١ - باب في تعليم الفرائض
٢٨٨٥
- حدَّثنا أحمدُ بن عَمرو بن السَّرح،
قال: أخبرنا ابنُ وهْبٍ، حدثني عبدُ الرحمن بن زياد، عن عبد الرحمن بن رافع
التنوخِيِّ
عن عبد الله بن عَمرو بن العاصِ، أن
رسولَ الله ﷺ قال: «العلمُ ثَلاثةٌ، وما سِوى ذلك فهو فضلٌ: آيةٌ مُحكَمةٌ، أو
سنةٌ قائمةٌ، أو فريضةٌ عادلةٌ» (١).
٢ - باب في الكَلَالةِ
٢٨٨٦ - حدَّثنا أحمدُ بن حنْبلٍ، حدَّثنا سفيانُ، قال سمعتُ ابنَ المُنكَدِر
أنه سممع جابرًا يقول: مرضتُ فأتاني النبي ﷺ يعودُني هو وأبو بكر ماشِيَيْن، وقد أُغْمِيَ عليَّ، فلم أُكلِّمه، فتوضَّأ وصبَّه عليَّ، فأفَقْتُ، فقلتُ: يا رسول الله، كيف أصنعُ في مالي ولي أخَوَاتٌ؟ قال: فنزلتْ آيةُ المواريث: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾ (٢) [النساء: ١٧٦].
(١) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن رافع
التنوخي وعبد الرحمن بن زياد -وهو ابن أنعُم-.
وأخرجه ابن ماجه (٥٤) من طريق عبد
الرحمن بن زياد بن أنعم، به.
(٢)
إسناده صحيح. لكن الآية المذكورة في آخر الحديث وهي قوله تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ
قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ...﴾ الآية [النساء: ١٧٦] مُدرجة من كلام سفيان
ابن عيينة كما نبه عليه الحافظ في
«الفتح» ٨/ ٢٤٣ - ٢٤٤. وذلك أن الرواة عن سفيان ابن عيينة قد اختلفوا في ذكرها،
فذكرها عنه أحمد بن حنبل وعمرو الناقد ومحمد بن =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . .
= منصور المكي والفضل بن الصباح،
وقتيبة بن سعيد في بعض رواياته، وغيرهم، ولم يذكرها عنه عبدُ الله بن محمد الجعفي
وعلي بن المديني وقتيبة بن سعيد في روايات أخرى.
ووافقهم على عدم ذكرها شعبة بن
الحجاج وسفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، وإنما قالا: نزلت آية الفرائض أو آية
الميراث، لكن قال شعبة في إحدى الروايات عند مسلم: فقلت لمحمد بن المنكدر:
﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾؟ قال: هكذا أنزلت.
فدلَّ على أنها مدرجة في الحديث من قول سفيان بن عيينة.
ويؤيد أنها من إدراج ابن عيينة أن
ابن جريج وعمرو بن أبي قيس قد روياه عن محمد بن المنكدر فذكرا آية الميراث الأولى
في سورة النساء: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾ يعني إلى آخر قوله
تعالى: ﴿مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾. وكذلك رواه عبد بن حميد، عن
يحيى بن آدم، عن سفيان ابن عيينة. لكن ذلك غير محفوظ عن سفيان بن عيينة.
وقد رواه أبو الزبير، عن جابر كما في
الطريق الآتي بعده عند المصنف، وذكر فيه قوله تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ
اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾ [النساء: ١٧٦] إلا أن أبا الزبير -وهو محمد بن مسلم
بن تدرس المكي- مدلِّس وقد عنعن.
ومن ثَمَّ قال الحافظ في «الفتح» ٨/
٢٤٤: فالحاصل أن المحفوظ عن ابن المنكدر أنه قال: آية الميراث أو آية الفرائض،
والظاهر أنها: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ﴾ كما صرح به في رواية ابن جريج ومن تابعه، وأما
من قال: إنها: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ﴾ فعمدتُه أن جابرًا لم يكن له حينئذٍ ولد، وإنما
يورث كلالة، فكان المناسب لقصته نزول الآية الأخيرة، لكن ليس ذلك بلازم، لأن
الكلالة مختلف فىِ تفسيرها، فقيل: هي اسم المال الموروث، وقيل: اسم الميت، وقيل:
اسم الإرث، وقيل: ما تقدم، فلما لم يعين تفسيرها بمن لا ولد له ولا والد، لم يصح
الاستدلال، لما قدمته أنها نزلت في آخر الأمر، وآية المواريث نزلت قبل ذلك بمدة
... إلى أن قال: وإذا تقرر جميع ذلك ظهر أن ابن جريج، لم يهم كما جزم به الدمياطي
ومن تبعه، وأن من وهمَّه هو الواهم، والله أعلم. =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= وهو في «مسند أحمد» (١٤٢٩٨).
وأخرجه مسلم (١٦١٦) عن عمرو الناقد،
وابن ماجه (٢٧٢٨) عن هشام بن عمار، والترمذي (٢٢٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (٦٢٨٨)
و(١١٠٦٩) عن محمد ابن منصور المكي، و(٧٤٥٦) عن قتيبة بن سعيد، أربعتهم عن سفيان بن
عيينة، بهذا الإسناد. كرواية المصنف. إلا أن هشامًا وهم فقال: نزلت آية الميراث،
في آخر النساء ﴿وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً﴾ الآية. و﴿يَسْتَفْتُونَكَ
قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾ الآية. ذلك لأن الآية الأولى ليست في
آخر سورة النساء، وإنما هي في أولها عند آية الفرائض الثانية.
وأخرجه البخاري (٥٦٥١) عن عبد الله
بن محمد الجُعفي، و(٦٧٢٣) عن قتيبة ابن سعيد، و(٧٣٠٩) عن علي بن المديني، ثلاثتهم
عن سفيان بن عيينة، به فلم يذكروا الآية، واقتصروا على قولهم: آية الميراث أو
المواريث.
وأخرجه أحمد (١٤١٨٦)، والبخاري (١٩٤)
و(٥٦٧٦) و(٦٧٤٣)، ومسلم (١٦١٦)، والنسائي في «الكبرى» (٦٢٨٧) و(٧٤٧٠) من طريق شعبة
بن الحجاج، ومسلم (١٦١٦) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن محمد بن المنكدر، به.
فقال شعبة: نزلت آية الفرائض، وقال الثوري: نزلت آية الميراث، ولم يذكراها، لكن
جاء في إحدى روايات شعبة عند مسلم: فقلت لمحمد بن المنكدر: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ
اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾؟ قال: هكذا أنزلت.
وأخرجه البخاري (٤٥٧٧)، ومسلم
(١٦١٦)، والنسائي في «الكبرى» (٦٢٨٩) و(١١٠٢٥) من طريق ابن جريج، والترمذي (٢٢٢٧)
من طريق عمرو بن أبي قيس، كلاهما عن محمد بن المنكدر، به. لكنهما قالا: فنزلت:
﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ الآية.
وأخرجه الترمذي (٣٢٦٢) عن عبد بن
حميد، عن يحيى بن آدم، عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، به. فذكر الآية
التي ذكرها ابن جُريج وعمرو بن أبي قيس، وليس ذلك بمحفوظ في حديث سفيان بن عيينة
كما أسلفنا. وانظر ما بعده. =
٣ - باب مَنْ كان ليس له ولد وله أخوات
٢٨٨٧
- حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ،
حدَّثنا كثيرُ بن هشامٍ، حدَّثنا هشامٌ -يعني الدَّستُوائيَّ- عن أبي الزبير
عن جابر، قال: اشتكيْتُ وعندي سبعُ
أخَواتٍ، فدخَلَ عليَّ رسولُ الله ﷺ، فنفخ في وجهي، فأفقْتُ، فقلت: يا رسولَ الله،
ألا
= قال النووي في «شرح مسلم» عند حديث
معدان بن أبي طلحة برقم (١٦١٧): واختلفوا في اشتقاق الكلالة، فقال الأكثرون: مشتقة
من التكلل، وهو التطرف، فابن العم مثلًا يقال له: كلالة، لأنه ليس على عمود النسب،
بل على طرفه، وقيل: من الإحاطة، ومن الإكليل، وهو شبه عصابة تزيّن بالجوهر، فسموا
كلالة لإحاطتهم بالميت من جوانبه، وقيل: مشتقة من كَلَّ الشيء إذا بعد وانقطع،
ومنه قولهم: كلّت الرحم: إذا بعدت وطال انتسابها، ومنه: كلَّ في مشيه: إذا انقطع
لبُعد مسافته، قال: واختلف العلماء في المراد بالكلالة في الآية على أقوال:
أحدها: المراد الوراثة، إذا لم يكن
للميت ولد ولا والد، وتكون الكلالة منصوبة على تقدير: يورث وراثة كلالة. قلنا:
يعني قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ﴾ [النساء: ١٢].
والثانى: أنه اسم للميت الذي ليس له
ولد ولا والد، ذكرًا كان الميت أو أنثى، كما يقال: رجل عقيم، وامرأة عقيم،
وتقديره: يُورَث كما يورث في حال كونه كلالة، وممن روي عنه هذا أبو بكر الصديق
وعمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس رضى الله عنهم أجمعين.
والثالث: أنه اسم للورثة الذين ليس
فيهم ولد ولا والد، احتجوا بقول جابر رضي الله عنه: إنما يرثني كلالة، ولم يكن ولد ولا
والد.
والرابع: اسم للمال الموروث، قال
الشيعة: الكلالة من ليس له ولد، وإن كان له أب أو جد فورثوا الإخوة مع الأب، قال
القاضي: وروي ذلك عن ابن عباس، قال: وهي رواية باطلة لا تصح عنه، بل الصحيح عنه ما
عليه جماعة العلماء، قال: وذكر بعض العلماء الإجماع على أن الكلالة من لا ولد له
ولا والد.
أُوصي لأخَواتي بالثُلثَين؟ قال:
«أحْسِنْ» قلت: الشطر؟ قال: «أحْسِنْ» ثم خرج وتركني، فقال: «يا جابر، لا أُرَاكَ
مَيِّتًا من وَجَعِكَ هذا، وإن الله قد أنزلَ فبَيَّن الذي لأخَواتِك، فجعل لهن
الثُّلثَين» قال: فكان جابرٌ يقول: أُنزلتْ هذه الآيةُ في: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ
اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾ (١) [النساء: ١٧٦].
٢٨٨٨
- حدَّثنا مُسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا
شعبةُ، عن أبي إسحاقَ
عن البراء بن عازب، قال: آخرُ آيةِ
نزلت في الكَلَالة: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾
(٢).
(١) إسناده ضعيف، أبو الزبير -وهو محمد بن
مسلم بن تدرُس المكي، وإن كان ثقة- مُدلِّس، وقد عنعن. والصحيح في حديث جابر
الحديثُ السالف قبله كما بيناه.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٢٩٠)
و(٦٢٩١) و(٧٥١٣) من طريق أبي الزبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٩٩٨).
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وشعبة: هو ابن الحجاج. ولم
يرو شعبةُ عن أبي إسحاق السبيعي إلا ما سمعه، فكيف وقد صرح بالسماع عند البخاري
وغيره!
وأخرجه البخاري (٤٣٦٤) و(٤٦٠٥)
و(٤٦٥٤) و(٦٧٤٤)، ومسلم (١٦١٨)، والنسائى في «الكبرى» (٦٢٩٢) و(٦٢٩٣) و(١١٠٦٨)
و(١١٠٧١) و(١١١٤٨) من طرق عن أبي إسحاق، به.
وأخرجه مسلم (١٦١٨)، والترمذي (٣٢٩٠)
من طريق أبي السفر سعيد بن أحمد، عن البراء بن عازب.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٦٣٨).
=
٢٨٨٩ - حدَّثنا منصورُ بن أبي مُزاحِم،
حدَّثنا أبو بكر، عن أبي إسحاقَ
عن البراء بن عازب، قال: جاءَ رجلٌ
إلى النبيَّ ﷺ، فقال: يا رسولَ الله، يستفتونك في الكَلالةِ، فما الكَلالةُ؟ قال:
«تُجزيكَ آيَةُ الصَّيْفِ» فقلت لأبي إسحاقَ: هو من مات ولم يدَعْ ولدًا ولا
والدًا؟ قال: كذلك ظَنُّوا أنه كذلك (١).
= وقد اختُلف في أيِّ الآيات نزل
آخرًا، فذكر البراء هذا الذي أورده المصنف وهو عند الشيخين، وذكر ابنُ عباس أن آخر
آية نزلت هي آية الربا، وهو عند البخاري (٤٥٤٤)، وروى النسائي في «الكبرى» (١٠٩٩١)
و(١٠٩٩٢) عن ابن عباس رواية أخرى بأن آخر ما نزل هو ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا
تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٨١]،
وروى أحمد في «مسنده» (٢٤٦)، وابن ماجه (٢٢٧٦) وغيرهما عن عمر بن الخطاب أن آخر
آية نزلت آية الربا كرواية ابن عباس الأولى، وروى أحمد (٢١١١٣) والحاكم ٢/ ٣٣٨
وغيرهما عن ابن عباس عن أبي بن كعب أن آخر ما نزل ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة:
١٢٨]،
وروي غير ذلك، ونقل الحافظ الزيلعي في «تخريج أحاديث الكشاف» ١/ ٣٧١ عن البيهقي في
«دلائل النبوة» ٧/ ١٣٩ أنه جمع بين هذه الروايات فقال: هذا الاختلاف يرجع -والله
أعلم- إلى أن كل واحد منهم أخبر بما عنده من العلم، أو أراد أن ما ذُكِرَ مِن
أواخرِ الآياتِ التي نزلت، والله أعلم.
(١)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لأن سماع أبي بكر -وهو ابن عياش- من أبي إسحاق -وهو
عمرو بن عبد الله السبيعي- ليس بذاك القوي فيما ذكر أبو حاتم، وقد جاء من حديث عمر
بن الخطاب بإسناد صحيح أنه هو الذي سأل النبي ﷺ عن الكلالة، فقال له: «ألا تكفيك
آية الصيف؟!».
وأخرجه الترمذي (٣٢٩١) من طريق أبي
بكر بن عياش، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٥٨٩).
وثبت من حديث عمر بن الخطاب عند أحمد
(١٧٩)، ومسلم (٥٦٧) وابن ماجه (٢٧٢٦)، والنسائي في «الكبرى» (١١٠٧٠) وغيرهم أنه
قال: ما راجعتُ رسولَ الله ﷺ في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما
أغلظ لي فيه، حتى طعن بأصبعه في صدري فقال: «يا عمر، ألا تكفيك آية الصيف التي في
آخر سورة النساء». =
٤ - باب ماجاء في الصُّلْب
٢٨٩٠
- حدَّثنا عبدُ الله بن عامرِ بن
زُرَارةَ، حدَّثنا عليُّ بن مُسهِرٍ، عن الأعمشِ، عن أبي قيسٍ الأودِيّ
عن هُزيلِ بن شُرَحْبيل الأوْدِي،
قال: جاءَ رجلٌ إلى أبي موسى الأشعريِّ وسلمانَ بنِ ربيعةَ فسألهما، عن ابنة،
وابنة ابن، وأخت لأب وأم، فقالا: لابنتِه النصفُ، وللأختِ من الأب والأم النصفُ،
ولم يُورِّثا ابنة الابن شيئًا، وأْتِ ابنَ مسعودٍ فإنه سَيُتَابِعُنَا، فأتاه
الرجلُ فسأله وأخبَره بقولهما، فقال: لقد ضَلَلْت إذًا وما أَنا من المهتدين، ولكن
أقضِي فيها بقضاءِ رسول الله ﷺ: لابنتِه النصفُ، ولابنة الابنِ سهمُ تكملةِ
الثُّلُثين، وما بقي فللأُخت من الأب والأم (١).
قال الخطابي: قوله: «تجزيك آية
الصيف» فإن الله سبحانه أنزل في الكلالة آيتين، إحداهما في الشتاء، وهي الآية التي
نزلت في سورة النساء، وفيها إجمال وإبهام، لا يكاد يتبين هذا المعنى من ظاهرها، ثم
أنزل الآية الأخرى، وهي في آخر سورة النساء، وفيها زيادة البيان ما ليس في آية
الشتاء، فأحال السائل عليها ليستبينَ المرادَ بالكلالة المذكورة فيها، والله أعلم.
وقال: وقد روي أن هذا الرجل الذي سأل
رسول ﷺ عن هذا هو عمر بن
الخطاب رضي الله عنه، ويشبه أن يكون
-والله أعلم- إنما لم يفتِهِ عن مسألته ووكل الأمرَ في ذلك إلى بيان الآية
اعتمادًا على علمه وفقهه، ليتوصل إلى معرفتها بالاجتهاد الذي هو طريق التبيُّن،
ولو كان السائل غيره ممن ليس له مثل علمه وفهمه لأشبه أن لا يقصر في مسألته على
الإشارة إلى ما أُجمل في الآية من الحكم دون البيان الشافي في التسمية له والنص
عليه، والله أعلم.
(١)
إسناده حسن من أجل أبي قيس الأودي -وهو عبد الرحمن بن ثروان- فهو صدوق حسن الحديث.
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه البخاري (٦٧٣٦)، وابن ماجه
(٢٧٢١)، والترمذي (٢٢٢٣)، والنسائي في «الكبرى» (٦٢٩٤) و(٦٢٩٥) و(٦٢٩٦) من طريق
أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان الأودي، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٩١)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٠٣٤).
قال الخطابي: في هذا بيان أن الأخوات
مع البنات عصبة، وهو قول جماعة الصحابة والتابعين وعامة فقهاء الأمصار إلا ابن
عباس رضي الله عنه، فإنه خالف عامة الصحابة في ذلك، وكان يقول في رجل مات وترك
ابنة وأختًا لأبيه وأمه: إن النصف للابنة وليس للأخت شيء، وقيل له: إن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه قضى بخلاف ذلك: جعل للأخت النصف وللابنة الصف، فقال: أهمُ
أعلم أم الله؟ يريد قوله سبحانه: ﴿إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ
أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ﴾ [النساء: ١٧٦] فإنما جعل للأخت الميراث بشرط عدم الولد.
ثم قال الخطابي وجه ما ذهب إليه
الصحابة من الكتاب مع بيان السنة التي رواها عبد الله بن مسعود رضى الله عنهم
أجمعين، أن الولد المذكور في الآية إنما هو الذكور من الأولاد دون الإناث، وهو
الذي يسبق إلى الأوهام ويقع في المعارف عندما يقرع السمع، فقيل: ولد فلان، وإن كان
الإناث أيضًا أولادًا في الحقيقة كالذكور.
ويدل على ذلك قوله الله سبحانه حكاية
عن بعض الكفار: ﴿لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا﴾ [مريم: ٧٧] وقوله تعالى: ﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ
أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ﴾ [الممتحنة: ٣] (الممتحنة:
٣) وقوله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: ١٥] فكان معلومًا أن المراد بالولد في
هذه الآي كلها الذكور دون الإناث؛ إذا كان مشهورًا من مذاهب القوم أنهم لا يتكثرون
بالبنات، ولا يرون فيهن موضع نفع وعزٍّ، بل كان مذاهبهم وأْدُهُنَّ ودفنهن أحياء
والتعفية لآثارهن.
وجرى التخصيص في هذا الاسم كما جرى
ذلك في اسم المال إذا أطلق في الكلام، فإنما يختص عرفًا بالإبل دون سائر أنواع
المال، ومشهور في كلامهم أن يقال: غدا مال فلان وراح، يريدون سارحة الإبل والمواشى
دون ما سواها من أصناف المال. وإذا ثبت أن المراد بالولد المذكور في قوله سبحانه:
﴿إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا
تَرَكَ﴾ [النساء:
١٧٦] الذكور
من الأولاد دون الإناث لم يمنع الأخوات الميراث مع البنات. =
٢٨٩١ - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا بِشْر بن
المُفضَّل، حدَّثنا عبد الله بن محمد ابن عَقيل
عن جابر بن عبد الله، قال: خرجْنا مع
رسولِ الله ﷺ حتى جئنا امرأةً من الأنصارِ في الأسوافِ، فجاءتِ المرأةُ بابنتين
فقالت: يا رسولَ الله، هاتان بنتا ثابتِ بن قيسٍ قُتل معك يومَ أُحد، وقد استفاء
عَمُّهُمَا مالَهما وميراثَهما كلَّه، فلم يَدَع لهما مالًا إلا أخذَه، فما ترى يا
رسولَ الله؟ فوالله لا تُنْكحَان أبدًا إلا ولهما مالٌ، فقال رسولُ الله ﷺ:
«يَقْضِي اللهُ في ذلكِ» قال: ونزلتْ سورةُ النساء ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي
أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء:
١١] فقال
رسولُ الله ﷺ: «ادْعُوا لي المرأةَ وصاحِبَها» فقال لعمِّهما: «أعطِهما
الثُّلثَين، وأعطِ أمّهما الثُّمنَ، وما بقي فَلَكَ» (١).
= قلنا: وقوله «ولابنة الابن سهم تكملة
الثلثين» يعنى: السدس، لأن تكملة الثلثين مع النصف تعني السُّدس، ويكون الباقي.
الذي أخذته الأخت الشقيقة تعصيبًا مع البنت هو الثلث.
(١)
إسناده محتَمل للتحسين من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل، وقد صحح الترمذي الحديث
من طريقه. إلا أن قوله هنا: بنتا ثابت بن قيس، خطأ، والصحيح: بنتا سعد بن الربيع
كما أشار المصنف بإثر الحديث. وقد صححه ابن الملقن في «البدر المنير» ٧/ ٢١٣.
مُسَدّد: هو ابن مُسَرهَدِ.
وأخرجه ابن ماجه (٢٧٢٠)، والترمذي
(٢٢٢٢) من طريقين عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل. وقد رواه شريكٌ أيضًا عن عبد الله
بن محمد بن عقيل.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٧٩٨).
وقوله: «الأسواف»: قال ابن الأثير في
«النهاية»: هو اسم لحرم المدينة الذي حرمه رسول الله ﷺ ومحله اليوم الشارع المعروف.
=
قال أبو داود: أخطأ فيه بشرٌ، هما
ابنتا سعد بن الربيع، ثابتُ بن قيس قُتِلَ يوم اليمامة. ٢٨٩٢ - حدَّثنا ابنُ
السَّرحِ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني داود بن قَيسٍ وغيرُه من أهل العلم، عن عبد
الله بن محمد بن عَقيل
عن جابر بن عبد الله، أن امرأةَ سعدِ
بن الرَّبيع قالت: يا رسولَ الله، أن سعدًا هَلَكَ وترك ابنتين، وساق نحوه (١).
قال أبو داود: وهذا هو أصحُّ.
٢٨٩٣
- حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا
أبانُ، حدَّثنا قتادةُ، حدثني أبو حسانَ، عن الأسودِ بن يزيد:
أن معاذ بن جبل ورَّثَ أختًا وابنةً،
جعلَ لكلِّ واحدةٍ منهما النصفَ، وهو باليمن، ونبيُّ الله ﷺ يومئذِ حَيٌّ (٢).
= قال الخطابي: قولها: استفاء مالهما،
معناه: استردّ، واسترجع حقهما من الميراث فافتات به عليهما. وأصله من الفيء، وهو
الرجوع، ومنه الفيء الذي يؤخذ من أموال الكفار، إنما هو مالٌ ردّه الله إلى
المسلمين كان في أيدي الكفار.
(١)
إسناده محتمل للتحسين كسابقه. ابن وهب: هو عبد الله، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو
ابن السّرح أبو الطاهر.
(٢)
إسناده صحيح. أبو حسَّان: هو مسلم بن عبد الله الأعرج، مشهور بكنيته، وقتادة: هو
ابن دِعامة، وأبان: هو ابن يزيد العطار.
وأخرجه البخاري (٦٧٤١) من طريق
سليمان بن مهران الأعمش، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن الأسود بن يزيد النخعي،
قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله ﷺ: النصف للابنة والنصف للأخت.
ثم قال سليمان [يعني الأعمش] قضى
فينا، ولم يذكر على عهد رسول الله ﷺ يعني أن الأعمش رواه مرة على صيغة المرفوع على
الراجح، ومرة وقفه كما قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ١٢/ ٢٥. =
٥ - باب في الجَدَّةِ
٢٨٩٤
- حدَّثنا القَعْنبيُّ، عن مالكٍ، عن
ابن شِهابٍ، عن عثمانَ بن إسحاق ابن خَرَشَةَ عن قَبيصةَ بن ذُؤيبٍ، أنه قال:
جاءتِ الجدةُ إلى أبي بكر الصّدّيقِ تسأُله ميراثَها، فقال: ما لَكِ في كتابِ الله
تعالى شيءٌ، وما علمتُ لك في سنةِ نبيِّ الله ﷺ شيئًا، فارجعي حتى أسألَ الناسَ،
فسألَ الناسَ فقال المغيرةُ بن شعبةَ: حضرتُ رسولَ الله ﷺ أعطاها السُّدسَ، فقال
أبو بكرٍ: هل مَعَكَ غيرُك؟ فقام محمدُ بن مَسْلَمةَ، فقال مثل ما قال المغيرةُ
ابن شعبة، فأنفَذَه لها أبو بكرٍ، ثم جاءتِ الجدةُ الأخرى إلى عمرَ بن الخطابِ رضي
الله عنه تسأله ميراثَهَا، فقال: مالكِ في كتابِ الله تعالى شيءٌ، وما كان القضاءُ
الذي قُضِيَ به إلا لغيرِكِ، وما أنا بزائدٍ في الفرائضِ، ولكن هو ذلك السُّدسُ،
فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما، وأيتكُما خَلَتْ به فهو لها (١).
= قلنا: وقد أخرجه البخاري (٦٧٣٤) من
طريق أشعث بن أبي الشعثاء، عن الأسود قال: أتانا معاذ بن جبل باليمن معلمًا
وأميرًا، فسألناه عن رجل توفي وترك ابنته وأخته، فأعطى الابنة النصف والأخت النصف.
هكذا موقوفًا.
قال ابن بطال في «شرح البخاري»:
أجمعوا على أن الأخوات عصبة للبنات فيرثن ما فضل عن البنات، فمن لم يخلف إلا بنتًا
وأختًا، فللبنت النصف، وللأخت النصف الباقي على ما في حديث معاذ، وإن خلف بنتين
وأختًا، فلهما الثلثان، وللأخت ما بقي، وإن خلف بنتًا وأختًا وبنت ابن، فللبنت
النصف ولبنت البنت تكملة الثلثين وللأخت ما بقي على ما في حديث أبن مسعود عند
البخاري (٦٧٤١).
(١)
حديث صحيح، صححه الترمذي وابن حبان والحاكم، وحسنه البغوي، وانتقاه ابن الجارود،
وقال الحافظ في «التلخيص الجبير» ٣/ ٨٢: إسناده صحيح لثقة =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
= رجاله، إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة
لا يصح له سماع من الصديق، ولا يمكن شهوده للقصة، وقال ابن الملقن في «البدر
المنير» ٧/ ٢٠٨ - ٢٠٩: على كل حال هو حجة، لأنه إما مرسل صحابي، أو لأنه يجوز أن
يكون سمعه بعد ذلك من المغيرة أو محمد بن مسلمة، وتصحيح الترمذي وابن حبان والحاكم
له، وقبلهم الإمام مالك كافٍ، وقد قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن للجدة
السدس إذا لم تكن أمٌّ، وهذا عاضدٌ له أيضًا.
قلنا: وقد أعله قوم بالانقطاع كابن
حزم وعبد الحق الإشبيلي وابن القطان الفاسي؛ لأن قبيصة بن ذؤيب ولد عام الفتح، فلم
يسمع من أبي بكر، ولكن أهل العلم صححوا مراسيل أمثال سعيد بن المسيب وغيره من جلة
التابعين، وعدّوها مسندة على المجاز كما قال أبو حاتم الرازي في رواية سعيد بن
المسيب عن عمر، وقبيصة من كبار التابعين، وربما سمع القصة من محمد بن مسلمة أو من
المغيرة بن شعبة.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٥١٣، ومن طريق
أخرجه ابن ماجه (٢٧٢٤)، والترمذي (٢٢٣٣)، والنسائي في «الكبرى» (٦٣١٢). وقال
الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ولم يذكر النسائى في روايته قصة عمر بن الخطاب مع
الجدة الأخرى.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٨٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٠٣١).
وأخرجه الترمذي (٢٢٣٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٦٣١١) من طريق سفيان بن عيينة. عن الزهري، عن رجل، عن قبيصة بن ذؤيب -
وعند الترمذي: حدَّثنا الزهري، قال مرة: قال قبيصة، وقال مرة: عن رجل عن قبيصة.
وقال الترمذي: حديث مالك أصح من حديث ابن عيينة، وقال النسائي بإثر (٦٣٠٨): الزهري
لم يسمعه من قبيصة، وقال الدارقطني في «العلل» ١/ ٢٤٨ - ٢٤٩: يشبه أن يكون الصواب
ما قاله مالك وأبو أويس، وأن الزهري لم يسمعه من قبيصة، وإنما سمعه من عثمان عنه.
وأخرجه ابن ماجه (٢٧٢٤)، والنسائي في
«الكبرى» (٦٣١٠) من طريق يونس ابن يزيد الأيلي، والنسائي (٦٣٠٥) من طريق صالح بن
كيسان، و(٦٣٠٦) من طريق الأوزاعي، و(٦٣٠٧) من طريق معمر بن راشد، و(٦٣٠٨) من طريق
إسحاق بن راشد، و(٦٣٠٩) من طريق شعيب بن أبي حمزة، كلهم عن الزهري، عن قبيصة.
=
٢٨٩٥ - حدَّثنا محمدُ بن عبد العزيز بن أبي
رِزمَةَ، أخبرني أبي، حدَّثنا عُبيد الله العَتكيُّ، عن ابن بريدة
عن أبيه: أن النبيَّ ﷺ جعلَ للجدة
السدسَ، إذا لم تكن دُونها أمٌّ (١).
٦
- باب في
ميراثِ الجد
٢٨٩٦
- حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا
همّامٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ
= وصرح صالح بن كيسان في روايته عن
الزهري بإخبار قبيصة للزهري بهذا الحديث، لكن أهل العلم لم يعدُّوا ذلك شيئًا كما
بيناه قبل قليل، استنادًا إلى رواية مالك التي ذكر فيها بينهما واسطة.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٧٨).
وفي الباب عن بريدة الأسلمي سيأتي
عند المصنف بعده.
وعن ابن عباس عند ابن ماجه (٢٧٢٥)،
والبيهقي ٦/ ٢٣٤، وفيه شريك النخعي وليث بن أبي سليم، وهما ضعيفان يعتبر بهما في
الشواهد.
وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر عند
مالك ٢/ ٥١٣ - ٥١٤، وعبد الرزاق (١٩٠٨٤)، وسعيد بن منصور (٨١) و(٨٢)، والدارقطني
(٤١٣٣)، والبيهقي ٦/ ٢٣٥ قال: أتت الجدتان إلى أبي بكر الصديق، فأراد أن يجعل
السدس للتي من قِبل الأم، فقال له رجل من الأنصار: أما إنك تترك التي لو ماتت وهو
حي كان إياها يرث، فجعل أبو بكر السدس بينهما. وإسناده إلى القاسم صحيح، لكن
القاسم لم يدرك جده أبا بكر.
وانظر تمام شواهده في «المسند»
(١٧٩٧٨).
(١)
حسن في الشَّواهد، عُبيد الله العَتكي -وهو عُبيد الله بن عَبد الله أبو المُنيب-
ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد.
وأخرجه النسائي (٦٣٠٤) من طريق علي
بن الحَسن بن شَقيق، عن أبي المنيب عُبيد الله العتكي، به.
عن عمران بن حُصَينٍ: أن رجلًا أتى
النبيَّ ﷺ فقال: إن ابن ابني ماتَ، فما لي من ميراثِه؟ قال: «لك السدسُ» فلمَّا
أدبَرَ دَعَاه، فقال: «لك سُدسٌ آخرُ» فلما أدبر دَعَاه فقال: «إن السدسَ الآخَرَ
طُعْمَةٌ» (١).
قال قتادةُ: فلا يدرُون مع أيِّ شيءِ
ورَّثه، قال قتادةُ: أقلُّ شيءٍ وُرِّثَ الجدُّ السدسُ.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن
الحسن -وهو ابنُ أبي الحسن البصري- لم يسمع عمران بن حصين فيما نص عليه أهل العلم،
ومع ذلك صححه الترمذي، وانتقاه ابن الجارود (٩٦١).
قتادة: هو ابن دعامة، وهمام: هو ابن
يحيى العوذي.
وأخرجه الترمذي (٢٢٣١)، والنسائي في
«الكبرى» (٦٣٠٣) من طريق همام بن يحيى العَوذي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث
صحيح حسن.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٤٨).
ويشهد لإعطاء الجد السدس حديثُ معقل
بن يسار الآتي بعده.
والسدس الآخر الذي هو طعمة، أي:
تعصيب، فصورتُه كما يقول محمد بن إسماعيل الصنعاني في «سبل السلام» ٣/ ٩٩ - ١٠٠:
أن يترك الميت بنتين، وهذا السائلَ وهو الجد، فللبنتين الثلثان، وبقي ثلث، فدفع
النبي ﷺ إلى السائل السدس بالفرض، لأنه فرض الجد هنا، ولم يدفع إليه السدس الآخر
لئلا يظن أن فرضه الثلث، وتركه حتى ولَّى أي: ذهب، فدعاه، فقال: «لك سُدسٌ آخر»،
وهو بقية التركة، فلما ذهب دعاه فقال: إن الآخِر -بكسر الخاء- طُعمة، أي: زيادة
على الفريضة، والمراد بذلك إعلامه بأنه زائد على الفرض الذي له، فله سدس فرضًا،
والباقي تعصيبًا.
قلنا: وله صورة أخرى أيضًا، وهي أن
يترك الميت أما وإخوة لأم وبنتًا وجدًّا، فتأخذ الأم السدس لوجود الإخوة، والإخوة
محجوبون بالجد، والبنت تأخذ النصف، ويبقى الثلث، يُعطى منه الجدُّ السدس فرضًا
ويأخذ الباقي تعصيبًا.
وبذلك يأخذ الجد السدس الآخر، لأنه
أولى رجل ذكر، أحد ما بقي، وقد قال ﷺ فيما أخرجه البخاري (٦٧٣٢)، ومسلم (١٦١٥) من
حديث ابن عباس: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر». وسيأتي عند
المصنف برقم (٢٨٩٨).
٢٨٩٧ - حدَّثنا وهبُ بن بقيّةَ، عن خالد، عن
يونسَ، عن الحسنِ
أن عمر قال: أيكم يعلم ما وَرَّث
رسولُ الله ﷺ الجدَّ؟ فقال مَعقِلُ ابن يَسارٍ: أنا، وَرَّثَهُ رسولُ الله ﷺ
السُّدسَ، قال: مع من؟ قال: لا أدري، قال: لا دَرَيتَ، فما تُغْني إذًا؟! (١)
٧
- باب في
ميراث العَصَبة
٢٨٩٨
- حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ ومَخلَدُ بن
خالدٍ -وهذا حديث مخلد، وهو أشْبَعُ- قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، حدَّثنا مَعمَرٌ،
عن ابن طاووسٍ، عن أبيه
عن ابن عباس، قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«اقْسِمِ المالَ بين أهل الفرائضِ على كتابِ الله، فما تَرَكَتِ الفَرَائِضُ
فَلأِوْلَى ذَكَرٍ» (٢).
(١) حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن
الحسن -وهو البصري- لم يسمع من عمر، وقد روى هذا الحديثَ غيرُ واحد عن يونس -وهو
ابن عُبيد- عن الحسن، عن معقل، لكن الحسن لم يصرح بسماعه منه، وعلى أي حال فهو
متابع.
وأخرجه النسائي (٦٣٠٠) من طريق
هُشَيم بن بَشير، و(٦٣٠١) من طريق وهيب ابن خالد، كلاهما عن يونس بن عُبيد، عن
الحسن البصري، عن معقِل بن يسار.
وهو في «مسند أحمد» (١٠٣١٠).
وأخرجه ابن ماجه (٢٧٢٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٦٢٩٩) من طريق عمرو ابن ميمون: أن عمر جمع أصحاب رسول الله ﷺ في شأن
الجد، فنشدهم: من سمع رسولَ الله ﷺ ذكر في الجد شيئًا؟ فقام معقل بن يسار المزني،
فقال: سمعتُ رسول الله ﷺ أُتي بفريضة فيها جدّ، فأعطاه ثلثا أو سدُسًا، فقال له
عمر: وما الفريضة؟ قال: لا أدري، قال: ما منعك أن تدري؟! وإسناده حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٣٠٩).
(٢)
إسناده صحيح. ابنُ طاووس: هو عَبد الله بن طاووس بن كيسان اليَماني، ومعمر: هو ابن
راشد، وعبد الرزاق هو ابن همام الصنعاني. =
٨ - باب في ميراثِ ذوي الأرحام
٢٨٩٩
- حدَّثنا حفصُ بن عمر، حدَّثنا شعبةُ،
عن بُدَيلٍ، عن عليِّ بن أبي طلحة، عن راشدِ بن سعد، عن أبي عامرٍ
عن المقدام، قال: قال رسول الله ﷺ:
«مَنْ تَرَكَ كَلاًّ فإليَّ -وربما قال:»إلى الله وإلى رسوله«- ومن ترك مالًا
فلورثتِه، وأنا وارثُ مَنْ لا وارثَ له: أعِقلُ له، وأرِثُه، والخالُ وارثُ مَنْ
لا وارِث له: يَعْقِلُ عنه، ويرثُه» (١).
= وأخرجه البخاري (٦٧٣٢)، ومسلم
(١٦١٥)، وابن ماجه (٢٧٤٠)، والترمذي (٢٢٢٩) و(٢٢٣٠)، والنسائي في «الكبرى» (٦٢٩٧)
من طرق عن عبد الله بن طاووس، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٥٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٠٢٨). والمراد بالفرائض هنا: الأنصباء المقدرة في كتاب الله تعالى،
وهي النصف ونصفه ونصف نصفه، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما، والمراد بأهلها: من
يستحقها بنص القرآن.
قال الخطابي: معنى «أولى» هاهنا:
أقرب، والوَلي: القرب، يريد أقرب العصبة إلى الميت كالأخ والعم، فإن الأخ أقرب من
العم، وكالعم وابن العم، فالعم أقرب من ابن العم، وعلى هذا المعنى.
ولو كان قوله: «أولى» بمعنى أحق لبقي
الكلامُ مبهمًا، لا يُستفادُ منه بيان الحكم. إذ كان لا يدرى من الأحق ممن ليس
بأحق؟ فعُلم أن معناه: أقرب النسب، على ما فسرناه، والله أعلم.
وقال النووي: أجمعوا على أن الذي
يبقى بعد الفروض للعصبة يقدم الأقرب فالأقرب، فلا يرث عاصب بعيد مع عاصب قريب،
والعصبة: كل ذكر يدلي بنفسه بالقرابة ليس بينه وبين الميت أنثى، فمتى انفرد أخذ
جميع المال، وإن كان مع ذوي فروض غير مستغرقين أخذ ما بقي، وإن كان مع مستغرقين
فلا شيء له.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد جيد، علي بن أبي طلحة صدوق حسنُ الحديث، وهو متابع، أبو
عامر: هو عبد الله بن لُحيٍّ الهَوزَني، وبُدَيل: هو ابن ميسرة العُقَيلي.=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . .
= وقد صحح هذا الحديث ابن القطان في
«بيان الوهم والإيهام» ٣/ ٥٤١، وحسنه أبو زرعة فيما نقله ابن أبي حاتم في «العلل»
٢/ ٥٠.
وأخرجه ابن ماجه (٢٧٣٨)، والنسائي في
«الكبرى» (٦٣٢١) و(٦٣٢٢) من طريق علي بن أبي طلحة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٧١٧٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٠٣٥). وانظر تمام تخريجه من هذا الطريق عندهما.
وأخرجه أبو عوانة (٥٦٣٦)، وابن حبان
(٦٠٣٦)، والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٦٢٧) من طريق عبد الله بن سالم الأشعري، عن
محمد بن الوليد الزبيدي، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن عائذ الثُّمالي، عن
المقدام بن معدي كرب. وقال ابن حبان: سمع هذا الخبر راشد بن سعد، عن أبي عامر
الهوزني، عن المقدام، وسمعه من عبد الرحمن بن عائذٍ الأزدي، عن المقدام بن معدي
كرب، فالطريقان محفوظان، ومتناهما متباينان. قلنا: وسواء كان الواسطة بين راشد
والمقدام هذا أو ذاك فكلاهما ثقة، والاختلاف في مثل ذلك لا يضر. وأخرجه أحمد في
«مسند» (١٧١٩٩)، والنسائى في «الكبرى» (٦٣٢٠) و(٦٣٨٦) من طريق معاوية بن صالح بن
حدير الحضرمي، عن راشد بن سعد، عن المقدام بن معدي كرب فأسقط من إسناده بين راشد
والمقدام الواسطة، وقد وقع التصريح بالسماع عند النسائي في الموضع الثاني، وقال
الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» -وقد أخرج الحديث (٢٧٥٠) -: ليس ينكر على راشد بن
سعد أن يكون سمع المقدام بن معدي كرب، لأنه قد سمع ممن كان في أيامه من أصحاب رسول
الله ﷺ،قد سمع من معاوية بن أبي سفيان، وأهل الحديث قد يختلفون في أسانيد الحديث،
فيزيد بعضهم فيها على بعض الرجلَ ومن هو أكثر منه في العدد، فوجب أن يُحمل أمر
معاوية بن صالح في ذلك على مثل ما حملوه عليه فيه.
ونحوه هنا قال ابنُ التركماني في
«الجوهر النقي» -بهامش «السنن الكبرى» للبيهقي- ٦/ ٢١٤ - ٢١٥.
قلنا: كذا قالا، ويؤيده ذكر أبي داود
لطريق معاوية بن صالح، وفيها تصريح راشد بسماعه من المقدام، لكن الدارقطني في
«العلل» ٥/ ورقة ١٥ ذكر أن رواية علي=
٢٩٠٠ - حدَّثنا سليمانُ بن حَربٍ في آخرين،
قالوا: حدَّثنا حمَّادٌ، عن بُديلِ، عن عليّ بن أبي طلحةَ، عن راشدِ بن سعْدٍ، عن
أبي عامرٍ الهَوْزنيِّ
عن المِقدام الكِنْدي، قال: قال
رسولُ الله ﷺ: «أنا أوْلَى بكُلِّ مؤمنٍ من نفسِه، فمن ترك دَيْنًا اْو ضَيعَةً
فإليَّ، ومن ترك مالًا فلِورثته،
= ابن أبي طلحة أشبه بالصواب من طريق
معاوية بن صالح، وتابعه ابن القطان الفاسي في»بيان الوهم والايهام«٣/ ٥٤١. وانظر
ما بعده.
وسيأتي من طريق آخر عن المقدام عند
المصنف برقم (٢٩٠١).
وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب عند
أحمد (١٨٩)، وابن ماجه (٢٧٣٧)، والترمذي (٢٢٣٥)، والنسائي في»الكبرى«(٦٣١٧)، وحسنه
الترمذي، وإسناده حسن. ولفظه:»الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا
وارث له«. ومن حديث عائشة عند الترمذي (٢٢٣٦) -وقال: غريب-، والنسائي
في»الكبرى«(٦٣١٨)، وقد اختُلف فيه بين الرفع والوقف، ورجح الدارقطي والبيهقي وقفه
فيما حكاه عنهما ابن الملقن في»البدر المنير«٧/ ١٩٩، وصححه الحاكم ٤/ ٣٤٤.
وقوله:»أعقِل له"، معناه: أدفع
الدية عنه، والعَقل: الدية.
قال الخطابي: والحديث حجة لمن ذهب
إلى توريث ذوي الأرحام. وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، وسفيان الثوري وأحمد بن
حنبل. وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما.
وكان مالك والأوزاعي والشافعي لا
يورثون ذوي الأرحام. وهو قول زيد بن ثابت. وتأول هؤلاء حديث المقدام على أنه طعمة
أُطعِمها الخال عند عدم الوارث، لا على أن يكون للخال ميراثٌ راتبٌ، ولكنه لما
جعله يخلف الميت فيما يصير إليه من المال سماه وارثًا، على سبيل المجاز، كما قيل:
الصبر حيلة من لا حيلة له، والجوع طعام من لا طعام له، وما أشبه ذلك من الكلام.
وقال الترمذي: وإلى هذا الحديث ذهب
أكثر أهل العلم في توريث ذوي الأرحام، وأما زيد بن ثابت فلم يورثهم.
وأنا مَولَى مَن لا مَولى له: أرثُ
مالَه، وأَفُكُّ عَانَهُ، والخالُ مَولَى مَن لا مَولَى له: يرثُ مالَه، ويَفُكُّ
عَانَه» (١).
قال أبو داودَ: رواهُ الزُّبَيديُّ
عن راشدٍ عن ابن عائذٍ، عن المقدام. ورواه معاويةُ بن صالحٍ عن راشدٍ قال سمعتُ
المقدامَ.
قال أبو داودَ يقولُ: الضيعةُ معناه
عِيَالٌ.
٢٩٠١
- حدَّثنا عبدُ السَّلام بن عَتيقِ
الدمشقيُّ، حدَّثنا محمدُ بن المبارَك، حدَّثنا إسماعيلُ بن عَيّاشٍ، عن يزيدَ بن
حُجْر، عن صالح بن يحيى بن المِقدامِ، عن أبيه
عن جده، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ
يقولُ: «أنا وارِثُ مَن لا وارثَ له: أفُكُّ عانِيَهُ، وأرثُ مالَه، والخالُ وارثُ
مَن لا وارثَ له: يفُكُّ عانِيَه، ويرِثُ مالَه» (٢).
٢٩٠٢
- حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا يحيى،
حدَّثنا شعبةُ (ح)
وحدَثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ،
حدَّثنا وكيعُ بن الجرّاح، عن سفيان، جميعًا عن ابنِ الأصبهانيِّ، عن مجاهدِ بن
وَردَانَ، عن عُروةَ
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد كسابقه.
قال الخطابي: قوله: «يفكُّ عانه»
يريد عانيه. فحذف الياء، والعاني الأسير.
ومعنى الإسار هاهنا هو ما تتعلق به
ذمته، ويلزمه بسبب الجنايات التي سبيلها أن تتحملها العاقلة.
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يحيى بن المقدام ويزيد بن حجر، ولكنهما متابعان
كما سلف برقم (٢٨٩٩).
وانظر ما قبله.
عن عائشةَ رضي الله عنها، أن مولى
للنبيِّ ﷺ ماتَ وترك شيئًا،
ولم يَدَعْ ولدًا ولا حَميمًا، فقال
النبيَّ ﷺ: «أعطُوا ميراثَهُ رجلًا من أهل قريتِه» (١).
قال أبو داودَ: وحديثُ سفيانَ أتمُّ.
وقال مسَدَّدٌ: قال: فقالَ النبي ﷺ:
«هاهُنا أحدٌ من أهلِ أرضِه»؟ قالوا: نعم، قال: «فأعْطُوه مِيرَاثه».
٢٩٠٣
- حدَّثنا عبدُ الله بن سعيد
الكِنْديُّ، حدَّثنا المحاربيُّ، عن جبريلَ بن أحمرَ، عن عبدِ الله بن بريدةَ
عن أبيه، قال: أتى النبيَّ ﷺ رجلٌ،
فقال: إن عندي ميراثَ رجلِ من الأزْد، ولستُ أجدُ أزديًا أدفعُه إليه، قال: «اذهب
فالتَمِسْ أزديًّا حَوْلًا»، قال: فأتاه بعد الحَول، فقال: يا رسولَ الله، لم أجد
أزديًا أدفعُه إليه، قال: «فانطلقْ، فانظر أوَّلَ خُزَاعيٍّ تلقاهُ فادفعْهُ إليه»
(١) إسناده صحيح. ومجاهد بن وردان -وإن قال
فيه ابن معين: لا أعرفه- وثقه أبو حاتم الرازي، وذكره ابن حبان في «الثقات» وروى
عنه جماعة منهم شعبة فجهالته مدفوعة.
وأخرجه ابن ماجه (٢٧٣٣)، والترمذي
(٢٢٣٧)، والنسائي في «الكبرى» (٦٣٥٨ - ٦٣٦٠) من طريق عبد الرحمن ابن الأصبهاني،
بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن وهو في «مسند أحمد» (٢٥٠٤٥).
قال ملا علي القاري في «المرقاة» ٣/
٣٩٢: قال القاضي رحمه الله: إنما أمر أن يعطي رجلًا من قريته تصدّقًا منه، أو
ترفُّعًا، أو لأنه كان لبيت المال ومصرفه مصالح المسلمين وسد حاجاتهم، فوضعه فيهم
لما رأى من المصلحة، فإن الأنبياء كما لا يورَث عنهم، لا يرثون عن غيرهم.
فلما وَلَّى قال:»عَلَىَّ الرجُلَ«.
فلما جاءه قال: لا انظر كُبْرَ خُزاعةَ، فادْفَعْه إليهِ» (١).
٢٩٠٤
- حدَّثنا الحسينُ بن أسودَ العِجليُّ،
حدَّثنا يحيى بنُ آدمَ، حدَّثنا شَريكٌ، عن جبريلَ بن أحمرَ أبي بكر، عن ابن
بُرَيدةَ
عن أبيه قال: ماتَ رجلٌ من خُزاعةَ،
فأُتي النبيُّ ﷺ بميراثِه، فقال: «التمِسُوا له وارثًا، أو ذا رَحِم» فلم يجدُوا
له وارثًا ولا ذا رَحِمٍ، فقال رسولُ الله ﷺ: «أعطوهُ الكُبْرَ من خُزاعةَ» قال
يحيى: قد سمعتُه مرةً يقول في هذا الحديث: «انظُروا أكبرَ رجلٍ من خُزاعةَ» (٢).
(١) إسناده ضعيف. جبريل بن أحمر لا يعرف بغير
هذا الحديث، قال النسائي فيما نقله المزي في «تحفة الأشراف» ٢/ ٧٩، وابن كثير في
«تخريج أحاديث التنبيه» ٢/ ١٣٧: حديث منكر، وقال ابن عمار الموصلي فيما نقله
المنذري في «اختصار السنن»: فيه نظر، وقال ابن حزم: لا تقوم به حجة، وقال أبو
زرعة: شيخ، وتساهل ابن معين فوثقه، وذكره ابن حبان في «الثقات». المحاربي: عبد
الرحمن بن محمد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٣٦٢)
و(٦٣٦٣) من طريقين، عن جبريل بن أحمر، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٩٤٤).
وأخرجه النسائى (٦٣٦٤) من طريق عبد
الله بن إدريس، عن جبريل، عن ابن بريدة مرسلًا.
وانظر ما بعده.
قوله: «كُبر»، بضم الكاف وسكون الباء
الموحدة، قال في «النهاية»: يقال: فلان كبر قومه، إذا كان أقعدهم في النسب، وهو أن
ينتسب إلى جده الأكبر بآباء أقل من باقي عشيرته.
(٢)
إسناده ضعيف كسابقه. وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي وإن كان سيىء الحفظ متابع.
وأخرجه النسائى في «الكبرى» (٦٣٦١)
من طريق شريك النخعي، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
٢٩٠٥ - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا
حمّادٌ، أخبرنا عَمرو بن دينارٍ، عن عَوسَجَةَ عن ابن عباس: أن رجلًا مات ولم
يَدَع وارثًا إلا غلامًا له، كانَ أعتقه فقال رسولُ الله ﷺ: «هل له أحد؟» قالوا:
لا إلا غلامًا له كان أعتقَه، فجعلَ رسولُ الله ﷺ ميراثَه له (١).
٩
- باب
ميراث ابن الملاعَنَةِ
٢٩٠٦
- حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى الرازيُّ،
حدَّثنا محمدُ بن حَرْبٍ، حدَّثني عُمر بن رُوْبهَ التَّغْلِبيُّ، عن عبدِ الواحد
بن عبد الله النَّصريِّ
عن واثلةَ بن الأسْقَع، عن النبيَّ ﷺ
قال «المرأة تُحرِزُ ثلاثَةَ مَواريثَ: عتيقَها، ولقيطَها، وولَدها الذي لاعنت
عنه» (٢).
(١) إسناده ضعيف. عوسجة -وهو مولى ابن عباس-
قال البخاري: لم يصح حديثه، وقال غير واحد من الأئمة: ليس بمشهور، ولم يروعنه غير
عمرو بن دينار، وذكر العقيلي في «الضعفاء» ٣/ ٤١٤، وقال: لا يتابع على حديثه هذا،
وقال الذهبي: لا يُعرف. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه ابن ماجه (٢٧٤١)، والترمذي
(٢٢٣٨)، والنسائي في «الكبرى» (٦٣٧٦) و(٦٣٧٧) من طرق عن عمرو بن دينار، به. وقال
الترمذي: حديث حسن! وهو في «مسند أحمد» (١٩٣٠).
وقال الترمذي: والعمل عند أهل العلم
في هذا الباب: إذا مات الرجل، ولم يترك عصبة، أن ميراثه يُجعل في بيت مال المسلمن.
(٢)
إسناده ضعيف لضعف عمر بن رُوْبةَ التغلبي، قال البخاري: فيه نظر، وقال أبو حاتم:
صالح الحديث، ولكن لا تقوم به الحجة، وقال ابن عدي: وإنما أنكروا أحاديثه عن عبد
الواحد النصري، وقال الذهبي: ليس بذاك وقد جودنا حديثه في «زاد المعاد» ٥/ ٤٠٠
فليستدرك تضعيفه من هنا. =
٢٩٠٧ - حدَّثنا محمودُ بن خالدٍ ومُوسى بن
عامرٍ، قالا: حدَّثنا الوليدُ، أخبرنا ابنُ جابرٍ
حدَّثنا مكحولٌ، قال: جعلَ رسولُ
الله ﷺ ميراثَ ابنِ الملاعَنَةِ لأمه، ولورثتها من بعدها (١).
= وأخرجه ابن ماجه (٢٧٤٢)، والترمذي
(٢٢٤٨)، والنسائى في «الكبرى» (٦٣٢٦) و(٦٣٢٧) و(٦٣٨٧) من طريق عمر بن رُؤبة، به،
وقال الترمذي: حديث حسن غريب! وصححه الحاكم ٤/ ٣٤٠ - ٣٤١، وسكت عنه الذهبي! وهو في
«مسند أحمد» (١٦٠٠٤).
ولتحصيل المرأة ميراث ولدها الذي لا
عنت عنه انظر تالييه.
وقال الخطابي: أما اللقيط فإنه في
قول عامة الفقهاء حرٌّ، وإذا كان حرًا فلا ولاء عليه لأحد، والميراث إنما يُستَحق
بنسب أو ولاء، وليس بين اللقيط وملتقطِه واحد منهما. وكان إسحاق بن راهويه يقول:
ولا اللقيط لملتقطه. ويحتج بحديث واثلة.
وهذا الحديث غيرُ ثابت عند أهل
النقل، وإذا لم يثبت الحديث لم يلزم القولُ به.
وكان ما ذهب إليه عامة العلماء أولى.
وقال بعضهم: لا يخلو اللقيط من أن
يكون حرًا فلا ولاء عليه، أو أن يكون ابن أمة قوم، فليس لملتقطه أن يسترقّه.
وقال البغوي في «شرح السنة» ٨/ ٣٦٢:
واتفق أهل العلم على أنها تأخذ ميراث عتيقها. وكذلك قال ابن القيم في «تهذيب
السنن» بأن ميراث المرأة عتيقها متفق عليه.
(١)
حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مرسل. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد بن
جابر، والوليد: هو ابن مسلم. وقد رواه موسى بن عامر مرة أخرى عن الوليد بن مسلم
موصولًا، كما في الطريق التالي عند المصنف، وتابع الوليد ابن مسلم الهيثم بن حميد
الغساني.
وأخرجه الدارمي (٢٩٦٨) من طريق
النعمان بن المنذر الغسَّاني، والبيهقي ٦/ ٢٥٩ من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن
جابر، كلاهما عن مكحول، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٣٣٥ من طريق
أبي عمرو الأوزاعي، عن مكحول مقطوعًا من قوله.
وانظر ما بعده، فثم الكلام على فقهه.
٢٩٠٨ - حدَّثنا مُوسى بن عامر، حدَّثنا
الوليدُ، أخبرني عيسى أبو محمد، عن العلاءِ بن الحارث، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه
عن جده، عن النبي ﷺ، مثله (١).
(١) إسناده حسن. والوليد بن مسلم متابع. عيسى
أبو محمد: هو ابن موسى الدمشقي.
وأخرجه الدارمي (٣١١٥) من طريق
الهيثم بن حميد الغساني، والبيهقي ٦/ ٢٥٩، والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة عيسى
بن موسى الدمشقي أبي محمد، من طريق عيسى بن موسى الدمشقي، كلاهما عن العلاء بن
الحارث، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٧٠٢٨) من طريق محمد بن
إسحاق، قال: وذكر عمرو بن شعيب، به.
وقال ابن القيم في «تهذيب السنن»:
اختلف في ميراث المرأة ولدها الذي لاعنت عليه، فكان زيد بن ثابت يجعل ميراثها منه
كميراثها من الولد الذى لم تلاعن عليه. وروي عن ابن عباس نحوه، وهو قول جماعة من
التابعين، وهو قول مالك والشافعي وأبى حنيفة وأصحابهم، وعندهم لا تأثير لانقطاع
نسبه من أبيه في ميراث الأم منه.
وكان الحسن وابن سيرين وجابر بن زيد
وعطاء والنخعي والحكم وحماد والثوري والحسن بن صالح وغيرهم يجعلون عصبة أمه عصبة
له، وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه، وهو إحدى الروايتين عن علي وابن عباس.
وكان ابن مسعود وعلي في الرواية
الأخرى عنه يجعلون أمه نفسها عصبة، وهي قائمة مقام أبيه وأمه، فإن عدمت فعصبتها
عصبته.
وهذه هي الرواية الثانية عن أحمد،
نقلها عنه أبو الحارث ومهنا.
ونقل الأولى الأثرم وحنبل، وهو مذهب
مكحول والشعبي.
وأصح هذه الأقوال: أن أمه نفسها
عصبة، وعصبتها من بعدها عصبة له، هذا مقتضى الآثار والقياس.
أما الآثار: فمنها حديث واثلة هنا
-قلنا: يعني به الحديث السالف عند المصنف (٢٩٠٦) - ومنها: ما ذكره أبو داود في
الباب عن مكحول. =
١٠ - باب هل يرث المسلم الكافر؟
٢٩٠٩
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ،
عن الزهريِّ، عن علي بن حُسينٍ، عن عَمرو بن عُثمانَ
= ومنها: ما رواه أيضًا عن عمرو بن
شعيب، عن أبيه، عن جده عن النبي ﷺ مثله.
ومنها: ما رواه أبو داود أيضا عن
عَبد الله بن عُبيد، عن رجل من أهل الشام: أن رسول الله ﷺ قال: «ولدُ الملاعنة
عصبته عصبة أمه» ذكره في «المراسيل» ص ٢٦٥
وفي لفظ له عن عبد الله بن عُبيد بن
عمير قال: كتبت إلى صديق لي من أهل المدينة من بني زريق أسأله عن ولد الملاعنة،
لمن قضى به رسول الله ﷺ؟ فكتب إليّ: إني سألتُ، فأُخبرتُ: أنه قضى به لأمه، وهي
بمنزلة أبيه وأمه.
وهذه آثار يشد بعضها بعضًا. وقد قال
الشافعي: إن المرسل إذا روي من وجهين مختلفين أو روي مسندًا، أو اعتضد بعمل بعض
الصحابة، فهو حُجة، وهذا قد روي من وجوه متعددة، وعمل به من ذكرنا من الصحابة،
والقياس معه، فإنها لو كانت معتقة كان عصبتها من الولاء عصبة لولدها، ولا يكون
عصبتها من النسب عصبة له.
ومعلوم أن تعصيب الولاء الثابت لغير
المباشر بالعتق فرع عن ثبوت تعصيب النسب، فكيف يثبت الفرع مع انتفاء أصله؟
وأيضًا فإن الولاء في الأصل لموالى
الأب، فإذا انقطع من جهتهم رجع إلى موالي الأم، فإذا عاد من جهة الأب، انتقل من
موالي الأم إلى موالي الأب، وهكذا النسب: هو في الأصل للأب وعصباته، فإذا انقطع من
جهة باللعان عاد إلى الأم وعصباتها، فإذا عاد إلى الأب باعترافه بالولد وإكذابه
نفسه رجع النسب إليه، كالولاء سواء، بل النسب هو الأصل في ذلك والولاء ملحق به.
قال: وإذا ثبت أن عصبة أمه عصبة له
فهي أولى أن تكون عصبته، لأنهم فرعها، وهم إنما صاروا عصبة له بواسطتها، ومن جهتها
استفادوا تعصيبهم، فلأن تكون هي نفسها عصبة أولى وأحرى.
وانظر «المغني» لابن قدامة ٩/ ١١٦ -
١١٨.
عن أسامةَ بن زيدِ، عن النبي ﷺ قال:
«لا يرثُ المُسلِمُ الكافِرَ، ولا الكافِرُ المُسلِمَ (١).
(١) إسناده صحيح. عمرو بن عثمان: هو ابن عفان
الأموي، وعلي بن الحسين: هو ابن على بن أبي طالب، وسفيان: هو ابن عيينة، ومُسَدد:
هو ابن مُسَرهَد.
وأخرجه البخاري (٤٢٨٣) و(٦٧٦٤)،
ومسلم (١٦١٤)، وابن ماجه (٢٧٢٩)، والترمذي (٢٢٣٩) و(٢٢٤٠)، والنسائي
في»الكبرى«(٦٣٣٩ - ٦٣٤٧) و(٦٣٤٩) من طرق عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٢١٧٤٧)، و»صحيح
ابن حبان«(٦٠٣٣). وانظر تمام تخريجه عندهما.
قال الحافظ في»الفتح«١٢/ ٥٠: قال ابن
المنذر: ذهب الجمهور إلى الأخذ بما دل عليه عموم حديث أسامة، إلا ما جاء عن معاذ
قال: يرث المسلم من الكافر من غير عكس، واحتج بأنه سمع رسول الله ﷺ يقول:»الإسلام
يزيد ولا ينقُص«وهو حديث أخرجه أبو داود (٢٩١٢) وصححه الحاكم ٤/ ٣٤٥ من طريق يحيى
بن يعمر عن أبي الأسود الدؤلي، عنه، قال الحاكم: صحيح الإسناد، (ووافقه الذهبي)
وتُعُقّب بالانقطاع بين أبي الأسود ومعاذ ولكن سماعه منه ممكن، وقد زعم الجورقاني
(٥٤٩) أنه باطل وهي مجازفة، وقال القرطبي في»المفهم«: هو كلام محكي ولا يروى، كذا
قال، وقد رواه من قدمت ذكره، فكأنه ما وقف على ذلك.
وأخرج أحمد بن منيع بسند قوي عن معاذ
أنه كان يورث المسلم من الكافر بغير عكس. وقال: وأخرج ابن أبي شيبة [١١/ ٣٧٤] من
طريق عبد الله بن معقل قال: ما رأيت قضاء أحسن من قضاء قضى به معاوية: نرثُ أهلَ
الكتاب، ولا يرثونا، كما يحل لنا النكاح فيهم، ولا يحل لهم النكاح فينا، ثم قال:
وبه قال مسروق وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وإسحاق.
قلنا: وقول الحافظ عن سند أحمد بن
منيع قوي، فيه نظر فإن في إسناده انقطاعا، فقد جاء إسناده كما في»إتحاف
الخيرة" (٤٠٨٣) عن يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن
عمرو بن كردي (وهو ابن أبي حكيم) عن يحيى بن يعمر، عن معاذ ابن جبل ... وهذا سند
فيه انقطاع في موضعين كما هو مبين في الحديث الآتي عند أبي داود (٢٩١٢).
=
٢٩١٠ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا
عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمر، عن الزهري، عن علي بن حُسينٍ، عن عَمرو بن عثمان
عن أسامة بن زيد، قال: قلتُ: يا
رسولَ الله، أين تنزلُ غدًا؟ -في حجته- قال: «وهَل ترك لنا عَقِيلٌ منزلًا؟» ثم
قال: «نحنُ نازِلُون بخَيْفِ بني كِنانةَ، حيث قاسمتْ قريشٌ على الكفْرِ»، يعني:
الْمُحصَّب، وذلك أن بني كِنانةَ حالفتْ قريشًا على بني هاشمٍ: أن لا يناكِحُوهم،
ولا يبايِعُوهم ولا يُؤوُهُم (١).
قال الزهريُّ: والخَيفُ: الوادي.
٢٩١١
- حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا
حمّادٌ، عن حَبيبٍ المُعلم، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه
عن جده عبد الله بن عمرو، قال: قال
رسولُ الله ﷺ: «لا يتوارثُ أهلُ مِلَّتَين شتَّى» (٢).
= وقال الخطابي: واختلفوا في ميراث
المرتد: فقال مالك بن أنس وابن أبي ليلى والشافعى: ميراث المرتد فيءٌ ولا يرثُه
أهله، وكذلك قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن.
وقال سفيان الثوري: ماله التليد
لورثته المسلمين، وما اكتسبه وأصابه في ردته فهو فيء للمسلين، وهو قولُ أبي حنيفة.
وقال الأوزاعي وإسحاق بن راهويه:
ماله كله لورثته المسلمين، وقد روي ذلك عن علي كرم الله وجهه وعبد الله، وهو قول
الحسن البصري والشعبي وعمر بن عبد العزيز (وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن).
(١)
إسناده صحيح.
وهو مكرر السالف برقم (٢٠١٠).
(٢)
إسناده حسن. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه ابن ماجه (٢٧٣١)، والنسائي
في«الكبرى» (٦٣٥٠) و(٦٣٥١) من طرق عن عمرو بن شعيب، به. =
٢٩١٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ
الوارث، عن عمرو الواسطىِّ، حدَّثنا عبدُ الله بن بُريدة، أن أخوين اختصما إلى
يحيى بن يَعْمَر: يهودي ومسلمٌ، فورَّث المُسلمَ منهما، وقال: حدَّثني أبو الأسود،
أن رجلًا حدَّثه، أن معاذًا قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «الإسلامُ يزيدُ ولا
يَنقُصُ» فورَّثَ المسلمَ (١).
= وهو في «مسند أحمد» (٦٦٦٤).
قال الخطابي: عموم هذا الكلام يوجب
أن لا يرث اليهودي النصراني، ولا المجوسي اليهودي، وكذلك قال الزهري وابن أبي ليلى
وأحمد بن حنبل.
وقال أكثر أهل العلم: الكفر كله ملة
واحدة، يرث بعضهم بعضًا، واحتجوا بقول الله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [الأنفال: ٧٣].
وقد علق الشافعي القول في ذلك، وغالب
مذهبه: أن ذلك كُلَّه سواءٌ.
(١)
إسناده ضعيف لإبهام الرجل الذي حدث أبا الأسود -وهو ظالم بن عمرو الدؤلي- وقد
اختلف فيه على عمرو بن أبي حكيم كما سيأتي. عبد الوارث: هو ابن سعيد، ومُسدد: هو
ابن مُسرهَد.
وأخرجه البيهقي ٦/ ٢٥٤ - ٢٥٥ من طريق
مسدَّدٌ، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (٥٦٨)، وابن أبي
شيبة ١١/ ٣٧٤، وأحمد (٢٢٠٠٥)، وابن أبي عاصم في «السنة» (٩٥٤)، ووكيع في «أخبار
القضاة» ١/ ٩٨ - ٩٩، والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٣٣٨)، والحاكم ٤/ ٣٥٤، والبيهقي
٦/ ٢٥٤، والجورقاني في «الأباطيل» (٥٥٠) من طريق شعبة بن الحجاج، عن عمرو بن أبي
حكيم، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود قال: كان معاذ. فأسقط
من إسناده الرجل المبهم وهو الواسطة بين أبي الأسود ومعاذ. وسيأتي من طريق شعبة
عند المصنف في الطريق التالي. وأخرجه أحمد بن منيع في «مسنده كما في»إتحاف الخيرة
المهرة«للبوصيري (٤٠٨٣)، والبزار في»مسنده«(٢٦٣٦)، والشاشي في»مسنده" (١٣٨٠)،
والجورقانى (٥٤٩) من طريق يزيد بن هارون، والطبراني ٢٠/ (٣٤٠) من طريق إبراهيم بن
الحجاج، =
٢٩١٣ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي بنُ
سعيد، عن شعبةَ، عن عَمرو بن أبي حَكيم، عن عبد الله بن بُريدةَ، عن يحيى بن
يَعمَر
عن أبي الأسودِ الدِّيليِّ: أن
معاذًا أُتي بميراثِ يهودي وارِثُهُ مُسلمٌ، بمعناه، عن النبي ﷺ
(¬١).
١١
- باب فيمن
أسلم على ميراثٍ
٢٩١٤
- حدَّثنا حجاجُ بن أبي يعقوبَ،
حدَّثنا موسى بن داودَ، حدَّثنا محمدُ بن مُسلمٍ، عن عَمرو بن دينارٍ، عن أبي
الشَّعثاءِ
عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ:
«كلُّ قَسْمٍ قُسمَ في الجاهلية فهو على ما قسم، وكل قَسْمٍ أدركَه الإسلامُ فإنه
على قَسْم الإسلامِ» (٢).
= والشاشي (١٣٧٩) من طريق زيد بن
الحباب، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن عمرو بن أبي حكيم، عن يحيى
بن يعمر، عن معاذ بن جبل. فأسقط من إسناده عبد الله بن بريدة وأبا الأسود الدؤلي
والرجل المبهم وشك حماد في رواية زيد ابن الحباب فقال: عن يحيى بن يعمر أو غيره.
(١)
إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن بين أبي الأسود الدِّيلي أو الدؤلي وبين معاذ فيه رجلًا
كما في الطريق السالف قبله، وانظر تخريجه هناك من هذا الطريق.
(٢)
إسناده حسن من أجل محمد بن مسلم -وهو الطائفي- أبو الشعثاء: هو جابر ابن زيد.
وأخرجه ابن ماجه (٢٤٨٥) من طريق موسى
بن داود، بهذا الإسناد.
وهو في «شرح مشكل الآثار» (٣٢٢١)
و(٣٢٢٢).
قال الخطابي: فيه أن أحكام الأموال
والأنساب والأنكحة التي كانت في الجاهلية ماضية على ما وقع الحكم منهم فيها أيام
الجاهلية، لا يُرَدُّ منها شيء في الإسلام، وأن ما حدث من هذه الأحكام في الإسلام،
فإنه يُستأنف فيه حكمُ الإسلام.
١٢ - باب في الولاء
٢٩١٥
- حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، قال: قُرئ
على مالكٍ وأنا حاضر، قال مالك: عَرَضَ عليَّ نافعٌ
عن ابن عمر، أن عائشةَ أمَّ المؤمنين
رضي الله عنها أرادت أن تشتري جاريةً تُعتِقُها، فقال أهلُها: نبيعُكِها على أنَّ
ولاءَها لنا، فذكرتْ عائشة لِرسول الله ﷺ،فقال: «لا يمنَعُكِ ذلك، فإن الولاء لمن
أعتقَ» (١).
(١) إسناده صحيح.
وهو في «موطأ مالك» برواية يحيي
الليثي ٢/ ٧٨١، وبرواية محمد بن الحسن (٧٩٨)، وبرواية أبي مصعب الزهري (٢٧٤٥)، ومن
طريق مالك أخرجه البخاري (٢١٦٩) و(٢٥٦٢) و(٦٧٥٢) و(٦٧٥٧)، والنسائي (٤٦٤٤).
وأخرجه البخاري (٢١٥٦) و(٦٧٥٩) من
طريق همام بن يحيى، عن نافع، به.
وأخرجه مسلم (١٥٠٤) عن يحيي بن يحيي
النيسابوري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن عائشة. فجعله من مسند عائشة! وهو في
«مسند أحمد» (٤٨١٧) و(٥٩٢٩).
وسيأتي من حديث عائشة بعده. وبرقم
(٣٩٢٩) و(٣٩٣٠).
قال الخطابي: في حديث ابن عمر دليل
على أن بيع المملوك بشرط العتق جائز، وقوله: «لا يمنعك ذلك» معناه إبطال ما شرطوه
من الولاء لغير المعتق.
وفي قوله: «الولاء لمن أعطى الثمن،
وولي النعمة» دليل على أن لا ولاء إلا لمعتق، وذلك أن دخول الألف واللام في الاسم
مع الإضافة يُعطى السلب والإيجاب، كقولك: الدار لزيد، والمال للورثة. فيه إيجاب
ملك الدار، وإيجاب المال للورثة وقطعها عن غيرها.
وإذا كان كذلك ففيه دليل على أن من أسلم
على يدي رجل فإنه لا يرثه، ولا يكون له ولاؤه لأنه لم يعتقه.
٢٩١٦ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ،
حدَّثنا وكيعُ بن الجرَّاح، عن سفيانَ الثوريِّ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن
الأسودِ
عن عائشةَ، قالت: قالَ رسول الله ﷺ:
«الولاءُ لمن أعطى الثمنَ وَوَلِيَ النّعمةَ» (١).
٢٩١٧
- حدَّثنا عبدُ الله بن عَمرو بن أبي
الحجاجِ أبو مَعمرٍ، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن حسينٍ المُعلِّمِ، عن عَمرو بن شعيب،
عن أبيه
عن جده، أن رِيَاب بنَ حُذيفةَ
تزوَّج امرأةً، فولَدَتْ له ثلاثةَ غِلْمةٍ، فماتت أمُّهم، فورِثُوها رِباعَها
وولاءَ مَوالِيها، وكان عمرو بن
(١) إسناده صحيح. الأسود: هو ابن يزيد
النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي ابن أخت الأسود، ومنصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه بنحوه بأطول مما ها هنا
البخاري (١٤٩٣) و(٢٥٣٦) و(٥٢٨٤) و(٦٧١٧) و(٦٧٥١) و(٦٧٥٤) و(٦٧٥٨) و(٦٧٦٠)،
والترمذي (١٣٠١) و(٢٢٥٨)، والنسائي (٢٦١٤) و(٣٤٤٩) و(٣٤٥٠) و(٤٦٤٢) من طريق
إبراهيم النخعي، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٥٠)
و(٢٥٣٦٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢٧١). وأخرجه بنحوه بأطول مما ها هنا كذلك البخاري
(٢٥٧٨) و(٥٠٩٧) و(٥٢٧٩) و(٥٤٣٠)، ومسلم (١٥٠٤)، وابن ماجه (٢٠٧٦)، والنسائي (٣٤٤٧)
و(٣٤٤٨) و(٣٤٥٣) و(٣٤٥٤) و(٤٦٤٣) من طريق القاسم بن محمد، والبخاري (٤٥٦) و(٢٥٦٤)
و(٢٧٣٥) من طريق عمرة بنت عبدالرحمن، و(٢٥٦٥) و(٢٧٢٦) من طريق أيمن المكي، ثلاثتهم
عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٨٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٢٦٩).
وسيأتي من طريق عروة بن الزبير، عن
عائشة برقم (٣٩٢٩) و(٣٩٣٠).
قال القسطلاني: والحديث كما قاله ابن
بطال يقتضي أن الولاء لكل معتق، ذكرًا كان أو أنثى، وهو مجمع عليه، وليس بين
الفقهاء خلاف أنه ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو جره إليهن من أعتق بولادة
أو عتق.
العاصِ عصبةَ بَنِيها، فأخرجَهم إلى
الشام، فماتُوا، فقدم عَمرو بن العاصِ، ومات مَولى لها، وترك مالًا، فخاصمه
إخوتُها إلى عُمر بن الخطاب، فقال عُمرُ: قال رسولُ الله ﷺ: «ما أحرزَ الولدُ، أو
الوالد، فهو لعصبتِه مَنْ كان». قال: فكتبَ له كتابًا فيه شهادةُ عبد الرحمن بن
عَوف، وزيدِ بن ثابتٍ، ورجلٍ آَخَرَ، فلما استُخلِفَ عبدُ الملك اختصَمُوا إلى
هشامِ بن إسماعيلَ -أو إلى إسماعيلَ بن هشام- فرفَعَهم إلى عبدِ الملك، فقال: هذا
من القضاء الذي ما كنتُ أُراه، قال: فقضى لنا بكتابِ عُمر بن الخطاب، فنحن فيه إلى
الساعةِ (¬١).
١٣
- باب في
الرجل يُسْلم على يدَي الرجل
٢٩١٨
- حدَّثنا يزيدُ بن خالدِ بن مَوهَب
الرَّمْليُّ وهشامُ بن عمار، قالا: حدَّثنا يحيى - قال أبوداود: وهو ابن حمزةَ- عن
عبد العزيز بن عمر، قال: سمعت عبدَ الله بن مَوهَبٍ يحدث عمرَ بن عبد العزيز، عن
قَبيصةَ بن ذُؤيبٍ -قال هشام:- عن تميمٍ الداريّ أنه قال: يا رسولَ الله -وقال
يزيد: إن تميمًا قال: «يا رسولَ الله- ما السُّنةُ في الرجلِ
(١) إسناده حسن. حسين المعلم. هو ابن ذكوان،
وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري. وأخرجه ابن ماجه (٢٧٣٢)، والنسائي
في»الكبرى«(٦٣١٤) من طريق حسين المعلم، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة
بالمرفوع منه فقط.
وهو في»مسند أحمد" (١٨٣)
مقتصرًا على قصة الولاء.
وهشام بن إسماعيل المذكور مخزومىٌّ
قرشيٌّ، ولاه عبد الملك بن مروان المدينة سنة اثنتين وثمانين للهجرة.
يُسلِمُ على يدَي الرجلِ من
المُسلمين؟ قال: «هو أولَى الناس بمَحْيَاهُ ومماتِه» (١).
(١) رجاله ثقات، لكن تفرد يحيى بن حمزة -وهو
الحضرمي- بذكر قبيصة بن ذؤيب في إسناده، والمحفوظ أنه من رواية عبد الله بن موهب
عن تميم، وعبد الله بن موهب لم يدرك تميمًا الداري، صرح بذلك أبو نعيم الفضل بن
دكين، والشافعي والنسائي والترمذي وأبو زرعة الدمشقي، وما ورد من تصريحه بالسماع
منه عند ابن ماجه وغيره خطأ نبه عليه الحفاظ.
وقد ضعف هذا الحديث الشافعي وأحمد
والبخاري والترمذي وابن المنذر والبيهقي وعبد الحق الإشبيلي، ونقل الحافظ في
«الفتح» ١٢/ ٤٧ عن البخاري أنه ضعفه لمعارضته حديث: «إنما الولاء لمن أعتق»، وقد
أعله ابن القطان الفاسي في «بيان الوهم والإيهام» ٣/ ٥٤٦ بجهالة حال ابن موهب.
وصححه أبو زرعة الدمشقي والحاكم
ويعقوب بن سفيان وابن التركماني وابن القيم باعتبار معرفة الواسطة، وهو قبيصة بن
ذؤيب الذي جاء في إسناد المصنف هنا، وهو ثقة أدرك تميمًا، مع أن يحيى بن حمزة قد
انفرد بذكر الواسطة هنا كما ذكرنا، ورواه ثلاثة عشر رجلًا وأكثر فلم يذكروا
قبيصة!! انظر تفصيل ذلك في «مسند أحمد» (١٦٩٤٤).
وأخرجه ابن ماجه (٢٧٥٢) من طريق وكيع
بن الجراح، والترمذي (٢٢٤٥) من طريق أبي أسامة وعبد الله بن نمير ووكيع، والنساثي
في «الكبرى» (٦٣٨٠) من طريق عبد الله بن داود الخُريبي، أربعتهم عن عبد العزيز بن
عمر، عن عبد الله بن موهب، عن تميم الداري.
وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في
«المسند» (١٦٩٤٤).
قال الخطابي: قد احتج به من يرى
توريث الرجل ممن يسلم على يده من الكفار. وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، إلا أنهم
قد زادوا في ذلك شرطًا، وهو أن يعاقده ويُواليه، فإن أسلم على يده ولم يعاقده ولم
يُوالِه، فلا شيء له.
وقال إسحاق بن راهويه كقول أبي حنيفة
وأصحابه، إلا أنه لم يذكر الموالاة. =
١٤ - باب في بيع الولاء
٢٩١٩
- حدَّثنا حفصُ بن عمرَ، حدَّثنا
شعبةُ، عن عبدِ الله بن دينار
عن ابن عمر، قال: نهى رسولُ الله ﷺ
عن بيعِ الولاءِ، وعن هِبَتِه (١).
= قلت [القائل الخطابي]: ودلالة الحديث
مبهمة. وليس فيه أن يرثه، إنما فيه: أنه أولى الناس بمحياه ومماته، وقد يحتمل أن
يكون ذلك في الميراث. ويحتمل أن يكون ذلك في رعي الذّمام والإيثار بالبر وما
أشبههما من الأمور.
وقد عارضه قوله ﷺ: «الولاء لمن أعتق»
وقال أكثر الفقهاء: لا يرثه، وضعف أحمد بن حنبل حديث تميم هذا، وقال: عبد العزيز:
راويه ليس من أهل الحفظ والإتقان.
(١)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٥٣٥)، ومسلم
(١٥٠٦)، وابن ماجه (٢٧٤٧)، والترمذي (١٢٨٠) و(٢٢٥٩)، والنسائي (٤٦٥٧) و(٤٦٥٨)
و(٤٦٥٩) من طريق عبد الله بن دينار، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٦٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٩٤٨).
وأخرجه ابن ماجه (٢٧٤٨) من طريق يحيي
بن سُليم الطائفي، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. وهذا إسناد وهم فيه
يحيي بن سليم الطائفي كما بيناه بالتفصيل في «سنن ابن ماجه»،وبينا هناك أنه روي من
طرق عن نافع كلها ضعاف لا تصح، فهذا الحديث لا يصح إلا من طريق عبد الله بن دينار،
وقد قال الإمام مسلم: الناس كلهم عيال على عبد الله بن دينار في هذا الحديث.
قال الخطابي: قال ابن الأعرابي محمد
بن زياد: كانت العرب تبيع ولاء مواليها.
فباعوه مملوكًا، وباعوه مُعتقًا ...
فليس له حتى الممات خلاص
فنهاهم النبي ﷺ عن ذلك.
قلت [القائل الخطابي]: وهذا كالإجماع
من أهل العلم، إلا أنه قد روي عن ميمونة: أنها كانت وهبت ولاء مواليها من العباس،
أو من ابن عباس رضي الله عنهما. =
١٥ - باب في المولود يَستهِلّ ثم يموت
٢٩٢٠
- حدَّثنا حسينُ بن مُعاذِ، حدَّثنا
عبدُ الأعلى، حدَّثنا محمد -يعني ابنَ إسحاقَ- عن يزيدَ بن عبد الله بن قُسَيط
عن أبي هريرة، عن النبيَّ ﷺ، قال:
«إذا استهَلَّ المولودُ وُرِّثَ» (١).
= قال: وسمعتُ أبا الوليد حسان بن محمد
يذكر أن الذي وهبته ميمونة من الولاء كان ولاء سائبة، وولاء السائبة قد اختلف فيه
أهل العلم.
قلنا: حسان بن محمد هذا ترجمه الذهبي
في «سير أعلام النبلاء» ١٥/ ٤٩٢، وقال عنه الإمام الأوحد الحافظ المفتي، شيخ
خراسان الشافعي العابد.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن لولا عنعنة محمد بن إسحاق. وقد روي من وجه آخر عن أبي
هريرة. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي.
وأخرجه البيهقي ٦/ ٢٥٧ من طريق أبي
داود، بهذا الإسناد، وقال: ورواه ابن خزيمة عن الفضل بن يعقوب الجزري، عن عبد
الأعلى، بهذا الإسناد، مثله.
وأخرجه البيهقي ٦/ ٢٥٧ من طريق سعيد
بن المسيب، عن أبي هريرة قال: من السنة أن لا يرث المنفوس ولا يُورث حتى يستهل
صارخا. وإسناده لا بأس به.
وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله
والمسور بن مخرمة عند ابن ماجه (٢٧٥١).
قال الخطابي: قوله: «استهل» معناه
رفع صوته بأن يصرخ أو يبكي، وكل من رفع صوته بشيء فقد استهل به.
قلت [القائل الخطابي]: ومعنى
الاستهلال ها هنا: أن يوجد مع المولود أمارة الحياة، فلو لم يتفق أن يكون منه
الاستهلال، وهو رفع الصوت، وكان منه حركة أو عطاس أو تنفس أو بعض ما لا يكون ذلك
إلا من حي، فإنه يورث لوجود ما فيه من دلالة الحياة. وإلى هذا ذهب سفيان الثوري
والأوزاعي والشافعي وأحسبه قول أبي حنيفة وأصحابه. وقال مالك بن أنس: لا ميراث له
وإن تحرك أو عطس ما لم يستهل.
وروي عن محمد بن سيرين والشعبي
والزهري وقتادة أنهم قالوا: لا يورث المولود حتى يستهل.
١٦ - باب نسخِ ميراثِ العقد بميراث الرحم
٢٩٢١
- حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن ثابتٍ،
حدَّثني عليُّ بن حُسينٍ، عن أبيه، عن يزيدَ النّحْويَّ، عن عكرمةَ.
عن ابن عباس قال: ﴿وَالَّذِينَ
عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ [النساء: ٣٣]، كان الرجل يُحَالِفُ الرجلَ، ليس بينهما
نسبٌ، فيرثُ أحدُهما الآخرَ، فنَسخَ ذلك الأنفالُ، فقال تعالى: ﴿وَأُولُو
الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ [الأنفال: ٧٥] (١).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل علي
بن حسين -وهو ابن واقد المروزي- فهو صدوق حسن الحديث. يزيد النحوي: هو ابن أبي
سعيد.
وأخرجه البيهقي ٦/ ٢٦٢، وابن الجوزى
في «نواسخ القرآن» ص ٢٧٤ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم ٤/ ٣٤٦ عن القاسم بن
القاسم السَّيَّاري، عن محمد بن موسى ابن حاتم القاشاني، عن علي بن الحسن بن شقيق،
عن الحسين بن واقد، به. وعلي ابن الحسن وإن كان ثقة، لكن الراوي عنه محمد بن موسى
بن حاتم قال فيه القاسم السَّيَّاري: أنا بريء من عُهدته. وكان الحافظ محمد بن علي
سيئ الرأي فيه.
وأخرجه الطبري «تفسيره» ٥/ ٥٢ عن
محمد بن حميد الرازي، عن أبي تُميلة يحيى ابن واضح، عن حسين بن واقد، عن يزيد
النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قولهما. ومحمد بن حميد الرازي متروك.
وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في
«الناسخ والمنسوخ» (٤١٥)، والطبري ٢/ ٥٢ من طريق علي بن أبي طلحة، وأبو عبيد
(٤١٤)، وابن الجوزي في «النواسخ» ص ٢٧٤ من طريق عطاء الخراساني، والطبري ٥/ ٥٣ من
طريق عطية العوفي، ثلاثتهم عن ابن عباس. أما علي بن أبي طلحة وعطاء الخراساني فلم
يسمعا ابن عباس، وعطية العوفي ضعيف الحديث، وفي الإسناد إليه ثلاثة ضعفاء من
عَقِبِه.
ويشهد له ما رواه أبو عبيد (٤١٣)،
والطبري ١٠/ ٥٨ من طريق عبد الله بن عون، عن عيسى بن الحارث، عن عبد الله بن
الزبير في قوله: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى =
٢٩٢٢ - حدثنا هارونُ بن عبد الله، حدَثنا
أبو أسامةَ، حدثني إدريسُ بن
يزيدَ، حدّثنا طلحةُ بن مُصَرِّف، عن
سعيد بن جُبيرِ
= بِبَعْضٍ﴾ (الأنفال: ٧٥) قال: نزلت
هذه الآية في العصبات، كان الرجل يُعاقد الرجل يقول: ترثنْي وأرثُك، فنزلت
﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾.وإسناده
صحيح.
قال ابن الجوزي في «زاد المسير» ٢/
٧١ - ٧٢: فيهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم أهل الحلف، كان الرجل يحالف الرجل، فأيهما
مات ورثه الآخر، فنسخ ذلك بقوله: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى
بِبَعْضٍ ...﴾ وممن قال هم الحلفاء: سعيد ابن جبير وعكرمة وقتادة.
والثاني: أنهم الذين آخى بينهم رسول
الله-ﷺ، وهم المهاجرون والأنصار، كان المهاجرون يورثون الأنصار دون ذوى رحمهم
للأخوة التي عقدها رسول الله-ﷺ بينهم، رواه سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وبه قال
ابن زيد.
والثالث: أنهم الذين كانوا يتبنَّون
أبناء غيرهم في الجاهلية، هذا قول سعيد بن المسيب.
فأما أرباب القول الأول، فقالوا: نسخ
حكم الحلفاء الذين كانوا يتعاقدون على النصرة والميراث بآخر الأنفال، وإليه ذهب
ابن عباس والحسن وعكرمة وقتادة والثوري والأوزاعي ومالك وأحمد والشافعي.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: هذا الحكم
باقي غير أنه جعل ذوي الأرحام أولى من موالي المعاقدة.
وذهب قوم إلى أن المراد: فآتوهم
نصيبهم من النصر والنصيحة من غير ميراث، وهذا مروي عن ابن عباس ومجاهد.
وذهب قوم آخرون إلى أن المعاقدة إنما
كانت في الجاهلية على النصرة لا غير، والإسلام لم يغير ذلك، وإنما قرره، فقال
النبي ﷺ: «إيما حلف كان في الجاهلية، فإن الإسلام لم يزده إلا شدة» [أخرجه مسلم
(٢٥٣٠)، وسيأتي عند المصنف برقم (٢٩٢٥)]. وقوله: «عاقدت» هي قراءة ابن كثير ونافع
وأبي عمرو وابن عامر، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «عَقَدَت» بلا ألف.
عن ابن عباس في قوله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾، قال: كان
المُهاجرون حين قدِموا المدينة تُوَرِّثُ الأنصَارَ دون ذوي رحمه، للأُخوَّة التي
آخَى رسولُ الله-ﷺ-بينهم، فلما نزلتْ هذه الآيةُ: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ
مِمَّا تَرَكَ﴾ [النساء:
٣٣] قال:
نسختها ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ من النَّصْرِ
والنصيحةِ والرِّفَادَةِ، ويُوصِي له، وقد ذهبَ الميراثُ (١).
٢٩٢٣
- حدَثنا أحمدُ بن حنبل وعبد العزيز بن
يحيى -المعنى- قال أحمدُ: حدَثنا محمدُ بن سلمةَ، عن ابنِ إسحاقَ
عن داودَ بن الحُصَين، قال: كنت
أقرأُ على أم سعْدٍ بنتِ الربيع، وكانت يتيمةً في حِجْر أبي بكر، فقرأت
﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ فقالت: لا تقرأ ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ
أَيْمَانُكُمْ﴾ إنما نزلتْ في أبي بكرٍ وابنِه عبدِ الرحمن حين أبى الإسلامَ،
فحلَف أبو بكرِ ألا يُورِّثه، فلما
(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن
أسامة.
وأخرجه البخاري (٢٢٩٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٦٣٨٤) و(١١٠٣٧) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد.
وهو في «شرح مشكل الآثار» بإثر
الحديث (١٦١٧).
قال الحافظ في «الفتح» ٨/ ٢٤٩:
ويحتمل أن يكون النسخ وقع مرتين: الأولى حيث كان المعاقد يرث وحده دون العصبة،
فنزلت ﴿وَلِكُلٍّ﴾، وهي آية الباب فصاروا جميعًا يرثون، وعلى هذا يتنزل حديث ابن
عباس، ثم نسخ ذلك آية الأحزاب وخص الميراث بالعصبة، وبقي للمعاقد النصر والإرفاد
ونحوهما، وعلى هذا يتنزل بقية الآثار، وقد تعرض له ابن عباس في حديثه أيضًا لكن لم
يذكر الناسخ الثاني، ولا بد منه.
أسلمَ أمَرهُ نبي الله أن يؤتيَه
نصيبَه - زاد عبد العزيز: فما أسلم حتى حُمِلَ على الإسلامِ بالسيفِ (١).
[قال
أبو داود: من قال: (عَقَدَتْ) جعله حلفًا، ومن قال: (عاقَدَتْ) جعله حَالفًا، قال:
والصواب حديث طلحة (عاقَدتْ)] (٢).
٢٩٢٤
- حدَّثنا أحمدُ بن محمد بن ثابت،
حدَّثنا علي بن حُسينٍ، عن أبيه، عن يزيدَ النّحويّ، عن عكرمةَ
عن ابن عبَّاس: ﴿إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَهَاجَرُوا ....... وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا﴾ [الأنفال: ٧٢] فكان الأعرابيُّ لا يرثُ المُهاجِرَ،
ولا يرثُه المهاجرُ، فنسختْها، فقال تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ (٣) [الأنفال: ٧٥].
(١) إسناده ضعيف. ابن إسحاق -وهو محمد بن
إسحاق بن يسار المطلبي- مدلس وقد عنعن.
وأخرجه البيهقي ٦/ ٢٠٤ من طريق أبي
داود، بهذا الإسناد.
(٢)
مقالة أبي داود هذه لم ترد في أصولنا الخطية، وأثبتناها من النسخة التي شرح عليها
العظيم آبادي.
(٣)
إسناده حسن من أجل علي بن الحسين -وهو ابن واقد المروزي- يزيد النحوي: هو ابن أبي
سعيد.
وأخرجه البيهقى ٦/ ٢٦٢، وابن الجوزي
في «نواسخ القرآن» ص ٣٥٤ من طريق علي بن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» ١٠/ ٥٣ عن
محمد بن حميد الرازي، عن يحيى ابن واضح، عن الحُسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن
عكرمة والحسن البصري قولهما. ومحمد بن حميد الرازي متروك الحديث.
=
١٧ - باب في الحِلْفِ
٢٩٢٥
- حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ،
حدَّثنا محمدُ بن بشر وابن نُمير وأبو أُسامةَ، عن زكريا، عن سعْدِ بن إبراهيمَ،
عن أبيه
عن جُبير بن مُطعِمٍ، قال: قالَ
رسولُ الله ﷺ: «لا حِلْفَ في الإسلامِ، وأيُّما حِلْفٍ كانَ في الجاهلية لم يَزدهُ
الإسلامُ إلَّا شدّةً» (١).
٢٩٢٦
- حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا سفيانُ، عن
عاصم الأحولِ، قال:
سمعتُ أنس بن مالك يقول: حَالَفَ
رسولُ الله ﷺ بين المهاجرين والأنصار في دارِنا، فقيل له: أليس قالَ رسولُ الله ﷺ:
«لا حِلْفَ في الإسلام»؟ فقال: حَالفَ رسول الله ﷺ بين المهاجرين والأنصارِ في
دارِنا، مرتين أو ثلاثًا (٢).
= وأخرجه الطبري ١٠/ ٥١ - ٥٢ من طريق
علي بن أبي طلحة،١٠/ ٥٢ من طريق عطية العوفي، كلاهما عن ابن عباس. وعلي بن أبي
طلحة لم يدرك ابن عباس، وفي الطريق إليه عبد الله بن صالح كاتب الليث ضعيف، وعطية
العوفي ضعيف، وفي الطريق إليه ثلاثة ضعفاء من عقِبِه.
(١)
إسناده صحيح. سعد بن إبراهيم: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وزكريا: هو ابن أبي
زائدة، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وابن نمير: هو عبد الله.
وأخرجه مسلم (٢٥٣٠)، والنسائي في
«الكبرى» (٦٣٨٥) من طريق زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٧٦١)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٣٧١) و(٤٣٧٢).
(٢)
إسناده صحيح. عاصم الأحول: هو ابن سُليمان، وسفيان: هو ابن عيينة، ومُسدد: هو ابن
مُسَرْهَد.
وأخرجه البخاري (٢٢٩٤)، ومسلم (٢٥٢٩)
من طريق عاصم بن سليمان الأحول، به. =
١٨ - باب في المرأة ترثُ من دِيَةِ زوجِها
٢٩٢٧
- حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا
سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيدٍ، قال:
كان عمرُ بن الخطاب يقول: الدِّيَةُ
للعاقِلة، ولا ترِثُ المَرأة من دِية زوجها شيئًا، حتى قال له الضحّاك بن سفيانَ:
كتب إليَّ رسول الله ﷺ أن أُورِّثَ امرأةَ أشيَمَ الضِّبَابيِّ من دِيةِ زوجِها،
فرجَعَ عُمَرُ (١).
= وهو في «مسند أحمد» (١٢٠٨٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٥٢٠).
قال ابن الأثير في «النهاية» ١/ ٤٢٢
- ٤٢٥: قوله: «حالف» أي آخي بينهم وعاهد، وأصل الحِلف: المعاقدة والمعاهدة على
التعاصد والتساعد والإنفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتالِ بين
القبائل والغارات، فذلك الذي ورد النهيُ عنه في الإسلام بقوله ﷺ: «لا حِلف في
الإسلام»، وما كان منه في الجاهية على نصرِ المظلوم، وصلةِ الأرحام، كحلف
المُطيَّبين وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه ﷺ: «وأيما حلف كان في الجاهلية لم
يزده الإسلام إلا شدة» يريد من المعاقدة على الخير، ونصرةِ الحق، وبذلك يجتمع
الحديثان، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام.
وقيل: المحالفة كانت قبل الفتح،
وقوله: «لا حلف في الإسلام» قاله زمن الفتح، فكان ناسخًا (كما في حديث عبد الله بن
عمرو بن العاص السالف برقم: ٦٦٩٢).
(١)
حديث صحيح، ورواية سعيد -وهو ابن المسيب- عن عمر بن الخطاب محمولة على الاتصال،
قال أحمد بن حنبل فيما أسنده عنه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٤/ ٦١: سعيد عن
عمر عندنا حُجة، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يُقبل سعيد عن عمر، فمن يُقبل؟! وقال
أبو حاتم فيما حكاه عنه ابنه في «المراسيل» ص ٧١: سعيد بن المسيب عن عمر مرسل،
يدخل في المسند على المجاز. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه ابن ماجه (٢٦٤٢)، والترمذي
(١٤٧٤) و(٢٢٤٣)، والنسائي في «الكبرى» (٦٣٢٩ - ٦٣٣٢) من طريقين عن الزهري، به.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. =
٢٩٢٧ م- حدثنا أحمدُ بن صالح: حدثنا عبدُ
الرزاق بهذا الحديث عن مَعمرٍ، عن الزهري
عن سعيدٍ، وقال فيه: وكان النبيُّ-ﷺ
استعمَلَه على الأعراب (١).
آخر كتاب الفرائض
= وهو في «مسند أحمد» (١٥٧٤٥).
قال الخطابي: فيه من الفقه: أن دية
القتيل كسائر ماله يرثها من يرث تركته، وإذا كان كذلك ففيه دليل على أن القتيل إذا
عفا عن الدية كان عفوه جائزًا في ثلث ماله.
لأنه قد ملكه، وهذا إنما يجوز في قتل
الخطأ، لأن الوصية بالدية إنما تقع للعاقلة الذين يغرمون الدية، دون قتل العمد،
لأن الوصية فيه إنما تقع للقاتل، ولا وصية لقاتل كالميراث.
وإنما كان يذهب عمر رضي الله عنه في
قوله الأول إلى ظاهر القياس، وذلك أن المقتول لا تجب ديته إلا بعد موته، وإذا مات
فقد بطل ملكه، فلما بلغته السنة ترك الرأي، وصار إلى السنة، وكان مذهب عمر رضى
الله عنه: أن الدية للعاقلة الذين يعقِلون عنه إلى أن بلغه الخبر، فانتهى إليه.
(١)
حديث صحيح كسابقه.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١٧٧٦٤).
وانظر ما قبله.