(١) - بَاب صَلَاةِ الْكُسُوفِ.
١
- (٩٠١)
وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بن سعيد عن مالك بن أنس، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ عائشة. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شييبة (واللفظ له) قال: حدثنا عبد
الله بن نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي. فَأَطَالَ الْقِيَامَ
جِدًّا. ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ جِدًّا. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ
فَأَطَالَ الْقِيَامَ جِدًّا. وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ. ثُمَّ رَكَعَ
فَأَطَالَ الرُّكُوعَ جِدًّا. وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ. ثُمَّ سَجَدَ.
ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ. وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ. ثُمَّ
رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ. وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ. ثُمَّ رَفَعَ
رَأْسَهُ فَقَامَ. فَأَطَالَ الْقِيَامَ. وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ.
ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ. وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ. ثُمَّ
سَجَدَ. ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ. فَخَطَبَ
النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ. وَإِنَّهُمَا لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ
وَلَا لِحَيَاتِهِ. فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَكَبِّرُوا. وادعو اللَّهَ
وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا. يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! إِنْ مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ
اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ. يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ!
وَاللَّهِ! لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ
قَلِيلًا. أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟». وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: «إِنَّ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ الله».
(خسفت الشمس) يقال: كسفت الشمس والقمر،
وكسفا. وانكسفا وخسفا وخسفا وانخسفا بمعنى. وجمهور أهل اللغة وغيرهم على أن الخسوف
والكسوف يكون لذهاب ضوئهما كله، وويكون لذهاب بعضه. (إِنْ مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ
مِنَ اللَّهِ) أَنْ نافية، بمعنى ما. ومن استغراقية. وأحد في محل الرفع. ومعناه
ليس أحد أمنع من المعاصي من الله تعالى، ولا أشد كراهة لها منه سبحانه وتعالى.
(لو
تعلمون ما أعلم الخ) معناه لو تعلمون من عظم انتقام الله تعالى من أهل الجرائم
وشدة عقابه، وأهوال القيامة وما بعدها، كما علمت. وترون النار كما رأيت في مقامي
هذا وفي غيره - لبكيتم كثيرا ولقل ضحككم لفكركم فيما علمتموه.
٢ - (٩٠١)
حدثناه يحيى بن يحيى. أخبرنا أبو معاوية عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ. وَزَادَ: ثُمَّ قَالَ:
«أَمَّا بَعْدُ. فَإِنَّ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ» وَزَادَ أَيْضًا: ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ
فَقَالَ: «اللَّهُمَّ! هَلْ بَلَّغْتُ».
٣ - (٩٠١)
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي
يُونُسُ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ
الْمُرَادِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عن يونس، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ
ﷺ. قَالَتْ:
خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَقَامَ
وَكَبَّرَ وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ. فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قِرَاءَةً
طَوِيلَةً. ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ
فَقَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. رَبَّنَا! وَلَكَ الْحَمْدُ». ثُمَّ
قَامَ فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً. هِيَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ
الْأُولَى. ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا. هُوَ أَدْنَى مِنَ
الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ. ثُمَّ قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. رَبَّنَا!
وَلَكَ الْحَمْدُ» ثُمَّ سَجَدَ (وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو الطَّاهِرِ: ثُمَّ سَجَدَ)
ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. حَتَّى اسْتَكْمَلَ
أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ
يَنْصَرِفَ. ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ. فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ
أَهْلُهُ. ثُمَّ قَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ
اللَّهِ. لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ. فَإِذَا
رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ». وَقَالَ أَيْضًا «فَصَلُّوا حَتَّى
يُفَرِّجَ اللَّهُ عَنْكُمْ». وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «رَأَيْتُ فِي مَقَامِي
هَذَا كُلَّ شَيْءٍ وُعِدْتُمْ. حَتَّى لَقَدْ رَأَيْتُنِي أُرِيدُ أَنْ آخُذَ
قِطْفًا مِنَ الْجَنَّةِ حين رأيتموني جعلت أقدم. (وقال المزادى: أَتَقَدَّمُ)
وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، حِينَ رَأَيْتُمُونِي
تَأَخَّرْتُ. وَرَأَيْتُ فِيهَا ابْنَ لُحَيٍّ. وَهُوَ الَّذِي سَيَّبَ
السَّوَائِبَ». وَانْتَهَى حَدِيثُ أَبِي الطَّاهِرِ عِنْدَ قَوْلِهِ:
«فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ». وَلَمْ يَذْكُرْ ما بعده.
(أقدم) ضبطناه بضم الهمزة وفتح القاف وكسر
الدال المشددة. ومعناه أقدم نفسي أو رجلي. وكذا صرح القاضي عياض بضبطه (يحطم) أي
يكسر. (وهو الذي سيب السوائب) تسييب الدواب إرسالها تذهب وتجيء كيف شاءت. والسوائب
جمع سائبة. وهي التي نهي الله سبحانه عنها في قوله: ما جعل الله من بحيرة ولا
سائبة. فالبحيرة هي الناقة التي يمنع درها للطواغيت. فلا يحلبها أحد من الناس.
والسائبة التي كانوا يسيبونها لآلهتهم. فلا يحمل عليها شيء.
٤ - (٩٠١)
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ
مُسْلِمٍ. قَالَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَبُو عَمْرٍو وَغَيْرُهُ: سَمِعْتُ ابْنَ
شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ يُخْبِرُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛
أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَبَعَثَ مُنَادِيًا «الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ»
فَاجْتَمَعُوا. وَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ. وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. فِي
رَكْعَتَيْنِ. وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ.
(الصلاة جامعة) لفظة جامعة منصوبة على الحال.
والصلاة منصوبة أيضا على الإغراء. أي احضروا الصلاة. ويصح الرفع فيهما على
الابتداء والخبر. أي الصلاة تجمع الناس في المسجد الجامع.
٥ - (٩٠١)
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مسلم. أخبرنا
عبد الرحمن بن نمير؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يُخْبِرُ عَنْ عُرْوَةَ، عن
عائشة؛
أن النبي ﷺ جَهَرَ فِي صَلَاةِ
الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ. فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. فِي رَكْعَتَيْنِ.
وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ.
(٩٠٢) - قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي
كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ صَلَّى
أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. فِي رَكْعَتَيْنِ. وأربع سجدات.
(٩٠٢) - وحَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ
الْوَلِيدِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ. قَالَ:
كَانَ كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ
يُحَدِّثُ؛ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ صَلَاةِ رسول الله ﷺ يوم
كَسَفَتِ الشَّمْسُ. بِمِثْلِ مَا حَدَّثَ عُرْوَةُ عَنْ عائشة.
٦ - (٩٠١)
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ
جُرَيْجٍ. قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ
يَقُولُ:
حَدَّثَنِي مَنْ أُصَدِّقُ
(حَسِبْتُهُ يُرِيدُ عَائِشَةَ) أَنَّ الشَّمْسَ انْكَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ. فَقَامَ قِيَامًا شَدِيدًا. يَقُومُ قَائِمًا ثُمَّ يَرْكَعُ. ثُمَّ
يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ. ثُمَّ يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ. رَكْعَتَيْنِ فِي ثَلَاثِ
رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ. فَانْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ. وَكَانَ
إِذَا رَكَعَ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ» ثُمَّ يَرْكَعُ. وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ
قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ
⦗٦٢١⦘
وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ:
«إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَكْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ.
وَلَكِنَّهُمَا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ. فَإِذَا
رَأَيْتُمْ كُسُوفًا، فَاذْكُرُوا اللَّهَ حَتَّى يَنْجَلِيَا».
٧ - (٩٠١)
وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا:
حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ). حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ؛
أن نبي الله ﷺ صَلَّى سِتَّ
رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ.
(٢) بَاب ذِكْرِ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي
صَلَاةِ الْخُسُوفِ.
٨
- (٩٠٣)
وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ. حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ) عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ؛
أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْ عَائِشَةَ
تَسْأَلُهَا. فَقَالَتْ: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. قَالَتْ
عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! يُعَذَّبُ النَّاسُ فِي الْقُبُورِ
قَالَتْ عَمْرَةُ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَائِذًا
بِاللَّهِ» ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا. فَخَسَفَتِ
الشَّمْسُ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ بَيْنَ ظَهْرَيِ الْحُجَرِ
فِي الْمَسْجِدِ. فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ مَرْكَبِهِ. حَتَّى انْتَهَى
إِلَى مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ. فَقَامَ وَقَامَ النَّاسُ
وَرَاءَهُ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا ثُمَّ رَكَعَ. فَرَكَعَ
رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ. فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ
الْقِيَامِ الْأَوَّلِ. ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا. وَهُوَ دُونَ
ذَلِكَ الرُّكُوعِ. ثُمَّ رَفَعَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ. فَقَالَ: «إِنِّي
قَدْ رَأَيْتُكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ».
⦗٦٢٢⦘
قَالَتْ عَمْرَةُ: فَسَمِعْتُ
عَائِشَةَ تَقُولُ: فَكُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، بَعْدَ ذَلِكَ،
يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ النَّارِ وعذاب القبر.
(تسألها) تعنى: فلما أعطتها السيدة عائشة ما
سألته دعت لها. فقالت في دعائها: أعاذك الله، أي أجارك من عذاب القبر. (عائذا
بالله) هو من الصفات القائمة مقام المصدر. وناصبه محذوف. أي أعوذ عياذا به. (بين
ظهرى الحجر) أي بينها. والحجر جمع حجرة. تعنى بيوت الأزواج الطاهرات. فكلمة ظهرى
مقحمة، وهي تثنية ظهر. (مصلاه) تعنى موقفه من المسجد. (تفتنون) أي تمتحنون.
(٩٠٣) - وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الوهاب. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ.
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، فِي هَذَا
الْإِسْنَادِ. بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ.
(٣) بَاب مَا عُرِضَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي
صَلَاةِ الْكُسُوفِ مِنْ أَمْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ.
٩
- (٩٠٤)
وحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. حدثنا إسماعيل بن
عُلَيَّةَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
بِأَصْحَابِهِ. فَأَطَالَ الْقِيَامَ. حَتَّى جَعَلُوا يَخِرُّونَ. ثُمَّ رَكَعَ
فَأَطَالَ. ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ. ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ. ثُمَّ رَفَعَ
فَأَطَالَ. ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ نَحْوًا مِنْ ذَاكَ.
فَكَانَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. ثُمَّ قَالَ «إِنَّهُ عُرِضَ
عَلَيَّ كُلُّ شَيْءٍ تُولَجُونَهُ. فَعُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ. حَتَّى لَوْ
تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا أَخَذْتُهُ (أَوَ قَالَ تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا)
فَقَصُرَتْ يَدِي عَنْهُ. وَعُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ. فَرَأَيْتُ فِيهَا
امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ لَهَا. رَبَطَتْهَا
فَلَمْ تُطْعِمْهَا. وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ.
وَرَأَيْتُ أَبَا ثُمَامَةَ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ.
وَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ
إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ. وَإِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يريكموهما.
فإذا خسفا فصلوا حتى ينجلى».
(لو تناولت منها قطفا لأخذته) معنى تناولت،
مددت يدي لأخذه. والقطف العنقود. وهو فعل بمعنى مفعول. كالذبح بمعنى المذبوح. (في
هرة لها) أي بسبب هرة لها. (خشاش الأرض) هي هوامها وحشراتها. وقيل: صغار الطير.
وحكى القاضي فتح الخاء وكسرها وضمها. والفتح هو المشهور. (يجر قصبه) القصب هي
الأمعاء.
(٩٠٤) - وحَدَّثَنِيهِ أَبُو غَسَّانَ
الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ هِشَامٍ،
بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:
«وَرَأَيْتُ فِي النَّارِ امْرَأَةً
حِمْيَرِيَّةً سَوْدَاءَ طَوِيلَةً». وَلَمْ يَقُلْ: «مِنْ بَنِي إسرائيل».
١٠ - (٩٠٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
نُمَيْرٍ. (وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ
النَّاسُ: إِنَّمَا انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ. فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ
فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ. بَدَأَ فَكَبَّرَ.
ثُمَّ قَرَأَ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ. ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ. ثُمَّ
رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَرَأَ قِرَاءَةً دُونَ الْقِرَاءَةِ
الْأُولَى. ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ
الرُّكُوعِ فَقَرَأَ قِرَاءَةً دُونَ الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ. ثُمَّ رَكَعَ
نَحْوًا مِمَّا قَامَ. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ. ثُمَّ انْحَدَرَ
بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ أَيْضًا ثَلَاثَ
رَكَعَاتٍ. لَيْسَ فِيهَا رَكْعَةٌ إِلَّا الَّتِي قَبْلَهَا أَطْوَلُ مِنَ
الَّتِي بَعْدَهَا. وَرُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ سُجُودِهِ. ثُمَّ تَأَخَّرَ
وَتَأَخَّرَتِ الصُّفُوفُ خَلْفَهُ. حَتَّى انْتَهَيْنَا. (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:
حَتَّى انْتَهَى إِلَى النِّسَاءِ) ثُمَّ تَقَدَّمَ وَتَقَدَّمَ النَّاسُ مَعَهُ.
حَتَّى قَامَ فِي مَقَامِهِ. فَانْصَرَفَ حِينَ انْصَرَفَ، وَقَدْ آضَتِ
الشَّمْسُ. فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ. وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ
مِنَ النَّاسِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لِمَوْتِ بَشَرٍ) فَإِذَا رَأَيْتُمْ
شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ. مَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ
إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ. لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ. وَذَلِكُمْ
حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا.
وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ.
كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ. فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قَالَ: إِنَّمَا
تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي. وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ. وَحَتَّى رَأَيْتُ
فِيهَا صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا. وَلَمْ
تَدَعْهَا
⦗٦٢٤⦘
تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ.
حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا. ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ. وَذَلِكُمْ حِينَ
رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي مَقَامِي. وَلَقَدْ مَدَدْتُ يَدِي
وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَنَاوَلَ مِنْ ثَمَرِهَا لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ. ثُمَّ
بَدَا لِي أَنْ لَا أَفْعَلَ. فَمَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رأيته
في صلاتي هذه».
(وقد آضت الشمس) ومعناه رجعت إلى حالها الأول
قبل الكسوف. وهو من آض يئيض، إذا رجع. ومنه قولهم: أيضا. وهو مصدر منه. (مخافة أن
يصيبني من لفحها) أي من ضرب لهبها. ومنه قوله تعالى: تلفح وجوههم النار. أي يضربها
لهبها. والنفح دون اللفح. قال الله تعالى: ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك. أي أدنى
شيء منه. (بمحجنه) المحجن عصا معقفة الطرف.
١١ - (٩٠٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ
الْهَمْدَانِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ فَاطِمَةَ،
عَنْ أَسْمَاءَ؛ قَالَتْ:
خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي. فَقُلْتُ: مَا
شَأْنُ النَّاسِ يُصَلُّونَ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ. فَقُلْتُ:
آيَةٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَطَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْقِيَامَ جِدًّا. حَتَّى
تَجَلَّانِي الْغَشْيُ. فَأَخَذْتُ قِرْبَةً مِنْ مَاءٍ إِلَى جَنْبِي. فَجَعَلْتُ
أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي أَوْ عَلَى وَجْهِي مِنَ الْمَاءِ. قَالَتْ: فَانْصَرَفَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ. فَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
النَّاسَ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ. مَا
من شيء لم أكن رأيته إلا فِي مَقَامِي هَذَا. حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ.
وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَرِيبًا
أَوْ مِثْلَ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ. (لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ
أَسْمَاءُ) فَيُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟
فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُوقِنُ. (لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ
أَسْمَاءُ) فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ، هُوَ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ
وَالْهُدَى. فَأَجَبْنَا وَأَطَعْنَا. ثَلَاثَ مِرَارٍ. فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ.
قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ إِنَّكَ لَتُؤْمِنُ بِهِ. فَنَمْ صَالِحًا. وَأَمَّا
الْمُنَافِقُ أَوِ الْمُرْتَابُ (لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ)
فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي. سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فقلت».
(تجلاني الغشي) وروى أيضا الغشي. وهو بمعنى
الغشاوة. وهو معروف يحصل بطول القيام في الحر، غير ذلك من الأحوال. أي علاني مرض
قريب من الإغماء لطول تعب الوقوف. (ما علمك بهذا الرجل) إنما يقول له الملكان
السائلان. ما علمك بهذا الرجل. ولا يقول: رسول الله. امتحانا له وإغرابا عليه.
لئلا يتلقى منهما أكرام النبي ﷺ ورفع مرتبته. فيعظمه هو تقليدا لهما، لا اعتقادا.
ولهذا يقول المؤمن: هو رسول الله. ويقول المنافق: لا أدري. فيثبت الله الذين آمنوا
بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
١٢ - (٩٠٥) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو
كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ
أَسْمَاءَ. قَالَتْ:
أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَإِذَا النَّاسُ
قِيَامٌ. وَإِذَا هِيَ تُصَلِّي. فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟
⦗٦٢٥⦘
وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ
حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ.
١٣ - (٩٠٥) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ.
قَالَ: لَا تَقُلْ: كَسَفَتِ
الشَّمْسُ. وَلَكِنْ قُلْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ.
١٤ - (٩٠٦) حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي. حدثنا
خالد بْنُ الْحَارِثِ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ
بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ؛ أَنَّهَا قَالَتْ:
فَزِعَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًا.
(قَالَتْ تَعْنِي يَوْمَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ) فَأَخَذَ دِرْعًا حَتَّى أُدْرِكَ
بِرِدَائِهِ. فَقَامَ لِلنَّاسِ قِيَامًا طَوِيلًا. لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا أَتَى
لَمْ يَشْعُرْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَكَعَ - مَا حَدَّثَ أَنَّهُ رَكَعَ، مِنْ
طُولِ الْقِيَامِ.
(ففزع) قال القاضي: يحتمل أن يكون معناه
الفزع الذي هو الخوف، يخشى أن تكون الساعة. ويحتمل أن يكون معناه الفزع الذي هو
المبادرة إلى الشيء. (فأخذ درعا حتى أدرك بردائه) معناه أنه لشدة سرعته واهتمامه
بذلك أراد أن يأخذ رداءه فأخذ درع أهل البيت سهوا، ولم يعلم ذلك لاشتغال قلبه بأمر
الكسوف. فلما علم أهل البيت أنه ترك رداءه لحقه به. والدرع هنا درع المرأة وهو
قميصها. وهو مذكر. (لو أن إنسانا أتى لم يشعر) قوله: لم يشعر صفة لإنسان. أي لو
أتي إنسان غير عالم بركوع النبي ﷺ ورآه في قيامه بعد ركوعه، ما ظن أنه ركع من أجل
طول قيامه. فجواب لو هو قولها ما حدث.
١٥ - (٩٠٦) وحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى
الْأُمَوِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَقَالَ: قِيَامًا طَوِيلًا. يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ.
وَزَادَ: فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ أَسَنَّ مِنِّي. وَإِلَى الْأُخْرَى
وهي أسقم مني.
(فجعلت أنظر) يوضحه قولها في الرواية
الثانية: حتى رأيتني أريد. قولها رأيتني معناه علمت من نفسي أني أريد الخ وهذا من
خصائص أفعال القلوب.
١٦ - (٩٠٦) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ
الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا حَبَّانُ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ
عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَتْ:
كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ
النَّبِيِّ ﷺ. فَفَزِعَ، فَأَخْطَأَ بِدِرْعٍ، حَتَّى
⦗٦٢٦⦘
أُدْرِكَ بِرِدَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَتْ: فَقَضَيْتُ حَاجَتِي ثُمَّ جِئْتُ وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ. فَرَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَائِمًا. فَقُمْتُ مَعَهُ. فَأَطَالَ الْقِيَامَ حَتَّى
رَأَيْتُنِي أُرِيدُ أَنْ أَجْلِسَ ثُمَّ أَلْتَفِتُ إِلَى الْمَرْأَةِ
الضَّعِيفَةِ، فَأَقُولُ هَذِهِ أَضْعَفُ مِنِّي، فَأَقُومُ. فَرَكَعَ فَأَطَالَ
الرُّكُوعَ. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِيَامَ. حَتَّى لَوْ أَنَّ
رَجُلًا جَاءَ - خُيِّلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ.
١٧ - (٩٠٧) حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ.
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ. حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ
بْنِ يَسَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالنَّاسُ مَعَهُ. فَقَامَ
قِيَامًا طَوِيلًا قَدْرَ نَحْوِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ. ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا
طَوِيلًا. ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ
الْأَوَّلِ. ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ.
ثُمَّ سَجَدَ. ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا. وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ
الْأَوَّلِ. ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا. وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ.
ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ.
ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ. ثُمَّ
سَجَدَ. ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ. فَقَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ. لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ
وَلَا لِحَيَاتِهِ. فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ» قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ! رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا. ثُمَّ
رَأَيْنَاكَ كففت. فقال «إني رأيت الجنة. قتناولت مِنْهَا عُنْقُودًا. وَلَوْ أَخَذْتُهُ
لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا. وَرَأَيْتُ النَّارَ. فَلَمْ أَرَ
كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ. وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ»قَالُوا:
بِمَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «بِكُفْرِهِنَّ» قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟
قَالَ «بِكُفْرِ الْعَشِيرِ. وَبِكُفْرِ الْإِحْسَانِ. لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى
إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ
مِنْكَ خَيْرًا قط».
(قدر نحو) هكذا هو في النسخ: قدر نحو. وهو
صحيح. ولو اقتصر على على أحد اللفظين لكان صحيحا. (كففت) أي توقفت. أوكففت يدك.
يتعدى ولا يتعدى. (بكفر العشير) هكذا ضبطناه: بكفر بالباء الموحدة الجارة. وفيه
جواز إطلاق الكفر على كفران الحقوق، وإن لم يكن ذلك الشخص كافرا بالله تعالى.
والعشيير المعاشر. كالزوج وغيره.
(٩٠٧) - وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ
رَافِعٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ (يَعْنِي ابْنَ عِيسَى). أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ قال:
ثم رأيناك تكعكعت.
(تكعكعت) أي توقفت وأحجمت. قال الهروي وغيره:
يقال: تكعكع الرجل وتكاعى وكع كعوعا، إذا أحجم وجبن.
(٤) بَاب ذِكْرِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ رَكَعَ
ثَمَانِ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ.
١٨
- (٩٠٨)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن أبي شيبة. حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ سُفْيَانَ،
عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عن ابن عباس. قَالَ:
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، حِينَ
كَسَفَتِ الشَّمْسُ، ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ. وَعَنْ عَلِيٍّ،
مثل ذلك.
١٩ - (٩٠٩) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ. كلاهما عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ.
قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ. قَالَ: حَدَّثَنَا
حَبِيبٌ عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛
أَنَّهُ صَلَّى فِي كُسُوفٍ. قَرَأَ
ثُمَّ رَكَعَ. ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ. ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ. ثُمَّ قرأثم
رَكَعَ. ثُمَّ سَجَدَ. قَالَ: وَالْأُخْرَى مِثْلُهَا.
(٥) بَاب ذِكْرِ النِّدَاءِ بِصَلَاةِ
الْكُسُوفِ «الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ».
٢٠
- (٩١٠)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ. حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ (وَهُوَ شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ) عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ.
حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. قَالَ
أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ؛ أَنَّهُ قَالَ:
لَمَّا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، نودى بـ (الصلاة جَامِعَةً). فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ. ثُمَّ قَامَ
⦗٦٢٨⦘
فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ.
ثُمَّ جُلِّيَ عَنِ الشَّمْسِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا رَكَعْتُ رُكُوعًا قَطُّ،
وَلَا سجدت سجودا قط، كان أطول منه.
(عمرو بن العاص) هو معتل العين لامعتل اللام،
كما يعلم من القاموس، ومن شرح الشفا لملا على. (فركع ركعتين في سجدة) أي ركوعين في
ركعة. والمراد بالسجدة ركعة.
٢١ - (٩١١) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ
أبي مسعود الأنصاري؛ قال: قال رسول الله ﷺ:
«إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ. يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ. وَإِنَّهُمَا
لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ. فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا
شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا الله. حتى يكشف مابكم».
(يخوف الله بهما) أي بخسفهما. (منها) أي من
تلك الآيات المخوفة.
٢٢ - (٩١١) وحدثنا عبد اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ
الْعَنْبَرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيْسَ
يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ. وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ
آيَاتِ اللَّهِ. فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَقُومُوا فصلوا».
٢٣ - (٩١١) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ. ح وحَدَّثَنَا إ سحاق بْنُ
إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ وَوَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ.
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَمَرْوَانُ. كلهم عَنْ إِسْمَاعِيلَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ وَوَكِيعٍ:
انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ
إِبْرَاهِيمُ. فَقَالَ الناس: انكسفت لموت إبراهيم.
٢٤ - (٩١٢) حدثنا أ بو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. قَالَا: حَدَّثَنَا
أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ:
خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي زَمَنِ
النَّبِيِّ ﷺ. فَقَامَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ. حَتَّى أَتَى
الْمَسْجِدَ. فَقَامَ يُصَلِّي بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ. مَا
رَأَيْتُهُ يَفْعَلُهُ فِي صَلَاةٍ قَطُّ. ثُمَّ قَالَ «إِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ
الَّتِي يُرْسِلُ اللَّهُ، لَا تَكُونُ لِمَوْتِ أ حد وَلَا لِحَيَاتِهِ.
وَلَكِنَّ
⦗٦٢٩⦘
اللَّهَ يُرْسِلُهَا يُخَوِّفُ بِهَا
عباده. فإ ذا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ
وَاسْتِغْفَارِهِ».
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْعَلَاءِ:
كَسَفَتِ الشَّمْسُ. وقال «يخوف عبادة».
(فافزعوا) أي التجئوا من عذابه.
٢٥ - (٩١٣) عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. حَدَّثَنَا
الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ. قَالَ:
بَيْنَمَا أَنَا أَرْمِي بِأَسْهُمِي
فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إِذْ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ. فَنَبَذْتُهُنَّ.
وَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى مَا يَحْدُثُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي انْكِسَافِ
الشَّمْسِ، الْيَوْمَ. فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، يَدْعُو
وَيُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ وَيُهَلِّلُ. حَتَّى جُلِّيَ عَنِ الشَّمْسِ. فَقَرَأَ
سُورَتَيْنِ وَرَكَعَ ركعتين.
(فنبذتهن) أي فألقيت سهامي من يدي وطرحتهن.
قال الراغب: النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الإعتداد به.
٢٦ - (٩١٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ حَيَّانَ
بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ. وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ:
كُنْتُ أَرْتَمِي بِأَسْهُمٍ لِي
بِالْمَدِينَةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. إِذْ كَسَفَتِ الشَّمْسُ.
فَنَبَذْتُهَا. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ! لَأَنْظُرَنَّ إِلَى مَا حَدَثَ لِرَسُولِ
اللَّهِ ﷺ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلَاةِ.
رَافِعٌ يَدَيْهِ. فَجَعَلَ يُسَبِّحُ وَيَحْمَدُ وَيُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ
وَيَدْعُو. حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا. قَالَ: فَلَمَّا حسر عنها، قرأ سورتين وصلى
ركعتين.
(أرتمى) أي أرمي. كما قاله في الرواية
الأولى. يقال: أرمي وأرتمي وأترمى، كما قاله في الرواية الأخيرة. والارتماء
كالترامي بمعنى المراماة. قال ابن الأثير: يقال رميت بالسهم رميا وارتميت ارتماء
وتراميت تراميا وراميت مراماة، إذا رميت بالسهام عن القسى. وقيل: خرجت أرتمي إذا
رميت القنص. (حسر عنها) أي كشف. وهو بمعنى قوله في الرواة الأولى: جلى عنها.
٢٧ - (٩١٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ. أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ
حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ،
⦗٦٣٠⦘
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
سَمُرَةَ. قَالَ:
بَيْنَمَا أَنَا أَتَرَمَّى
بِأَسْهُمٍ لِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إِذْ خَسَفَتِ الشمس. ثم ذكر نحو
حديثهما.
(أترمى) يقال: خرج يترمى، إذا خرج يرمي في
الغرض، ذكره ابن الأثير.
٢٨ - (٩١٤) حدثني هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن
وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ
الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيقِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ
«إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا
يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ. وَلَكِنَّهُمَا آيَةٌ مِنْ آيَاتِ
اللَّهِ. فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا».
٢٩ - (٩١٥) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا
مُصْعَبٌ (وَهُوَ ابْنُ الْمِقْدَامِ) حَدَّثَنَا زَائِدَةُ. حَدَّثَنَا زِيَادُ
بْنُ عِلَاقَةَ (وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: قَالَ زِيَادُ بْنُ
عِلَاقَةَ) سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ:
انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. يوم مَاتَ إِبْرَاهِيمُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّ
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ. لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ
أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ. فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا
حَتَّى ينكشف».