recent
آخر المقالات

أَبْوَابُ السُّنَّةِ (١)

 

١ - بَابُ اتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ -
١ - حدَثنا أبو بَكْر بنُ أبي شَيْبةَ، حدثنا شَرِيكٌ، عن الأعمَش، عن أبي صالح
عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «ما أمَرتكم به فخُذُوهُ، وما نَهَيتكُم عنه فانتَهُوا» (٢).
٢ - حدَثنا مُحمَّدُ بنُ الصَباح، أخبرنا جَريرٌ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ
عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «ذَرُوني ما تَرَكتكُم، فإنَّما هَلَكَ مَن كان قَبلَكم بسُؤَالِهِم واختِلافِهم على أنبيائِهم، فإذا أمَرتكم بشيءٍ - فخُذُوا منه ما استَطَعتُم، وإذا نَهَيتكُم عن شيءٍ فانتَهُوا» (٣).



(١) هذا العنوان لم يرد في شيء من الأصول الخطية، واقتبسناه من عمل الحافظ المزي في «تحفة الأشراف» فإنه يخرج من هذه الأبواب عند ابن ماجه باسم: السُّنة.
(٢) حديث صحيح، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- وان كان سيىء الحفظ تابعه عبد الله بن نمير عند أحمد في «المسند» (١٠٤٢٩)، ومسلم بإثر الحديث (٢٣٥٧)، وجرير بن عبد الحميد عند المصنف وهو الحديث التالي، وأبو معاوية عند الترمذي (٢٨٧٤).
(٣) إسناده صحيح. =

٣ - حدَثنا أبو بكر بنُ أبي شَيْبةَ، حدثنا أبوْ مُعاويةَ ووَكيعٌ، عن الأعمش، عن أبي صالحِ
عن أبي هُرَيرةَ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَن أطاعَني، فقد أطاعَ اللهَ، ومَن عَصَاني، فقد عَصَى الله» (١).
٤ - حدّثنا مُحمَّدُ بنُ عَبد الله بنِ نُمَيرٍ، حدثنا زَكريا بنُ عَدِي، عن ابن المُبارَكِ، عن مُحمَّدِ بنِ سُوقَةَ، عن أبي جَعفَر، قال:
كان ابنُ عمرَ إذا سَمِعَ من رسولِ الله ﷺ حديثًا لم يَعْدُهُ ولم يُقصّرْ دونَه (٢).


= وأخرجه مسلم بإثر الحديث (٢٣٥٧) / (١٣١)، والترمذي (٢٨٧٤) من طريقين عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم بإثر الحديث (٢٣٥٧)، والنسائي ٥/ ١١٠ - ١١١ من طرق عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٦٧) و(١٠٤٢٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٨ - ٢١).
(١) إسناده صحيح.
وهو في «المصنف» لابن أبي شيبة ٢/ ٢١٢.
وسيأتي عند المصنف بأطول مما هنا برقم (٢٨٥٩).
وأخرجه بأطول مما هنا البخاري. (٢٩٥٧)، ومسلم (١٨٣٥)، والنسائي ٧/ ١٥٤ و٨/ ٢٧٦ من طرق عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٤٣٤) و(١٠٠٨٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٥٦).
(٢) إسناده صحيح. أبو جعفر: هو محمَّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، لقبه: الباقر.
وأخرجه الدارمي (٣١٨)، وابن حبان في «صحيحه» (٢٦٤) من طريق محمَّد ابن سوقة، به.
قوله: «لم يعدُه»، قال السندي: بسكون العين، أي: لم يتجاوز بالزيادة على قدر الوارد في الحديث، والافراط فيه. «ولم يقصر» في التقصير دونه، بأن لا يعمل =

٥ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سُمَيْعٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَفْطَسُ، عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْفَقْرَ وَنَتَخَوَّفُهُ، فَقَالَ: «آلْفَقْرَ تَخَافُونَ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُصَبَّنَّ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا صَبًّا حَتَّى لَا يُزِيغَ قَلْبَ أَحَدِكُمْ إِزَاغَةً إِلَّا هِيَهْ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ».
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: صَدَقَ وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، تَرَكَنَا- وَاللَّه-ِ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ (١).
٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» (٢).


= بذلك الحديث أصلًا، أو يأتي بأقل من القدر الوارد. والحاصل أنه كان واقفًا عند الحد الوارد في الحديث ولم يأت بإفراط فيه ولا تفريط.
تنبيه: هذا الحديث لم يرد في (م)، ولم يذكره أبو القاسم بن عساكر في كتابه «الإشراف على معرفة الأطراف» كما نبه على ذلك المزي في «تحفة الأشراف» (٧٤٤٢).
(١) إسناده حسن، هشام بن عمار ومحمد بن عيسى بن القاسم بن سُميع فيهما كلام يحطهما عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، وعن العرباض بن سارية، وعمرو بن عوف، وعقبة بن عامر، وعوف بن مالك، عند أحمد في «المسند» برقم (١١٨٦٥) و(١٧١٤٢) و(١٧٢٣٤) و(١٧٤٣٣) و(٢٣٩٨٢)، وهي أحاديث صحيحة.
قوله: «إلا هِيَه»، قال السندي: هي ضمير الدنيا، والهاء في آخره للسكت.
(٢) إسناده صحيح. =

٧ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلْقَمَةَ نَصْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَوَّامَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ عز وجل لَا يَضُرُّهَا مَنْ خَالَفَهَا» (١).
٨ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ زُرْعَةَ قَالَ:


= وأخرجه الترمذي (٢٣٣٧) من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٥٩٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦١) و(٦٨٣٤).
وفي الباب عن المغيرة بن شعبة عند البخاري (٣٦٤٠)، ومسلم (١٩٢١).
وعن معاوية عند البخاري (٣٦٤١)، ومسلم بإثر (١٩٢٣) / (١٧٤).
وعن جابر وعقبة بن عامر عند مسلم (١٩٢٣) و(١٩٢٤).
قال الإمام النووي في «شرح مسلم» ١٣/ ٦٦ - ٦٧: أما هذه الطائفة، فقال البخاري: هم أهل العلم، وقال أحمد بن حنبل: إن لم يكونوا أهل الحديث، فلا أدري من هم، قال القاضي عياض: إنما أراد أحمد: أهل السنة والجماعة، ومن يعتقد مذهب أهل الحديث. قلت (القائل هو الإمام النووي): ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين، منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدِّثون، ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض. قلنا: وهذا الذي انتهى إليه الإمام النووي هو الصواب الذي لا مَعدِلَ عنه.
(١) حديث صحيح، هشام بن عمار قد توبع.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» ٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧ عن عبد الله ابن يوسف، وأبو نعيم في «الحلية» ٩/ ٣٠٧ عن محمَّد بن المبارك، كلاهما عن يحيى بن حمزة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٢٧٤)، و«صحيح ابن حبان» (٦٨٣٥) من طريقين عن محمَّد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
وهذا سند قوي.

سَمِعْتُ أَبَا عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيَّ، وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ» (١).
٩ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
قَامَ مُعَاوِيَةُ خَطِيبًا، فَقَالَ: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا وَطَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ، لَا يُبَالُونَ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ نَصَرَهُمْ» (٢).
١٠ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أسماء


(١) إسناده حسن.
وهو في «المسند» (١٧٧٨٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٢٦) من طريق الهيثم ابن خارجة، عن الجراح بن مليح، بهذا الإسناد.
وقال البوصيري في «الزوائد»: هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات!
(٢) إسناده ضعيف لضعف يعقوب بن حميد، وجهالة القاسم بن نافع، وتدليس الحجاج بن أرطأة، لكن الحديث صحيح من طريق عمير بن هانئ عن معاوية عند البخاري (٣٦٤١)، ومسلم بإثر الحديث (١٩٢٣) / (١٧٤) بلفظ: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك»، وعند- مسلم: «وهم ظاهرون على الناس».
وأخرجه مسلم بإثر الحديث (١٩٢٣) من طريق يزيد بن الأصم، عن معاوية مرفوعًا: «ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة».
وهو في «مسند أحمد» (١٦٩٣٢).

عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورِينَ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ عز وجل» (١).
١١ - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، سَمِعْتُ مُجَالِدًا يَذْكُرُ عَنْ الشَّعْبِيِّ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَخَطَّ خَطًّا، وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ، وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الْأَوْسَطِ، فَقَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ». ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣] (٢).


(١) حديث صحيح، هشام بن عمار قد توبع. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي، وأبو أسماء: هو عمرو بن مرثَد الرَّحَبي.
وأخرجه مسلم (١٩٢٠)، وأبو داود (٤٢٥٢)، والترمذي (٢٣٧٩) من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. ورواية أبي داود مطولة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٣٩٥).
(٢) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف مجالد: وهو ابن سعيد.
وأخرجه عبد بن حميد (١١٤١)، وابن أبي عاصم في «السنة» (١٦)، ومحمد ابن نصر المروزي في «السنة» (١٣)، والآجري في «الشريعة» ص ١٢،- واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (٩٥) من طريقين عن مجالد، بهذا الإسناد.
وهو في: مسند أحمد«(١٥٢٧٧).
وله شاهد من حديث ابن مسعود عند أحمد (٤١٤٢)، وإسناده حسن. تنيه: لم يرد هذا الحديث في (م)، ولم يذكره أبو القاسم بن عساكر فيما أشار إليه المزي في»تحفة الأشراف" (٢٣٥٧).

٢ - بَابُ تَعْظِيمِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالتَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ عَارَضَهُ
١٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ
عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عز وجل، فمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلَّا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِثْلُ مَا حَرَّمَ الله» (١).
١٣ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي بَيْتِهِ -أَنَا سَأَلْتُهُ عنه-، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ -ثُمَّ مَرَّ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: أَوْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ- عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ،


(١) حديث صحيح دون قوله: «ألا وإن ما حرَّم رسول الله مثل ما حرَّم الله»، فقد إنفرد بها الحسن بن جابر، وهو مستور كما قال الحافظ الذهبي في «المجرد في أسماء رجال سنن ابن ماجه»، وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب»: مقبول؛ أي: عند المتابعة وإلا فليَّن، وقد رواه من هو أوثق منه بدونها.
وأخرجه الترمذي (٢٨٥٥) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وهو في «مسند أحمد» (١٧١٩٤).
وأخرجه أبو داود (٤٦٠٤) من طريق حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عوف، عن المقدام بن معدي كرب، ولم يقل فيه: «ألا وان ما حرَّم رسول الله ..» إلخ، وسنده صحيح ورجاله ثقات.
وهو في «مسند أحمد» (١٧١٧٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٢).
قوله: «متكأ على أريكته»، قال السندي: أي: جالسا على سريره المزيَّن.

عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ» (١).
١٤ - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدٌّ» (٢).
١٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ الْمِصْرِيُّ، قال: أخبرنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (٤٦٠٥)، والترمذي (٢٨٥٤) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. ولكنهما لم يذكرا زيد بن أسلم، وقرن الترمذي بأبي الضر محمدَ بنَ المنكدر. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٨٦١).
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨)، وأبو داود (٤٦٠٦) من طرق عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٤٥٠).
وقوله: «فهو رد» معناه: مردود من إطلاق المصدر على اسم المفعول، مثل خلق ومخلوق ونسخ ومنسوخ، وكأنه قال: فهو باطل غير مُعتَد به.
قال الحافظ: وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعده، فإن معناه: من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصلٌ من أصوله، فلا يلتفت إليه، وهذا الحديث -كما قال النووي- مما ينبغي أن يُعتنى بحفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به كذلك.

أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الأنْصَارِيُّ: سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ. فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنْ كَانَ ابْن عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ قَالَ:»يَا زُبَيْرُ، اسْقِ، ثُم َّاحْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ (١) «، قَالَ: فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ، إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾ [النساء: ٦٥] (٢).


(١) ضُبط في (ذ) بفتح الدال، وفي»فتح الباري«٥/ ٣٧ تعليقًا على رواية البخاري (٢٣٥٩): قال ابن التين: ضُبط في أكثر الروايات بفتح الدال وفي بعضها بالسكون، وهو الذي في اللغة، وهو أصل الحائط.
والمعنى- كما قال القرطبي-: أن يصل الماء إلى أصول النخل.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٣٥٩)، ومسلم (٢٣٥٧)، وأبو دود (٣٦٣٧)، والترمذي (١٤١٤) و(٣٢٧٦)، والنسائي ٨/ ٢٤٥ من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (٢٣٦١) و(٤٥٨٥) من طريق معمر، و(٢٣٦٢) من طريق ابن جريج، و(٢٧٠٨) من طريق شعيب، ثلاثتهم عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، أن الزبير ... إلخ، لم يذكروا فيه عبد الله بن الزبير.
وهو في»مسند أحمد«(١٦١١٦)، و»صحيح ابن حبان" (٢٤).
وسيأتي برقم (٢٤٨٠).
وأخرجه النسائي ٨/ ٢٣٨ - ٢٣٩ من طريق ابن وهب، عن الليث ويونس بن يزيد، عن الزهري، عن عروة، عن أخيه عبد الله بن الزبير، عن أبيه الزبير، به. قال =

١٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ أَنْ يُصَلِّينَ فِي الْمَسْجِدِ». فَقَالَ ابْنٌ لَهُ: إِنَّا لَنَمْنَعُهُنَّ، قال: فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وتَقُولُ: إِنَّا لَنَمْنَعُهُنَّ؟! (١)
١٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو حَفْصُ بْنُ عمرو (٢)، قالا حدَّثنا عبدُ الوهَّاب الثَّقَفيُّ، حدَّثنا أيوبُ، عن سعيد بن جُبَيرٍ


= الحافظ في «الفتح» ٥/ ٣٥: كأن ابن وهب حمل رواية الليث على رواية يونس، وإلا فرواية الليث ليس فيها ذِكر الزبير، والله أعلم.
قوله: «في شِراج الحرة»، قال السندي: بكسر الشين: جمع شَرْجة -بفتح فسكون- وهي مسايل الماء بالحرة: وهي أرض ذات حجارة سود.
«سرِّح الماء» من التسريح، أي: أرسِل.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه تامًا ومختصرًا البخاري (٨٦٥) و(٨٧٣) و(٥٢٣٨)، ومسلم (٤٤٢) (١٣٤) و(١٣٥) و(١٣٧)، والنسائي ٢/ ٤٢ من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، والبخاري (٨٩٩)، ومسلم (٤٤٢) (١٣٨) و(١٣٩)، وأبو داود (٥٦٨)، والترمذي (٥٧٧) من طريق مجاهد، والبخاري (٩٠٠)، ومسلم (٤٤٢) (١٣٦)، وأبو داود (٥٦٦) من طريق نافع، ومسلم (٤٤٢) (١٤٠) من طريق بلال بن عبد الله بن عمر، وأبو داود (٥٦٧) من طريق حبيب بن أبي ثابت، خمستهم عن ابن عمر، عن رسول الله ﷺ. وذكر في رواية مجاهد عند مسلم أن ابن عبد الله بن عمر الذي زجره اسمه واقد، وذكر في رواية بلال بن عبد الله أن الذي زجره عبد الله هو بلال.
وهر في «مسند أحمد» (٤٥٢٢)، و«صحيح ابن حبان» (٢٢٠٨).
(٢) في الأصول الخطية ومطبوعة محمَّد فؤاد عبد الباقي وكذا المطبوع من «تحفة الأشراف» (٩٦٥٧): حفص بن عُمَر، وما أثبتناه. من نسخة على هامش (م) ومن =

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا إِلَى جَنْبِهِ ابْنُ أَخٍ لَهُ، فَخَذَفَ، فَنَهَاهُ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْهَا، وَقَالَ: «إِنَّهَا لَا تَصِيدُ صَيْدًا، وَلَا تَنْكأ عَدُوًّا، وَإِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ». قَالَ: فَعَادَ ابْنُ أَخِيهِ يَخْذِفُ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْهَا، ثُمَّ تَخْذِفُ (١)؟ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا (٢).
١٨ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ قَبِيصَةَ، عَنْ أَبِيهِ
أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ الْأَنْصَارِيَّ النَّقِيبَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ غَزَا مَعَ مُعَاوِيَةَ أَرْضَ الرُّومِ، فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَهُمْ يَتَبَايَعُونَ كِسَرَ الذَّهَبِ بِالدَّنَانِيرِ (٣)، وَكِسَرَ الْفِضَّةِ بِالدَّرَاهِمِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ،


= «تهذيب الكمال» وفروعه، كذلك لم يختلف كل من ترجم لحفص أن اسم أبيه عَمْرو، وذكر المزي في «التهذيب» خلافًا في كنيته، فقيل: أبو عَمْرو، وقيل: أبو عُمَر.
ووقعت كنيته في (م): أبو عمر.
(١) في النسخ المطبوعة: ثم عدت تخذف.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه تامًا ومختصرًا البخاري (٤٨٤١) و(٦٢٢٠)، ومسلم (١٩٥٤) (٥٥)، وأبو داود (٥٢٧٠) من طريق عقبة بن صهبان، والبخاري (٥٤٧٩)، ومسلم (١٩٥٤) (٥٤)، والنسائي ٨/ ٤٧ من طريق عبد الله بن بريدة، ومسلم (١٩٥٤) (٥٦) من طريق سعيد بن جبير، ثلاثتهم عن عبد الله بن مغفل مرفوعًا.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٧٩٤)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٤٩).
الخذف: هو رميُك حصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك وترمي بها، أو تتخذ مِخذفةً من خشب، ثم ترمي بها الحصاة بين إبهامك والسبابة.
(٣) في (ذ) و(م): بالدينار.

إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ الرِّبَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا تَبْتَاعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، لَا زِيَادَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا نَظِرَةَ». فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ، لَا أَرَى الرِّبَا فِي هَذَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ نَظِرَةٍ.
فَقَالَ عُبَادَةُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَتُحَدِّثُنِي عَنْ رَأْيِكَ! لَئِنْ أَخْرَجَنِي اللَّهُ لَا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ لَكَ عَلَيَّ فِيهَا إِمْرَةٌ. فَلَمَّا قَفَلَ لَحِقَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا أَقْدَمَكَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، وَمَا قَالَ مِنْ مُسَاكَنَتِهِ، فَقَالَ: ارْجِعْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ إِلَى أَرْضِكَ، فَقَبَحَ اللَّهُ أَرْضًا لَسْتَ فِيهَا وَأَمْثَالُكَ. وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ: لَا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ، وَاحْمِلْ النَّاسَ عَلَى مَا قَالَ، فَإِنَّهُ هُوَ الْأَمْرُ (١).
١٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْخَلَّادِ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ (٢)، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، أخبرنا عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ


(١) إسناده ضعيف لانقطاعه، قبيصة بن ذؤيب لم يسمع من عبادة بن الصامت.
وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (٣٩٠) من طريق هشام بن عمار، بهذا الإسناد.
وأصل الحديث في «الصحيحين» من حدبث عبادة سوى هذه القصة التي ذكرها، وانظر ما سياتي برقم (٢٢٥٤).
(٢) زيدَ هنا في النسخ المطبوعة بين يحص وبين ابن عجلان «عن شعبة»، وهذه الزيادة ليست في الأصول الخطية ولا في «الزوائد» للبوصيري ولا في «تحفة الأشراف» (٩٥٣٢) للمزي وأُقحمت في المطبوع منه إقحامًا بين حاصرتين، وهو- أي: المزي- لم يَرقُم على رواية شعبة عن محمَّد بن عجلان في «التهذيب» برقم ابن ماجه أو غيره من أصحاب الكتب الستة.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَظُنُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّذِي هُوَ أَهْيَاهُ وَأَهْدَاهُ وَأَتْقَاهُ (١).
٢٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: إِذَا حُدَّثتم (٢) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَدِيثًا فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْيَاهُ وَأَهْدَاهُ وَأَتْقَاهُ (٣).


(١) إسناده ضعيف لانقطاعه بين عون -وهو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود- وبين عم أبيه عبد الله بن مسعود.
وأخرجه الدارمي (٥٩١) من طريق عبد العزيز بن محمَّد، وأبو يعلى (٥٢٥٩) من طريق يحيى بن سعيد، كلاهما عن ابن عجلان، بهذا الإسناد.
وسيأتي هذا القول مرويًا عن علي بن أبي طالب في الحديث الذي بعده، وهو أصحُّ.
قوله: «الذي هو أهياه» كذا في (س) و(م) بالياء، وفي (ذ): «أهناه» بالنون، وهو الذي شرح عليه السندي فقال: أي الذي هو أوفق به من غيره، وأهدى وأليق بكمال هداه.
«وأتقاه» أي: وأنسب بكمال تقواه، وهو أن قوله صوابٌ ونصحٌ، واجبٌ العمل به.
(٢) المثبت من (ذ) و(م) و«تحفة الأشراف» للمزي (١٠١٧٧)، وفي (س) و«مصباح الزجاجة» للبوصيري والنسخ المطبوعة من «السُّنن»: حدَّثتكم.
(٣) إسناده صحيح وهو موقوف من قول علي رضي الله عنه.
وأخرجه الطيالسي (٩٩)، والدارمي (٥٩٢)، وأبو يعلى (٥٩١)، وأبو نعيم في «الحلية» ٧/ ٢٤٦، والضياء في «الأحاديث المختارة» (٥٧٢) و(٥٧٣) و(٥٧٤) من طرق عن عمرو بن مرة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٩٨٥).

* قال أبو الحسن: حدثنا يحيى بن عبد الله الكرابيسي، حدثنا علي بن الجعد، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، مثل حديث علي رضي الله عنه (١).
٢١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، حَدَّثَنَا الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ جَدِّهِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا أَعْرِفَنَّ مَا يُحَدَّثُ أَحَدُكُمْ عَنِّي الْحَدِيثَ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: اقْرَأْ قُرْآنًا! مَا قِيلَ مِنْ قَوْلٍ حَسَنٍ فَأَنَا قُلْتُهُ» (٢).
٢٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (ح)
وَحَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ


(١) زيادة أبي الحسن القطان هذه وقعت في الأصول بعد الحديث رقم (٢٢)، ومكانها الصحيح هنا كما أثبتناها. وسقطت هذه الزيادة من (م).
(٢) إسناده ضعيف جدًا، المقبري -وهو عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد- متروك ذاهب الحديث.
وأخرجه الآجري في «الشريعة» ص٥٠ من طريق أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي، والخطيب في «تاريخ بغداد» ١٢/ ٤٤ من طريق عبد الله بن سعيد المقبري، كلاهما عن سعيد المقبري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٨٠١).
وفي الباب ما يغني عنه عن المقدام بن معدي كرب وأبي رافع، سلفا عند المصنف برقم (١٢) و(١٣).

أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ أَخِي، إِذَا حَدَّثْتُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَدِيثًا فَلَا تَضْرِبْ لَهُ الْأَمْثَالَ (١).

٣ - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ -
٢٣ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الْبَطِينُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: مَا أَخْطَأَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ عَشِيَّةَ خَمِيسٍ إِلَّا أَتَيْتُهُ فِيهِ. قَالَ: فَمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِشَيْءٍ قَطُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: فَنَكَسَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وهُوَ قَائِمٌ مُحَلَّلَةً أَزْرَارُ قَمِيصِهِ، قَدْ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ. قَالَ: أَوْ دُونَ ذَلِكَ، أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، أَوْ شَبِيهًا بِذَلِكَ (٢).


(١) إسناد هناد بن السري حسن، وإسناد محمَّد بن عباد ضيف.
وسيأتي ضمن حديث برقم (٤٨٥)، ويأتي تخريجه هناك.
تنبيه: حديثًا أبي هريرة (٢١) و(٢٢) لم يردا في (م)، والأول قال أبو القاسم ابن عساكر بإثره في كتابه «الإشراف»: ليس في سماعنا. والثاني لم يذكره، وقال المزي في «التحفة» (١٥٠٧٠): هذا الحديث ليس في روايتنا.
(٢) إسناده صحيح، ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان، وإبراهيم التيمي: هو إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي.
وأخرجه الدارمي (٢٧٠)، والطبراني في «الكبير» (٨٦١٧)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ١١١ من طريقين عن ابن عون، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٣٢١).
قال السندي: قوله: ما أخطأني، أي: ما فاتني لقاؤه. =

٢٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ:
كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَدِيثًا فَفَرَغَ مِنْهُ، قَالَ: أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (١).
٢٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ (ح)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
قُلْنَا لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ: كَبِرْنَا وَنَسِينَا، وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَدِيدٌ (٢).


= إلا أتية: استثناء من أعم الأحوال بتقدير «قد»، وهذا الاستثناء من قبيل قوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ [الدخان: ٥٦]، إذ معلوم أنه لا تفوته الملاقاة حال إتيانه إياه، فهذا تأكيد للزوم الملاقاة في عشية كل خميس، ويحتمل أن المراد بيان أن ابن مسعود كان يجيئه، فإن كان ما جاءه يومًا أتاه هو فيه.
لشيء، أي: في شيء.
فنكس، أي: طأطأ رأسه وخفضه.
اغرورقت عيناه، أي: دمعتا، كأنهما غرقتا في دمعهما.
(١) إسناده صحيح. قال البوصيري: وقد روينا عن جماعة من الصحابة نحو ما فعله أنس من الحذر والاحتياط.
وأخرجه الدارمي (٦٧٦) و(٦٧٧) من طريقين عن محمَّد بن سيرين، بهذا الأسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٣١٢٤).
(٢) إسناده صحيح. غندر: هو محمَّد بن جعفر.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ٨/ ٧٥٤ - ٧٥٥. =

٢٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ:
جَالَسْتُ ابْنَ عُمَرَ سَنَةً فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَيْئًا (١).
٢٧ - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنا كُنَّا نَحْفَظُ الْحَدِيثَ، وَالْحَدِيثُ يُحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَمَّا إِذَا رَكِبْتُمْ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ، فَهَيْهَاتَ (٢).


= وأخرجه الطيالسي (٦٧٦)، والبغوي في «الجعديات» (٦٩)، والطبراني في «الكبير» (٤٩٧٨)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (٧٣٧)، والخطيب في «الكفاية» ص ٢٦٥ من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٣٠٤).
(١) إسناده صحيح. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.
وأخرجه البخاري (٧٢٦٧)، ومسلم (١٩٤٤) ضمن حديث في جواز أكل الضب، من طريق شعبة، عن توبة العنبري، قال: قال لي الشعبي: قاعدتُ ابن عمر قريبا من سنتين أو سنة ونصف، فلم أسمعه يحدث عن النبي ﷺ غير هذا. وساق الحديث.
وهو في «مسند أحمد» (٥٥٦٤).
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم في مقدمة «صحيحه» باب رقم (٤)، والنسائي في «الكبرى» (٥٨٣٨) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

٢٨ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ:
بَعَثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الْكُوفَةِ وَشَيَّعَنَا، فَمَشَى مَعَنَا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: صِرَارٌ، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ مَشَيْتُ مَعَكُمْ؟ قَالَ: قُلْنَا: لِحَقِّ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلِحَقِّ الْأَنْصَارِ. قَالَ: لَكِنِّي مَشَيْتُ مَعَكُمْ لِحَدِيثٍ أَرَدْتُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ بِهِ، فأَرَدْتُ أَنْ تَحْفَظُوهُ لِمَمْشَايَ مَعَكُمْ، إِنَّكُمْ تَقْدَمُونَ عَلَى قَوْمٍ لِلْقُرْآنِ فِي صُدُورِهِمْ هَزِيزٌ كَهَزِيزِ الْمِرْجَلِ، فَإِذَا رَأَوْكُمْ مَدُّوا إِلَيْكُمْ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَالُوا: أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَأَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثم أَنَا شَرِيكُكُم (١).


= وأخرج مسلم أيضًا من طريق مجاهد، قال: جاء بشير العدوي إلى ابن عباس، فجعل يُحدِّث ويقول: قال رسول الله ﷺ، قال رسول الله ﷺ. فجعل ابن عباس لا يَأذَنُ لحديثه ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس، ما لي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله ﷺ ولا تسمع! فقال ابن عباس: إنا كنا مرةً إذا سمعنا رجلًا يقول: قال رسول الله ﷺ، ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس ألا ما نعرف.
وقوله: «الصعب والذلول» قال النووي في «شرح مسلم» ١/ ٨٠: أصل الصعب والذلول في الإبل، فالصعب: العَسِرُ المرغوب عنه، والذلول: السهل الطيب المحبوب المرغوب فيه، فالمعنى: سلك الناس كل مسلك مما يُحمد ويُذم. وقوله: فهيهات، أي: بَعُدت استقامتكم، أو بَعُد أن نثق بحديثكم.
(١) أثر صحيح، مجالد -وهو ابن سعيد- وإن كان ضعيفًا، قد توبع، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الحاكم ١/ ١٠٢، والمزي في ترجمة قرظة من «تهذيب الكمال» ٢٣/ ٥٦٥ - ٥٦٦ من طريق بيان بن بشر، عن عامر الشعبي، بهذا الإسناد. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، له طرق تُجمع ويذاكر بها، وقرظة بن كعب الأنصاري صحابي، سمع من رسول الله ﷺ. =

٢٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ:
صَحِبْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ (١).

٤ - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَعَمُّدِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ -
٣٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ ابْنِ زُرَارَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، قَالُوا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (٢).


= قوله: «كهزيز المرجل»، قال السندي: الهزيز -بزاءين معجمتين-: الصوت. «المرجل» - بكسر الميم-: إناء يغلى فيه الماء، سواء كان من نحاس أو غيره، وله صوت عند غليان الماء فيه. وفي بعض النسخ: النحل، وهو ذباب العسل، والمراد: لهم إقبال على قراءة القرآن.
(١) أثر صحيح، ورجاله ثقات. عبد الرحمن: هو ابن مهدي.
وأخرجه الدورقي في «مسند سعد» (١٣٤)، والشاشي في «مسنده» ١/ ١٢٥، وابن عدي في ترجمة ابن لهيعة من «الكامل» ٤/ ١٤٦٧، والدارقطني (١٩٤٣)، والحاكم ٣/ ٤٩٧، والبيهقي في «السُّنن» ٤/ ١٠٦ من طرق عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
(٢) حديث صحيح، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- وإن كان سيئ الحفظ، تابعه شعبة بن الحجاج عند الترمذي (٢٤٠٧).
وأخرجه الترمذي أيضًا (٢٨٥٠) من طريق زر بن حبيش، عن ابن مسعود. وهو في «مسند أحمد» (٣٦٩٤)، وهو حديث متواتر.

٣١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ
عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَإِنَّ الْكَذِبَ عَلَيَّ يُولِجُ النَّارَ» (١).
٣٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ -حَسِبْتُهُ قَالَ: مُتَعَمِّدًا - فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (٢).
٣٣ - حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ


(١) حديث صحيح، شريك متابع. منصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه الترمذي (٢٨٥١) و(٤٠٤٨) من طريقين عن شريك، بهذا الإسناد. والرواية الثانية مطولة.
وأخرجه البخاري (١٠٦)، ومسلم (١) في المقدمة، والنسائي في «الكبرى» (٥٨٨٠) من طريق شعبة، عن منصور، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٢٩)، وسيأتي عند المصنف برقم (٣٨).
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (١٠٨)، ومسلم (٢) في المقدمة، والنسائي في «الكبرى» (٥٨٨٢) من طريق عبد العزيز بن صهيب، والترمذي (٢٨٥٢) من طريق الزهري، والنسائي في «الكبرى» (٥٨٨٣) من طريق سليمان التيمي، ثلاثتهم عن أنس، عن النبي ﷺ
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٤٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣١).

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (١).
٣٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (٢).
٣٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ: إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ عَنِّي، فَمَنْ قَالَ عَلَيَّ فَلْيَقُلْ حَقًّا أَوْ صِدْقًا، وَمَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ«(٣).


(١) إسناده صحيح، هشيم -وهو ابن بشير- صرح بالتحديث عند الدارمي وأبي يعلى وأحمد.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٧٦٣، والدارمي (٢٣١)، وأبو يعلى (١٨٤٧) من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(١٤٢٥٥).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.
وهو في»مسند أحمد«(١٠٥١٣)، و»صحيح ابن حبان«(٢٨) من طريق محمَّد بن عمرو، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١١٠)، ومسلم في المقدمة (٣)، والنسائي في»الكبرى" (٥٨٨٤) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة.
(٣) إسناده حسن، فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث في بعض مصادر التخريج، فانتفت شبهة تدليسه. =

٣٦ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ أَبِي صَخْرَةَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ: مَا لِيَ لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَمَا أَسْمَعُ ابْنَ مَسْعُودٍ وَفُلَانًا وَفُلَانًا؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً، يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (١).
٣٧ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَطِيَّةَ


= وأخرجه الدارمي (٢٣٧)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤١٣) و(٤١٤) من طريق معبد بن كعب، وهناد في «الزهد» (١٣٨٨)، والحاكم ١/ ١١١، وابن الجوزي في مقدمة «الموضوعات» ١/ ٧٠ من طريق ابن كعب -لم يسموه-، وابن عدي في «الكامل» ١/ ١٧، والحاكم ١/ ١١١ - ١١٢، وابن الجوزي في مقدمة «الموضوعات» ١/ ٧١ من طريق عبد الرحمن بن كعب بن مالك، والشافعي في «المسند» ١/ ١٧، والبخاري في «الأدب المفرد» (٩٠٤) من طريق أسيد بن أبي أسيد عن أمه، كلهم عن أبي قتادة. ووقع عند الحاكم في الموضع الأول: ابن كعب وغيره عن أبي قتادة. واختُلف في اسم ابن كعب الذي لم يُسم، والأكثر على أنه معبد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٥٣٨).
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (١٠٧)، وأبو داود (٣٦٥١)، والنسائي في «الكبرى» (٥٨٨١) من طريقين عن عامر بن عبد الله بن الزبير، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (١٤١٣)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٨٢).

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (١).

٥ - بَابُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ
٣٨ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى
عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف سويد بن سعيد وعطية -وهو ابن سعد العوفي-، وقد صحَّ عن أبي سعيد من غير طريقهما كما سيأتي. وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٧٦٢، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٠١) من طريق عطية العوفي، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٣٠٠٤)، والطحاوي (٤٠٢)، والخطيب في «تقييد العلم» ص٣٠ - ٣١ من طريق همام بن يحيى، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٣٤٤).
تنبيه: هذان الحديثان (٣٦) و(٣٧) لم يردا في (م)، وذكر المزي في «التحفة» (٣٦٢٣) و(٤٢٤٥) عن أبي القاسم بن عساكر أنهما ليسا في سماعه.
(٢) حديث صحيح، ابن أبي ليلى -واسمه محمَّد- وإن كان سيئ الحفظ، قد توبع. وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ٨/ ٥٩٥.
وأخرجه البزار في «مسنده» (٦٢١) من طريق عبيد الله بن موسى، عن محمَّد ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى، بهذا الإسناد.
وأخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (١٦٥) من طريق محمَّد بن أبي ليلى، عن أخيه عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب. =

٣٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ (ح)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (٩٠٣) من طريق الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، به.
وسيأتي برقم (٤٠) بإسناد صحيح.
قال السندي: قوله: «وهو يرى أنه كذب» بضم الياء من «يرى»، أي: يظنُّ، قال النووي: وذكر بعض الأئمة جواز فتح الياء من «يرى»، ومعناه: يَعلمُ، ويجوز أن يكون بمعنى: يَظُنُ أيضًا، فقد حُكي «رَأَى» بمعنى: ظن. قلت: اعتبار الظن أَبلغ وأَشمل، فهو أَولى، قال النووي: وقُيد بذلك، لأنه لا يأثم إلا برواية ما يعلمه أو يظنه كذبًا، وأما ما لا يعلمه ولا يظنه فلا إثم عليه في روايته وإن ظنه غيرُه كذبا أو عَلِمَه. قلت: وهذا يدل على أنه لا إثم على من يروي وهو في شك في كونه صادقًا أو كاذبًا، وكذا من يروي وهو غافل عن ملاحظة الأمرين، والأقرب أن الحديث يدل مفهومًا على أن غير الظان لا يُعد من جملة الكاذبين عليه ﷺ، وأما أنه لا يأثم فلا، فليتأمل.
قوله: «فهو أحد الكاذبين»، قال النووي: المشهور روايته بصيغة الجمع، أي: فهو واحد من جملة الواضعين للحديث، والمقصود أن الرواية مع العلم بوضع الحديث كوضعه، قالوا: هذا إذا لم يبين وضعه، وقد جاء بصيغة التثنية والمراد: أن الراوي له يشارك الواضع في الإثم، قال الطِّيبي: فهو كقولهم: القلم أحد اللسانين، والجَدُّ أحد الأبوين، كأنه يشير إلى ترجيح التثنية بكثرة وقوعها في أمثاله، فهو المتبادر إلى الأفهام.
(١) إسناده صحيح. =

* [قال أبو الحسن]: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبدك (١)، أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، عَنْ شُعْبَةَ، مِثْلَ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ.
٤٠ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى
عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ» (٢).
٤١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ
عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ» (٣).


= وأخرجه مسلم في مقدمة «صحيحه» باب رقم (١) عن ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠١٦٣)، و«صحيح ابن حبان» (٢٩).
(١) في النسخ المطبوعة: محمَّد بن عبد الله، وما أثبتناه من (س) و(ذ)، وهو كذلك في النسخة الهندية- فيما ذكره الأستاذ محمَّد فؤاد عبد الباقي رحمه الله في حاشية طبعته- وفي هامشها: الكاف في «عبدك» علامة التصغير في اللغة الفارسية.
قلنا: وهذا الإسناد من زيادات أبي الحسن القطان، وقد وقع في الأصل بإثر حديث علي التالي، فقذمناه إلى هذا الموضع لأنه به أنسب. ولم يرد في (م).
(٢) إسناده صحيح، وقد سلف برقم (٣٨).
تنبيه: هذا الحديث ليس في (م)، وذكر المزي في «التحفة» (١٠٢١٢) عن ابن عساكر أنه ليس في سماعه.
(٣) صحيح لغيره، ميمون بن أبي شبيب قيل: لم يدرك أحدًا من أصحاب النبي ﷺ. سفيان: هو الثوري. =

٦ - بَابُ اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ
٤٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ -يعني ابن زَبْرٍ- حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي الْمُطَاعِ، قَالَ:
سَمِعْتُ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ. فَقَالَ: «عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا (١) حَبَشِيًّا، وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلَافًا شَدِيدًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» (٢).


= وأخرجه مسلم في مقدمة «صحيحه» باب رقم (١)، والترمذي (٢٨٥٣) من طريق سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، بهذا الإسناد. وقرن مسلم بسفيان: شعبة بن الحجاج.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٨٤). ويشهد له الحديثان السابقان.
(١) في (س): وإن كان عبدًا.
(٢) حديث صحيح بطرقه وشواهده كما هو مبيَّن في التعليق على «مسند أحمد» (١٧١٤٢). وهذا الإسناد في الظاهر جيِّد متصل، ورواته معروفون مشهورون، وقد صرًح فيه يحيى بن أبي المطاع بالسماع من العرباض، واعتمد سماعه منه البخاري في «تاريخه» ٨/ ٣٠٦ بناء على هذه الرواية، إلا أن حفاظ أهل الشام أنكروا ذلك وقالوا: يحيى بن أبي المطاع لم يسمع من العرباض ولم يلقه، وهذه الرواية غلط، وممن ذكر ذلك أبو زرعة الدمشقي وحكاه عنه دُحيم، وهؤلاء أعرف بشيوخهم من غيرهم، والبخاري رحمه الله يقع له في «تاريخه» أوهام في أخبار أهل الشام. قاله الحافظ ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» ٢/ ١١٠ ح (٢٨). =

٤٣ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّوَّاقُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ
أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، فمَنْ يَعِش مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا (١)، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ، حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ» (٢).


= وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٢٦) و(٥٥)، والطبراني في «الكبير» ١٨/ (٦٢٢)، والحاكم ١/ ٩٧ من طريق يحيى بن أبي المطاع، به. وانظر ما بعده.
النواجذ: الأضراس.
(١) في (س): وإن عبدٌ حبشيٌّ. وكلاهما جائز متوجِّه في العربية.
(٢) حديث صحيح، عبد الرحمن بن عمرو السلمي روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وصحح حديثه هذا الترمذي، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، والبزار، وابن عبد البر، والضياء المقدسي وغيرهم، وتابعه عليه حُجر بن حجر، وباقي رجاله رجال الصحيح.
وأخرجه أبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٨٧٠) و(٢٨٧١) من طريق خالد بن معْدان، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي، بهذا الإسناد. وقرن أبو داود بعبد الرحمن: حُجرَ بن حُجر، وهو مجهول. ولم يذكرا في روايتيهما قولَه: «تركتكم على البيضاء» .. إلى قوله: «إلا هالك»، وقولَه: «فإنما المؤمن كالجمل ...» الخ، وهما في رواية «مسند أحمد» (١٧١٤٢) عن عبد الرحمن بن مهدى، بهذا الإسناد. =

٤٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْمِسْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو
عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً. فَذَكَرَ نَحْوَهُ (١).

٧ - بَابُ اجْتِنَابِ الْبِدَعِ وَالْجَدَلِ
٤٥ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ، وَيَقُولُ:«بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ». وَيَقْرِنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، ثم يَقُولُ:«أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْأُمُورِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ».
وَكَانَ يَقُولُ: «مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ» (٢).


= وهو في «صحيح ابن حبان» (٥) من طريق خالد بن معدان دونها. قال السندي: «على البيضاء» أي: المِلَة والحجة الواضحة التي لا تقبل الشُّبَه. والجمل الأنِف، أي: الذي جُعل الزمام في أنفه فيجره من يشاء من صغير وكبير إلى حيث يشاء.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. وانظر ما قبله.
تنبيه: لم يرد هذا الحديث (٤٤) في (م).
(٢) إسناده صحيح. جعفر بن محمَّد: هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. =

٤٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمَدَينِيُّ أَبُو عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ: الْكَلَامُ، وَالْهَدْيُ، فَأَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدِثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.
أَلَا لَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ، أَلَا إِنَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، وَإِنَّمَا الْبَعِيدُ مَا لَيْسَ بِآتٍ.
أَلَا إِنَّمَا الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ.
أَلَا إِنَّ قِتَالَ الْمُؤْمِنِ كُفْرٌ، وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ.
أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ لَا يَصْلُحُ بِالْجِدِّ وَلَا بِالْهَزْلِ، وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ ثُمَّ لَا يَفِي لَهُ، وإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارَ، وَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ يُقَالُ لِلصَّادِقِ: صَدَقَ وَبَرَّ، وَيُقَالُ


= وأخرجه مسلم (٨٦٧) (٤٣) و(٤٤) و(٤٥)، والنسائي ٣/ ٥٨ و١٨٨ - ١٨٩ من طرق عن جعفر بن محمَّد، بهذا الإسناد. ورواية النسائي في الموضع الأول مختصرة.
وهو في»مسند أحمد«(١٤٣٣٤)، و»صحيح ابن حبان«(١٠).
والفقرة الأخيرة منه ستأتي برقم (٢٤١٦).
قوله:»ضَياعًا" أي: عِيالًا.

لِلْكَاذِبِ: كَذَبَ وَفَجَرَ، أَلَا وَإِنَّ الْعَبْدَ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل كَذَّابًا«(١).
٤٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ (ح)
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَاب﴾ ِ [آل عمران: ٧]، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، إِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ، فَهُمْ الَّذِينَ عَنَاهُمْ اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ» (٢).


(١) صحح موقوفًا أكثره عن ابن مسعود، وهذا إسناد قابل للتحسين، عبيد بن ميمون روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في «ثقاته»، وباقي رجاله ثقات. والصواب أن أكثر هذه الكلمات موقوفة على ابن مسعود من قوله غير آخره في الكذب والصدق فمرفوع. وانظر تمام تخريجه في «مسند أحمد» (٣٨٩٦).
وأخرج مسلم (٢٦٠٦) قطعة منه من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود قال: إن محمَّد ﷺ قال: «ألا أنبئكم ما العَضه؟ هي النميمة، القالةُ بين الناس» وإن محمَّد ﷺ قال:«إن الرجل يصدق حتى يكتب صديقًا، ويكذب حتى يكتب كذابا».
(٢) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وعبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي، وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، وقد سمع من عائشة.
وأخرجه البخاري (٤٥٤٧)، ومسلم (٢٦٦٥)، وأبو داود (٤٥٩٨)، والترمذي (٣٢٣٦) و(٣٢٣٧) من طريق يزيد بن إبراهيم التستري، عن ابن أبي مليكة، عن =

٤٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ (ح)
وَحَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُون﴾ [الزخرف: ٥٨] (١).


= القاسم بن محمَّد، عن عائشة. فذكر يزيد بن إبراهيم بين ابن أبي مليكة وبين عائشة: القاسم بن محمَّد. ولفظه عندهم: «فإذا رأيتم الذي يتبعون ما تشابه منه» ولفظه عند الترمذي (٣٢٣٧): «فإذا رأيتموهم فاعرفوهم».
وأخرجه الترمذي (٣٢٣٧) من طريق أبي عامر الخزاز، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة. ولم يذكر القاسم بن محمَّد. قال الترمذي: هكذا روى غير واحد هذا الحديث عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، ولم يذكروا فيه: عن القاسم بن محمَّد، وإنما ذكر يزيدُ بن إبراهيم: عن القاسم بن محمَّد في هذا الحديث.
قلنا: وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢١٠)، و«صحيح ابن حبان» (٧٦) من طريق أيوب، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة. وفيهما تمام تخريجه.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رسالة مطولة في بيان المحكم والمتشابه أوردها العلامة القاسمي في كتابه «محاسن التأويل» ٢/ ٨ - ٥٢، فارجع إليها فإنها غاية في النفاسة.
تنبيه: حديث محمَّد بن خالد بن خداش ليس في (م)، وذكر المزي في «التحفة» (١٦٢٣٦) أنه لم يذكره ابن عساكر في كتابه.
(١) حديث حسن بطرقه وشواهده. أبو غالب: هو البصري نزيل أصبهان.
وأخرجه اقرمذي (٣٥٣٥) عن عبد بن حميد، عن محمَّد بن بشر ويعلى بن عبيد، عن حجاج بن دينار، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢١٦٤).
وفي الباب عن أبي أمامة أيضًا عند أبي داود (٤٨٠٠). =

٤٩ - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو هَاشِم ابنِ أَبِي خِدَاشٍ الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ
عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ صَوْمًا، وَلَا صَلَاةً، وَلَا صَدَقَةً، وَلَا حَجًّا وَلَا عُمْرَةً، وَلَا جِهَادًا، وَلَا صَرْفًا وَلَا عَدْلًا، يَخْرُجُ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا تَخْرُجُ الشَّعَرَةُ مِنْ الْعَجِينِ» (١).
٥٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ الخياط (٢)، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ


= وقوله: «إلا أوتوا الجدل» هو مقابلة الحجة بالحجة، والمجادلة: المناظرة والمخاصمة، والمراد به في الحديث الخصومة بالباطل، وطلب المغالبة به، لا المناظرة لإظهار الحق واستكشاف الحال، واستعلام ما ليس معلومًا عنده، أو تعليم غيره ما ليس عنده، فإن ذلك محمود، لقوله تعالى: ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥].
(١) موضوع، آفته محمَّد بن محصن: هو ابن محمَّد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمَّد بن عُكاشة بن محصن العُكَّاشي، نسب إلى جده الأعلى، كذّبه يحيى بن معين وأبو حاتم، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن حبان: شيخ يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه. وقال الدارقطني: متروك، يضع. وقال ابن عدي بعد أن أورد له عدة أحاديث في «الكامل» ٦/ ٢١٧٦ - ٢١٧٨: هذه الأحاديث بأسانيدها مع غيرها مما لم أذكره لمحمد بن إسحاق العكاشي: كلها مناكير موضوعة.
تنبيه: أشار في هامش (ذ) إلى أن هذا الحديث ساقط في نسخة، وذكر أبو القاسم بن عساكر أنه ليس في سماعه، حكاه عنه المزي في «تحفة الأشراف» (٣٣٦٩).
(٢) هكذا في (ذ) و(س) بالخاء المعجمة والياء، وهو كذلك في «تحفة الأشراف» (٦٥٦٩)، وفي «تهذيب الكمال» وفروعه: الحناط، بالحاء المهملة والنون.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَدَعَ بِدْعَته» (١).
٥١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، وَهَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَرْدَانَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ، بُنِيَ لَهُ قَصْرٌ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا [وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلَاهَا] (٢)» (٣).


(١) إسناده ضعيف جدًا، مسلسل بالمجاهيل، قال أبو زرعة كما في «الجرح والتعديل» ٩/ ٣٧٣: لا أعرف أبا زيد ولا أبا المغيرة ولا بشر بن منصور الذي روى عن أبي زيد هذا. وقال الذهبي في «الميزان» ١/ ٣٢٥: بشر بن منصور، شيخ للأشج -وهو عبد الله بن سعيد- يُجهَّل.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٣٩)، والخطيب في «تاريخ بغداد» ١٣/ ١٨٥، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٢١٠) من طريق عبد الله بن سعيد، بهذا الإسناد. وقرن الخطيب بعبد الله بن سعيد عثمانَ بن سنان.
وفي الباب عن أنس بن مالك عند أبي الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» ٣/ ٦١٠ - ٦١١، والطبراني في «الأوسط» (٤٢١٤)، والبيهقي في «الشعب» (٩٤٥٧) من طريق هارونَ بنِ موسى الفَرْوِيِّ، أخبرنا أنس بن عياض، عن حميد الطويل، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله احتجب التوبةَ عن كل صاحب بدعة». وهارون بن موسى الفروي قال فيه أبو حاتم: شيخ، أي: يكتب حديثه ولا يحتج به. وأورده الذهبي في ترجمته من «ميزان الاعتدال»، وقال بإثره: هذا منكر. ومع نكارة متنه وضعف إسناده أورده الضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» (٢٠٥٤) و(٢٠٥٥)!! وأدرجه الألباني في «صحيحته» (١٦٢٠)!!
(٢) ما بين الحاصرتين ليس في (ذ) و(س)، وهو في النسخ المطبوعة.
(٣) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف سلمة بن وردان. =

٨ - بَابُ اجْتِنَابِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ
٥٢ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَعَبْدَةُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ (ح)
وَحَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَحَفْصُ ابْنُ مَيْسَرَةَ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ؛ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِن
َّاللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمُ
بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا لَمْ يبْق عَالِمٌ (١) اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا


= وأخرجه الترمذي (٢١١١) عن عقبة بن مُكْرَم العَمّي، عن ابن أبي فديك، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن.
ويشهد له حديث أبي أمامة عند أبي داود (٤٨٠٠)، وإسناده حسن.
وحديث معاذ بن جبل عند الطبراني ٢٠/ (٢١٧)، وفي إسناده ضعف لكن في هذين الحديثين: البيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وهو محق، والبيت في وسطها لمن ترك الكذب.
ويشهد له أيضًا حديث ابن عباس عند الطبراني (١١٢٩٠):»أنا الزعيم ببيت في رباض الجنة وببيت في أعلاها ويبيت في أسفلها لمن ترك الجدل وهو محق، وترك الكذب وهو لاعب، وحسَّن خلقه للناس«فكأنه جعل الثلاثة واحدًا. وإسناده ضعيف.
قوله:»في ربض الجنة«، قال السندي: بفتحتين، أي: حوالي الجنة وأطرافها، لا في وسطها، وليس المراد: خارجًا عن الجنة كلما قيل.
»ومن ترك المراء«بكسر الميم والمد، أي: الجدال خوفًا من أن يقع صاحبه في اللجاج الموقع في الباطل.
تنبيه: الأحاديث (٤٩) و(٥٠) و(٥١) ليست في (م)، وذكر المزي في»التحفة" (٣٣٦٩) أن الحديث الأول منها ليس في سماع ابن عساكر.
(١) في (ذ) والنسخ المطبوعة: يُبقِ عالمًا.

فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» (١).
٥٣ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ مُسْلِمِ ابْنِ يَسَارٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أُفْتِيَ بِفُتْيَا غَيْرَ ثَبَتٍ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ» (٢).
٥٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنِي رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، وَجَعْفَرُ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ ابْنِ أَنْعُمٍ -هُوَ الْإِفْرِيقِيُّ-، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ، فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ، أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ، أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ» (٣).


(١) إسناده صحيح. أبو كريب: هو محمَّد بن العلاء، وعبدة: هو ابن سليمان، وأبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير.
وأخرجه البخاري (١٠٠)، ومسلم (٢٦٧٣) (١٣) و(١٤)، والترمذي (٢٨٤٣)، والنسائي في «الكبرى» (٥٩٠٧) و(٥٩٠٨) من طريقين عن عروة بن الزبير، ومسلم (٢٦٧٣) (١٣) من طريق عمر بن الحكم، كلاهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص، بهذا الحديث.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥١١)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٧١) و(٦٧١٩) و(٦٧٢٣).
(٢) إسناده حسن، مسلم بن يسار حسن الحديث ومن دونه ثقات.
وأخرجه أبو داود (٣٦٥٧) من طريق بكر بن عمرو، عن عمرو بن أبي نَعِيمة، عن أبي عثمان مسلم بن يسار، به. وعمرو بن أبي نعيمة مجهول الحال. وهو في «مسند أحمد» (٨٢٦٦).
(٣) إسناده ضعيف لضعف ابن أنعُم الإفريقي -واسمه عبد الرحمن بن زياد بن أنعُم-، وضعف عبد الرحمن بن رافع: وهو التنوخي المصري قاضي إفريقية. =

٥٥ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، قَالَ: لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ:«لَا تَقْضِيَنَّ وَلَا تَفْصِلَنَّ إِلَّا بِمَا تَعْلَمُ، وإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ أَمْرٌ فَقِفْ حَتَّى تَبَيَّنَهُ أَوْ تَكْتُبَ إِلَيَّ فِيهِ» (١).
٥٦ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يَقُولُ: «لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُعْتَدِلًا حَتَّى نَشَأَ فِيهِمْ الْمُوَلَّدُونَ، وَأَبْنَاءُ (٢) سَبَايَا الْأُمَمِ، فَقَالُوا بِالرَّأْيِ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» (٣).


= وأخرجه أبو داود (٢٨٨٥) من طريق ابن وهب، عن ابن أنعُم، بهذا الإسناد.
قوله: «آية محكمة»، قال السندي: أي: غير منسوخة.
«سنة قائمة» أي: ثابتة إسنادًا، بأن تكون صحيحةً، أو حكمًا بأن لا تكون منسوخة.
«فريضة عادلة» في القَسم، والمراد بالفريضة: كل ما يجب العمل به، وبالعادلة: المساوية لما يؤخذ من القرآن والسنة وجوب العمل بها.
(١) موضوع، آفته محمَّد بن سعيد بن حسان: وهو ابن قيس الأسدي المصلوب، فقد اتهمه بالوضع أحمد بن حنبل والنسائي وابن حبان والحاكم وغيرهم.
وقد ورد بغير هذه السياقة عن معاذ بن جبل بإسناد أصحَّ من هذا الإسناد، انظره في «مسند أحمد» (٢٢٠٥٧).
(٢) وقع في مطبوعة محمَّد فؤاد عبد الباقي: المولَّدون أبناء، بإسقاط الواو، وما أثبتناه من (ذ) و(س)، وهو كذلك في «تحفة الأشراف» (٨٨٨٢) و«مصباح الزجاجة».
(٣) إسناده ضعيف لضعفِ ابنِ أبي الرجال واسمه حارثة.
وأخرجه البزار في «مسنده» (٢٤٢٤) من طريق قيس بن الربيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ ... فذكره. =

٩ - بَابٌ فِي الْإِيمَانِ
٥٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ بَابًا، فأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَأَرْفَعُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ» (١).
٥٧م - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ (ح)


= قال البزار: لا نعلم أحدًا قال: عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، إلا قيس، ورواه غير قيس مرسلًا. قلنا: وهو ضعيف يعتبر به في الشواهد والمتابعات.
وأورده مرسلًا ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» ٢/ ١٣٦، قال: قال ابن وهب: وأخبرني يحيى بن أيوب، عن هشام بن عروة أنه سمع أباه يقول ... فذكره.
وذكره الحافظ ابن حجر في «الفتح» ١٣/ ٢٨٥ وقال: والمرسل المذكور أخرجه الحميدي في «النوادر» - والبيهقي في «المدخل» من طريقه - عن ابن عيينة قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره كرواية قيس سواء.
وأورده الهيثمي في «المجمع» ١/ ١٨٠، وعزاه للبزار، وقال: وفيه قيس بن الربيع وثقه شعبة والثوري، وضعفه جماعة، وقال ابن القطان: هذا إسناد حسن!
قوله: «سبايا الأمم»، قال السندي: جمع سَبِيَّة، وهي المرأة المنهوبة.
تنبيه: هذا الحديث ليس في (م).
(١) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان.
وأخرجه تامًا ومقطعًا البخاري (٩)، ومسلم (٣٥)، والترمذي (٢٨٠١)، والنسائي ٨/ ١١٠ من طرق عن عبد الله بن دينار، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٩٢٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٦٦).

وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، نَحْوَهُ (١).
٥٨ - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ: «إِنَّ الْحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ» (٢).
٥٩ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ (ح)
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حبة (٣) مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» (٤).


(١) إسناده صحيح، وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عُيينة، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر.
وأخرجه البخاري (٢٤)، ومسلم (٣٦)، وأبو داود (٤٧٩٥)، والترمذي (٢٨٠٣)، والنسائي ٨/ ١٢١ من طرق عن محمَّد بن مسلم الزهري، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٤٥٥٤)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٠).
قوله: «يعظ أخاه في الحياء» أي: يعاتب عليه في شأنه ويحثُّه على تركه. قاله السندي.
(٣) في النسخ المطبوعة: ذَرّة، وهي في نسخة أُشير إليها في بعض أُصولنا الخطية.
(٤) حديث صحيح، سويد بن سعيد وسعيد بن مسلمة متابَعان. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.

٦٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا خَلَّصَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ النَّارِ وَأَمِنُوا، فَمَا مُجَادَلَةُ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ فِي الْحَقِّ يَكُونُ لَهُ فِي الدُّنْيَا، أَشَدَّ مُجَادَلَةً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ فِي إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ أُدْخِلُوا النَّارَ، قَالَ: يَقُولُونَ: رَبَّنَا، إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَحُجُّونَ مَعَنَا، فَأَدْخَلْتَهُمْ النَّارَ. فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَأَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ مِنْهُمْ، فَيَأْتُونَهُمْ فَيَعْرِفُونَهُمْ بِصُوَرِهِمْ، لَا تَأْكُلُ النَّارُ صُوَرَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ النَّارُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى كَعْبَيْهِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَخْرَجْنَا مَنْ قَدْ أَمَرْتَنَا، ثُمَّ يَقُولُ: أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ وَزْنُ دِينَارٍ مِنْ الْإِيمَانِ، ثُمَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ وَزْنُ نِصْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ».
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ هَذَا فَلْيَقْرَأْ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال َذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] (١).


= وأخرجه مسلم (٩١) (٤٧) و(٤٨) و(٤٩)، وأبو داود (٤٠٩١)، والترمذي (٢١١٦) و(٢١١٧) من طريقين عن إبراهيم بن يزيد النخعي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٩١٣)، و«صحيح ابن حبان» (٢٢٤).
وسيأتي مكررًا برقم (٤١٧٣).
قوله: «لا يدخل النار ...» قال النووي في «شرح مسلم» ٢/ ٩١: المراد به دخول الكفار وهو دخول الخلود.
(١) إسناده صحيح. =

٦١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ نَجِيحٍ -وَكَانَ ثِقَةً- عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ
عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ، فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ، فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا (١).
٦٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نِزَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «صِنْفَانِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَيْسَ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ: الْمُرْجِئَةُ، وَالْقَدَرِيَّةُ» (٢).


= وأخرجه البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣)، والتر مذي (٢٧٨١)، والنسائي ٨/ ١١٢ - ١١٣ من طرق عن زيد بن أسلم، بهذا الإسناد. وروايتا البخاري ومسلم بنحوه، ورواية الترمذي مختصرة.
وهو في «مسند أحمد» (١١٨٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (٧٣٧٧).
(١) إسناده صحيح. أبو عمران الجوني: اسمه عبد الملك بن حبيب.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٢/ ٢٢١، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في «السنة» (٧٩٩) و(٨٢٥)، والطبراني في «الكبير» (٢٦٧٨)، وابن عدي في ترجمة حماد بن نجيح من «الكامل» ٢/ ٦٦٧، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» ٤/ ٧١، وابن منده في «الإيمان» (٢٠٨)، والبيهقي في «السُّنن» ٣/ ١٢٠، وفي «شعب الإيمان» (٥١) من طرق عن حماد بن نجيح، بهذا الإسناد.
قوله: حزاورة، قال السندي: جمع الحَزْوَر، بفتح الحاء المهملة، وسكون زاي معجمة، وفتح واو، ثم راء، ويقال له: الحزوَّر -بتشديد الواو- وهو الغلام إذا اشتد وقوي وحَزُم. كذا في «الصحاح».
(٢) إسناده ضعيف جدًا، علي بن نزار قال ابن معين وابن عدي: ليس حديثه شيء، وقال الأزدي: ضعيف جدًا، وذكره يعقوب بن سمان في (باب من يُرغَب =

٦٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ
عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَجَاء َرَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ شَعَرِ الرَّأسِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَفَر (١)، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، قال: فَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ الْبَيْتِ. قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا مِنْهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَرُسُلِهِ، وَكُتُبِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْقَدَرِ


= عن الرواية عنهم وسمعت أصحابنا يضغفونهم). وأبوه نزار ذكره ابن حبان في «المجروحين» وقال: يأتي عن عكرمة بما ليس من حديثه حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لذلك، لا يجوز الاحتجاج به. وذكر ابن عدي في «الكامل» في ترجمة ابنه علي حديثَه هذا عن عكرمة في المرجئة والقدرية ثم قال: هذا الحديث أحد ما أُنكر على علي بن نزار وعلى والده.
وأخرجه الترمذي (٢٢٨٩) عن واصل بن عبد الأعلى الكوفي، عن محمَّد بن فضيل، بهذا الإسناد. وقرن بعلي بن نزار: القاسمَ بنَ حبيب. والقاسم هذا قال فيه يحيى بن معين: ليس بشى.
وأخرجه أيضًا (٢٢٩٠) من طريق سلام بن أبي عمرة، عن عكرمة، به. وسلام هذا قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وقال الأزدي: واهي الحديث، وذكره ابن حبان في «المجروحين» وقال: يروي عن الثقات المقلوبات، لا يجوز الاحتجاج بخبره، وهو الذي روى عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا «صنفان ..»، وذكر الحديث. وسيأتي الحديث عند المصنف برقم (٧٣) عن ابن عباس وجابر بن عبد الله.
(١) في (ذ) والنسخ المطبوعة: سفرٍ.

خَيْرِهِ وَشَرِّهِ. قَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ«قَالَ: فَمَا أَمَارَتُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا -قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي: تَلِدُ الْعَجَمُ الْعَرَبَ- وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبِنَاءِ». قَالَ: ثُمَّ قَالَ: فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَقَالَ:«أَتَدْرِي مَنْ الرَّجُلُ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُم» (١).
* قال أبو الحسن القطان: حدثنا يحيى بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا كهمَسٌ، مثله (٢).
٦٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ،


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٨)، وأبو داود (٤٦٩٥) و(٤٦٩٦) و(٤٦٩٧)، والترمذي (٢٧٩٤) و(٢٧٩٥) و(٢٧٩٦)، والنسائي ٩٧/ ٨ - ١٠١ من طرق عن يحيى بن يعمر، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (١٨٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٦٨). قال السندي: قوله: «أن تلد الأمة ربتها» أي: أن تحكم البنت على الأم من كثرة العقوق حكمَ السيدة على أَمَتها ... وقد ذكروا وجوهًا أُخر في معناه منها ما رواه المصنف عن وكيع، وهو إشارة إلى كثرة السبايا.
(٢) زيادة أبي الحسن القطان هذه من (س) وحدها، ولم ترد في (ذ) و(م) والنسخ المطبوعة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاه ُرَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ لَا (١) تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْغَنَمِ فِي الْبُنْيَانِ، فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ». فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: ٣٤] (٢).
٦٥ - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ


(١) في النسغ المطبوعة: ولا.
(٢) إسناده صحيح. أبو حيان: هو يحيى بن سعيد بن حيان التيمي، وأبو زُرعة: هو ابن عمرو بن جرير.
وأخرجه البخاري (٥٠) و(٤٧٧٧)، ومسلم (٩) و(١٠)، وأبو داود (٤٦٩٨)، والنسائي ٨/ ١٠١ من طريق أبي زرعة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٩٥٠١)، و«صحيح ابن حبان» (١٥٩).
وسيأتي عند المصنف برقم (٤٠٤٤).

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ» (١).
قَالَ أَبُو الصَّلْتِ: لَوْ قُرِئَ هَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى مَجْنُونٍ لَبَرَأَ.

٦٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ،


(١) خبر باطل موضوع، اَفته أبو الصلت، وهو عبد السلام بن صالح الهروي، اتهمه غير واحد بالكذب.
وأخرجه العقيلي في «الضعفاء» ٤/ ١٥٦، والآجري في «الشريعة» ص ١٣٠ - ١٣١، والبيهقي (١٦) و(١٧) من طرق عن عبد السلام بن صالح أبي الصلت الهروي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (١٦٢١) من طريق عبد الله بن جعفر بن محمَّد، والخطيب في «تاريخ بغداد» ١/ ٢٥٥ - ٢٥٦، وابن الجوزي في «الموضوعات» ١/ ١٢٨ - ١٢٩ من طريق علي بن غراب ومحمد بن سهل بن عامر البجلي، وابن الجوزي ١/ ١٢٨ - ١٢٩ من طريق أحمد بن عامر بن سليمان الطائي وداود بن سليمان بن وهب، خمستهم عن علي بن موسى الرضا، به. قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع لم يقله رسول الله ﷺ. ثم نقل عن الدارقطني قوله: المتهم بوضع هذا الحديث أبو الصلت الهروي عبد السلام بن صالح.
وأما من تابع أبا الصلت، فقال ابن الجوزي: فأما عبد الله بن أحمد بن عامر فإنه روى عن أهل البيت نسخة باطلة، وأما علي بن غراب فقال السعدي: هو ساقط، وقال ابن حبان: حدث بالأشياء الموضوعة فبطل الاحتجاج به، وأما محمَّد ابن سهل وداود فمجهولان. وقد قال الدارقطني كما في «تاريخ بغداد» ١١/ ٥١: لم يحدث بهذا الحديث إلا من سرقه من أبي الصلت، فهو الابتداء في هذا الحديث. قلنا: وذكره ابن حبان في «المجروحين» ٢/ ١٠٦ في ترجمة علي بن موسى الرضا، وقال: يروي عن أبيه العجائب، كأنه كان يهم ويخطئ.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:«لَا يُؤْمِنُ أَحَد (١) حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ -أَوْ قَالَ: لِجَارِهِ- مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (٢).
٦٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» (٣).
٦٨ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» (٤).


(١) هكذا في (س) و(م)، وفي (ذ) والنسخ المطبوعة: أحدكم.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (١٣)، ومسلم (٤٥) (٧١) و(٧٢)، والترمذي (٢٦٨٤)، والنسائي ٨/ ١١٥ من طريقين عن قتادة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٨٥١)، و«صحيح ابن حبان» (٢٣٤) و(٢٣٥).
(٣) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (١٥)، ومسلم (٤٤) (٧٠)، والنسائي ٨/ ١١٤ - ١١٥ من طريق قتادة بن دعامة، والبخاري (١٥)، ومسلم (٤٤) (٦٩)، والنسائي ٨/ ١١٥ من طريق عبد العزيز بن صهيب، والنسائي ٨/ ٩٤ - ٩٥ من طريق طلق بن حبيب، ثلاثتهم عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٨١٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٧٩).
(٤) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. =

٦٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ (ح)
وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» (١).


= وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ٨/ ٦٢٤ - ٦٢٥. لكن قرن بأبي معاوية: ابنَ نمير، بدلًا من وكيع.
وأخرجه مسلم (٥٤) (٩٣) و(٩٤)، وأبو داود (٥١٩٣)، والترمذي (٢٨٨٣) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٩٧٠٩)، و«صحيح ابن حبان» (٢٣٦).
وسيأتي برقم (٣٦٩٢).
(١) إسناده صحيح. عفان: هو ابن مسلم الصَّفَّار، وأبو وائل: اسمه شقيق بن سلمة الأسدي.
وأخرجه البخاري (٤٨) و(٦٠٤٤) و(٧٠٧٦)، ومسلم (٦٤) (١١٦) و(١١٧)، والترمذي (٢٠٩٨) و(٢٨٢٥)، والنسائي ٧/ ١٢٢ من طريق أبي وائل شقيق، والترمذي (٢٨٢٤)، والنسائي ٧/ ١٢٢ من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، والنسائي ٧/ ١٢١ و١٢٢ من طريق أبي الأحوص، ثلاثتهم عن عبد الله بن مسعود.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٤٧)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٣٩).
وقوله: «وقتاله كفر»، أي: كفرٌ عمليٌّ، ليس يخرج المتلبِّس به عن المِلّة، قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ١/ ١٣٨: ظاهره غير مراد، لكن لما كان القتال أشدَّ من السِّباب، لأنه مُفضِ إلى إزهاق الروح، عبَّر عنه بلفظ أشد من الفسوق وهو الكفر، ولم يُرد حقيقةَ الكفر التي هي الخروج عن الملة، بل أطلق الكفر مبالغة في التحذير، معتمدًا على ما تقرر من القواعد أن مثل ذلك لا يُخرج عن الملة مثل =

٧٠ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَعِبَادَتِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، مَاتَ وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ». قَالَ أَنَسٌ: وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَبَلَّغُوهُ عَنْ رَبِّهِمْ قَبْلَ هَرْجِ الْأَحَادِيثِ وَاخْتِلَافِ الْأَهْوَاءِ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي آخِرِ مَا نَزلَ الله (١) عز وجل: ﴿فَإِنْ تَابُوا﴾ قَالَ: بخَلْع (٢) الْأَوْثَانِ وَعِبَادَتهَا ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ﴾ [التوبة: ٥] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١١] (٣).


= حديث الشفاعة، ومثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨ و١١٦]، أو أطلق عليه الكفر لشبهه به، لأن قتال المؤمن من شأن الكافر، وقيل: المراد هنا الكفر اللغوي وهو التغطية، لأن حق المسلم على المسلم أن يُعينه وينصره، ويكف عنه أذاه، فلما قاتله، كان كأنه غطى على هذا الحق.
وروى البيهقي في «سننه» ٨/ ٢٠ بإثر هذا الحديث عن ابن عباس، قال: إنه ليس بالكفر الذي تذهبون إليه، إنه ليس كفرًا ينقلُ عن ملة، كُفْرٌ دون كفر.
(١) في النسخ المطبوعة ونسخة على هامش (ذ) زيادة: يقول الله.
(٢) المثبت من نسخة على هامش (ذ) وصُحِّح عليها، وفي أصولنا الخطية والنسخ المطبوعة: خَلْع، بحذف الباء.
(٣) إسناده ضعيف، أبو جعفر الرازي- واسمه: عيسى بن أبي عيسى: عبد الله ابن ماهان- سيئ الحفظ، والربيع بن أنس ذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال: الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر الرازي عنه، لأن في أحاديثه عنه اضطرابا كثيرًا. أبو أحمد: هو الزبيري، واسمه: محمَّد بن عبد الله بن الزبير. =

* [قال أبو الحسن القطان]: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ مِثْلَهُ (١).
٧١ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الْحَسَنِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ» (٢).


= وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» (٧ - زوائد الهيثمي)، واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (١٥٤٩)، والحاكم ٢/ ٣٣١، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٦٨٥٦)، والضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» (٢١٢٢) و(٢١٢٣) من طرق عن أبي جعفر الرازي، بهذا الإسناد.
(١) زيادة أبي الحسن القطان هذه ليست في (م).
(٢) إسناده ضعيف لضعف أبي جعفر -وهو الرازي-، والحسن -وهو البصري- لم يلقَ أبا هريرة، فهو منقطع أيضًا. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، ويونس: هو ابن عبيد.
وأخرجه محمَّد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (٦)، والدارقطني في «سننه» (١٨٨٤)، وأبو نعيم في «الحلية» ٢/ ١٥٩ و٣/ ٢٥، والبيهقي ٨/ ١٧٧ من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٨٥٤٤)، وابن راهوية في «مسنده» (٢٧٢)، والبخاري في «التاريخ الكبير» ٧/ ٣٥ - ٣٦، وابن خزيمة (٢٢٤٨)، والدارقطني (٨٩٢) و(١٨٨٥)، والمروزي (٨)، والحاكم ١/ ٣٨٧ من طريق سعيد بن كثير بن عبيد، عن أبيه، عن أبي هريرة. وكثير بن عبيد -وهو التيمي مولاهم- لم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الحافظ في «التقريب»: مقبول؛ أي: عند متابعة مُعتبَرة وإلا فلين الحديث.
وقد روي حديث أبي هريرة هذا من غير وجه صحيح عنه ليس فيه «ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة»، هكذا أخرجه أحمد (٨١٦٣) من طريق همام بن منبه، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= والبخاري (٢٩٤٦)، ومسلم (٢١) (٣٣)، والنسائي ٦/ ٤ - ٥ و٦، و٧/ ٧٧ - ٧٨ و٧٩ من طريق سعيد ابن المسيب، ومسلم (٢١) (٣٤) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرقة، ومسلم (٢١) (٣٥)، وأبو داود (٢٦٤٠)، والترمذي (٢٧٨٩)، والنسائي ٧/ ٧٩، وابن ماجه (٣٩٢٧) من طريق ذكوان أبي صالح السمان، والنسائي ٧/ ٧٩ من طريق زياد بن قيس، وغيرهم عن أبي هريرة. وفي رواية عبد الرحمن بن يعقوب زيادة وهي «ويؤمنوا بي وبما جئت به»، وهي من رواية ابنه العلاء عنه، والعلاء قال أبو حاتم الرازي: صالح روى عنه الثقات ولكنه أُنكر من حديثه أشياء، وقال الحافظ في «التقريب»: صدوق ربما وهم.
وروي كحديث الحسن عن أبي هريرة من حديث ابن عمر عند البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢) من طريق شعبة، عن واقد بن محمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعًا. لم يرو عنه من غير هذا الطريق، وقد استبعد قوم -كما قال الحافظ ابن حجر في «الفتح»- صحته بهذه الزيادة بأن الحديث لو كان عند ابن عمر لَمَا ترك أباه ينازع أبا بكر في قتال مانعي الزكاة، ولو كانوا يعرفونه لما كان أبو بكر يقرُّ عمر على الاستدلال بقوله عليه الصلاة والسلام: «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله»، وينتقل عن الاستدلال بهذا النص إلى القياس والاستنباط إذ قال: لأقاتلنَ من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال. وأجاب الحافظ عن ذلك بأجوبة ليست بالقوية.
وفي الباب أيضًا -بهذه الزيادة- عن معاذ بن جبل وهو الحديث التالي عند المصنف، وفي سنده شهر بن حوشب، وهو ضعيف وله أوهام، وقال ابن عون: إن شهرًا نزكوه. أي: طعن فيه أهل العلم.
وروي أيضًا عن أنس بن مالك في قصة منازعة عمر لأبي بكر عند النسائي ٦/ ٦٧ من طريق عمرو بن عاصم الكلابي عن عمران أبي العوام القطان عن معمر عن الزهري عن أنس. وعمرو بن عاصم وعمران القطان كلاهما يَهِمُ ويغلط، وعمران القطان رُمي برأي الخوارج، وقال النسائي بإثره: عمران القطان ليس بالقوي في الحديث وهذا الحديث خطأ، والذي قبله الصواب حديثُ الزهري عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة. =

٧٢ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ» (١).
٧٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الرَّازِيُّ، أخبرنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّيْثِيُّ، حَدَّثَنَا نِزَارُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ


= قلنا: وحديث أبي هريرة الذي أشار إليه النسائي دون قوله: «ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة»، وهو مخرَّج أيضًا من الطريق التي أشار إليها عند البخاري (١٣٩٩)، ومسلم (٢٠)، وسيأتي عند المصنف من غير هذا الطريق برقم (٣٩٢٧).
وروي كذلك من غير هذه الزيادة من حديث جابر بن عبد الله عند مسلم (٢١)، وسيأتي عند المصنف برقم (٣٩٢٨).
ومن حديث أوس الثقفي عند النسائي ٧/ ٨١، وسيأتي عند المصنف برقم (٣٩٢٩). وسنده صحيح.
وروي عن أنس رفعه: «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قِبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقد حرُمت علينا دماؤهم وأموالُهم إلا بحقها، وحسابهم على الله». أخرجه البخاري (٣٩٢) من طريق حميد الطويل عن أنس.
(١) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وقال ابن عون: إن شهرًا نَزَكوه. أي: طعنوا فيه.
وأخرجه البزار (٢٦٦٩) و(٢٦٧٠)، والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (١١٥)، والدارقطني (٩٠٠) من طريق شهر بن حوشب، بهذا الإسناد. وروايتا البزار ضمن حديث مطول.
وهو مطول أيضًا في «مسند أحمد» (٢٢١٢٢).

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَيْسَ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ: أَهْلُ الْإِرْجَاءِ، وَأَهْلُ الْقَدَرِ» (١).
* ٧٤ - [قال أبو الحسن] (٢): حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبُخَارِيُّ سَعِيدُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ -يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ- عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عن ابن عباس، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ (٣).


(١) إسناده ضعيف جدًا، وقد سلف من حديث ابن عباس وحده برقم (٦٢) من طريق علي بن نزار عن أبيه. فانظر الكلام على نزار بن حيان هناك، وأما عبد الله ابن محمَّد الليثي فمجهول.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٣٤٤)، والخطيب في «تاريخ بغداد» ٥/ ٣٦٧ من طريق يونس بن محمَّد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٦٠٦٥)، وابن عدي في ترجمة سهل بن قرين من «الكامل» ٣/ ١٢٨٠ من طريق قرين بن سهل بن قرين، عن أبيه، عن محمَّد بن أبي ذئب، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر وحده مرفوعًا. وذكره الهيثمي في «المجمع» ٧/ ٢٠٦ وقال: رواه الطبراني في «الأوسط» وفيه قرين بن سهل وهو كذاب.
(٢) هذا الأثر والذي بعده من زيادات أبي الحسن القطان، وأخطأ بعضهم قديمًا فظنهما من أصل تصنيف ابن ماجه فأدخل أبا عثمان سعيدَ بن سعد في جملة شيوخه، نبه على ذلك الحافظ المزي في ترجمة أبي عثمان من «تهذيب الكمال» في الأوهام.
(٣) إسناده واهٍ، عبد الوهاب بن مجاهد متروك، وقد كذَّبه الثوري.
وأخرجه الآجري في «الشريعة» ص١١١، واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (١٧١٢) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الوهاب بن مجاهد، به.

* ٧٥ - [قال أبو الحسن]: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ الْحَارِثِ، أَظُنُّهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: الْإِيمَانُ يَزْدَادُ وَيَنْتقُصُ (١).

١٠ - بَابٌ فِي الْقَدَرِ
٧٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ (ح)
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ- أَنَّهُ قال: «يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يومًا،


(١) الحارث: هو ابن مخمر أبو حبيب قاضي حمص وثقه أحمد، وقد تصحف في السنة لعبد الله بن أحمد (٦٢٣) وعند اللالكائي (١٧٠٩) إلى الحارث ابن محمَّد وجاء على الصواب في»تاريخ دمشق«٤/ ١٢٥ - ١٢٦. وهذا السند منقطع، مجاهد لم يسمع أبا الدرداء.
قال الحافظ في»الفتح«١/ ٤٦ - ٤٧: ذهب السلفُ إلى أن الإيمانَ يزيدُ ويَنْقُصُ، وأنكر ذلك أكثرُ المتكلمين، وقالوا: متى قَبِلَ ذلك كان شكًا. قال الشيخ محي الدين النووي: والأظهرُ المختارُ: أن التصديقَ يزيدُ ويَنْقُصُ بكثرة النظرِ، ووضوحِ الأدِلةِ، ولهذا كان إيمانُ الصديق أقوى مِن إيمان غيره، بحيث لا تعتريه الشُبهة، ويُؤيده أن كُل أحدِ يعلم أن ما في قلبه يتفاضَلُ، حتى إنه يكونُ في بعضِ الأحيان الإيمانُ أعظمُ يقينا وإخلاصًا وتوكلًا منه في بعضها، وكذلك في التصديقِ والمعرفةِ بِحَسَبِ ظهورِ البراهين وكثرتِها. وقد نقل محمدُ بنُ نصر المروزي في كتابه»تعظيم قدر الصلاة«عن جماعة من الأئمة نحو ذلك، وما نُقِلَ عن السلَفِ صرَح به عبدُ الرزاق في»مصنفه«عن سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي وابن جريج ومعمر وغيرهم، وهؤلاء فقهاءُ الأمصار في عصرهم. وكذا نقله أبو القاسم اللالكائي في»كتاب السنة" عن الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي عُبيد وغيرهم مِن الأئمة.

ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَقُولُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَأَجَلَه، ُ وَرِزقَه، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا» (١).
٧٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سِنَانٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ خَالِدٍ الْحِمْصِيِّ، عَنْ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ:
وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ، خَشِيتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيَّ دِينِي وَأَمْرِي، فَأَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَقُلْتُ: أَبَا الْمُنْذِرِ، إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي (٢) شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ فَخَشِيتُ عَلَى دِينِي وَأَمْرِي، فَحَدِّثْنِي


(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير.
وأخرجه البخاري (٣٢٠٨)، ومسلم (٢٦٤٣)، وأبو داود (٤٧٠٨)، والترمذي (٢٢٧١ - ٢٢٧٣)، والنسائي في «الكبرى» (١١١٨٢) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٢٤)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٧٤).
قوله: «الكتاب»، قال السندي: أي: المكتوب الذي كتبه الملَك. والحديث لا ينافي عموم المواعيد الواردة في الآيات القرآنية والأحاديث، مثل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾ [الكهف: ٣٠]، لأن المعتبر في كلِّها الموت على سلامة العاقبة وحسن الخاتمة.
(٢) في (ذ) و(م): إنه قد وقع في قلبي.

مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ، لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ كَانَ لَكَ جَبَل أُحُدٍ ذَهَبًا -أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ- تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا قُبِلَ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، فَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ، وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأتِيَ أَخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَتَسْأَلَهُ، فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ، فَسَأَلْتُهُ، فَذَكَرَ مِثْلَ مَا قَالَ أُبَيٌّ، وَقَالَ لِي: وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ حُذَيْفَةَ، فَأَتَيْتُ حُذَيْفَةَ، فَسَألتُه، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَا، وَقَالَ: ائْتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَاسْأَلْهُ.
فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَو كَانَ لَكَ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا -أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا- تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، فَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأن مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ» (١).


(١) إسناده قوي، وهو موقوف من حديث أبي بن كعب، وابن مسعود، وحذيفة بن اليمان، ومرفوع من حديث زيد بن ثابت. أبو سنان: هو سعيد بن سنان الشيباني، وابن الديلمي: هو عبد الله بن فيروز.
وأخرجه أبو داود (٤٦٩٩) من طريق سفيان الثوري، عن أبي سنان، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٥٨٩)، و«صحيح ابن حبان» (٧٢٧).

٧٨ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ (ح)
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ
عَنْ عَلِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ وَبِيَدِهِ عُودٌ، فَنَكَتَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: لَا، اعْمَلُوا وَلَا تَتَّكِلُوا، وكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)﴾ [الليل: ٥ - ١٠] (١).
٧٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْن حَبَّانَ، عَنْ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ
وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى
مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، فَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (١٣٦٢)، ومسلم (٢٦٤٧)، وأبو داود (٤٦٩٤)، والترمذي (٢٢٧٠) و(٣٦٣٨)، والنسائي في»الكبرى«(١١٦١٤) و(١١٦١٥) من طرق عن سعد بن عبيدة، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٦٢١)، و»صحيح ابن حبان" (٣٣٤).

أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» (١).
٨٠ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عليهما السلام، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: يَا آدَمُ: أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنْ الْجَنَّةِ بِذَنْبِكَ. فَقَالَ لَهُ آدَمُ: يَا مُوسَى، اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» ثلاثًا (٢).


(١) حديث حسن، ربيعة بن عثمان -وهو التيمي المدني- صدوق حسن الحديث. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وقد اختلف في إسناد هذا الحديث وقد بينّا ذلك في تعليقنا على «المسند».
وأخرجه مسلم (٢٦٦٤)، والنسائي في «الكبرى» (١٥٣٨٦) من طريق عبد الله ابن إدريس، بهذا الإسناد.
وهو في «المسند» (٨٧٩١)، و«صحح ابن حبان» (٥٧٢١).
وسيأتي برقم (٤١٦٨).
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٦٦١٤)، ومسلم (٢٦٥٢) (١٣)، وأبو داود (٤٧٠١)، والنسائي في «الكبرى» (١١١٢٣) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٤٠٩) و(٤٧٣٦) و(٤٧٣٨) و(٦٦١٤) و(٧٥١٥)، ومسلم (٢٦٥٢)، والترمذي (٢٢٦٩)، والنسائي (١٠٩١٨) و(١٠٩١٩) و(١٠٩٩٤) و(١١٠٦٥) و(١١١٢٢) و(١١٢٦٦) و(١١٣٧٩) من طرق عن أبي هريرة- وبعضهم يزيد فيه على بعض.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٨٧)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٧٩). =

٨١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ
بِأَرْبَعٍ: بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَالْبَعْثِ (١) بَعْدَ
الْمَوْتِ، وَالْقَدَرِ» (٢).


= قال الإمام الخطابي في «معالم السُّنن» ٤/ ٣٢٢: قد يحسب كثير من الناس أن معنى القدر من الله والقضاء منه معنى الإجبار والقهر للعبد على ما قضاه وقدره، ويتوهم أن فَلْجَ آدم في الحجة على موسى إنما كان من هذا الوجه، وليس الأمر في ذلك على ما يتوهمونه، وإنما معناه: الإخبارُ عن تقدُّم علم الله سبحانه بما يكون من أفعال العباد وأكسابهم، وصدورها عن تقديرٍ منه، وخلقِ لها خيرها وشرها.
والقدر: اسم لما صار مقدورًا عن فعل القادر، كما الهدمُ والقبضُ والنشر أسماء لما صدر عن فعل الهادم والقابض والناشر، يقال: قدَرْتُ الشى وقدرتُه خفيفة وثقيلة بمعنى واحد.
والقضاء في هذا معناه: الخلق، كقوله تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [فصلت: ١٢]، أي: خلقهن.
وإذا كان الأمر كذلك فقد بقي عليهم من وراء علم الله فيهم أفعالهم وأكسابهم ومباشرتهم تلك الأمور، وملابستهم إياها عن قصد وتعمد وتقديم إرادة واختيار، فالحجة إنما تلزمهم بها، واللائمة تلحقهم عليه.
وقال ابن أبي العز في «شرح الطحاوية» ١/ ١٣٦: الصحيح أن آدم لم يحتج بالقضاء والقدر على الذنب، وهو كان أعلم بربه وذنبه، بل آحاد بنيه من المؤمنين لا يحتج بالقدر، فإنه باطل، وموسى عليه السلام كان أعلم بأبيه وبذنبه من أن يلوم آدم عليه السلام على ذنب قد تاب منه، وتاب الله عليه، واجتباه وهداه، وإنما وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة، فاحتج آدم عليه السلام بالقدر على المصيبة لا على الخطيئة، فإن القدر يُحتج به عند المصائب، لا عند المعايب.
(١) المثبت من (س)، وفي (ذ) و(م) والنسخ المطبوعة: وبالبعث. بالباء.
(٢) رجاله ثقات رجال الصحيح، غير شريك -وهو وإن كان سيئ الحفظ- قد =

٨٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى جِنَازَةِ غُلَامٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طُوبَى لِهَذَا، عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ لَمْ يَعْمَلْ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ. قَالَ: «أَوَ غَيْرُ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ! إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِم» (١).


= توبع، لكن قال الدارقطني في «العلل» ٣/ ١٩٦ لما سئل عن حديث ربعي هذا: حدث به شريك وورقاء وعمرو بن أبي قيس عن منصور، عن ربعي، عن علي، وخالفهم سفيان الثوري وزائدة وأبو الأحوص وسليمان التيمي، فرووه عن منصور، عن ربعي، عن رجل من بني أسد، عن علي، وهو الصواب.
وأخرجه الترمذي (٢٢٨٣) من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن منصور، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٢٨٤) من طريق النضر بن شميل، عن شعبة، عن منصور، عن ربعي، عن رجل، عن علي. وقال الترمذي: حديث أبي داود عن شعبة عندي أصح من حديث النضر، وهكذا روى غير واحد عن منصور عن ربعي، عن علي.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٧٨)، وانظر تفصيل تخريجه فيهما.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٦٦٢)، وأبو داود (٤٧١٣)، والنسائي ٤/ ٥٧ من طريق عائشة بنت طلحة، به. =

٨٣ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ


= وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٣٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٨) و(٦١٧٣). قوله: «أو غير ذلك ...» إلخ، قال السندي في حاشيته على «مسند أحمد»: أي: لا يَحسُن الجزمُ في حق أحد، ولو صغيرًا.
قال الإمام النووي في «شرح مسلم» ١٦/ ٢٠٧ - ٢٥٨ وهو بصدد شرح حديث أبي هريرة: «كل مولود يولد على الفطرة»: أجمع من يُعْتَدُّ به مِن علماء المسلمين على أن مَنْ مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة، لأنه ليس مكلفًا، وتوقف فيه بعضُ من لا يُعتد به، لحديث عائشة هذا.
وأجاب العلماءُ بأنه لعله نهاها عن المسارعةِ إلى القطع مِن غير أن يكونَ عندها دليل قاطع كما أنكر على سعد بن أبي وقاص في قوله: «أعطه إني لأراه مؤمنًا» قال: «أو مسلمًا» ... الحديث [أخرجه مسلم (١٥٠)]، ويُحتمل أنه ﷺ قال هذا قبل أن يعلم أن أطفالَ المسلمين في الجنة فلما علم قال ذلك في قوله ﷺ[فيما أخرجه البخاري (١٢٤٨) من حديث أنس، وسيأتي عند ابن ماجه (١٦٠٥)]: «مَا مِنْ مسلم يموتُ له ثلاثةٌ من الولد لم يبلغوا الحِنْثَ إلا أدخله اللهُ الجنة بفضل رحمته إياهم» وغير ذلك من الأحاديث. والله أعلم.
وأما أطفالُ المشركين، ففيهم ثلاثةُ مذاهب: قال الأكثرون: هُمْ في النار تبعًا لآبائهم، وتوقفت طائفةٌ فيهم، والثالث -وهو الصحيحُ الذي ذهب إليه المحققون-: أنَهم من أهلِ الجنة، ويُستدل له بأشياء: منها حديثُ إبراهيم الخليل عليه السلام حين رآه النبي ﷺ في الجنة وحولَه أولادُ الناس، قالوا: يا رسولَ الله، وأولاد المشركين، قال: «وأولادُ المشركين» رواه البخاري في «صحيحه» (٧٠٤٧)، ومنها قولُه تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥].
ولا يتوجه على المولود التكليف، ويلزمه قولُ الرسول ﷺ:«حتى يبلغ»،
وهذا متفق عليه. والله أعلم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ النَّبِيَّ ﷺ فِي الْقَدَرِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: ٤٨ - ٤٩] (١).
٨٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ عُثْمَانَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَبِيهِ
أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَذَكَرَ لَهَا شَيْئًا مِنْ الْقَدَرِ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقَدَرِ سُئِلَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ» (٢).


(١) إسناده حسن، زياد بن إسماعيل -وهو القرشي المخزومي- ضعفه ابن معين، وقال يعقوب بن سفيان: ليس حديثه بشئ، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال النسائي: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال الحافظ في «التقريب»: صدوق سيئ الحفظ. وصحح حديثه هذا مسلم والترمذي وابن حبان، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه مسلم (٢٦٥٦)، والترمذي (٢٢٩٦) و(٣٥٧٤) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٩٧٣٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٣٩).
وقال الزجاج في «تفسيره» ٥/ ٩٢: معنى «بقَدَرٍ»، أي: كل شيء خلقاه بقدر مكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه، ونُصِبَ «كل شيء» بفعل مضمر، المعنى: إنا خلقنا كل شى خلقناه بقدر.
(٢) إسناده ضعيف جدًا، يحيى بن عثمان قال فيه البخاري وابن معين وابن حبان: منكر الحديث، وزاد الأخير: لا يجوز الاحتجاج به. ويحيى بن عبد الله بن أبي مليكة لين الحديث.
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» (٧٤٤ - زوائد الهيثمي)، والعقيلي في «الضعفاء» ٤/ ٤١٩ - ٤٢٠، والآجري في «الشريعة» ص ٢٣٥، وابن عدي في «الكامل» ٧/ ٢٦٧٨ من طريق يحيى بن عثمان، بهذا الإسناد.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ: حَدَّثَنَاهُ خازِمُ (١) بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سِنان، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
٨٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَخْتَصِمُونَ فِي الْقَدَرِ، فَكَأَنَّمَا يُفْقَأُ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ مِنْ الْغَضَبِ، فَقَالَ: بِهَذَا أُمِرْتُمْ، أَوْ لِهَذَا خُلِقْتُمْ؟ تَضْرِبُونَ الْقُرْآنَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، بِهَذَا هَلَكَتْ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ».
قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: مَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِمَجْلِسٍ تَخَلَّفْتُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَتَخَلُّفِي عَنْهُ (٢).


(١) تصحف في (ذ) ومطبوعة محمَّد فؤاد عبد الباقي إلى: حازم، بالحاء المهملة، والتصويب من (س) و(م)، وهو كذلك على الصواب في «التدوين في أخبار قزوين» للرافعي ٢/ ٤٨٥ - ٤٨٦، و«الإرشاد» للخليلي ص ٦٢٣، و«تاريخ بغداد» ٨/ ٣٣٨، وهو خازم بن يحيى بن إسحاق أبو إسحاق الحلواني، قال الرافعي: ورد قزوين وحدَّث بها سنة ثلاث وسبعين ومئتين، وسمع منه إسحاق بن محمَّد وعلي ابن مهرويه وأبو الحسن القطان. وقال فيه الخليلي في «الإرشاد»: ارتحل إلى الشام وإلى خراسان، وكان حافظًا يعرف هذا الشأن، وكتب عنه شيوخ البلد ورضوه.
(٢) إسناده حسن.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (١٣٠٨) من طريق عمرو ابن شعيب، بهذا الإسناد. وذكر فيه: يتنازعون في القدر، كما عند المصنف.
وهو هكذا في «مسند أحمد» (٦٦٦٨).
وأخرجه عبد الرزاق (٢٠٣٦٧)، والبخاري في «خلق أفعال العباد» ص ٤٣، والطبراني في «الأوسط» (٥١٥)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٢٢٥٨)، والبغوي =

٨٦ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ» فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الْبَعِيرَ يَكُونُ بِهِ الْجَرَبُ فَيُجْرِبُ الْإِبِلَ كُلَّهَا؟! قَالَ: «ذَلِكُمْ الْقَدَرُ، فَمَنْ أَجْرَبَ الْأَوَّلَ؟» (١).


= (١٢١) من طريق عمرو بن شعيب أيضًا، لكن دون ذكر القدر، وقال بعضُهم: يتمارون في القرآن، بدل القدر.
وأخرج بنحوه مسلم (٢٦٦٦)، والنسائي في «الكبرى» (٨٠٩٥)، والطبراني في «الأوسط» (٢٤٧٢)، واليهقي في «الشعب» (٢٢٥٩) من طريق عبد الله بن رباح الأنصاري، عن عبد الله بن عمرو. وعندهم أن الاختلاف وقع في آية. وفيه أن عبد الله بن عمرو كان شاهدًا حاضرًا حين وقع هذا الاختلاف، فلعلهما حادثتان مختلفتان في معنى متفِق.
وفي «المسند» (٦٨٤٦) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله ﷺ -خرج على أصحابه وهم يتنازعون في القدر، هذا ينزع آيةَ، وهذا ينزع آيةَ، فذكر الحدث.
قوله: «بهذا أُمرتم، أولهذا خلقتم»، قال السندي في «حاشيته على مسند أحمد»: لعل المراد بالبعث: الخلق والإحداث من العدم إلى الوجود، وقد علم أن بحثهم كان في القدر، فالمراد: هذا البحث عن القدر والاختصام فيه هل هو المقصود من خلقكم؟ أو: هو الذي وقع التكليف به حتى اجترأتم عليه؟ يريد: أنه ليس بشيء من الأمرين، فأيُّ حاجة إليه؟
(١) صحيح لغيره، وهذا -كما قال البوصيري- إسناد ضعيف لضعف يحيى ابن أبي حية، ولكونه روى عن أبيه بصيغة العنعنة، فإنه كان يدلس.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ٩/ ٣٩ - ٤٠. وسيأتي عن ابن أبي شيبة وحده برقم (٣٥٤٠). =

٨٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى (١)، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي الْمُسَاوِرِ، عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الْكُوفَةَ، أَتَيْنَاهُ فِي نَفَرٍ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ
الْكُوفَةِ، فَقُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فقَالَ: أَتَيْتُ


= وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٧٦٨٤)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٧/ ٤٨٨ في ترجمة حي بن أبي حية الكلبي الكوفي والد أبي جناب يحيى بن أبي حية، من طريق أبي جناب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٧٥).
ويشهد له -دون قوله: «ذلكم القدر»- غيرُ ما حديث، انظر تخريجها عند حديث ابن مسعود في «المسند» برقم (٤١٩٨).
وأخرج البخاري (٥٧٥٣)، والنسائي في «الكبرى» (٩٢٣٢) من طريق سالم ابن عبد الله بن عمر، والبخاري (٥٧٧٢)، ومسلم (٢٢٢٥) (١١٦)، والنسائي (٩٢٣٣) من طريق سالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر، كلاهما عن عبد الله بن عمر مرفوعًا: «لا عدوى ولا طيرة، والشؤم في ثلاث: في المرأة والدار والدابة».
قوله «لا عدوى»، قال البيهقي: هو على الوجه الذي كانوا يعتقدونه في الجاهلية من إضافة الفعل الله غير الله تعالى، وقد يجعل الله بمشيئته مخالطة الصحيح مَن به شئ مِن هذه العيوب سببًا لحدوث ذلك.
«ولا طيرة»، قال السندي: هي بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن: التشاؤم بالشئ، وأصله أنهم كانوا في الجاهلية إذا خرجوا لحاجة فإن رأوا الطير طار عن يمينهم، فرحوا به، واستمروا، وإذا طار عن يسارهم، تشاءموا به ورجعوا، وربما هيجوا الطير لتطير، فيعتمدوا ذلك، فكان يصدهم عن مقاصدهم، فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه، وأخبر أنه لا تأثير له في جلب نفع أو دفع ضر.
«ولا هامة»، قال: بتخفيف الميم، وجُوِّز تشديدها: طائر كانوا يتشاءمون به.
(١) في النسخ المطبوعة زيادة الجرّار في اسمه، وتصحف في بعضها إلي: الخزاز، بمعجمات. والجرّار أصح.

النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: «يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ» أَسْلِمْ تَسْلَمْ«. قُلْتُ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ فَقَالَ:»تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَتُؤْمِنُ بِالأَقْدَارِ كُلِّهَا خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، حُلْوِهَا وَمُرِّهَا«(١).
٨٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ يَزِيدَ الرِّقَاشِيِّ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ الرِّيشَةِ، تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ بِفَلَاةٍ» (٢).


(١) إسناده ضعيف جدًا، عبد الأعلى بن أبي المساور متروك، وكذبه ابن معين.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (١٣٥)، والطبراني في «الكبير» ١٧/ (١٨٢)، والخطيب في «تاريخ بغداد» ١١/ ٦٨ - ٦٩ من طريق عبد الأعلى بن أبي المساور، بهذا الإسناد.
وقصة قدوم عدي على النبي ﷺ قد صحت بغير هذه السياقة، انظر تخريجها في «مسند أحمد» (١٨٢٦٠).
(٢) صحيح موقوفًا، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبان الرَّقاشي لكنه مُتابَع، وباقي رجاله ثقات، وقد اختلف في رفعه ووقفه والموقوف أرجح.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٢٢٨) من طريق أسباط بن محمَّد، بهذا الإسناد.
ورواه سعيد بن إياس الجريري عن غنيم بن قيس فاختلف عليه في وقفه ورفعه، فرواه عنه موقوفًا شعبة كما في «مسند ابن الجعد» (١٤٧٢)، ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» ١/ ٢٦١، وخالد بن عبد الله الواسطي عند مسدَّد في «مسنده» فيما قاله البوصيري في «الزوائد»، وإسماعيل ابن عُلية فيما قاله الإمام أحمد بإثر الحديث (١٩٧٥٧). وسعيد بن إياس الجريري كان قد اختلط، إلا أن رواية هؤلاء عنه قبل اختلاطه، فهي صحيحة.

٨٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارِيَةً أَعْزِلُ عَنْهَا؟ قَالَ: سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا«.
فَأَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: قَدْ حَمَلَتْ الْجَارِيَةُ! فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَا قُدِّرَ لِنَفْسٍ شَيْءٌ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ» (١).


= ورواه عنه مرفوعًا يزيد بن هارون عند أحمد (١٩٧٥٧)، وعبد بن حميد (٥٣٥)، وابن أبي عاصم (٢٢٧)، والبزار (٣٠٣٧)، والروياني في «مسنده» (٥٦٨)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧٥٣). ويزيد روى عن الجريري بعد اختلاطه.
وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٣٥٨) عن عاصم الأحول، عن رجل من بني سدوس، عن أبي موسى موقوفًا. والرجل المبهم هو أبو كبشة السدوسي، قال الذهبي في «الميزان»: لا يعرف.
ورواه عن عاصم أيضًا موقوفًا علي بن مسهر عند ابن أبي شيبة ١٣/ ٣٨٥ - ٣٨٦، ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» ١/ ٢٦٣، وأبو معاوية محمَّد بن خازم عند هناد في «الزهد» (١٢٣٧).
وخالفهم عبد الواحد بن زياد فرواه عنه مرفوعًا عند أحمد (١٩٦٦١)، والبزار (٣١٩١)، والبيهقي في «الشعب» (٧٥٢). ومن وقفه أكثر عددًا وأحفظ.
الفَلاة: الأرض الخالية من العمران.
(١) إسناده صحيح. علي بن محمَّد: هو ابن إسحاق الطنافسي، وخاله يعلى: هو ابن عبيد الطنافسي، والأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه عبد الرزاق (١٢٥٥٢)، وابن أبي شيبة ٤/ ٢٢٠، وأبو يعلى (١٩١٠)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ٣٥ من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٣٦٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٩٤).
وفي الباب عن أنس بن مالك، عند أحمد (١٢٤٢٠).
العَزْل: هو الإنزال خارج الفَرج عند الجِماع.

٩٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ
عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ للخَطِيئَة (١) يَعْمَلُهَا» (٢).


(١) في النسخ المطبوعة: بخطيئة.
(٢) حسن لغيره دون قوله: «إن الرجل ليُحرم الرزقَ للخطيئة يعملها»، وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن أبي الجعد لم يروِ عنه غير اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، ثم هو كوفي، وثوبان شامي، فيغلب على الظن أنه لم يسمع منه، وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري، وعبد الله بن عيسى: هو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
وهو في «الزهد» لوكيع (٤٠٧).
وأخرجه تامًا ومختصرًا ابن المبارك في «الزهد» (٨٦)، وابن أبي شيبة ١٠/ ٤٤١ - ٤٤٢، والنسائي في «الكبرى» (١١٧٧٥)، والطبراني في «الكبير» (١٤٤٢)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٣٠٦٩)، والحاكم ١/ ٤٩٣، والبغوي في «شرح السنة» (٣٤١٨) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٣٨٦)، و«صحيح ابن حبان» (٨٧٢)، وفيهما تمام تخريجه، وذِكرُ شواهده.
وسيتكرر عند المصنف برقم (٤٠٢٢).
قال ابن حبان في «صحيحه»: قوله ﷺ في هذا الخبر لم يُرِد به عمومه، وذاك أن الذنبَ لا يَحرِمُ الرزق الذي رُزق العبد، بل يكدر عليه صفاءَه إذا فكر في تعقيب الحالة فيه، ودوام المرء على الدعاء يطيب له ورود القضاء، فكأنه رده لقِلَّة حِسِّه بألمه، والبرُّ يطيبُ العيش حتى كأنه يُزاد في عمره بطيب عيشه، وقلة تعذر ذلك في الأحوال.

٩١ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَفَّافُ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْعَمَلُ فِيمَا جَفَّ بِهِ الْقَلَمُ، وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، أَمْ فِي أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ؟ قَالَ: «بَلْ فِيمَا جَفَّ بِهِ الْقَلَمُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» (١).
٩٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مَجُوسَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُكَذِّبُونَ بِأَقْدَارِ اللَّهِ، إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ، وَإِنْ لَقِيتُمُوهُمْ فَلَا تُسَلِّمُوا عَلَيْهِم» (٢).


(١) حديث صحيح، هشام بن عمار وعطاء بن مسلم الخفاف، وإن كان فيهما ضعف قد توبعا عند مُسدَّد في «مسنده» كما في «إتحاف الخيرة» (٣٠٧)، فقد رواه مسدَّد عن إسماعيل ابن عُلية، عن روح بن القاسم، عن أبي الزبير، عن سراقة.
وأخرجه مسلم (٢٦٤٨) من طريق أبي الزبير، عن جابر قال: جاء سراقة بن مالك بن جعشم، قال: يا رسول الله ... فذكره.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١١٦) ضمن حديث مطول، و«صحيح ابن حبان» (٣٣٦).
(٢) إسناده ضعيف جدًا، مسلسل بالمدلسين، محمَّد بن المصفّى وبقية بن الوليد يدلسان تدليس التسوية، وابن جريج وأبو الزبير مدلسان ولم يصرحا بالتحديث.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٣٢٨)، والطبراني في «الصغير» (٦١٥)، وفي «الأوسط» (٤٠٥٨) و(٤٤٥٢)، والآجري في «الشريعة» ص ١٩٠ - ١٩١، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٢٤٤) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن ابن عمر عند أبي داود (٤٦٩١). وهو في «مسند أحمد» (٥٥٨٤) وإسناده ضعيف، وانظر تتمة الكلام على إسناده هناك.

١١ - باب فِي فَضَائِلِ أَصَحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ -
فضائل أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه
٩٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ» (١).
قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي نَفْسَهُ.
٩٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ، مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ«قال: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: هَلْ (٢) أَنَا وَمَالِي إِلَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ (٣)!


(١) إسناده صحيح. عبد الله بن مرة: هو الهمداني الخارفي، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك بن نَضلة.
وأخرجه مسلم (٢٣٨٣) (٣ - ٧)، والترمذي (٣٩٨٤)، والنسائي في»الكبرى«(٨٠٥٠) و(٨٠٥١) من طرق عن أبي الأحوص، به.
وأخرجه مسلم (٢٣٨٣) (٥) من طريق ابن أبي مليكة، عن ابن مسعود، عن النبي ﷺ.
وهو في»مسند أحمد«(٣٥٨٠)، و»صحيح ابن حبان" (٦٨٥٥).
(٢) في النسخ المطبوعة قبل هذا زيادة: يا رسول الله.
(٣) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير. =

٩٥ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ الْحَارِثِ
عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ مَا دَامَا حَيَّيْنِ» (١).


= وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ١٢/ ٦ - ٧.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٠٥٦) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه بأطول مما هنا الترمذي (٣٩٩٠) من طريق يزيد بن عبد الرحمن الأودي، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ. وقال حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٧٤٤٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦٨٥٨).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف الحسن بن عمارة والحارث الأعور، وقد توبعا. سفيان: هو ابن عيينة، وفراس: هو ابن يحيى الهمداني.
وأخرجه الترمذي (٣٩٩٦) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقَّي، عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٣٩٩٥) من طريق الوليد بن محمَّد الموقَّري، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي طالب، فذكره. وقال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه، والوليد بن محمَّد الموقري يضعَّف في الحديث، ولم يسمع علي بن الحسين من علي بن أبي طالب.
وأخرجه الدولابي في «الكنى» (١٦٨٣) من طريق عاصم -وهو ابن أبي النجود- عن زر عن علي. وهذا سند حسن.
وهو في زيادات عبد الله بن أحمد علي «مسند» أبيه (٦٠٢) من طريق الحسن ابن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب. وهذا سند حسن أيضًا.
وله شاهد من حديث أبي جحيفة، يأتي برقم (١٠٠)، وصححه ابن حبان (٦٩٠٤). =

٩٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى يَرَاهُمْ مَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ كَمَا يُرَى الْكَوْكَبُ الطَّالِعُ فِي الْأُفُقِ مِنْ آفَاقِ السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ، وَأَنْعَمَا» (١).


= وآخر من حديث أنس، عند الترمذي (٣٦٦٤) وحسنه.
والمراد بالكهل في هذا الحديث: الحليم العاقل، على ما قرًّره المناوي في «فيض القدير»، والله تعالى أعلم.
(١) صحيح دون قوله:«وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما»، وهذا إسناد ضعيف لضعف عطية بن سعد: وهو العوفي.
وأخرجه أبو داود (٣٩٨٧)، والترمذي (٣٩٨٧) من طريق عطية العوفي، به.
ولفظه عند أبي داود بغير هذا السياق.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢١٣).
وأخرجه أحمد أيضًا (١١٢٠٦) من طريق مجالد بن سعيد عن أبي الودَّاك عن أبي سعيد. ومجالد ضعيف. وسياقه فيه اختلاف.
وأخرجه البخاري (٣٢٥٦)، ومسلم (٢٨٣١) من طريق عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، مرفوعًا بلفظ: «إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف مِن فوقهم كما تراءون الكوكب الدُّرَّيَّ الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم»، قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: «بلى، والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين».
وأخرجه البخاري (٦٥٥٦) من طريق النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري، بلفظ: «إن أهل الجنة ليتراءون الغرف في الجنة كما تتراءون الكوكب الغارب في الأفق الشرقي والغربي».
قوله: «وأَنعَما»، قال السندي: من أنعَمَ: إذا زاد، أي: زاد على تلك المرتبة والمنزلة، أو من أنعم: إذا دخل في النعيم.

٩٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ (ح)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاش
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنِّي لَا أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ، فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي»، وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (١).
٩٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمَّا وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ اكْتَنَفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ، أَوْ قَالَ: يُثْنُونَ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ، قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ،


(١) حديث حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف، لجهالة مولى ربعي ابن حراش -واسمه: هلال-، فقد تفرد بالرواية عنه عبد الملك بن عمير، وذكره ابن حبان وحده في «الثقات»، وساقه الذهبي في «الميزان» لجهالته.
وكيع: هو ابن الجراح، ومؤمل: هو ابن إسماعيل، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه الترمذي (٣٩٩١) من طريق زائدة بن قدامة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، مرفوعًا. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٤٥)، وفيه بسطنا القول في الخلاف في إسناده، وذكرنا شواهد الحديث.
قوله: «اقتدوا باللذين من بعدي»، قال السندي في «حاشيته على المسند»: فيه بيان قوة اجتهادهما وإصابتهما الحق غالبا، وفيه إخبار عن خلافتهما، إذ لا بعديَّة في الوجود إلا أن يقال: يمكن البعدية في البقاء، وعلى الوجهين سواءً حُمِلَ على البعدية في الخلافة أو البقاء ففيه معجزة له ﷺ حيث أخبر عن شى قبل وجوده، فوُجِدَ كما أخبر، والله تعالى أعلم. قلنا: وحمله على البعدية في البقاء أقوى.

وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ قَدْ زَحَمَنِي، وَأَخَذَ بِمَنْكِبِي، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ، ثُمَّ قَالَ: مَا خَلَّفْتُ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ، إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ لَيَجْعَلَنَّكَ اللَّهُ عز وجل مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ أَكْثَرُ أَنْ أَسْمَعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» وَ«دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» وَ«خَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ»، فَكُنْتُ أَظُنُّ لَيَجْعَلَنَّكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ (١).
٩٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: خَرَجَ رسول الله ﷺ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: «هَكَذَا نُبْعَثُ» (٢).


(١) إسناده صحيح. ابن أبي مليكة، اسمه: عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله. وأخرجه البخاري (٣٦٧٧) و(٣٦٨٥)، ومسلم (٢٣٨٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٠٦١) من طريق عمر بن سعيد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٩٨).
قوله: «اكتنفه الناس» أي: أحاطوا به من جميع جوانبه.
«يُثْنون ويصلُّون» أي: يترحمون عليه.
«فلم يَرُعني» أي: لم يفزعني، والمعنى: لم أشعر إلا به قد زحمني.
(٢) إسناده ضعيف لضعف سعيد بن مسلمة.
وأخرجه الترمذي (٤٠٠٠) عن عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد، عن سعيد بن مسلمة، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب، وسعيد بن مسلمة ليس عندهم بالقوي.

١٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ» (١).
١٠١ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ
عَنْ أَنَسِ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ» قِيلَ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: «أَبُوهَا» (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، عبد القدوس بن بكر بن خنيس روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وباقي رجاله ثقات غير أبي شعيب شيخ ابن ماجه فإنه صدوق حسن الحديث.
وأخرجه الدولابي في «الكنى والأسماء» (٦٦١)، وابن حبان (٦٩٠٤) من طريق محمَّد بن عقيل بن خويلد، عن خنيس بن بكر بن خنيس (وهو أخو عبد القدوس)، عن مالك بن مِغْوَل، بهذا الإسناد. وخنيس هذا ضعّفه صالح جزرة كما قال الخطيب في «تاريخ بغداد» ٨/ ٤٣٢، وذكره ابن حبان في «ثقاته»، ومحمد بن عقيل الراوي عنه قال الحافظ في «التقريب»: صدوق حدَّث من حفظه بأحاديث فأخطأ في بعضها.
وفي الباب عن علي بن أبي طالب، سلف برقم (٩٥).
(٢) إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل.
وأخرجه الترمذي (٤٢٢٨) عن أحمد بن عبدة الضبي، عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد. وقال: حسن صحيح.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٧١٠٧).
ويشهد له حديث عمرو بن العاص عند البخاري (٣٦٦٢) و(٤٣٥٨)، ومسلم (٢٣٨٤).

فَضْلِ عُمَرَ رضي الله عنه
١٠٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، أَخْبَرَنِي الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَيُّ أَصْحَابِهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ؟ قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّهُمْ؟ قَالَتْ: عُمَرُ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّهُمْ؟ قَالَتْ: أَبُو عُبَيْدَةَ (١).
١٠٣ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشٍ الحَوْشَبِيُّ، عَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَقَدْ اسْتَبْشَرَ أَهْلُ السَّمَاءِ بِإِسْلَامِ عُمَرَ (٢).
١٠٤ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ، أخبرنا دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ


(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، والجُريري: هو سعيد بن إياس، وقد رواه عنه أيضًا إسماعيل ابن عُلَية، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط.
وأخرجه الترمذي (٣٩٨٦)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٤٤) من طريقين عن سعيد الجريري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» ضمن حديث مُطَول برقم (٢٥٨٢٩) عن إسماعيل ابن عُلية ويزيد بن هارون، كلاهما عن سعيد الجريري به.
(٢) إسناده ضعيف جدًا، عبد الله بن خراش ضعفه الدارقطني وغيره، وقال أبو زرعة: ليس بشئ، وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث. واتهمه الساجي وابن عمار الموصلي بالكذب.
وأخرجه الطبراني (١١١٠٩)، والحاكم ٣/ ٨٤، وابن عدي في «الكامل» ٤/ ١٥٢٥ من طريق عبد الله بن خراش، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦٨٨٣)، وذلك أن ابن حبان حسَّن الرأي في ابن خراش فذكره في «ثقاته» ٨/ ٣٤٠ - ٣٤١ وقال: ربما أخطأ.

عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:»أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُهُ الْحَقُّ عُمَرُ، وَأَوَّلُ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ، فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ (١).
١٠٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو عُبَيْدٍ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ، حَدَّثَنِي الزَّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَاصَّةً» (٢).


(١) إسناده ضعيف، ومتنه منكر، داود بن عطاء قال البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال أحمد: رأيته وليس بشئ، وقال الدارقطني: متروك. ونقل البوصيري في «الزوائد» عن السيوطي أن الحافظ ابن كثير قال في «جامع المسانيد»: هذا الحديث منكر جدًا، وما هو أبعد من أن يكون موضوعًا، والآفة فيه من داود بن عطاء.
وأخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (٦٣٠)، وابن أبي عاصم في «السنة» (١٢٤٥) من طريق إسماعيل بن محمَّد الطلحي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم ٣/ ٨٤ من طريق الفضل بن جبير الوراق، عن إسماعيل بن زكريا الخُلْقاني، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، به. والفضل بن جبير ذكره العقيلي في «الضعفاء» ٣/ ٤٤٤، وقال: لا يتابع على حديثه.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الملك بن الماجشون: وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وكذا الزنجي ابن خالد: واسمه مسلم.
وأخرجه ابن حبان (٦٨٨٢) من طريق عبد الملك بن الماجشون، عن مسلم بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم ٣/ ٨٣، وعنه البيهقي ٦/ ٣٧٠ من طريق يعقوب بن سفيان، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، حدثنا الماجشون بن أبي سلمة -وهو عبد العزيز =

١٠٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَبُو بَكْرٍ، وَخَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ (١).
١٠٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ، قال: أخبرنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النبي ﷺ، قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَنِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالَتْ: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا».


= ابن عبد الله بن أبي سلمة- عن هشام بن عُروة، عن أبيه به. وصححه الحاكم، وكذا الحافظ ابن حجر في «الفتح» ٧/ ٤٨، وهو كما قالا.
وقد روي من حديث ابن عمر بلفظ: «اللهم أعزَ الإسلام بأحبِّ هذين الرجلينِ إليك: بأبي جهل، أو بعمر بن الخطاب»، قال: وكان أحبَّهما إليه عُمَرُ. أخرجه أحمد (٥٦٩٦)، والترمذي (٤٠١٣)، وابن حبان (٦٨٨١)، وهو حديث حسن، وانظر تمام الكلام عليه في «المسند».
(١) صحيح، وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن سلمة -وهو المرادي- ضعفه البخاري وأبو حاتم والنسائي والعمل والدارقطني، لكنه متابع.
وأخرجه أحمد (٨٣٣)، وابن أبي عاصم في «السنة» (١٢٠٢) بإسناد حسن عن أبي جحيفة، عن علي.
وأخرج البخاري (٣٦٧١)، وأبو داود (٤٦٢٩) من طريق محمَّد ابن الحنفية قال: قلت لأبي -أي: علي بن أبي طالب-: أي الناس خير بعد رسول الله ﷺ؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول: عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَبَكَى عُمَرُ، فَقَالَ: عَلَيْكَ (١)، بِأَبِي وَأُمِّي، يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغَارُ (٢).
١٠٨ - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ، يَقُولُ بِهِ» (٣).

فَضْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه
١٠٩ - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيقٌ فِي الجَنَّةِ، وَرَفِيقِي فِيهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ» (٤).


(١) في (م) والنسخ المطبوعة: أعليك، بزيادة همزة الاستفهام، والمثبت من (ذ) و(س) بحذفها، وكلاهما جائز.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٣٢٤٢)، ومسلم (٢٣٩٥)، والنسائي في «الكبرى» (٨٠٧٤) من طريق ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٤٧٠)، و«صحيح ابن حبان» (٦٨٨٨).
(٣) حديث صحيح، محمَّد بن إسحاق قد صرح بالتحديث عند يعقوب بن سفيان في «المعرفة» ١/ ٤١٦، وهو متابع.
وأخرجه أبو داود (٢٩٦٢) من طريق زهير بن حرب، عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٤٥٧).
(٤) إسناده ضعيف جدًا، عثمان بن خالد -وهو أبو عثمان المدني العثماني القرشي- متروك الحديث. =

١١٠ - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَقِيَ عُثْمَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ، هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ، عَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا» (١).
١١١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ


= وأخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (٧٥٧) و(٨٤٣)، وابن أبي عاصم في «السنة» (١٢٨٩)، والعقيلي في «الضعفاء» ٣/ ١٩٩، وابن عدي في «الكامل» ٥/ ١٨٢٢، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» ٢/ ٢٠٥ من طريق أبي مروان محمَّد ابن عثمان العثماني، بهذا الإسناد. قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، أما عبد الرحمن بن أبي الزناد، فقال أحمد: هو مضطرب الحديث، وقال يحيى والرازي: لا يحتج به، وأما عثمان العثماني فقد نسب إلى الوضع.
وفي الباب عن طلحة بن عبيد الله عند الترمذي (٤٠٣١)، وإسناده لا يصح فيه راو مبهم، وقال الترمذي: هذا حديث غريب ليس إسناده بالقوي وهو منقطع.
تنبيه: هذا الحديث (١٠٩) لم يرد في (م).
(١) إسناده ضعيف جدًا كسابقه.
وأخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (٨٤٤)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٩٨٢)، والطبراني في «الكبير» ٢٢/ (١٠٦٣)، وابن عدي في «الكامل» ٥/ ١٨٢٢، والمزي في «تهذيب الكمال» ١٩/ ٣٦٥ من طريق أبي مروان، بهذا الإسناد.
وفي باب تزويج عثمان بن عفان بوحي من السماء عن غيرِ واحدِ من الصحابة، أوردها الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٩/ ٨٣، ولا يخلو إسنادُ أحدها من مقال.

عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِتْنَةً فَقَرَّبَهَا، فَمَرَّ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَذَا يَوْمَئِذٍ عَلَى الْهُدَى». فَوَثَبْتُ، فَأَخَذْتُ بِضَبْعَيْ عُثْمَانَ، ثُمَّ اسْتَقْبَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ: هَذَا؟ قَالَ: «هَذَا» (١).
١١٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا عُثْمَانُ، إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ (٢) أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ، فَلَا تَخْلَعْهُ». يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
قَالَ النُّعْمَانُ: فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا مَنَعَكِ أَنْ تُعْلِمِي النَّاسَ بِهَذَا؟ قَالَتْ: أُنْسِيتُهُ والله (٣).


(١) حديث صحيح، وهذا سند رجاله ثقات إلا أن محمَّد بن سيرين لم يسمع من كعب بن عجرة، والصواب أن هذا الحديث من مسند كعب بن مرة كما هو مبين في التعليق على الحديث في «مسند أحمد» (١٨١١٨).
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٢/ ٤١، والطبراني في «الكبير» ١٩/ (٣٥٩) و(٣٦٠) من طريق هشام بن حسان، بهذا الإسناد.
الضَّبْع: العَضُد.
(٢) في (م) وحدها: المشركون المنافقون على.
(٣) حديث صحيح، وهذا سند ضعيف لضعف الفرج بن فضالة.
وأخرجه الترمذي (٤٠٣٨) من طريق معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن عامر، عن النعمان بن بشير، عن عائشة. وقال: هذا حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٥٦٦) بإسناد صحيح، وصححه ابن حبان (٦٩١٥).

١١٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَرَضِهِ:»وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي بَعْضَ أَصْحَابِي. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا نَدْعُو لَكَ أَبَا بَكْرٍ؟ فَسَكَتَ. قُلْنَا: أَلَا نَدْعُو لَكَ عُمَرَ؟ فَسَكَتَ. قُلْنَا: أَلَا نَدْعُو لَكَ عُثْمَانَ؟ قَالَ: «نَعَم»، فَجَاءَ عثمان، فَخَلَا بِهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يُكَلِّمُهُ وَوَجْهُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ (١).
قَالَ قَيْسٌ: فَحَدَّثَنِي أَبُو سَهْلَةَ مَوْلَى عُثْمَانَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ يَوْمَ الدَّارِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا، فَأَنَا صَائِرٌ إِلَيْهِ.
وَقَالَ عَلِيٌّ فِي حَدِيثِهِ: وَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ (٢).
قَالَ قَيْسٌ: فَكَانُوا يُرَوْنَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ.


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه الخلال في «السنة» (٤١٩)، وأبو نعيم في «الحلية» ١/ ٥٨ من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وهو بهذا الإسناد في «مسند أحمد» (٢٥٧٩٧)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩١٨). وأخرجه الحميدي (٢٦٨)، وابن أبي عاصم في «السنة» (١١٧٦)، وأبو يعلى (٤٨٠٥)، والحاكم ٣/ ٩٩، والبيهقي في «الدلائل» ٦/ ٣٩١ من طرق عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن قيس، عن أبي سهلة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله ﷺ ... فذكرت الحديث، فأدخلوا أبا سهلة بين قيس وبين عائشة.
وهو بهذا الإسناد في «مسند أحمد» (٢٤٢٥٣)، وفيه تمام تخريجه.
(٢) صحيح، أبو سهلة مولى عثمان لم يرو عنه غير قيس بن أبي حازم، ووثقه العجلي والحافظ في «التقريب» وذكره ابن حبان في «الثقات»، وصحح حديثه هو والترمذيُ والحاكم، وما قبله يشهد له. =

فَضْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه
١١٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ
عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ ﷺ أَنَّهُ لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ (١).
١١٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يُحَدِّثُ
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟» (٢).


= وأخرجه الترمذي (٤٠٤٤) من طريق وكيع ويحيى بن سعيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٠٧)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩١٨).
(١) رجاله ثقات، وانظر الكلام عليه في «مسند أحمد» (٦٤٢).
وأخرجه مسلم (٧٨)، والترمذي (٤٠٦٩)، والنسائي ٨/ ١١٥ - ١١٦ و١١٧ من طريق سليمان الأعمش، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٣٧٠٦)، ومسلم (٢٤٠٤) (٣١)، والنسائي في «الكبرى» (٨٠٨٦) من طريق محمَّد بن جعفر غندر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٤٤١٦)، ومسلم (٢٤٠٤)، والترمذي (٤٠٥٨) و(٤٠٦٣)، والنسائي (٨٠٨٢ - ٨٠٨٥) و(٨٣٤٢) و(٨٣٤٣) و(٨٣٧٥ - ٨٣٨٣) و(٨٣٨٧) و(٨٣٨٨) و(٨٣٩٠) و(٨٣٩١) و(٨٤٥٨) من طرق عن سعد بن أبي وقاص، بهذا الإسناد. وزاد بعضهم فيه: «إلا أنه لا نبي بعدي».
وهو في «مسند أحمد» (١٤٩٠)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٢٦). =

١١٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّتِهِ الَّتِي حَجَّ، فَنَزَلَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، فَأَمَرَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَقَالَ: «أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ؟» قَالُوا: بَلَى. قَالَ:«أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ؟» قَالُوا: بَلَى.
قَالَ: «فَهَذَا وَلِيُّ مَنْ أَنَا مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، اللَّهُمَّ عَادِ مَنْ
عَادَاهُ» (١).
١١٧ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:


= وسيأتي عند المصنف من طريق عبد الرحمن بن سابط عن سعد برقم (١٢١). وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٣/ ٢٤ - ٢٥ بسند قوي فيما قاله الحافظ في «الفتح» ٧/ ٧٤ من حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم، قالا: لما كان عند غزوة جيش العُسرة وهي تبوك، قال رسول الله ﷺ لعلي بن أبي طالب: «إنه لا بُد من أن أقيم أو تقيم» فخلَّفه، فلما فصل رسول ﷺ غازيا، قال ناس: ما خلَّف عليا إلا لشيء كرهه منه، فبلغ ذلك عليا، فاتبع رسول الله ﷺ حتى انتهى إليه، فقال له: «ما جاء بك يا علي» قال: يا رسول الله إلا أني سمعت ناسًا يزعمون أنك إنما خلفتني لشيء كرهته مني، فتضاحك رسول الله ﷺ وقال: «يا علي، أما ترضى أن تكون مني كهارون من موسى غير أنك لست بنبي؟» قال: بلى يا رسول الله، قال: «فإنه كذلك». وانظر «منهاج السنة» ٥/ ٢٣ بتحقيق الدكتور محمَّد رشاد سالم.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جُدعان.
وأخرجه بنحوه النسائي في «الكبرى» (٨٤٧٣) من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٤٧٩)، وانظر شواهده فيه.

كَانَ أَبُو لَيْلَى يَسْمُرُ مَعَ عَلِيٍّ، فَكَانَ يَلْبَسُ ثِيَابَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ وَثِيَابَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ، فَقُلْنَا: لَوْ سَأَلْتَهُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ إِلَيَّ وَأَنَا أَرْمَدُ الْعَيْنِ يَوْمَ خَيْبَرَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرْمَدُ الْعَيْنِ، فَتَفَلَ فِي عَيْنِي، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ». قَالَ: فَمَا وَجَدْتُ حَرًّا وَلَا بَرْدًا بَعْدَ يَوْمِئِذٍ، وَقَالَ: «لَأَبْعَثَنَّ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ» فَتَشَوفَ (١) لَهُ النَّاسُ، فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ، فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ (٢).
١١٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ


(١) في النسخ المطبوعة: فتشرَّف، بالراء.
(٢) صحيح لغيره دون قصة دعاء النبي ﷺ لعلي بذهاب الحر والبرد عنه، وهذا إسناد ضعيف، ابن أبي ليلى- وهو محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى-، قال عنه شعبة: ما رأيت أحدًا أسوأ حفظًا من ابن أبي ليلى، ووَصَفَه غير واحد بسوء الحفظ. الحكم: هو ابن عُتيبة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٣٤٥) من طريق عبيد الله بن موسى، عن ابن أبي ليلى، بهذا الإسناد. وقرن بالحكم المنهالَ بن عمرو.
وأخرجه النسائي أيضًا (٨٤٨٣) من طريق أيوب بن إبراهيم، عن إبراهيم الصائغ، عن أبي إسحاق الهمداني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به. وأيوب بن إبراهيم، قال الذهبي: مجهول، ولم يرو عنه غير هاشم بن مخلد، ولم يوثقه غير ابن حبان.
وهو في «مسند أحمد» (٧٧٨).
ويشهد لقوله: «لأبعثن رجلًا يحب الله ورسوله ...» إلخ حديثُ سعد بن أبي وقاص الآتي برقم (١٢١)، وهو في «الصحيحين»، وانظر تتمة شواهده في «المسند».

عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا» (١).
١١٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، قَالُوا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَلَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا عَلِيٌّ» (٢).


(١) إسناده تالف، المعلى بن عبد الرحمن متهم بالوضع، قال ابن المديني: ضعيف الحديث كان يضع الحديث رميت بحديثه، وضعفه جدًا، وقال الدارقطني: ضعيف كذاب، وقال معلى: متروك. ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب.
وأخرجه الحاكم ٣/ ١٦٨ من طريق محمَّد بن موسى، بهذا الإسناد.
قلنا: لكن الحديث دون قوله: «وأبوهما خيرٌ منهما» صحيح من حديث غير واحد من الصحابة، وقد ذكرناها عند حديث أبي سعيد الخدري في «المسند» (١٠٩٩٩).
وأما زيادة «وأبوهما خير منهما» فقد رُويت من حديث حذيفة، ومن حديث معاوية بن قرة عند الطبراني (٢٦٠٨) و(٢٦١٧)، ومن حديث علي بن أبي طالب عند الخطيب في «تاريخه» ١/ ١٤٠، وأسانيدها كلها ضعيفة.
(٢) إسناده ضعيف شريك -وهو ابن عبد الله- سيئ الحفظ، وأبو إسحاق موصوف بالتدليس، وقد تغير بأخرة.
والحديث أخرجه الترمذي (٤٠٥٣)، والنسائي في «الكبرى» (٨٤٠٠) من طرق عن شريك، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٨٠٩١) و(٨٤٠٥) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٥٠٥) و(١٧٥٠٦). =

١٢٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أخبرنا الْعَلَاءُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
قَالَ عَلِيٌّ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، وَأَخُو رَسُولِهِ ﷺ، وَأَنَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، لَا يَقُولُهَا بَعْدِي إِلَّا كَذَّابٌ، صَلَّيْتُ قَبْلَ النَّاسِ بسَبْعِ (١) سِنِينَ (٢).


= وقد انتقد شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة» ٥/ ٦٣ هذا الحرف «لا يؤدي عني إلا علي» وعدَّه من الكذب، وقال: وعامة من بلغ عنه غيرُ أهل بيته، فقد بعث أسعد بن زرارة إلى المدينة يدعو الناس إلى الإسلام، ويعلم الأنصار القرآن، ويفقههم في الدين وبعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين في مثل ذلك، وبعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن، وبعث عتاب بن أسيد إلى مكة، فأين قول من زعم أنه لا مبلغ عنه إلا رجل من أهل بيته.
(١) في النسخ المطبوعة: لسَبع، باللام.
(٢) إسناده ضعيف، عباد بن عبد الله -وهو الأسدي الكوفي- قال البخاري: فيه نظر، وذكره العقيلي في «الضعفاء» وذكر له حديث علي هذا، وقال: الرواية في هذا فيها لين. وقال علي ابن المديني: ضعيف، وقد ضرب الإمام أحمد على حديث علي: «أنا الصديق الأكبر» وقال: هو منكر.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٣٦٨/ ٦، ومن طريقه ابن أبي عاصم في «السنة» (١٣٢٤)، وفي «الآحاد والمثاني» (١٧٨) عن عبد الله بن نمير، والنسائي في «الكبرى» (٨٣٤٠) عن أحمد بن سليمان، كلاهما عن عُبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم ٣/ ١١١ - ١١٢ من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق السبيعي، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي. وقال: صحيح على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي بقوله: كذا قال، وهو ليس على شرط واحد منهما، بل ولا هو بصحيح، بل حديث باطل فتدبره، وعباد قال ابن المديني: ضعيف. =

١٢١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ ابْنِ سَابِطٍ -وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ-
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ فِي بَعْضِ حَجَّاتِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدٌ، فَذَكَرُوا عَلِيًّا، فَنَالَ مِنْهُ، فَغَضِبَ سَعْدٌ، وَقَالَ: تَقُولُ هَذَا لِرَجُلٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي»، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»؟ (١).


= وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٨٦) من طريق نوح بن قيس، عن رجل قد سماه -ذهب عن أبي موسى اسمه-، عن معاذة بنت عبد الله العدوية قالت: سمعت عليًا يخطب على المنبر وهو يقول: أنا الصديق الأكبر، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر، وأسلمت قبل أن يسلم. وهذا سند ضعيف لجهالة الراوي عن معاذة العدوية.
(١) حديث صحيح، وهذا سند رجاله ثقات.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٣٤٣) من طريق عبد السلام بن حرب، عن موسى بن مسلم الصغير، بهذا الإسناد.
وأخرجه بأطول مما هنا دون قوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه»: مسلم (٢٤٠٤) (٣٢)، والترمذي (٤٠٥٨) من طريق قتيبة بن سعيد، عن حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه.
وقوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» سلف برقم (١١٥) وهو في «الصحيحين».
وقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» أورده السيوطي في «الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة» برقم (١٠٠).
وانظر ما سلف برقم (١١٦).

فَضْلِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه
١٢٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ قُرَيْظَةَ: «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟» فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا. فَقَالَ: «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟» فقَال الزُّبَيْرُ: أَنَا (١)، ثَلَاثًا. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ» (٢).
١٢٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
عَنْ الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ (٣).


(١) قوله: «فقال الزبير: أنا» في هذا الموضع سقط من (ذ).
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه البخاري (٢٨٤٦)، ومسلم (٢٤١٥)، والترمذي (٤٠٧٨)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٥٤) من طريق محمَّد بن المنكدر، والنسائي (٨٧٩٢) من طريق وهب بن كيسان، كلاهما عن جابر، عن النبي ﷺ.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٢٩٧)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٨٥).
قوله: «حواريٌ»، قال السندي: بتشديد الياء، لفظه مفرد بمعنى: الخالص والناصر، والياء فيه للنسبة، وأصل معناه: البياض، فهو منصرف منون.
وقوله: «وإن حواري»، أصله بالإضافة إلى ياء المتكلم، لكن حذفت الياء اكتفاءً بالكسرة، وقد تبدل فتحةَ للتخفيف، ويروى بالكسرة والفتحة.
(٣) إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٩٥٧) عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. =

١٢٤ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَهَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ لي عَائِشُةُ: يَا عُرْوَةُ كَانَ أَبَوَاكَ مِنْ الَّذِينَ
اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ: أَبُو بَكْرٍ، وَالزُّبَيْرُ (١).

فَضْلِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه
١٢٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الصَّلْتُ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ
عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ طَلْحَةَ مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: شَهِيدٌ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ» (٢).


=وهو في «مسند أحمد» (١٤٠٨).
وقوله في الحديث: «يوم أحد» خطأ، ولعله من أبي معاوية محمَّد بن خازم الضرير، فقد رواه غيرُ واحد عن هشام بن عروة وذكروا فيه أن ذلك كان يوم الخندق. أخرجه كذلك البخاري (٣٧٢٠)، ومسلم (٢٤١٦)، والترمذي (٤٠٧٦)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٥٦) من طرق عن هشام بن عروة، به.
وهو في «المسند» (١٤٠٩)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٨٤) وأكثر الرواياتِ ذكرت فيه قصة. قوله: «جمع لي» أي: جمعهما في التفدية، فقال: فِداكَ أبي وأُمي، كما وقع في بعض مصادر الحديث.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٤٠٧٧)، ومسلم (٢٤١٨) من طريق هشام بن عروة.
(٢) إسناده ضعيف جدًا، الصلت -وهو ابن دينار- الأزدي متروك.
وأخرجه الترمذي (٤٠٧٢) من طريق صالح بن موسى، عن الصلت بن دينار، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الصلت بن دينار، =

١٢٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى طَلْحَةَ، فَقَالَ: «هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ» (١).


= وقد تكلم بعض أهل العلم في الصلت بن دينار وضعفه، وتكلموا في صالح بن موسى.
وانظر ما بعده.
وفي الباب عن طلحة بن عبيد الله عند ابن أبي عاصم في «السنة» (١٤٠٣)، والطبراني (٢١٥)، والضياء المقدسي في «المختارة» (٨٥٠) وحسن إسناده. وأورده الهيثمي في «المجمع» ٩/ ١٤٩ وعزاه للطبراني وقال: فيه سليمان بن أيوب الطلحي وقد وُثق وضعفه جماعة، وفيه جماعة لم أعرفهم.
وقد روي حديث طلحة بلفظ حديث معاوية التالي: «هذا ممن قضى نحبه»، أخرجه الترمذي (٣٤٨١) و(٤٠٧٥) وإسناده حسن.
وعن عائشة عند ابن سعد ٣/ ٢١٨، والحاكم ٢/ ٤١٥ - ٤١٦ و٣/ ٣٧٦، وأبي يعلى (٤٨٩٨) والطبراني في «الأوسط» (٩٣٧٨). وفي إسناده صالح بن موسى وهو متروك.
(١) إسناده ضعيف جدًا، إسحاق بن يحيى بن طلحة متروك.
وأخرجه الترمذي (٣٤٠٨) و(٤٠٧٣) من طريق إسحاق بن يحيى، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث معاوية إلا من هذا الوجه. ويغني عنه حديث طلحة بن عبيد الله، انظر تخريج الحديث السالف.
وانظر ما بعده.
قوله: «ممن قضى نحبه»، قال السندي: أي: وفي بنذره وعزمه على أن يموت في سبيل الله تعالى، أو يحارب أعداء الله تعالى أشد المحاربة، فقد مات أو حارب كما ترى، قيل: وكان في الصحابة ممن عزموا على ذلك، فطلحة ممن وفي بذلك.

١٢٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا إِسْحَاقُ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ
قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ» (١).
١٢٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلَّاءَ، وَقَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُد (٢).

فَضْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه
١٢٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: «ارمِ سَعْدُ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» (٣).


(١) إسناده ضعيف جدًا كسابقه.
(٢) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقيل: هو ابن أبي حازم.
وأخرجه البخاري (٣٧٢٤) و(٤٠٦٣) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٨٥)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٨١).
(٣) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٩٠٥)، ومسلم (٢٤١١)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٤٧ - ٩٩٤٩) من طريق سعد بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٣٠٤٠) و(٣٠٤١) و(٤٠٨٦)، والنسائي (٩٩٥٠) من طريق سعيد بن المسيب، عن علي بن أبي طالب.
وهو في «مسند أحمد» (٧٠٩)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٨٨). =

١٣٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أخبرنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ (ح)
وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ:
سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ أَبَوَيْهِ، فَقَالَ: «ارمِ سَعْدُ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» (١).
١٣١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَخَالِي يَعْلَى وَوَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (٢).


= قلنا: وقد جمع رسول الله ﷺ أبويه للزبير بن العوام كما سلف برقم (١٢٣).
قال الحافظ في «الفتح» ٧/ ٨٤: ويُجمَع بينهما بأن عليا رضي الله عنه لم يَطلع على ذلك، أو مراده بذلك بقَيْدِ يوم أحد.
(١) حديث صحيح، هشام بن عمار وإسماعيل بن عياش متابعان. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.
وأخرجه البخاري (٣٧٢٥)، ومسلم (٢٤١٢)، والترمذي (٣٠٤٢) و(٤٠٨٧)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٥٨) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٤١٢)، والنسائي (٩٩٥٥) من طريق عامر بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٩٥).
(٢) إسناده صحيح. يعلى: هو ابن عبيد الطنافسي، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقيس: هو ابن أبي حازم.
وأخرجه البخاري (٣٧٢٨)، ومسلم (٢٩٦٦)، والترمذي (٢٥٢٢) و(٢٥٢٣)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٦١) من طريق قيس بن أبي حازم، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٦٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٨٩).

١٣٢ - حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولَ:
قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ (١).

فَضَائِلِ الْعَشَرَةِ رضي الله عنهم
١٣٣ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو الْمُثَنَّى النَّخَعِيُّ، عَنْ جَدِّهِ رِيَاحِ (٢) بْنِ الْحَارِثِ
سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَاشِرَ عَشَرَةٍ، فَقَالَ: «أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْجَنَّةِ». فَقِيلَ لَهُ: مَنْ التَّاسِعُ؟ قَالَ: أَنَا (٣).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل مسروق بن المرزبان، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه البخاري (٣٧٢٧) عن إبراهيم بن موسى، عن ابن أبي زائدة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري أيضًا (٣٧٢٦) عن مكي بن إبراهيم و(٣٨٥٨) من طريق أبي أسامة، كلاهما عن هاشم، به. ورواية مكي مختصرة: «لقد رأيتني وأنا ثلث الإسلام».
(٢) في (س): رَباح، براء مفتوحة وباء موحدة، وهو تصحيف.
(٣) حديث صحيح، هشام بن عمار متابع، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أبو داود (٤٦٥٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٣٧) من طريقين عن صدقة بن الحارث، بهذا الإسناد. =

١٣٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَالِمٍ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اثْبُتْ حِرَاءُ، فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ». وَعَدَّهُمْ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَابْنُ عَوْفٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ (١).

فَضْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه
١٣٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ (ح)


= وأخرجه أبو داود (٤٦٤٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٤٧) من طريق عبد الرحمن ابن الأخنس، والنسائي (٨١٣٩) من طريق حميد بن عبد الرحمن، كلاهما عن سعيد بن زيد، عن النبي ﷺ.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٢٩).
وانظر ما بعده.
(١) حديث صحيح، عبد الله بن ظالم متابع، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه أبو داود (٤٦٤٨)، والترمذي (٤٠٩٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٣٤) من طريق هلال بن يساف، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه الترمذي (٤٠٩١)، والنسائي (٨١٠٠) من طريق عبد الرحمن بن الأخنس، عن سعيد بن زيد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٣٠) و(١٦٣٨)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٩٦). وانظر ما قبله.
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (٢٤١٧)، وهو في «المسند» (٩٤٣٠)، وانظر تتمة شواهده هناك.

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ
عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِأَهْلِ نَجْرَانَ: «سَأَبْعَثُ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ». قَالَ: فَتَشَرَّفَ لَها (١) النَّاسُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ (٢).
١٣٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: «هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ» (٣).


(١) في النسخ المطبوعة: له. والمثبت من أصولنا الخطية، قال السندي: فتشرف، أي: انتظر، أي: للبعث وفي نسخة: لها، أي: لهذه الكلمة.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو ابن عبد الله السبيعي.
وأخرجه البخاري (٣٧٤٥)، ومسلم (٢٤٢٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٩٨) من طريق شبة، والبخاري (٤٣٨٠) من طريق إسرائيل، ومسلم (٢٤٢٠)، والترمذي (٤١٢٩)، والنسائي (٨١٤١) من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٧٢)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٩٩).
قوله: «حق أمين»، قال السندي: أي: بلغ في الأمانة الغايةَ القصوى، قيل: الأمانة كانت مشتركة بينه وبين غيره من الصحابة، لكن النبي ﷺ خصَّ بعضهم بصفات غلبت عليهم وكان بها أخصَّ، وقيل: خصه بالأمانة لكمال هذه الصفة فيه.
(٣) إسناده صحيح. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. =

فَضْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه
١٣٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْحَارِثِ
عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْ كُنْتُ مُسْتَخْلِفًا أَحَدًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ، لَاسْتَخْلَفْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ» (١).
١٣٨ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ


وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨١٤٠) من طريق القاسم بن يزيد الجرمي، عن إسرائيل، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٩٣٠)، وانظر شواهده فيه.
(١) إسناده ضعيف لضعف الحارث: وهو الأعور. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد في «المسند» (٧٣٩)، والترمذي (٤١٤٣) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٥٦٦) وغيره من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به.
ورواه منصور بن المعتمر عن أبي إسحاق فاختُلف عليه: فرواه عنه زهير ابن معاوية عند أحمد (٨٤٦) و(٨٥٢)، والترمذي (٤١٤٢) عن الحارث عن علي.
ورواه عنه القاسم بن معن عند النسائي في «الكبرى» (٨٢١٠) عن عاصم بن ضمرة عن علي. وهذه رواية شاذة، والحارث عن علي أصح، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الحارث عن علي.
وذكر الدارقطني في «العلل» ٤/ ٦٥ أنه روي أيضًا -فيما قيل- عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي، ورواه مالك بن مغول عن أبي إسحاق مرسلًا عن النبي ﷺ. قلنا: فهو على هذا مضطرب أيضًا.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَشَّرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ» (١).
١٣٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ تَرْفَعَ الْحِجَابَ، وَأَنْ تَسْمَعَ (٢) سِوَادِي حَتَّى أَنْهَاكَ» (٣).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، عاصم -وهو ابن أبي النجود- صدوق حسن الحديث. زر: هو ابن حبيش.
وأخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (١٥٥٤)، والبزار (٢٦٨١)، وأبو يعلى (١٧) و(٥٠٥٩)، والطبراني في «الكبير» (٨٤٢٣) من طريقين عن ابن مسعود، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٥)، و«صحيح ابن حبان» (٧٠٦٦).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨١٩٨) و(٨٢٠٠) من طريق قيس بن مروان، و(٨١٩٩) من طريق علقمة بن مسعود، كلاهما عن عمر بن الخطاب وحده.
وهو في «المسند» (١٧٥) ضمن حديث مطول.
قوله: «غضًا» بالغين المعجمة، قال السندي: قيل: الغض: الطريُ الذي لم يتغير، أراد طريقه في القراءة وهيئاته فيها.
(٢) في النسخ المطبوعة: تسمع.
(٣) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢١٦٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٢٠٤) من طريق الحسن ابن عبيد الله، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٨٣٣).
قوله: «سِوادي» بكسر السين: السِّرَار، يُقال: ساودتُ الرجل مساودةً: إذا ساررتَه.

فَضْلِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه
١٤٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ
عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: كُنَّا نَلْقَى النَّفَرَ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ، فَيَقْطَعُونَ حَدِيثَهُمْ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لرسول الله ﷺ، فَقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَحَدَّثُونَ، فَإِذَا رَأَوْا الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي قَطَعُوا حَدِيثَهُمْ، وَاللَّهِ، لَا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الْإِيمَانُ حَتَّى يُحِبَّهُمْ لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِهِمْ مِنِّي» (١).
١٤١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الحَضْرَمِيِّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (٢)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ


(١) إسناده ضعيف، أبو سبرة الخعي لم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال ابن معين: لا أعرفه، ومحمد بن كعب لم يدرك العباس بن عبد المطلب.
وأخرجه البزار (١٣٢١)، والحاكم ٤/ ٧٥ من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد في»المسند«(١٧٧٣) و(١٧٥١٥)، وابن شبة في»تاريخ المدينة«٢/ ٦٣٩ من طريق يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد المطلب بن ربيعة، قال: دخل العباس على رسول الله ﷺ ... وهذا سند ضعيف، يزيد بن أبي زياد الجمهور على تضعيفه، وقال الدارقطني: ضعيف يخطئ كثيرًا ويُلقَن إذا لُقِّن.
وهو من طريق يزيد بن أبي زياد هذا بلفظ قريب منه عند الترمذي (٤٠٩٢)، والنسائي في»الكبرى" (٨١٢٠).
(٢) في (س): عمر، دون واو، وهو خطأ.

اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، فَمَنْزِلِي وَمَنْزِلُ إِبْرَاهِيمَ فِي الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (١) تُجَاهَيْنِ، وَالْعَبَّاسُ بَيْنَنَا مُؤْمِنٌ بَيْنَ خَلِيلَيْنِ» (٢).

فَضائلِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ابْنيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم
١٤٢ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أن النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ لِلْحَسَنِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ»، قَالَ: وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ (٣).


(١) هكذا في (ذ)، وفي (س): ومنزل إبراهيم يوم القيامة، وفي (م): ومنزل إبراهيم في الجنة.
(٢) إسناده ضجف جدًا، عبد الوهاب بن الضحاك متروك، وقد اتهم.
وأخرجه العقيلي في «الضعفاء» ٣/ ٧٨، والخطيب في «التاريخ» ٥/ ٢٢٧، وابن الجوزي في «الموضوعات» ٢/ ٣٢ من طريق عبد الوهَّاب، بهذا الإسناد. قال العقيلي: لا يتابعه -يعني عبد الوهاب- إلا من هو دونه أو مثله، وليس للحديث أصل عن ثقة.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ١/ ١٧٧، ومن طريقه ابن الجوزي في «الموضوعات» ٢/ ٣٢ عن محمَّد بن عبدة بن حرب، عن أحمد بن معاوية الباهلي، عن ابن عياش، به. قال ابن عدي: أحمد بن معاوية يحدث عن الثقات بالبواطيل، يسرق الحديث، وهذا الحديث يُعرف بعبد الوهاب بن الضحاك عن إسماعيل بن عياش، وأحمد بن معاوية هذا سرقه من عبد الوهاب، على أن عبد الوهاب كان يتهم فيه.
قلنا: وقد صح عن النبي ﷺ قوله: «إن الله اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا» من حديث جندب بن عبد الله البجلي عند مسلم (٥٣٢).
(٣) إسناده صحيح.

١٤٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَوْفٍ أَبِي الْجَحَّافِ -وَكَانَ مَرْضِيًّا- عَنْ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَد أَبْغَضَنِي» (١).
١٤٤ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ
أَنَّ يَعْلَى بْنَ مُرَّةَ حَدَّثَهُمْ: أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ، فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي السِّكَّةِ. قَالَ: فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ ﷺ أَمَامَ القَوْمِ، وَبَسَطَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَفِرُّ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَيُضَاحِكُهُ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى أَخَذَهُ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ ذَقنِهِ، وَالْأُخْرَى فِي فَأْسِ رَأْسِهِ، فَقَبَّلَهُ، وَقَالَ: «حُسَيْنٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ» (٢).


= وأخرجه البخاري (٢١٢٢)، ومسلم (٢٤٢١)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٠٨) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٦٣).
(١) إسناده حسن. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨١١٢) من طريق أبي نعيم، عن سفيان، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٨٧٦).
(٢) حديث حسن إن شاء الله، سعيد بن أبي راشد -ويقال: سعيد بن راشد- لم يرو عنه غير عبد الله بن عثمان بن خثيم، وذكره ابن حبان في «ثقاته»، وحسَّن له الترمذي حديثه وصححه له ابن حبان والحاكم. =

١٤٥ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ السُّدِّيِّ، عَنْ صُبَيْحٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ: «أَنَا سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُمْ، حَرْبٌ (١) لِمَنْ حَارَبْتُمْ» (٢).


=أخرجه الترمذي برقم (٤١٠٩) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٥٦١)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٧١).
وروي هذا الحديث عن أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن معاوية ابن صالح، عن راشد بن سعد، عن يعلى. أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٨/ ٤١٤ - ٤١٥، وفي «الأدب المفرد» (٣٦٤)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة» ١/ ٣٠٨ - ٣٠٩، والطبراني في «الكبير» (٢٥٨٦) و٢٢/ (٧٠١). وراشد بن سعد هذا ثقة، لكن عبد الله بن صالح سيئ الحفظ، ومع ذلك فقد قدّم البخاري في «التاريخ» روايته هذه على رواية ابن خثيم واعتبرها أصحَّ. والله تعالى أعلم.
وقوله: «فاس رأسه»، قال السندي: هو طرف مؤخَّرِه المنتشر على القفا.
وقوله: «سِبط من الأسباط»، قيل: يُطلق السبط على القبيلة وهو المراد ها هنا، والمقصود الإخبار ببقائه وكثرة أولاده.
تنبيه: وقع في (ذ) ومطبوعة محمَّد فؤاد عبد الباقي بعد هذا الحديث: «حدثنا علي بن محمَّد، ثنا وكيع، عن سفيان مثله»، وهذا السند مقحم هنا وليس في (س) و(م)، وكذا لم يذكره المزي في «التحفة» (١١٨٥٠).
(١) في النسخ المطبوعة: وحربٌ.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة حال صُبيح مولى أم سلمة، وأسباط بن نصر كثير الخطأ ويُغرِب.
وأخرجه الترمذي (٤٢٠٨) من طريق علي بن قادم، عن أسباط بن نصر، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب، وصبيح مولى أم سلمة ليس بمعروف.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦٩٧٧).
وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد في «المسند» (٩٦٩٨). وإسناده ضعيف جدًا.

فَضْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ
١٤٦ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَاسْتَأْذَنَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «ائْذَنُوا لَهُ، مَرْحَبًا بِالطَّيِّبِ الْمُطَيَّبِ» (١).
١٤٧ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَن الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئ، قَالَ:
دَخَلَ عَمَّارٌ عَلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالطَّيِّبِ الْمُطَيَّبِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مُلِئَ عَمَّارٌ إِيمَانًا إِلَى مُشَاشِهِ» (٢).


(١) إسناده حسن، هانئ بن هانئ روى له أصحاب السُّنن، وقال النسائي: ليس به بأس، ووثقه العجلي وذكره ابن حبان في «الثقات». سفيان: هو الثوري.
وأخرجه الترمذي (٤١٣١) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٧٧٩)، و«صحيح ابن حبان» (٧٠٧٥).
(٢) صحح لغيره، وهذا إسناد حسن كالذي قبله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «الإيمان» (٩٣)، وفي «المصنف» ١٢/ ١٢١، وابن حبان (٧٠٧٦)، وأبو نعيم في «الحلية» ١/ ١٣٩ من طريق عثام، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله بن مسعود عند النسائي ٨/ ١١١، والحاكم ٣/ ٣٩٢، وإسناده صحيح.
قوله: «إلى مشاشه»، قال السندي: بضم ميم وتخفيف: هي رؤوس العظام، كالمرفقين والكتفين والركبتين، وعلى هذا فيمكن أن يقال: إنه طيب بأصل الخلقة، والله تعالى أراد فيه ذلك بحيث ملأه منه.

١٤٨ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى (ح)
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ حَبيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَمَّارٌ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ إِلَّا اخْتَارَ الْأَرْشَدَ مِنْهُمَا» (١).

فَضْلِ سَلْمَانَ وَأَبِي ذَرٍّ وَالْمِقْدَادِ
١٤٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ الإِيَادِيِّ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: عَلِيٌّ مِنْهُمْ، يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثًا، وَأَبُو ذَرٍّ، وَسَلْمَانُ، وَالْمِقْدَادُ«(٢).


(١) حديث صحيح، عبد العزيز بن سياه صدوق وقد توبع.
وأخرجه الترمذي (٤١٣٢)، والنسائي في»الكبرى«(٨٢١٨) من طريق عبيد الله ابن موسى، عن عبد العزيز بن سياه، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
وهو في»مسند أحمد«(٢٤٨٢٠) من طريق عبد الله بن حبيب، عن حبيب بن أبي ثابت.
(٢) إسناده ضعيف، أبو ربيعة الإيادي ضعيف، وشريك -وهو النخعي- سيئ الحفظ. ابن بريدة: هو عبد الله.
وأخرجه الترمذي (٤٠٥٢) عن إسماعيل بن موسى الفزاري، عن شريك، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب!
وهو في»مسند أحمد" (٢٢٩٦٨).

[فضائل بلال]
١٥٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ سَبْعَةٌ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ، وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلالٌ، وَالْمِقْدَادُ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِقَوْمِهِ، وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمْ الْمُشْرِكُونَ، وَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ، وَصَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ، فَمَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وَاتَاهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا إِلَّا بِلالًا، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، فَأَخَذُوهُ، فَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ، فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ (١).
١٥١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ، وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ، وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ


(١) إسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٢/ ١٤٩ و١٤/ ٣١٣، وأحمد (٣٨٣٢)، والشاشي في»مسنده«(٦٤١)، وابن حبان (٧٠٨٣)، والحاكم ٣/ ٢٨٤، وأبو نعيم في»الحلية«١/ ١٤٩ و١٧٢، والبيهقي في»الدلائل«٢/ ٢٨١ - ٢٨٢ من طريق زائدة بن قدامة، بهذا الإسناد.
وانظر تفصيل الكلام عليه في»المسند".

عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إِلَّا مَا وَارَى إِبِطُ بِلَالٍ» (١).
١٥٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ شَاعِرًا مَدَحَ بِلَالَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ:
بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ خَيْرُ بِلَالٍ
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَذَبْتَ، لَا، بَلْ: بِلَالُ رَسُولِ اللَّهِ خَيْرُ بِلَالٍ (٢).

[فَضَائِلِ خَبَّاب]
١٥٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ، قَالَ:
جَاءَ خَبَّابٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: ادْنُ، فَمَا أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَذَا الْمَجْلِسِ مِنْكَ إِلَّا عَمَّارٌ. فَجَعَلَ خَبَّابٌ يُرِيهِ آثَارًا بِظَهْرِهِ مِمَّا عَذَّبَهُ الْمُشْرِكُونَ (٣).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (٢٦٤٠) من طريق روح بن أسلم، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٢١٢)، و«صحيح ابن حبان» (٦٥٦٠).
قوله: «أتت علىَّ ثالثة» أي: ليلة ثالثة.
وقوله: «ذو كبدِ» أي: يأكله حيٌّ.
(٢) إسناده ضعيف لضعف عمر بن حمزة: وهو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب. وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على «المسند» لأبيه (٥٦٣٨) عن إبراهيم ابن سعيد، عن أبي أسامة، بهذا الإسناد.
وبلال بن عبد الله الممدوح: أبوه هو عبد الله بن عمر بن الخطاب.
(٣) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي. =

[فَضَائِلِ زيد بن ثابت]
١٥٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْضَاهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (١)، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» (٢).


= وأخرجه ابن سعد في «الطبقات»، ٣/ ١٦٥، وابن أبي شيبة ١٢/ ١١٨ و١٤/ ٣١٣، وأحمد في «فضائل الصحابة» (١٥٩٦)، وأبو نعيم في «الحلية» ١/ ٣٥٩ من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
(١) قوله: «وأقضاهم علي بن أبي طالب» ليس في (ذ) و(م)، ولم نتبينه في نسخة (س) بسبب سوء التصوير في هذا الموضع. وهو في المطبوع وفي النسخة التي شرح عليها السندي، والله تعالى أعلم.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (٤١٢٥) عن محمَّد بن بشار، والنسائي في «الكبرى» (٨٢٢٩) عن محمَّد بن يحيى بن أيوب، كلاهما عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، بهذا الإسناد. ولم يذكر محمَّد بن يحيى فيه عثمان ولا عليا ولا أُبيا، ومحمد بن بشار لم يذكر فيه عليًّا. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه النسائي (٨١٨٥) من طريق وهيب، عن خالد الحذاء، به. ولم يذكر عليّا.
وأخرجه الترمذي (٤١٢٤) من طريق معمر، عن قتادة، عن أنس. ولم يذكر عليَّا أيضًا.
والحديث في «مسند أحمد»، (١٢٩٠٤)، و«صحيح ابن حبان» (٧١٣١).
ولقوله: «أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» انظر ما سلف برقم (١٣٥) و(١٣٦).

١٥٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، مِثْلَهُ (١).

[فَضْلِ أَبِي ذَرٍّ]
١٥٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيْلِيِّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ، وَلَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ، مِنْ رَجُلٍ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرّ» (٢).

فَضْلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ
١٥٧ - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ سَرَقَةٌ مِن حَرِيرٍ، فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَتَدَاوَلُونَهَا بَيْنَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا؟» فَقَالُوا لَهُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فقَالَ: «وَالَّذِي


(١) هكذا في (ذ) و(س)، وساق الحديث بتمامه في (م) -وهي نسخة ابن قدامة المقدسي- إلا أنه يقول في حق زيد:»وأعلمهم بالفرائض«.
(٢) حسن لغيره، وهذا سند ضعيف لضعف عثمان بن عمير.
وأخرجه الترمذي (٤١٣٥) عن محمود بن غيلان، عن ابن نمير، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد" (٦٥١٩)، وانظر شواهده فيه.
وأخرجه ابنُ حبان (٧١٣٢) من حديث أبي ذر، وقال بإثره: يُشبه أن يكون هذا خطابًا خرج على حسبِ الحالِ في شيء بعينه، إذ محالٌ أن يكونَ هذا الخطابُ على عمومه وتحتَ الخضراء المصطفى ﷺ، والصديقُ والفاروقُ رضي الله عنهما.

نَفْسِي بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا» (١).
١٥٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ عز وجل لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» (٢).

فَضْلِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ
١٥٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ


(١) إسناده صحيح. أبو الأحوص: هو سلاّم بن سُليم، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله بن عبيد السَّبيعي.
وأخرجه البخاري (٣٢٤٩)، ومسلم (٢٤٦٨)، والترمذي (٤١٨٢)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٦٤) من طريق أبي إسحاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٥٤٤)، و«صحيح ابن حبان» (٧٠٣٥).
قوله: «سَرَقة من حرير»، أي: قطعة من جيد الحرير، وجمعها: سَرَقٌ.
(٢) إسناده صحح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، وأبو سفيان: هو طلحة بن نافع.
وأخرجه البخاري (٣٨٠٣)، ومسلم (٢٤٦٦) (١٢٤) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٤٦٦) (١٢٣)، والترمذي (٤١٨٣) من طريق أبي الزبير، عن جابر.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١٥٣)، و«صحيح ابن حبان» (٧٠٢٩).
قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ٧/ ١٢٤: المراد باهتزاز العرش استبشاره وسروره بقدوم روحه، يقال لكل من فرح بقدوم قادم عليه: اهتزَّ له، ومنه: اهتزت الأرض بالنبات: إذا اخضرَّت وحَسُنت.

عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي، وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، وقَالَ: «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْديًّا» (١).

[فَضْلِ أَهْلِ بَدْرٍ] (٢)
١٦٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ
عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بنِ خَدِيجٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ أَوْ مَلَكٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا فِيكُمْ؟ قَالُوا: خِيَارَنَا. قَالَ: كَذَلِكَ هُمْ عِنْدَنَا، خِيَارُ الْمَلَائِكَةِ (٣).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٣٠٣٥) و(٣٠٣٦)، ومسلم (٢٤٧٥) (١٣٥) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا دون قصة التثبيت والدعاء له: البخاري (٣٨٢٢)، ومسلم (٢٤٧٥) (١٣٤)، والترمذي (٤١٥٥) و(٤١٥٦) من طريق قيس بن أبي حازم، به. وهو في «مسند أحمد» (١٩١٧٣)، و«صحيح ابن حبان» (٧٢٠٠).
وأخرج قصة التثبيت ضمن قصة هدم ذي الخَلَصة البخاري (٣٠٢٠)، ومسلم (٢٤٧٦)، والنسائي في «الكبرى» (٨٢٤٥) من طريق قيس بن أبي حازم، عن جرير. وهو في «المسند» (١٩٢٠٤)، و«صحيح ابن حبان» (٧٢٠١).
قوله: «ما حجبني» قال السندي: أي: ما منعني الدخول عليه حين أردت ذلك.
(٢) هذا العنوان هنا من النسخ المطبوعة، وفي (ذ) و(س) مكانه: فضل الأنصار.
ولم يرد هنا عنوان في (م).
(٣) إسناده صحيح. أبو كريب: هو محمَّد بن العلاء، وسفيان: هو الثوري، ويحيى بن سعيد: هو التيمي أبو حيان. =

فضائل الصحابة (١)
١٦١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ (ح)
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ (ح)
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ؛ جَمِيعًا عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هريرة، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» (٢).


= وأخرجه البخاري من طريق معاذ بن رفاعة الزرقي، عن أبيه -وكان أبوه من أهل بدر- قال جاء جبريل إلى النبي ﷺ فقال: ...
وأخرجه البخاري (٣٩٩٣) من طريق معاذ بن رفاعة بن رافع، وكان رفاعة من أهل بدر، وكان رافع من أهل العقبة، فكان يقول لابنه: ما يسرني أني شهدت بدرًا بالعقبة، قال: سأل جبريلُ النبي ﷺ بهذا.
وأخرجه (٣٩٩٤) من طريق معاذ بن رفاعة: أن ملكًا سأل النبي ﷺ ...
وهو في «مسند أحمد» (١٥٨٢٠)، و«صحيح ابن حبان» (٧٢٢٤)، وفيهما تمام تخريجه.
(١) هذا العنوان من نسخة على هامش (ذ).
(٢) إسناده صحيح. وذِكرُ أبي هريرة فيه وهمٌ، والصواب أنه عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري، ذكر ذلك الحافظ المزي في «تحفة الأشراف» (٤٠٠١)، والحافظ ابن حجر في «الفتح» ٧/ ٣٥ - ٣٦ بتفصيل، قال الحافظ ابن حجر: قد وجدته في نسخة قديمة جدًا من ابن ماجه قرئت في سنة بضع وسبعين وثلاث مئة وهي في غاية الإتقان وفيها: عن أبي سعيد.
والحديث عند مسلم (٢٥٤٠) من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. فَعَده المزي في «التحفة» وهمًا وقع من مسلم في حال كتابته لا في حفظه. =

١٦٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَلَمُقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً، خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ (١).

فَضائلِ الْأَنْصَار (٢)
١٦٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ أَبْغَضَهُ اللَّه».
قَالَ شُعْبَةُ: قلت لِعَدِيٍّ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ؟ قَالَ: إِيَّايَ حَدَّثَ (٣).


= وأما من حديث أبي سعيد على الجادَّة، فهو عند البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١)، وأبو داود (٤٦٥٨)، والترمذي (٤١٩٨) و(٤١٩٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٢٥٠) من طريق الأعمش عن أبي صالح عنه.
وهو من حديث أبي سعيد في «مسند أحمد» (١١٠٧٩)، و«صحيح ابن حبان» (٧٢٥٥).
(١) إسناده قوي. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٢/ ١٧٨، وأحمد في «فضائل الصحابة» (١٥) و(٢٠) و(١٧٢٩) و(١٧٣٦)، وابن أبي عاصم في «السنة» (١٠٠٦)، والبيهقي في «الاعتقاد» ص ٣٢٣ من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
(٢) هذا العنوان من نسخة على هامش (ذ).
(٣) إسناده صحيح. =

١٦٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الْأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ اسْتَقْبَلُوا وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، وَاسْتَقْبَلَتْ الْأَنْصَارُ وَادِيًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ» (١).


= وأخرجه البخاري (٣٧٨٣)، ومسلم (٧٥)، والترمذي (٤٢٣٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٢٧٦) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٥٠٠)، و«صحيح ابن حبان» (٧٢٧٢).
(١) متن الحديث صحيح من غير هذا الوجه، وهذا إسناد ضعيف جدًا، عبد المهيمن بن عباس متفق على ضعفه، وقال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن حبان: لما فَحُشَ الوهم في روايته، بطل الاحتجاج به.
والحديث في «الصحيحين» البخاري (٤٣٣٠) و(٧٢٤٥)، ومسلم (١٠٦١) من حديث عبد الله بن زيد، وهو في «مسند أحمد» (١٦٤٧٥).
وهو عند البخاري أيضًا من حديث أبي هريرة (٣٧٧٩) دون قوله: «الأنصار شعار والناسُ دثار»، وهو في «المسند» (٨١٦٩)، وذكرنا هناك أحاديثَ الباب.
قوله: «شعار»، قال السندي: بكسر الشين: هو الثوب الذي يلي الجسد.
والدثار: بكسر الدال: ثوب يكون فوق ذلك، أي: الأنصار هم الخواص، والناس عوام، يريد أن الأنصار لكثرة إخلاصهم وإحسانهم يستحقون أن يتخذهم أخلاء وخواص له، أو هم لذلك خواص، بخلاف الناس الآخرين، فإن غالبهم لا يسلمون لذلك، بل هم من العوام.
وقوله: «أو شعبًا» قال: بكسر الشين: الطريق في الجبل، أو انفراج بين الجبلين. وقوله: «ولولا الهجرة» أي: لولا شرفها وجلالة قدرها عند الله.
«لكنت امرأ من الأنصار» أي: لعددت نفسي واحدًا منهم، لكمال فضلهم وشرفهم بعد فضل الهجرة وشرفها. والمقصود: الإخبار بما لهم من المزية بعد =

١٦٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «رَحِمَ اللَّهُ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ» (١).

[فَضْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ]
١٦٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ وَتَأْوِيلَ الْكِتَابِ» (٢).


= مزية الهجرة، وأنها مزية يرضى بها مثلُه، وإلا فالانتقال لا يتصور، سيما الانتساب بالنسب، فإنه حرام دينًا أيضًا.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف خالد بن مخلد وشيخِه كثير بن عبد الله.
والحديث في «الصحيحين» البخاري (٤٩٠٦)، ومسلم (٢٥٠٦) من حديث زيد بن أرقم، وهو في «مسند أحمد» (١٩٢٩٢).
وهو في «المسند» أيضًا من حديث أنس (١٢٤١٤). وذكرنا عنده أحاديث الباب.
(٢) إسناده صحيح. عبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي، وخالد الحذاء: هو ابن مهران، وعكرمة: هو مولى ابن عباس.
وأخرجه البخاري (٣٧٥٦)، والترمذي (٤١٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٢١) من طريق عكرمة عن ابن عباس، مرفوعًا. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه البخاري (١٤٣)، ومسلم (٢٤٧٧)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٢١) من طريق عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس: أن النبي ﷺ دخل الخلاء، فوضعتُ له وَضوءًا، قال: «من وضع هذا؟» فأخبر، فقال: «اللهم فقهه في الدين». =

١٢ - بَابٌ فِي ذِكْرِ الْخَوَارِجِ
١٦٧ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: وَذَكَرَ الْخَوَارِجَ، فَقَالَ: فِيهِمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ، أَوْ مَوْدنُ الْيَدِ، أَوْ مَثْدُونُ الْيَدِ، وَلَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ، عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ ﷺ.
قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ ﷺ؟ قَالَ: إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (١).


= وأخرج الترمذي (٤١٥٨)، والنسائي (٨١٢٢) من طريق عطاء، عن ابن عباس، قال: دعا لي رسول الله ﷺ أن يؤتينى الحكمة مرتين. قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث عطاء.
وأخرج الترمذي (٤١٥٧) من طريق أبي جهضم، عن ابن عباس: أنه رأى جبريل عليه السلام مرتين، ودعا له النبي ﷺ مرتين. وقال الترمذي: هذا حديث مرسل، وأبو جهضم لم يدرك ابن عباس.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٤٠)، و«صحيح ابن حبان» (٧٠٥٤) و(٧٠٥٥).
قوله: «علمه الحكمة» قيل: المراد بالحكمة: معرفة حقائق الأشياء والعمل بما ينبغي، وهو المذكور في كتاب الله تعالى، وقيل: الظاهر أن يراد بها السنة لأنها قرنت بالكتاب، قال تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [البقرة: ١٢٩].
(١) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وعَبيدة: هو السَّلْماني.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ١٥/ ٣٠٣ - ٣٠٤.
وأخرجه مسلم (١٠٦٦) (١٥٥)، وأبو داود (٤٧٦٣)، والنسائي في «الكبرى» (٨٥١٩) و(٨٥٢٠) من طريق محمَّد بن سيرين، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٢٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٣٨). =

١٦٨ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ النَّاسِ، يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، فَمَنْ لَقِيَهُمْ فَلْيَقْتُلْهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ» (١).
١٦٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ:


= قوله: «مخدج اليد»، قال السندي: بخاء معجمة ثم دال مهملة ثم جيم: اسم مفعول من أخدج، أي: ناقص اليد، أي: قصيرها. وكذا «مودن اليد» بالدال المهملة لفظا ومعنى. و«مثدون» كمفعول، بثاء مثلثة ودال مهملة، أي: صغير اليد مجتمعها، والمثدون: الناقص الخَلْق.
وقوله: «ولولا أن تبطروا» كتفرحوا لفظا ومعنى، والمراد: لولا خشيةُ أن تفرحوا فرحًا يؤدي إلى ترك الأعمال وكثرة الطغيان.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. عاصم: هو ابن أبي النجود، وزر: هو ابن حُبيش.
وأخرجه الترمذي (٢٣٣٣) من طريق أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٣٨٣١)، وفيه تتمة شواهده.
قوله: «أحداث الأسنان»، أي: صغار الأسنان، أي: ضعفاء الأسنان، فإن حداثة السن محل للفساد عادةً. قاله السندي.
والرميّة، قال ابن الأثير: الصيد الذي ترميه فتقصدُه، وينفُذُ فيه سهمك.

قُلْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ فِي الْحَرُورِيَّةِ شَيْئًا؟ فَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ قَوْمًا يَتَعَبَّدُونَ: «يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصَوْمَهُ مَعَ صَوْمِهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، أَخَذَ سَهْمَهُ فَنَظَرَ فِي نَصْلِهِ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَنَظَرَ فِي رِصَافِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَنَظَرَ فِي قِدْحِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَنَظَرَ فِي الْقُذَذِ فَتَمَارَى هَلْ يَرَى شَيْئًا أَمْ لَا» (١).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي، وقد توبع.
وأخرجه البخاري (٦٩٣١)، ومسلم (١٠٦٤) (١٤٧) من طريق محمَّد بن إبراهيم، عن أبي سلمة وعطاء بن يسار، عن أبي سعيد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢٩١) عن يزيد بن هارون به.
وأخرجه بنحوه مطولًا ومختصرًا البخاري (٥٠٥٨)، ومسلم (١٠٦٤)، وأبو داود (٤٧٦٤)، والنسائي في «المجتبى» ٥/ ٨٧ - ٨٨، وفي «الكبرى» (٨٠٣٥) و(٨٥٠٧) و(١١١٥٦) و(١١١٥٧) من طرق عن أبي سعيد الخدري.
وهو في «مسند أحمد» (١١٠٠٨) و(١١٢٨٥)، و«صحيح ابن حبان» (٦٧٣٧) و(٦٧٤١).
قوله: الحرورية، قال السندي: بفتح الحاء وضم الراء الأولى: نسبة إلى حروراء، وهو موضع قريب من الكوفة، أي: في الخوارج، فإن خروجهم كان منها، ويتعبدون أي: يتكلفون في العبادة.
«في رِصافه»، جمع رَصَفة -بفتحتين- وهو عصب يلوى على مدخل النصل في السهم.
«في قِدْحه»: هو خشب السهم.
«في القَذَذ»: هي ريش السهم، واحدها قُذة بالضم.
«فتمارى» أي: شك.

١٧٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي - أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي - قَوْما يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ، هُمْ شِرَارُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ».
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَافِعِ بْنِ عَمْرٍو، أَخِي الحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ، فَقَالَ: وَأَنَا أَيْضًا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ (١).
١٧١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَيَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي، يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ١٥/ ٣٠٦.
وأخرجه مسلم (١٠٦٧) من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٣٤٢)، و«صحيح ابن حبان» (٦٧٣٨).
قوله: «هم شرار الخلق والخليقة»، قال السندي: الخلق: الناس، والخليقة: البهائم، وقيل: هما بمعنى، ويريد بهما جميع الخلق.
(٢) صحيح لغيره، سماك -وهو ابن حرب- روايته عن عكرمة فيها اضطراب. أبو الأحوص: هو سلام بن سُليم.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ١٠/ ٥٣٥ و١٥/ ٣٢٢. =

١٧٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أخبرنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْجِعْرَانَةِ وَهُوَ يَقْسِمُ التِّبْرَ وَالْغَنَائِمَ، وَهُوَ فِي حِجْرِ بِلَالٍ، فَقَالَ «رَجُلٌ:» اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ، فَإِنَّكَ لَمْ تَعْدِلْ! فَقَالَ:»وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ بَعْدِي إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟! «، فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى أَضْرِبَ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ هَذَا فِي أَصْحَابٍ، أَوْ أُصَيْحَابٍ، لَهُ يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ» (١).
١٧٣ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ الْأَعْمَشِ


= وأخرجه الطيالسي (٢٦٨٧)، والفريابي في «فضائل القرآن» (١٩٤)، وأبو يعلى (٢٣٥٤)، والطبراني في «الكبير» (١١٧٣٤) و(١١٧٧٥) من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣١٢).
ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري في «الصحيحين»، وحديث أبي ذر عند مسلم، وقد سلفا قبله. وانظر بقية شواهده في «المسند».
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٠٦٣)، والنسائي في «الكبرى» (٨٠٣٣) و(٨٠٣٤) من طريق أبي الزبير، عن جابر.
وأخرجه البخاري (٣١٣٨) مختصرًا من طريق عمرو بن دينار، عن جابر، قال: بينما رسول الله يقسم غنيمة بالجعرانة إذ قال له رجل: اعدل. فقال له: «شقيتُ إن لم أعدل».
وهو من طريق أبي الزبير عن جابر في «مسند أحمد» (١٤٨٠٤)، و«صحيح ابن حبان» (٤٨١٩).
الجِعرانة: بكسر الجيم وتسكين العين، ويقال بكسر الجيم والين وتشديد الراء، ضُبط على الوجهين، وهو موضع قرب مكة.

عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْخَوَارِجُ كِلَابُ النَّار» (١).
١٧٤ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ نَافِعٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «يَنْشَأُ نَشْءٌ يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ» -قَالَ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً-»حَتَّى يَخْرُجَ فِي عِرَاضِهِمْ الدَّجَّالُ«(٢).


(١) صحيح دون لفظ»الخوارج«، فإن هذا المصطلح استُحدث بعد زمن النبي ﷺ، وإسناد هذا الحديث منقطع، فإن الأعمش لم يسمع عبدَ الله بن أبي أوفى فيما قاله الإمام أحمد وغيره.
وللحديث طريق أخرى يتقوى بها كما سيأتي. إسحاق الأزرق: هو ابن يوسف. وهو في»مصنف ابن أبي شيبة«٥/ ٣٠.
وأخرجه أحمد في»المسند«(١٩١٣٠)، وابن أبي عاصم في»السنة«(٩٠٤)، واللالكائي في»أصول الاعتقاد«(٢٣١١)، وأبو نعيم في»الحلية«٥/ ٥٦، والخطيب في»تاريخه«٦/ ٣١٦، وابن الجوزي في»العلل المتناهية«١/ ١٦٨ من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (٨٢٢)، وأحمد (١٩٤١٥)، وابن أبي عاصم (٩٠٥)، وابن عدي في»الكامل«٢/ ٨٤٧، والحاكم ٣/ ٥٧١ من طريق الحشرج بن نباتة، عن سعيد بن جمهان، عن عبد الله بن أبي أوفى. وسنده حسن إن شاء الله.
ويشهد له حديث أبي أمامة الآتي برقم (١٧٦)، وهو حديث صحيح بطرقه.
(٢) إسناده حسن من أجل هشام بن عمار.
وأخرجه أحمد في»المسند" (٥٥٦٢/ ٣) من طريق أبي جناب يحيى بن أبي حية، عن شهر بن حوشب، عن ابن عمر، رفعه. وأبو جناب وشهر بن حوشب ضعيفان. =

١٧٥ - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، أَوْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، أَوْ حُلُوقَهُمْ، سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ، إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ أَوْ إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ» (١)
١٧٦ - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ (٢)، يَقُولُ: شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ،


= قوله: «كلما خرج قرن» أي: ظهرت طائفة منهم.
«قطع»، أي: استحق أن يقطع. قاله السندي.
وقوله: «في عِراضهم»، أي: في ناحيتهم، وفي بعض النسخ -كما أشار إلى ذلك السندي-: «في أعراضهم»، والأعراض: جمع عُرْض، وهو الناحية أيضًا.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (٤٧٦٥) و(٤٧٦٦) من طريقين عن قتادة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٠٣٦).
قوله: «سيماهم التحليق»، قال السندي -نقلاَ عن النووي بتصرف-: أي: العلامة، والأفصح فيها القصر، وبه جاء القرآن، والمد لغة، والمراد بالتحليق: حلق الرأس، ولا دلالة فيه على كراهة الحلق، فإن كون الشيء علامة لهم لا ينافي الإباحة، كقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: «وآيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة» معلوم أن هذا ليس بحرام ولا مكروه، وقد جاء في «سنن أبي داود» بإسناد صحيح، أنه صلى الله تعالى عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض رأسه، فقال: «احلقوه كله أو اتركوه كله»، وهذا صريح في إباحة حلق الرأس لا يحتمل تاويلًا. انتهى.
(٢) في (م): عن أبي غالب سمع أبا أمامة.

وَخَيْرُ قتلى مَنْ قَتَلُوا، كِلَابُ أهل النار، كلاب أَهْلِ النَّارِ (١)، قَدْ كَانوا هَؤُلَاءِ مُسْلِمِينَ فَصَارُوا كُفَّارًا. قُلْتُ: يَا أَبَا أُمَامَةَ، هَذَا شَيْءٌ تَقُولُهُ؟ قَالَ: بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ (٢).

١٣ - بَابٌ فِيمَا أَنْكَرَتْ الْجَهْمِيَّةُ
١٧٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَوَكِيعٌ (ح)
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى، وَوَكِيعٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النبي ﷺ، فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، قَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تَضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا» ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: ٣٩] (٣).


(١) قوله: «كلاب أهل النار» مرة ثانية من (م) فقط.
(٢) حديث صحيح، أبو غالب -وهو البصري واسمه حَزَوَّر- مختلف فيه، وهو ممن يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد توبع.
وأخرجه الترمذي (٣٢٤٥) من طريقين عن أبي غالب، بهذا الإسناد.
وهو من طريق أبي غالب في «مسند أحمد» (٢٢١٨٣).
وهو في «المسند» (٢٢١٥٠) من طريق سيار بن عبد الله، و(٢٢٣١٤) من طريق صفوان بن سليم، كلاهما عن أبي أمامة. فهو صحيح بهذه الطرق.
(٣) إسناده صحيح. يعلى: هو ابن عبيد الطنافسي.
وأخرجه البخاري (٥٥٤) و(٧٤٣٦)، ومسلم (٦٣٣)، وأبو داود (٤٧٢٩)، والترمذي (٢٧٢٧)، والنسائي في «الكبرى» (٤٦٠) و(٧٧١٣) من طريق قيس بن أبي حازم، بهذا الإسناد. =

١٧٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:»تَضَامُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: «فَكَذَلِكَ لَا تَضَامُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (١٩١٩٠) و«صحيح ابن حبان» (٧٤٤٢).
قوله: «لا تُضَامُون»، بضم التاء وتخفيف الميم، هكذا ضبطت في نسخنا الخطية، من الضَيم: وهو الظُّلم، قال المباركفوري في شرحه على الترمذي: قال الحافظ: وهو الأكثر، أي: لا ينالكم ضيم وظلم في رؤيته، فيراه بعض دون بعض، وروي بفتح التاء وتشديد الميم من التًضَامِّ بمعنى التزاحم، وبالضم والتشديد من المُضامة: وهي المزاحَمة، وهو حينئذ يحتمل كونه للفاعل والمفعول، وحاصل معنى الكل: لا تَشْكُون في رؤيته.
وقوله: «أن لا تغلبوا» على بناء المفعول، أي: لا يغلبكم الشيطان حتى تتركوهما أو تؤخروهما عن الأول. قاله السندي.
(١) حديث صحيح، يحيى بن عيسى الرملي -وإن كان ضعيفًا- متابعٌ.
وأخرجه الترمذي (٢٧٣١) من طريق جابر بن نوح الحِمّاني، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وجابر ضعيف.
وأخرجه بنحوه مسلم (٢٩٦٨)، وأبو داود (٤٧٣٠) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبي صالح، به.
وهو من طريق أبي صالح في «مسند أحمد» (٩٠٥٨)، و«صحيح ابن حبان» (٧٤٤٥).
وأخرجه البخاري (٨٠٦) و(٦٥٧٣)، ومسلم (١٨٢) من طريق سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة. وهو في «مسند أحمد» (٧٧١٧) عن عطاء وحده.

١٧٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَرَى رَبَّنَا؟ قَالَ: «تُضَارُّونَ (١) َ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ فِي غَيْرِ سَحَابٍ؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: فَتُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فِي غَيْرِ سَحَابٍ؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: «إِنَّكُمْ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ إِلَّا كَمَا تَضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا» (٢).
١٨٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ
عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكلُّنا نَرَى (٣) اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ؟ قَالَ: «يَا أَبَا رَزِينٍ، أَلَيْسَ


(١) هكذا في (ذ) و(س)، وفي (م) والنسخ المطبوعة: تضامون.
(٢) إسناده صحيح.
وهو في»مسند أحمد«(١١١٢٠) من طريق أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو قوي.
وأخرجه البخاري (٤٥٨١) و(٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣) من طريق عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري. في أول حديث مطوَّل.
وإعلال الإمام الترمذي حديث عبد الله بن إدريس هذا بأنه غير محفوظ لا يُسلم له، فقد تابعه أبو بكر بن عياش- وهو لا بأس به- عند أحمد (١١١٢٠)، ولا مانع أن يكون أبو صالح قد سمعه من أبي هريرة ومن أبي سعيد، وقد روي الحديث عن كليهما من طرق أخرى، ونقل ابن خزيمة في»التوحيد«ص ١٦٩ عن محمَّد بن يحيى الذهلي شيخ البخاري: الحديث محفوظ عن أبي هريرة وعن أبي سعيد.
(٣) في النسخ المطبوعة:»أنرى«بإسقاط لفظ»كلنا".

كُلُّكُمْ يَرَى الْقَمَرَ مُخْلِيًا بِهِ؟» قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «فَاللَّهُ أَعْظَمُ، وَذَلِكَ آيَته فِي خَلْقِهِ» (١).
١٨١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ
عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ». قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَيَضْحَكُ الرَّبُّ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قُلْتُ: لَنْ نَعْدِمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا (٢).
١٨٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ


(١) إسناده ضعيف لجهالة وكيع بن حُدس.
وأخرجه أبو داود (٤٧٣١) من طريق يعلى بن عطاء، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦١٨٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٤١).
مُخليًا: منفردًا.
(٢) إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه الطيالسي (١٠٩٢)، وابن أبي عاصم في «السنة» (٥٥٤)، وعبد الله ابن أحمد في «السنة» (٢٦٤)، والطبراني في «الكبير» ١٩/ (٤٦٩)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص ٤٧٣ من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦١٨٧).
القنوط: اليأس.
والغِيَر: بمعنى تغير الحال وتحويله.
وقوله: «لن نعدم»، أي: لن نفقد.

عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ؟ قَالَ: «كَانَ فِي عَمَاءٍ، مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وَمَا ثَمَّ خَلْقٌ، عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ (١)» (٢).
١٨٣ - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ، قَالَ:
بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا ابْنِ عُمَرَ، كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يُدْنَى الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، ثُمَّ يُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَعْرِفُ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ، قَالَ:


(١) في (ذ) و(س): وما فوقه هواء وماءٌ ثم خَلَقَ عرشَه على الماء. وفي (م): وما فوقه هواء ثم خلق العرش على الماء. والمثبت من نسخ معتمدة أشار إليها السندي في حاشية، قال: قوله:»وما ثمَ خَلْق .. «إلخ هكذا في نسخ ابن ماجه المعتمدة، والظاهر أن قوله:»وما«تأكيد للنفي السابق، ويحتمل أن يكون»ثمَّ«بفتح المثلثة اسم إشارة إلى المكان، و»خَلْق«بمعنى مخلوق، وقوله:»عرشه على الماء«جملة أخرى، وبعضهم جعل»وماء«بالمد عطفًا على هواء، والأقرب أنه تصحيف.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة وكيع بن حُدُسِ.
وأخرجه الترمذي (٣٣٦٨) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن!
وهو في»مسند أحمد«(١٦١٨٨)، و»صحيح ابن حبان«(٦١٤١)، وانظر تعليق ابن حبان على قوله:»كان في عماء«.
العَماء: السحاب الأبيض، هكذا هو في كلام العرب. كما قال أبو عبيد في»غريب الحديث".

إِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، قَالَ: ثُمَّ يُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ وكِتَابَهُ (١) بِيَمِينِهِ، قَالَ: وَأَمَّا الْكَافِرُ، أَوْ الْمُنَافِقُ فَيُنَادَى عَلَى رُؤوسِ الْأَشْهَادِ-قَالَ خَالِدٌ: فِي «الْأَشْهَادِ» شَيْءٌ مِنْ انْقِطَاعٍ- ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: ١٨] «(٢).
١٨٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:»بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ، فَرَفَعُوا رُؤوسَهُمْ، فَإِذَا الرَّبُّ قَد أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. قَالَ: وَذَلِكَ قَولُ اللَّهِ سبحانه: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)﴾ [يس: ٥٨]. قَالَ: فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ النَّعِيمِ مَا دَامُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يَحْتَجِبَ عَنْهُمْ، وَيَبْقَى نُورُهُ وَبَرَكَتُهُ عَلَيْهِمْ فِي دِيَارِهِم«(٣).


(١) في النسخ المطبوعة: أو كتابه.
(٢) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه البخاري (٢٤٤١)، ومسلم (٢٧٦٨)، والنسائي في»الكبرى«(١١١٧٨) و(١١٨٠٢) من طريق قتادة بن دعامة، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٥٤٣٦)، و»صحيح ابن حبان«(٧٣٥٦).
قوله:»في النجوى«، قال السندي: يريد مناجاة الله للعبد يوم القيامة.
»يضع عليه كَنَفَه" أي: ستره عن أهل الموقف حتى لا يطلع على سرة غيرُه.
(٣) إسناده ضعيف لضعف أبي عاصم العَبّاداني والفضل بن عيسى الرقاشي. =

١٨٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ عَنْ (١) أَيْمَنَ مِنْهُ، فَلَا يَرَى إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ (١) أَيْسَرَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ أَمَامَهُ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَل» (٢).
١٨٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيِّ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ


= وأخرجه البزار (٢٢٥٣ - كشف الأستار)، والعقيلي في»الضعفاء«٢/ ٢٧٤، وابن عدي في»الكامل«٦/ ٢٠٣٩ - ٢٠٤٠، واللالكائي في»أصول الاعتقاد«(٨٣٦)، وأبو نعيم في»الحلية«٦/ ٢٠٨ - ٢٠٩.
(١) في النسخ المطبوعة: من عن، وفي (ذ) و(س): عن من، والمثبت من (م) بحذف»من«.
(٢) إسناده صحيح. خيثمة: هو ابن عبد الرحمن الجعفي. وسيأتي مكررًا برقم (١٨٤٣).
وأخرجه البخاري (٦٥٣٩)، ومسلم (١٠١٦) (٦٧)، والترمذي (٢٥٨١) و(٢٥٨٢) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٤١٣)، والنسائي ٥/ ٧٤ - ٧٥ من طريق مُحِل بن خليفة، ومسلم (١٠١٦) (٦٦) من طريق عبد الله بن معقل، كلاهما عن عدي بن حاتم.
وهو في»مسند أحمد«(١٨٢٤٦)، و»صحيح ابن حبان" (٤٧٣) و(٧٣٦٥).

وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ سبحانه وتعالى إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ» (١).
١٨٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى
عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]، قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، نَادَى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ، فَيَقُولُونَ: وَمَا هُوَ؟ أَلَمْ يُثَقِّلْ اللَّهُ مَوَازِينَنَا، وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَيُنْجِنَا مِنْ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الحِجَابَ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا أَعَطَاهُمْ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ، يَعْنِي إِلَيْهِ، وَلَا أَقَرَّ لِأَعْيُنِهِمْ» (٢).
١٨٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ


(١) إسناده صحيح. أبو عمران الجوني اسمه: عبد الملك بن حبيب، وعبد الله ابن قيس: هو أبو موسى الأشعري.
وأخرجه البخاري (٤٨٧٨)، ومسلم (١٨٠)، والترمذي (٢٦٩٨)، والنسائي في «الكبرى» (٧٧١٧) و(١١٣٧٧) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٦٨٢)، و«صحيح ابن حبان» (٧٣٨٦).
(٢) إسناده صحيح. حجاج: هو ابن منهال، وحماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه مسلم (١٨١)، والترمذي (٢٧٢٨) و(٣٣٦٢)، والنسائي في «الكبرى» (٧٧١٨) و(١١١٧٠) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٣٥)، و«صحيح ابن حبان» (٧٤٤١).

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتْ الْمُجَادِلَةُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، تَشْكُو زَوْجَهَا، وَمَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ [المجادلة: ١] (١).
١٨٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نفْسِهِ بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ: رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير.
وأخرجه النسائي ٦/ ١٦٨ من طريق جرير، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٩٥) عن أبي معاوية.
وسيأتي الحديث عند المصنف برقم (٢٠٦٣) من طريق أبي عبيدة بن معن عن الأعمش، وسمَّى فيه المجادِلة وهي خولة بنت ثعلبة، وأما زوجها فهو أوس بن الصامت.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. ولفظة «بيده» في هذا الحديث شاذة، وقد بينّا ذلك في التعليق على هذا الحديث في «مسند أحمد» برقم (٩٥٩٧).
وأخرجه الترمذي (٣٨٥٥) من طريق صفوان بن عيسى، عن ابن عجلان، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (٤٢٩٥) من طريق أبي خالد الأحمر عن ابن عجلان.
وأخرجه دون هذه الزيادة البخاري (٣١٩٤) و(٧٤٠٤) و(٧٤٢٢) و(٧٤٥٣) و(٧٥٥٣) و(٧٥٥٤)، ومسلم (٢٧٥١)، والنساني في «الكبرى» (٧٧٠٣) و(٧٧٠٤) من طرق عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٠٠) و(٨١٢٧) و(٨٩٥٨)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٤٣) و(٦١٤٤).

١٩٠ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ الحراميُّ (١)، قَالَ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ قَالَ:
سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ يَوْمَ أُحُدٍ، لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: «يَا جَابِرُ، أَلَا أُخْبِرُكَ مَا قَالَ اللَّهُ لِأَبِيكَ؟»، وَقَالَ يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ: فَقَالَ: يَا جَابِرُ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ «قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتُشْهِدَ أَبِي وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قَالَ:»أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟ «قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:»مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا، فَقَالَ: يَا عَبْدِي، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ. قَالَ: يَا رَبِّ، تُحْيِينِي فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً. فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يَرْجِعُونَ. قَالَ: يَا رَبِّ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٩] (٢).


(١) تصحف في النسخ المطبوعة إلى: الحِزَامي. والحَرَامي: بفتح الحاء والراء، نسبة إلى الجد الأعلى، وهو حَرَامٌ الأنصاري جدُّ جابر بن عبد الله بن عمرو ابن حَرَام كما في «الأنساب» للسمعاني.
(٢) إسناده جيد.
وأخرجه الترمذي (٣٢٥٦) عن يحيى بن حبيب بن عربي، بهذا الإسناد. وحسنه.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٨٨١)، و«صحيح ابن حبان» (٧٠٢٢)، ورواية «المسند» مختصرة.
وسيتكرر برقم (٢٨٠٠).
قوله: «كفاحًا»، قال السندي: بكسر الكاف، أي: مواجهةَ، ليس بينهما حجاب ولا رسول.

١٩١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، كِلَاهُمَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيُسْتَشْهَدُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى قَاتِلِهِ، فَيُسْلِمُ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيُسْتَشْهَدُ» (١).
١٩٢ - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ؟» (٢).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو الزناد اسمه: عبد الله ابن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ٥/ ٢٩٦ - ٢٩٧.
وأخرجه البخاري (٢٨٢٦)، ومسلم (١٨٩٠) (١٢٨)، والنسائي ٦/ ٣٨ و٣٩ من طريق أبي الزناد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٨٩٠) (١٢٩) من طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٢٦)، و«صحيح ابن حبان» (٢١٥) و(٤٦٦٦).
(٢) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري.
وأخرجه البخاري (٦٥١٩) و(٧٣٨٢)، ومسلم (٢٧٨٧)، والنسائي في «الكبرى» (٧٦٤٥) و(١١٣٩١) من طريق يونس بن يزيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٤٨١٢) من طريق الزهري، عن ألى سلمة، عن أبي هريرة. =

١٩٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ
عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: كُنْتُ بِالْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ، وَفِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَمَرَّتْ بِهِ سَحَابَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: «مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ؟» قَالُوا: السَّحَابُ. قَالَ: «وَالْمُزْنُ» قَالُوا: وَالْمُزْنُ، قَالَ: «وَالْعَنَانُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالُوا: وَالْعَنَانُ، قَالَ: «كَمْ تَرَوْنَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ؟» قَالُوا: لَا نَدْرِي. قَالَ: «فَإِنَّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا إِمَّا وَاحِدة أَوْ ثنتين أَوْ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَالسَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ» حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ، «ثُمَّ فَوْقَ السَّمَاءِ (١) السَّابِعَةِ بَحْرٌ، بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ، بَيْنَ أَظْلَافِهِنَّ وَرُكَبِهِنَّ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِنَّ الْعَرْشُ، بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ اللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ، تبارك وتعالى» (٢).


= وعلقه البخاري (٧٣٨٢) و(٧٤١٣) من طريق الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، ووصله الحافظ ابن حجر في «تغليق التعليق» ٥/ ٣٣٦ - ٣٣٧ و٣٤٣.
وهو في «مسند أحمد» (٨٨٦٣).
(١) لفظ «السماء» ليس في (م).
(٢) إسناده ضعيف، سماك -وهو ابن حرب وإن كان صدوقا- كان ربما لُقِّن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة كما قال الحافظ في «التهذيب»، وقد تفرد بالرواية عن عبد الله بن عميرة كما قال مسلم في «الوحدان» ص١٤٠، وعبد الله بن عميرة ذكره العقيلي وابن عدي في جملة الضعفاء، وقال الذهبي: لا يعرف.
وذكر أبو بكر بن العربي: أن الحديث متلقَّف عن أهل الكتاب ليس له أصل في الصحة.
وأخرجه أبو داود (٤٧٢٣ - ٤٧٢٥)، والترمذي (٣٦٠٨) من طريق سماك بن حرب، بهذا الإسناد. وحسنه الترمذي!

١٩٤ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ أَمْرًا فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بأَجْنِحَتَهَا (١) خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، فـ ﴿إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سبأ: ٢٣]. قال: فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ، فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا إِلَى الَّذِي تَحْتَهُ، فَيُلْقِيهَا عَلَى لِسَانِ الْكَاهِنِ أَوْ السَّاحِرِ، فَرُبَّمَا لَمْ يُدْرَكْ حَتَّى يُلْقِيَهَا، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَتَصْدُقُ تِلْكَ الْكَلِمَةُ الَّتِي سُمِعَتْ مِنْ السَّمَاءِ» (٢).


= وهو في «مسند أحمد» (١٧٧٠).
قوله: «والمزن»، قال السندي: بضم الميم: السحاب أو أبيضه.
«والعنان»، قال: كسَحَاب وزنًا ومعنى.
«أوعال»: جمع وَعِل -بفتح فكسر-: تيس الجبل، والمراد من الملائكة على صورة الأوعال.
(١) في (ذ) و(م) والنسخ المطبوعة: أجنحتها، والمثبت من (س).
(٢) حديث صحيح، يعقوب بن كاسب شيخ المصنف -وإن كان ضعيفًا- قد توبع، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه البخاري (٤٧٠١) و(٤٨٠٠) و(٧٤٨١)، وأبو داود (٣٩٨٩)، والترمذي (٣٥٠٢) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأبو داود لم يسق لفظة، ورواية الترمذي مختصرة.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٦).
الصفوان: الحجر الأملس.

١٩٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ
عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» (١).
١٩٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٧٩) من طريق عمرو بن مرة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥٨٧) و(١٩٦٣٢)، و«صحيح ابن حبان» (٢٦٦). وانظر ما بعده.
قوله: «يخفض القسط ويرفعه»، قال السندي: قيل: أُريدَ بالقسط: الميزان، وسمي الميزان، قسطا لأنه يقع به العدل في القسمة، وهو الموافق لحديث أبي هريرة: «يرفع الميزان ويخفضه»، والمعنى: أن الله يخفض ويرفع ميزان أعمال العباد المرتفعة إليه وأرزاقهم النازلة من عنده، كما يرفع الوزان يده ويخفضها عند الوزن، فهو تمثيل وتصوير لما يقدّر الله تعالى وينزل، ويحتمل أنه أشار إلى قوله تعالى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ أي: أنه يحكم بين خلقه بميزان العدل، فأمره كأمر الوزان الذي يزن فيخفض يده ويرفعها، وهذا المعنى أنسب بما قبله، كأنه قيل: كيف كان يجوز عليه النوم وهو الذي يتصرف أبدًا في ملكه بميزان العدل؟ وقيل: أريد بالقسط: الرزق، لأنه قسط كل مخلوق، أي: نصيبه، وخفضه: تقليله، ورفعه: تكثيره، انتهى.

عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ».
ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ﴿أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [النمل: ٨] (١).
١٩٧ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: قال: «يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا شَيْءٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْمِيزَانُ، يَرْفَعُ الْقِسْطَ وَيَخْفِضُ. قَالَ: أَرَأَيْتَ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ فإنه لَمْ يَنْقُصْ مِمَّا فِي يَدَيْهِ شَيْئًا» (٢).


(١) حديث صحيح، المسعودي -واسمه عبد الرحمن بن عبد الله- سماع وكيع منه قبل الاختلاط، وقد تابعه الأعمش في الرواية السابقة.
(٢) حديث صحيح، محمَّد بن إسحاق -وإن رواه بالعنعنة- تابعه السفيانان وغيرهما.
وأخرجه البخاري (٤٦٨٤)، ومسلم (٩٩٣) (٣٦)، والترمذي (٣٢٩٤)، والنسائي في «الكبرى» (٧٦٨٦) و(١١١٧٥) من طريق أبي الزناد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٧٤١٩)، ومسلم (٩٩٣) (٣٧) من طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ.
وهو في «مسند أحمد» (١٠٥٠٠)، و«صحيح ابن حبان» (٧٢٥).
قوله: «سَحّاء»، قال السندي: بتشديد الحاء والمد: دائمة الصب بالعطاء، من سحَّ سحًا، وروي بالتنوين مصدرًا، قيل: ما أتم هذه البلاغة، وأحسن هذه الاستعارة، فلقد نبه رسول الله ﷺ بهذا اللفظ على معاني دقيقة، منها: وصف يده تعالى في=

١٩٨ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: «يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرضيه بِيَدِهِ (١) -وَقَبَضَ بِيَدِهِ، فَجَعَلَ يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا- ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْجَبَّارُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟»، قَالَ: وَيَتَمَيَّلُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شماله (٢)، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لأَقُولُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ (٣).
١٩٩ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ:


= الإعطاء بالتفوق والاستعلاء، فإن السح إنما يكون من علو، ومنها: أن العطية عن ظهر غنى، لأن المائع إذا انصب من فوق انصب بسهولة، ومنها جزالة عطاياه سبحانه، فإن السح يستعمل فيما ارتفع عن حد التقاطر إلى حد السيلان، ومنها: أنه لا مانع لها، لأن الماء إذا أخذ في الانصباب من فوق لم يستطع أحد أن يرده.
(١) في (م) والنسخ المطبوعة: وأرضَه، والمثبت من (س)، وضبطت في (ذ) بالوجهين.
(٢) في (ذ) و(م) والنسخ المطبوعة: يساره، والمثبت من (س).
(٣) إسناده صحيح. أبو حازم: هو سلمة بن دينار. وسيأتي مكررًا برقم (٤٢٧٥).
وأخرجه مسلم (٢٧٨٨) (٢٥) و(٢٦)، والنسائي في «الكبرى» (٧٦٤٢) و(٧٦٤٨) من طريق عبيد الله بن مقسم، به.
وأخرجه بنحوه البخاري (٧٤١٢)، ومسلم (٢٧٨٨) (٢٤)، وأبو داود (٤٧٣٢) من طريقين عن ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٥٤١٤)، و«صحيح ابن حبان» (٧٣٢٤).

حَدَّثَنِي النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ الْكِلَابِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ»، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يَا مُثَبِّتَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ»، قَالَ: «وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ، يَرْفَعُ أَقْوَامًا، وَيَخْفِضُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (١).
٢٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَضْحَكُ إِلَى ثَلَاثَةٍ: لِلصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ، وَلِلرَّجُلِ يُصَلِّي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَلِلرَّجُلِ يُقَاتِلُ - أُرَاهُ قَالَ: خَلْفَ الْكَتِيبَةِ» (٢).
٢٠١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ -يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيَّ- عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ


(١) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل هشام. ابن جرير: هو عبد الرحمن ابن يزيد، وأبو إدريس: هو عائذ الله بن عبد الله.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٦٩١) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد. وهو صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٦٣٠)، و«صحيح ابن حبان» (٩٤٣).
(٢) إسناده ضعيف لضعف مجالد -وهو ابن سعيد الهمداني- وجهالة عبد الله ابن إسماعيل. أبو الودّاك: هو جَبر بن نوف.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١/ ٣٢٥ و٥/ ٢٨٩، وأبو يعلى (١٠٠٤)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص ٤٧٢ من طريق مجالد بن سعيد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٧٦١).

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَوْسِمِ، فَيَقُولُ: «أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي» (١).
٢٠٢ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَزِيرُ بْنُ صَبِيحٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَلْبَسٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ
عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: ٢٩]، قَالَ: «مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبًا، وَيُفَرِّجَ كَرْبًا، وَيَرْفَعَ قَوْمًا، وَيَخْفِضَ آخَرِينَ» (٢).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (٤٧٣٤)، والترمذي (٣١٥٢)، والنسائي في «الكبرى» (٧٦٨٠)
من طريق إسرائيل، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
وهو في «مسند أحمد» (١٥١٩٢).
(٢) الوزير بن صبيح قال دحيم: ليس بشئ، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال: ربما أخطأ.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٣٠١)، وابن حبان (٦٨٩) من طريق هشام بن عمار، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٦٤/ ٦٠ - ٦١ من طريق يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن أبيه عن أم الدرداء عن النبي ﷺ مرسلًا.
وأم الدرداء هذه هي الصغرى، وهي تابعية.
وعلقه البخاري في «صحيحه» في تصير سورة الرحمن من قول أبي الدرداء، وقد وصله أبو يعلى في «مسنده» كما في «مصباح الزجاجة» ورقة ١٤، فقال: حدثنا عبد الله بن أبان الكوفي، حدثنا إسحاق بن سليمان، عن معاوية بن يحيى، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء موقوفًا. ومعاوية بن يحيى هو الصدفي الشامي، ضعيف.

١٤ - بَابُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً
٢٠٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ لَهُ أَجْرُهَا، وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا (١) لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» (٢).
٢٠٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، حدثني أبي، حَدَّثَنِي أَبِي (٣)، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَحَثَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: عِنْدِي كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَمَا بَقِيَ فِي الْمَجْلِسِ رَجُلٌ إِلَّا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ اسْتَنَّ خَيْرًا


(١) زاد في (م) هنا: من بعده.
(٢) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا مسلم (١٠١٧) (٦٩) و(٧٠) وبين يدي الحديث (٢٦٧٤)، والترمذي (٢٨٦٩)، والنسائي ٥/ ٧٥ - ٧٧ من طريق المنذر بن جرير، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه مسلم أيضًا من طريق عبد الرحمن بن هلال العبسي، عن جرير بن عبد الله، عن النبي ﷺ.
وهو في»مسند أحمد«(١٩١٥٦) و(١٩١٧٤)، و»صحيح ابن حبان«(٣٣٠٨).
(٣) قوله:»حدثني أبي«مرة ثانية لم يرد في أصولنا الخطية، وأثبتناه من نسخة على هامش (م)، ومن»تحفة الأشراف«(١٤٤٤٣)، وهو كذلك في»مسند أحمد" (١٠٧٤٩) عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه.

فَاسْتُنَّ بِهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ كَامِلًا، وَمِنْ أُجُورِ مَنْ اسْتَنَّ بِهِ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ اسْتَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَاسْتُنَّ بِهِ، فَعَلَيْهِ وِزْرُهُ كَامِلًا، وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِي (١) اسْتَنَّ بِهِ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» (٢).
٢٠٥ - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ، أخبرنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، فَاتُّبِعَ، فَإِنَّ لَهُ مِثْلَ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا، وَأَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى هُدًى فَاتُّبِعَ، فَإِنَّ لَهُ مِثْلَ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» (٣).


(١) في أصولنا الخطية: الذين، بالجمع، والمثبت من النسخ المطبوعة، وهو أصح، لإفراده الفعل الذي يليه.
(٢) إسناده صحيح. عبد الوارث الجد: هو ابن سعيد بن ذكوان العنبري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه مسلم (٢٦٧٤)، وأبو داود (٤٦٠٩)، والترمذي (٢٨٦٨) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٠٧٤٩)، و«صحيح ابن حبان» (١١٢).
وسيأتي نحوه دون القصة برقم (٢٠٦).
(٣) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف سعد بن سنان، وباقي رجاله ثقات، وله طريق آخر بسند حسن عند أحمد (١٣٨٠٣)، والبيهقي في «الشعب» (٨٦٨٠) و(٨٦٨١)، فروياه من طريق مالك بن محمَّد بن حارثة الأنصاري، عن أنس بن مالك مرفوعًا.
ويشهد له ما قبله وما بعده.

٢٠٦ - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ فَعَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ اتَّبَعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيئًا» (١).
٢٠٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أبو إِسْرَائِيلُ (٢)، عَنْ الْحَكَمِ
عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً عُمِلَ (٣) بِهَا بَعْدَهُ، كَانَ لَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِهِمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» (٤).


(١) إسناده صحيح. وقد سلف مطولًا برقم (٢٠٤).
(٢) في أصولنا الخطة: إسرائيل، بإسقاط «أبو»، وأشير في هامش (م) إلى أن الصواب أبو إسرائيل. وهو كذلك على الصواب في «تحفة الأشراف» (١١٨٠٠) ولم يشر المزي إلى خلاف فيه في نسخه المعتمدة.
(٣) في النسخ المطبوعة: فعمل.
(٤) صحيح بما قبله من الأحاديث، وهذا إسناد حسن من أجل أبي إسرائيل: واسمه إسماعيل بن خليفة. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين، والحكم: هو ابن عُتيبة، وأبو جحيفة: هو وهب بن عبد الله السُّوائي.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٤٣٨٦) من طريق غسان بن الربيع، عن أبي إسرائيل، بهذا الإسناد وذكر فيه قصة. وغسان بن الربيع وثقه ابن حبان وضعفه الدارقطني كما في «لسان الميزان».

٢٠٨ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى شَيْءٍ إِلَّا وُقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَازِمًا لِدَعْوَتِهِ، مَا دَعَا إِلَيْهِ، وَإِنْ دَعَا رَجُلٌ رَجُلًا» (١).

١٥ - بَابُ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً قَدْ أُمِيتَتْ
٢٠٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي
عَنْ جَدِّي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً، فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ عَلَيْهِ أَوْزَارُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهَا شَيْئًا» (٢).
٢١٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ


(١) إسناده ضعيف لضعف ليث -وهو ابن أبي سليم- وقد اضطرب في تسمية شيخه وصحابي الحديث.
فقد أخرجه الترمذي (٣٥٠٨) من طريق المعتمر بن سليمان، عن ليث، عن بشر -غير منسوب- عن أنس. وقال الترمذي: حديث غريب.
(٢) إسناده ضعيف لضعف كثير بن عبد الله بن عمرو.
وأخرجه الترمذي (٢٨٧٢) من طريق مروان بن معاوية الفزاري، عن كثير بن عبد الله، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن.

عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ بَعْدِي، فَإِنَّ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ النَّاسِ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِ النَّاسِ شَيْئًا، وَمَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنَّ عَلَيْهِ مِثْلَ إِثْمِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ النَّاسِ، لَا يَنْقُصُ مِنْ آثَامِ النَّاسِ شَيْئًا» (١).

١٦ - بَابُ فَضْلِ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ
٢١١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: - قَالَ شُعْبَةُ: «خَيْرُكُمْ»، وَقَالَ سُفْيَانُ: «أَفْضَلُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» (٢).
٢١٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَفْضَلُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» (٣).


(١) إسناده ضعيف كسابقه.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٥٠٢٧) و(٥٠٢٨)، وأبو داود (١٤٥٢)، والترمذي (٣١٣١) و(٣١٣٢)، والنسائي في «الكبرى» (٧٩٨٢ - ٧٩٨٤) من طريق علقمة بن مرثد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٠٥)، و«صحيح ابن حبان» (١١٨).
(٣) إسناده صحيح كسابقه.

٢١٣ - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:»خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ. قَالَ: وَأَخَذَ بِيَدِي، فَأَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا أُقْرِئُ (١).
٢١٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ، وَلَا رِيحَ لَهَا» (٢).


(١) إسناده ضعيف جدًا، الحارث بن نبهان متروك.
وأخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (٢٠)، والدورقي في «مسند سعد» (٥٠)، والدارمي (٣٣٣٩)، والبزار في «مسنده» (١١٥٧)، وأبو يعلى (٨١٤)، والعقيلي في «الضعفاء» ١/ ٢١٧، والشاشي في «مسنده» (٧١)، والطبراني في «الأوسط» (٦٣٣٩) من طريق الحارث بن نبهان، بهذا الإسناد.
ويغني عنه حديث عثمان بن عفان الذي قبله.
(٢) إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو القطان.
وأخرجه البخاري (٥٥٢٠)، ومسلم (٧٩٧)، وأبو داود (٤٨٢٩) و(٤٨٣٠)، والترمذي (٣٠٨١)، والنسائي ٨/ ١٢٤ - ١٢٥ من طريق قتادة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥٤٩)، و«صحيح ابن حبان» (٧٧٠). =

٢١٥ - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُدَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:»إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ» (١).
٢١٦ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَحَفِظَهُ (٢) أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، وَشَفَّعَهُ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ


= قوله:»كمثل الأترجة«، قال السندي: بضم الهمزة والراء وتشديد الجيم، وفي بعض النسخ:»أترنجة«بزيادة النون وتخفيف الجيم، وهي من أفضل الثمار لكبر جرمها ومنظرها وطيب طعمها، ولين ملمسها، ولونها يسرُّ الناظرين، وفيه تشبيه الإيمانِ بالطعم الطيب لكونها خيرًا باطنيًا لا يظهر لكل أحد، والقرآنِ بالريح الطيب ينتفع بسماعه كل أحد، ويظهر بمحاسنه لكل سامع.
(١) إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن بديل، فإنه لا بأس به كما قال ابن معين وأبو داود والنسائي.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٧٩٧٧) عن عبيد الله بن سعيد، عن عبد الرحمن ابن مهدي، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(١٢٢٧٩).
قوله:»أهلين«، قال السندي: إنما يجمع تنبيهًا على كثرتهم.
»أهل القرآن«، أي: حَفَظة القرآن يقرؤونه آناء الليل وأطراف النهار العاملون به.
»أهل الله«، أي: أولياؤه المختصون به اختصاص أهل الإنسان به.
(٢) لفظة»وحفظه" لم ترد في (س) و(م)، وأثبتناها من (ذ).

بَيْتِهِ كُلُّهُمْ قَدْ اسْتَوْجَب النَّارَ» (١).
٢١٧ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ ابْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَاقْرَؤوهُ، وَارْقُدُوا، فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ وَمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَامَ بِهِ، كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ رِيحُهُ كُلَّ مَكَانٍ، وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَرَقَدَ وَهُوَ فِي جَوْفِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ أُوكِيَ عَلَى مِسْكٍ» (٢).


(١) إسناده ضعيف جدًا، أبو عمر -واسمه حفص بن سليمان البزار- متروك، وكثير بن زاذان مجهول.
وأخرجه الترمذي (٣١٢٩) عن علي بن حجر، عن أبي عمر حفص بن سليمان، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٨٦).
(٢) إسناده ضعيف، عطاء مولى أبي أحمد لم يرو عنه غير سعيد المقبري، ولم يوثقه غير ابن حبان، وقال الذهبي في «الميزان» و«المغني»: لا يعرف. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة بن زيد.
وأخرجه مطولًا الترمذي (٣٠٩٧)، والنسائي في «الكبرى» (٨٦٩٦) من طريق عبد الحميد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٢١٢٦) و(٢٥٧٨).
وأخرجه الترمذي (٣٠٩٨) عن طريق الليث بن سعد، عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن النبي ﷺ مرسلًا، ولم يذكر فيه: عن أبي هريرة، وقد رجح رواية الإرسال هذه البخاري في «التاريخ الكبير» ٦/ (٢٩٩٥) وأبو حاتم في «العلل» (٨٢٧).
«أُوكي»، قال السندي: من أوكيت السقاء: إذا ربطت فمه بالوكاء، والوكاء- بالكسر-: خيط تشد به الأوعية.

٢١٨ - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ
عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَبِي الطُّفَيْلِ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ قَالَ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ ابْنَ أَبْزَى. قَالَ: وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ مَوَالِينَا. قَالَ عُمَرُ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، قاضٍ. قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» (١).
٢١٩ - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ الْعَبَّادَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْبَحْرَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، لَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ، وَلَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا مِنْ الْعِلْمِ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ» (٢).


(١) إسناده صحيح. إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو إسحاق المدني.
وأخرجه مسلم (٨١٧) من طريق ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢)، و«صحيح ابن حبان» (٧٧٢).
(٢) إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن زياد البحراني، وضعف علي بن زيد بن جُدعان. وضعفه البوصيري في «الزوائد».

١٧ - بَابُ فَضْلِ الْعُلَمَاءِ وَالْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ
٢٢٠ - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» (١).
٢٢١ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ:
سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «الْخَيْرُ عَادَةٌ، وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ، وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» (٢).


(١) إسناده صحيح. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى البصري السامي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٨٠٨) من طريق شعيب، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبى هريرة، عن النبي ﷺ.
وهو في «مسند أحمد» (٧١٩٤).
(٢) إسناده جيد.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ١٩/ (٩٠٤)، وفي «مسند الشاميين» (١١٠٦) و(٢١٩١)، وابن عدي في «الكامل» ٣/ ١٠٠٥ من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣١٠)، وانظر تمام تخريجه هناك.
وأخرجه دون قوله: «الخير عادة والشر لجاجة» البخاري (٧١) من طريق حميد ابن عبد الرحمن، ومسلم (١٠٣٧) من طريق عبد الله بن عامر اليحصبي، كلاهما عن معاوية، مرفوعًا.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٨٣٤)، و«صحيح ابن حبان» (٨٩) و(٣٤٠١).
قال المناوي في «فيض القدير» ٣/ ٥١٠: «الخير عادة» لعود النفس إليه وحرصها عليه من أصل الفطرة، قال في «الاحياء»: من لم يكن في أصل الفطرة =

٢٢٢ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ جَنَاحٍ أَبُو سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ» (١).
٢٢٣ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ. فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ! أَتَيْتُكَ مِنْ الْمَدِينَةِ، مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ: فَمَا جَاءَ بِكَ؟ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: وَلَا جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ،


= جوادًا مثلًا فيتعود ذلك بالتكلف، ومن لم يخلق متواضعًا يتكلفه إلى أن يتعوده، وكذلك سائر الصفات يعالج بصدّها إلى أن يحصل الغرض، وبالمداومة على العبادة ومخالفة الشهوات تحسنُ صورة الباطن.»والشر لجاجة«لما فيه من العوج وضيق النفس والكرب، والعادة مشتقة من العود إلى الشيء مرة بعد أخرى، قال العامري في»شرح الشهاب": وأكثر ما تستعمل العرب العادة في الخير، وفيما يسر وينفع.
(١) إسناده ضعيف جدًا لضعف روح بن جناح، وشدد القول فيه ابن حبان وأبو سعيد النقاش فاتهماه بالوضع.
وأخرجه الترمذي (٢٨٧٦) من طريق موسى بن إبراهيم عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب.
تنبيه: من هذا الحديث إلى حديث رقم (٢٣٨)، وعددها ١٧ حديثًا قد سقطت من نسخة (م).

وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هم وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» (١).
٢٢٤ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَوَاضِعُ الْعِلْمِ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ كَمُقَلِّدِ الْخَنَازِيرِ الْجَوْهَرَ وَاللُّؤْلُؤَ وَالذَّهَبَ» (٢).


(١) حسن بشواهده كما هو مبين في تعليقنا على الحديث في «مسند أحمد» (٢١٧١٥)، وهذا إسناد ضعيف لضعف كثير بن قيس.
وأخرجه أبو داود (٣٦٤١)، والترمذي (٢٨٧٧) من طريق كثير بن قيس، وأبو داود (٣٦٤٢) من طريق عثمان بن أبي سودة، كلاهما عن أبي الدرداء، عن النبي ﷺ.
(٢) حديث حسن بطرقه وشواهده -فيما ذهب إليه المزي والسيوطي وغيرهما من أهل العلم- دون قوله: «وواضع العلم عند غير أهله ...» إلخ، فضعيف جدًا، فإن حفص بن سليمان- وهو الكوفي القارئ- متروك الحديث. وانظر تخريج أحاديث «الإحياء» للعراقي ١/ ٥٥ - ٥٧، و«المقاصد الحسنة» ص ٢٧٥ - ٢٧٧.
وأخرجه السهمي في «تاريخ جرجان» ص ٣١٦، وابن عبد البر في «بيان العلم وفضله» ١/ ٩، والمزي في ترجمة كثير بن شنظير من «تهذيب الكمال» ٢٤/ ١٢٦ من طريق حفص بن سليمان، بهذا الإسناد. واقتصر ابن عبد البر على أوله.
وأخرج الشطر الأول منه أبو يعلى (٢٨٣٧) و(٢٩٠٣) و(٤٠٣٥)، والعقيلي في «الضعفاء» ٤/ ٢٥٠، والطبراني في «الأوسط» (٩) و(٢٠٠٨) و(٢٤٦٢) و(٨٣٨١) و(٨٨٣٤)، وابن عدي في «الكامل» ٦/ ٢٠٩١، والبيهقي في «الشعب» =

٢٢٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، فيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» (١).


= (١٦٦٣ - ١٦٦٦)، والخطيب في «تاريخ بغداد» ٤/ ١٥٦ و٢٠٧ - ٢٠٨ و٧/ ٣٨٦، وابن عبد البر ١/ ٧ - ٩، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» ١/ ٦٧ - ٧١ من طرق عن أنس بن مالك مرفوعًا.
قال السندي: قوله: «طلب العلم فريضة» قال البيهقي في «المدخل»: أراد -والله تعالى أعلم- العلمَ الذي لا يسع البالغَ العاقلَ جهلُه، أو علم ما يطرأ له، أو أراد أنه فريضة على كل مسلم حتى يقوم به مَن به كفاية، وقال: سئل ابنُ المبارك عن تفسير هذا الحديث. فقال: ليس هو الذي يظنون، إنما هو أن يقع الرجل في شيء من أمور دينه فيسأل عنه حتى يعلمه.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مطولًا ومقطعًا مسلم (٢٥٩٠) و(٢٦٩٩)، وأبو داود (١٤٥٥) و(٣٦٤٣) و(٤٩٤٦)، والترمذي (١٤٨٧) و(١٤٨٨) و(٢٠٤٣) و(٢٨٣٧) و(٣١٧٤)، والنسائي في «الكبرى» (٧٢٤٤ - ٧٥٢٠) من طريق أبي صالح، به. =

٢٢٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ:
أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ الْمُرَادِيَّ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قُلْتُ: أُنْبِطُ الْعِلْمَ (١). قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ خَارِجٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، إِلَّا وَضَعَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا، رِضًا بِمَا يَصْنَعُ» (٢).
٢٢٧ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ صَخْرٍ، عَنْ الْمَقْبُرِيِّ


= وهو في «مسند أحمد» (٧٤٢٧)، و«صحيح ابن حبان» (٨٤) و(٥٣٤). الكُربة: الشِّدة.
وقوله: «ومن أبطأ به عمله»، قال السندي: أي: من أخره عن الشيء تفريطه في العمل الصالح لم ينفعه في الآخرة شرف النسب، وقيل: يريد أن التقرب لله لا يحصل بالنسب وكثرة العشائر، بل بالعمل الصالح، فمن لم يتقرب بذلك لا يتقرب إليه بعلو النسب.
(١) في (س): ابتغاء العلم، والمثبت من (ذ)، وهي كذلك في رواية معمر عند ابن خزيمة (١٩٣) وابن حبان (٨٥) و(١٣٢٥).
(٢) إسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود.
وأخرجه الترمذي (٣٨٤٥) و(٣٨٤٦)، والنسائي ١/ ٩٨ من طريق عاصم، بهذا الإسناد. ووقفاه، ومثله لا يقال بالرأي.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٠٨٩)، و«صحيح ابن حبان» (١١٠٠).
ويشهد له حديث أبي الدرداء السالف برقم (٢٢٣).
قال السندي: قوله: «أنبط العلم» من: نَبَط البئرَ، كضرب ونصر: إذا استخرج ماءَه، والمراد: أطلب العلم وأستخرجه من قلوب العلماء وأحصله في قلبي.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ جَاءَ مَسْجِدِي هَذَا، لَمْ يَأْتِهِ إِلَّا لِخَيْرٍ يَتَعَلَّمُهُ أَوْ يُعَلِّمُهُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْ جَاءَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى مَتَاعِ غَيْرِهِ» (١).
٢٢٨ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي عَاتِكَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ الْقَاسِمِ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَقَبْضُهُ أَنْ يُرْفَعَ، وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى وَالَّتِي


(١) حديث ضعيف، واختلف على سعيد المقبري في إسناده، فرواه جمعٌ عن أبي صخر -وهو حميد بن زياد الخراط، وتفرد حاتم بن إسماعيل فسماه في روايته حميد بن صخر! - عن المقبري، عن أبي هريرة رفعه، وحميد هذا مختلفٌ فيه، قال أحمد: ليس به بأس، ومثله قال ابن معين في رواية، وفي رواية أخرى ضعفه، وضعّفه النسائي أيضا. وساق حديثه هذا ابن عدي في»الكامل«، فمثله لا يقبل عند المخالفة.
ورواه عبيد الله بن عمر، عن المقبري، عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث، عن كعب الأحبار قوله.
ورواه ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن كعب قوله. ذكر ذلك الدارقطني في»العلل«٣/ ورقة ١٩١ - ١٩٢، ثم قال: وقول عبيد الله ابن عمر أشبه بالصواب.
والحديث في»مصنف ابن أبي شيبة«١٢/ ٢٠٩.
وأخرجه أبو يعلى (٦٤٧٢)، وابن عدي في»الكامل«٢/ ٦٩١، والحاكم ١/ ٩١ من طريق حميد بن صخر، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٨٦٠٣)، و»صحيح ابن حبان«(٨٧).
وفي الباب عن سهل بن سعد عند الطبراني في»الكبير" (٥٩١١)، وسنده ضعيف.

تَلِي الْإِبْهَامَ هَكَذَا، ثُمَّ قَالَ: الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الْأَجْرِ، وَلَا خَيْرَ فِي سَائِرِ النَّاسِ بعد (١)» (٢).
٢٢٩ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِحَلْقَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللَّهَ، وَالْأُخْرَى يَتَعَلَّمُونَ وَيُعَلِّمُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «كُلٌّ عَلَى خَيْرٍ، هَؤُلَاءِ يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللَّهَ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ، وَهَؤُلَاءِ يَتَعَلَّمُونَ، ويعلمون، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا»، فَجَلَسَ مَعَهُمْ (٣).


(١) لفظ «بعدُ» من (س)، وليس في (ذ) والنسخ المطبوعة.
(٢) إسناده ضعيف، عثمان بن أبي عاتكة ضعيف في روايته عن علي بن يزيد، وعلي بن يزيد ضعيف، وقال يحيى بن معين: علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة هي ضِعاف كلها.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٧٨٧٥)، والخطيب في «تاريخه» ٢/ ٢١٢، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» ١/ ٢٨ من طريق عثمان بن أبي عاتكة، بهذا الإسناد.
(٣) إسناده ضعيف جدًا، داود بن الزبرقان: متروك، وبكر بن خنيس ضعيف، وكذا عبد الرحمن بن زياد: وهو ابن أنعُم الإفريقي.
وأخرجه الطيالسي (٢٢٥) عن عبد الله بن المبارك، والدارمي (٣٤٩) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، كلاهما عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الرحمن بن رافع، عن عبد الله بن عمرو. وعبد الرحمن بن رافع -وهو التنوخي- ضعيف أيضًا.

١٨ - بَابُ مَنْ بَلَّغَ عِلْمًا
٢٣٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ فُضَيْلٍ، قال حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ أَبِي هُبَيْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ ليس بفَقِيهٍ (١)، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ».
زَادَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ: «ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَالنُّصْحُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ» (٢).


(١) في (ذ): «غير فقيه»، والمثبت من (س).
(٢) حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد ضعيف لضعف ليث بن أبي سُليم.
عباد والد أبي هبيرة: هو عبّاد بن شيبان الأنصاري السلمي، قال الحافظ في «التقريب»: صحابي.
وأخرج القطعة الأولى منه أبو داود (٣٦٦٠)، والترمذي (٢٨٤٧)، والنسائي في «الكبرى» (٥٨١٦) من طريق أبان بن عثمان بن عفان، عن زيد بن ثابت.
وأخرجه تامًا الدارمي (٢٢٩)، وابن أبي عاصم في «السنة» (٩٤)، والطبراني في «الكبير» (٤٨٩٠) و(٤٩٢٥)، وفي «الأوسط» (٧٢٧١)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٧٣٦) و(١٧٣٧) من طرق عن زيد بن ثابت.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٥٩٠)، و«صحيح ابن حبان» (٦٧) و(٦٨٠). وقوله: «لا يَغِل»، قال ابن الأثير: من الغِل، وهو الحقد والشحناء، أي: لا يدخله حقد يزيله عن الحق، ويروى بضم الياء من الإغلال، وهو الخيانة، والمعنى: أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها، طهر قلبه من الخيانة والدَّخَل والشر.

٢٣١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى فَقَالَ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ» (١).
٢٣١م- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى (ح)
وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ بِنَحْوِهِ.
٢٣٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ أَبِيهِ، أن النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَحْفَظُ مِنْ سَامِعٍ» (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، عبد السلام -وهو ابن أبي الجنوب- متروك الحديث، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن. وسيأتي مكررًا برقم (٣٠٥٦) وفيه زيادة.
وأخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» (٢٦٠٤)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٦٠٢)، والطبراني في «الكبير» (١٥٤٢) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارمي (٢٢٨)، وأبو يعلى (٧٤١٣)، والطحاوي (١٦٠١)، وابن حبان في «المجروحين» ١/ ٤ - ٥، والطبراني (١٥٤١) من طريق محمَّد بن إسحاق، عن الزهري، عن محمَّد بن جبير بن مطعم، به. لم يذكروا فيه عبد السلام.
وسيأتي دون ذكر عبد السلام في المكرر الذي بعده.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب، وهو متابَع. =

٢٣٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ أَمْلَاهُ عَلَيْنَا، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي بكرة
عن أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: «لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ يَبْلُغُهُ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ» (١).
٢٣٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ (ح)
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» (٢).


وأخرجه الترمذي (٢٨٤٨) و(٢٨٤٩) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، به. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٤١٥٧)، و«صحيح ابن حبان» (٦٦).
(١) إسناده صحيح، والرجل المبهم: هو حميد بن عبد الرحمن كما صُرح به في مصادر التخريج، قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ٣/ ٥٧٦: وإنما كان عند ابن سيرين أفضل من عبد الرحمن بن أبي بكرة لأنه (أي: عبد الرحمن) دخل في الوِلايات، وكان حميد زاهدًا.
وأخرجه البخاري (١٧٤١)، ومسلم (١٦٧٩) (٣١)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٧٨) و(٥٨١٩) من طريق محمَّد بن سيرين، بالإسنادين جميعًا.
وأخرجه البخاري (٦٧)، ومسلم (١٦٧٩) (٢٩ - ٣١)، والنسائي (٤٠٧٧) و(٥٨٢٠) من طريق محمَّد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة بالإسناد الأول.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٣٨٦)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٤٨) و(٥٩٧٣).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، بهز بن حكيم وأبوه صدوقان. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. =

٢٣٥ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ» (١).
٢٣٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ، عَنْ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ الْمَكِّيِّ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، ثُمَّ بَلَّغَهَا عَنِّي فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ» (٢).


= وأخرجه البخاري في «خلق أفعال العباد» (٤٠١)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (٤٠١) و(٤٠٢)، والطبراني في «الكبير» ١٩/ (٩٦٩ - ٩٧٢)، والحاكم ٤/ ٦٠٠، وابن عبد البر في ترجمة حكيم من «الاستيعاب» (٤٩٢) من طريق بهز بن حكيم، بهذا الإسناد.
ويشهد له ما قبله وما بعده.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠٣٧).
(١) صحيح لغيره، وهذا سند ضعيف لجهالة محمَّد بن الحصين التميمي، وسماه بعضهم أيوب.
وأخرجه أبو داود (١٢٧٨) من طريق وهيب، عن قدامة بن موسى، بهذا الإسناد.
ويشهد له ما قبله.
وهو في «مسند أحمد» (٥٨١١).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناده ضعيف، محمَّد بن إبراهيم الدمشقي منكر الحديث، ولكن له طرق أخرى يصحُّ بها.
وأخرجه أحمد في «المسند» (١٣٣٥٠)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» ١/ ٤٢ من طرق عن معان بن رفاعة، بهذا الإسناد.

١٩ - بَابُ مَنْ كَانَ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ
٢٣٧ - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ» (١).


= وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٩٤٤٤)، وابن عدي في «الكامل» ٤/ ١٥٨٤، وابن عبد البر ١/ ٤٢، والضياء في «الأحاديث المختارة» (٢٣٢٨) و(٢٣٢٩) من طرق عن أنس بن مالك مرفوعًا.
ويشهد له حديثًا زيد بن ثابت وابن مسعود السالفان (٢٣٠) و(٢٣٢)، وانظر تتمة شواهده في «المسند».
(١) إسناده ضعيف، محمَّد بن أبي حميد، قال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال البخاري وابن معين وابن أبي حاتم: منكر الحديث.
وأخرجه الطيالسي (٢٠٨٢)، وحسين المروزي في زياداته على «زهد ابن المبارك» (٩٦٧)، وابن أبي عاصم في «السنة» (٢٩٧) من طريق محمَّد بن أبي حميد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي في «الشعب» (٦٩٧) من طريق حميد المزني، عن أنس، رفعه. وحميد المزني مجهول.
وروي هذا من قول أبي الدرداء، أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٩٤٩) عن محمَّد بن شعيب، عن النعمان بن المنذر، عن مكحول الشامي أن أبا الدرداء كان يقول: من الناس مفاتيح للخير ومغاليق للشر، ولهم بذلك أجر، ومن الناس مفاتيح للشر ومغاليق للخير، وعليهم بذلك إصْر، وتفكُر ساعة خير من قيام ليلة. قلنا: وهذا إسناد حسن لولا أن مكحولًا لم يدرك أبا الدرداء. =

٢٣٨ - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ لهَذَا (١) الْخَيْر خَزَائِن، وَلِتِلْكَ الْخَزَائِنِ مَفَاتِيحُ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لَلشَّرِّ، مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ» (٢).

٢٠ - بَابُ ثَوَابِ مُعَلِّمِ النَّاسَ الْخَيْرَ
٢٣٩ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْبَحْرِ» (٣).


= قوله: «مفاتيح للخير»، قال السندي: أي أن الله تعالى أجرى على أيديهم فتح أبواب الخير- كالعلم والصلاح- على الناس، حتى كأنه ملكهم مفاتيح الخير ووضعها في أيديهم.
(١) في (ذ): «هذا»، والمثبت من (س).
(٢) إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعفه أحمد، وابن معين، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٢٩٦)، وأبو يعلى (٧٥٢٦)، وأبو نعيم في «الحلية» ٨/ ٣٢٩ من طريقين عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، بهذا الإسناد.
وقد سقط من المطبوع من «السنة» لابن أبي عاصم: «عبد الرحمن بن».
(٣) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عثمان بن عطاء، ولانقطاعه، فإن عطاءً -وهو ابن مسلم الخراساني- لم يسمع من أبي الدرداء.
وقد سلف الحديث مطولًا برقم (٢٢٣) من طريق كثير بن قيس عن أبي الدرداء.
ويشهد له حديث أبي أمامة عند الترمذي (٢٨٨٠)، وإسناده محتمل للتحسين.

٢٤٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ
عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، فَلَهُ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهِ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الْعَامِلِ» (١).
٢٤١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنيْسَةَ، عَنْ زيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خَيْرُ مَا يُخَلِّفُ الرَّجُلُ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثٌ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، وَصَدَقَةٌ تَجْرِي يَبْلُغُهُ أَجْرُهَا، وَعِلْمٌ يُعْمَلُ بِهِ بَعْده (٢)» (٣).


(١) إسناده ضعيف لضعف سهل بن معاذ، ويحيى بن أيوب لم يدرك سهلًا، بينهما زَبَّان بن فائد، وزبان ضعيف أيضًا.
فقد أخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٤٤٦) من طريق ضرار بن صرد، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (٤٠) من طريق ابن عبد الحكم، كلاهما عن يحيى بن أيوب، عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ، به.
ويغني عنه في الباب حديث أبي مسعود الأنصاري عن النبي ﷺ قال: «من دل على خيرِ فله مثلُ أجر فاعله». أخرجه مسلم (١٨٩٣) وغيره.
(٢) في النسخ المطبوعة: مِن بعده.
(٣) إسناده صحيح. محمَّد بن سلمة: هو ابن عبد الله الباهلي، وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد بن سماك بن رستم.
وأخرجه النسائي في «عمل اليوم والليلة» كما في «التحفة» (١٢٠٩٧) عن إسماعيل بن أبي كريمة، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٩٣) و(٤٩٠٢).

[قَالَ أَبُو الْحَسَنِ]: وَحَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا (١) مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرُّهَاوِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ -يَعْنِي أَبَاهُ- حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
٢٤٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مَرْزُوقُ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرُّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا نَشَرَهُ (٢)، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، تلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» (٣).


(١) قوله: «حدثنا» سقط من (س) ومطبوعة محمَّد فؤاد عبد الباقي، وأثبتناه من (ذ) و(م). وأبو حاتم: هو الرازي محمَّد بن إدريس. وهذا الإسناد ضعيف لضعف محمَّد بن يزيد بن سنان وأبيه.
(٢) في النسخ المطبوعة: «علمًا علَّمه ونشره»، والمثبت من أصولنا الخطية و«مصباح الزجاجة» للبوصيري.
(٣) إسناده ضعيف لضعف مرزوق بن أبي الهذيل.
وأخرجه ابن خزيمة (٢٤٩٠)، ومن طريقه البيهقي في «الشعب» (٣٤٤٨) عن محمَّد بن يحيى، بهذا الإسناد.
وقد صح الحديث بغير هذه السياق عند مسلم (١٦٣١)، وأبي داود (٢٨٨٠)، والترمذي (١٤٣٠)، والنسائي ٦/ ٢٥١ من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، مرفوعًا بلفظ: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».
وهو في «مسند أحمد» (٨٨٤٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٠١٦).

٢٤٣ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ الْمَدينِيُّ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ عِلْمًا، ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ» (١).

٢١ - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُوطَأَ عَقِبَاهُ (٢)
٢٤٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَا رُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْكُلُ مُتَّكِئًا قَطُّ، وَلَا يَطَأُ عَقِبَيْهِ رَجُلَانِ (٣).


(١) إسناده ضعيف، يعقوب بن حميد ضعيف، وإسحاق بن إبراهيم -وهو ابن سعيد الصواف- لين الحديث، ثم هو منقطع، فإن الحسن لم يسمع من أبي هريرة.
وأخرجه المزي في ترجمة عبيد الله بن طلحة الخزاعي من «تهذيب الكمال» ١٩/ ٥٩ - ٦٠ من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، بهذا الإسناد.
(٢) في أصولنا الخطية: عقبيه، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب.
(٣) إسناده حسن، شعيب بن عبد الله بن عمرو: هو شعيب بن محمَّد بن عبد الله ابن عمرو، والد عمرو بن شعيب، وقوله: «عن أبيه» يريد أباه الأعلى، وهو جده عبد الله، وسماه أباه لأنه هو الذي رباه، وشعيب هذا صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ٨/ ٦٤٢.
وأخرجه أبو داود (٣٧٧٠) عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٤٩).
وقوله: «ما رأيت رسول الله ﷺ يأكل متكئًا» له شاهد من حديث أبي جحيفة
عند البخاري (٥٣٩٨). =

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَحَدَّثَنَا خَازِمُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، صَاحِبُ الْقَفِيزِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.
٢٤٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ نَحْوَ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، وَكَانَ النَّاسُ يَمْشُونَ خَلْفَهُ، فَلَمَّا سَمِعَ صَوْتَ النِّعَالِ وَقَرَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ، فَجَلَسَ حَتَّى قَدَّمَهُمْ أَمَامَهُ، لِئَلَّا يَقَعَ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ مِنْ الْكِبْرِ (١).


= وقوله: «ولا يطأ عقبيه رجلان» له شاهد من حديث جابر سيأتي برقم (٢٤٦).
قوله: «ولا يطأ عقبيه رجلان»، قال السندي: أي: لا يمشي رجلان خلفه، فضلًا عن الزيادة، يعني أنه من غاية التواضع لا يتقدم أصحابَه في المشي، بل إما أن يمشي خلفهم ويسوق أصحابه، أو يمشي فيهم.
(١) إسناده ضعيف من أجل علي بن يزيد: وهو الألْهاني. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني.
وأخرجه أحمد في «المسند» (٢٢٢٩٢)، والطبراني في «الكبير» (٧٨٦٩)، والبيهقي في «الزهد الكبير» (٢٩٨) من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد.
قوله: «وقر ذلك في نفسه»، قال السندي: أي: ثقل فكرهه.
وقوله: «لئلا يقع ...» إلخ، قال: هذا على حسب ظن الراوي، فقد لا يكون السبب ذلك بل هو غيره، كما سيجيء في الحديث الآتي (يعني حديث جابر الآتي بعده في مشي الملائكة خلفه)، وعلى تقدير أن الراوي أخذ ذلك من جهته، فيمكن أنه قال ذلك للتنبيه على ضعف حالة البشر، وأنه محلٌّ للآفات كلها لولا عصمة الله =

٢٤٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا مَشَى، مَشَى أَصْحَابُهُ أَمَامَهُ، وَتَرَكُوا ظَهْرَهُ لِلْمَلَائِكَةِ (١).

٢٢ - بَابُ الْوَصَاةِ بِطَلَبَةِ الْعِلْمِ
٢٤٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رَاشِدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدَةَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «سَيَأْتِيكُمْ أَقْوَامٌ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَقُولُوا لَهُمْ: مَرْحَبًا مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَاقْنُوهُمْ» (٢).


= الكريم، فلا ينبغي له الاغترار، بل ينبغي له زيادة الخوف والأخذ بالأحوط والتجنب عن الأسباب المؤدية إلى الآفات النفسانية.
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ونُبيح العنزي: هو ابن عبد الله.
وأخرجه الدارمي (٤٥)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٢٠٧٥)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي ﷺ» ص ٩٤، والحاكم ٤/ ٢٨١، وأبو نعيم في «الحلية» ٧/ ١١٧ من طريق الأسود بن قيس، بهذا الإسناد. ورواية الدارمي ضمن حديث مطول، وفيها: وقام أصحابه، فخرجوا بين يديه، وكان يقول: «خلوا ظهري للملائكة».
وهو في «مسند أحمد» (١٤٢٣٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦٣١٢).
(٢) إسناده ضعيف جدًا، أبو هارون العبدي -واسمه عمارة بن جوين- ضعيف باتفاقهم، وبعضهم كذبه. وسيأتي بنحوه برقم (٢٤٩).
وأخرجه الترمذي (٢٨٤١) و(٢٨٤٢) من طريق أبي هارون العبدي، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أبي هارون عن أبي سعيد. =

قُلْتُ لِلْحَكَمِ: مَا «اقْنُوهُمْ»؟ قَالَ: عَلِّمُوهُمْ.
٢٤٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ هِلَالٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ حَتَّى مَلَأْنَا الْبَيْتَ، فَقَبَضَ رِجْلَيْهِ،
ثُمَّ قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ نَعُودُهُ حَتَّى مَلَأْنَا الْبَيْتَ، فَقَبَضَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى مَلَأْنَا الْبَيْتَ، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ لِجَنْبِهِ، فَلَمَّا رَآنَا قَبَضَ رِجْلَيْهِ (١)، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ أَقْوَامٌ مِنْ بَعْدِي يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ، فَرَحِّبُوا بِهِمْ، وَحَيُّوهُمْ، وَعَلِّمُوهُمْ».
قَالَ: فَأَدْرَكْنَا -وَاللَّهِ- أَقْوَامًا مَا رَحَّبُوا بِنَا، وَلَا حَيَّوْنَا، وَلَا عَلَّمُونَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ كُنَّا نَذْهَبُ إِلَيْهِمْ، فَيَجْفُونَا (٢).
٢٤٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ، أخبرنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، قَالَ:


= وأخرج تمام في «فوائده» (٩٣)، وابن أبي حاتم في مقدمة «الجرح والتعديل» ٢/ ١٢، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (٢١)، والحاكم ١/ ٨٨ من طريق سعيد بن سليمان، حدثنا عباد بن العوام، حدثنا الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد أنه قال: مرحبًا بوصية رسول الله ﷺ، كان رسول الله ﷺ يوصينا بكم. وهذا سند ضعيف من أجل الجريري، واسمه: سعيد، فقد اختلط قبل موته بثلاث سنين، وعباد بن العوام روى عنه بعد الاختلاط. وروي نحوه من وجوه أخرى لا يصح منها شيءٌ.
(١) في (م): رجليه إليه.
(٢) خبر موضوع، المعلى بن هلال بن سويد الحضرمي كذبه أحمد ويحيى بن معين وابن المبارك وأبو داود وغيرهم، وقال البخاري: تركوه.

كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قَالَ: مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لَنَا: «إِنَّ النَّاسَ لَكُمْ تَبَعٌ، وَإِنَّهُمْ سَيَأْتُونَكُمْ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ، فَإِذَا جَاؤُوكُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا» (١).

٢٣ - بَابُ الِانْتِفَاعِ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِهِ
٢٥٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ» (٢).
٢٥١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى ابْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ


(١) إسناده ضعيف جدًا. وقد سلف برقم (٢٤٧).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد قد أُعل بالانقطاع بين سعيد -وهو المقبُري- وبين أبي هريرة، وجاء ذكرُ الواسطة بينهما مصرَّحًا به في رواية الليث بن سعد عن سعيد المقبري عند المصنف برقم (٣٨٣٧)، وأبي داود (١٥٤٨)، والنسائي ٨/ ٢٦٣ و٢٨٤ - ٢٨٥، وهو عَبَّاد بن أبي سعيد المقبُري، وهو مجهول، وذكر ابنُ المديني في «العلل» ص ٧٩ أن ابن أبي ذئب رواه عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن ابن مِهران عن أبي هريرة. وابن مهران صدوق حسن الحديث.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة»١٠/ ١٨٧.
وأخرجه النسائي ٨/ ٢٨٤ من طريق أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٤٨٨).
وفي الباب عن غير واحد من الصحابة رضوان الله عليهم، انظر تخريج أحاديثهم عند حديث عبد الله بن عمرو في «مسند أحمد» (٦٥٥٧).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَزِدْنِي عِلْمًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» (١).
٢٥٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَا: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، لَا يعلمه (٢) إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يَعْنِي: رِيحَهَا (٣).


(١) إسناده ضعيف، موسى بن عُبيدة -وهو الربذي- ضعيف، وشيخه محمَّد ابن ثابت مجهول.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ١٠/ ٢٨١.
وأخرجه الترمذي (٣٩١٦) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (٣٨٠٤) و(٣٨٣٣).
وله شاهد حسن من حديث أنس بن مالك عند الطبراني في «الدعاء» (١٤٠٥)، والحاكم ١/ ٥١٠، والبيهقي في «الدعوات» (٢١٠) من طريق أسامة بن زيد الليثي، عن سليمان بن موسى، عن مكحول أنه دخل على أنس بن مالك، قال: فسمعه يذكر أن رسول الله ﷺ كان يقول: «اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وارزقني علمًا تنفعني به».
(٢) هكذا في أصولنا الخطية، وفي النسخ المطبوعة: يتعلَّمه.
(٣) إسناده حسن إن شاء الله، فليح بن سليمان -وإن تكلم فيه- قد انتقى له البخاري أحاديث في الفضائل والرقائق، وباقي رجاله ثقات.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ٨/ ٧٣١، وعنه أخرجه أبو داود (٣٦٦٤).
وهو في «مسند أحمد» (٨٠٥٧)، و«صحيح ابن حبان» (٧٨).
ويشهد له حديث جابر الآتي برقم (٢٥٤).

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: أخبرنا أَبُو حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قال: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
٢٥٣ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو كَرِبٍ الْأَزْدِيُّ، عَنْ نَافِعٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَهُوَ فِي النَّارِ» (١).
٢٥٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أخبرنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلَا تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَالنَّارُ النَّارُ» (٢).


(١) حسن لغيره إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف حماد بن عبد الرحمن، وجهالة أبي كرب الأزدي.
وله شاهد من حديث كعب بن مالك عند الترمذي (٢٨٤٥)، وسنده ضعيف.
ويشهد له حديث جابر الآتي. وانظر ما سيأتي برقمي (٢٥٩) و(٢٦٠) بإسنادين واهيين.
(٢) حسن لغيره، رجاله ثقات رجال الصحيح لكن فيه عنعنة ابن جريج وأبي الزبير.
وأخرجه الحاكم ١/ ٨٦، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» ١/ ١٨٧ من طريق ابن أبي مريم، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٧٧).
قوله: «ولا تخيروا به المجالس» قال السندي: أي: لا تختاروا به خيار المجالس وصدورها. وقوله: «فالنار» أي: فله النارُ، أو فيستحق النارَ.

٢٥٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أخبرنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيِّ، عَنْ عبدِ اللَّهِ (١) بْنِ أَبِي بُرْدَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي سَيَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ، وَيَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ، وَيَقُولُونَ: نَأْتِي الْأُمَرَاءَ فَنُصِيبُ مِنْ دُنْيَاهُمْ، وَنَعْتَزِلُهُمْ بِدِينِنَا. وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ، كَمَا لَا يُجْتَنَى مِنْ الْقَتَادِ إِلَّا الشَّوْكُ، كَذَلِكَ لَا يُجْتَنَى مِنْ قُرْبِهِمْ إِلَّا» (٢).
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ: كَأَنَّهُ يَعْنِي: الْخَطَايَا.
٢٥٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ (ح)
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحُزْنِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا جُبُّ الْحُزْنِ؟ قَالَ: «وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تعوَّذُ (٣) مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَمِائَةِ مَرَّةٍ» قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ،


(١) هكذا في أصولنا الخطية مكبرًا: عَبد الله، وفي «التحفة» (٥٨٢٥) والنسخ المطبوعة: عبيد الله، مصغَرًا، وكلاهما مأثور في اسمه، وهو عُبيد الله أو عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة عبيد الله بن المغيرة بن أبي بردة، فقد تفرد بالرواية عنه يحيى بن عبد الرحمن الكندي، ولم يوثقه أحد، وقال الذهبي: مجهول.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٨٢٣٦)، والمزي في «تهذيب الكمال» ١٩/ ١٦١ من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
القَتَاد: شجر ذو شوك، لا يكون له ثمر سوى الشوك.
(٣) في النسخ المطبوعة: يتعوَّذ.

مَنْ يَدْخُلُهُ (١)؟ قَالَ: «أُعِدَّ لِلْقُرَّاءِ الْمُرَائِينَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَإِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْقُرَّاءِ إِلَى اللَّهِ الَّذِينَ يَزُورُونَ الْأُمَرَاءَ».قَالَ الْمُحَارِبِيُّ: «الْجَوَرَةَ» (٢).
[قَالَ أَبُو الْحَسَنِ]: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ، قَالَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ:
قَالَ عَمَّارٌ: لَا أَدْرِي مُحَمَّدا أَوْ أَنَس بْن سِيرِينَ (٣).
٢٥٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ النَّصْرِيِّ، عَنْ نَهْشَلٍ، عَنْ الضَّحَّاكِ، عَنْ الْأَسْوَدِ ابْنِ يَزِيدَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوا الْعِلْمَ وَوَضَعُوهُ عِنْدَ أَهْلِهِ لَسَادُوا بِهِ أَهْلَ زَمَانِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ بَذَلُوهُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا لِيَنَالُوا بِهِ مِنْ دُنْيَاهُمْ، فَهَانُوا عَلَيْهِمْ، سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ ﷺ يَقُولُ:


(١) في (س) و(م): من يدخلها. والمثبت من (ذ).
(٢) إسناده ضعيف لضعف عمار بن سيف الضبي وجهالة أبي معاذ، ويقال: أبو مُعان.
وأخرجه الترمذي (٢٥٤١) من طريق عبد الرحمن بن محمَّد المحاربي، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب.
الجَوَرَة: الظَّلَمة.
(٣) هذا الإسناد من زيادات أبي الحسن القطان، لذلك لم يذكره الحافظ المزي في «التحفة» (١٤٥٨٦)، ووهم الحافظ ابن حجر فاستدركه عليه في «النكت الظراف»، ومما يدل على أنه من زيادات أبي الحسن القطان كونه مرويًا عن إبراهيم ابن نصر: وهو إبراهيم بن نصر بن عبد العزيز أبو إسحاق الرازي، وهو من شيوخ القطان، فقد سمع منه «مسنده» فيما ذكره الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني في «الإرشاد» ص ٦٥٠ في ترجمة إبراهيم هذا.
وهذا الإسناد لم يرد في (م).

«مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا، هَمَّ آخِرَتِهِ، كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَك» (١) َ.
قال أبو الحسن: حدثنا خازم بن يحيى، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد [بن عبد الله] (٢) بن نُميرٍ، قالا: حدثنا عبد الله بن نُميرٍ، عن معاوية النصري، وكان ثقة، ثم ذكر الحديث نحوه بإسناده.


(١) إسناده تالف، نهشل -وهو ابن سعيد بن وردان الورداني- كذبه أبو داود الطيالسي وإسحاق بن راهويه، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، متروك الحديث، ضعيف الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال مرة: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه. وضعفه ابن معين وأبو زرعة والدارقطني وغيرهم، وقال البخاري: روى عنه معاوية النصرىِ أحاديث مناكير. معاوية النصري: هو معاوية بن سلمة النصري، والضحاك: هو ابن مزاحم.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٣/ ٢٢١، وابن أبي عاصم «الزهد» (٢٧٤)، والبزار (١٦٣٨)، والشاشي في «مسنده» (٣١٧)، وأبو نعيم في «الحلية» ٢/ ١٠٥ من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. وسأتي المرفوع مكررًا برقم (٤١٠٦).
والمرفوع من الحديث صحيح من حديث ابن عمر، أخرجه ابن أبي عاصم في «الزهد» (١٦٦) عن الحلواني -وهو الحسن بن علي بن محمَّد الخلال-، عن يزيد ابن هارون، عن عاصم بن محمَّد بن زيد، عن أخيه عمر بن محمَّد بن زيد، عن عبد الله بن دينار أو نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ. وهذا إسناد صحيح.
وأخرج حديث ابن عمر أيضًا الحاكم ٢/ ٤٤٣ و٤/ ٣٢٩، والبيهقي في «الزهد» (١٦) من طريق أبي عقيل يحيى بن المتوكل، عن عمر بن محمَّد بن زيد عن نافع، عن ابن عمر. وفي رواية البيهقي: نافع وعبد الله بن دينار. ويحيى بن المتوكل ضعيف، إلا أن متابعه هو عاصم بن محمَّد ثقة.
وانظر حديث زيد بن ثابت الآتي برقم (٤١٠٥).
(٢) زيادة من المطبوع.

٢٥٨ - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، وَأَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْهُنَائِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ الْهُنَائِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ، أَوْ أَرَادَ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (١).
٢٥٩ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ (٢) بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَشْعَثَ بْنَ سَوَّارٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ
عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ لِتَصْرِفُوا وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي النَّارِ» (٣).


(١) إسناده ضعيف لانقطاعه، خالد بن دريك لم يدرك ابن عمر.
وأخرج الترمذي (٢٨٤٦)، والنسائي في «الكبرى» (٥٨٧٩) من طريق محمَّد ابن عباد الهنائي، بهذا الإسناد. وحسَّنه الترمذي!
(٢) كذا في النسخ المطبوعة و«تهذيب الكمال» للمزي وفروعه، وفي أصولنا الخطية: بشْر.
قالَ سبط ابن العجمي في «الكشف الحثيث» ص ٧٦: بِشر بن ميمون الواسطي الخراساني، كذا رأيته بخط الحافظ صدر الدين سليمان بن مُفلح الياسوفي في حاشيته على نسخة من «الميزان» قال عنه: راوي حديث مقبرة عسقلان .. وقد ذكر الذهبي حديث مقبرة عسقلان في ترجمة بشير بن ميمون بزيادة ياء مثناة تحت، وكذا كلام البخاري وابن معين في بَشير، والله أعلم، وقد راجعتُ نسخة عندي من «الموضوعات» وهي غير صحيحة قال فيها: بشير بن ميمون، بزيادة ياء، فيُحرَّر مع من الصواب، والله أعلم.
(٣) إسناده تالف، بشير بن ميمون متروك، قال البخاري: منكر الحديث، وقال في موضع آخر: متهم بالوضع، وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون، وقال في موضع آخر: متروك الحديث. =

٢٦٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أخبرنا وَهْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ جَدِّهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، ويماري (١) بِهِ السُّفَهَاءَ، وَيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ جَهَنَّمَ» (٢).

٢٤ - بَابُ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ
٢٦١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عِمَارَةُ ابْنُ زَاذَانَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا عَطاَءٌ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَحْفَظُ عِلْمًا فَيَكْتُمُهُ إِلَّا أُتِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلْجَمًا بِلِجَامٍ مِنْ النَّارِ» (٣).


= وأخرجه الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (٢٢) من طريق أحمد بن عاصم العباداني، بهذا الإسناد.
وأخرجه الخطيب أيضًا (٢١) من طريق عطاء بن عجلان، عن نعيم بن أبي هند، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، رفعه. وعطاء بن عجلان متروك، قال الحافظ في «التقريب»: بل أطلق عليه ابن معين والفلاس وغيرهما الكذب.
وانظر حديث ابن عمر السالف برقم (٢٥٣).
(١) في النسخ المطبوعة: ويجاري.
(٢) إسناده ضعيف جدًا، عبد الله بن سعيد المقبري متروك، واتهمه يحيى بن سعيد بالكذب، وقال أحمد: منكر الحديث، متروك الحديث، وضعفه ابن معين، وأبو زرعة وغيرهما. محمَّد بن إسماعيل: هو ابن سمرة الأحمسي.
وعزاه العجلوني في «كشف الخفاء» ٢/ ٤١٠ إلى الطبراني من حديث أبي هريرة.
وانظر حديث ابن عمر السالف برقم (٢٥٣).
(٣) حديث صحيح، عمارة بن زاذان وإن كان فيه ضعف -قد تابعه حماد بن سلمة كما سيأتي. =

*قَالَ أَبُو الْحَسَنِ- أَيِ الْقَطَّانُ-: وَحَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عِمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ (١).
٢٦٢ - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: وَاللَّهِ، لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا حَدَّثْتُ عَنْهُ - يَعْنِي عَنْ النَّبِيِّ ﷺ شَيْئًا أَبَدًا، لَوْلَا قَوْلُ اللَّهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ ...﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ. [البقرة: ١٧٤ و١٧٥] (٢).
٢٦٣ - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَمَنْ كَتَمَ حَدِيثًا فَقَدْ كَتَمَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ» (٣).


= وأخرجه الترمذي (٢٨٤٠) من طريق عبد الله بن نمير، عن عمارة بن زاذان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (٣٦٥٨) من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن الحكم، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٧١)، و«صحيح ابن حبان» (٩٥).
وسيأتي برقم (٢٦٦) من طريق محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة.
اللَّجام: ما يشدُّ به فم الدابة فيسهل قيادها.
(١) إسناد أبي الحسن القطان هذا لم يرد في (ذ) و(م).
(٢) أثر صحيح.
وأخرجه البخاري (١١٨)، والنسائي في «الكبرى» (٥٨٣٦) من طريق الأعرج، به. وهو في «مسند أحمد» (٧٢٧٦).
(٣) ضعيف جدًا، الحسين بن أبي السري -وهو ابن المتوكل بن عبد الرحمن ابن حسان الهاشمي مولاهم العسقلاني، اتهمه أخوه محمَّد وأبو عروبة بالكذب، =

٢٦٤ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنِي عمرو بْنُ سُلَيْمٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» (١).
٢٦٥ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حِبَّانَ (٢) بْنِ وَاقِدٍ الثَّقَفِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيُّ،


= وضعفه أبو داود، لكنه قد توبع، وعبد الله بن السري ضعيف، ضعفه العقيلي وابن حبان وأبو نعيم الأصبهاني وابن الجوزي، وقال البخاري: لا أعرف عبد الله، ولا له سماعًا من ابن المنكدر.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٣/ ١٩٧، وابن أبي عاصم في «السنة» (٩٩٤)، والعقيلي في «الضعفاء» ٢/ ٢٦٤ وابن عدي في «الكامل» ٤/ ١٥٢٨، والخطيب في «تاريخه» ٩/ ٤٧١ من طرق عن خلف بن تميم بهذا الإسناد.
قال العقيلي: وقد رواه غير خلف فأدخل بين عبد الله بن السري ومحمد بن المنكدر رجلين مشهورين بالضعف. ثم أخرجه ٢/ ٢٦٥ من طريق أحمد بن إسحاق البزار، وأخرجه ابن عدي من طريق سعيد بن زكريا، كلاهما عن عبد الله بن السري، عن عنبسة بن عبد الرحمن، عن محمَّد بن زاذان، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر. وقال: هذا الحديث بهذا الإسناد أشبه وأولى. قلنا: وعنبسة وزاذان متروكان، وزاذان متهم بالوضع.
(١) إسناده ضعيف جدًا، يوسف بن إبراهيم -وهو التميمي أبو شيبة الواسطي- قال البخاري: صاحب عجائب، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث، عنده عجائب. وقال ابن حبان: يروي عن أنس ما ليس من حديثه، لا تحل الرواية عنه.
وأخرجه العقيلي في «الضعفاء» ١٦٨/ ٣ و٤٤٩/ ٤، والمزي في ترجمة عمر ابن سليم من «تهذيب الكمال» ٢١/ ٣٧٩ من طريق الهيثم بن جميل، بهذا الإسناد.
ويغني عنه حديث أبي هريرة السالف برقم (٢٦١).
(٢) في (ذ) و(م) و«مصباح الزجاجة»: حَيّان، بالياء المثناة. وكذلك وقع للحافظ ابن عساكر في «المشايخ النَّبَل»، قال الحافظ المزي في «التهذيب»: وأظنه واهمًا في ذلك، والله أعلم.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَابٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَتَمَ عِلْمًا مِمَّا يَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ، في الدِّينِ (١)، أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ النَّار» (٢).
٢٦٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَرَابِيسِيُّ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يعلمه فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» (٣).


(١) في النسخ المطبوعة: في أمر الناس أمر الدين.
(٢) إسناده ضعيف جدًا، محمَّد بن داب، قال أبو زرعة: ضعيف الحديث، يكذب. وقال الأصمعي: قال لي خلف الأحمر: ابن داب يضع الحديث بالمدينة، وقيل: إن ابن داب الذي ذكره خلف هو عيسى بن يزيد.
وأخرجه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» ١/ ٩٩ من طريق عبد الله بن عاصم بهذا الإسناد.
ويغني عنه حديث أبي هريرة السالف برقم (٢٦١).
(٣) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان.
وانظر ما سلف برقم (٢٦١).

 


google-playkhamsatmostaqltradent