرِّيِّ. قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ؟ فَرَخَّصَ فِيهَا. وَكَانَ ابْنُ الزبير ينهى عنها. فقال: هذه أم الزُّبَيْرِ تُحَدِّثُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رخض فِيهَا. فَادْخُلُوا عَلَيْهَا فَاسْأَلُوهَا. قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا. فَإِذَا امْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ عَمْيَاءُ. فَقَالَتْ: قَدْ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فيها.

١٩٥ - (١٢٣٨) وحَدَّثَنَاه ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. ح وحَدَّثَنَاه ابْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ) جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. فَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَفِي حَدِيثِهِ الْمُتْعَةُ. وَلَمْ يَقُلْ: متعة الحج. وأما ابن جعفر فقال:
قال شُعْبَةُ: قَالَ مُسْلِمٌ: لَا أَدْرِي مُتْعَةُ الْحَجِّ أو متعة النساء.

١٩٦ - (١٢٣٩) وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الْقُرِّيُّ. سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:
أَهَلَّ النَّبِيُّ ﷺ بِعُمْرَةٍ. وَأَهَلَّ أَصْحَابُهُ بِحَجٍّ. فَلَمْ يَحِلَّ النَّبِيُّ ﷺ وَلَا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَحَلَّ بَقِيَّتُهُمْ. فَكَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فِيمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَلَمْ يَحِلَّ.

١٩٧ - (١٢٣٩) وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:
وَكَانَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَرَجُلٌ آخَرُ. فأحلا.

(٣١) بَاب جَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ
١٩٨ - (١٢٤٠) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. قَالَ:
كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ

٩١٠
فِي الْأَرْضِ. وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صفر. وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ. وَعَفَا الْأَثَرْ. وَانْسَلَخَ صَفَرْ. حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ. فَقَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ. مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً. فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ الحل؟ قال «الحل كله».


(ويجعلون المحرم صفر) هكذا هو في النسخ: صفر، من غير ألف بعد الراء. وهو منصوب مصروف بلا خلاف. وكان ينبغي أن يكتب بالألف. وسواء كتب بالألف أم بحذفها، لا بد من قراءته هنا منصوبا، لأنه مصروف. قال العلماء: المراد الإخبار عن النسيء الذي كانوا يفعلونه. وكانوا يسمون المحرم صفرا ويحلونه. وينشؤن المحرم أي يؤخرون تحريمه إلى ما بعد صفر، لئلا يتوالى عليهم ثلاثة أشهر محرمة تضيق عليهم أمورهم من الغارة وغيرها. فضللهم الله تعالى في ذلك. فقال تعالى: إنما النسيء زيادة في الكفر. (إذا برأ الدبر) الدبر ما كان يحصل بظهور الإبل من الحمل عليها ومشقة السفر. فإنه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحج. (وعفا الأثر) أي درس وامحى. والمراد أثر الإبل وغيرها في سيرها. عفا أثرها لطول مرور الأيام. هذا هو المشهور. وقال الخطابي: المراد أثر الدبر. وهذه الألفاظ تقرأ كلها ساكنة الآخر، ويوقف عليها. لأن مرادهم السجع.

١٩٩ - (١٢٤٠) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:
أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْحَجِّ. فَقَدِمَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. فَصَلَّى الصُّبْحَ. وَقَالَ، لَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ «مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَلْيَجْعَلْهَا عمرة».

٢٠٠ - (١٢٤٠) وحَدَّثَنَاه إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ. حَدَّثَنَا رَوْحٌ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْمُبَارَكِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ. كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، فِي هَذَا الإسناد. أما روح ويحيى بن كثير فقالا كما قال نَصْرٌ:
أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْحَجِّ. وَأَمَّا أَبُو شِهَابٍ فَفِي رِوَايَتِهِ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نُهِلُّ بِالْحَجِّ. وَفِي حَدِيثِهِمْ جَمِيعًا: فَصَلَّى الصُّبْحَ بِالْبَطْحَاءِ. خَلَا الْجَهْضَمِيَّ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ.


(خلا الجهضمي) منصوب على الاستثناء بخلا. فإنها كلمة يستثنى بها وتنصب ما بعدها وتجر. أما ماخلا فلا يكون فيما بعدها إلا النصب. ومثلها عدا.

٢٠١ - (١٢٤٠) وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ السَّدُوسِيُّ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. قَالَ:
قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنَ الْعَشْرِ. وَهُمْ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عمرة.


(لأربع خلون من العشر) أي عند أربع ليال مضين من عشر ذي الحجة، فبقيت من العشر ست.

٢٠٢ - (١٢٤٠) وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. قَالَ:
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الصُّبْحَ بِذِي طَوًى. وَقَدِمَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُحَوِّلُوا إِحْرَامَهُمْ بعمرة. إلا من كان معه الهدي.


(بذى طوى) هو بفتح الطاء وضمها وكسرها. ثلاث لغات حكاهن القاضي وغيره الأصح الأشهر الفتح وهو مقصور منون. وهو واد معروف بقرب مكة. فهو غير الوادى المقدس المذكور في القرآن الكريم، فإنه طوى بالضم، ولا إضافة فيه وهو موضع بالشام عند الطور.

٢٠٣ - (١٢٤١) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. قال: قال رسول الله ﷺ:
«هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا. فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ الْهَدْيُ فَلْيَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ. فَإِنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ القيامة».

٢٠٤ - (١٢٤٢) حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ الضُّبَعِيَّ قَالَ: تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِي نَاسٌ عَنْ ذَلِكَ. فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَمَرَنِي بِهَا.
قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَنِمْتُ. فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ: عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ وَحَجٌّ مَبْرُورٌ. قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي رَأَيْتُ. فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ! اللَّهُ أَكْبَرُ! سنة أبي القاسم ﷺ.

(٣٢) بَاب تَقْلِيدِ الْهَدْيِ وَإِشْعَارِهِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ
٢٠٥ - (١٢٤٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. قَالَ:
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ. ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ. وَسَلَتَ الدَّمَ. وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ. ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ. فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، أَهَلَّ بِالْحَجِّ.


(فأشعرها) الإشعار هو أن يجرحها في صفحة سنامها اليمنى بحربة أو سكين أو حديدة أو نحوها ثم يسلت الدم عنها. وأصل الإشعار والشعور الإعلام والعلامة. وإشعار الهدي لكونه علامة له، ليعلم أنه هدي. فإن ضل رده واحده. وإن اختلط بغيره تميز. (في صفحة سنامها الأيمن) صفحة السنام هي جانبها. والصفحة مؤنثة، فقوله: الأيمن، بلفظ المذكر، يتأول على أنه وصف لمعنى الصفحة، لا للفظها. ويكون المراد بالصفحة الجانب. فكأنه قال: جانب سنامها الأيمن. (وسلت الدم) أي أماطه. (وقلدها بنعلين) أي علقهما بعنقها. (فلما استوت به على البيداء) أي لما رفعته راحلته مستويا على ظهرها، مستعليا على موضع مسمى بالبيداء، لبى.

(١٢٤٣) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، بِمَعْنَى حَدِيثِ شُعْبَةَ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:
أن نبي الله ﷺ لَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ. وَلَمْ يَقُلْ: صَلَّى بها الظهر.

٢٠٦ - (١٢٤٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المثنى وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا حَسَّانَ الْأَعْرَجَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْهُجَيْمِ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا هَذَا الْفُتْيَا الَّتِي قَدْ تَشَغَّفَتْ أَوْ تَشَغَّبَتْ بِالنَّاسِ، أَنَّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ؟ فَقَالَ: سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ ﷺ. وإن رغمتم.


(ما هذا الفتيا) هكذا هو في معظم النسخ: هذا الفتيا. وفي بعضها: هذه، وهو الأجود. ووجه الأول أنه أراد بالفتيا إفتاء، فوصفه مذكرا. ويقال: فتيا وفتوى. (تشغفت أو تشغبت. قد تفشغ) أما اللفظة الأولى فمعناها علقت بالقلوب وشغفوا بها. وأما الثانية فرويت أيضا بالعين المهملة ومعناها أنها فرقت مذاهب الناس وأوقعت الخلاف بينهم. ومعنى المعجمة، أي تشغبت، خلطت عليهم أمرهم. ومعنى الثالثة انتشرت وفشت بين الناس. (وإن رغمتم) أي ذللتم وانقدتم على كره.

٢٠٧ - (١٢٤٤) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاق. حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ. قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ قَدْ تَفَشَّغَ بِالنَّاسِ، مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ. الطَّوَافُ عُمْرَةٌ. فَقَالَ: سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ ﷺ. وإن رغمتم.

٢٠٨ - (١٢٤٥) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ. قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ:
لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَاجٌّ وَلَا غَيْرُ حَاجٍّ إِلَّا حَلَّ. قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مِنْ أَيْنَ يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ: مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [٢٢ / الحج / ٣٣] قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ. فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هُوَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ وَقَبْلَهُ. وَكَانَ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ. حِينَ أمرهم أن يحلوا في حجة الوداع.


(بعد المعرّف) أي بعد الوقوف بعرفة. وأصل المعرف موضع التعريف. والتعريف يطلق على نفس الوقوف، وعلى التشبه بالواقفين بعرفات.

(٣٣) بَاب التَّقْصِيرِ فِي الْعُمْرَةِ
٢٠٩ - (١٢٤٦) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ. قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي مُعَاوِيَةُ
أَعَلِمْتَ أَنِّي قَصَّرْتُ مِنْ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ فَقُلْتُ لَهُ: لَا أَعْلَمُ هذا إلاحجة عليك.


(بمشقص) قال أبو عبيد وغيره: هو نصل السهم إذا كان طويلا ليس بعريض. وقال الخليل: هو سهم فيه نصل عريض يرمى به الوحش. وقيل: المراد به المقص، وهو الأشبه في هذا المحل.

٢١٠ - (١٢٤٦) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ قَالَ:
قَصَّرْتُ عن رسول الله ﷺ بِمِشْقَصٍ. وَهُوَ عَلَى الْمَرْوَةِ. أَوْ رَأَيْتُهُ يُقَصَّرُ عنه بمشقص. وهو على المروة.

٢١١ - (١٢٤٧) حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى. حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا. فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً. إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَرُحْنَا إِلَى منى، أهللنا بالحج.


(نصرخ بالحج صراخا) أي نرفع أصواتنا بالتلبية للحج. (ورحنا إلى منى) معناه أردنا الرواح، فإن الإهلال قبل الرواح.

٢١٢ - (١٢٤٨) وحَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنهما. قَالَا:
قَدِمْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَنَحْنُ نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا.

(١٢٤٩) - حَدَّثَنِي حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ. قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. فَأَتَاهُ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ اخْتَلَفَا فِي الْمُتْعَتَيْنِ. فقال جابر: فعلمناهما مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ نَهَانَا عَنْهُمَا عُمَرُ. فَلَمْ نَعُدْ لَهُمَا.


(المتعتين) أي متعة الحج ومتعة النساء. وأراد بمتعة الحج فسخ الحج إلى العمرة.

(٣٤) بَاب إِهْلَالِ النَّبِيِّ ﷺ وَهَدْيِهِ
٢١٣ - (١٢٥٠) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ. حدثنا سليم بن حيان عن مروان الأصفر (الأصغر)، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ
«بِمَ أَهْلَلْتَ» فَقَالَ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ «لَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ، لَأَحْلَلْتُ».

(١٢٥٠) - وحَدَّثَنِيهِ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. قَالَا: حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ بَهْزٍ «لحللت».

٢١٤ - (١٢٥١) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاق وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ وَحُمَيْدٍ؛ أَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَسًا رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وحجا. لبيك عمرة وحجا».


(عمرة وحجا) النصب بفعل محذوف، تقديره: أريد أو نويت.

٢١٥ - (١٢٥١) وحَدَّثَنِيهِ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاق وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ. قَالَ يَحْيَى:
سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» وقَالَ. حُمَيْدٌ. قَالَ أَنَسٌ: سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول «لبيك عمرة وحج».

٢١٦ - (١٢٥٢) وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنِ ابن عيينة. قال سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ حَنْظَلَةَ الْأَسْلَمِيِّ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ
«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ، حَاجًّا أَوْ معتمرا، أو ليثنينهما».


(بفج الروحاء) قال الحاف أبو بكر الحارثي: هو بين مكة والمدينة. قال: وكان طريق رسول الله ﷺ إلى بدر وإلى مكة عام الفتح وعام حجة الوداع. (أو ليثنيهما) معناه قرن بينهما. وهذا يكون بعد نزول عيسى عليه السلام من السماء، في آخر الزمان.

(١٢٥٢) - وحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. قَالَ
«وَالَّذِي نفسى محمد بيده!».

(١٢٥٢) - وحدثنيه حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَسْلَمِيِّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ!» بمثل حديثهما.

(٣٥) بَاب بَيَانِ عَدَدِ عُمَرِ النَّبِيِّ ﷺ وَزَمَانِهِنَّ
٢١٧ - (١٢٥٣) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ؛ أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه أَخْبَرَهُ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ. كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ: عمرة من الحديبية، أو من زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ. وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ. وَعُمْرَةً مِنْ جِعْرَانَةَ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي القعدة. وعمرة مع حجته.


(من العام المقبل) أي من السنة التي تليها. يعني في ذي القعدة سنة سبع. وهي العمرة المعروفة بعمرة القضية.

(١٢٥٣) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ. قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا: كَمْ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ:
حَجَّةً وَاحِدَةً. وَاعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ. ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هَدَّابٍ.

٢١٨ - (١٢٥٤) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاق. قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: كَمْ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قال: سَبْعَ عَشْرَةَ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ؛
إن رسول الله ﷺ غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ. وَأَنَّهُ حَجَّ بَعْدَ مَا هَاجَرَ حَجَّةً وَاحِدَةً. حَجَّةَ الْوَدَاعِ. قَالَ أَبُو إسحاق: وبمكة أخرى.

٢١٩ - (١٢٥٥) وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يُخْبِرُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ:
كُنْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ مُسْتَنِدَيْنِ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ. وَإِنَّا لَنَسْمَعُ ضَرْبَهَا بِالسِّوَاكِ تَسْتَنُّ. قَالَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي رَجَبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَيْ أُمَّتَاهُ! أَلَا تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَتْ وَمَا يَقُولُ؟ قُلْتُ يَقُولُ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي رَجَبٍ. فَقَالَتْ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. لَعَمْرِي! مَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ. وَمَا اعْتَمَرَ مِنْ عُمْرَةٍ إِلَّا وَإِنَّهُ لَمَعَهُ.
قَالَ: وَابْنُ عُمَرَ يَسْمَعُ. فما قال: لا، ولا نعم. سكت.


(ضربها بالسواك) أي حسن إمرارها السواك على أسنانها. (تستن) أي تستاك.

٢٢٠ - (١٢٥٥) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ. قَالَ: دَخَلْتُ، أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، الْمَسْجِدَ. فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ. وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ الضُّحَى فِي الْمَسْجِدِ. فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلَاتِهِمْ؟ فَقَالَ: بِدْعَةٌ. فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَ:
أَرْبَعَ عُمَرٍ. إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ. فَكَرِهْنَا أَنْ نُكَذِّبَهُ وَنَرُدَّ عَلَيْهِ. وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ فِي الْحُجْرَةِ. فَقَالَ عُرْوَةُ: أَلَا تَسْمَعِينَ، يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَتْ: وَمَا يَقُولُ؟ قَالَ يَقُولُ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَرْبَعَ عُمَرٍ إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ. فَقَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَّا وَهُوَ معه. وما اعتمر في رجب قط.


(بدعة) هذا قد حمله القاضي وغيره على أن مراده أن إظهارها في المسجد، والاجتماع لها، هو البدعة. لا أن أصل صلاة الضحى بدعة.

(٣٦) بَاب فَضْلِ الْعُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ
٢٢١ - ٠١٢٥٦) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ. قال:
سمعت ابن عباس يحدثنا. قال: قال رسول الله ﷺ لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ (سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَسِيتُ اسْمَهَا) «مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟» قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلَّا نَاضِحَانِ. فَحَجَّ أَبُو وَلَدِهَا وَابْنُهَا عَلَى نَاضِحٍ. وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ. قَالَ:
«فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فاعتمر. فإن عمرة فيه تعدل حجة».


(ناضحان) أي بعيران نستقى بهما.

٢٢٢ - (١٢٥٦) وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ (يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ) حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهَا أُمُّ سِنَانٍ «مَا مَنَعَكِ أَنْ تَكُونِي حَجَجْتِ مَعَنَا؟» قَالَتْ: نَاضِحَانِ كَانَا لِأَبِي فُلَانٍ (زَوْجِهَا) حَجَّ هُوَ وَابْنُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا. وكان الآخر

٩١٨
يسقي غُلَامُنَا. قَالَ «فَعُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً. أو حجة معي».


(يسقي غلامنا) هكذا هو في نسخ بلادنا. وكذا نقله القاضي عياض عن رواية عبد الغافر الفارسي وغيره. قال: وفي رواية ابن هامام. يسقي عليه غلامنا. قال القاضي عياض: وأرى هذا كله تغييرا. وصوابه: نسقي عليه نخلالنا. فتصحف منه: غلامنا. وكذا جاء في البخاري على الصواب. ويدل على صحة قوله في الرواية الأولى: ننضح عليه. وهو بمعنى نسقي عليه. هذا كلام القاضي. والمختار أن الرواية صحيحة، وتكون الزيادة التي ذكرها القاضي محذوفة مقدرة. وهذا كثير في الكلام.

(٣٧) بَاب اسْتِحْبَابِ دُخُولِ مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَالْخُرُوجِ مِنْهَا مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى، وَدُخُولِ بَلَدِهِ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا
٢٢٣ - (١٢٥٧) حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبد الله بن نمير. ح وحدثنا ابن نمير. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر؛ أن رسول الله ﷺ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ الشَّجَرَةِ، وَيَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَرَّسِ. وَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ، دَخَلَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، وَيَخْرُجُ مِنَ الثنية السفلى.


(من طريق الشجرة) التي عند مسجد ذي الحليفة. (المعرّس) هو موضع معروف بقرب المدينة على ستة أميال منها. (الثنية العليا) الثنية طريق العقبة، وهو الطريق العالي. والثنية العليا هنا هي التي ينزل منها إلى المعلاة وهي مقبرة مكة المكرمة. (من الثنية السفلى) هي التي بأسفل مكة عند باب الشبيكة.

(١٢٥٧) - وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عُبَيْدِ الله، بهذا الإسناد. وقال في رواية زهير: العليا التي بالبطحاء.


(بالبطحاء) ويقال لها: البطحاء والأبطح. وهي بجنب المحصب. وهذه الثنية ينحدر منها إلى مقابر مكة.

٢٢٤ - (١٢٥٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ، دَخَلَهَا مِنْ أَعْلَاهَا، وَخَرَجَ من أسفلها.

٢٢٥ - (١٢٥٨) وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ.
قَالَ هِشَامٌ: فَكَانَ أَبِي يَدْخُلُ مِنْهُمَا كِلَيْهِمَا. وَكَانَ أبي أكثر ما يدخل من كداء.


(من كداء) كذا ضبطناه بفتح الكاف والمد. هكذا هو نسخ بلادنا. وكذا نقله القاضي عياض عن رواية الجمهور. (يدخل منهما كليهما) يعني من كداء، وهي الثنية التي بأعلى مكة. ومن كدى وهي التي بأسفل مكة.

(٣٨) بَاب اسْتِحْبَابِ الْمَبِيتِ بِذِي طُوًى عِنْدَ إِرَادَةِ دُخُولِ مَكَّةَ، وَالِاغْتِسَالِ لِدُخُولِهَا، وَدُخُولِهَا نَهَارًا
٢٢٦ - (١٢٥٩) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَاتَ بِذِي طَوًى حَتَّى أَصْبَحَ. ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعِيدٍ: حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ. قَالَ يَحْيَى: أَوَ قَالَ: حَتَّى أَصْبَحَ.

٢٢٧ - (١٢٥٩) وحدثنا أبو ربيع الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ إِلَّا بَاتَ بِذِي طَوًى. حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ. ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ نَهَارًا. وَيَذْكُرُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ فَعَلَهُ.

٢٢٨ - (١٢٥٩) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق الْمُسَيَّبِيُّ. حَدَّثَنِي أَنَسٌ (يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ) عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان يَنْزِلُ بِذِي طَوًى. وَيَبِيتُ بِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ. حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ. وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ. لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ. وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ.


(أكمة غليظة) الأكمة ما ارتفع من الأرض دون الجبل. ويوصف بالغلظة بمعنى أنه لا يبلغ أن يكون حجرا.

٢٢٩ - (١٢٦٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق الْمُسَيَّبِيُّ. حَدَّثَنِي أَنَسٌ (يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ) عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ، نحو الكعبة. يَجْعَلُ الْمَسْجِدَ، الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ، يَسَارَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِطَرَفِ الْأَكَمَةِ. وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه سلم أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الْأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ. يَدَعُ مِنَ الْأَكَمَةِ عَشْرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا. ثُمَّ يُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَيْنِ مِنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ. الَّذِي بَيْنَكَ وبين الكعبة صلى الله عليه سلم.


(فرضتي الجبل) هما تثنية فرضة. وهي الثنية المرتفعة من الجبل. (عشرة أذرع) كذا هو في جميع النسخ. وفي بعضها عشر، بحذف الهاء وهما لغتان في الذراع التذكير والتأنيث، وهو الأفصح الأشهر.

(٣٩) باب استحباب الرمل في الطواف العمرة، وَفِي الطَّوَافِ الْأَوَّلِ مِنَ الْحَجِّ
٢٣٠ - (١٢٦١) حَدَّثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبد الله بن نمير. ح وحدثنا ابن نمير. حدثني أبي. حدثنا عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر؛
أن رسول الله ﷺ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ، خَبَّ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا. وَكَانَ يَسْعَى بِبَطْنِ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وكان ابن عمر يفعل ذلك.


(خب ثلاثا) الخب هو الرمل. وهما بمعنى واحد. وهو إسراع المشي مع تقارب الخطا. ولا يثب وثوبا. (يسعي ببطن المسيل) أي يسرع شديدا ببطن الوادي الذي بين الصفا والمروة.

٢٣١ - (١٢٦١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيل) عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نافع، عن ابن عمر؛
أن رسول الله ﷺ كَانَ إِذَا طَافَ بالحج وَالْعُمْرَةِ، أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ، فَإِنَّهُ يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ بِالْبَيْتِ. ثُمَّ يَمْشِي أَرْبَعَةً ثُمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ. ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

٢٣٢ - (١٢٦١) وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالَ حَرْمَلَةُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سلم

٩٢١
حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ، أَوَّلَ مَا يَطُوفُ حِينَ يَقْدَمُ، يَخُبُّ ثَلَاثَةَ أطاف من السبع.


(استلم الركن) الاستلام وهو المسح باليد عليه. وهو مأخوذ من السلام، بكسر السين، هي الحجارة قيل: من السلام، بفتح السين، الذي هو التحية.

٢٣٣ - (١٢٦٢) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْجُعْفِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عمر رضي الله عنهما. قَالَ:
رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا. ومشى أربعا.

٢٣٤ - (١٢٦٢) وحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ. وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فعله.

٢٣٥ - (١٢٦٣) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما؛ أَنَّهُ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إليه. ثلاثة أطواف.

٢٣٦ - (١٢٦٣) وحدثني أبو الطار. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي مَالِكٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَمَلَ الثلاثة أطواف، من الحجر إلى الحجر.


(رمل الثلاثة أطواف) هكذا هو في معظم النسخ المعتمدة. وفي نادر منها: الثلاثة أطواف. وفي أندر منها: ثلاثة أطواف. فأما ثلاثة أطواف، فلا شك في جوازه وفصاحته،، وأما الثلاثة الأطواف ففيه خلاف مشهور بين النحويين. منعه البصريون، وجوزه الكوفيون. وأما الثلاثة أطواف، كما وقع في معظم النسخ، فمنعه جمهور النحويين. وهذا الحديث يدل لمن جوزه.

٢٣٧ - (١٢٦٤) حدثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ. حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عن أبي الطفبل. قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَرَأَيْتَ هَذَا الرَّمَلَ بِالْبَيْتِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ،

٩٢٢
وَمَشْيَ أَرْبَعَةِ أَطْوَافٍ. أَسُنَّةٌ هُوَ؟ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ. قَالَ فَقَالَ: صَدَقُوا. وَكَذَبُوا. قَالَ قُلْتُ: مَا قَوْلُكَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدِمَ مَكَّةَ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إن محمدا وأصحابه لا يستطعون أن يطوفوا بالبيت من الهزل. وَكَانُوا يَحْسُدُونَهُ. قَالَ: فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثًا. وَيَمْشُوا أَرْبَعًا. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّوَافِ بين الصفا والمرة رَاكِبًا. أَسُنَّةٌ هُوَ؟ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ. قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا. قَالَ قُلْتُ: وَمَا قَوْلُكَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ. يَقُولُونَ: هَذَا مُحَمَّدٌ. هَذَا مُحَمَّدٌ. حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْبُيُوتِ. قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ رَكِبَ. وَالْمَشْيُ والسعي أفضل.


(صدقوا وكذبوا) يعني صدقوا في أن النبي ﷺ فعل. وكذبوا في قولم: إن سنة مقصودة متأكدة. (الهزل) هكذا هو في معظم النسخ: الهزل. وهكذا حكاه القاضي في المشارق، وصاحب المطالع عن رواية بعضهم. قالا: وهو وهم. والصواب والهزال. قلت: وللأول وجه وهوأن يكون بفتح الهاء، لأن الهزل، بالفتح، مصدر هزلته هزلا، كضربت ضربا. وتقديره: لا يستطيعون يطوفون لأن الله تعالى هزلهم. (صدقوا وكذبوا) يعني صدقوا في أنه طاف راكبا. وكذبوا في أن الركوب أفضل، بل المشي أفضل. (العواتق) هم جمع عاتق. وهي البكر البالغة، أو المقاربة للبلوغ. وقيل: التي لم تتزوج. سميت بذلك لأنها عتقت من استخدام أبويها وابتذالها في الخروج والتصرف، الذي تفعله الطفلة الصغيرة.

(١٢٦٤) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَزِيدُ. أَخْبَرَنَا الجريري، بهذا الإسناد، نحوه. غير أن قَالَ: وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ قَوْمَ حَسَدٍ. وَلَمْ يقل: يحسدونه.

٢٣٨ - (١٢٦٤) وحدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ. قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ:
إِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَمَلَ بِالْبَيْتِ. وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَهِيَ سُنَّةٌ. قَالَ: صدقوا وكذبوا.

٢٣٩ - (١٢٦٥) وحدثني محمد بن رافع. حدثنا يحيى بن آدَمَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْأَبْجَرِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ. قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ:
أُرَانِي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. قَالَ:

٩٢٣
فَصِفْهُ لِي. قَالَ قُلْتُ: رَأَيْتُهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ عَلَى نَاقَةٍ. وَقَدْ كَثُرَ النَّاسُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يُدَعُّونَ عَنْهُ ولا يكرهون.


(لا يدعون ولا يكرهون) يدعون أي يدفعون. ومنه قوله تعالى: يوم يدعون إلى نار جهنم دعا. وقوله تعالى: فذاك الذي يدع اليتيم. وأما قوله: يكرهون، ففي بعض الأصول من صحيح مسلم يكرهون، كما ذكرناه، من الإكراه. وفي بعضها يكهرون، وهو الانتهار. قال القاضي: هذا أصوب. وقال: وهو رواية الفارسي. والأول رواية ابن هامان والعذري.

٢٤٠ - (١٢٦٦) وحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حدثنا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ) عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ. وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمُ الْحُمَّى. وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً. فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ. وأمرهم النبي صلى الله علي وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ. وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ. لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتم. هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا. قَالَ ابْنُ عباس: ولم يمنع أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا، إِلَّا الإبقاء عليهم.


(وهنتم حمى يثرب) أي أضعفتهم. قال الفراء وغيره: يقال وهنته الحمى وغيرها وأوهنته، لغتان. وأما يثرب، فهو الاسم الذي كان للمدينة في الجاهلية، وسميت في الإسلام: المدينة، فطيبة، فطابة. (الحجر) هو داخل الحطيم. وهو الحائط المستدير إلى جانب الكعبة من جهة الميزاب. (ويمشوا ما بين الركنين) أي حيث لا تقع عليهم أعين المشركين. فإنهم ما كانوا في تلك الجهة. (جلدهم) الجلد: القوة والصبر. (إلا الإبقاء عليم) أي الرفق بهم.

٢٤١ - (١٢٦٦) وحدثني عمرو والناقد وَابْنُ أَبِي عُمَرَ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
إِنَّمَا سَعَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَرَمَلَ بِالْبَيْتِ، لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قوته.

(٤٠) بَاب اسْتِحْبَابِ اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ فِي الطَّوَافِ، دُونَ الرُّكْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ
٢٤٢ - (١٢٦٧) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله ابن عمر؛ أن قال: لم أُرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يمسح من البيت، إلا الركنين اليمانيين.


(الركنين اليمانيين) هما الركن الأسود والركن اليماني. وإنما قيل لهما اليمانيان للتغليب. كما قيل، في الأب والأم، الأبوان. وفي الشمس والقمر، القمران. واليمانيين، بتخفيف الياء، هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة.

٢٤٣ - (١٢٦٧) وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ. قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أخبرنا عبد الله بن وهب. أخبرني يونس عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسْتَلِمُ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ وَالَّذِي يَلِيهِ، مِنْ نَحْوِ دُورِ الجمحيين.


(الركن الأسود) هو المسمى بالحجر الأسود. وهو في ركن الكعبة الذي يلي الباب من جهة المشرق. (والذي يليه) وهو الركن اليماني.

٢٤٤ - (١٢٦٧) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. ذَكَرَ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ لَا يَسْتَلِمُ إِلَّا الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَ.

٢٤٥ - (١٢٦٨) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. جميعا عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عبيد الله. حدثني نافع عن ابن عمر. قَالَ: مَا تَرَكْتُ اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ، الْيَمَانِيَ وَالْحَجَرَ، مُذْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَلِمُهُمَا، فِي شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ.


(في شدة ولا رخاء) ظرف لقوله: ما تركت. وأراد بالشدة الزحام. وبالرخاء عدمه.

٢٤٦ - (١٢٦٨) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بن أبي شيبة وابن نمير. جميعا عن أَبِي خَالِدٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خالد الأحمر عن عبيد الله، عن نافع. قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِيَدِهِ. ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ. وَقَالَ: مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رأيت رسول الله ﷺ يفعله.

٢٤٧ - (١٢٦٩) وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ؛ أن قتادة ابن دِعَامَةَ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ الْبَكْرِيَّ حَدَّثَهُ؛
أنه سمع ابن عباس يقول: لم أُرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ.

(٤١) بَاب اسْتِحْبَابِ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي الطَّوَافِ
٢٤٨ - (١٢٧٠) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ وَعَمْرٌو. ح وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سعيد الأيلي. حدثني ابن وهب. أخبرني عمرو عن ابن شاب، عَنْ سَالِمٍ؛ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ. قَالَ: قَبَّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْحَجَرَ. ثُمَّ قَالَ: أَمَ وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ حَجَرٌ. وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ.
زَادَ هَارُونُ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ عَمْرٌو: وَحَدَّثَنِي بِمِثْلِهَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَسْلَمَ.

٢٤٩ - (١٢٧٠) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ عُمَرَ قَبَّلَ الْحَجَرَ. وَقَالَ: إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ.
وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقبّلك.

٢٥٠ - (١٢٧٠) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَالْمُقَدَّمِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. كلهم عَنْ حَمَّادٍ. قَالَ خَلَفٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سرجس قال:
رَأَيْتُ الْأَصْلَعَ (يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ) يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ: وَاللَّهِ! إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ، وَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَأَنَّكَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ. وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ.
وَفِي رِوَايَةِ الْمُقَدَّمِيِّ وَأَبِي كَامِلٍ: رَأَيْتُ الْأُصَيْلِعَ.

٢٥١ - (١٢٧٠) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا أَبُو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ.

٩٢٦
قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ: إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ. وَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ. وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُقَبِّلُكَ لَمْ أُقَبِّلْكَ.

٢٥٢ - (١٢٧١) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ابن عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ. قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَالْتَزَمَهُ. وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِكَ حفيا.


[حفيا) أي معتنيا. وجمعه أحفياء.

(١٢٧١) - وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَ: وَلَكِنِّي رَأَيْتُ أَبَا الْقَاسِمِ ﷺ بِكَ حَفِيًّا. وَلَمْ يَقُلْ: وَالْتَزَمَهُ.

(٤٢) بَاب جَوَازِ الطَّوَافِ عَلَى بَعِيرٍ وَغَيْرِهِ، وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِمِحْجَنٍ وَنَحْوِهِ لِلرَّاكِبِ
٢٥٣ - (١٢٧٢) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة، عن ابن عباس؛
أن رسول الله ﷺ طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بعير. يستلم الركن بمحجن.


(بمحجن) المحجن عصا معوجة الرأس، يتناول بها الراكب ما سقط له، ويحول بطرفها بعيره ويحركه للمشي.

٢٥٤ - (١٢٧٣) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
طَافَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْبَيْتِ، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، عَلَى رَاحِلَتِهِ. يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ. لِأَنْ يَرَاهُ النَّاسُ، وَلِيُشْرِفَ، وَلِيَسْأَلُوهُ. فَإِنَّ الناس غشوة.


(غشوة) أي ازدحموا عليه وكثروا.

٢٥٥ - (١٢٧٣) وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ) قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
طَافَ النَّبِيُّ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَلِيُشْرِفَ وَلِيَسْأَلُوهُ. فَإِنَّ النَّاسَ غَشُوهُ.
وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ خَشْرَمٍ: وَلِيَسْأَلُوهُ. فَقَطْ.

٢٥٦ - (١٢٧٤) حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى الْقَنْطَرِيُّ. حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاق عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: طَافَ النَّبِيُّ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، حَوْلَ الْكَعْبَةِ، عَلَى بَعِيرِهِ. يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ. كَرَاهِيَةَ أَنْ يضرب عنه الناس.


(كراهية أن يضرب عنه الناس) هكذا هو في معظم النسخ: يضرب، بالباء. وفي بعضها: يصرف، بالصاد المهملة والفاء، وكلاهما صحيح.

٢٥٧ - (١٢٧٥) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ. حَدَّثَنَا مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ يَقُولُ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ، وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ.

٢٥٨ - (١٢٧٦) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عن زينيب بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنِّي أَشْتَكِي. فَقَالَ:
«طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» قَالَتْ: فَطُفْتُ. وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَئِذٍ يُصَلِّي إلى جنب البيت. وهو يقرأ بالطور وكتاب مسطور.

(٤٣) بَاب بَيَانِ أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رُكْنٌ لَا يَصِحُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ
٢٥٩ - (١٢٧٧) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عن عائشة. قال قلت لها: إني لأظن رجلا لولم يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، مَا ضَرَّهُ. قَالَتْ: لِمَ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [٢ /البقرة/ الْآيَةَ ١٧٨]. إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. فَقَالَتْ: مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ امْرِئٍ وَلَا عُمْرَتَهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَلَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا. وَهَلْ تَدْرِي فِيمَا كَانَ ذَاكَ؟ إِنَّمَا كَانَ ذَاكَ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا يُهِلُّونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِصَنَمَيْنِ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ. يُقَالُ لَهُمَا إِسَافٌ ونائلة. ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والروة. ثُمَّ يَحْلِقُونَ. فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَرِهُوا أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَهُمَا. لِلَّذِي كَانُوا يَصْنَعُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: إِنَّ الصَّفَا والمروة من شعائر الله. إلى آخرها. قالت: فطافوا.


(إساف ونائلة) قال القاضي عياض: هكذاو قع في هذه الراية. قال: وهو غلط. والصواب ما جاء في الروايات الأخر في الباب يهلون لمناة. في الرواية الأخرى: لمناة الطاغية التي بالمشلل. قال: وهذا هو المعروف. مناة صنم كان نصبه عمرو بن لحي في جهة البحر بالمشلل مما يلي قديدا. وكذا جاء مفسرا في الحديث في الموطأ. وكانت الأزد وغسان تهل له بالحج. وقال ابن الكلبي: مناة صخرة لهذيل بقديد. نائلة فلم يكونا قط في ناحية البحر.

٣٦٠ - (١٢٧٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. أَخْبَرَنِي أَبِي. قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ:
مَا أَرَى عَلَيَّ جُنَاحًا أَنْ لَا أَتَطَوَّفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. قَالَتْ: لِمَ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ الْآيَةَ. فَقَالَتْ: لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ، لَكَانَ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا. إِنَّمَا أُنْزِلَ هَذَا فِي أُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ. كَانُوا إِذَا أَهَلُّوا، أَهَلُّوا لِمَنَاةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَلَمَّا قَدِمُوا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لِلْحَجِّ، ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. فَلَعَمْرِي! مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا والمروة.


(إن الصفا والمروة من شعائر الله) هما علمان للجبلين بمكة. والصفا، كالصفوان، الحجارة الصافية من التراب، وهو مقصور، الواحدة صفاة، مثل حصى وحصاة. والمرو الحجارة البيض، الواحدة مروة. وسمي، بالواحد، الجبل المعروف بمكة. والشعائر جمع شعيرة، وهي العلامة. أي من أعلام مناسكه ومتعبداته.

٢٦١ - (١٢٧٧) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ:
قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ: مَا أَرَى عَلَى أَحَدٍ، لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، شَيْئًا. وَمَا أُبَالِي أَنْ لَا أَطُوفَ بَيْنَهُمَا. قَالَتْ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، يَا ابْنَ أُخْتِي! طَافَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَطَافَ الْمُسْلِمُونَ. فَكَانَتْ سُنَّةً. وَإِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ، الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ، لَا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ سَأَلْنَا النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ. فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾. وَلَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ لَكَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ. فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمُ. وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: إِنَّمَا كَانَ مَنْ لَا يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنَ الْعَرَبِ، يَقُولُونَ: إِنَّ طَوَافَنَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ: إِنَّمَا أُمِرْنَا بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَلَمْ نُؤْمَرْ بِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿إِنَّ الصَّفَا والمروة من شعائر الله﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَأُرَاهَا قد نزلت في هؤلاء وهؤلاء.


(لمناة الطاغية) هي صفة لمناة. وصفت بها باعتبار طغيان عبدتها. والطغيان مجاوزة الحد في العصيان. فهي صفة إسلامية لها. (بالمشلل) جبل يهبط منه إلى قديد. وقديد واد وموضع. (إن هذا العلم) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا. قال القاضي: وروى: إن هذا لعلم بالتنوين. وكلاهما صحيح. ومعنى الأول أن هذا هو العلم المتقن. معناه استحسان قول عائشة رضي الله عنها بلاغتها في تفسير الآية الكريمة. (فأراها) ضبطوه بضم الهمزة من أراها، وفتحها. الضم أحسن وأشهر.

٢٦٢ - (١٢٧٧) حدثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. قَالَ:
سالت عائشة. ساق الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ. وَقَالَ

٩٣٠
فِي الْحَدِيثِ: فَلَمَّا سَأَلُوا رسول الله ﷺ عن ذَلِكَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ. فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جناح عليه أن يطوّف بهما﴾. قَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا. فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أن يترك الطواف بهما.


(نتحرج) قال في المصباح: حرج الرجل أثم. ورجل حرج آثم. وتحرج الإنسان تحرجا، هذا مما ورد لفظه مخالفا لمعناه. والمراد فعل فعلا جانب به الحرج. كما يقال: تحنث، إذا فعل ما يخرج به عن الحنث. قال ابن الأعرابي: للعرب أفعال تخالف معانيها ألفاظها. قالوا تحرج وتحنث وتأثم، وتهجد إذا ترك الهجود.

٢٦٣ - (١٢٧٧) وحَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخبرني يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا، هُمْ وَغَسَّانُ، يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ. فَتَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَكَانَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي آبَائِهِمْ. مَنْ أَحْرَمَ لِمَنَاةَ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَإِنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ حِينَ أَسْلَمُوا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي ذَلِكَ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شعائر الله فمن حج البيت أواعتمر فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم﴾.

٢٦٤ - (١٢٧٨) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: كَانَتِ الْأَنْصَارُ يَكْرَهُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ. مِنْ شعائر الله فمن حج البيت أواعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما﴾.

(٤٤) بَاب بَيَانِ أَنَّ السَّعْيَ لَا يُكَرَّرُ
٢٦٥ - (١٢٧٩) حَدَّثَنِي محمد بن حاتم. حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَمْ يَطُفْ النَّبِيُّ ﷺ وَلَا أَصْحَابُهُ، بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا.

(١٢٧٩) - وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَقَالَ: إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا. طَوَافَهُ الْأَوَّلَ.

(٤٥) بَاب اسْتِحْبَابِ إِدَامَةِ الْحَاجِّ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَشْرَعَ فِي رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ
٢٦٦ - (١٢٨٠) حَدَّثَنَا يحيى بن أيوب قتيبة بن سعيد بن حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. قَالَ:
رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنْ عَرَفَاتٍ. فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الشِّعْبَ الْأَيْسَرَ، الَّذِي دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ، أَنَاخَ فَبَالَ. ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوَضُوءَ. فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا. ثُمَّ قُلْتُ: الصَّلَاةَ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ. فَصَلَّى. ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ غداة جمع.


(الوضوء) هوالماء الذي يتوضأ به. (الصلاة) بالنصب، على الإغراء.

(١٢٨١) - قَالَ كُرَيْبٌ: فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى بَلَغَ الجمرة.


(الجمرة) المراد جمرة العقبة، وهي الجمرة الكبرى، فعندها يفطع التلبية بأول حصاة ترمى.

٢٦٧ - (١٢٨١) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم. كلاهما عن عيس بن يونس. قال ابن خشرم: أخبرنا عيس عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ. أَخْبَرَنِي ابْنُ عباس؛
أن النبي ﷺ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنْ جَمْعٍ. قَالَ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ الْفَضْلَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ

٢٦٨ - (١٢٨٢) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا ابن رمح. أخبرني الليث

٩٣٢
عن الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَكَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ، فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وَغَدَاةِ جَمْعٍ، لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا:
«عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ. حَتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا (وَهُوَ مِنْ مِنًى) قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ». وَقَالَ: لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الجمرة.


(وهو كافّ ناقتة) من الكف، بمعنى المنع أي يمنعها الإسراع. (بحصى الخذف) هو نحو حب الباقلاء. وهذا أمر بالتقاط الحصيات للرمى.

(١٢٨٢) - وحدثنيه زهير بن حرب. حدثني يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ: وَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى بالجمرة. وَزَادَ فِي حَدِيثِهِ: وَالنَّبِيُّ ﷺ يُشِيرُ بِيَدِهِ كَمَا يَخْذِفُ الْإِنْسَانُ.

٢٦٩ - (١٢٨٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ، وَنَحْنُ بِجَمْعٍ: سَمِعْتُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ،، يَقُولُ فِي هَذَا المقام «لبيك. اللهم! لبيك».


(سورة البقرة) وإنما خص البقرة من معظم المناسك فيها.

٢٧٠ - (١٢٨٣) وحَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا حصين عن كثير بن مدرك الأشجعي، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ لَبَّى حِينَ أَفَاضَ مِنْ جَمْعٍ. فَقِيلَ: أَعْرَابِيٌّ هَذَا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَسِيَ النَّاسُ أَمْ ضَلُّوا؟ سَمِعْتُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ يَقُولُ، فِي هَذَا الْمَكَانِ «لَبَّيْكَ. اللَّهُمَّ! لَبَّيْكَ».

(١٢٨٣) - وَحَدَّثَنَاه حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُصَيْنٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

٢٧١ - (١٢٨٣) وَحَدَّثَنِيهِ يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ. حَدَّثَنَا زِيَادٌ (يَعْنِي الْبَكَّائِيَّ) عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُدْرِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ. وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَا: سَمِعْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ، بِجَمْعٍ:
سَمِعْتُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عليه سورة البقرة، ههنا يَقُولُ «لَبَّيْكَ. اللَّهُمَّ! لَبَّيْكَ» ثُمَّ لَبَّى وَلَبَّيْنَا معه.

(٤٦) بَاب التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ فِي الذَّهَابِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ
٢٧٢ - (١٢٨٤) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. ح وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي. قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الله بن عمر، عن أبيه. قال:
غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ. مِنَّا الْمُلَبِّي، ومنا المكبر.

٢٧٣ - (١٢٨٤) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ. قَالُوا: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هارون. أخبرنا عبد العزيز ابن أبي سلمة عن عمرو بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غَدَاةِ عَرَفَةَ. فَمِنَّا الْمُكَبِّرُ وَمِنَّا الْمُهَلِّلُ. فَأَمَّا نحن فنكبر. قال قلت: الله! لَعَجَبًا مِنْكُمْ. كَيْفَ لَمْ تَقُولُوا لَهُ: مَاذَا رأيت رسول الله ﷺ يصنع؟.

٢٧٤ - (١٢٨٥) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ؛ أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ. كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه سلم؟ فَقَالَ:
كَانَ يُهِلُّ الْمُهِلُّ مِنَّا، فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ. وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ مِنَّا، فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ.

٢٧٥ - (١٢٨٥) وَحَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ:
قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، غَدَاةَ عَرَفَةَ: مَا تَقُولُ فِي التَّلْبِيَةِ هَذَا الْيَوْمَ؟ قَالَ: سِرْتُ هَذَا الْمَسِيرَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ. فَمِنَّا الْمُكَبِّرُ وَمِنَّا الْمُهَلِّلُ. وَلَا يَعِيبُ أَحَدُنَا على صاحبه.


(ومنا المهلل) كذا في النسخ. والأنسب للمقام، كما دل عليه ما سبق في الطريق الذي قبله، كون العبارة: فمنا المكبر ومنا المهل فإن التهليل قول لا إله إلا الله. والمراد هنا: الإهلال.

(٤٧) بَاب الْإِفَاضَةِ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَاسْتِحْبَابِ صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمِيعًا بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ
٢٧٦ - (١٢٨٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:
دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ عَرَفَةَ. حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ. ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغْ الْوُضُوءَ. فَقُلْتُ لَهُ: الصَّلَاةَ قَالَ «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ». فَرَكِبَ. فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ. فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ. ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ. ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ. ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا. وَلَمْ يُصَلِّ بينهما شيئا.


(دفع من عرفة) أي ابتدأ السير ودفع نفسه منها ونحاها. أو دفع ناقته وحملها على السير. والدفع متعد. لكن شاع استعماله بلا ذكر المفعول، فأشبه لازما. وسمي الرجوع من عرفات ومزدلفة دفعا لأن الناس في مسيرهم ذاك كأنهم مدفوعون. (الشعب) هو الشعب الأيسر دون المزدلفة، وهو الطريق المعهود للحاج. ومعناه الأصلي ما انفرج بين جبلين، أو الطريق في الجبل.

٢٧٧ - (١٢٨٠) وحدثنا محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مَوْلَى الزُّبَيْرِ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. قَالَ:
انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى بَعْضِ تِلْكَ الشِّعَابِ، لِحَاجَتِهِ. فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ. فَقُلْتُ: أَتُصَلِّي؟ فَقَالَ «المصلى أمامك».


(بعض تلك الشعاب) أي الطريق الجبلية.

٢٧٨ - (١٢٨٠) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ عَرَفَاتٍ. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ. (وَلَمْ يَقُلْ أُسَامَةُ: أَرَاقَ الْمَاءَ) قَالَ: فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا لَيْسَ بِالْبَالِغِ. قَالَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الصَّلَاةَ. قَالَ «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» قَالَ: ثُمَّ سَارَ حَتَّى بَلَغَ جمعا. فصلى المغرب والعشاء.


(ولم يقل أسامة أراق الماء) يعني لم يكن عن البول بإراقة الماء، بل صرح باسم البول إشعارا بإراده إياه كما سمعه من لفظ محدثه، وأنه لم ينقله بالمعنى. قال الإمام النووي: فيه أداء الرواية بحروفها. وفيه استعمال صرائح الألفاظ التي قد تستبشع ولا يكنى عنها إذا دعت الحاجة إلى التصريح بأن خيف لبس المعنى، أو اشتباه الألفاظ، أو غير ذلك.

٢٧٩ - (١٢٨٠) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ أَنَّهُ سَأَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ:
كَيْفَ صَنَعْتُمْ حِينَ رَدِفْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: جِئْنَا الشِّعْبَ الَّذِي يُنِيخُ النَّاسُ فِيهِ لِلْمَغْرِبِ. فَأَنَاخَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَاقَتَهُ وَبَالَ (وَمَا قَالَ: أَهَرَاقَ الْمَاءَ) ثُمَّ دَعَا بِالْوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا لَيْسَ بِالْبَالِغِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الصَّلَاةَ. فَقَالَ «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» فَرَكِبَ حَتَّى جِئْنَا الْمُزْدَلِفَةَ. فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ. ثُمَّ أَنَاخَ النَّاسُ فِي مَنَازِلِهِمْ. وَلَمْ يَحُلُّوا حَتَّى أَقَامَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ. فَصَلَّى. ثُمَّ حَلُّوا. قُلْتُ: فَكَيْفَ فَعَلْتُمْ حِينَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالَ: رَدِفَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ. وَانْطَلَقْتُ أَنَا فِي سُبَّاقِ قريش على رجلي.


(ولم يحلوا) هو من الحل بمعنى الفك. أو من الحلول بمعنى النزول. أي لم يفكوا ما على الجمال، أو ما نزلوا تمام النزول الذي يريده المسافر البالغ منزله، ومثله قوله: ثم حلوا. (سباق قريش) أي فيمن سبق منهم إلى منى.

٢٨٠ - (١٢٨٠) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا أَتَى النَّقْبَ الَّذِي يَنْزِلُهُ الْأُمَرَاءُ نَزَلَ فَبَالَ.

٩٣٦
(وَلَمْ يَقُلْ: أَهَرَاقَ) ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الصَّلَاةَ. فَقَالَ «الصَّلَاةُ أمامك».


(النقب) هو الطريق في الجبل. وقيل: الفرجة بين جبلين. (الأمراء) المراد بنو أمية. كانوا يصلون فيه المغرب قبل دخول وقت العشاء. وقد أنكره عكرمة. فقال: اتخذه رسول الله ﷺ مبالا واتخذتموه مصلى.!!!.

٢٨١ - (١٢٨٠) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى سِبَاعٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ؛ أَنَّهُ كَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ. فَلَمَّا جَاءَ الشِّعْبَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ. ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْغَائِطِ. فَلَمَّا رَجَعَ صَبَبْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِدَاوَةِ فَتَوَضَّأَ. ثُمَّ رَكِبَ. ثُمَّ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ. فَجَمَعَ بِهَا بَيْنَ المغرب والعشاء.


(عن عطاء مولى سباع) وفي بعض النسخ مولى أم سباع. وكلاهما خلاف المعروف فيه. وإنما المشهور: عطاء مولى بني سباع. هكذا ذكره البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل ... الخ.

٢٨٢ - (١٢٨٦) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ، عن ابن عباس؛ أن رسول اللَّهِ ﷺ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ. وَأُسَامَةُ رِدْفُهُ. قَالَ أُسَامَةُ: فَمَا زَالَ يسير على هيئته حتى أتى جمعا.


(على هيئته) هكذا هو في معظم النسخ. وفي بعضها هينته. وكلاهما صحيح المعنى. والهيئة صورة الشيء وشكله وحالته. ومعنى على هينته على عادته في السكون والرفق. يقال. امش على هينتك أي على رسلك.

٢٨٣ - (١٢٨٦) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. جَمِيعًا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. قَالَ أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: سُئِلَ أُسَامَةُ، وَأَنَا شَاهِدٌ، أَوَ قَالَ:
سَأَلْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَرْدَفَهُ مِنْ عَرَفَاتٍ. قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ يَسِيرُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ؟ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ. فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نص.


(كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ) هما نوعان من إسراع السير. وفي العنق نوع من الرفق والفجوة المكان المتسع. والنص التحريك حتى يستخرج أقصى سير الناقة.

٢٨٤ - (١٢٨٦) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ،

٩٣٧
وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ حُمَيْدٍ: قَالَ هِشَامٌ: وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ.

٢٨٥ - (١٢٨٧) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْخَطْمِيَّ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ.

(١٢٨٧) - وحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ وَابْنُ رُمْحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَ ابْنُ رُمْحٍ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ. وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.

٢٨٦ - (٧٠٣) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، جَمِيعًا.

٢٨٧ - (١٢٨٨) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ:
جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بين المغرب والعشاء؛ لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَجْدَةٌ. وَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ. وَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ.
فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي بجمع كذلك. حتى لحق بالله تعالى.


(ليس بينهما سجدة) أي لم يصل بينهما نافلة.

٢٨٨ - (١٢٨٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِجَمْعٍ، وَالْعِشَاءَ بِإِقَامَةٍ. ثُمَّ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ صَلَّى مِثْلَ ذَلِكَ. وَحَدَّثَ ابْنُ عُمَرَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ.

٢٨٩ - (١٢٨٨) وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ: صَلَّاهُمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ.

٢٩٠ - (١٢٨٨) وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قال:
جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ. صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا. وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ. بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ.

٢٩١ - (١٢٨٨) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاق. قَالَ: قَالَ سعيد ابن جُبَيْرٍ:
أَفَضْنَا مَعَ ابْنِ عُمَرَ حَتَّى أَتَيْنَا جَمْعًا. فَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ. ثُمَّ انْصَرَفَ. فَقَالَ: هَكَذَا صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي هَذَا المكان.


(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة .. الخ) هذا من الأحاديث التي استدركها الدارقطني فقال: هذا عندي وهم من إسماعيل. وقد خالفه جماعة منهم شعبة الثوري وإسرائيل وغيرهم. فرووه عن أبي إسحاق عند عبد الله بن مالك عن ابن عمر. قال: وإسماعيل وإن كان ثقة، فهؤلاء أقوم بحديث أبي إسحاق منه. هذا كلامه. وجوابه أنه يجوز أن أبا إسحاق سمعه بالطريقتين، فرواه بالوجهين. وكيف كان فالمتن صحيح لا مقدح فيه.

(٤٨) بَاب اسْتِحْبَابِ زِيَادَةِ التَّغْلِيسِ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَالْمُبَالَغَةِ فِيهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ طُلُوعِ الْفَجْرِ
٢٩٢ - (١٢٨٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا لِمِيقَاتِهَا. إِلَّا صَلَاتَيْنِ: صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ. وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ ميقاتها.

(١٢٨٩) - وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ: قَبْلَ وَقْتِهَا بِغَلَسٍ.

(٤٩) بَاب اسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ دَفْعِ الضَّعَفَةِ مِنَ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى فِي أَوَاخِرِ الليالي قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ، وَاسْتِحْبَابِ الْمُكْثِ لِغَيْرِهِمْ حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ بِمُزْدَلِفَةَ
٢٩٣ - (١٢٩٠) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا أَفْلَحُ (يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ) عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ:
اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ. تَدْفَعُ قَبْلَهُ. وَقَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ. وَكَانَتِ امْرَأَةً ثَبِطَةً. (يَقُولُ الْقَاسِمُ: وَالثَّبِطَةُ الثَّقِيلَةُ) قَالَ: فَأَذِنَ لَهَا. فَخَرَجَتْ قَبْلَ دَفْعِهِ وَحَبَسَنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا فَدَفَعْنَا بِدَفْعِهِ. وَلَأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ، فَأَكُونَ أَدْفَعُ بِإِذْنِهِ، أَحَبُّ إلي من مفروح به.


(حطمة الناس) أي قبل أن يزدحموا ويحطم بعضهم بعضا.

٢٩٤ - (١٢٩٠) وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. جميعا عن الثقفي. قال ابن المثنى: حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ سَوْدَةُ امْرَأَةً ضَخْمَةً ثَبِطَةً. فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنْ تُفِيضَ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ. فَأَذِنَ لَهَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ:
فَلَيْتَنِي كُنْتُ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ لَا تُفِيضُ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ.

٢٩٥ - (١٢٩٠) وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن عمر عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ. فَأُصَلِّي الصُّبْحَ بِمِنًى. فَأَرْمِي الْجَمْرَةَ. قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ النَّاسُ.
فَقِيلَ لِعَائِشَةَ: فَكَانَتْ سَوْدَةُ اسْتَأْذَنَتْهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. إِنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً ثَقِيلَةً ثَبِطَةً. فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَذِنَ لَهَا

٢٩٦ - (١٢٩٠) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

٢٩٧ - (١٢٩١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ قَالَ: قَالَتْ لِي أَسْمَاءُ، وَهِيَ عِنْدَ دَارِ الْمُزْدَلِفَةِ: هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: لَا. فَصَلَّتْ سَاعَةً. ثُمّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ! هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَتْ: ارْحَلْ بِي. فَارْتَحَلْنَا حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ. ثُمَّ صَلَّتْ فِي مَنْزِلِهَا. فَقُلْتُ لَهَا: أَيْ هَنْتَاهْ! لَقَدْ غَلَّسْنَا. قَالَتْ: كَلَّا. أَيْ بُنَيَّ! إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَذِنَ للظعن.


(أي هنتاه) أي يا هذا. بسكون النون وقد تفتح. وتسكن الهاء. التي في آخرها وقد تضم. (لقد غلسنا) أي جئنا بغلس، وتقدمنا على الوقت المشروع: والغلس ظلام آخر الليل. (أذن الظعن) هو بضم العين وإسكانها. وهن النساء. الواحدة ظعينة. كسفينة وسفن. وأصل الظعينة الهودج الذي تكون فيه المرأة على البعير. فسميت المرأة به مجازا. واشتهر هذا المجاز حتى غلب وخفيت الحقيقة. وظعينة الرجل امرأته.

(١٢٩١) - وحَدَّثَنِيهِ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي روايته: قالت: لا. أَيْ بُنَيَّ! إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَذِنَ لِظُعُنِهِ.

٢٩٨ - (١٢٩٢) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. ح وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ؛ أَنَّ ابْنَ شَوَّالٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ فَأَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ بِهَا مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.

٢٩٩ - (١٢٩٢) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ. ح وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ شَوَّالٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ. قَالَتْ:
كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ. نُغَلِّسُ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى. وَفِي رِوَايَةِ النَّاقِدِ: نُغَلِّسُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ.

٣٠٠ - (١٢٩٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. جميعا عَنْ حَمَّادٍ. قَالَ يَحْيَي: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ. قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ:
بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في الثَّقَلِ (أَوَ قَالَ فِي الضَّعَفَةِ) مِنْ جَمْعٍ بليل.


(الثقل) هو المتاع ونحوه: والجمع أثقال: مثل سبب وأسباب. (الضعفة) أي في ضعفة أهله من النساء والصبيان. وهو جمع ضعيف. وجمع ضعيف على ضعفة غريب. ومثله خبيث وخبثة. قال الفيومي: ولا يكاد يوجد لهما ثالث.

٣٠١ - (١٢٩٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ.

٣٠٢ - (١٢٩٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
كُنْتُ فِيمَنْ قَدَّمَ رسول الله ﷺ في ضعفة أهله.

٣٠٣ - (١٢٩٤) وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ؛ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ:
بَعَثَ بِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِسَحَرٍ مِنْ جَمْعٍ فِي ثَقَلِ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ. قُلْتُ: أَبَلَغَكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ بِي بِلَيْلٍ طَوِيلٍ؟ قَالَ: لَا. إِلَّا كَذَلِكَ، بِسَحَرٍ. قُلْتُ لَهُ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ. وَأَيْنَ صَلَّى الْفَجْرَ؟ قَالَ: لَا. إِلَّا كَذَلِكَ.

٣٠٤ - (١٢٩٥) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا: أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شِهَابٍ؛ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ. فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِاللَّيْلِ. فَيَذْكُرُونَ اللَّهَ مَا بَدَا لَهُمْ. ثُمَّ يَدْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ. وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ. فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوْا الْجَمْرَةَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: أَرْخَصَ في أي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

(٥٠) بَاب رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، تكون مَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ، وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ
٣٠٥ - (١٢٩٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ:
رَمَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ. يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ. قَالَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أُنَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: هَذَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ! مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.

٣٠٦ - (١٢٩٦) وحدثنا منجاب بن الحارث التيمي. أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ. قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ، وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَلِّفُوا الْقُرْآنَ كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيلُ. السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ. وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ. وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ.
قَالَ: فَلَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِ. فَسَبَّهُ وَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ؛ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. فَأَتَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. فَاسْتَبْطَنَ الْوَادِي. فَاسْتَعْرَضَهَا. فَرَمَاهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ. يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ. قَالَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّ النَّاسَ يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا. فَقَالَ: هَذَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ! مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عليه سورة البقرة.


(ألّفوا القرآن) قال القاضي عياض: إن كان الحجاج أراد بقوله: كما ألّفه جبريل - تأليف الآي في كل سورة ونظمها على ما هي عليه الآن في المصحف، فهو إجماع المسلمين. وأجمعوا أن ذلك تأليف النبي ﷺ. وإن كان يريد تأليف السور بعضها في إثر بعض، فهو قول بعض الفقهاء والقراء. وخالفهم المحققون، وقالوا بل هو اجتهاد من الأئمة وليس بتوقيف. قال القاضي: وتقديمه هنا النساء على آل عمران، دليل على أنه لم يرد إلا نظم الآي. لأن الحجاج إنما كان يتبع مصحف عثمان رضي الله عنه ولا يخالفه. والظاهر أنه أراد ترتيب الآي لا ترتيب السور. (فاستبطن الوادي) أي دخله. (فاستعرضها) أي فأتى العقبة من جانبها عرضا. فتكون مكة على يساره ومنى عن يمينه.

(١٢٩٦) - وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ.

٩٤٣
كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ. قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ: لَا تَقُولُوا سُورَةُ الْبَقَرَةِ. وَاقْتَصَّا الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ.

٣٠٧ - (١٢٩٦) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ؛ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
فَرَمَى الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ. وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ. وَمِنًى عَنْ يمبينه. وَقَالَ: هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البقرة.

٣٠٨ - (١٢٩٦) وحدثنا عبيد بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَلَمَّا أَتَى جَمْرَةَ العقبة.

٣٠٩ - (١٢٩٦) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو الْمُحَيَّاةِ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى أَبُو الْمُحَيَّاةِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ:
قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ: إن أناسا يَرْمُونَ الْجَمْرَةَ مِنْ فَوْقِ الْعَقَبَةِ. قَالَ: فَرَمَاهَا عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي. ثُمَّ قَالَ: من ههنا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ! رَمَاهَا الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.

(٥١) بَاب اسْتِحْبَابِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ راكبا. وبيان قوله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ»
٣١٠ - (١٢٩٧) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. جميعا عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ. قَالَ ابْنُ خَشْرَمٍ: أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَقُولُ «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ. فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لا أحج بعد حجتي هذه».


(لتأخذوا مناسككم) هذه اللام لام الأمر. ومعناه: خذوا مناسككم.

٣١١ - (١٢٩٨) وحدثني سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ الْحُصَيْنِ. قَالَ: سَمِعْتُهَا تَقُولُ:
حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَجَّةَ الْوَدَاعِ. فَرَأَيْتُهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَانْصَرَفَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَمَعَهُ بِلَالٌ وَأُسَامَةُ. أَحَدُهُمَا يَقُودُ بِهِ رَاحِلَتَهُ. وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ الشَّمْسِ. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَوْلًا كَثِيرًا. ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ (حَسِبْتُهَا قَالَتْ) أَسْوَدُ، يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَاسْمَعُوا له وأطيعوا».


(عبد مجدع) أي مقطع الأعضاء. والتشديد للتكثيير. وإلا فالجدع قطع الأنف والأذن والشفة. والذي قطع منه ذلك أجدع والأنثى جدعاء. والمقصود التنبيه على نهاية خسته. فإن العبد خسيس في العادة، ثم سواده نقص آخر، وجدعه نقص آخر. ومن هذه الصفات مجموعة فيه، فهو في نهاية الخسة. والعادة أن يكون ممتهنا في أرذل الأعمال.

٣١٢ - (١٢٩٨) وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ جَدَّتِهِ. قَالَتْ:
حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَجَّةَ الْوَدَاعِ. فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلَالًا. وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ ﷺ. وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ. حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.
قَالَ مُسْلِم: وَاسْمُ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ. وَهُوَ خَالُ محمد بن سلمة. روى عنه وَكِيعٌ وَحَجَّاجٌ الْأَعْوَرُ.

(٥٢) بَاب اسْتِحْبَابِ كَوْنِ حَصَى الْجِمَارِ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ
٣١٣ - (١٢٩٩) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد. قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أخبرنا ابن جربج. أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ رَمَى الْجَمْرَةَ، بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ.

(٥٣) بَاب بَيَانِ وَقْتِ اسْتِحْبَابِ الرَّمْيِ
٣١٤ - (١٢٩٩) وحَدَّثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو خالد الْأَحْمَرُ وَابْنُ إِدْرِيسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ:
رَمَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى. وَأَمَّا بَعْدُ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ.

(١٢٩٩) - وحدثنا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سمع جابر بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ.

(٥٤) بَاب بَيَانِ أَنَّ حَصَى الْجِمَارِ سَبْعٌ
٣١٥ - (١٣٠٠) وَحَدَّثَنِي سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ (وَهُوَ ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «الِاسْتِجْمَارُ تَوٌّ. وَرَمْيُ الْجِمَارِ تَوٌّ. وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَوٌّ. وَالطَّوَافُ تَوٌّ. وَإِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فليستجمر بتوّ».


(الاستجمار تو) التو هو الوتر. والاستجمار هو الاستنجاء. والمراد بالتو في الجمار سبع، وفي الطواف سبع، وفي السعي سبع، وفي الاستنجاء ثلاث. فإن لم يحصل الإنقاء بثلاث وجبت الزيادة حتى ينقى.

(٥٥) بَاب تَفْضِيلِ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ وَجَوَازِ التَّقْصِيرِ
٣١٦ - (١٣٠١) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ:
حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَحَلَقَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ. قَالَ عبد الله: إن رسول الله ﷺ قال «رحم الله المحلقيين» مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ «وَالْمُقَصِّرِينَ».

٣١٧ - (١٣٠١) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «وَالْمُقَصِّرِينَ».

٣١٨ - (١٣٠١) أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر؛ إن رسول الله ﷺ
قَالَ «رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «والمقصرين».


(أخبرنا أبو إسحاق) هو قول أبي أحمد الجلودي، الذي هو صاحب أبي إسحاق. روى عنه هذا الكتاب. وشيخه أبو إسحاق المذكور هو صاحب الإمام مسلم، روى عنه صحيحه هذا. قال: فرغ لنا مسلم من قراءة الكتاب في شهر رمضان، سنة سبع وخمسين ومائتين. ومات هو في رجب سنة ثمان وثلاثمائة. وقد فاته من سماع هذا الكتاب من مسلم ثلاثة مواضع: أولها هذا الموضع من كتاب الحج. فيقال فيه: أخبرنا أبو إسحاق عن مسلم. ولا يقال فيه: أخبرنا مسلم.

٣١٩ - (١٣٠١) وحَدَّثَنَاه ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ، قَالَ «وَالْمُقَصِّرِينَ».

٣٢٠ - (١٣٠٢) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ وأَبُو كُرَيْبٍ. جَمِيعًا عَنْ ابْنِ فُضَيْلٍ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن فُضَيْلٍ. حَدَّثَنَا عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قال:
قال رسول الله ﷺ «اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: يا رسول الله! وللمقصرين؟ «اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ «اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ «وَلِلْمُقَصِّرِينَ».

(١٣٠٢) - وحدثني أمية بن بسطام. حدثنا يزيد بن زُرَيْعٍ. حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة، عن النَّبِيِّ ﷺ. بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أبي هريرة.

٣٢١ - (١٣٠٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ جَدَّتِهِ؛ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيُّ ﷺ، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا. وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً. وَلَمْ يَقُلْ وَكِيعٌ: فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

٣٢٢ - (١٣٠٤) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ) ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ. حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيل). كِلَاهُمَا عَنْ موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله ﷺ حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

(٥٦) بَاب بَيَانِ أَنَّ السُّنَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ يَرْمِيَ ثُمَّ يَنْحَرَ ثُمَّ يَحْلِقَ، وَالِابْتِدَاءِ فِي الْحَلْقِ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ رَأْسِ الْمَحْلُوقِ
٣٢٣ - (١٣٠٥) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنّ رسول الله ﷺ أَتَى مِنًى. فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا. ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ. ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ «خُذْ» وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ. ثُمَّ الْأَيْسَرِ. ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ.

٣٢٤ - (١٣٠٥) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. أَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ، لِلْحَلَّاقِ «هَا» وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ هَكَذَا. فَقَسَمَ شَعَرَهُ بَيْنَ مَنْ يَلِيهِ. قَالَ: ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْحَلَّاقِ وَإِلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ. فَحَلَقَهُ فَأَعْطَاهُ أُمَّ سُلَيْمٍ. وَأَمَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ قَالَ: فَبَدَأَ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ. فَوَزَّعَهُ الشَّعَرَةَ وَالشَّعَرَتَيْنِ بَيْنَ النَّاسِ. ثُمَّ قَالَ بِالْأَيْسَرِ فَصَنَعَ بِهِ مِثْلَ ذلك. ثم قال «ههنا أَبُو طَلْحَةَ»؟ فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ.

٣٢٥ - (١٣٠٥) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك؛ أن رسول الله ﷺ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْبُدْنِ فَنَحَرَهَا. وَالْحَجَّامُ جَالِسٌ. وَقَالَ بِيَدِهِ عَنْ رَأْسِهِ. فَحَلَقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَقَسَمَهُ فِيمَنْ يَلِيهِ. ثُمَّ قَالَ «احْلِقْ الشِّقَّ الْآخَرَ» فَقَالَ «أَيْنَ أَبُو طَلْحَةَ؟» فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

٣٢٦ - (١٣٠٥) وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَسَّانَ يُخْبِرُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْجَمْرَةَ. وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ. نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ. ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ. فَقَالَ «احْلِقْ» فَحَلَقَهُ. فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ. فَقَالَ «اقْسِمْهُ بَيْنَ الناس».

(٥٧) بَاب مَنْ حَلَقَ قَبْلَ النَّحْرِ، أَوْ نَحَرَ قَبْلَ الرَّمْيِ
٣٢٧ - (١٣٠٦) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. قال:
وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، بِمِنًى، لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ. فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَمْ أَشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ. فَقَالَ «اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ» ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. فَقَالَ «ارْمِ وَلَا حَرَجَ». قَالَ: فَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ، إِلَّا قَالَ «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ».

٣٢٨ - (١٣٠٦) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ:
وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى رَاحِلَتِهِ. فَطَفِقَ نَاسٌ يَسْأَلُونَهُ. فَيَقُولُ الْقَائِلُ مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي لَمْ أَكُنْ أَشْعُرُ أَنَّ الرَّمْيَ قَبْلَ النَّحْرِ، فَنَحَرْتُ قَبْلَ الرَّمْيِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «فَارْمِ وَلَا حَرَجَ» قَالَ: وَطَفِقَ آخَرُ يَقُولُ: إِنِّي لَمْ أَشْعُرْ أَنَّ النَّحْرَ قَبْلَ الْحَلْقِ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ. فَيَقُولُ «انْحَرْ وَلَا حَرَجَ» قَالَ: فَمَا سَمِعْتُهُ يُسْأَلُ يَوْمَئِذٍ عَنْ أَمْرٍ، مِمَّا يَنْسَى الْمَرْءُ وَيَجْهَلُ، مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِ الأُمُورِ قَبْلَ بَعْضٍ، وَأَشْبَاهِهَا، إِلَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «افْعَلُوا ذَلِكَ ولا حرج».

(١٣٠٦) - حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِح، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلَى آخِرِهِ.

٣٢٩ - (١٣٠٦) وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ؛ أن النبي ﷺ؛ بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ:
مَا كُنْتُ أَحْسِبُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَّ كَذَا وَكَذَا، قبل كذا وكذا. ثم جاء لآخر فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا، قَبْلَ كَذَا وَكَذَا. لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ. قَالَ «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ».

٣٣٠ - (١٣٠٦) وحَدَّثَنَاه عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. ح وحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الإسناد. أما رواية ابن أبي بَكْرٍ فَكَرِوَايَةِ عِيسَى. إِلَّا قَوْلَهُ: لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ. فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ. وَأَمَّا يَحْيَى الأُمَوِيُّ فَفِي رِوَايَتِهِ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ. نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ.

٣٣١ - (١٣٠٦) وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. قَالَ:
أَتَى النبي ﷺ رَجُلٌ فقَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَح. قَالَ «فَاذْبَحْ وَلَا حَرَجَ» قَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. قَالَ «ارْمِ وَلَا حَرَجَ».

٣٣٢ - (١٣٠٦) وحدثنا ابن أبي عمر وعبد بن حميد عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى نَاقَةٍ بِمِنًى. فَجَاءَهُ رَجُلٌ. بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.

٣٣٣ - (١٣٠٦) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُهْزَاذَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ يَوْمَ النَّحْرِ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَنْدَ الْجَمْرَةِ. فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي

٩٥٠
حَلَقْتُ قبل الرمي. فقَالَ «ارْمِ وَلَا حَرَجَ» وَأَتَاهُ آخَرُ فقَالَ: إِنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. قَالَ «ارْمِ وَلَا حَرَجَ» وَأَتَاهُ آخَرُ فقَالَ: إِنِّي أَفَضْتُ إِلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. قَالَ «ارْمِ وَلَا حَرَجَ». قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهُ سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ، إِلَّا قَالَ «افْعَلُوا وَلَا حَرَجَ».

٣٣٤ - (١٣٠٧) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قِيلَ لَهُ: فِي الذَّبْحِ، والحلق، والرمي، والتقديم، والتأخير، فقال «لاحرج».

(٥٨) بَاب اسْتِحْبَابِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ
٣٣٥ - (١٣٠٨) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله ﷺ أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ. ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى. قَالَ نَافِعٌ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفِيضُ يَوْمَ النَّحْرِ. ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ بِمِنًى. وَيَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ فَعَلَهُ.

٣٣٦ - (١٣٠٩) حدثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ. قَالَ:
سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ شَيْءٍ عَقَلْتَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟ قَالَ: بِمِنًى. قُلْتُ: فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قَالَ: بِالْأَبْطَحِ. ثُمَّ قَالَ: افْعَلْ مَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ.

(٥٩) بَاب اسْتِحْبَابِ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ يَوْمَ النَّفْرِ، وَالصَّلَاةِ به


(المحصب) المحصب والحصبة والأبطح والبطحاء وخيف بني كنانة اسم لشيء واحد. وأصل الخيف كل ما انحدر من الجبل وارتفع عن المسيل.

٣٣٧ - (١٣١٠) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ. حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَنْزِلُونَ الأبطح.

٣٣٨ - (١٣١٠) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حدثنا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَرَى التَّحْصِيبَ سُنَّةً. وَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ يَوْمَ النَّفْرِ بِالْحَصْبَةِ.
قَالَ نَافِعٌ: قَدْ حَصَّبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ.

٣٣٩ - (١٣١١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ نُزُولُ الْأَبْطَحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ. إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، لِأَنَّهُ كَانَ أسمح لخروجه إذا خرج.


(أسمح لخروجه إذا خرج) أي أسهل لخروجه راجعا إلى المدينة.

(١٣١١) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ. ح وحَدَّثَنِيهِ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ). ح وحدثناه أَبُو كَامِلٍ. حدثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حدثنا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ. كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإسناد، مثله.

٣٤٠ - (١٣١١) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ كَانُوا يَنْزِلُونَ الْأَبْطَح. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ. وَقَالَتْ: إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَنَّهُ كَانَ مَنْزِلًا أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ.

٣٤١ - (١٣١٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ) حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَيْسَ التَّحْصِيبُ بِشَيْءٍ. إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

٣٤٢ - (١٣١٣) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة وزهير بن حرب. جميعا عن ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ. قَالَ: قَالَ أَبُو رَافِعٍ:
لَمْ يَأْمُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَنْزِلَ الْأَبْطَحَ حِينَ خَرَجَ مِنْ مِنًى. وَلَكِنِّي جِئْتُ فَضَرَبْتُ فِيهِ قُبَّتَهُ. فَجَاءَ فَنَزَلَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ، فِي رِوَايَةِ صَالِح: قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ. وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: عَنْ أَبِي رَافِعٍ. وَكَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ ﷺ.

٣٤٣ - (١٣١٤) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هريرة، عن رسول الله ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ «نَنْزِلُ غَدًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ. حَيْثُ تَقَاسَمُوا على الكفر».

٣٤٤ - (١٣١٤) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ. حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ. حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ. حدثنا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ونحن بِمِنًى «نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ. حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». وَذَلِكَ إِنَّ قُرَيْشًا وبني كنانة تحالفت على بني هشام وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ، وَلَا يُبَايِعُوهُمْ، حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. يَعْنِي، بِذَلِكَ، الْمُحَصَّبَ.

٣٤٥ - (١٣١٤) وحدثني زهير بن حرب. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج،

٩٥٣
عن أبي هريرة،، عن النبي ﷺ قَالَ:
«مَنْزِلُنَا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِذَا فَتَحَ اللَّهُ، الْخَيْفُ. حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ».


(حيث تقاسموا على الكفر) أي تحالفوا وتعاهدوا عليه. وهو تحالفهم على إخراج النبي ﷺ وبني هشام وبني المطلب من مكة إلى هذا الشعب، وهو خيف بني كنانة. وكتبوا بينهم صحيفتهم المشهورة (انظر السيرة).

(٦٠) بَاب وُجُوبِ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَالتَّرْخِيصِ فِي تَرْكِهِ لِأَهْلِ السِّقَايَةِ
٣٤٦ - (١٣١٥) حدثنا أَبُو بكر بن أبي شيبة. حدثنا ابن نمير وَأَبُو أُسَامَةَ. قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ. حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِي مِنًى، مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ. فَأَذِنَ لَهُ.

(١٣١٥) - وحَدَّثَنَاه إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

٣٤٧ - (١٣١٦) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ. حدثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حدثنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ. قَالَ:
كُنْتُ جَالِسًا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْدَ الْكَعْبَةِ. فَأَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ فقَالَ: مَا لِي أَرَى بَنِي عَمِّكُمْ يَسْقُونَ الْعَسَلَ وَاللَّبَنَ وَأَنْتُمْ تَسْقُونَ النَّبِيذَ؟ أَمِنْ حَاجَةٍ بِكُمْ أَمْ مِنْ بُخْلٍ؟ فقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ! مَا بِنَا مِنْ حَاجَةٍ وَلَا بُخْلٍ. قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَخَلْفَهُ أُسَامَةُ. فَاسْتَسْقَى فَأَتَيْنَاهُ بِإِنَاءٍ مِنْ نَبِيذٍ فَشَرِبَ. وَسَقَى فَضْلَهُ أُسَامَةَ. وَقَالَ: «أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ. كَذَا فَاصْنَعُوا» فَلَا نُرِيدُ تَغْيِيرَ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

(٦١) باب في الصدقة بلحوم الهدي وجلودهم وَجِلَالِهَا
٣٤٨ - (١٣١٧) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ. قَالَ:
أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ. وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا. وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ منها. قال «نحن نعطيه من عندنا».


(على بدنه) قال أهل اللغة: سميت البدنة لعظمها. وتطلق على الذكر والأنثى. وتطلق على الإبل والبقر والغنم. هذا قول أكثر أهل اللغة. ولكن معظم استعمالها في الأحاديث وكتب الفقه، في الإبل خاصة. (أجلتها) في القاموس: الجل بالضم وبالفتح ما تلبسه الدابة لتصان به. جمعه جلال وأجلال. فلعل الأجلة جمع الجلال، الذي هو جمع الجل.

(١٣١٧) - وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالُوا: حدثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مثله.

م (١٣١٧) وحدثنا إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. وَقَالَ إسحاق بن إبراهيم: أخبرنا معاذ بن هشام. قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي. كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وليس في حديثهم أجر الجازر.

٣٤٩ - (١٣١٧) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَعَبْدُ بْنُ حميد (قَالَ عَبد: أَخْبَرَنَا. وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ) أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ؛ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا. لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا. فِي الْمَسَاكِينِ. وَلَا يُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا منها شيئا.


(جزارتها) يقال: جزرت الجزور، وهي الناقة وغيرها، إذا نحرتها. والفاعل جازر وجزار وجزير كسكيت. والحرفة والجزارة. أما الجزارة، بالضم، فما يأخذه الجزار من الذبيحة عن أجرته كالعمالة للعامل. وأصل الجزارة أطراف البعير: اليدان والرجلان والرأس. سميت بذلك لأن الجزار كان يأخذها عن أجرته.

(١٣١٧) - وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ؛ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَهُ. بِمِثْلِهِ.

(٦٢) بَاب الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ، وَإِجْزَاءِ الْبَقَرَةِ وَالْبَدَنَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ سَبْعَةٍ
٣٥٠ - (١٣١٨) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ. الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ. وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ.

٣٥١ - (١٣١٨) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ. فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ. كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ.

٣٥٢ - (١٣١٨) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ،، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَنَحَرْنَا الْبَعِيرَ عَنْ سَبْعَةٍ. وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ.

٣٥٣ - (١٣١٨) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ. فقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ: أَيُشْتَرَكُ فِي الْبَدَنَةِ مَا يُشْتَرَكُ فِي الْجَزُورِ؟ قَالَ: مَا هِيَ إِلَّا مِنَ الْبُدْنِ.

٩٥٦
وَحَضَرَ جَابِرٌ الْحُدَيْبِيَةَ. قَالَ: نَحَرْنَا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ بَدَنَةً. اشْتَرَكْنَا كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بدنة.


(الجزور) قال العلماء: الجزور هو البعير. قال القاضي: وفرق هنا بين البقرة والجزور: لأن البدنة والهدى ما ابتدئ إهداؤه عند الإحرام. والجزور ما اشتري بعد ذلك لينحر مكانها. فتوهم السائل أن هذا أحق في الاشتراك. فقال في جوابه: إن الجزور، لما اشتريت للنسك، صار حكمها كالبدن. وقوله: ما يشترك في الجزور، هكذا في النسخ: ما يشترك. وهو صحيح. ويكون ما بمعني من. وقد جاء ذلك في القرآن وغيره. ويجوز أن تكون ما مصدرية، أي اشتراكا كالاشتراك في الجزور.

٣٥٤ - (١٣١٨) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ:
فَأَمَرَنَا إِذَا أَحْلَلْنَا أَنْ نُهْدِيَ. وَيَجْتَمِعَ النَّفَرُ مِنَّا فِي الْهَدِيَّةِ. وَذَلِكَ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا مِنْ حَجِّهِمْ. فِي هَذَا الْحَدِيثِ.

٣٥٥ - (١٣١٨) حدثنا يحيى بن يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قال:
كُنَّا نَتَمَتَّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْعُمْرَةِ. فَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ. نشترك فيها.

٣٥٦ - (١٣١٩) حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنِ ابْنِ جريج، عن أبي الزبير، عن جابر. قال:
ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ عَائِشَةَ بَقَرَةً يَوْمَ النَّحْرِ.

٣٥٧ - (١٣١٩) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. ح وحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سمع جابر بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ نِسَائِهِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ بَكْرٍ: عَنْ عَائِشَةَ، بَقَرَةً فِي حجته.

(٦٣) بَاب نَحْرِ الْبُدْنِ قِيَامًا مُقَيَّدَةً
٣٥٨ - (١٣٢٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عبد الله عَنْ يُونُسَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَر أَتَى عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَنْحَرُ بَدَنَتَهُ بَارِكَةً. فقَالَ:
ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ نبيكم ﷺ.


(ابعثها قياما مقيدة) أي أثرها حتى تقوم ثم انحرها. (مقيدة) أي قائمة معقولة، يعني مشدودة بالعقال. وتكون معقولة اليد اليسرى. ويشعر بالقيام قوله تعالى: والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف. أي قائمات على ثلاث، معقولة اليد اليسرى.

(٦٤) بَاب اسْتِحْبَابِ بَعْثِ الْهَدْيِ إِلَى الْحَرَمِ لِمَنْ لَا يُرِيدُ الذَّهَابَ بِنَفْسِهِ، وَاسْتِحْبَابِ تَقْلِيدِهِ وَفَتْلِ الْقَلَائِدِ، وَأَنَّ بَاعِثَهُ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِذَلِكَ
٣٥٩ - (١٣٢١) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ. حَدَّثَنَا ليث عن ابن شهاب، عن عروة ابن الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أن عَائِشَةَ قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُهْدِي مِنَ الْمَدِينَةِ. فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ. ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ.


(يهدي من المدينة) أي يبعث بهدية منها إلى الكعبة. (فأفتل قلائد هديه) من فتلت الحبل وغيره، إذا لويته. والقلائد جمع قلادة. والمراد بها ما يعلق بالهدي من الخيوط المفتولة وغيرها علامة له. والهدي ما يهدي إلى الحرم من النعم.

(١٣٢١) - وحدثنيه حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب، بهذا الإسناد، مثله.

٣٦٠ - (١٣٢١) وحدثناه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. ح وحدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيَّ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، بِنَحْوِهِ.

٣٦١ - (١٣٢١) وحدثنا سعيد بن منصور. حدثنا سفيان عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ:
كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِيَدِي هَاتَيْنِ. ثُمَّ لَا يَعْتَزِلُ شَيْئًا وَلَا يَتْرُكُهُ.


(ثم لا يعتزل شيئا) أي مما يعتزله الحاج من لبس المخيط واستعمال الطيب وملامسة النساء.

٣٦٢ - (١٣٢١) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حدثنا أَفْلَح عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ: فَتَلْتُ قَلَائِدَ بَدَّنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدَيَّ. ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا. ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى الْبَيْتِ. وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ. فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا.

٣٦٣ - (١٣٢١) وحدثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. قَالَ ابْنُ حُجْرٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ القاسم وأبي قلابة، عن عائشة. قالت:
كان رسول الله ﷺ يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ. أَفْتِلُ قَلَائِدَهَا بِيَدَيَّ. ثُمَّ لَا يُمْسِكُ عَنْ شَيْءٍ، لَا يمسك عنه الحلال.


(لا يمسك عنه الحلال) الجملة صفة لشيء. أي لا يجتنب شيئا مما لا يجتنبه من لم يكن محرما.

٣٦٤ - (١٣٢١) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حدثنا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ. حدثنا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ:
أَنَا فَتَلْتُ تِلْكَ الْقَلَائِدَ مِنْ عِهْنٍ كَانَ عَنْدَنَا. فَأَصْبَحَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَلَالًا. يَأْتِي مَا يَأْتِي الْحَلَالُ مِنْ أَهْلِهِ. أَوْ يَأْتِي ما يأتي الرجل من أهله.


(من عهن) هو الصوف. وقيل: الصوف المصبوغ ألوانا.

٣٦٥ - (١٣٢١) وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْتِلُ الْقَلَائِدَ لِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْغَنَمِ. فَيَبْعَثُ بِهِ. ثُمَّ يُقِيمُ فِينَا حَلَالًا.

٣٦٦ - (١٣٢١) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة وأبو كريب (قال يحيى: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية) عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة. قالت: رُبَّمَا فَتَلْتُ الْقَلَائِدَ لِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَيُقَلِّدُ هَدْيَهُ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهِ. ثُمَّ يُقِيمُ. لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يجتنب المحرم.

٣٦٧ - (١٣٢١) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة وأبو كريب. قال يحيى: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
أَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، مَرَّةً إِلَى الْبَيْتِ غنما، فقلدها.

٣٦٨ - (١٣٢١) وحدثنا إِسْحَاقَ بْنُ مَنْصُورٍ. حدثنا عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَت:
كُنَّا نُقَلِّدُ الشَّاءَ فَنُرْسِلُ بِهَا. وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَلَالٌ، لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ.

٣٦٩ - (١٣٢١) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ ابْنَ زِيَادٍ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ:
مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ. حَتَّى يُنْحَرَ الْهَدْيُ. وَقَدْ بَعَثْتُ بِهَدْيِي. فَاكْتُبِي إِلَيَّ بِأَمْرِكِ. قَالَت عَمْرَةُ: قَالَت عَائِشَةُ: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هدي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِيَدِي. ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ. ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي. فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ. حتى نحر الهدي.


(إن ابن زياد) هكذا وقع في جميع نسخ صحيح مسلم. أن ابن زياد. قال أبو علي الغساني والمازري والقاضي عياض وجميع المتكلمين على صحيح مسلم: هذا غلط. وصوابه. أن زياد بن أبي سفيان. وهو المعروف بزياد بن أبيه. وهكذا وقع على الصواب في صحيح البخاري والموطأ وسنن أبي داود وغيرها من الكتب المعتمدة. ولأن ابن زياد لم يدرك عائشة.

٣٧٠ - (١٣٢١) وحدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حدثنا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي، عن مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ تصفق وتقول: كنت أفتل قلائد هدي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِيَدِي. ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا. وَمَا يُمْسِكُ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الْمُحْرِمُ. حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ.

(١٣٢١) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. حدثنا دَاوُدُ. ح وحدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ. حدثنا أَبِي. حدثنا زَكَرِيَّاءُ. كِلَاهُمَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، بِمِثْلِهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.

(٦٥) بَاب جَوَازِ رُكُوبِ الْبَدَنَةِ الْمُهْدَاةِ لِمَنِ احْتَاجَ إِلَيْهَا
٣٧١ - (١٣٢٢) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ على مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً. فقَالَ «ارْكَبْهَا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهَا بَدَنَةٌ. فقَالَ «ارْكَبْهَا. وَيْلَكَ!» فِي الثَّانِيَةِ أَوْ في الثالثة.


(إنها بدنة) أي هدي. ظانا أنه لا يجوز ركوب الهدي مطلقا. (اركبها ويلك) هذه الكلمة أصلها لمن وقع في هلكة. فقيل: لأنه كان محتاجا قد وقع في تعب وجهد. وقيل: هي كلمة تجري على اللسان وتستعمل من غير قصد إلى ما وضعت له أولا. بل تدعم بها العرب كلامها. كقولهم: لا أم له، لا أب له، تربت يداه، قاتله الله .. الخ.
وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي عن أبي الزناد، عن الأعرج، بهذا الإسناد. وقال:
بينما رجل يسوق بدنة مقلدة.

٣٧٢ - (١٣٢٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حدثنل مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ:
بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَدَنَةً مُقَلَّدَةً، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. «وَيْلَكَ! ارْكَبْهَا» فقَالَ: بَدَنَةٌ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ«وَيْلَكَ! ارْكَبْهَا. وَيْلَكَ! ارْكَبْهَا».

٣٧٣ - (١٣٢٣) وحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ. قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ:
وَأَظُنُّنِي قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ أَنَسٍ. ح وحدثنا يحيى بن يحيى (واللفظ له) أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِرَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَةً. فقَالَ «ارْكَبْهَا» فقَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا» مَرَّتَيْنِ أو ثلاثا.


(وأظنني قد سمعته من أنس) القائل: وأظنني قد سمعته من أنس، هو حميد.

٣٧٤ - (١٣٢٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ:
مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِبَدَنَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ. فقَالَ «ارْكَبْهَا» قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ أَوْ هدية. فقال «وإن».


(فقال «وإن») هكذا هو في جميع النسخ: وإن، فقط. أي وإن كانت بدنة.

(١٣٢٣) - وحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ عَنْ مِسْعَرٍ. حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ الْأَخْنَسِ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِبَدَنَةٍ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

٣٧٥ - (١٣٢٤) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ. قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. سُئِلَ عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ؟ فقَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ «ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا ألجئت إليها. حتى تجد ظهرا».


(حتى تجد ظهرا) أي مركبا.

٣٧٦ - (١٣٢٤) وحدثني سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن أعين. حدثنا معقل عن أبي الزبير. قال: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ؟ فقَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ «ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ، حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا».

(٦٦) بَاب مَا يَفْعَلُ بِالْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ فِي الطَّرِيقِ
٣٧٧ - (١٣٢٥) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ الضُّبَعِيِّ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ الْهُذَلِيُّ. قَالَ:
انْطَلَقْتُ أَنَا وَسِنَانُ بْنُ سَلَمَةَ مُعْتَمِرَيْنِ. قَالَ: وَانْطَلَقَ سِنَانٌ مَعَهُ بِبَدَنَةٍ يَسُوقُهَا. فَأَزْحَفَتْ عَلَيْهِ بِالطَّرِيقِ. فعي بِشَأْنِهَا. إِنْ هِيَ أُبْدِعَتْ كَيْفَ يَأْتِي بِهَا. فقَالَ: لَئِنْ قَدِمْتُ الْبَلَدَ لَأَسْتَحْفِيَنَّ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَأَضْحَيْتُ. فَلَمَّا نَزَلْنَا الْبَطْحَاءَ قَالَ: انْطَلِقْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ نَتَحَدَّثْ إِلَيْهِ. قَالَ: فَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ بَدَنَتِهِ. فقَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ. بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِسِتَّ عَشْرَةَ بَدَنَةً مَعَ رَجُلٍ وَأَمَّرَهُ فِيهَا. قَالَ: فَمَضَى ثُمَّ رَجَعَ. فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا أُبْدِعَ عَلَيَّ مِنْهَا؟ قَالَ «انْحَرْهَا. ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَيْهَا فِي دَمِهَا. ثُمَّ اجْعَلْهُ عَلَى صَفْحَتِهَا. وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أنت ولا أحد من أهل رفقتك».


(فأزحفت عليه) هذا رواية المحدثين، لا خلاف لهم فيه. قال الخطابي: كذا يقوله المحدثون. قال: وصوابه والأجود: فأزحفت بضم الهمزة. يقال: زحف البعير إذا قام، وأزحفه. قال الهروي وغيره: يقال أزحف البعير وأزحفه السير، بالألف. وكذا قال الجوهري وغيره. يقال زحف البعير وأزحف، لغتان. وأزحفه السير، وأزحف الرجل وقف بعيره. فحصل أن إنكار الخطابي ليس بمقبول. بل الجميع جائز. ومعنى أزحف، وقف من الكلال والإعياء. (فعيى بشأنها) ذكر صاحب المشارق والمطالع أنه روى على ثلاثة أوجه: أحدهما، وهي رواية الجمهور: فعيي، بيائين من الإعياء. وهو العجز. ومعناه عجز عن معرفة حكمها لو عطبت عليه في الطريق، كيف يعمل بها. ووجه الثاني: فعي، بياء واحدة مشددة. وهي لغة بمعنى الأولى. والوجه الثالث: فعني، من العناية بالشيء والإهتمام به. (أبدعت) معناه كلت وأعيت ووقفت. قال أبو عبيد: قال بعض الأعراب: لا يكون الإبداع إلا بظلع. (لأستحفين عن ذلك) معناه: لأسألن سؤالا بليغا عن ذلك. يقال: أحفي في المسئلة إذا ألح فيها وأكثر منها. (فأضحيت) معناه صرت في وقت الضحى. (وأمره فيها) أي جعله أميرا فيها ووكيلا، لينحرها بمكة. (نعليها) ما علق بعنقها، علامة لكونها هديا. (رفقتك) المراد بالرفقة جميع القافلة.

(١٣٢٥) - وحَدَّثَنَاه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ (قَالَ يَحْيَى: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ) عَنْ أَبِي التَّيَّاح، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنّ

٩٦٣
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ بِثَمَانَ عَشْرَةَ بَدَنَةً مَعَ رَجُلٍ. ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلَ الْحَدِيثِ.

٣٧٨ - (١٣٢٦) حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ ذُؤَيْبًا أَبَا قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ:
«إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا، فَانْحَرْهَا. ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا. ثم اضرب به صفحتها. ولا تطعهما أنت ولا أحد من أهل رفقتك».


(إن عطب منها شيء) أي إن قارب الهلاك. بدليل قوله: فخشيت عليه موتا. (ثم اغمس نعلها في دمها) أي النعل التي كانت معلقة بعنقها.

(٦٧) بَاب وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَسُقُوطِهِ عَنِ الْحَائِضِ
٣٧٩ - (١٣٢٧) حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ». قَالَ زُهَيْرٌ: يَنْصَرِفُونَ كُلَّ وَجْهٍ. وَلَمْ يَقُلْ: فِي.

٣٨٠ - (١٣٢٨) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ) قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عَبَّاسٍ. قَالَ:
أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ. إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْمَرْأَةِ الحائض.

٣٨١ - (١٣٢٨) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ. قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ. إِذْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ:
تُفْتِي أَنْ تَصْدُرَ الْحَائِضُ قَبْلَ أَنْ

٩٦٤
يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ؟ فقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِمَّا لَا. فَسَلْ فُلَانَةَ الْأَنْصَارِيَّةَ. هَلْ أَمَرَهَا بِذَلِكَ رسول الله ﷺ؟ ققال: فَرَجَعَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَضْحَكُ. وَهُوَ يَقُولُ: مَا أَرَاكَ إِلَّا قَدْ صدقت.


(إما لا) هو بكسر الهمزة وفتح اللام وبالإمالة الخفيفة. قال ابن الأثير: أصل هذه الكلمة: إن وما. فأدغمت الن في الميم وما زائدة في اللفظ، لا حكم لها. وقد أمالت العرب لا إمالة خفيفة. ومعناه: إن لم تفعل هذا، فليكن هذا.

٣٨٢ - (١٢١١) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا محمد بن رمح. حدثنا الليث عن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعُرْوَةَ؛ أن عائشة قَالَت: حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ. قَالَت عَائِشَةُ:
فَذَكَرْتُ حِيضَتَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ رسول اللَّهِ ﷺ «أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟» قَالَت فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَفَاضَتْ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ. ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَ الْإِفَاضَة. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «فلتنفر».


(حيضتها) أي الحالة التي عليها الحائض.

٣٨٣ - (١٢١١) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى (قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا. وقَالَ الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا ابن وهب) أخبرني يونس عن ابن شِهَابٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَت:
طَمِثَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، زَوْجُ النَّبِيُّ ﷺ، فِي حَجَّةِ الوداع. بعدما أفاضت طاهرا. بمثل حديث الليث.


(طمثت) أي حاضت. (طاهرا) تعني من الحيض. يقال: امرأة طاهرة من الأدناس، وطاهر من الحيض، بغير هاء.

(١٢١١) - وحدثنا قُتَيْبَةُ (يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ) حدثنا لَيْثٌ. ح وحدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حدثنا سُفْيَانُ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. حدثنا أَيُّوبُ. كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ أَنَّ صَفِيَّةَ قَدْ حَاضَتْ. بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ.

٣٨٤ - (١٢١١) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حدثنا أَفْلَح عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَت:
كُنَّا نَتَخَوَّفُ أَنْ تَحِيضَ صَفِيَّةُ قبل أن تفيض. قال: فَجَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فقَالَ «أَحَابِسَتُنَا صَفِيَّةُ؟» قُلْنَا: قَدْ أَفَاضَتْ. قَالَ «فلا. إذن».

٣٨٥ - (١٢١١) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ قَدْ حَاضَتْ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَعَلَّهَا تَحْبِسُنَا. أَلَمْ تَكُنْ قَدْ طَافَتْ مَعَكُنَّ بِالْبَيْتِ؟» قَالُوا: بَلَى. قَالَ «فَاخْرُجْنَ».

٣٨٦ - (١٢١١) حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ (لَعَلَّهُ قَالَ) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَرَادَ مِنْ صَفِيَّةَ بَعْضَ مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ. فقَالُوا:
إِنَّهَا حَائِضٌ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ»وَإِنَّهَا لَحَابِسَتُنَا؟ «فقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهَا قَدْ زَارَتْ يَوْمَ النَّحْرِ. قَالَ فَلْتَنْفِرْ معكم».

٣٨٧ - (١٢١١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَنْفِرَ، إِذَا صَفِيَّةُ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً حَزِينَةً. فقَالَ «عَقْرَى! حَلْقَى! إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا» ثُمَّ قَالَ لَهَا «أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قَالَت: نَعَمْ. قَالَ «فَانْفِرِي».

(١٢١١) - وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ. ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حدثنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ. جَمِيعًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن الأسود، عن عائشة، عن النبي ﷺ. نَحْوَ حَدِيثِ الْحَكَمِ. غَيْرَ أَنَّهُمَا لَا يَذْكُرَانِ كَئِيبَةً حَزِينَةً.

(٦٨) بَاب اسْتِحْبَابِ دُخُولِ الْكَعْبَةِ لِلْحَاجِّ وَغَيْرِهِ، وَالصَّلَاةِ فِيهَا، وَالدُّعَاءِ فِي نَوَاحِيهَا كُلِّهَا
٣٨٨ - (١٣٢٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. قَالَ: قَرَأْتُ على مالك عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول اللَّهِ ﷺ دَخَلَ الْكَعْبَةَ، هُوَ وَأُسَامَةُ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ. فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ. ثُمَّ مَكَثَ فِيهَا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَسَأَلْتُ بِلَالًا، حِينَ خَرَجَ:
مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قال: جَعَلَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ. وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ. وَثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ. وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى ستة أعمدة. ثم صلى.


(الحجبي) منسوب إلى حجابة الكعبة وهي ولاي تها وفتحها وإغلاقها وخدمتها.

٣٨٩ - (١٣٢٩) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وأبو كامل والجحدري. كُلُّهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. قَالَ أَبُو كَامِلٍ: حدثنا حَمَّادٌ. حدثنا أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الْفَتْحِ. فَنَزَلَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ. وَأَرْسَلَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ. فَجَاءَ بِالْمِفْتَحِ. فَفَتَحَ الْبَابَ. قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ وَبِلَالٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ. وَأَمَرَ بِالْبَابِ فَأُغْلِقَ. فَلَبِثُوا فِيهِ مَلِيًّا. ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ. فقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَبَادَرْتُ النَّاسَ. فَتَلَقَّيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَارِجًا. وَبِلَالٌ عَلَى إِثْرِهِ. فَقُلْتُ لِبِلَالٍ: هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قال: نَعَمْ. قُلْتُ: أَيْنَ؟ قَالَ: بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ. تِلْقَاءَ وَجْهِهِ. قَالَ: وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ: كَمْ صَلَّى.


(بفناء الكعبة) جانبها وحريمها. (بالمفتح) هو المفتاح.

٣٩٠ - (١٣٢٩) وحدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، عَامَ الْفَتْحِ، عَلَى نَاقَةٍ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. حَتَّى أَنَاخَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ. ثُمَّ دَعَا عثمان ابن طَلْحَةَ فقَالَ«ائْتِنِي بِالْمِفْتَاحِ» فَذَهَبَ إِلَى أُمِّهِ. فأبت أن تعطيه. فقال: والله! لتعطينيه أَوْ لَيَخْرُجَنَّ هَذَا السَّيْفُ مِنْ صُلْبِي. قَالَ: فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ. فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. فَفَتَحَ الْبَابَ. ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.

٣٩١ - (١٣٢٩) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حدثنا يَحْيَى (وَهُوَ القطان).ح وحدثنا أبو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ الله، عن نافع، عن ابن عمر. قَالَ:
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْبَيْتَ، وَمَعَهُ أُسَامَةُ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ. فَأَجَافُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ طَوِيلًا. ثُمَّ فُتِحَ. فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ. فَلَقِيتُ بِلَالًا. فَقُلْتُ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فقَالَ: بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ. فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ: كَمْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟.


(فأجافوا) في النهاية: أجاف الباب رده عليه.

٣٩٢ - (١٣٢٩) وحَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ. حدثنا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ) حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الْكَعْبَةِ. وَقَدْ دَخَلَهَا النَّبِيُّ ﷺ وَبِلَالٌ وَأُسَامَةُ. وَأَجَافَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْبَابَ. قَالَ:
فَمَكَثُوا فِيهِ مَلِيًّا. ثُمَّ فُتِحَ الْبَابُ. فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ. وَرَقِيتُ الدَّرَجَةَ. فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ. فَقُلْتُ: أَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ؟ قالوا: ههنا. قَالَ: وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُمْ: كَمْ صَلَّى؟.

٣٩٣ - (١٣٢٩) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا ابْنُ رُمْح. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ قَالَ:
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْبَيْتَ، هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ. فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْتُ فِي أَوَّلِ مَنْ وَلَجَ. فَلَقِيتُ بِلَالًا فَسَأَلْتُهُ: هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ. صَلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ اليمانيين.

٣٩٤ - (١٣٢٩) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دخل الْكَعْبَةَ، هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ. وَلَمْ يَدْخُلْهَا مَعَهُمْ أَحَدٌ. ثُمَّ أُغْلِقَتْ عَلَيْهِمْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَأَخْبَرَنِي بِلَالٌ أَوْ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ.

٣٩٥ - (١٣٣٠) حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد. جميعا عَنِ ابْنِ بَكْرٍ. قَالَ عبدَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَسَمِعْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ:
إِنَّمَا أُمِرْتُمْ بِالطَّوَافِ وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِدُخُولِهِ. قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَنْهَى عَنْ دُخُولِهِ. وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أخبرني أسامة بن زيد؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ دَعَا في ناحيه كُلِّهَا. وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ. حَتَّى خَرَجَ. فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ فِي قُبُلِ الْبَيْتِ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ «هَذِهِ الْقِبْلَةُ» قُلْتُ لَهُ: مَا نَوَاحِيهَا؟ أَفِي زَوَايَاهَا؟ قَالَ: بَلْ فِي كُلِّ قِبْلَةٍ مِنَ البيت.


(قبل البيت) قبل الشيء أوله، وما استقبلك منه. بضمتين، وبإسكان الباء.

٣٩٦ - (١٣٣١) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَفِيهَا سِتُّ سَوَارٍ. فَقَامَ عَنْدَ سَارِيَةٍ فَدَعَا، وَلَمْ يُصَلِّ.

٣٩٧ - (١٣٣٢) وحَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ أَبِي خَالِدٍ. قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ:
أَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْبَيْتَ فِي عُمْرَتِهِ؟ قَالَ: لا.

(٦٩) بَاب نَقْضِ الْكَعْبَةِ وَبِنَائِهَا
٣٩٨ - (١٣٣٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ، لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ، وَلَجَعَلْتُهَا عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ. فَإِنَّ قُرَيْشًا، حِينَ بنت البيت، استقصرت. ولجعلت لها خلفا».


(استقصرت) أي قصرت عن تمام بنائها واقتصرت على هذا القدر، لقصور النفقة بهم عن تمامها. (خلفا) هذا هو الصحيح المشهور. والمراد به باب من خلفها.

(١٣٣٣) - وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ، بهذا الإسناد.

٣٩٩ - (١٣٣٣) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ، حِينَ بَنَوْا الْكَعْبَةَ، اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟» قَالَت: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْت».
فقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَرَكَ استلام الركننين اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ، إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يتمم على قواعد إبراهيم.


(لولا حدثان قومك) أي قرب عهدهم بالكفر. (لئن كانت عائشة سمعت هذا) قال القاضي: ليس هذا اللفظ من ابن عمر سبيل التضعيف لروايتها والتشكيك في صدقها وحفظها. فقد كانت من الحفظ والإتقان بحيث لا يستراب في حفظها ولا فيما تنقله. ولكن كثيرا ما يقع في كلام العرب صورة التشكيك والتقرير. والمراد به اليقين. كقوله تعالى: وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين. وقوله تعالى: قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت. الآية. (يليان الحجر) أي يقربان منه. والحجر، قال في النهاية: هو اسم الحائط المستدير إلى جانب الكعبة الغربي.

٤٠٠ - (١٣٣٣) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ. ح وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ. حدثنا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، يُحَدِّثُ عبد الله ابن عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:
«لولا أن قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ (أَوَ قَالَ بِكُفْرٍ) لَأَنْفَقْتُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَجَعَلْتُ بَابَهَا بِالْأَرْضِ، وَلَأَدْخَلْتُ فِيهَا مِنَ الْحِجْرِ».

٤٠١ - (١٣٣٣) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنِي ابْنُ مَهْدِيٍّ. حدثنا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ سَعِيدٍ (يَعْنِي ابْنَ مِينَاءَ) قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي خَالَتِي (يَعْنِي عَائِشَةَ) قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«يَا عَائِشَةُ! لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ. فَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ.

٩٧٠
وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا. وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ. فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حيث بنت الكعبة».


(حيث بنت الكعبة) أي حين بنتها. ذكر ابن هشام في مغنى اللبيب: إن كلمة حيث قد ترد للزمان.

٤٠٢ - (١٣٣٣) حدثنا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ. حدثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ. أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ. قال:
لما احترق البيت زمن زيد بْنِ مُعَاوِيَةَ، حِينَ غَزَاهَا أَهْلُ الشَّامِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، تَرَكَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. حَتَّى قَدِمَ النَّاسُ الْمَوْسِمَ. يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّئَهُمْ (أو يحر بهم) عَلَى أَهْلِ الشَّامِ. فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْكَعْبَةِ. أَنْقُضُهَا ثُمَّ أَبْنِي بِنَاءَهَا. أَوْ أُصْلِحُ مَا هو مِنْهَا؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنِّي قَدْ فُرِقَ لِي رَأْيٌ فِيهَا. أَرَى أَنْ تُصْلِحَ مَا وَهَى مِنْهَا. وَتَدَعَ بَيْتًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ. وَأَحْجَارًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا وَبُعِثَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ ﷺ. فقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَوْ كَانَ أَحَدُكُمُ احْتَرَقَ بَيْتُهُ. مَا رَضِيَ حَتَّى يُجِدَّهُ. فَكَيْفَ بَيْتُ رَبِّكُمْ؟ إِنِّي مُسْتَخِيرٌ رَبِّي ثَلَاثًا. ثُمَّ عَازِمٌ عَلَى أَمْرِي. فَلَمَّا مَضَى الثَّلَاثُ أَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا. فَتَحَامَاهُ النَّاسُ أَنْ يَنْزِلَ، بِأَوَّلِ النَّاسِ يَصْعَدُ فيه، أمر من السماء. حتى صعد رَجُلٌ فَأَلْقَى مِنْهُ حِجَارَةً. فَلَمَّا لَمْ يَرَهُ الناس أصابه شيء تتابعوه. فَنَقَضُوهُ حَتَّى بَلَغُوا بِهِ الْأَرْضَ. فَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَعْمِدَةً. فَسَتَّرَ عَلَيْهَا السُّتُورَ. حَتَّى ارْتَفَعَ بِنَاؤُهُ.

٩٧١
وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنِّي سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «لَوْلَا أَنَّ النَّاسَ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ، وَلَيْسَ عَنْدِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يُقَوِّي عَلَى بِنَائِهِ. لَكُنْتُ أَدْخَلْتُ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ خَمْسَ أَذْرُعٍ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ». قَالَ فَأَنَا الْيَوْمَ أَجِدُ مَا أُنْفِقُ. وَلَسْتُ أَخَافُ النَّاسَ. قَالَ: فَزَادَ فِيهِ خَمْسَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ. حَتَّى أَبْدَى أُسًّا نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ. فَبَنَى عَلَيْهِ الْبِنَاءَ. وَكَانَ طُولُ الْكَعْبَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا. فَلَمَّا زَادَ فِيهِ اسْتَقْصَرَهُ. فَزَادَ فِي طُولِهِ عَشْرَ أَذْرُعٍ. وَجَعَلَ لَهُ بَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا يُدْخَلُ مِنْهُ، وَالْآخَرُ يُخْرَجُ مِنْهُ. فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ. وَيُخْبِرُهُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ وَضَعَ الْبِنَاءَ عَلَى أُسٍّ نَظَرَ إِلَيْهِ الْعُدُولُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّا لَسْنَا مِنْ تَلْطِيخِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي شَيْءٍ. أَمَّا مَا زَادَ فِي طُولِهِ فَأَقِرَّهُ. وَأَمَّا مَا زَادَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ فَرُدَّهُ إِلَى بِنَائِهِ. وَسُدَّ الْبَابَ الَّذِي فَتَحَهُ. فَنَقَضَهُ وأعاده إلى بنائه.


(يجرئهم أو يحر بهم) من الجراءة أي يشجعهم على قتالهم، بإظهار قبح فعالهم. هذا هو المشهور في ضبطه. قال القاضي: ورواه العذري يجربهم ومعناه يختبرهم وينظر ما عندهم في ذلك من حمية وغضب لله تعالى ولبيته. ومعنى يحر بهم، أي يغيظهم بما يرونه قد فعل بالبيت. من قولهم: حربت الأسد، إذا أغضبته. قال القاضي: وقد يكون معناه يحملهم على الحرب ويحرضهم عليها ويؤكد عزائمهم لذلك. قال: ورواه آخرون: يحز بهم أي يشد قوتهم ويميلهم إليه ويجعلهم حزبا له وناصرين له على مخالفيه. وحزب الرجل من مال إليه. وتحازب القوم تمالؤا. (قد فرق لي رأي فيها) أي كشف وبين. قال الله تعالى: وقرآنا فرقناه، أي فصلناه وبيناه. هذا هو الصواب في ضبط هذه اللفظة ومعناها. وهكذا ضبطها القاضي والمحققون. (يجده) أي يجعله جديدا. (تتابعوا) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا، وكذا ذكره القاضي عن رواية الأكثرين. وعن أبي بحر: تتابعوا. وهو بمعناه. إلا أن أكثر ما يستعمل، تتابعوا، في الشر خاصة. وليس هذا موضعه. (فجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليا الستور) المقصود بهذه الأعمدة والستور أن يستقبلها المصلون في تلك الأيام ويعرفوا موضع الكعبة. ولم تزل تلك الستور حتى ارتفع البناء وصار مشاهدا للناس فأزالها. لحصول المقصود بالبناء المرتفع من الكعبة. (حتى أبدى أسا) أي حفر من أرض الحجر ذلك المقدار إلى أن بلغ أساس البيت الذي أسس عليه إبراهيم عليه السلام حتى أرى الناس أساسه. فنظروا إليه فبنى البناء عليه. (إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير) يريد بذلك سبه وعيب فعل. يقال: لطختهه، أي رميته بأمر قبيح. يعني إنا براء مما لوثه بما اعتمده من هدم الكعبة.

٤٠٣ - (١٣٣٣) حدثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَالْوَلِيدَ بْنَ عَطَاءٍ يحدثان عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي ربيعة. قال عبد الله ابن عُبَيْدٍ: وَفَدَ الْحَارِثُ بن عبد الله على عبد الملك بن مروان في خلافته. فقال عبد الملك: ما أظن أبا خبيب (يعني ابن الزبير) سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ مَا كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهَا. قَالَ الْحَارِثُ: بَلَى! أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْهَا. قَالَ: سَمِعْتَهَا تَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ. وَلَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بِالشِّرْكِ أَعَدْتُ مَا تَرَكُوا مِنْهُ. فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ، مِنْ بَعْدِي، أَنْ يَبْنُوهُ

٩٧٢
فَهَلُمِّي لِأُرِيَكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ». فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ. هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ. وَزَادَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ
«وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ فِي الْأَرْضِ شَرْقِيًّا وَغَرْبِيًّا. وَهَلْ تَدْرِينَ لِمَ كَانَ قَوْمُكِ رَفَعُوا بَابَهَا؟» قَالَت: قُلْتُ: لَا. قَالَ «تَعَزُّزًا أَنْ لَا يَدْخُلَهَا إِلَّا مَنْ أَرَادُوا. فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا هُوَ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا يَدَعُونَهُ يَرْتَقِي. حَتَّى إِذَا كَادَ أَنْ يَدْخُلَ دَفَعُوهُ فَسَقَطَ». قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَارِثِ: أَنْتَ سَمِعْتَهَا تَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَنَكَتَ سَاعَةً بِعَصَاهُ ثُمَّ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي تَرَكْتُهُ وَمَا تحمل.


(فإن بدا لقومك) يقال: بدا له في الأمر بداء، بالمد، أي حدث له فيه رأي لم يكن. وهو ذو بدوات، أي بتغير رأيه. والبداء محال على الله تعالى، بخلاف النسخ. (فهلمي) هذا جار على إحدى اللغتين في هلم. قال الجوهري: تقول. هلم يا رجل، بفتح الميم بمعنى تعال. قال الخليل: أصله لم. من قولك لم الله شعثه، أي جمعه. كأنه أراد لم نفسك إلينا، أي اقرب. وها للتنببيه. وحذفت ألفها لكثرة الاستعمال، وجعلا اسما واحدا يستوي فيه الواحد والإثنان والجمع والمؤنث. فيقال، في الجماعة: هلم. هذه لغة أهل الحجاز. قال الله تعالى: ﴿والقائلين لإخوانهم هلم إلينا﴾. وأهل نجد يصرفونها فيقولون للاثنين: هلما. والمرأة: هلمي. وللنساء: هلممن. والأولى أفصح. هذا كلام الجوهري. (كاد أن يدخل) هكذا هو في النسخ كلها: كاد أن يدخل. وفيه حجة لجواز دخول أن بعد كاد. وقد كثر ذلك. وهي لغة فصيحة. لكن الأشهر عدمه.

(١٣٣٣) - وحدثناه محمد بن عمرو بن جبلة. حدثنا أَبُو عَاصِمٍ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرزاق. كلاههما عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَ حَدِيثِ ابن بكر.

٤٠٤ - (١٣٣٣) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا عبد الله بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ. حدثنا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ أَبِي قَزَعَةَ؛ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ ابن مَرْوَانَ، بَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ! حَيْثُ يَكْذِبُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. يَقُولُ: سَمِعْتُهَا تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«يَا عَائِشَةُ! لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ حَتَّى أَزِيدَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ. فَإِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرُوا فِي الْبِنَاءِ»
فقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابن أَبِي رَبِيعَةَ: لَا تَقُلْ هَذَا. يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَأَنَا سَمِعْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُحَدِّثُ هَذَا. قَالَ: لَوْ كُنْتُ سَمِعْتُهُ قَبْلَ أَنْ أَهْدِمَهُ، لتركته على ما بنى ابن الزبير.


(فنكت ساعة بعصاه) أي بحث بطرفها في الأرض. وهذه عادة من تفكر في أمر مهم.

(٧٠) بَاب جَدْرِ الْكَعْبَةِ وَبَابِهَا
٤٠٥ - (١٣٣٣) حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حدثنا أَبُو الْأَحْوَصِ. حدثنا أَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَت:
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، عَنِ الْجَدْرِ؟ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ «نَعَمْ» قُلْتُ: فَلِمَ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ «إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ» قُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ «فَعَلَ ذلك قومك ليدخلوا من شاؤا ويمنعوا من شاؤا. وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ، لَنَظَرْتُ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ. وَأَنْ أُلْزِقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ».


(الجدر) ههو حجر الكعبة. (في الجاهلية) هكذا هو في جميع النسخ: في الجاهلية. وهو بمعنى بالجاهلية، كما في سائر الروايات.

٤٠٦ - (١٣٣٣) وحدثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ (يَعْنِي ابْنَ مُوسَى) حدثنا شَيْبَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَت:
سَأَلْتُ رسول الله ﷺ عن الْحِجْرِ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي الْأَحْوَصِ. وَقَالَ فِيهِ: فَقُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا لَا يُصْعَدُ إِلَيْهِ إِلَّا بِسُلَّمٍ؟ وَقَالَ «مَخَافَةَ أَنْ تَنْفِرَ قُلُوبُهُمْ».

(٧١) باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوههما، أَوْ لِلْمَوْتِ
٤٠٧ - (١٣٣٤) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ:
كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ. فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ. قَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا. لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ. أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ «نَعَمْ» وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

٤٠٨ - (١٣٣٥) حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ؛ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَت:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ. عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ. وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ. فقَالَ النَّبِيُّ ﷺ
«فَحُجِّي عَنْهُ».

(٧٢) بَاب صِحَّةِ حَجِّ الصَّبِيِّ، وَأَجْرِ مَنْ حَجَّ بِهِ
٤٠٩ - (١٣٣٦) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وزهير بن حرب وابن عُمَرَ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابن عَبَّاسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ. فقَالَ
«مَنِ الْقَوْمُ؟» قَالُوا. الْمُسْلِمُونَ. فقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ «رَسُولُ اللَّهِ» فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فقَالَت: ألهذا حج؟ قال «نعم. ولك أجر».


(ركبا) الركب أصحاب الإبل خاصة. وأصله أن يستعمل في عشرة فما دونها. (بالروحاء) مكان على ستة وثلاثين ميلا من المدينة.

٤١٠ - (١٣٣٦) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا. فقَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ
«نَعَمْ. وَلَكِ أَجْرٌ».

٤١١ - (١٣٣٦) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. حدثنا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ؛ أَنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا فقَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ «نَعَمْ. وَلَكِ أجر».

(١٣٣٦) - وحدثنا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ محمد بن عقبة، عن كريب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. بِمِثْلِهِ.

(٧٣) بَاب فَرْضِ الْحَجِّ مَرَّةً فِي الْعُمُرِ
٤١٢ - (١٣٣٧) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هارون. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فقال
» أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا «فقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَسَكَتَ. حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ» «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ. لَوَجَبَتْ. وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ». ثُمَّ قَالَ «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ. فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ. فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ».

(٧٤) بَاب سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ مَحْرَمٍ إِلَى حَجٍّ وَغَيْرِهِ
٤١٣ - (١٣٣٨) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنّ رسول الله ﷺ قَالَ
«لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا، إِلَّا وَمَعَهَا ذو محرم».

(١٣٣٨) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ. ح وحدثتا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. جَمِيعًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: فَوْقَ ثَلَاثٍ وقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ «ثَلَاثَةً إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ».

٤١٤ - (١٣٣٨) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال
«لا يحل لامرأة، تؤمن بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ».

٤١٥ - (٨٢٧) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. جميعا عَنْ جَرِيرٍ. قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا

٩٧٦
جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ (وَهُوَ ابْنُ عُمَيْرٍ) عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. قَالَ: سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيثًا فَأَعْجَبَنِي. فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: فَأَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا لَمْ أَسْمَعْ. قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«لَا تَشُدُّوا الرِّحَالَ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ. مَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا، أو زوجها».


(لا تشدوا الرحال) المراد النهي عن السفر إلى غيرها. والرحال جمع رحل، وهو، للبعير، كالسرج للفرس. وكنى بشد الرحال عن السفر، لأنه لازمه. ولا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير والمشي، في المعنى المذكور.

٤١٦ - (٨٢٧) وحدثنا محمد بن المثنى. حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عُمَيْرٍ. قَالَ: سَمِعْتُ قَزَعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ:
سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَرْبَعًا. فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَنِي. نَهَى أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ. وَاقْتَصَّ بَاقِيَ الحديث.


(آنفتني) أي أعجبنني. وإنما كرر المعنى لإختلاف اللفظ. والعرب تفعل ذلك كثيرا، للبيان والتوكيد.

٤١٧ - (٨٢٧) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حدثنا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إبراهيم، عن سهم ابن مِنْجَابٍ، عَنْ قَزْعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ: قال رسول الله ﷺ
«لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا، إِلَّا مَعَ ذي محرم».

٤١٨ - (٨٢٧) وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. جَمِيعًا عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ. قَالَ أَبُو غَسَّانَ: حدثنا مُعَاذٌ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ نبي الله ﷺ قال
«لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ».

(٨٢٧) - وحدثناه ابْنُ الْمُثَنَّى. حدثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ «أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ».

٤١٩ - (١٣٣٩) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ
«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ. إِلَّا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حرمة منها».

٤٢٠ - (١٣٣٩) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. حدثنا سَعِيدُ بن أبي سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ. قَالَ
«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، إِلَّا مَعَ ذي محرم».

٤٢١ - (١٣٣٩) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قال
«لا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عليها».

٤٢٢ - (١٣٣٩) حدثنا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ (يَعْنِي ابْنَ مُفَضَّلٍ) حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِح عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ
«لا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تُسَافِرَ ثَلَاثًا، إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا».

٤٢٣ - (١٣٤٠) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو كريب: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ
«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، إِلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا».

(١٣٤٠) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج. قالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

٤٢٤ - (١٣٤١) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حدثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ. قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَخْطُبُ يَقُولُ
«لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ. وَلَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» فَقَامَ رَجُلٌ فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً. وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ «انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ».

(١٣٤١) - وحدثناه أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرِو، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

(١٣٤١) - وحدثنا ابن أبي عمر. حدثنا هشام (يعني ابْنَ سُلَيْمَانَ) الْمَخْزُومِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ».

(٧٥) بَاب مَا يَقُولُ إِذَا رَكِبَ إِلَى سَفَرِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ
٤٢٥ - (١٣٤٢) حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بن محمد. قال: قال ابن جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَلِيًّا الْأَزْدِيَّ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُمْ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ
«سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ. وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُون. اللَّهُمَّ! إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى. وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى. اللهم! هون علينا سفرنا هذا. واطوعنا بُعْدَهُ. اللَّهُمَّ! أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ. وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ. اللَّهُمَّ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ، فِي المال والأهل».
وإذا رجع قالهن. وَزَادَ فِيهِنَّ «آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ».


(وما كنا له مقرنين) معنى مقرنين مطيقين. أي ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه لنا. (وعثاء) المشقة والشدة. (وكآبة) هي تغبر النفس من حزن ونحوه. (المنقلب) المرجع.

٤٢٦ - (١٣٤٣) حدثني زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ. قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إِذَا سَافَرَ، يَتَعَوَّذُ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ، وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ.


(والحور بعد الكون) هكذا هو في معظم النسخ من صحيح مسلم: بعد الكون، بالنون. بل لا يكاد يوجد في نسخ بلادنا إلا بالنون. وكذا ضبطه الحفاظ المتقنون في صحيح مسلم، قال القاضي: وهكذا رواه الفارسي وغيره من رواة صحيح مسلم قال: ورواه العذري: بعد الكور، بالراء. قال: والمعروف في رواية عاصم الذي رواه مسلم عنه، بالنون. قال القاضي: قال إبراهيم الحربي: يقال إن عاصما وهم فيه وإن صوابه الكور، بالراء. قلت: وليس كما قال الحربي. بل كلاهما روايتان. وممن ذكر الروايتين جميعا الترمذي في جامعه، وخلائق من المحدثين. وذكرهما أبو عبيد وخلائق من أهل اللغة وغريب الحديث. قال الترمذي، بعد أن رواه بالنون: ويروي بالراء أيضا. ثم قال. وكلاهما له وجه قال: ويقال هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر، أو من الطاعة إلى المعصية. ومعناه الرجوع من شيء إلى شيء من الشر. هذا كلام الترمذي. وكذا قال غيره من العلماء: معناه بالراء والنون جميعا الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص. قالوا: ورواية الراء مأخوذة من تكوير العمامة، وهو لفها وجمعها. ورواية النون مأخوذة من السكون، مصدر كان يكون كونا، إذا وجد واستقر. قال المازري، في رواية الراء: قيل أيضا معناه أعوذ بك من الرجوع عن الجماعة، بعد أن كنا فيها. يقال: كار عمامته إذا لفها. وحارها، إذا نقضها. وقيل نعوذ بك من أن تفسد أمورنا بعد صلاحها كفساد العمامة بعد استقامتها على الرأس. وعلى رواية النون، قال أبو عبيد: سئل عاصم عن معناه؟ فقال: ألم تسمع قولهم: حار بعد ما كان، أي أنه كان على حالة جميلة فرجع عنها. (ودعوة المظلوم) أي أعوذ بك من الظلم فإنه يتريب عليه دعاء المظلوم. ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب. ففيه التحذير من الظلم ومن التعرض لأسبابه.

٤٢٧ - (١٣٤٣) وحدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنِي حَامِدُ بْنُ عُمَرَ. حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ. كِلَاهُمَا عَنْ عَاصِمٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ: فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ. وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ خَازِمٍ قَالَ: يَبْدَأُ بِالْأَهْلِ إذا رجع. وفي روايتها جَمِيعًا «اللَّهُمَّ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السفر».

(٧٦) بَاب مَا يَقُولُ إِذَا قَفَلَ مِنْ سَفَرِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ
٤٢٨ - (١٣٤٤) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة. حدثنا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. ح وحدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. قالك كان رسول الله ﷺ، إِذَا قَفَلَ مِنَ الْجُيُوشِ أَوِ السَّرَايَا أَوِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، إِذَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا. ثُمَّ قَالَ
«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ. لِرَبِّنَا حَامِدُونَ. صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ. وَنَصَرَ عَبْدَهُ. وَهَزَمَ الأحزاب وحده».


(قفل من الجيوش) أي رجع من الغزو. (إِذَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبَّرَ) معنى أوفى ارتفع وعلا. والفدفد هو الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع. وقيل: هو الفلاة التي لا شيء فيها. وقيل: غليظ الأرض ذات الحصى. وقيل: الجلد من الأرض في ارتفاع وجمعه فدافد. (وهزم الأحزاب وحده) المراد الأحزاب الذين اجتمعوا يوم الخندق وتحزبوا على رسول الله ﷺ، فأرسل الله عليهم ريحا وجنودا لم تروها.

(١٣٤٤) - وحدثني زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل (يعني ابن علية) عن أيوب. ح وحدثنا ابن أَبِي عُمَرَ. حدثنا معنَ عَنْ مَالِكٍ. ح وحدثنا ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ. كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبي ﷺ، بِمِثْلِهِ. إِلَّا حَدِيثَ أَيُّوبَ. فَإِنَّ فِيهِ التَّكْبِيرَ مرتين.

٤٢٩ - (١٣٤٥) وحدثني زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:
أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَا وَأَبُو طَلْحَةَ، وَصَفِيَّةُ رَدِيفَتُهُ عَلَى نَاقَتِهِ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ قَالَ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمْنَا المدينة.

(١٣٤٥) - وحدثنا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ. حدثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. حدثنا يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاق عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِمِثْلِهِ.

(٧٧) بَاب التَّعْرِيسِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَالصَّلَاةِ بِهَا إِذَا صدر من الحج أوالعمرة
٤٣٠ - (١٢٥٧) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر؛ أن رسول الله ﷺ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ. فَصَلَّى بِهَا. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذلك.

٤٣١ - (١٢٥٧) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ الْمِصْرِيُّ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح وحدثنا قُتَيْبَةُ (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَالَ: حدثنا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ. قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُنِيخُ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ. الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُنِيخُ بِهَا. وَيُصَلِّي بِهَا.

٤٣٢ - (١٢٥٧) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق الْمُسَيَّبِيُّ. حَدَّثَنِي أَنَسٌ (يَعْنِي أَبَا ضَمْرَةَ) عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ، إِذَا صَدَرَ مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ. الَّتِي كَانَ يُنِيخُ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

٤٣٣ - (١٣٤٦) وحدثنا محمد بن عباد. حدثنا حاتم (وهوابن إِسْمَاعِيل) عَنْ مُوسَى (وَهُوَ ابْنُ عُقْبَةَ)، عَنْ سالم، عن أبيه؛
أن رسول الله ﷺ أُتِيَ فِي مُعَرَّسِهِ بِذِي الحليفة. فقيل له: إنك ببطحاء مباركة.


(في معرسه) قال القاضي: المعرس موضع النزول. قال زيد: عرس القوم في المنزل، إذا نزلوا به في أي وقت من ليل أونهار. قال الخليل والأصمعى: التعريس النزول آخر الليل.

٤٣٤ - (١٣٤٦) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ (وَاللَّفْظُ لِسُرَيْجٍ) قَالَا: حدثنا إِسْمَاعِيل بن جعفر. أخبرني موسى ابن عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ أُتِيَ، وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي بَطْنِ الْوَادِي. فَقِيلَ:
إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ.

٩٨٢
قَالَ مُوسَى: وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ بِالْمُنَاخِ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ بِهِ. يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي. بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ. وسطا من ذلك.


(بطن الوادى) المراد بالوادى وادى العقيق، الذى قال فيه ﷺ:
«أتاني الليلة آت من ربى فقال: صلّ في هذا الوادى المبارك» والمعرس موضع على طريق من أراد الذهاب من المدينة إلى مكة على ستة أميال من المدينة: لكن المعرس أقرب. ووادى العقيق بينه وبين المدينة أربعة أيام. (يتحرى معرس) أي يقصده ويختاره. (وسطا بين ذلك) أي حال كونه متوسطا من ذلك. وأتى بقوله: وسطا، بعد قوله: بين، وإن كان معلوما منه، ليبين أنه في حال الوسط من غير قرب لأحد الجانبين.

(٧٨) بَاب لَا يَحُجُّ الْبَيْتَ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. وَبَيَانُ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ
٤٣٥ - (١٣٤٧) حَدَّثَنِي هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. ح وحدثني حرلة بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونسُ؛ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ. فِي رَهْطٍ، يُؤَذِّنُونَ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ: لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ. وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الأكبر. من أجل حديث أبي هريرة.


(لا يحج بعد العام مشرك) موافق لقوله الله تعالى: إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا. والمراد بالمسجد الحرام، ههنا، الحرام كله. فلا يمكن مشرك من دخول الحرم بحال. حتى لو جاء في رسالة أو أمر مهم لا يمكن من الدخول، بل يخرج إليه من يقضى الأمر المتعلق به. ولو دخل خفية ومرض ومات - نبش وأخرج من الحرم. (ولا يطوف بالبيت عريان) هذا إبطال لما كانت الجاهلية عليه من الطواف بالبيت عراة.

(٧٩) بَاب فِي فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ
٤٣٦ - (١٣٤٨) حدثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ:

٩٨٣
قَالَت عَائِشَةُ: إِنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ. فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟».

٤٣٧ - (١٣٤٩) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قَالَ:
«الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لما بينهما. والحج المبرور، ليس جزاء إلا الجنة».


(المبرور) الأصح الأشهر أن المبرور هو الذي لا يخالطه إثم. مأخوذ من البر، وهو الطاعة. وقيل: هو المقبول. ومن علامة القبول أن يرجع خيرا مما كان، ولا يعاود المعاصي.

(١٣٤٩) - وحدثناه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالُوا: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ سُهَيْلٍ. ح وَحدثنا ابن نمير. حدثنا أبي. حدثنا عبيد الله. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبي ﷺ. بمثل حديث مالك.

٤٣٨ - (١٣٥٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قال رسول الله ﷺ:
«مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».


(فلم يرفث ولم يفسق) قال القاضي: هذا من قوله تعالى: فلا رفث ولا فسوق. والرفث اسم للفحش من القول وقيل: هو الجماع. وهذا قول الجمهور في الآية. قال الله تعالى: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾. يقال: رفث يرفث. ويقال أيضا: أرفث. وقيل الرفث التصريح بذكر الجماع. قال الأزهري: هي كلمة. جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة. وكان ابن عباس يخصصه بما خوطب به النساء. وأما الفسوق فالمعصية. وفسر بالخروج عن الاستقامة.

(١٣٥٠) - وَحدثناه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ وَأَبِي الأَحْوَصِ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حدثنا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حدثنا شُعْبَةُ. كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِهِمْ جَمِيعًا «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ».

(١٣٥٠) - حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حدثنا هُشَيْمٌ عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، مِثْلَهُ.

(٨٠) باب النزول بمكة للحاج، وتوريث دورها
٤٣٩ - (١٣٥١) حدثنني أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَخْبَرَهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَتَنْزِلُ فِي دَارِكَ بمكة؟ فقال «وهل ترك لنا عقيل منن رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ؟».
وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ. وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ شَيْئًا. لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ. وَكَانَ عَقِيلٌ وطالب كافرين.


(رباع) جمع ربع - كسهم وسهام. والربع محلة القوم ومنزلهم.

٤٤٠ - (١٣٥١) حدثننا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ وعبد بن حميد. جميعا عن عبد الرزاق. قَالَ ابْنُ مِهْرَانَ: حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ معمر، عن الزهري، عن علي بن حسين، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا؟ وَذَلِكَ فِي حَجَّتِهِ، حِينَ دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ. فقَالَ «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا».

(١٣٥١) - وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حدثننا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ وَزَمْعَةُ بْنُ صَالِح. قَالَا: حدثنا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ،، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ؛ أَنَّهُ قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ؟ وَذَلِكَ زَمَنَ الْفَتْح قَالَ «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ من منزل؟».

(٨١) بَاب جَوَازِ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ، لِلْمُهَاجِرِ مِنْهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا زِيَادَةٍ
٤٤١ - (١٣٥٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حدثنا سليمان (يعني ابن بلال) عن عبد الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: هَلْ سَمِعْتَ فِي الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ شَيْئًا؟ فقَالَ السَّائِبُ: سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:
«للمهاجر إقامة ثلاثة، بَعْدَ الصَّدَرِ، بِمَكَّةَ» كَأَنَّهُ يَقُولُ لَا يَزِيدُ عليها.


(للمهاجر إقامة ثلاثة) معنى الحديث أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها. ثم أبيح لهم، إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما، أن يقيموا، بعد فراغهم، ثلاثة أيام. ولا يزيدوا على الثلاثة.

٤٤٢ - (١٣٥٢) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ. قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ لِجُلَسَائِهِ: مَا سَمِعْتُمْ فِي سُكْنَى مَكَّةَ؟ فقَالَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ: سَمِعْتُ الْعَلَاءَ (أَوَ قَالَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ، بَعْدَ قَضَاءِ نسكه، ثلاثا».

٤٤٣ - (١٣٥٢) وحدثني حسن الحلوانني وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. جَمِيعًا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إبراهيم بن سعد. حدثنا أبي عن صالح، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ. فقَالَ السَّائِبُ: سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
«ثَلَاثُ لَيَالٍ يَمْكُثُهُنَّ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ، بعد الصدر».

٤٤٤ - (١٣٥٢) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عبد الرزاق. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. وَأَمْلَاهُ عَلَيْنَا إِمْلَاءً. أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيل بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ؛ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ السائب ابن يَزِيدَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ أَخْبَرَهُ عن رسول الله ﷺ قَالَ:
«مَكْثُ الْمُهَاجِرِ بِمَكَّةَ، بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ، ثلاثا».


(ثلاثا) هكذا هو في أكثر النسخ ببلادنا: ثلاثا. وفي بعضها ثلاث. ووجه النصب أن يقدر فيه محذوف. أي مكثة المباح أن يمكث ثلاثا.

(١٣٥٢) - وحدثني حجاج بن الشاعر. حدثنا الضحاك بن مَخْلَدٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

(٨٢) بَاب تَحْرِيمِ مَكَّةَ وَصَيْدِهَا وَخَلَاهَا وَشَجَرِهَا وَلُقَطَتِهَا، إِلَّا لِمُنْشِدٍ، عَلَى الدَّوَامِ
٤٤٥ - (١٣٥٣) حدثنا إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طاوس، عن ابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ «لَا هِجْرَةَ. وَلَكِنْ جهاد ونية. وإذا اسننفرتم فَانْفِرُوا». وَقَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ «إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ. فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي. وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ. فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ. وَلَا يُنَفَّرُ

٩٨٧
صَيْدُهُ. وَلَا يَلْتَقِطُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا. وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا» فقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِلَّا الْإِذْخِرَ. فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ. فقَالَ «إِلَّا الْإِذْخِرَ».


(لا هجرة) قال العلماء: الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام باقية إلى يوم القيامة. والمعنى لا هجرة بعد الفتح من مكة: لأنها صارت دار إسلام. وإنما تكون الهجرة من دار الحرب. (ولكن جهاد ونية) معناه لكم طريق إلى تحصيل الفضائل التي في معنى الهجرة، وذلك بالجهاد ونية الخير في كل شيء. (وإذا استنفرتم فانفروا) معناه إذا دعاكم السلطان إلى غزو فاذهبوا. (لا يعضد) قال أهل اللغة: العضد القطع. (ولا يختلى خلاها) الخلا هو الرطب من الكلأ. قالوا: الخلا والعشب اسم للرطب منه. والحشيش والهشيم اسم لليابس منه. والكلأ يقع على الرطب واليابس. ومعنى يختلى يؤخذ ويقطع. (الإذخر) قال العلايلي في معجمه: الإذخر نبات عشبي، من فصيلة النجيليات، له رائحة ليمونية عطرة، أزهاره تستعمل منقوعا كالشاي، ويقال له أيضا: طيب العرب. والإذخر المكي من الفصيلة نفسها، جذوره من الأفاويه، ينبت في السهول وفي المواضع الجافة الحارة. ويقال له أيضا: حلفاء مكة. (لقينهم ولبيوتهم) القين هو الحداد والصائغ. ومعناه يحتاج إليه القين في وقود النار. ويحتاج إليه في القبور لتسد به فرج اللحد المتخللة بين اللبنات. ويحتاج إليه في سقوف البيوت، يجعل فوق الخشب.

(١٣٥٣) - وحدثني محمد بن رافع. حدثنا يحيى بن آدَمَ. حدثنا مُفَضَّلٌ عَنْ مَنْصُورٍ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ «يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ» وَقَالَ، بَدَلَ الْقِتَالِ «الْقَتْلَ» وَقَالَ «لَا يلتقط لقطته إلا من عرفها».


(لقطته) اللقطة اسم الشيء الذي تجده ملقى فتأخذه. والالتقاط هو أخذه. وأصل اللقط الأخذ من حيث لا يحس.

٤٤٦ - (١٣٥٤) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ؛ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: ائْذَنْ لِي. أَيُّهَا الْأَمِيرُ! أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ. سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ. وَوَعَاهُ قَلْبِي. وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ. أَنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ «إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ. فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً. فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيهَا فَقُولُوا لَهُ:
إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ. وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ.

٩٨٨
وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ. وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ. يَا أَبَا شُرَيْح! إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمٍ ولا فارا بخربة.


(يبعث البعوث) يعني لقتال ابن الزبير. (سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي) أراد بهذا كله المبالغة في تحقيق حفظه إياه وتيقينه زمانه ومكانه ولفظه. (ترخص) في المنجد: ترخص في الأمر أخذ فيه بالرخصة. والرخصة، قال في المقاييس: الرخصة في الأمر خلاف التشديد. (لا يعيذ عاصيا) أي لا يجيره ولا يعصمه، أراد به عبد الله بن الزبير. (ولا فارا بدم) أي ولا يعيذ الحرم هاربا التجأ إليه بسبب من الأسباب الموجبة للقتل. (ولا فارا بخربة) هي بفتح الخاء وإسكان الراء. هذا هو المشهور. ويقال بضم الخاء أيضا، حكاها القاضي وصاحب المطالع وآخرون. وأصلها سرقة الإبل. وتطلق على كل خيانة. قال الخليل: هي الفساد في الدين من الخارب، وهو اللص المفسد في الأرض.

٤٤٧ - (١٣٥٥) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. جميعا عَنِ الْوَلِيدِ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ (هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ). حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عز وجل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَكَّةَ. قَامَ فِي النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ. وسلط عليها رسولها وَالْمُؤْمِنِينَ. وَإِنَّهَا لَنْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي. وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ. وَإِنَّهَا لَنْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي. فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا. وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا. وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ. وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ. إِمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ» فقَالَ الْعَبَّاسُ: إِلَّا الْإِذْخِرَ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي قُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِلَّا الْإِذْخِرَ» فَقَامَ أَبُو شَاهٍ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فقَالَ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ».
قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.


(ساقطتها) معنى الساقطة ما سقط فيها بغفلة مالكه. (إلا لمنشد) المنشد هو المعرف. (ومن قتل له قتيل ..) معناه: ولي المقتول بالخيار. إن شاء قتل القاتل، وإن شاء أخذ فداءه، وهي الدية.

٤٤٨ - (١٣٥٥) حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى. أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ. عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ. بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ. فَأُخْبِرَ بذلك رسول الله ﷺ. فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ فقَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ عز وجل حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ. وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ. أَلَا وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَنْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي. أَلَا وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ. أَلَا وَإِنَّهَا، سَاعَتِي هَذِهِ، حَرَامٌ. لَا يُخْبَطُ شَوْكُهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا. وَلَا يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ. وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ. إِمَّا أَنْ يُعْطَى (يَعْنِي الدِّيَةَ)، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ (أَهْلُ الْقَتِيلِ)» قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالَ لَهُ أَبُو شَاهٍ فقَالَ: اكْتُبْ لِي. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فقَالَ «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ». فقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: إِلَّا الْإِذْخِرَ. فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا. فقَالَ رسول الله ﷺ: «إلا الإذخر».


(بقتيل) متعلق بقتلوا، أي بمقابلة مقتول من بني خزاعة قتله قاتل من بني ليث. (حبس عن مكة الفيل) أي منعه من الدخول فيها حين جاء يقصد خراب الكعبة. (لا يخبط شوكها) أي لا يقطع. وأصل الخبط إسقاط الورق من الشجر. (وإما أن يقاد) من الإقادة. ومعناها تمكين ولي الدم من القود. وأصله أنهم يدفعون القاتل لولى المقتول فيقوده بحبل.

(٨٣) بَاب النَّهْيِ عَنْ حَمْلِ السِّلَاحِ بِمَكَّةَ، بِلَا حَاجَةٍ
٤٤٩ - (١٣٥٦) حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حدثنا ابْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ:
«لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ بمكة السلاح».

(٨٤) باب جواز دخول مكة بغير إحرم
٤٥٠ - (١٣٥٧) حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعَنْبِيُّ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (أَمَّا الْقَعَنْبِيُّ فقَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَأَمَّا قُتَيْبَةُ فقَالَ: حدثنا مَالِكٌ) وقَالَ يَحْيَى: (وَاللَّفْظُ لَهُ) قُلْتُ لِمَالِكٍ:

٩٩٠
أَحَدَّثَكَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ. فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فقَالَ: ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فقَالَ «اقْتُلُوهُ»؟ فقال مالك: نعم.


(مغفر) المغفر هو ما يلبس على الرأس من درع الحديد. (اقتلوه) قال العلماء: إنما قتله لأنه كان ارتد عن الإسلام وقتل مسلما كان يخدمه. وكان يهجو النبي ﷺ ويسبه. وكانت له قينتان تغنيان بهجاء النبي ﷺ والمسلمين.

٤٥١ - (١٣٥٨) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثقفي. (قال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وقَالَ قُتَيْبَةُ: حدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عمار الدهني) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ مَكَّةَ (وَقَالَ قُتَيْبَةُ: دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ) وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ. وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ قَالَ: حدثنا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ.

(١٣٥٨) - حدثنا علي بن حكم الْأَوْدِيُّ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.

٤٥٢ - (١٣٥٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَا: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أبيه؛ إن رسول الله ﷺ خَطَبَ النَّاسَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.

٤٥٣ - (١٣٥٩) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ. قَالَا: حدثنا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ. قَالَ: حَدَّثَنِي (وَفِي رِوَايَةِ الْحُلْوَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ) عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، عَلَى الْمِنْبَرِ. وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. ولم يقل أبو بكر: على المنبر.


(طرفيها) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا وغيرها: طرفيها بالتثنية. وكذا هو في الجمع بين الصحيحين للحميدي. وذكر القاضي عياض أن الصواب المعروف طرفها بالإفراد. وإن بعضهم رواه طرفيها بالتثنية.

(٨٥) بَاب فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَدُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ. وَبَيَانِ تَحْرِيمِهَا وَتَحْرِيمِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا. وَبَيَانِ حُدُودِ حَرَمِهَا
٤٥٤ - (١٣٦٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يعني ابن مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيَّ) عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ؛ أَنّ رَسُولَ الله ﷺ قال:
«إن إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلِهَا. وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ. وَإِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَيْ مَا دَعَا بِهِ إبراهيم لأهل مكة».


(في صاعها ومدها) أي فيما يكال بهما. فهو من باب ذكر المحل وإرادة الحال لأن الدعاء إنما هو للبركة في الطعام المكيل، لا في المكاييل. والمد مكيال دون الصاع.

٤٥٥ - (١٣٦٠) وحَدَّثَنِيهِ أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يعني ابن المختار). ح وحدثنا أبو كامل بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ. ح وحدثناه إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْمَخْزُومِيُّ. حدثنا وُهَيْبٌ. كُلُّهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى (هُوَ الْمَازِنِيُّ) بِهَذَا الْإِسْنَادِ. أَمَّا حَدِيثُ وُهَيْبٍ فَكَرِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ «بِمِثْلَيْ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ»وَأَمَّا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، فَفِي رِوَايَتِهِمَا «مِثْلَ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ».

٤٥٦ - (١٣٦١) وحدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا بَكْرٌ (يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ) عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو ابن عُثْمَانَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. قَالَ: قَالَ رسول الله ﷺ:
«أن إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ. وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابتيها». (يريد المدينة).


(لابتيها) اللابة هي الحرة. والمدينة المنورة بين حرتين شرقية وغربية تكتنفانها. والحرة هي الأرض ذات الحجارة السود، كأنها أحرقت بالنار. ومعنى ذلك اللابتان وما بينهما. والمراد تحريم المدينة ولا بتيها.

٤٥٧ - (١٣٦١) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ خَطَبَ النَّاسَ. فَذَكَرَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا. وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا. فَنَادَاهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ. فقَالَ:
مَا لِي أَسْمَعُكَ ذَكَرْتَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا،

٩٩٢
وَلَمْ تَذْكُرِ الْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا. وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا. وَذَلِكَ عَنْدَنَا فِي أَدِيمٍ خَوْلَانِيٍّ إِنْ شِئْتَ أَقْرَأْتُكَهُ. قَالَ: فَسَكَتَ مَرْوَانُ ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ بعض ذلك.


(وذلك عندنا في أديم خولاني) هذا قول رافع بن خديج. وهو صحابي أنصاري شهد أحدا وما بعدها. يريد رافع أن حديث تحريم المدينة محفوظ عندنا بالكتابة في جلد مدبوغ منسوب إلى خولان وهي، كما في معجم البلدان، كورة من كور اليمن. وقرية كانت بقرب دمشق خربت. بها قبر أبي مسلم الخولاني. ولعل أديم تلك النواحي في تلك الزمان كان من أنعم الجلود التي يكتبون فيها.

٤٥٨ - (١٣٦٢) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي أَحْمَدَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْدِيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ. وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا. لَا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا وَلَا يصاد صيدها».


(عضاهها) العضاه كل شجر يعظم وله شوك. واحدها عضاهة، وعضهة وعضة.

٤٥٩ - (١٣٦٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبد الله بن نمير. ح وحدثنا ابن نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ. حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ. أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهُهَا. أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا». وَقَالَ «الْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. لَا يَدَعُهَا أحد رغبة عنه إِلَّا أَبْدَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ. وَلَا يَثْبُتُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَجَهْدِهَا إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا، أَوْ شَهِيدًا، يَوْمَ القيامة».


(لأوائها) قال أهل اللغة: اللأواء الشدة والجوع. (وجهدها) والجهد هو المشقة. (شفيعا أو شهيدا) أو بمعنى الواو. أو للتقسيم. أي شفيعا لقوم وشهيدا لآخرين. قال القاضي عياض: إن هذا الحديث رواه جابر وسعد وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وأسماء بنت عميس وصفية بنت أبي عبيد رضي الله عنهم، عن النبي ﷺ، بهذا اللفظ. ويبعد اتفاق جميعهم أو رواتهم على الشك وتطابقهم فيه على صيغة واحدة. بل الأظهر أنه قاله ﷺ هكذا.

٤٦٠ - (١٣٦٣) وحدثنا ابن أبي عمر. حدثنا مروان بن مُعَاوِيَةَ. حدثنا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ الْأَنْصَارِيُّ.

٩٩٣
أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عن أبيه؛ أن رسول الله ﷺ قَالَ. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ. وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ «وَلَا يُرِيدُ أَحَدٌ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ إِلَّا أَذَابَهُ اللَّهُ فِي النَّارِ ذَوْبَ الرَّصَاصِ، أَوْ ذَوْبَ الْمِلْحِ فِي الماء».

٤٦١ - (١٣٦٤) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد. جميعا عَنِ الْعَقَدِيِّ. قَالَ عبدَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الملك بن عمرو. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ؛ أَنَّ سَعْدًا رَكِبَ إِلَى قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ. فَوَجَدَ عَبْدًا يَقْطَعُ شَجَرًا أَوْ يَخْبِطُهُ. فَسَلَبَهُ. فَلَمَّا رَجَعَ سَعْدٌ، جَاءَهُ أَهْلُ الْعَبْدِ فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى غُلَامِهِمْ، أَوْ عَلَيْهِمْ، مَا أَخَذَ مِنْ غُلَامِهِمْ فقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ! أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا نَفَّلَنِيهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَأَبِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ.


(أو يخبطه) الخبط جاء هنا عديلا للقطع، فيراد به معناه الأصلي، وهو إسقاط الورق. (فسلبه) أي أخذ ما عليه ما عدا الساتر لعورته، زجرا له عن العودة لمثله. (نفلنيه) التنفيل إعطاء النفل. أي أعطانيه زيادة على نصيبي من قسمة الغنيمة.

٤٦٢ - (١٣٦٥) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ. جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيل. قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حدثنا إِسْمَاعِيل بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لأبي طَلْحَةَ «الْتَمِسْ لِي غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي». فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ يُرْدِفُنِي وَرَاءَهُ. فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كُلَّمَا نَزَلَ. وقَالَ فِي الْحَدِيثِ: ثُمَّ أَقْبَلَ، حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: «اللَّهُمَّ! إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا مِثْلَ مَا حَرَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ. اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ».

(١٣٦٥) - وحدثناه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَا: حدثنا يَعْقُوبُ (وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القارئ) عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ «إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا».

٤٦٣ - (١٣٦٦) وحدثناه حَامِدُ بْنُ عُمَرَ. حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ. حدثنا عَاصِمٌ. قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
أَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا. فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا. قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي: هَذِهِ شَدِيدَةٌ «مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» قَالَ فقَالَ ابْنُ أَنَسٍ: أَوْ آوى محدثا.


(فمن أحدث فيها حدثا) معناه من أتى فيها إثما. (صرفا ولا عدلا) قال الأصمعي: الصرف التوبة، والعدل الفدية: وروى ذلك عن النبي ﷺ. قال القاضي: وقيل المعنى لا تقبل فريضته ولا نافلته قبول رضا، وإن قبلت قبول جزاء. (أو آوى محدثا) أي آوى من أتاه وضمه إليه وحماه. ويقال: أوى بالقصر والمد، في الفعل اللازم والمتعدي جميعا. لكن القصر في اللازم أشهر وأفصح. والمد في المتعدي أشهر وأفصح. وبالأفصح جاء القرآن العزيز في الموضعين.

٤٦٤ - (١٣٦٦) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ. قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا:
أَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. هِيَ حَرَامٌ. لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا. فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.

٤٦٥ - (١٣٦٨) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أنس، فيما قرئ عليه من إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك؛ أن رسول الله ﷺ قَالَ:
«اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ. وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ. وَبَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ».

٤٦٦ - (١٣٦٩) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّامِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. حَدَّثَنَا أَبيِ. قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«اللَّهُمَّ! اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَةِ».

٤٦٧ - (١٣٧٠) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التيمي، عن أبيه، قال:

٩٩٥
خطبنا علي بن أبي طالب فقال: من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إِلَّا كِتَابَ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ (قَالَ: وَصَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِي قِرَابِ سَيْفِهِ) فَقَدْ كَذَبَ. فِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ. وَأَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ. وَفِيهَا قَالَ النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ. فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا.

٩٩٦
أَوْ آوَى مُحْدِثًا. فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا

٩٩٨
وَلَا عَدْلًا. وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ. يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ. وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ. فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا». وَانْتَهَى حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ وَزُهَيْرٍ عَنْدَ قَوْلِهِ «يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ» وَلَمْ يَذْكُرَا مَا بَعْدَهُ. وَلَيْسَ في حديثهما: معلقة في قراب سيفه.


(في قراب سيفه) القراب هو الغلاف الذي يجعل فيه السيف بغمده. (فقد كذب) قال النووي: هذا تصريح من علي رضي الله تعالى عنه بإبطال ما تزعمه الرافضة والشيعة ويخترعونه من قولهم: إن عليا أوصى إلى النبي ﷺ بأمور كثيرة من أسرار العلم وقواعد الدين وكنوز الشريعة. وإنه ﷺ خص أهل البيت بما لم يطلع عليه غيرهم. وهذه دعاوي باطلة واختراعات فاسدة لا أصل لها. ويكفي في إبطالها قول علي رضي الله عنه هذا. (فيها أسنان الإبل) أي في تلك الصحيفة بيان أسنان الإبل التي تعطى دية.

(الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ) هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، في: ٨٥ - كتاب الفرائض، ٢١ - باب إثم من تبرأ من مواليه. فهو من الأحاديث المتفق عليها بين الشيخين. ورواته لا يمكن أن يتطرق الوهن أو الشك إلى روايتهم. والحديث قاله سيدنا رسول الله ﷺ في المدينة، وسمعه منه أهل المدينة، ومنهم الإمام علي بن أبي طالب. وقد حرص عليه أيما حرص، فكتبه في صحيفته المشهورة المعلقة في قراب سيفه. ومع كل هذا فقد ظهر بين المتقدمين من يدعى مصعبا الزبيري، فألقى بها كلمة طاعنة في متن الحديث، حيث قال: ليس في المدينة عير ولا ثور. يا عجبا! لهذه الجرأة. وتبعه أبو عبيد فقال: ما بين عير وثور، هذه رواية أهل العراق، وأما أهل المدينة فلا يعرفون جبلا عندهم يقال له ثور. وإنما ثور بمكة. وأقول أنا: وجود جبل بمكة اسمه ثور لا ينفى وجود جبل بالمدينة، بهذا الاسم، اللهم! إلا الجهل الذي يسمونه علما. ولقد روى الإمام البخاري، في صحيحه، في ٦٥ - كتاب التفسير، ٣٨ سورة ص، ٣ باب وما أنا من المتكلفين:
عن مسروق قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود. قال: يا أيها الناس! من علم شيئا فليقل به. ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم. فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم.
وقد أخذ العلماء قول مصعب وأبي عبيد حجة بدون تمحيص ولا تحقيق:
يقولون أقوالا ولا يعلمونها ... ولوقيل: هاتوا حققوا. لم يحققوا
ثم تناولوا الحديث بالتخريج والتأويل، مما دل على اضطراب ذهن ليس له مثيل.
ووقع بسبب هذا القول، في الخطأ الشنيع، ثلاثة من كبار المؤلفين:
أولهم أبو عبيد البكري، المتوفي عام ٤٨٧ هـ، في كتابه معجم من استعجم.
والثاني ابن الأثير، المتوفي عام ٦٠٦ هـ، في كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر.
والثالث ياقوت الحموي، المتوفي عام ٦٢٦ هـ، في كتابه معجم البلدان.

قال في معجم ما استعجم:
وذكر أبو عبيد (هو القاسم بن سلام، بتشديد اللام، كما حرر ذلك ابن خلكان في الوفيات، وكما جاء في نزهة الألبا في طبقات الأدبا لابن الأنباري، إذ قال: وقد رثاه عبد الله بن طاهر بقوله:
يا طالب العلم قد أودى ابن سلام ... وكان فارس علم غير محجام
لا بالتخفيف كما نص عليه صاحب التاج وتبعه الأستاذ مصطفى السقا في تعليقه على هذا) هذا الحديث. وقال: عير وثور جبلان بالمدينة. قال: وهذا حديث أهل العراق. وأهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلا يقال له ثور. وإنما ثور بمكة. فيرى أن الحديث إنما أصله «ما بين عير إلى أحد»!!!

وقال ابن الأثير. وفيه أنه حرم المدينة ما بين عير إلى ثور. هما جبلان. أما عير فجبل معروف بالمدينة. وأما ثور فالمعروف أنه بمكة، وفيه الغار الذي بات به النبي ﷺ لما هاجر. وفي رواية قليلة: ما بين عير وأحد. وأحد بالمدينة، فيكون ثور غلطا من الراوي، وإن كان هو الأشهر في الرواية والأكثر. وقيل إن عيرا جبل بمكة، ويكون المراد أنه حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة، أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة، على حذف المضاف، ووصف المصدر بالمحذوف.

وقال ياقوت: وفي حديث المدينة إنه ﷺ حرم ما بين عير إلى ثور .. قال أبو عبيد: أهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلا يقال له ثور. وإنما ثور بمكة. فيرى أهل الحديث أنه حرم ما بين عير إلى أحد. وقال غيره: إلى بمعنى مع. كأنه جعل المدينة مضافة إلى مكة في التحريم، وقد ترك بعض الرواة موضع ثور بياضا ليبين الوهم. وضرب آخرون عليه. وقال بعض الرواة: من عير إلى كدى. وفي رواية ابن سلام: من عير إلى أحد. والأول أشهر وأشد.

وكل هذا التخريج، وإن شئت فقل التخريف، والتأويل لا ينحط الإنسان إليه إلا بخذلان من الله. وما توفيقي إلا بالله. ورضي الله سبحانه وتعالى عن أستاذ الدنيا في علم الحديث الحافظ ابن حجر العسقلاني حيث قال في كتابه، قاموس السنة المحيط، فتح الباري، في ٢٩ - كتاب فضائل المدينة، ١ - باب حرم المدينة، ما نصه: «وقال المحب الطبري» في الأحكام: بعد حكاية كلام أبي عبيد ومن تبعه قد أخبرني الثقة العالم أبو محمد عبد السلام البصري، أن حذاء أحد، عن يساره، جانحا إلى ورائه، جبل صغير يقال له: ثور. وأخبر أنه تكرر سؤاله عنه لطوائف من العرب العارفين بتلك الأرض وما فيها من الجبال، فكل أخبر أن ذلك الجبل أسمه ثور. وتواردوا على ذلك.
فعلمنا أن ذكر ثور في الحديث صحيح. وأن عدم علم أكابر العلماء به، لعدم شهرته، وعدم بحثهم عنه. قال: وهذه فائدة جليلة. انتهى.
ثم قال الحافظ: وقرأت بخط شيخ شيوخنا الحلبي في شرحه: حكى لنا شيخنا أبو محمد عبد السلام ابن مزروع البصري أنه خرج رسولا إلى العراق. فلما رجع إلى المدينة كان معه دليل. وكان يذكر له الأماكن والجبال. قال: فلما وصلنا إلى أحد، إذا بقربه جبل صغير. فسألته عنه؟ فقال: هذا يسمى ثورا. قال: فعلمت صحة الرواية.
(قلت) وكان هذا مبدأ سؤاله عن ذلك.
وذكر شيخنا أبو بكر بن حسين المراغي، نزيل المدينة، في مختصره لأخبار المدينة، أن خلف أهل المدينة ينقلون عن سلفهم؛ إن خلف أحد، من جهة الشمال، جبلا صغيرا إلى الحمرة بتدوير، يسمى ثورا. قال: وقد تحققته بالمشاهدة. ا هـ. من الفتح.
وقال الفيروز أبادي، في القاموس المحيط، الذي هو أكثر كتب اللغة تداولا بين الأيدي: (ثور) جبل بالمدينة. ومنه الحديث الصحيح. المدينة حرم ما بين عير إلى ثور. وأما قول أبي عبيد بن سلام، وغيره من الأكابر الأعلام: إن هذا تصحف. والصواب: إلى أحد، لأن ثورا إنما هو بمكة - فغير جيد.
لما أخبرني الشجاع البعلي، الشيخ الزاهد، عن الحافظ أبي محمد عبد السلام البصري أن حذاء أحد، جانحا إلى ورائه، جبلا صغيرا يقال له: ثور. وتكرر سؤالي عنه طوائف من العرب العارفين بتلك الأرض. فكل أخبرني أن اسمه ثور.
ولما كتب إلى الشيخ عفيف الدين المطري، عن والده الحافظ الثقة، قال: إن خلف أحد، عن شماليه، جبلا صغيرا مدورا يعرفه أهل المدينة، خلفا عن سلف.
وقد أيد العلماء المعاصرون ما أورده الحافظ في الفتح والمجد في القاموس، وأكدوه تمام التأكيد.
فقد ذكر العلامة الجليل، والمؤرخ المحقق النبيل، الدكتور محمد حسين هيكل، في كتابه «في منزل الوحي» ص ٥٨١ عند ذكر الحديث «إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم إبراهيم مكة».
قال حفظه الله: وجبلا المدينة المقصودان هما عير وأحد. أو عير وثور الواقع وراء أحد، ليدخل أحد في الحرم. ولابتا المدينة هما الحرتان واقم الوبرة. أولاهما في شرق المدينة والثانية في غربها. والجبلان: عير في جنوبها، وثور في شمالها. وهذه هي حدود المدينة الأربعة.
ونشر أمام الصفحة ٥١٢ خريطة أثرية تقريبية للمدينة المنورة. وهنا في رأس الخريطة من جهة الشمال، وراء جبل أحد، يقع جبل ثور.
وقد أرشدني حفظه الله إلى كتاب«آثار المدينة المنورة، لمؤلفه الأستاذ عبد القدوس الأنصاري. الذي اتصل به منذ نزل المدينة. وقد ذكر له فضله، وشكره أجمل شكر على إرشاده ومعاونته ص ٤٤٠.
وهذا الكتاب مطبوع عام ١٣٥٣ هـ - ١٩٣٥ م. وقد نشر به الخريطة الأثرية التقريبية للمدينة المنورة، وهي خريطة مطابقة تمام المطابقة للخريطة المنشورة في كتاب»في منزل الوحي«وكأن إحداهما صورة من الأخرى. وقد قال صاحب هذا الكتاب ص ١٣٩ تحت عنوان: (عير وثور)
اسما جبلي من جبال المدينة، أولهما عظيم شامخ يقع بجنوب المدينة على مسافة ساعتين عنها تقريبا. وثانيهما أحمر صغير يقع شمال أحد. ويحدان حرم المدينة جنوبا وشمالا.
فليرمج ما بالنهاية وما بمعجم البلدان من هذا الجهل المظلم الفاضح وليوضع بدله هذا العلم النير الواضح.
أما معجم ما استعجم فقد تولى تصحيحه ما ارتطم به صاحبه من الخطأ محققه الأستاذ مصطفى السقا فنقل ما جاء في الزبيدي شارح القاموس. ولكنه لم يفصل بين قول المجد وقول الشارح.
وقد أمدني حضرة السيد صاحب»الأعلام«بكتاب اسمه (كتاب عمدة الأخبار في مدينة المختار) للمحقق العلامة الشيخ أحمد بن عبد الحميد. نشره السيد أسعد طرابزوني الحسيني. جاء فيه ص ٢٤٩ ما يأتي.
»ثور جبل صغير جدا وراء أحد. وقال بعض الحفاظ: أن خلف أحد من شماله جبلا صغيرا مدورا يسمى ثورا يعرفه أهل المدينة.
قلت: وأنا منهم إن شاء الله. ورأيته وعاينته، وليس الخبر كالعيان«.
ثم نقل ما قاله أبو عبيد، وما تأوله المتأولون.
ثم قال: وقد قال العلامة مجد الدين الفيروز أبادي: لا أدري كيف وقعت المسارعة من هؤلاء الأعلام إلى أثبات وهم في الحديث الصحيح المتفق على صحته، بمجرد دعوى أن أهل المدينة لا يعرفون جبلا يسمى ثورا».
وللصديق الرجل العظيم المؤرخ المحقق السيد خير الدين الزركلي شكري الجزيل من خالص قلبي على اهتمامه بهذا الموضوع وجليل عنايته به ثم إمدادي بهذا الكتاب وكتاب آثار المدينة المنورة. وانظر: ج ١ ص ٦٦ من وفاء الوفا.
وبعد كل هذا التحقيق الدقيق يجيء صديقنا الأستاذ العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر فلا يلتفت إلى شيء من هذا، بل يمضي في شرحه للحديث ٦١٥ من المسند بنقل ما جاء في النهاية لابن الأثير، حرفا بحرف. ثم يشير إلى ماجاء في معجم البلدان.
فينبغي ترميج هذا السخف أيضا. وفوق كل ذي علم عليم.

(وذمة المسلمين واحدة) المراد بالذمة هنا الأمان. معناه أن أمان المسلمين للكافر صحيح. فإذا أمنه أحد المسلمين حرم على غيره التعرض له ما دام في أمان المسلم. (يسعي بها أدناهم) أي يتولاها ويلي أمرها أدني المسلمين مرتبة. (ومن ادعى إلى غير أبيه) هذا صريح في غلظ تحريم انتماء الإنسان إلى غير أبيه، أو انتماء العتيق إلى ولا ء غير مواليه لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء والعقل وغير ذلك، مع ما فيه من قطيعة الرحم والعقوق.

٤٦٨ - (١٣٧٠) وحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ. حدثنا وَكِيعٌ. جَمِيعًا عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ إلى آخره. وزاد في الحديث
«فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صرف ولا عدل» وليس في حديثهما «من ادعى إلى غير أبيه» وليس في رواية وكيع، ذكر يوم القيامة.


(فمن اخفر مسلما) معناه من نقض أمان مسلم، فتعرض لكافر أمنه مسلم. قال أهل اللغة: يقال أخفرت الرجل إذا نقضت عهده، وخفرته إذا أمنته.

(١٣٧٠) - وحدثني عبد اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ وَوَكِيعٍ. إِلَّا قَوْلَهُ «مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ» وَذِكْرَ اللَّعْنَةِ لَهُ.

٤٦٩ - (١٣٧١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سليمان، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبي ﷺ. قال:
«الْمَدِينَةُ حَرَمٌ. فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ ولا صرف».

٤٧٠ - (١٣٧١) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ. حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ. حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَلَمْ يَقُلْ «يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَزَادَ «وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ. يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ. فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ وَلَا صرف».

٤٧١ - (١٣٧٢) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ

١٠٠٠
الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ
لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ تَرْتَعُ بِالْمَدِينَةِ مَا ذَعَرْتُهَا. قال رسول الله ﷺ: «ما بين لابتيها حرام».


(لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ تَرْتَعُ بِالْمَدِينَةِ مَا ذَعَرْتُهَا) معنى ترتع ترعى. وقيل تسعى وتنبسط. ومعنى ذعرتها أزعجتها. وقيل نفرتها. وكنى بذلك عن عدم صيدها.

٤٧٢ - (١٣٧٢) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وَعَبْدُ بْنُ حميد. قَالَ إِسْحَاقَ: أَخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حدثنا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
حَرَّمَ رسول الله ﷺ ما بين لا بتي الْمَدِينَةِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَلَوْ وَجَدْتُ الظِّبَاءَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا مَا ذَعَرْتُهَا. وَجَعَلَ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا، حَوْلَ الْمَدِينَةِ، حِمًى.

٤٧٣ - (١٣٧٣) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ (فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ) عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة؛ أَنَّهُ قَالَ:
كَانَ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ جَاءُوا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا. وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا. وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعَنْا. وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا! اللَّهُمَّ! إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ. وَإِنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ. وَإِنَّهُ دَعَاكَ لِمَكَّةَ. وَإِنِّي أَدْعُوكَ للمدينة. بمثل مادعاك لِمَكَّةَ. وَمِثْلِهِ مَعَهُ». قَالَ: ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ لَهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ.

٤٧٤ - (١٣٧٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ كان يُؤْتَى بِأَوَّلِ الثَّمَرِ فَيَقُولُ:
«اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا وَفِي ثِمَارِنَا وَفِي مُدِّنَا وَفِي صَاعَنْا. بَرَكَةً مَعَ بَرَكَةٍ». ثُمَّ يُعْطِيهِ أَصْغَرَ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنَ الْوِلْدَانِ.

(٨٦) باب الترغيب في سكن الْمَدِينَةِ، وَالصَّبْرِ عَلَى لَأْوَائِهَا
٤٧٥ - (١٣٧٤) حدثنا حَمَّادُ بْنُ إسماعيل بن علية. حدثنا أبي عن وهب، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ؛ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ؛ أَنَّهُ أَصَابَهُمْ بِالْمَدِينَةِ جَهْدٌ وَشِدَّةٌ. وَأَنَّهُ أَتَى أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ. فقَالَ لَهُ:
إِنِّي كَثِيرُ الْعِيَالِ. وَقَدْ أَصَابَتْنَا شِدَّةٌ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْقُلَ عِيَالِي إِلَى بَعْضِ الرِّيفِ. فقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَا تَفْعَلِ. الْزَمِ الْمَدِينَةَ. فَإِنَّا خَرَجْنَا مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ (أَظُنُّ أَنَّهُ قَالَ) حَتَّى قَدِمْنَا عُسْفَانَ. فَأَقَامَ بِهَا لَيَالِيَ. فقَالَ الناس: والله! ما نحن ههنا فِي شَيْءٍ. وَإِنَّ عِيَالَنَا لَخُلُوفٌ. مَا نَأْمَنُ عَلَيْهِمْ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فقَالَ: «مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِكُمْ؟ (مَا أَدْرِي كَيْفَ قَالَ) وَالَّذِي أَحْلِفُ بِهِ، أَوْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَقَدْ هَمَمْتُ أَوْ إِنْ شِئْتُمْ (لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَ) لَآمُرَنَّ بِنَاقَتِي تُرْحَلُ. ثُمَّ لَا أَحُلُّ لَهَا عُقْدَةً حَتَّى أَقْدَمَ الْمَدِينَةَ». وَقَالَ: «اللَّهُمَّ! إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَجَعَلَهَا حَرَمًا. وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ حَرَامًا مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْهَا. أَنْ لَا يُهْرَاقَ فِيهَا دَمٌ. وَلَا يُحْمَلَ فِيهَا سِلَاحٌ لقتال، ولا يخبط فِيهَا شَجَرَةٌ إِلَّا لِعَلْفٍ. اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا. اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي صَاعَنْا. اللهم! اجعل لَنَا فِي مُدِّنَا. اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي صَاعَنْا. اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا. اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا. اللَّهُمَّ! اجْعَلْ

١٠٠٢
مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا مِنَ الْمَدِينَةِ شِعْبٌ وَلَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكَانِ يَحْرُسَانِهَا حَتَّى تَقْدَمُوا إِلَيْهَا». (ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ) «ارتحلوا» فارتحلنا. فأقبلنا إلى المدينة. فو الذي نَحْلِفُ بِهِ أَوْ يُحْلَفُ بِهِ! (الشَّكُّ مِنْ حَمَّادٍ) مَا وَضَعَنْا رِحَالَنَا حِينَ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ حَتَّى أَغَارَ عَلَيْنَا بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غطفان. وما يهيجهم قبل ذلك شيء.


(الريف) قال أهل اللغة: الريف هو الأرض التي فيها زرع وخصب، وجمعه أرياف. ويقال: أريفنا، صرنا إلى الريف. وأرافت الأرض، أخصبت فهي ريفة. (وإن عيالنا لخلوف) أي ليس عندهم رجال ولا من يحميهم. (ترحل) أي يشد عليها رحلها. (ثُمَّ لَا أَحُلُّ لَهَا عُقْدَةً حَتَّى أَقْدَمَ المدينة) معناه أواصل السير ولا أحل عن راحلتي عقدة من عقد حملها ورحلها حتى أصل إلى المدينة، لمبالغتي في الأسراع إلى المدينة. (إني حرمت المدينة حراما) نصب على المصدر، إما لحرمت على غير لفظه كقوله تعالى: والله أنبتكم من الأرض نباتا، وما بين مأزميها بدل من المدينة، ويحتمل أن يكون حراما مفعول فعل محذوف، أي جعلت حراما ما بين مأزميها، وما بين مأزميها مفعولا ثانيا. (ما بين مأزميها) المأزم هو الجبل، وقيل المضيق بين الجبلين ونحوه، والأول هو الصواب هنا، ومعناه ما بين جبليها. (لعلف) هو بإسكان اللام، وهو مصدر علفت علفا. وأما العلف، بفتح اللام، فاسم للحشيش والتبن والشعير ونحوها. (شعب ولا نقب) قال أهل اللغة: الشعب هو الفرجة النافذة بين الجبلين. وقال ابن السكيت: هو الطريق في الجبل. والنقب هو مثل الشعب، وقيل هو الطريق في الجبل. قال الأخفش: أنقاب المدينة طرقها وفجاجها. (ما وضعنا رحالنا حين دخلنا المدينة. . الخ) معناه أن المدينة في حال غيبتهم عنها كانت محمبة محروسة. كما أخبر النبي ﷺ. حتى أن بني عبد الله بن غطفان أغاروا عليها حين قدمناه. ولم يكن، قبل ذلك، يمنعهم من الإغارة عليها مانع ظاهر، ولا كان لهم عدو يهيجهم ويشتغلون به. بل سبب منعهم، قبل قدومنا، حراسة الملائكة، كما أخبر النبي ﷺ. (وما يهيجهم) قال أهل اللغة: يقال هاج الشر وهاجت الحرب وهاجها الناس، أي تحركت وحركوها. وهجت زيدا، حركته للأمر. كله ثلاثي.

٤٧٦ - (١٣٧٤) وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ علية عن علي بن المبارك. حدثنا يحيى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. حدثنا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي صَاعَنْا وَمُدِّنَا. وَاجْعَلْ مَعَ البركة بركتين».

(١٣٧٤) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنا شَيْبَانُ. ح وحدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا عبد الصمد. حدثنا حرب (يعني ابن شداد) كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، بِهَذَا الإسناد، مثله.

٤٧٧ - (١٣٧٤) وحدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ؛ أَنَّهُ جَاءَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، لَيَالِي الْحَرَّةِ، فَاسْتَشَارَهُ فِي الْجَلَاءِ مِنَ الْمَدِينَةِ. وَشَكَا إِلَيْهِ أَسْعَارَهَا وَكَثْرَةَ عِيَالِهِ. وَأَخْبَرَهُ أَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى جَهْدِ الْمَدِينَةِ وَلَأْوَائِهَا فقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ؛

١٠٠٣
لَا آمُرُكَ بِذَلِكَ. إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:
«لا يصبر أحدا عَلَى لَأْوَائِهَا فَيَمُوتَ، إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِذَا كَانَ مُسْلِمًا».


(ليالي الحرة) يعني الفتنة المشهورة التي نهبت فيها المدينة سنة ثلاث وستين. (الجلاء) هو الفرار من بلد إلى غيره.

٤٧٨ - (١٣٧٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي أُسَامَةَ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ) قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الوليد بن سعيد. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ أَبِي سَعِيدٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
«إِنِّي حَرَّمْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ. كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ» قَالَ: ثُمَّ كَانَ أَبُو سَعِيدٍ يَأْخُذُ (وقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجِدُ) أَحَدَنَا فِي يَدِهِ الطير، فيفكه من يده، ثم يرسله.


(في يده الطير) جملة أسمية، وقعت حالا. نحو كلمته فوه إلى فيّ.

٤٧٩ - (١٣٧٥) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ يُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ:
أَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ إلى المدينة فقال: «إنها حرم أمنا».


(أهوى بيده إلى المدينة) أي أومأ بها إليها.

٤٨٠ - (١٣٧٦) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ وَبِيئَةٌ. فَاشْتَكَى أَبُو بَكْرٍ وَاشْتَكَى بِلَالٌ. فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَكْوَى أَصْحَابِهِ قَالَ: «اللَّهُمَّ! حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ. وَصَحِّحْهَا. وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا ومدها. وحول حماها إلى الجحفة».


(وبيئة) يعني ذات وباء. وهو الموت الذريع. هذا أصله. ويطلق أيضا على الأرض الوخمة التي تكثر بها الأمراض، لا سيما للغرباء الذين ليسوا مستوطنيها. (وحول حماها إلى الجحفة) قال الخطابي وغيره: كان ساكنوا الجحفة في ذلك الوقت يهودا. قال الإمام النووي: وفي هذا الحديث علم من أعلام نبوة نبينا ﷺ. فإن الجحفة، من يومئذ، مجتنبة، ولا يشرب أحد من مائها إلا حم.

(١٣٧٦) - وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

٤٨١ - (١٣٧٧) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حدثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنا عِيسَى بْنُ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ. حدثنا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:
«مَنْ صَبَرَ عَلَى لَأْوَائِهَا، كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أوشهيدا يوم القيامة».

٤٨٢ - (١٣٧٧) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عُوَيْمِرِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ يُحَنَّسَ مَوْلَى الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ؛ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عَنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْفِتْنَةِ. فَأَتَتْهُ مَوْلَاةٌ لَهُ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ. فقَالَت:
إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ، يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! اشْتَدَّ عَلَيْنَا الزَّمَانُ. فقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ: اقْعُدِي. لَكَاعِ! فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ، إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شفيعا يوم القيامة».


(في الفتنة) وهي وقعة الحرة التي وقعت زمن يزيد. (اقعدي لكاع) قال أهل اللغة: يقال امرأة لكاع ورجل لكع. ويطلق ذلك على اللئيم وعلى العبد وعلى الغبي الذي لا يهتدي لكلام غيره، وعلى الصغير.

٤٨٣ - (١٣٧٧) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ. أَخْبَرَنا الضَّحَّاكُ عَنْ قَطَنٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ يُحَنَّسَ مَوْلَى مُصْعَبٍ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يَقُولُ:
"مَنْ صَبَرَ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا، كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ (يَعْنِي الْمَدِينَةَ).

٤٨٤ - (١٣٧٨) وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة ابن حُجْرٍ. جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيل بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رسول الله ﷺ قَالَ:
«لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَاءِ الْمَدِينَةِ وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي، إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ شَهِيدًا».

(١٣٧٨) - وحدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن أَبِي هَارُونَ مُوسَى بْنِ أَبِي عِيسَى؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، بِمِثْلِهِ.

(١٣٧٨) - وحدثنا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى. حدثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ:
«لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَاءِ الْمَدِينَةِ» بمثله.

(٨٧) بَاب صِيَانَةِ الْمَدِينَةِ مِنْ دُخُولِ الطَّاعُونِ وَالدَّجَّالِ إِلَيْهَا
٤٨٥ - (١٣٧٩) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ:
«عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ. لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ».

٤٨٦ - (١٣٨٠) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن رسول اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«يَأْتِي الْمَسِيحُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ. هِمَّتُهُ الْمَدِينَةُ. حَتَّى يَنْزِلَ دُبُرَ أُحُدٍ. ثُمَّ تَصْرِفُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ قبل الشام. وهنالك يهلك».


(يأتي المسيح) أي الدجال.

(٨٨) بَاب الْمَدِينَةِ تَنْفِي شِرَارَهَا
٤٨٧ - (١٣٨١) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يعني الدراوردي) عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أن رسول الله ﷺ قال:
«يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ ابْنَ عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ: هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ! هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ! وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ فِيهَا خَيْرًا مِنْهُ. أَلَا إِنَّ الْمَدِينَةَ كَالْكِيرِ، تُخْرِجُ الْخَبِيثَ. لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنْفِيَ الْمَدِينَةُ شِرَارَهَا. كما ينفي الكير خبث الحديد».


(كالكير) هو منفخ الحداد الذي ينفخ به النار، أو الموضع المشتمل عليها. الأول يكون من الزق ويكون من الجلد الغليظ. والثاني، أي موضع نار الحداد، يكون مبنيا من الطين، أو هو يسمى كورا. (خبث الحديد) قال العلماء: خبث الحديد والفضة هو وسخهما وقذرهما الذي تخرجه النار منهما.

٤٨٨ - (١٣٨٢) وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أَنَسٍ (فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ) عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى. يَقُولُونَ يَثْرِبَ. وَهِيَ الْمَدِينَةُ. تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ».


(أمرت بقرية تأكل القرى) معناه أمرت بالهجرة إليها واستيطانها. وذكروا في معنى أكلها القرى وجهين: أحدهما أنها مركز جيوش الإسلام في أول الأمر. فمنها فتحت القرى وغنمت أموالها وسباياها. والثاني. معناه أن أكلها وميرتها تكون من القرى المفتتحة، وإليها تساق غنائمها. (يقولون يثرب وهي المدينة) يعني أن بعض الناس من المنافقين وغيرهم يسمونها يثرب. وإنما اسمها المدينة وطابة وطيبة. ففي هذا كراهة تسميتها يثرب.

(١٣٨٢) - وحدثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالَا: حدثنا سُفْيَانُ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَا: كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ الْخَبَثَ. لَمْ يَذْكُرَا الْحَدِيدَ.

٤٨٩ - (١٣٨٣) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَأَصَابَ الْأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ. فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! أَقِلْنِي بَيْعَتِي. فَأَبَى رسول الله ﷺ. ثم جائه فقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي. فَأَبَى. ثُمَّ جَاءَهُ فقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي. فَأَبَى. فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كالكير. تنفي خبثها وينصع طيبها».


(وعك) هو مغث الحمى وألمها. ووعك كل شيء معظمه وشدته. (ينصع) أي يصفو ويخلص ويتميز. والناصع الصافي الخالص. ومنه قولهم: ناصع اللون أي صافية وخالصه. ومعنى الحديث أنه يخرج من المدينة من لم يخلص إيمانه، ويبقي فيها من خلص إيمانه قال أهل اللغة: يقال نصع الشيء ينصع، بفتح الصاد فيهما، نصوعا إذا خلص ووضح. والناصع الخالص من كل شيء.

٤٩٠ - (١٣٨٤) وحدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ (وَهُوَ الْعَنْبَرِيُّ) حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيٍّ

١٠٠٧
(وهو ابْنُ ثَابِتٍ) سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ:
«إِنَّهَا طَيْبَةُ (يَعْنِي الْمَدِينَةَ) وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خبث الفضة».

٤٩١ - (١٣٨٥) وحدثنا قتيبة بن سعيد وهناد بن السري وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى المدينة طابة».


(طابة) هذا فيه استحباب تسميتها طابة، وليس فيه أنها لا تسمى بغيره. فقد سماها الله تعالى المدينة في مواضع من القرآن. وسماها النبي ﷺ طيبة.

(٨٩) بَاب مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ أَذَابَهُ اللَّهُ
٤٩٢ - (١٣٨٦) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن رافع. حدثنا عبد الرزاق. كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُحَنَّسَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظِ؛ أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ:
«مَنْ أَرَادَ أَهْلَ هَذِهِ الْبَلْدَةِ بِسُوءٍ (يَعْنِي الْمَدِينَةَ) أَذَابَهُ اللَّهُ كما يذوب الملح في الماء».


(بسوء) قيل يحتمل أن المراد من أرادها غازيا مغيرا عليها، ويحتمل غير ذلك.

٤٩٣ - (١٣٨٦) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ. قالا: حدثنا حجاج. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. جَمِيعًا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَرَّاظَ (وكان من أصحاب أبي هريرة) أَذَابَهُ اللَّهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ».
قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ، فِي حَدِيثِ ابْنِ يُحَنَّسَ، بَدَلَ قَوْلِهِ بِسُوءٍ: شَرًّا.

(١٣٨٦) - حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن أَبِي هَارُونَ مُوسَى بْنِ أَبِي عِيسَى. ح وحدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ.

١٠٠٨
حدثنا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو. جَمِيعًا سَمِعَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظَ. سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بمثله.

٤٩٤ - (١٣٨٧) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيل) عَنْ عُمَرَ بْنِ نُبَيْهٍ. أَخْبَرَنِي دِينَارٌ الْقَرَّاظُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ، أَذَابَهُ اللَّهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ».

(١٣٨٧) - وحدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حدثنا إِسْمَاعِيل (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ) عَنْ عُمَرَ بْنِ نُبَيْهٍ الْكَعْبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ
«بدهم أو بسوء».


(بدهم) أي بغائله وأمر عظيم.

٤٩٥ - (١٣٨٧) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. حدثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظِ. قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَعْدًا يَقُولَانِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«اللَّهُمَّ! بَارِكْ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مُدِّهِمْ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ «مَنْ أَرَادَ أَهْلَهَا بِسُوءٍ أَذَابَهُ اللَّهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ».

(٩٠) بَاب التَّرْغِيبِ فِي الْمَدِينَةِ عَنْدَ فَتْحِ الْأَمْصَارِ
٤٩٦ - (١٣٨٨) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«تُفْتَحُ الشَّامُ. فَيَخْرُجُ

١٠٠٩
مِنَ الْمَدِينَةِ قَوْمٌ بِأَهْلِيهِمْ. يَبُسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. ثُمَّ تُفْتَحُ الْيَمَنُ. فَيَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ قَوْمٌ بِأَهْلِيهِمْ. يَبُسُّونَ. وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. ثُمَّ يُفْتَحُ الْعِرَاقُ فَيَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ قَوْمٌ بِأَهْلِيهِمْ. يَبُسُّونَ. والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون».


(يبسون) قال أهل اللغة: يبسون. ويقال أيضا: يبسون. فتكون اللفظة ثلاثية ورباعية فحصل في ضبطه ثلاثة أوجه. ومعناه يتحملون بأهليهم. وقيل معناه يدعون الناس إلى بلاد الخصب. وهو قول إبراهيم الحربي. وقال أبو عبيد: معناه يسوقون. والبس سوق الإبل. وقال ابن وهب: معناه يزينون لهم البلاد ويحببونها إليهم ويدعونهم إلى الرحيل إليها. ومعناه الإخبار عمن خرج من المدينة متحملا بأهله باشافي سيره إلى الرخاء في الأمصار التي أخبر النبي ﷺ بفتحها. قال العلماء: في هذا الحديث معجزات لرسول الله ﷺ. لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم، وإن الناس يتحملون بأهليهم إليها ويتركون المدينة. وإن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب. ووجد جميع ذلك كذلك بحمد الله وفضله. وفيه فضيلة سكنى المدينة والصبر على شدتها وضيق العيش بها.

٤٩٧ - (١٣٨٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول
«يُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ ومن أطاعهم. والمدينة خيرلهم لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. ثُمَّ يُفْتَحُ الشَّامُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ. وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. ثُمَّ يُفْتَحُ الْعِرَاقُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ. فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ. وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ».

(٩١) بَاب فِي الْمَدِينَةِ حِينَ يَتْرُكُهَا أَهْلُهَا
٤٩٨ - (١٣٨٩) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حدثنا أَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ. ح وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ) أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يونس عن ابن شهاب، عن سعيد بن الْمُسَيَّبِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، لِلْمَدِينَةِ
«لَيَتْرُكَنَّهَا أَهْلُهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ مُذَلَّلَةً لِلْعَوَافِي» يَعْنِي السِّبَاعَ وَالطَّيْرَ. قَالَ مُسْلِم: أَبُو صَفْوَانَ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. يَتِيمُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَشْرَ سِنِينَ. كَانَ في حجره.


(للعوافي) قد فسرها في الحديث بالسباع والطير. وهو صحيح في اللغة مأخوذة من عفوته، إذا أتيته تطلب معروفه. وأما معنى الحديث فالظاهر المختار أن هذا الترك للمدينة يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة. وتوضحه قصة الراعيين من مزينة فإنهما يخران على وجوههما حين تدركهما الساعة. وهما آخر من يحشر، كما ثبت في صحيح البخاري.

٤٩٩ - (١٣٨٩) وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سمعت رسول الله ﷺ يَقُولُ
«يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ. لَا يَغْشَاهَا إِلَّا الْعَوَافِي (يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ) ثُمَّ يَخْرُجُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ. يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ. يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا. فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا. حَتَّى إِذَا بلغا ثنية الوداع، خرا على وجوههما».


(ينعقان) أي يصيحان. (وحشا) قيل: معناه يجدانها خلاء، أي خلية ليس بها أحد. قال إبراهيم الحربي: الوحش من الأرض هو الخلاء. والصحيح أن معناه يجدانها ذات وحوش. ويكون وحشا بمعنى وحوشا. وأصل الوحش كل شيء توحش من الحيوان. وجمعه وحوش. وقد يعبر بواحده عن جميعه، كما في غيره. (خرا على وجوهما) أي سقطا ميتين.

(٩٢) بَاب مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ
٥٠٠ - (١٣٩٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنيِّ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ
«مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ من رياض الجنة».


(روضة من رياض الجنة) ذكروا في معناه قولين: أحدهما أن ذلك الموضع بعينه ينقل إلى الجنة. والثاني أن العبادة فيه تؤدي إلى الجنة. قال الطبري: في المراد ببيتي هنا قولان: أحدهما القبر. قاله زيد بن أسلم، كما روى مفسرا: بين قبري ومنبري. والثاني المراد بين سكناه، على ظاهره. وروى: ما بين حجرتي ومنبري. قال الطبري. والقولان متفقان. لأن قبره في حجرته، وهي بيته.

٥٠١ - (١٣٩٠) وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا عبد العزيز بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول
«ما بيم مِنْبَرِي وَبَيْتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ».

٥٠٢ - (١٣٩١) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. ح وحدثنا ابن نمير. حدثنا أبي. حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قَالَ
«مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ من رياض الجنة. ومنبري على حوضي».


(ومنبري على حوضي) قال القاضي: قال أكثر العلماء: المراد منبره بعينه، الذي كان في الدنيا. قال: وهذا هو الأظهر.

(٩٣) بَاب أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ
٥٠٣ - (١٣٩٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بلال عن عمرو بن يحيى، عن عباس بْنِ سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ. قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِي الْقُرَى. فقَالَ رسول الله ﷺ «إني مسرع. فمن شاء منكم فليسرع معي. ومن شَاءَ فَلْيَمْكُثْ». فَخَرَجْنَا حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ. فقال «هذه طابة وهذا أحد. وهو جبل يحبنا ونحبه».


(وادي القرى) هو واد بين المدينة والشام. وهو بين تيماء وخيبر، من أعمال المدينة. سمي وادي القرى لأن الوادي من أوله إلى آخره قرى منظومة. لكنها الآن كلها خراب. ومباهها جارية تتدفق ضائعة لا ينتفع بها أحد. فتحها النبي ﷺ بعد فراغه من فتح خيبر سنة سبع. اهـ من معجم البلدان.

٥٠٤ - (١٣٩٣) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حدثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ قَتَادَةَ. حدثنا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«إِنَّ أُحُدًا جَبَلٌ يحبنا ونحبه».

(١٣٩٣) - وحَدَّثَنِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنِي حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ. حدثنا قُرَّةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى أُحُدٍ فقَالَ
«إِنَّ أُحُدًا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ».

(٩٤) بَاب فَضْلِ الصَّلَاةِ بِمَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ
٥٠٥ - (١٣٩٤) حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو) قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ. قَالَ
«صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا. أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ».


(إلا المسجد الحرام) اختلف العلماء في المراد بهذا الاستثناء على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيتهما أفضل. ومذهب الشافعي وجماهير العلماء أن مكة أفضل من المدينة. وأن مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة. وعكسه مالك وطائقة. فعند الشافعي والجمهور معناه إلا المسجد الحرام، فإن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في مسجدي. وعند مالك وموافقيه: إلا المسجد الحرام فإن الصلاة في مسجدي تفضله بدون الألف. قال القاضي عياض: أجمعوا على أن موضع قبره ﷺ أفضل بقاع الأرض. وإن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض. واختلفوا في أفضلهما، ما عدا موقع قبره ﷺ. فقال عمر وبعض الصحابة ومالك وأكثر المدنيين: المدينة أفضل وقال أهل مكة والكوفة والشافعي، وابن وهب وابن حبيب المالكيان: مكة أفضل. قلت: ومما احتج به أصحابنا لتفضيل مكة حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء رضي الله عنه أنه سمع النبي ﷺ وهو واقف على راحلته بمكة يقول «والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» رواه الترمذي والنسائي. وقال الترمذي هو حديث حسن صحيح. وهو في سنن ابن ماجه رقم ٣١٠٨. قال الإمام النووي: وأعلم أن هذه الفضيلة مختصة بنفس مسجده ﷺ، الذي كان في زمانه، دون ما زيد فيه بعده. فينبغي أن يحرص المصلي على ذلك ويتفطن لما ذكرته.

٥٠٦ - (١٣٩٤) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد (قَالَ عبد: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا عبد الرزاق). أخبرنا معمر عن الزهري، عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قال رسول الله ﷺ
«صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الحرام».

٥٠٧ - (١٣٩٤) حَدَّثَنِي إِسْحَاقَ بْنُ مَنْصُورٍ. حدثنا عِيسَى بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِمْصِيُّ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ. حدثنا الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وأبى عبد الله الأغر مولى الجهنيين ٠ (وكان من أصحاب أبي هريرة) أنهما سمعا أبا هريرة يَقُولُ:
صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ. فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ. وَإِنَّ مَسْجِدَهُ آخِرُ الْمَسَاجِدِ.

١٠١٣
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَمْ نَشُكَّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَمَنَعَنْا ذَلِكَ أَنْ نَسْتَثْبِتَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ. حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ أبا هُرَيْرَةَ، تَذَاكَرْنَا ذَلِكَ. وَتَلَاوَمْنَا أَنْ لَا نَكُونَ كَلَّمْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يُسْنِدَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. إِنْ كَانَ سَمِعَهُ مِنْهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، جَالَسَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظٍ. فَذَكَرْنَا ذَلِكَ الْحَدِيثَ. وَالَّذِي فَرَّطْنَا فِيهِ مِنْ نَصِّ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ. فقَالَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «فَإِنِّي آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ مسجدي آخر المساجد».


(وتلاومنا) أي لام بعضنا بعضا. (جالسنا) أي جاءنا وجلس لدينا، فصرنا معه جلساء.

٥٠٨ - (١٣٩٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جميعا عن الثقفي. قال ابن المثنى: حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا صَالِحٍ: هَلْ سَمِعْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ فَضْلَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فقَالَ: لَا. وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ (أَوْ كَأَلْفِ صَلَاةٍ) فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدَ الحرام».

(١٣٩٤) - وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالُوا: حدثنا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

٥٠٩ - (١٣٩٥) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عن النبي ﷺ قال
«صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ».

(١٣٩٥) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ. ح وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ نمير حدثنا أبي. ح وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

(١٣٩٥) - وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول. بمثله.

م (١٣٩٥) وحدثناه ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا معمر عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمرن عن النبي ﷺ. بمثله.

٥١٠ - ٠ (١٣٩٦) وحدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح. جميعا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ قُتَيْبَةُ: حدثنا ليث عن نافع، عن إبراهيم ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ امْرَأَةً اشْتَكَتْ شَكْوَى. فقَالَت: إِنْ شَفَانِي اللَّهُ لَأَخْرُجَنَّ فَلَأُصَلِّيَنَّ فِي بَيْتِ الْمَقْدِس. فَبَرَأَتْ. ثُمَّ تَجَهَّزَتْ تُرِيدُ الْخُرُوجَ. فَجَاءَتْ ميمونة زوج النبي ﷺ، تُسَلِّمُ عَلَيْهَا. فَأَخْبَرَتْهَا ذَلِكَ. فقَالَت: اجْلِسِي فَكُلِي ما صنعت. وصلي في مسجد الرسول الله ﷺ. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
«صَلَاةٌ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ من المساجد، إلا مسجد الكعبة».


(عن ابن عباس) هذا الحديث مما أنكر على مسلم بسبب إسناده. قال الحفاظ: ذكر ابن عباس فيه وهم. وصوابه: عن إبراهيم بن عبد الله عن ميمونة. هكذا هو المحفوظ من رواية الليث وابن جريج عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله عن ميمونة، من غير ذكر ابن عباس. وكذلك رواه البخاري في صحيحه. (اشتكت شكوى) أي مرضت مرضا.

(٩٥) باب لاتشد الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ
٥١١ - (١٣٩٧) حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ
«لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، ومسجد الحرام ومسجد الأقصى».


(لا تشد الرحال إلى إلا ثلاثة مساجد) هكذا وقع في صحيح مسلم هنا: ومسجد الحرام ومسجد الأقصى، وهو من إضافة الموصوف إلى صفته. وقد أجازه النحويون الكوفيون. وتأوله البصريون على أن فيه محذوفا تقديره: مسجد المكان الحرام، والمكان الأقصى. ومنه قوله تعالى. وما كنت بجانب الغربي، أي المكان الغربي، ونظائره.

٥١٢ - (١٣٩٧) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ
«تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى ثلاثة مساجد».

٥١٣ - (١٣٩٧) وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وَهْبٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ؛ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ أَبِي أَنَسٍ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ سَلْمَانَ الْأَغَرَّ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ
«إِنَّمَا يُسَافَرُ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيلياء».


(إيلياء) مسجد إيلياء هو بيت المقدس.

(٩٦) باب بيان أن السجد الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى هُوَ مَسْجِدُ النَّبِيِّ ﷺ
٥١٤ - (١٣٩٨) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدٍ الْخَرَّاطِ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: مَرَّ بِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ: قُلْتُ لَهُ:
كَيْفَ سَمِعْتَ أَبَاكَ يَذْكُرُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؟ قَالَ: قَالَ أَبِي: دَخَلْتُ عَلَى رسول الله ﷺ في بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ الْمَسْجِدَيْنِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؟ قَالَ: فأخذ كفا من حصاء فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ. ثُمَّ قَالَ
«هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا» (لِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ). قَالَ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنِّي سمعت أباك هكذا يذكره.


(هو مسجدكم هذا) هذا نص بأنه المسجد الذي أسس على التقوى، المذكور في القرآن. وأما أخذه ﷺ الحصباء وضربه في الأرض، فالمراد به المبالغة في الإيضاح، لبيان أنه مسجد المدينة. والحصباء الحصى الصغار.

(١٣٩٨) - وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ (قَالَ سَعِيدٌ: أَخْبَرَنا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيل) عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بمثله. وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ في الإسناد.

(٩٧) بَاب فَضْلِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَزِيَارَتِهِ
٥١٥ - (١٣٩٩) حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم. حدثنا أيوب عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله ﷺ كَانَ يَزُورُ قُبَاءً، راكبا وماشيا.


(قباء) الفصيح المشهور فيه، المد والتذكير والصرف. وهو قريب من المدينة، من عواليها.

٥١٦ - (١٣٩٩) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عبيد الله. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله ﷺ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ، رَاكِبًا وَمَاشِيًا. فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.

٥١٧ - (١٣٩٩) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حدثنا يَحْيَى. حدثنا عُبَيْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ إن رسول الله ﷺ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً، رَاكِبًا وَمَاشِيًا.

(١٣٩٩) - وحَدَّثَنِي أَبُو مَعَنِ الرَّقَاشِيُّ زَيْدُ بْنُ يَزِيدَ الثّقَفِيُّ (بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ]. حدثنا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ) عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ يَحْيَى الْقَطَّانِ.

٥١٨ - (١٣٩٩) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عبد الله بن عمر؛ أن رسول الله ﷺ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً، راكبا وماشيا.

٥١٩ - (١٣٩٩) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حدثنا إِسْمَاعِيل بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْتِي قُبَاءً، راكبا وماشيا.

٥٢٠ - (١٣٩٩) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً كُلَّ سَبْتٍ. وَكَانَ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ.

٥٢١ - (١٣٩٩) وحَدَّثَنَاه ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر؛ أن رسول الله ﷺ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً، يَعْنِي كُلَّ سَبْتٍ، كَانَ يَأْتِيهِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ.

٥٢٢ - (١٣٩٩) وحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ. حدثنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ دِينَارٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. ولم يذكر كل سبت.

 


google-playkhamsatmostaqltradent